"سيدتي، سيدتي" قالت وهي تنظر خلفاً تجاه الباب إذ أن سرير المستشفى ملاصق للحائط المقابل للباب، لم تشأ لأحد سماعها وهي تهمس للمرأة المسنة أمامها في محاولة لإيقاظها
"سيدتي" مشت بأناملها على خدها بإلحاح لطيف مراعية ضعف وجهها المريض "هل تسمعيني، أنا ندى من الصيدلية" شعرت بها نائمة بعمق مع انتظام تنفسها بهذا الشكل " تذكريني؟ ندى رفيقة زينب"
بدأ خدها يستجيب بحركة خفيفة على أناملها أو لعلها تخيلت ذلك، فتحت عيناها للحظة ورغم صعوبة تصديقها إذ أخبرها أدهم قبل قليل أن الممرضة أعطتها المهدئ منذ دقائق لأنها لم تنم طوال الليل، إلا أنها تأكدت من عمق الصلة بين زينب ووالدتها ليكون لاسمها ذلك التأثير على بعث الحياة بملامحها
_تذكُريني خالتي؟
"ز..يـ..نـ..ب" لفظت اسم ابنتها بحروف متقطعة وكأنها تُجمّع كنزاً ثميناً على قلبها
_أنتِ بخير؟ ستأتي زينب لكِ قريباً
"لا" رفعت يدها في الهواء وكأنها تود قول شيء
"لا!؟" ضمت ندى يدها بين كفيها لتنظر لها السيدة المريضة بتقاسيم وجه متعبة
_لا أريدها أن تأتِ
"مَن؟ زينب!" قالت ندى لتتأكد مما سمعت
هزّت السيدة رأسها إيجاباً وجمعت عبارة أخرى في ظل هذيانها بسبب المسكن "ابعدي زينب عن هنا أرجوكِ"
_لماذا؟ لو تعلمين كم تتلهف لرؤيتك
حاولت السيدة التحدث مجدداً لكنها ابتلعت ريقها بصعوبة مغمضة عيناها وكأنها جرحت جفاف حلقها وشدت على يد ندى"ماء.."
لم تترك ندى يدها وحملت كوب الماء من جانبها وأخذت برشات خفيفة ترطب شفتاها، أثناء ذلك عاد أدهم للغرفة رغم كرهه ترك ندى وحدها مع والدته لكنه أُجبر بسبب استدعاء إدارة المستشفى له للاستفهام حول بعض الأمور المالية، لاحظته ندى "يبدو أنها عطِشة"
بادر أدهم باسناد والدته وسقيها الماء لكنها لم تستطع أن تصمد دقيقة وكانت قد ارتاحت للنوم مجدداً دون أن تفلت يد ندى مضيفةً "ومتعبة"
_بسبب المهدئ ألم أخبرك! وجهها شاحب قليلاً لكنها تتعافى بإذن الله
"أي وجه شاحب! أنظر لها مثل البدر اسم الله" كانت ندى تراعي نفسية والدة زينب في حال كانت تسمعها ولو بأمل ضعيف، أخرجت من حقيبتها رزمةً من أشرطة الدواء"ها هي الادوية ستسد حاجتكم ما إن تخرج السيدة الوالدة إن شاء الله"
أنت تقرأ
نَدَى الليل
Romansaلأن قلب الأنثى إذا ما إلتقى بمثيله في الحب فقد أنزل كل ما عليه من ثقل، أصبح خفيفاً يحمل الدم إليه كـندى الزهر. حكاية لربما تعبر عن شيء، أو أيّ شيء.