الحلقة الثانية والعشرون
نهضت منتفضة عند رؤيته أمامها وقلبها يدق بشدة وسرعة عالية .. تنظر لعيناه البنيتان بترقب وقلق، ترتجف بداخلها وتحاول أن تتصنع الجمود والصلابة من الخارج بقدر من الإمكان، ولكن قسمات وجهها وعيناها بالتحديد تخونها بنفس سرعة دقات قلبها .. ظلت مكانها جامدة ولم تتفوه بكلمة .
لم ينكر بأنه شعر بالفرحة في قلبه عند رؤيتها بالإضافة إلى الدهشة وتساؤلات كثيرة لا يوجد لها أجابة سوى لديها .. فنظرة عيناها له تقول لا تقول رجاء لا تفعل .. بها خوف وإرتباك، هل أنكشف أمرها أمامه بعد وجاء لأخذها ؟، بهذه السهولة أدركوا مكانها ؟ .. قطع الصمت صوت أمير وهو يقول بهدوء وشرود :
- ازيك يا سلمى ؟
أبتلعت غصتها بصعوبة وردت بتوتر ملحوظ :
- الحمد لله .. أخبارك أنت يا أمير ؟
نظر لها بتركيز شديد أزاد ارتباكها ثم قال بنبرة يشوبها الشك :
- الحمد لله ماشي الحال .. أنت بتعملي إيه هنا ؟!
أتسعت عيناها بشدة بخوف وإرتباك شديد هي وسميحة التي أمسكت يداها المرتعشة لكي تطمئنها، ثم نظرت إلى أمير لتقول بعتاب :
- أنت اتجننت يا أمير !! ازاي تقول لبنت خالك كده .. بتطردها عيني عينك كده ؟!
توترت سلمى ونظرت إلى سميحة ثم أمير الذي شعر بالآسف والحزن من ضيق والدته، فلم يقصد أي شيء مما حطر على بالها أو ما تفوهت به للتو .. فأردف سريعا كي يصحح الوضع :
- لا لا أبدًا يا أمي مش إللي في دماغك خالص .. هي حصلت أطرد سلمى من البيت .. أنا بس أستغربت وجودها هنا مش أكتر
هدأ روع سلمى نوعًا ما لشيئًا ما بداخلها ووقفت تترقب نظرات وكلام أمير في حذر وقلبها يزداد علو وهبوط .. فردت سميحة بشدة وثبات :
- مش مسموحلها تزور عمتها ولا إيه !
رد أمير بعدم فهم :
- لا طبعًا تنور البيت في أي وقت .. بس مش النهارده فرحها ولا إيه .. المفروض بتلبس وتجهز .. كده يعنى !!
توترت سلمى وإرتبكت نظرت إلى عمتها سريعًا وركضت إلى الداخل وهي تكتم أنين بكاءها .
أندهش أمير من رد فعلها للغاية فلم يعد يفهم أي شيء .. نظر إلى سميحة ليقول بعدم فهم :
- هو في إيه يا أمي .. هي مالها ؟ أنا مش فاهم حاجة
توترت سميحة بشدة ولا تعرف ماذا تقول .. فردت سريعًا :
- تعالى أقعد بس الأول
جلس أمير بجانبها وهو ينظر إليها بإهتمام وهو يراقب إنفعالاتها جيدًا ويشعر بوجود شيئًا ما خفي عنهم ليقول :
- خير يا أمي قلقتيني .. في إيه ؟
فركت يداها وهي تقول بتوتر :
- هو في حد بعتك ؟
قضب جبينه بدهشة ونظر لها يفكر ليقول بعدم فهم :
- نعم !! حد باعتني .. حد مين وباعتلي ليه ؟!
زفرت سميحة براحة وطمأنينة عندما تأكدت من الشىء الذي سبب لها القلق والإرتباك .. فتبدلت حالتها وقالت بهدوء وراحة يشوبه الإرتباك من نظراته المتفحصة لها التي أعتادت عليها، يفهم ما تخفيه ويشعر بها فهو ضابط شرطة :
- ولا حاجة .. ولا حاجة يا حبيبي أنا هقوم أشوف سلمى
قالتها وهي تنهض وكادت أن تتحرك إلا أن أمير أمسك معصمها ليقول بحدة وجدية :
- مش هتمشي من هنا غير لما أفهم في إيه .. وسلمى بتعمل إيه هنا في يوم زي ده مش المفروض إنها هتتجوز النهارده !!
صمتت سميحة بقلق وهي تفرك بيداها بشدة وإرتباك شديد والدموع متحجرة في عيناها .. حتى قطع الصمت وهو يصيح بها بغضب :
- ما تردي عليا يا أمي مخبية عليا إيه !!
لا تعرف من أين تبدأ .. التردد يسيطر عليها ولكن حسمت الأمر وقرر مصارحته لتقول سريعًا :
- سلمى هربت يا أمير .. مفيش فرح ولما شافتك راجع في الوقت ده أفتكرت أنك عرفت وكلموك عشان تدور عليها وترجعها .. فهمت بقى سلمى ليه هنا ؟
جلس والذهول يسيطر على وجهه، لا يصدق الكلام الذي تتحدث عنه والدته .. سلمى تهرب يوم زفافها !!
فقال بإهتمام وجدية :
- ليه يا أمي إللي حصل خلاها تعمل كده ؟ سلمى طول عمرها بنت عاقلة
تنهدت سميحة بحزن شديد وقالت :
- والله يابني مش عارفة أقولك إيه .. على الرغم إني ضد إللي عملته ده بس تصرفات أبوها هي إللي وصلتها لكده غصب عنها .. هي رافضة الجوازة دي من البداية
قضب جبينه وقال :
- ليه هي مش بتحب عاصم ؟ دول مخطوبين بقالهم تلات سنين
أجابت سميحة سريعًا :
- هي مش هتتجوز عاصم أساسًا
قضب جبينه أكثر وأردف بعدم فهم :
- نعم ! اومال هتتجوز مين ؟
ردت بحزن :
- طارق الإبياري
صاح أمير بتعجب وهو يرفع حاجبه مستنكرًا :
- هو أنا أخلص من عاصم يطلعلي طارق .. ومين ده كمان ؟!