٣٦

118 12 0
                                    

الأحاديث الصحيحة التي توجب أتباع أهل البيت

1 - حديث الثقلين قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وقال أيضا:
(يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) (1).
وإذا أمعنا النظر في هذا الحديث الشريف الذي أخرجه صحاح أهل السنة والجماعة وجدنا أن الشيعة وحدهم هم الذين اتبعوا الثقلين (كتاب الله والعترة النبوية الطاهرة) بينما اتبع أهل السنة والجماعة قول عمر (حسبنا كتاب الله).
وليتهم اتبعوا كتاب الله بغير تأويل حسب أهوائهم فإذا كان عمر نفسه لم يفهم منه معنى الكلالة ولا عرف منه آية التيمم وعدة أحكام أخرى فكيف بمن جاء بعده وقلده بدون اجتهاد أو اجتهد برأيه في النصوص القرآنية، وبطبيعة لحال سوف يردون علي بالحديث المروي عندهم وهو (تركت فيكم كتاب الله وسنتي) (1).
وهذا الحديث إن صح وهو صحيح في معناه، لأن معنى العترة بقوله صلى الله عليه وآله في حديث الثقلين المتقدم هو الرجوع إلى أهل بيتي ليعلموكم - أولا - سنتي، أو لينقلوا إليكم الأحاديث الصحيحة لأنهم منزهون عن الكذب وإن الله سبحانه عصمهم بآية التطهير.
وثانيا: لكي يفسروا لكم معانيها ومقاصدها، لأن كتاب الله وحده لا يكفي للهداية فكم من فرقة تحتج بكتاب الله وهي في الضلالة كما ورد ذلك عن رسول الله عندما قال: (كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه).
فكتاب الله صامت، وحمال أوجه، وفيه المحكم والمتشابه ولا بد لفهمه من الرجوع إلى الراسخين في العلم حسب التعبير القرآني وإلى أهل البيت حسب التفسير النبوي.
فالشيعة يرجعون كل شئ إلى الأئمة المعصومين من أهل البيت النبوي ولا يجتهدون إلا في ما لا نص فيه.
ونحن نرجع في كل شئ إلى الصحابة سواء في تفسير القرآن أو في إثبات السنة وتفسيرها، وقد علمنا أحوال الصحابة وما فعلوه وما استنبطوه واجتهدوا فيه بآرائهم مقابل النصوص الصريحة وهي تعد بالمئات فلا يمكن الركون إلى مثلهم بعد ما حصل منهم ما حصل.
وإذا سألنا علماءنا، أي سنة تتبعون؟ لأجابوا قطعا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله.
والواقع التاريخي لا ينسجم مع ذلك; فقد رووا أن الرسول نفسه قال:
(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) إذا فالسنة التي يتبعونها هي في أغلب الأحيان سنة الخلفاء الراشدين وحتى سنة الرسول التي يقولون بها فهي المروية عن طريق هؤلاء.
على أننا نروي في صحاحنا أن الرسول منعهم من كتابة سننه لئلا تختلط بالقرآن، وكذلك فعل أبو بكر وعمر إبان خلافتيهما، فلا يبقى بعد هذا حجة في قولنا (تركت فيكم سنتي) (1).
والذي ذكرته في هذا البحث من الأمثلة - وما لم أذكره هو أضعاف ذلك - كاف لرد هذا الحديث لأن من سنة أبي بكر وعمر وعثمان ما يناقض سنة النبي ويبطلها، كما لا يخفى.
وإذا كانت أول حادثة وقعت بعد وفاة رسول الله مباشرة وسجلها أهل السنة والجماعة والمؤرخون: هي مخاصمة فاطمة الزهراء لأبي بكر الذي احتج بحديث (نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة).
هذا الحديث الذي كذبته فاطمة الزهراء وأبطلته بكتاب الله، واحتجت على أبي بكر بأن أباها رسول الله صلى الله عليه وآله لا يمكنه أن يناقض كتاب الله الذي أنزل عليه إذ يقول سبحانه وتعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (2).
وهي عامة تشمل الأنبياء وغير الأنبياء، واحتجت عليه بقوله تعالى:
(وورث سليمان داوود) (3) وكلاهما نبي.
وقوله عز من قائل: (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) (4).
والحادثة الثانية التي وقعت لأبي بكر في أيام خلافته وسجلها المؤرخون من أهل السنة والجماعة اختلف فيها مع أقرب الناس إليه وهو عمر بن الخطاب تلك الحادثة التي تتلخص في قراره بمحاربة مانعي الزكاة وقتلهم فكان عمر يعارضه ويقول له لا تقاتلهم لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فمن قالها عصم مني ماله ودمه وحسابه على الله).
وهذا نص أخرجه مسلم في صحيحه جاء فيه: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى الراية إلى علي يوم خيبر فقال علي: يا رسول الله على ماذا أقاتلهم؟
فقال صلى الله عليه وآله قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) (1) ولكن أبا بكر لم يقتنع بهذا الحديث وقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال; أو قال: (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه) واقتنع عمر بن الخطاب بعد ذلك وقال: ما إن رأيت أبا بكر مصمما على ذلك حتى شرح الله صدري; ولست أدري كيف يشرح الله صدور قوم بمخالفتهم سنة نبيهم!.
وهذا التأويل، منهم لتبرير قتال المسلمين الذين حرم الله قتلهم إذ قال في كتابه العزيز.
(يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا) (2). صدق الله العظيم.
على أن هؤلاء الذين منعوا إعطاء أبي بكر زكاتهم لم ينكروا وجوبها ولكنهم تأخروا ليتبينوا الأمر ويقول الشيعة إن هؤلاء فوجئوا بخلافة أبي بكر وفيهم من حضر مع رسول الله حجة الوداع وسمع منه النص على علي بن أبي طالب فتريثوا حتى يفهموا الحقيقة، ولكن أبا بكر أراد اسكاتهم عن تلك الحقيقة وبما أنني لا أستدل ولا أحتج بما يقوله الشيعة فسأترك هذه القضية لمن يهمه الأمر ليبحث فيها.
على أنني لا يفوتني أن أسجل هنا أن صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وقعت له في حياته قصة ثعلبة الذي طلب منه أن يدعو له بالغنى وألح في ذلك وعاهد الله أنه يتصدق ودعا له رسول الله وأغناه الله من فضله وضاقت عليه المدينة وأرجاؤها من كثرة إبله وغنمه حتى ابتعد ولم يعد يحضر صلاة الجمعة، ولما أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله العاملين على الزكاة رفض أن يعطيهم شيئا منها قائلا إنما هذه جزية أو أخت الجزية، ولم يقاتله رسول الله ولا أمر بقتاله وأنزل فيه قوله:
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون) (1).
وجاء ثعلبة بعد نزول الآية وهو يبكي وطلب من رسول الله قبول زكاته وامتنع الرسول حسب ما تقول الرواية.
فإذا كان أبو بكر وعمر يتبعان سنة الرسول فلماذا هذه المخالفة وإباحة دماء المسلمين الأبرياء لمجرد منع الزكاة على أن المعتذرين لأبي بكر والذين يريدون تصحيح خطئه بتأويله بأن الزكاة هي حق المال، لا يبقى لهم ولا له عذر بعد قصة ثعلبة الذي أنكر الزكاة واعتبرها جزية، ومن يدري لعل أبا بكر أقنع صاحبه عمر بوجوب قتل من منعوه الزكاة أن تسري دعوتهم في البلاد الإسلامية لإحياء نصوص الغدير التي نصبت عليا للخلافة، ولذلك شرح الله صدر عمر بن الخطاب لقتالهم وهو الذي هدد بقتل المتخلفين في بيت فاطمة وحرقهم بالنار من أجل أخذ البيعة لصاحبه.
أما الحادثة الثالثة التي وقعت لأبي بكر في أول خلافته وخالفه فيها عمر بن الخطاب وقد تأول فيها النصوص القرآنية والنبوية: فهي قصة خالد بن الوليد لذي قتل مالك بن نويرة صبرا ونزا على زوجته فدخل بها في نفس الليلة.
وكان عمر يقول لخالد: يا عدو الله قتلت امرءا مسلما ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك بالأحجار (1).
ولكن أبا بكر دافع عنه وقال: (هبه يا عمر، تأول فأخطأ فارفع لسانك عن خالد).
وهذه فضيحة أخرى سجلها التاريخ لصحابي من الأكابر!! إذا ذكرناه، ذكرناه بكل احترام وقداسة، بل ولقبناه ب‍ (سيف الله المسلول)!!.
ماذا عساني أن أقول في صحابي يفعل مثل تلك الأفعال يقتل مالك بن نويرة الصحابي الجليل سيد بني تميم وبني يربوع وهو مضرب الأمثال في الفتوة والكرم والشجاعة.
وقد حدث المؤرخون أن خالدا غدر بمالك وأصحابه بعد أن وضعوا السلاح وصلوا جماعة فأوثقوهم بالحبال وفيهم ليلى بنت المنهال زوجة مالك وكانت من أشهر نساء العرب بالجمال ويقال إنها لم ير أجمل منها وفتن خالد بجمالها، وقال له مالك: يا خالد أبعثتنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا، وتدخل عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري وألحا على خالد أن يبعثهم إلى أبي بكر فرفض خالد وقال: لا أقالني الله أن لم أقتله فالتفت مالك إلى زوجته ليلى وقال لخالد: هذه التي قتلتني، فأمر خالد بضرب عنقه وقبض على ليلى زوجته ودخل بها في تلك الليلة (2).
ماذا عساني أن أقول في هؤلاء الصحابة الذين يستبيحون حرمات الله ويقتلون النفوس المسلمة من أجل هوى النفس ويستبيحون الفروج التي حرمها الله، ففي الإسلام لا تنكح المرأة المتوفى زوجها إلا بعد العدة التي حددها الله في كتابه العزيز، ولكن خالدا اتخذ إلهه هواه فتردى وأي قيمة للعدة عنده بعد أن قتل زوجها صبرا وظلما وقتل قومه أيضا وهم مسلمون بشهادة عبد الله بن عمر وأبي قتادة الذي غضب غضبا شديدا مما فعله خالد وانصرف راجعا إلى المدينة وأقسم أن لا يكون أبدا في لواء عليه خالد بن الوليد (1).
وحسبنا في هذه القضية المشهورة أن ننقل اعتراف الأستاذ هيكل في كتابه (الصديق أبو بكر) إذ قال تحت عنوان (رأي عمر وحجته في الأمر).
(أما عمر، وكان مثال العدل الصارم، فكان يرى أن خالدا عدا على امرئ مسلم ونزا على امرأته قبل انقضاء عدتها فلا يصح بقاؤه في قيادة الجيش حتى لا يعود لمثلها فيفسد أمر المسلمين، ويسئ إلى مكانتهم بين العرب قال:
ولا يصح أن يترك بغير عقاب على ما أتم مع ليلى.
ولو صح أنه تأول فأخطأ في أمر مالك، وهذا ما لا يجيزه عمر، وحسبه ما صنع مع زوجته ليقام عليه الحد، فليس ينهض عذرا له إنه سيف الله، وإنه القائد الذي يسير النصر في ركابه فلو أن مثل هذا العذر يقل لأبيحت لخالد وأمثاله المحارم، ولكان أسوأ مثل يضرب للمسلمين في احترام كتاب الله، لذلك لم يفتأ عمر يعيد على أبي بكر، ويلح عليه، حتى استدعى خالدا وعنفه..) (2).
وهل لنا أن نسأل الأستاذ هيكل وأمثاله من علمائنا الذين يراوغون حفاظا على كرامة الصحابة، هل لنا أن نسألهم، لماذا لم يقم أبو بكر الحد على خالد؟
وإذا كان عمر كما يقول هيكل مثال العدل الصارم فلماذا اكتفى بعزله عن قيادة الجيش ولم يقم عليه الحد الشرعي حتى لا يكون ذلك أسوأ مثل يضرب للمسلمين في احترام كتاب الله كما ذكر؟ وهل احترموا كتاب الله وأقاموا حدود الله؟ كلا إنها السياسة وما أدراك ما السياسة؟ تصنع الأعاجيب وتقلب الحقائق، وتضرب بالنصوص القرآنية عرض الجدار.
وهل لنا أن نسأل بعض علمائنا الذين يروون في كتبهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله غضب غضبا شديدا عندما جاء أسامة ليشفع لامرأة شريفة سرقت.
فقال صلى الله عليه وآله: (ويحك أتشفع في حد من حدود الله والله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد).
فكيف يسكتون عن قتل المسلمين الأبرياء والدخول بنسائهم في نفس الليلة وهن منكوبات بموت أزواجهن ويا ليتهم يسكتون! ولكنهم يحاولون تبرير فعل خالد باختلاق الأكاذيب وبخلق الفضائل والمحاسن له حتى لقبوه بسيف الله المسلول.
ولقد أدهشني بعض أصدقائي وكان مشهورا بالمزح وقلب المعاني، فكنت أذكر له مزايا خالد بن الوليد في أيام جهالتي وقلت له أنه سيف الله المسلول، فأجابني: إنه سيف الشيطان المشلول، واستغربت يومها، ولكن بعد البحث فتح الله بصيرتي وعرفني قيمة هؤلاء الذين استولوا على الخلافة وبدلوا أحكام الله وعطلوها وتعدوا حدود الله واخترقوها.
وخالد بن الوليد له في حياة النبي قصة مشهورة إذ بعثه النبي إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الإسلام ولم يأمره بقتالهم.
فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا: صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر بهم ودفع الأسرى إلى أصحابه وأمرهم بقتلهم وامتنع البعض من قتلهم لما تبين لهم أنهم أسلموا ولما رجعوا وذكروا ذلك النبي صلى الله عليه وآله.
قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قالها مرتين (1) وبعث علي بن أبي طالب إلى بني جذيمة ومعه مال فودى لهم الدماء وما أصيبت لهم من موال حتى ودى لهم ميلغة الكلب وقام رسول الله صلى الله عليه وآله فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه إلى السماء حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه، يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (1).
فهل لنا أن نسأل أين هي عدالة الصحابة المزعومة التي يدعونها، وإذا كان خالد بن الوليد وهو عندنا من عظمائنا حتى لقبناه بسيف الله أفكان ربنا يسل سيفه ويسلطه على المسلمين والأبرياء وعلى المحارم فيهتكها، ففي ذلك تناقض لأن الله ينهى عن قتل النفس وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ولكنه - أي خالد - في نفس الوقت يسل سيف البغي ليفتك بالمسلمين ويهدر دماءهم وأموالهم ويسبي نساءهم وذراريهم، إن هذا زور من القول وبهتان مبين، سبحانك ربنا وبحمدك تباركت وتعاليت عن ذلك علوا كبيرا، سبحانك ما خلقت السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.
كيف جاز لأبي بكر وهو خليفة المسلمين أن يسمع بتلكم الجرائم الموبقة ويسكت عنها بل ويدعو عمر بن الخطاب بأن يكف لسانه عن خالد، ويغضب على أبي قتادة لإنكاره فعل خالد، أكان مقتنعا حقا بأن خالدا تأول فأخطأ، فأي حجة بعد هذا على المجرمين والفاسقين في هتكهم الحرمات وادعائهم التأويل.
أما أنا فلا أعتقد بأن أبا بكر كان متأولا في أمر خالد الذي سماه عمر بن الخطاب ب‍ (عدو الله) وكان من رأيه أن يقتل خالد لأنه قتل امرءا مسلما ويرجمه بالحجارة لأنه زنى بزوجة مالك (ليلى) ولم يقع شئ من ذلك للقاتل الجاني بل خرج منها منتصرا على عمر بن الخطاب لأن أبا بكر وقف إلى جانبه وهو يعلم حقيقة خالد أكثر من أي أحد، فقد سجل المؤرخون أنه بعثه بعد تلك الواقعة المشينة إلى اليمامة التي خرج منها منتصرا وتزوج في أعقابها بنتا كما فعل مع ليلى ولما تجف دماء المسلمين بعد ولا دماء أتباع مسيلمة، وقد عنفه أبو بكر على فعلته هذه بأشد مما عنفه على فعلته مع ليلى (2)، ولا شك أن هذه البنت هي الأخرى ذات بعل فقتله خالد ونزا عليها كما فعل بليلى زوجة مالك.
وإلا لما استحق أن يعنفه أبو بكر بأشد مما عنفه على فعلته الأولى، على أن المؤرخين يذكرون نص الرسالة التي بعث بها أبو بكر إلى خالد بن الوليد وفيها يقول: (لعمري يا بن أم خالد إنك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي رجل من المسلمين لم يجف بعد) (1).
ولما قرأ خالد هذا الكتاب قال: هذا عمل الأعسر يقصد بذلك عمر بن الخطاب.
فهذه من الأسباب القوية التي جعلتني أنفر من أمثال هؤلاء الصحابة، ومن تابعيهم الذين يتأولون النصوص ويختلقون الروايات الخيالية لتبرير أعمال أبي بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد ومعاوية وعمرو بن العاص وإخوانهم، اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، اللهم إني أبرأ إليك من أفعال هؤلاء وأقوالهم التي خالفت أحكامك واستباحت حرماتك وتعدت حدودك، واغفر لي ما سبق من موالاتهم إذ كنت من الجاهلين، وقد قال رسولك (لا يعذر الجاهل بجهله)، اللهم إن ساداتنا وكبراءنا قد أضلونا السبيل وحجبوا عنا الحقيقة وصوروا لنا الصحابة المنقلبين بأنهم أفضل الخلق بعد رسولك، ولا شك إن آباءنا وأجدادنا كانوا ضحية الدس والغش الذي توخاه الأمويون ومن بعدهم العباسيون اللهم فاغفر لهم ولنا فأنت تعلم السرائر وما تخفي الصدور وما كان حبهم وتقديرهم واحترامهم لأولئك الصحابة إلا عن حسن نية على أنهم أنصار رسولك محمد صلواتك وسلامك عليه وأحباؤه.. وأنت تعلم - يا سيدي - حبهم وحبنا للعترة الطاهرة، الأئمة الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا وعلى رأسهم سيد المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين سيدنا علي بن أبي طالب.
واجعلني اللهم من شيعتهم ومن المتمسكين بحبل ولائهم والسائرين على منهاجهم، والراكبين في سفينتهم والمستمسكين بعروتهم الوثقى والداخلين من أبوابهم والدائبين في محبتهم ومودتهم العاملين بأقوالهم وأفعالهم والشاكرين لفضلهم ونوالهم.
اللهم واحشرني في زمرتهم فقد قال نبيك صلواتك عليه وعلى آله: (يحشر المرء مع من أحب).

ثم اهتديت مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن