-3-

33 14 8
                                    


الامر يبداء عند ربك وينتهى عند ربك فلا تقف عند الخلق كثيرا
قد استبدت في قلبه الخيبه وهو يبحث عن وظيفه ما منذ الصباح الى الان وقد اشرفت الشمس على المغيب كل من يطلب منه فرصه للعمل و يعرف انه سجين سابق يتعذر له بااعذار او يقوم بطرده من المكان
كل تلك المحلات والمكاتب والمقاهي وحتى المتنزهات لم يجد مكان قد قبل عرضه وافق حتى اذا كان الاجر قليل المهم ان يعمل على الاقل في البدايه فقط
ولان هو واقف امام ذلك الرجل العجوز الكهل الذي كان او ربما كان. سيقبل عرضه ان يعمل معه في المقهى
- اسمعني ياعمر انا بحاجه لشخص يساعدني بالفعل
قالها وهو يفكر
ليبتسم عمر ببهجه وظل يقول
- سيدي انه لشرف كبير لي ان اعمل معك
ضيق عينيه لتبرز تجاعيده التي تحيطها وكانه بداء في التائني في التفكير قبل طرح الاجابه
وعمر الان لايطيق صبرا لمعرفه الاجابه
كانه لم يكن واقفا على الارض بل وكانه يقف على حبات الجمر الملتهبه

- مرحبا ياجدي
التفت عمر لصاحب الصوت وكان شابا يعمل في احد المحال القريبه من هنا التي قد طلب فيها عملا قبل قليل وطردوه عند علمهم باانه سجين سابق
عقد عمر حاجبيه بااستنكار
وابتسم الرجل العجوز وهو يحي ذلك الشاب ذو الملامح الخبيثه
- جدي من هذا
قال هذه الكلمات مستفهما وهو يحدق بعمر
- انه شاب اتي للحصول على عمل ما ..بني لما تسال
تعجب الرجل العجوز من سؤال حفيده ونظراته الغير مفسرة تطلع بعمر الذي كانت ملامحه باهته وكانه غير مصدق لوجوده
ابتسم حفيده بشر وهو يدير بصره ناحيه جده قائلا
- هل تعرف شيئا عنه جدي
اجاب الجد بنفس اللهجه المستفهمه
- لا بني .... لكن من هو
ضحك بخبث وهو يجيب
- جدي انه سجين سابق اي انه مجرم! !

ازدادت قبضته قوة من ذي قبل واحمرت عينيه لتتطاير الشرر منها كم يرغب الان بشق ملامح ذاك الملعون الذي كان ينظر له بسخريه وهو يهز قدمه التي يضعها على الاخرى
ولكنه بلحظات  الاخيرة كان قد كظم غيظه ونهض من مكانه دون القاء اى كلمه حتى

خرج من المكان وصار كل الموجودين يتطلعون به وكاانهم كانوا ينتظرون معركته الطاحنه مع ذلك المزعج رفع راسه عاليا واخذ نفسا عميقا مبينا قوته امامهم
وانصرف من المكان ضاقت به السبل لكنه اليوم الثاني لي خارج تلك القضبان الحديده
اه كيف ساأبلي ماذا ساافعل اين ابيت اليوم

في تفكيره الذي قد غرق فيه انتشله صوت معدته التي باتت تقرقر جوعا
ضحك بسخريه انه لم ياكل شيئا منذ الصباح
لكن ماذا ساافعل من اين احضر لك ما تريديه
واستمر بمسيرته قاطعا تلك المدينه وهو يتوجه لبلدته مكانه الاصلي حيث ولد وكبر وتعلم ولعب وركض وفرح وحزن
حيث قضى اجمل واسوء ايام حياته
كان من مجرد دخوله لبدايتها تذكر الكثير من ماضيه ماضي ذلك الفتى ذو 18 من العمر واحلامهه الامتناهيه
شد بصره تلك الجامعه البسيطه التي كان يحلم بدخولها والدراسه. فيها تحقيق حلمه الذي قد زرع في كيانه من الطفوله
توقفت قدماه امام بابها الذي كان مقفلا تماما
كما قد اقفلت عليه تلك الاحلام وانتهت وتلاشت في الهباء كل تلك الامنيات وما اردته ما كنت اتمناه الان صار يتطاير مع الغبار في الرياح العاتيه التي لم ترحم حلمي الضعيف
- اعذريني يا احلامي فا العاصفه كانت قويه اكثر مما ينبغي
التمس ذلك الباب الحديدي الصدء بيديه كما كان يفعل سابقا بطفولته وشابابه كل لحظات حياته كانت هذه امنيته وكم يود الصراخ الان
احيانا نحتاج لصرخه قويه لنفجر ما في داخلنا
من الم

سارت انامله حول ذلك الحائط الصلب كما كان يفعل
في هذه اللحظه من كان يدور هو عمر الذي قد بلغ الثمانيه والعشرين من العمر ليست ذاته من كان يبلغ الثامنه عشر تلك العشر سنوات غيرت الكثير وقلبت الموازين
اختلجت مشاعره وهو الان على حافه الانهيار باكيا
هرب من المكان ومن حطام احلامه واحزانها التي لم تنتهى اطلق قدماه للريح
وتوقفت امام ذلك المنزل الصغير ضعيف الهيكل والحال
وقف يطالعه
*******
ليخرج منه ذلك الفتى الذي كان متوجها لمدرسته كالعاده يمسك بحقيبته الصغيرة المعلقه على ضهره ويرسل قبله بالهواء لوالدته التي تبعته بعلبه الطعام تلك
وهي تقول معاتبه
- يا بني متى ستتوقف عن نساينها كالعاده
ضحك بلطف بالغ وقال
- انا اتعمد نسيانها امي
رفعت حاجباها معا متظاهره انها لاتعلم ماقاله ليكمل
- لكي تعطيني اياها انت
ابتسمت بحنان واعطته قبله في جبينه
- عمر بني اهتم بدروسك جيدا
عبس وجهه الملائكي
- لكن امي انا افعل
- متاكده من هذا .والان عليك الذهاب ستتاخر
ودع امه وسار متوجها لمدرسته خطواته كانت صغيرة نظرا لقصر قامته وتبعه صوت تلك الفتاه المشاكسه من خلفه
- عمر انتظر قليلا
التفت ناحيتها تلك الطفله الجميله نحاسيه الشعر زرقاء العينين ملامحها ناعمه للغايه وبريئه جدا
قال معاتبا اياها
- ميرا انت دائما تتاخرين ماذا عساي افعل
تقوست شفتاها وهي تحاول منع نفسها من البكاء
- انا اسفه عمر
لاحظ هو عبوسها ليعانقها بين يديه وهو يقول
- ميرا انا لااريد ان تحزني هكذا بسببي
لم تجبه هذا دليل على غضبها او انها تخاصمه كلعادة
ليضيق عيناه ويقول
- هيا علينا الاسراع للذهاب الى المدرسه ونوفر جهدنا للذهاب الى مدينه الملاهى
انفرجت عيناها وحاجباها الصغيران وهي تقول بمرح
- حقا ستاخذني
هز راسه للتقافز هي الاخرى فرحا وتقبله ببراءه على احد خداه  وتتركه راكضة  الى الامام منه

*****
- من تكون انت ؟؟
التفت عمر بسرعه لصاحب هذا الصوت المألوف
كان رجلا في عقده الخمسين ربما او اكثر اشيب الشعر مجعد الوجه لكن كل هذا الهرم لم يخفي وسامته الحقيقه وعيناه الزرقاوين
تعانقت ابصارهم لفترة وجيزة جدا قبل ان يقول ذلك العجوز الكهل اسعد
- الست انت عمر ذاتك
التمعت عيون عمر وكان بالفعل على وشك البكاء ليهزز راسه اكثر من مرة
وذلك الرجل اخذه بين احضانه
- يابني عمر
كان يردد هذه الكلمه وهو يعانق صغيره
ابتعد عنه واخذ يتفحص ملامحه ووجهه بين يديه
ليقول بتردد
- لقد تغيرت كثيرا بني
قالها وهو يطالع تلك العينين الخضراء اللتان اتعبهما الدهر وذهب بريقهما وذلك الجسد الذي اصبح نحيفا اكثر من ذي قبل حتى تلك خصلات الشعر الشقراء بللون الكراميل تغيرت وصارت بعض من شعرات الشيب تجانسهم
تنهد عمر بتعب وعاود احتضانه
وكأنه راى طيف النجاه لشخص يعرفه كم هو سعيد الان على الاقل هناك من هو من ماضيه هناك من يشعر بالمحبه تجاهه

®®®®®
Saif Saif
اضغطوا ع النجمه حتى تشجعوني كايز
😝😝😝😝😝😝😝

 - جَسٖد أَنهكهُ أُلحب -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن