نَدَى الليل

الصفحة السابعة والعشرون

لم يكن هروب الوقت من بين يديها شيئاً تعرفه لكنها وقفت على أقدامها بسرعة خاطفة حين استعادت وعيها ولم تجد زينب في مكانها، خرجت من الغرفة تفرك عينيها وتمشي على غير هدى، وفي طريقها نحو الصوت الواصل لها، زعج عيناها ضوء الصبح النافذ من شرفة الصالون من خلف الستائر الشفافة 

لاحظت ظهر والدتها من الخلف تقف مستندة إلى باب الحمام من الخارج بينما صوت سعال زينب يعلو في إذنها لتندفع وترها تقذف ما في معدتها بينما تجلس أرضاً أمام المرحاض، جلست إلى جانبها باستعداد ورفعت شعرها في يدها إذ كان مبعثر على كلا  الجانبين وبعضاً منه يلامس الأرض وأخذت بيدها الأخرى تمسح على ظهرها

أبتعدت زينب عن ندى ما إن توقف الغثيان تدريجياً، حاولت أن تقوم وحدها لكنها لم تنجح لتعود ندى وتسندها وتجلسها على حافة حوض الاستحمام "على مهلك"

مسحت زينب فمها وأخذت تتنفس بصعوبة لتمد ندى جسدها دون أن تترك كتف زينب الذي تسنده، طالت المنشفة من مكانها على الحائط المجاور لحوض الاستحمام وقدمتها إليها "استخدمي هذه"

"هذا طبيعي بما أنه أول حمل لك، لكن لا يمكنك أن تبقي بهذا الوهن لن يصمد الطفل، عليكِ أن تزوري طبيب" قالت ياسمين وهي ترى أمامها ما يحدث لزينب منذ البارحة، إلتفت وخرجت ما إن اقترحت ندى على زينب أن تأخذ حمام ساخن يساعدها على الاسترخاء قليلاً 

ما إن أصبحت الأم وابنتها في الصالون ولاحظت ياسمين كيف حال ابنتها، كانت ترتدي ثياب خفيفة وشعرها مجعد ووجهها مخطوف "لا أصدق ماذا تفعلين بنفسك"

 لم تجب ندى بدلاً من ذلك نظرت إلى الساعة المعلقة على الحائط إذ كانت تشير إلى السابعة والنصف ومع ساعات الصباح الأولى يبدو أن هذه الفتاة تعاني هكذا

_أخبرتِها أن تغادر اليوم؟

ابتلعت ندى ريقها بصوت بكاد يكون مسموعاً ولم ترد على سؤال أمها، اتجهت نحو الغرفة لتحضر لزينب بعض الحاجيات لكن عبارة أخرى أوقفتها

_لا تلفي وجهك كأني بحكي مع حيط، وقت احكي معك جاوبيني

_لم أخبرها ولن أخبرها

اقتربت ياسمين من ندى وبصوت أقرب لوشوشة "ماذا يعني؟"

_ألا ترين حال المسكينة، كيف أتركها لذلك الحقير 

وضعت ياسمين يدها على جبينها في محاولة للهدوء حيث تاريخها في الجدال مع ندى ليس جيد وكانت إلى حدٍ ما نادمة على صفعها لها بالأمس رغم أنها كانت تستحقه لكن تعلم عنادها لذلك سلكت سلوكاً آخراً وبهدوء أشارت لها "اجلسي"