٣٩ والأخير

234 19 1
                                    

هدى الحق في إحدى قرى الجنوب التونسي وخلال حفل زفاف كانت النساء يتحدثن عن فلانة زوجة فلان، واستغربت العجوز الكبيرة التي كانت تجلس وسطهن وتسمع حديثهن أن تكون فلانة قد تزوجت فلانا ولما سألنها عن سبب استغرابها أخبرتهن أنها أرضعت الاثنين فهما أخوان من الرضاعة، ونقل النسوة هذا النبأ العظيم إلى أزواجهن وتثبت الرجال فشهد والد المرأة بأن ابنته أرضعتها تلك العجوز المعروفة لدى الجميع بأنها مرضعة كما شهد والد الزوج بأن ابنه أرضعته نفس المرضعة، وقامت قيامة العشيرتين وتقاتلوا بالعصي كل منهما تتهم الأخرى بأنها سبب الكارثة التي سوف تجرهم إلى سخط الله وعقابه وخصوصا لأن هذا الزواج مر عليه عشرة أعوام أنجبت المرأة خلالها ثلاثة أطفال وقد هربت عند سماعها الخبر إلى بيت أبيها وامتنعت عن الأكل والشراب وأرادت الانتحار لأنها لم تتحمل الصدمة وكيف أنها تزوجت من أخيها وولدت منه وهي لا تعلم، وسقط عدد من الجرحى من العشيرتين وتدخل أحد الشيوخ الكبار وأوقف المعارك ونصحهم بأن يطوفوا على العلماء ليستفتوهم في هذه الفضية عسى أن يجدوا حلا.
فصاروا يتجولون في المدن الكبرى المجاورة يسألون علماءها عن حل لقضيتهم وكلما اتصلوا بعالم وأطلعوه على الأمر أخبرهم بحرمة الزواج وضرورة تفريق الزوجين إلى الأبد وتحرير رقبة أو صيام شهرين إلى غير ذلك من الفتاوى.
ووصلوا إلى قفصة وسألوا علماءها فكان الجواب نفسه، لأن المالكية كلهم يحرمون الرضاعة ولو من قطرة واحدة اقتداء بالإمام مالك الذي قاس الحليب على الخمر إذ أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، فتحرم الرضاعة ولو من قطرة واحدة من الحليب، والذي وقع أن أحد الحاضرين اختلى بهم ودلهم على بيتي قائلا لهم: اسألوا التيجاني في مثل هذه القضايا فإنه يعرف كل المذاهب، وقد رأيته يجادل هؤلاء العلماء عدة مرات فيبزهم بالحجة البالغة.
هذا ما نقله إلي زوج المرأة حرفيا عندما أدخلته إلى المكتبة وحكى لي كل القضية بالتفصيل من أولها إلى آخرها وقال: (يا سيدي أن زوجتي تريد الانتحار وأولادي مهملون ونحن لا نعرف حلا لهذه المشكلة وقد دلونا عليك وقد استبشرت خيرا لما رأيت عندك هذه الكتب التي لم أشهد في حياتي مثلها فعسى أن يكون الحل عندك).
أحضرت له قهوة وفكرت قليلا ثم سألته عن عدد الرضعات التي رضعها هو من المرأة فقال: لا أدري غير أن زوجتي رضعت منها مرتين أو ثلاثا وقد شهد أبوها بأنه حملها مرتين أو ثلاث مرات إلى تلك العجوز المرضعة، فقلت إذا كان هذا صحيحا فليس عليكما شئ والزواج صحيح وحلال محلل، وارتمى المسكين علي يقبل رأسي ويدي ويقول: بشرك الله بالخير لقد فتحت أبواب السكينة أمامي، ونهض مسرعا ولم يكمل قهوته ولا استفسر مني ولا طلب الدليل غير أنه استأذن للخروج حتى يسرع فيبشر زوجته وأولاده وأهله وعشيرته.
لكنه رجع في اليوم التالي ومعه سبعة رجال وقدمهم إلي قائلا: هذا والدي وهذا والد زوجتي والثالث هو عمدة القرية والرابع إمام الجمعة والجماعة والخامس هو المرشد الديني والسادس شيخ العشيرة والسابع هو مدير المدرسة، وقد جاؤوا يستفسرون عن قضية الرضاعة وبماذا حللتها؟.
وأدخلت الجميع إلى المكتبة وكنت أتوقع جدالهم وأحضرت لهم القهوة ورحبت بهم: قالوا إنما جئناك نناقشك في تحليلك الرضاعة وقد حرمها الله في القرآن، وحرمها رسوله بقوله: يحرم بالرضاعة ما يحرم بالنسب، وكذلك حرمها الإمام مالك.
قلت: يا سادتي أنتم ما شاء الله ثمانية وأنا واحد فإذا تكلمت مع الجميع فسوف لن أقنعكم وتضيع المناقشة في الهامشيات، وإنما اقترح عليكم اختيار أحدكم حتى أتناقش معه وأنتم تكونون حكما بيني وبينه!.
وأعجبتهم الفكرة واستحسنوها، وسلموا أمرهم إلى المرشد الديني قائلين أنه أعلمهم وأقدرهم، وبدأ السيد يسألني كيف أحلل ما حرم الله ورسوله والأئمة؟!
قلت: أعوذ بالله أن أفعل ذلك! ولكن الله حرم الرضاعة بآية مجملة ولم يبين تفصيل ذلك وإنما أوكل ذلك إلى رسوله فأوضح مقصود الآية بالكيف والكم.
قال: فإن الإمام مالك يحرم الرضاعة من قطرة واحدة.
قلت: أعرف ذلك، ولكن الإمام مالك ليس حجة على المسلمين وإلا فما هو قولك بالأئمة الآخرين؟.
أجاب: رضي الله عنهم وأرضاهم فكلهم من رسول ملتمس.
قلت: فما هي إذن حجتك عند الله في تقليدك الإمام مالك الذي يخالف رأيه نص الرسول صلى الله عليه وآله؟.
قال محتارا: سبحان الله أنا لا أعلم أن الإمام مالكا إمام دار الهجرة يخالف النصوص النبوية، وتحير الحاضرون من هذا القول، واستغربوا مني هذه الجرأة على الإمام مالك والتي لم يعهدوها من قبل في غيري، واستدركت قائلا: هل كان الإمام مالك من الصحابة؟ قال: لا، قلت: هل كان من التابعين؟ قال:
لا، وإنما هو من تابعي التابعين.
قلت: فأيهما أقرب هو أم الإمام علي بن أبي طالب (ع)؟.
قال: الإمام علي أقرب فهو من الخلفاء الراشدين، وتكلم أحد الحاضرين قائلا: سيدنا علي كرم الله وجهه هو باب مدينة العلم.
فقلت: فلماذا تركتم باب مدينة العلم واتبعتم رجلا ليس من الصحابة ولا من التابعين وإنما ولد بعد الفتنة وبعدما أبيحت مدينة رسول الله لجيش يزيد وفعلوا فيها ما فعلوا وقتلوا خيار الصحابة وانتهكوا فيها المحارم، وغيروا سنة الرسول ببدع ابتدعوها، فكيف يطمئن الإنسان بعد ذلك إلى هؤلاء الأئمة الذين رضيت عنهم السلطة الحاكمة لأنهم أفتوها بما يلائم أهواءهم.
وتكلم أحدهم وقال: سمعنا أنك شيعي تعبد الإمام عليا فلكزه صاحبه الذي كان بجانبه لكزة أوجعته وقال له: أسكت أما تستحي أن تقول مثل هذا القول لرجل فاضل مثل هذا وقد عرفت العلماء وحتى الآن لم تر عيني مكتبة مثل هذه المكتبة، وهذا الرجل يتكلم عن معرفة ووثوق بما يقول!.
أجبته قائلا: أنا شيعي هذا صحيح ولكن الشيعة لا يعبدون عليا وإنما عوض أن يقلدوا الإمام مالكا فهم يقلدون الإمام عليا لأنه باب مدينة العلم حسب شهادتكم، قال المرشد الديني: وهل حلل الإمام علي زواج الرضيعين؟.
قلت: لا ولكنه يحرم ذلك إذا بلغت الرضاعة خمس عشرة رضعة مشبعات ومتواليات، أو ما أنبت لحما وعظما.
وتهلل وجه والد الزوجة وقال: الحمد لله فابنتي لم ترضع إلا مرتين أو ثلاث مرات فقط، وإن في قول الإمام علي هذا مخرجا لنا من هذه الورطة ورحمة لنا من الله بعد أن يئسنا.
فقال المرشد: أعطنا الدليل على هذا القول حتى نقتنع; فأعطيتهم كتاب منهاج الصالحين للسيد الخوئي، وقرأ هو بنفسه عليهم باب الرضاعة، وفرحوا بذلك فرحا عظيما وخصوصا الزوج الذي كان خائفا أن لا يكون لدي الدليل المقنع وطلبوا مني إعارتهم الكتاب حتى يحتجوا به في قريتهم فسلمته إليهم وخرجوا مودعين داعين معتذرين.
وبمجرد خروجهم من بيتي التقى بهم أحد المناوئين وحملهم إلى بعض علماء السوء فخوفوهم وحذروهم بأني عميل لإسرائيل وأن كتاب منهاج الصالحين الذي أعطيتهم إياه كله ضلالة وأن أهل العراق هم أهل الكفر والنفاق وأن الشيعة مجوس يبيحون نكاح الأخوات فلا غرابة إذن في إباحتي لهم نكاح الأخت من الرضاعة إلى غير ذلك من التهم والأراجيف وما زال بهم يحذرهم حتى ارتدوا على أعقابهم وانقلبوا بعد اقتناعهم، وأجبروا الزوج على أن يتقدم بدعوى عدلية للطلاق لدى المحكمة الابتدائية في قفصة وطلب منهم رئيس المحكمة أن يذهبوا إلى العاصمة ويتصلوا بمفتي الجمهورية ليحل هذا الإشكال، وسافر الزوج وبقي هناك شهرا كاملا حتى تمكن من مقابلته وقص عليه قصته من أولها إلى آخرها وسأله مفتي الجمهورية عن العلماء الذين قالوا بحلية الزواج وصحته فأجاب الزوج بأنه ليس هناك من قال بحليته غير شخص واحد هو التيجاني السماوي، وسجل المفتي اسمي وقال للزوج: إرجع أنت وسوف أبعث أنا برسالة إلى رئيس المحكمة في قفصة، وبالفعل جاءت الرسالة من مفتي الجمهورية وأطلع عليها وكيل الزوج وأعلمه بأن مفتي الجمهورية حرم ذلك الزواج.
هذا ما قصه على زوج المرأة الذي بدا عليه الضعف والإرهاق من كثرة التعب وهو يعتذر إلى مما سببه لي من إزعاج وحرج، فشكرته على عواطفه متعجبا كيف يبطل مفتي الجمهورية الزواج القائم في مثل هذه القضية، وطلبت منه أن يأتيني برسالته التي بعثها إلى المحكمة حتى أنشرها في الصحف التونسية وأبين أن مفتي الجمهورية يجهل المذاهب الإسلامية ولا يعرف اختلافهم الفقهي في مسألة الرضاعة.
فقال الزوج أنه لا يمكنه أن يطلع على ملف قضيته فضلا عن أن يأتيني برسالة منه، وافترقنا.
وبعد بضعة أيام جاءتني دعوة من رئيس المحكمة يأمرني فيها بإحضار الكتاب والأدلة على عدم بطلان ذلك الزواج بين (الرضيعين)!، وذهبت محملا بعدة مصادر انتقيتها مسبقا ووضعت في كل منها بطاقة في باب الرضاعة ليسهل تخريجه في لحظة واحدة، وذهبت في اليوم والساعة المذكورين واستقبلني كاتب المحكمة وأدخلني إلى مكتب الرئيس وفوجئت برئيس المحكمة الابتدائية ورئيس محكمة الناحية ووكيل الجمهورية ومعهم ثلاثة أعضاء وكلهم يرتدون لباسهم الخاص للقضاء وكأنهم في جلسة رسمية، ولاحظت أيضا أن زوج المرأة يجلس في آخر القاعة قبالهم، وسلمت على الجميع فكانوا كلهم ينظرون إلي باشمئزاز واحتقار ولما جلست خاطبني الرئيس بلهجة خشنة قائلا:
- أنت هو التيجاني السماوي؟ قلت: نعم.
- قال: أنت الذي أفتيت بصحة الزواج في هذه القضية؟.
- قلت: لا لست أنا بمفت، ولكن الأئمة وعلماء المسلمين هم الذين أفتوا بحليته وصحته!.
- قال: ومن أجل ذلك دعوناك، وأنت الآن في قفص الاتهام، فإذا لم تثبت دعواك بالدليل فسوف نحكم بسجنك وسوف لن تخرج من هنا إلا إلى السجن.
وعرفت وقتها أنني بالفعل في قفص الاتهام، لا لأنني أفتيت في هذه القضية، ولكن لأن بعض علماء السوء حدث هؤلاء الحكام بأنني صاحب فتنة وأنني أسب الصحابة وأبث التشيع لآل البيت النبوي، وقد قال له رئيس المحكمة إذا أتيتني بشاهدين ضده فسألقيه في السجن.
أضف إلى ذلك أن جماعة من الإخوان المسلمين استغلوا هذه الفتوى وروجوا لدى الخاص والعام أنني أبيح نكاح الأخوات وهو قول الشيعة على زعمهم!.
كل ذلك عرفته من قبل وتيقنته عندما هددني رئيس المحكمة بالسجن فلم يبق أمامي إلا التحدي والدفاع عن نفسي بكل شجاعة فقلت للرئيس:
- هل لي أن أتكلم بصراحة وبدون خوف، قال:
- نعم تكلم فأنت ليس لك محام.. قلت:
- قبل كل شئ أنا لم أنصب نفسي للإفتاء، ولكن ها هو زوج المرأة أمامكم فاسألوه، فهو الذي جاءني إلى بيتي يطرق بابي ويسألني، فكان واجبا علي أن أجيبه بما أعلم وقد سألته بدوري عن عدد الرضعات ولما أعلمني بأن زوجته لم ترضع غير مرتين أعطيته وقتها حكم الإسلام فيها، فلست أنا من المجتهدين ولا من المشرعين.
قال الرئيس: عجبا، أنت الآن تدعي أنك تعرف الإسلام ونحن نجهله! قلت: أستغفر الله أنا لم أقصد هذا، ولكن كل الناس هنا يعرفون مذهب الإمام مالك ويتوقفون عنده، وأنا فتشت في كل المذاهب ووجدت حلا لهذه القضية.
قال الرئيس: أين وجدت الحل؟ قلت:
- قبل كل شئ هل لي أن أسألكم سؤالا يا سيدي الرئيس؟.
- قال: إسأل ما تريد.
- قلت: ما قولكم في المذاهب الإسلامية؟.
- قال كلها صحيحة، فكلهم من رسول الله ملتمس، وفي اختلافهم رحمة.
- قلت: فارحموا إذن هذا المسكين (مشيرا إلى زوج المرأة) الذي قضى الآن أكثر من شهرين وهو مفارق لزوجه وولده بينما هناك من المذاهب الإسلامية من حل مشكلته.
فقال الرئيس مغضبا:
- هات الدليل وكفاك تهريجا، نحن سمحنا لك بالدفاع عن نفسك فأصبحت محاميا لغيرك.
فأخرجت له من حقيبتي كتاب منهاج الصالحين للسيد الخوئي وقلت: هذا مذهب أهل البيت وفيه الدليل، فقاطعني قائلا: دعنا من مذهب أهل البيت فنحن لا نعرفه ولا نؤمن به.
كنت متوقعا هذا ولذلك أحضرت معي بعد البحث والتنقيب عدة مصادر لأهل السنة والجماعة كنت رتبتها حسب علمي فوضعت البخاري في المرتبة الأولى ثم صحيح مسلم وبعده كتاب الفتاوى لمحمود شلتوت وكتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد، وكتاب زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي وعدة مصادر أخرى من كتب (أهل السنة) ولما رفض الرئيس أن ينظر في كتاب السيد الخوئي سألته عن الكتب التي يثق بها، قال: البخاري ومسلم.
وأخرجت صحيح البخاري وفتحته على الصفحة المعينة وقلت: تفضل يا سيدي إقرأ.
- قال: إقرأ أنت؟ وقرأت: حدثنا فلان عن فلان عن عائشة أم المؤمنين قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يحرم من الرضعات إلا خمسا فما فوق.
وأخذ الرئيس مني الكتاب وقرأ بنفسه وأعطاه إلى وكيل الجمهورية بجانبه فقرأ هو الآخر وناوله لمن بعده في حين أخرجت صحيح مسلم وأطلعته على نفس الأحاديث ثم فتحت كتاب الفتاوى لشيخ الأزهر شلتوت وقد ذكر هو الآخر اختلافات الأئمة في مسألة الرضاعة فمنهم من ذهب إلى القول بأن المحرم ما بلغ خمس عشرة رضعة ومنهم من قال بسبعة ومنهم من حرم فوق الخمسة عدا مالك الذي خالف النص وحرم قطرة واحدة ثم قال شلتوت: وأنا أميل إلى أوسط الآراء فأقول سبعا فما فوق، وبعد ما اطلع رئيس المحكمة على ذلك قال:
يكفي. ثم التفت إلى زوج المرأة وقال له: إذهب الآن وآئتني بوالد زوجتك ليشهد أمامي بأنها رضعت مرتين أو ثلاثا وسوف تأخذ زوجتك معك هذا اليوم..
وطار المسكين فرحا، واعتذر وكيل الجمهورية وبقية الأعضاء الحاضرين للالتحاق بأعمالهم وأذن لهم الرئيس، ولما خلا بنا المجلس التفت إلي معتذرا وقال: سامحني يا أستاذ لقد غلطوني فيك وقالوا فيك أشياء غريبة وأنا الآن عرفت أنهم حاسدون ومغرضون يريدون بك شرا.
وطار قلبي فرحا بهذا التحول السريع وقلت: الحمد لله الذي جعل نصري على يديك يا سيدي الرئيس، فقال: سمعت بأن عندك مكتبة عظيمة فهل يوجد فيها كتاب حياة الحيوان الكبرى للدميري؟.
قلت: نعم، فقال: هل تعيرني إياه، فقد مضى عامان وأنا أبحث عنه:
قلت: هو لك يا سيدي متى أردت، قال: هل عندك وقت يسمح لك بالمجئ إلى مكتبتي لنتحدث وأستفيد منك.
قلت: أستغفر الله فأنا الذي أستفيد منك، فأنت أكبر مني سنا وقدرا،
وعندي أربعة أيام راحة في الأسبوع وأنا رهن إشارتك.
واتفقنا على يوم السبت من كل أسبوع لأنه ليس له جلسات للمحكمة في ذلك اليوم.
وبعدما طلب مني أن أترك له كتابي البخاري ومسلم وكتاب الفتاوى لمحمود شلتوت لكي يحرر منها النص قام بنفسه وأخرجني من مكتبه مودعا.
وخرجت فرحا أحمد الله سبحانه على هذا النصر وقد دخلت خائفا مهددا بالسجن وخرجت وقد انقلب رئيس المحكمة إلى صديق حميم يحترمني ويطلب مني مجالسته ليستفيد مني، إنها بركات طريق أهل البيت الذين لا يخيب من تمسك بهم ويأمن من لجأ إليهم.
وتحدث زوج المرأة في قريته وشاع الخبر في كل القرى المجاورة بعد ما رجعت المرأة إلى بيت زوجها وانتهت القضية بحلية الزواج، فأصبح الناس يقولون بأني أعلم من الجميع وأعلم حتى من مفتي الجمهورية.
وقد جاء زوج المرأة إلى البيت ومعه سيارة كبيرة ودعاني إلى القرية أنا وكل عائلتي وأعلمني أن كل الأهالي ينتظرون قدومي وسيذبحون ثلاثة عجول لإقامة الفرج واعتذرت إليه بسبب انشغالي في قفصة وقلت له: سوف أزوركم مرة أخرى إن شاء الله.
وتحدث رئيس المحكمة إلى أصدقائه واشتهرت القضية ورد الله كيد الكائدين وجاء بعضهم معتذرين وقد فتح الله بصيرة البعض منهم فاستبصروا وأصبحوا من المخلصين، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

🎉 لقد انتهيت من قراءة ثم اهتديت مكتملة 🎉
ثم اهتديت مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن