١١

157 27 0
                                    

#الحلقة_الحادية_عشر

وما أن يدخل الواحد منهم حتى يجهش بالبكاء ، و تساءلت في داخلـي أيمكن أن تكون هذه الدموع كاذبة ؟ أيمكن أن يكون هؤلاء الطاعنون في الـسن مخطئين ؟

خرجت متحيرا مندهشا مما شاهدته بينما كان صديقي يرجـع أدراجـه احتراما لئلا يعطي المقام ظهره .

سألته : من هو صاحب هذا المقام ؟ .
قال : الإمام موسى الكاظم .
قلت : و من هو الإمام موسى الكاظم ؟ .
قال : سبحان االله !

أنتم إخواننا أهل السنة و الجماعة تـركتم اللـب وتمسكهم بالقشور .

قلت غاضبا منقبضا : كيف تمسكنا بالقشور و تركنا اللب ؟ .

فهدأني وقال : يا أخي أنت منذ دخلت العراق لا تفتأ تذكر عبد القـادرالجيلاني فمن هو عبد القادر الجيلاني الذي استوجب كل اهتمامك ! ؟ .

أجبت على الفور و بكل فخر :

هو من ذرية الرسول ، و لو كان نبي بعد محمد لكان عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه ! .

قال : يا أخ السماوي هل تعرف التاريخ الإسلامي ؟ .

وأجبت في غير تردد بنعم !

و في الحقيقة ما عرفت من التاريخ الإسلامي قليلا و لا كثيرا لان أساتذتنا و معلمينا كانوا يمنعوننا من ذلك مدعين بأنه تاريخ أسود مظلم لا فائدة من قراءته ، و أذكر على سبيل المثال أن الأستاذ المختص في تدريسنا کتاب نهج البلاغة للامام علي عليه السلام الخطبة الشقشقية، و احترت كما احتار عدد من التلاميذ عند قراءتها ، و تجرأت و سألته إن كان هذا من كلام الإمام علي حقا ، فأجاب :

" قطعا و من لمثل هذه البلاغـة سواه .

ولو لم يكن كلامه كرم االله وجهه ، لم يكن علماء المسلمين أمثال الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية ليهتم بشرحه " .

عند ذلك قلت : إن الإمام علي يتهم أبا بكر و عمر بأنهما اغتصبا حقـه في الخلافة فثارت ثائرة الأستاذ و انتهرني بشدة و هددني بالطرد إن عدت لمثـل هذا السؤال ، و أضاف قائلا :

نحن ندرس بلاغة و لا ندرس التاريخ و ما يهمنا شيئا من أمر التاريخ الذي سودت صفحاته الفتن و الحروب الدامية بين المسلمين و كما طهر االله سيوفنا من دمائهم فلنطهر ألسنتنا من شتمهم .

و لم أقنع بهذا التعليل و بقيت ناقما على ذلك الأستاذ الذي يدرسنا بلاغة بدون معان ، و حاولت مرارا عديدة دراسة التاريخ الإسلامي و لكن لم تتـوفر عندي المصادر و الإمكانات لتوفير الكتب ، و ما وجدت أحدا من شـيوخنا وعلمائنا يهتم بها و كأنهم تصافقوا على طيها و عدم النظر فيها ، فلا تجد أحـدا يملك كتابا تاريخيا كاملا .

فلما سألني صديقي عن معرفة التاريخ أحببت معاندته فأجبته بنعم و لسان حالي يقول :

أعرف أنه تاريخ مظلم مسود لا فائدة فيه ، إلا الفتن و الأحقـاد والتناقضات .

قال :هل تعرف متى ولد عبد القادر الجيلاني ، في أي عصر ؟

قلت :حسب التقريب في القرن السادس أو القرن السابع .

قال : فكم بينـه وبين رسول االله ( صلى االله عليه و آلـه ) ؟

قلت ستة قرون .

قال : فإذا كان القـرن فيـه جيلان على أقل تقدير فيكون نسبة عبد القادر الجيلاني للرسول بعد إثني عـشر جداً ، قلت نعم !

قال : فهذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بـن فاطمة الزهراء يصل نسبه إلى جده رسول االله بعد أربعة أجداد فقط .

أو بالأحرى فهو من مواليد القرن الثاني للهجرة فأيهما أقرب إلى رسـول االله موسى أم عبد القادر ؟ 

بدون تفكير قلت : هذا أقرب طبعا !

و لكن لماذا نحن لا نعرفـه و لانسمع بذكره ؟

قال : هذا هو بيت القصيد و لذلك قلت بأنكم - و اسمح لي أن أعيدها تركتم اللب و تمسكتم بالقشور فلا تؤاخذني و أرجوك المعذرة.

ثم اهتديت مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن