١٠

159 26 0
                                    

#الحلقة_العاشرة

                عبد القادر الجيلاني و موسى الكاظم

ذهبنا بعد الفطور إلى باب الشيخ و رأيت المقام الذي طالما تمنيت زيارته ،وهرولت كأني مشتاق لرؤيته ودخلت أتلهف كأني سوف أرتمي في أحضانه وصديقي يتبعني أينما رحت ، واختلطت بالزوار الذين يتراكمون علـى المقـامتراكم الحجاج على بيت االله الحرام و منهم من يلقي قبضات مـن الحلـوى والزوار يتسابقون لالتقاطها و أسرعت لأخذ اثنتين منها أكلت إحداها على الفورللبركة و خبأت الأخرى في جيبي للذكرى ...

صليت هناك و دعوت بما تيـسر لي وشربت الماء و كأني أشرب من ماء زمزم ، و رجوت صديقي أن ينتظرني ريثماأكتب إلى أصدقائي في تونس بعض البطاقات البريدية التي اشتريتها من هنـاك وتمثل كلها صورة مقام الشيخ عبد القادر بالقبةالخـضراء ، وأردت بـذلك أنأبرهن لأصدقائي و أقاربي في تونس عن علو همتي التي أوصلتني لذلك المقام الذيلم يصلوا إليه .

بعد ذلك تناولنا طعام الغداء في مطعم شعبي وسط العاصمة ، ثم أخـذني صديقي في سيارة أجرة إلى الكاظمية ، عرفت هذا الاسم من خلال مـا ذكـره صديقي لسائق السيارة وصلنا إليها و ما أن نزلنا من السيارة نتمشى حتى اختلطنابمجموعات كبيرة من الناس يمشون في نفس الاتجاه نساء و رجـالا و أطفـالا ويحملون بعض الأمتعة ، ذكرني ذلك بموسم الحج و لم أكن بعد أعـرف وجهـةالمكان المقصود حتى تراءت لي قباب و مآذن ذهبية يأخذ إشعاعها بالأبـصار ، وفهمت أنه مسجد من مساجد الشيعة لسابق علمي بأنهم يزخرفون مـساجدهم بالذهب والفضة التي حرمها الإسلام ، و شعرت بحرج في الدخول إليها ، غـير أنـني
-مراعاة لعواطف صديقي -
اتبعته من غير اختيار .

دخلنا من الباب الأول و بدأت ألاحظ تمسح الشيوخ بالأبواب و تقبيلـها، وسليت نفسي بقراءة لوحة كبيرة كتب عليهـا " ممنـوع دخـول النـساءالسافرات "
مع حديث للإمام علي يقول فيه :

" يأتي على الناس زمان يخرج فيهالنساء كاسيات عاريات . . إلى آخره " ، وصلنا إلى المقام و بينما كان صديقييقرأ إذن الدخول كنت أنظر إلى الباب و أعجب من هذا الذهب و النقوش التيتملا صفحاته و كلها آيات قرآنية .

دخل صديقي و دخلت خلفه وأنا على حذر تجول بخاطري عدة أساطيرقرأتها في بعض الكتب التي تكفر الشيعة و رأيت داخل المقام نقوشا و زخرفـة لمتخطر على بالي و دهشت لما رأيت وتصورت نفسي في عالم غير مـألوف و لامعروف ، و من حين إلى آخر أنظر بإشمئزاز إلى هؤلاء الذين يطوفـون حـولالضريح باكين مقبلين أركانه وقضبانه بينما يصلي البعض الآخر قرب الضريح ،واستحضرت في خاطري حديث الرسول ( صلى االله عليه و آله ) وهو يقول :

" لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أوليائهم مساجد " .

وابتعدت عن صديقي الذي ما أن دخل حتى أجهش بالبكـاء ثم تركتـه يصلي واقتربت من اللوحة المكتوبة للزيارة و هي معلقة على الضريح و قرأتها ولم أفهم الكثير منها بما حوته من أسماء غريبة عـني أجهلـها ،ابتعدت في زاوية و قرأت الفاتحة ترحماً على صاحب الضريح قائلا :

" اللـهم إنكان هذا الميت من المسلمين فأرحمه فأنت أعلم به مني " .

واقترب مني صديقي و همس في أذني قائلا :

إن كانت لـديك حاجـةفاسأل الله في هذا المكان لأننا نسمية باب الحوائج و ما أعطيـت أهميـة لقولـه سامحني الله، بل كنت أنظر إلى الشيوخ الطاعنين في السن و علـى رؤوسـهمعمائم بيض و سود و في جباههم آثار السجود ، و زاد في هيبتهم تلك اللحـىالتي أعفوها و تنطلق منها روائح طيبة و لهم نظرات حادة مهيبة.

ثم اهتديت مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن