الصفحة السادسة

1.4K 91 14
                                    

غشى عقلها ضباب كثيف ما إن وضع وسيم راحة يده وغطّى يدها المُلقية بإهمال على طرف الطاولة "أنتِ حقاً بخير؟"

 لم تكن يده سيئة ولا باردة بل الضباب الذي سكن عقلها منحها برودةً بالمكان تسربت إلى جلدها، نظرت له ولم تأخذ وقتاً للتفكير في سحب يدها إلا أنه بحركة سريعة أزاح يده، كأنها حركة تلقائية قام بها وأنهاها من تلقاء نفسه.

 كونه مهتم بها وتراه كل الفتيات رجل مثالي لعلاقة مكتملة أراح عقلها من أخذ موقف حاسم منه، حاولت الحفاظ على المساحة بينهما وبينما تحاول العودة للإندماج في المسار الذي كانت عليه دَعى منسق الموسيقى رفيقات العروس لمشاركتها في ساحة الرقص. 

ما إن أكملت العروس إلتفافها ومفاخرتها بجمالها أمامهن حتى بدأ الرجال بتساوق الرقص كثنائيات معهن وعلى مضضٍ كبير شاركت ندى وسيم بعد أن دعاه للرقص رضى زوج زهرة التي أخذت دورها عن قصد في خلق الإنسجام بينهما. 

بحركاتٍ هادئة كانت ندى تحرك جسدها أمام وسيم الذي كان يتبع نفس الإيقاع، حولها ريهام زهرة والعروسين، تداخلت الثنائيات في الرقص وتبدلت الأدوار حتى تمكن أيمن من الوصول لندى التي بادرت بتقبيل خده مهنئةً ومباركةً له زواجه لكن عيونه كانت تُشير لشيءٍ آخر، بصوتٍ مرتفع نسبياً اخترق سؤاله صدى الموسيقى الصاخبة  "ماذا يفعل هنا!!" 

"اعتقدتُ أنكَ دعوته!" حاولت النظر للسيد علي بشكل غير مباشر ثم أكملت "إنه ينظر لكَ ويبتسم! كما كان ودوداً معي قبل أن تحضر!!" 

"أنا قلِق، لم أدعوه، لماذا يخطط؟؟" تحدث أيمن بنقم وتوتر سلب الراحة من على ملامحه

"أنت أيها العريس" شدّت ربطة عنقه القصيرة حول رقبته بمرح "انشغل بنفسك الليلة، دعك منه" رغم أنها كانت غاضبة عليه آخر شهرين إلا أن عملهما معاً لسنوات بنى عِشرةً وثيقة  "أظنه يحاول إنقاذ سمعته بين رجال الأعمال لا أكثر، ستكون صفعة كبيرة إن عرف أحدهم أنه لم يحضر زفاف ابنه الوحيد" 

سرعان ما دارت ميرام حول أيمن ونشلته من أمام ندى بغنجٍ واضح جعل الأخرى تضحك ما إن نظرت لها ريهام وغمزتها عن بُعد، هما يفهمان غيرة ميرام المَرضية لكن حتى في زفافها! فقدت ندى رغبتها بالوقوف في هذه المعمعة، توقفت عن الرقص ثم توجهت بضحكة ساذجة نحو والدتها التي كانت على ما يبدو تراقبها أيضاً.

 ما إن دفعت باب الحديقة الخارجي وتنفست الصعداء حتى إرتخت أعصابها، إعتادت الهدوء والصمت الطويل في الآونة الأخيرة، لماذا لا تغادر الآن وفقط!

"تفكرين بالمغادرة؟" بنظرة خاطفة نحو الصوت تأكدت عبرها أنه لوسيم ثم أعادت نظراتها للأمام متنهدةً "أُفكر فقط"

نَدَى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن