#الحلقة_الثامنة
خرجت من غرفة النوم وصعدت إلى سطح الباخرة أتنفس الهواء الجديد،وأنا أفكر تفكيرا جديدا و عقلي شارد في البحر الذي ملأ الآفـاق ، وأسـبح بحمد ربي الذي خلق الأكوان وأحمده،وأشكره على أن أوصـلني إلى هـذا المكان و أسأله سبحانه و تعالى أن يحميني من الشر وأهله ويحفظني من الزلل والخطأ ، وسرح تفكيري وأنا أستعرض شريطا أمام عيني للأحداث التي عـشتها والسعادة التي تذوقتها من طفولتي إلى ذلك اليوم و أحلم بمـستقبل أفـضل ، وأشعر كأن االله و رسوله يحيطانني بعناية خاصة ، فالتفت صوب مصر الـتي مـازالت بعض شواطئها تتراءى من حين لآخر مودعا تلك الأرض التي فيها قبلـت قميص رسول االله ( صلى االله عليه و آلـه ) و هي أعز ما بقي عندي من تلك الـذكريات التي عشتها في مصر ، و عدت أستعرض كلام الشيعي الجديد الذي أدخل علـي فرحا كبيرا لتحقيق حلم كان يراودني منذ صغري ألا و هو زيارة العراق ، تلـك البلاد التي رسمها في ذهني بلاط الرشيد و المأمون مؤسس دار الحكمة التي كـان يقصدها طلاب العلوم المختلفة من الغرب أيام ازدهـار الحـضارة الإسـلامية ،أضف إلى ذلك فهي بلاد القطب الرباني و الشيخ الصمداني سيدي عبد القـادر الجيلاني الذي ملا صيته الأقطار كلها و دخلت طريقته كل قرية و علت همتـه كل همة فها هي عناية جديدة من االله لتحقيق هذا الحلم ، و بدأت أتخيل وأسبح في بحر الخيال و الآمال حتى نبهني مذياع الباخرة و هو ينـادي المـسافرين إلى التوجه للمطعم لتناول العشاء ، ذهبت صوب المكان المذكور فإذا الناس يتزاحمون كعادتهم في كل تجمع و كل و احد يريد الدخول قبل غيره و كثـر الـصياح والهرج ...
وإذا بالشيعي يمسك بثوبي ليسحبني بلطف إلى الخلف و هـو يقـول :
تعالى يا أخي لا تتعب نفسك فسوف نأكل فيما بعد بدون زحمة و قد فتـشت عنك في كل مكان ..
ثم سألني : هل صليت ؟
قلت : لم أصل بعد .
فقـال : إذا تعال نصلي ثم نأتي للأكل و قد خلص هؤلاء من الزحام و الصياح .استحسنت رأيه وصاحبته إلى مكان خال من الناس حيـث توضـأت و قدمته ليصلي إماما قصد اختباره كيف يصلي على أن أعيد صلاتي فيما بعـد ، وما إن أقام الصلاة لأداء فريضة المغرب و استرسل في القراءة و الدعاء حتى غيرت رأيي ، و تخيلت بأني مأموم بأحد الصحابة الكرام الذين أقرأ عنهم و عن ورعهم تقواهم ، و بعد فراغه من الصلاة ، أطال الدعاء و لم أسمع قبلا هذه الأدعية في بلادنا و لا في البلاد التي عرفتها ، و كنت أطمئن و أرتاح كلما سمعتـه يـصلي على محمد و آله و يثني عليه بما هو أهله .
بعد الصلاة لاحظت في عينيه أثر البكاء كما سمعته يـدعو االله أن يفـتح بصيرتي و يهديني .
اتجهنا إلى المطعم و قد بدأ يخلو من الآكلين و دخلنا فلـم يجلـس حـتى أجلسني و جيء لنا بصحنين من الأكل فرأيته يغير صحنه بصحني لان نصيبي من اللحم كان أقل من نصيبه و أخذ يلح علي و كأني ضيفه و يلاطفني و يـروي لي روايات لم أسمعها من قبل تخص الأكل و الشرب و آداب المائدة .وأعجبت بأخلاقه ، و صلى بنا صلاة العشاء و أطالها بالدعاء حتى أبكاني وسألت االله سبحانه أن يغير ظني فيه لان بعض الظن إثم.
ولكن من يدري ؟ !ونمت أحلم بالعراق و ألف ليلة و ليلة و استيقظت على ندائـه يـوقظني لصلاة الفجر ، و صلينا و جلسنا نتحدث عن نعم االله على المسلمين .
ورجعنا للنوم ثانية و لما أفقت وجدته جالسا علـى سـريره و في يـده مسبحة و هو يذكر االله فارتاحت له نفسي و اطمأن له قلبي و استغفرت ربي .
كنا نتغذى في المطعم عندما سمعنا المذيع يعلن عن اقتراب البـاخرة مـن الشواطئ اللبنانية و سوف نكون في ميناء بيروت بحول االله بعد ساعتين سألني هل فكرت ملياً و ماذا قررت .
قلت إذا سهل االله سبحانه و تعالى الحصول على تأشيرة الدخول فلا أرى مانعا و شكرته على دعوته .
نزلنا في بيروت حيث أمضينا تلك الليلة و من بيروت سافرنا إلى دمـشق حيث اتجهنا فور وصولنا إليها إلى سفارة العراق ، و حـصلت علـى التأشـيرة بسرعة مذهلة لم أتصورها ، وخرجنا من هناك و هو يهنئني و يحمـد االله علـى إعانته.
أنت تقرأ
ثم اهتديت مكتملة
General Fictionقصتنا "ثم اهتديت" قصة تحكي عن رحلة اكتشاف جديد في دنيا المعتقدات في خضم المدارس المذهبية والفلسفات الدينية عالم من اخواننا اهل السنة أبصر طريق النور بسبب موقف ونظرة واحدة قلبت حياته رأسا على عقب تابعوها معنا 💚 ثم_اهتديت_،_الدكتور_التيجاني_السماوي.