#الحلقة_الخامسة
و عرفت قدري و امتثلت للأوامر و النصائح ، و قربني الشيخ منه أكثر ، و أقمت عنده ثلاثة أيام كنت أسأل خلالها أسئلة عديدة بعضها للاختبار و كان الشيخ يعرف ذلك مني فيجيبني قائلا بأن للقرآن ظاهرا و باطنا إلى سبعة أبطـن كما فتح لي خزانته و أطلعني على كراسه الخاص و الذي فيه سلسلة الصالحين و العارفين مسندة و متصلة منه إلى أبي الحسن الشاذلي مرورا بعدة أولياء مـذكورين إلى أن
يصل السند إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم االله وجهه و رضي االله عنه .و لا يفوتني أن أذكر هنا بأن الحلقات التي يقيمونها كانت روحية إذ يفتتحها الـشيخ بقراءة ما تيسر من كتاب االله المجيد تلاوة و تجويدا ثم بعد فراغـه يبـدأ بمطلـع القصيدة و يتبعه المريدون الذين يحفظون المدائح و الأذكار و أكثرها ذم للـدنيا و ترغيب في الآخرة و فيها زهد و ورع بعد ذلك يعيد المريد الأول الجالس علـى يمين الشيخ قراءة ما تيسر من القرآن و عندما يقول صدق االله العظيم يبدأ الشيخ مطلعا من قصيدة جديدة و يشارك الجميع في إنشادها و هكذا يتناوب الحاضرون و لو بآية واحدة يشاركون بها إلى أن يأخذ الحال الحاضرين فيتمـايلون يمينـا و شمالا على رنات تلك المدائح إلى أن ينهض الشيخ و ينهض معه المريدون فتكون حلقة هو قطبها و يبدؤون بذكر إسم الصدر قائلين آه . آه . آه . آه . و الشيخ يدور وسطهم متوجها في كل مرة إلى واحد منهم حتى يحمى الوطيس و تـصبح الحركات و الشطحات شبيهة بدق الطبول و يقفز البعض في حركات جنونية و ترتفع الأصوات في نغمة منسقة و لكنها مزعجة إلى أن يعود الهدوء بعد عنـاء وتعب ، بقصيدة ختامية للشيخ فيجلس الجميع بعد ما قبلوا رأس الشيخ و أكتافـه بالتداول ، و قد شاركتهم بعض هذه الشطحات محاكيا لهم في غير قناعة مـني ووجدت نفسي متناقضاً مع العقيدة التي تبنيتها و هي عـدم الإشـراك أي عـدم التوسل بغير االله فسقطت على الأرض جاهشا بالبكاء متحيرا مشتتا بين تيـارين متناقضين ، تيار الصوفية و هي أجواء روحية يعيشها الإنـسان فـتملأ أعماقـه بشعور الرهبة و الزهد و التقرب إلى االله عن طريق أوليائه الـصالحين و عبـاده العارفين ، و تيار الوهابية الذي علمني أن ذلك كله شرك بـاالله ، و الـشرك لا يغفره الله
و إذا كان محمد رسول االله ( صلى االله عليه و آلـه ) ، لا ينفع و لا يتوسل به إليـه سبحانه فما قيمة هؤلاء الأولياء و الصالحين بعده ؟ ! .وبالرغم من المنصب الجديد الذي نصبني فيه الشيخ ، إذ أصبحت وكيله في قفصة لم أكن مقتنعا كليا في داخلي و إن كنت أميـل أحيانـا إلى الطـرق الصوفية ، و أشعر دائما أني أكن لها احتراما و مهابة مـن أجـل أوليـاء االله و الصالحين من عباده ولكني أكابر و أجادل محتجا بقوله تعالى :
{ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ..... } و إذا قال لي قائل أن الله تعالى يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ... }أرد عليه بسرعة كما علمني علماء الـسعودية " الوسيلة هي العمل الصالح " ، و المهم أنني عشت تلك الفترة مضطربا مـشوش الفكر ، و قد يتوافد علي في بيتي بعض المريدين فنحيي سهرات منتظمة و نقـيم العمارة .
و بدأ الجيران يتذمرون من الأصوات المزعجة التي تبعث مـن حناجرنـا بذكر ( آه ) ، و لكنهم لا يجاهرون لي بذلك غير أنهم يشتكون لـزوجتي عـن طريق نسائهم ، و لما علمت بذلك طلبت من المجموعة أن يقيمـوا الحلقـات في
أحد منازلهم ، و اعتذرت بأنني سوف أسافر إلى الخارج لمدة ثلاثة أشهر . . . وودعت الأهل و الأقارب و قصدت ربي متوكلا عليه .
لا أشرك به شيئا .....
أنت تقرأ
ثم اهتديت مكتملة
General Fictionقصتنا "ثم اهتديت" قصة تحكي عن رحلة اكتشاف جديد في دنيا المعتقدات في خضم المدارس المذهبية والفلسفات الدينية عالم من اخواننا اهل السنة أبصر طريق النور بسبب موقف ونظرة واحدة قلبت حياته رأسا على عقب تابعوها معنا 💚 ثم_اهتديت_،_الدكتور_التيجاني_السماوي.