- 18 -

21 16 18
                                    

ظل يسير في الحديقه ويترقب بكل الموجودين لم تكن مليئه بالاشخاص  تقريبا
تلاقت ابصاره مع شاب يبدو في بدايه العشرين من عمره
بملامح حاده  ويبرز عليه الجمال العربي بعينه الزمرديه وشعره النحاسي وشكله الضخم
تقدم بااتجاه عمر وهما يتفحصان بملامح بعضيهما
تقابلا وتكلم الشاب المقابل له بصوته الخشن قائلا
- انت عمر
هز راسه بالايجاب
- وانت فارس اليس كذلك
ابتسم ذلك الشاب وهو يحتضن عمر الذي بادله العناق بدوره
ابتعد عنه وهو يردد بتعب في وصفه
- اه يارجل لاتعرف كم بحثت عنك لااجدك ربما قضيت الثلاثه شهور الاخيرة وانا ابحث عنك في كل مكان لاتصدق ؟
رفع عمر حاجبيه معا وهو يقول باانبهار
- كيف استطتعت الوصول الي
ابتسم وهو يجيب محدثه
- عن طريق ابن جارك المدعو فؤاد ( واخذ نفسا ) ساعدني كثيرا
- فؤاد نعم هو يعرف باامر انتقالي الى هنا
واكمل هو موضحا او انه يؤكد علمه 
- انا بالفعل لم اكن متخيلا انني سااجدك
هكذا كنت اظن انني ساانتظر يوم خروجك من السجن اي بعد حوالى خمسه عشر سنه اضافيه ..

شعر فارس بنوع من حرج امام  عمر لانه اطلق لسانه في سفوح من الكلمات التي لم يجد تعبيرها بااحترافيه فقد تصل لعمر بمعنى اخر ربما ... او غرابته ليردف ببتسامه حرجه او يحاول ان يغير مجرى الحديث بعد انهاءه
ولكن تفاجاء بكلام عمر المؤيد او الاعتيادى يتماز ذاك من رده فعله
- نعم انا كنت اضن ذلك ايضا اي انني سااخرج بعد ان اكمل الثالثه والاربعين من عمرى ولكن لحسن الحظ تم الافراج
لن تصدق ولكن بالفعل انصدمت ( واشار لملامح فارس ) كصدمتك انت عند رؤيتي

ضحك فارس بنوع من التوافق ولكنه تنهد بعدها وبشكل ملحوظ ايضا
ليعقد عمر حاجبيه بقلق .
- فارس هل كل شيء على ما يرام
امال فارس راسه بعده اتجاهات بدون معرفه ولمعت عيناه مما ازاد من استغراب عمر
- عمر انا اسف
- علام
امسك بيده وجلسا على المقعد الخشبي
وملامح عمر لا تفسر بين غرابه وخوف او ربما قلق ايضا
وفارس تنهد لمرتين ربما قبل ان يطقطق اصابعه ببعضها وتعرق جبهته بشكل واضح
- فارس بداءت توترني
نظر بااتجاهه وقال
- انت تشبه العمه ليلى كثيرا تعرفت عليك لانك تمتلك لون العينان ذاته
ابتسم وهو يتذكرها واخذ نفسا عميقا
امي لايزال خبر وفاتها عالقا قرب مسامعي والصورة الاخيرة التي ريتها فيها تحرق قلبي لم يكن فراقك على هين لكنه كان امرا مقضيا ذبل العمر بعدما فقدتك والبقاء لله

وحل الصمت قليلا قبل ان يستجمع فارس كلماته المتقاطعه وكأن  التعبير ليس واضحا لديه وكأن حروفه ضاعت الان
تكلم بعدما امسك بكف يد عمر وهو يقول
- عدني انك ستتفهم موقفي عمر
- اعدك
تكلم حتى دون تفكير لانه الان بالفعل يريد معرفه ما الذي يخفيه فارس
- عمر بعد ان تم اصدار الحكم بحقك وبعدما حاولنا كثيرا من تغير ما حُكم ولكننا لم نستطع كون عمك فعل المستحيل لقتلك وقتل شبابك هناك
والداتك تحطمت تقريبا بعد غيابك لااخفي عنك انها كانت تعاني لانها فقدتكما كلاكما انت وجلال اسمع بكاءها المرير ليلا شبه محطمه لااجله ولكنها مدمره بسببك كل المشاعر الحسيه لدى الامهات تجاه والدها تنتهي عند بلوغه الثمانيه سنوات ولكن والدتك كانت تشعر بكل شيء تشعر به انت حرفيا كل شيء
عندما تبكي وتحزن تتالم وحتى عندما تشعر انت بالجوع والعطش والخوف كل هذا جسدها هو ما كان يرافقنا ولكن روحها كانت معك انت
الاحظ عند زيارتها لك تعود سعيده نوعا ما لان رؤيتها لك كانت مثل الجلسه العلاجيه بالنسبه لها كانت تنتظر وتحسب الايام التي تمر بكل شهر لمقابلتك كم اصر والدي على ان تذهب معنا الى قريتنا ولكنها رفضت لانها لاتريد الابتعاد عنك
وكانت تقول انها تشعر بالراحه كونها تتنفس من الهواء الذي يخالطك ايضا
عمر والدتك عانت كثيرا لااجلك السنتين الاولى لك كنت انا برفقتها اعيش معاها وانهي دراستي ايضا
احينانا يؤلمني قلبي على حالها وهى تناديني بااسمك وعندما تتذكر ارى الدموع تتجمع بعينيها تظهر انها قويه امامي ولكنني اسمع بكاءوها ليلا بالفعل
ترقد طوال اليوم بغرفتك انت وصارت
لاتخرج منها الا للاشياء الضروريه
من كان يلازمها عند غيابي هو ابنه جارك تدعى ميرا ووالدها اسعد رحمه الله
هما الاثنان عرفت ان ميرا تربطها بك علاقتاً ما وخصوصا عندما تقضي معظم وقتها بكتابته بعض الرسائل في غرفتك او منزلك وقراءت احداهن يوما دون ان تعلم
واحيانا اراها تبكي مع والدتك
مرت الايام وازدادت صعوبه بالنسبه لى ان انتقل بين ثلاث مناطق لاانهي دراستي واعود بنهايه الاسبوع لمنزلك
وخصوصا انني حصلت على منحه دراسيه والسفر للدول المجاورة لااكمال دراستي المهنيه الطبيه
كانت في السنه الخامسه عند غيابك
تحديدا عندما امتنعت الزيارات لدى السجناء
لاتصدق ولكن والدتك فقدت حياتها حينها
بكت وصرخت واستنجدت كثيرا بكل من تراه قبلت ايداي عمك الاافراج عنك واضهار الحق ولكنه رفض تضرعت عند قدميه راجيه ولكنه كان اقسى من الحجر الصلب ذاته لابل ان الاحجار تضلم عندما امثلها كقلبه اللعين
تعرف مالذي كان رده لها ببساطه قام بضربها وابعادها عنه وهو يقول بااشمئزاز
- ابعدوا القذاره عنى
حملت والدتك ذاتها وهي تغادر المكان منكسرة الذات محطمه تماما
وبكت واستنجدت بربها العظيم الذي برد نار دمها عند موت عمك بعد حوالى اربعه اشهر على
فعلته الحمقى
ولكن ذلك لم يطفى اي نار مشتعله بقلب ام منكسر على والدها
لامور اصبحت اثقل علي من  ان اتحملها
هذا ما كانت تقوله عند مناجاتها لربنا سبحانه
وفي هذه الفترة تحديدا انا اضطررت الى السفر وترك والدتك انا كنت انانيا بالفعل لاادعها بمفردها ولكنني كنت مضطر عمر بالعفل انا اسف لكن هذا حلمي من الطفوله سافرت وهي لم تعارضني حتى بل قالت مشجعه لى
- اذهب يابني سر خلف احلامك واتمنى انني اراك بااعلى المراتب انت وابني الحبيب عمر
غادرت وهى ضاق حالها وعانت من مرض السكر الذي رافقها منذ غيابك واشتدت بها الحال حتى لقت ربها ولكن ياعمر ما لايستطيع العقل تصديقه هو كيف لشخص ان يكلف حياته كلها لااجل شخص اخر والدتك حتى وهي على فراش الموت كانت تفكر فيك انت
عندما عدت وعملت بموتها انبني ضميري كثيرا وانا اشعر باانني سبب بما حصل كان لابد لى من البقاء الى جانبها ومساندتها بأ اصعب ايام حياتها انا اسف عمر اعتذر كثيرا والدتك ماتت ولم يقف اي من اقربائها على قبرها
فوالدى توفي منذ زمن وهو الاخ الوحيد لها وابنها قبع خلف القضبان وابن اخيها كان اناني بالفعل فقد سافر ونسي الاطمئنان عليها حتى

 - جَسٖد أَنهكهُ أُلحب -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن