اخترقت الرجفة عقلها فور ما سقطت من فراشها المعلق في السماء سقوطاً حراً، هذا الحلم المزعج الذي يصاحبها حين لا تنام بشكلٍ كافٍ أشبه برؤية نفسها تنزلق مراراً وتكراراً من مكانٍ عالٍ لا تصل لأرضٍ له، أوقفت رسالة المنبه حين هبطت عيناها على شاشة الهاتف إذ رأت الساعة الرقمية تشير إلى التاسعة وتسعٍ وخمسين دقيقة صباحاً، يبدو أنها ما زالت تحافظ على موهبتها في الاستيقاظ قبل المنبه بدقيقة.
مع استمرار تتابع نظراتها للشاشة لمحت أسماءً عدة من بينها رفيقات الكلية و زهرة ثم السيد صبري، لم تكمل قائمة المكالمات أو الرسائل انتقل اصبعها أفقياً على اسم أيمن لتهاتفه، ما زال نومها متناغماً مع نغمة انتظار الرد التي طالت وطالت حتى قُطع هذا التناغم صوت ميرام من الجانب الآخر
_ماذا هناك؟
"يا عيني!" نطقت الكلمة بداخلها وتنهدت حتى كادت تخترق غرغرة تنهُّدها سقف حلقها لولا أنها كتمتها بالوسادة ثم أخرجت صوتها "أيمن موجود؟"
_إنها العاشرة صباحاً!
_ربما هذا يخبرك أن تقولي صباح الخير أو تلقي التحية مثلاً!
_يا أهلاً آنسة ندى، ثم ماذا تريدين من أيمن؟
_أمر خاص بالصيدلية، سأهاتفه لاحقاً
_أنا وهو واحد، أخبريني
ضحكت ندى دون قدرتها على كتم صوتها هذه المرة، ما إن شعرت أن قهقهتِها امتدت مستفزة ميرام، خرجت من غطائها واعتدلت بجلوسها على السرير "أخبريه أن السيد صبري يريد لقاءه مساءً"
_من السيد صبري؟
_من المفترض أن تعلمي ألستما واحد؟
عادت ضحكتها للاستيقاظ ما إن أغلقت ميرام السماعة في وجهها في ردِ فعلٍ متوقعٍ منها، تحركت بلا مبالاة في أروقة المنزل بين المطبخ والحمام، صرخت وإرتجف جسدها حين مرت أمام المرآة منتصف غرفة الصالة "متى سأعتاد على هذه يا الله"
"ماما.. ريهام.." نادت في أرجاء المنزل بصوتٍ مسموع، لم تكن تحبذ أن تتفاجئ مرة أخرى بظهور أحد أمامها، إلتفت حول فاصل المطبخ لتحمل غلّاية معدنية تُملأها بالماء وتشعل الموقد تحتها، لمحت ورقة بيضاء منتصف المنضدة لفتتها ما إن اتجهت نحو الخزائن لتحضر القهوة، عالجت إنطوائها وقرأت بصوتٍ خافت "حاولي معرفة مصلحتك".
استأنفت اشعال الغاز وأحرقت الورقة، هذه والدتها بالتأكيد، عادت لتتناول هاتفها وقرأت بصبرٍ رسالة زهرة، أكدت لها تواجدها بالصيدلية اليوم، ومن ثم انتقلت لمحادثة صديقات الكلية، لم تحافظ على صبرها إذ قرأت بعض الرسائل الرتيبة عن إنجازاتهم وخططهم هذا الصيف.
أنت تقرأ
نَدَى الليل
Romanceلأن قلب الأنثى إذا ما إلتقى بمثيله في الحب فقد أنزل كل ما عليه من ثقل، أصبح خفيفاً يحمل الدم إليه كـندى الزهر. حكاية لربما تعبر عن شيء، أو أيّ شيء.