يسمحون لأوجاعهم أن تبكي ويتهموننا بها ولا يحق لنا نحن أن نتوجع
*
لم يكن يوما لأتخيل موتها أو مرضها أو ألمها أي شيء إلا هي أي أحد إلا تلك
أنا ... نعم حتى أنا أما هي فلا
نزلت ركضا بعدما وصلت في وقت قياسي بسبب سرعتي الجنونية وصعدت السلالم وطرقت باب تلك الشقة بعنف ونسي عقلي أن يخبرني أنني أملك المفتاح , فتحت لي أول المفاجَئِين بقدومي أنا تحديداً وفي هذا الوقت بالذات لتقول بصدمة " نواس !! "
اجتزتها وكأني أدفعها دفعاً من أمامي وتوجت من فوري لغرفتها وفتحت الباب بقوة ليهالني منظرها متكورة على الأرض تئن بألم ممسكة لمعدتها وشقيقتها تحاول التحدث معها وفهم ما بها وأنا لا أستمع سوى لأنينها المتألم المختلط بالبكاء المكتوم
نظرت لي فرح بصدمة وكأن هذا الرجل مكانه في هذا المنزل أمر مستحيل فألجمتها الصدمة وأنستهارسيل الشتائم التي كانت تتوعدني به ما أن تراني
دخلت دون أي تردد أو تراجع ودون أن تتحول عيناي عنها ولا برمشه صغيرة , توجهت نحوها لأمارس حق المسئول عنها , لم أتحدث معها ولم أحاول سؤالها ما بك أجيبي ؟! بما تشعرين !! هل آخذك للمستشفى
كل ما فعلته تلك اللحظة أن حملتها من الأرض بين ذراعي كما حملتها طفلة في ذاك اليوم وهي مريضة بالحمى لأوصلها لدكان والدها ليأخذها للمستشفى , لم أكن أحمل لها ذاك الوقت أي مشاعر غير مولودة لخالتي بين يداي
ها قد أعاد التاريخ نفسه وحملتها اليوم ليس كحملي لها ذاك اليوم وليس بمشاعر كمشاعري تلك اللحظات حتى خوفي عليها كان مختلفا
يقولون أنه بقدر الحب يكون الجرح فهل بقدر الجرح يزيد الحب ! هل تصح هذه المعادلة الآن أم هي المسئولية على عاتقي ليس إلا
نزلت بها للسيارة وضعتها في الكرسي بجانبي وغادرت بها كما جئت بأقصى ما أستطيع من سرعة ونظري عليها أكثر من الطريق وهي تحضن خصرها بشدة وتتكئ على زجاج النافذة عند أبعد نقطة لها عني لتحاول كتم أنينها وإخفاء دموعها التي بقيت وحدها تعبر عن كل ذاك الألم
لم أحاول التحدث معها سوى مرة واحدة حين ناديتها باسمها ولم تجيب فلذت بالصمت فأنا أكثر من يقرأ صمتها قبل حروفها , كانت المرة الأولى التي أناديها باسمها ولا تجيبني فعلمت حينها أن أول الخيوط الرفيعة بدأ ينقطع ( هنيئا لك أيها القدر المرير )
كانت تلك أولى الجمل التي حدثتني بها نفسي حينها وأنا موقن أنها لن تكون التهنئة الأخيرة له
وصلت بها للمستشفى وجلست أنتظر في صمتي وهدوئي المعتاد ولا يعلم ما يحدث في داخلي من ضجيج غير قلبي , آخر ما كنت أتصوره أن تمرض وسن يوم مرض الوسن , أن تمرض الفرس وفارستها
في ذات الوقت , أن يضربانني بخنجرين في ذات اليوم وذات المكان , بعد لحظات دخل جواد وفرح ووالدتها مسرعين نحوي لأتذكر حينها فقط أني تركت عائلتها خلفي ولم أفكر حتى في جلبهم معي
*
*
كنت أتصور أن يؤثر وقع الخبر على وسن لكني لم أتخيل أن يكون هكذا , تصورت أن يغمى عليها أن تصرخ وتبكي بهستيرية على غير عادتها لكن ما حدث معها صعقني وفتت قلبي وأنا أراها تتلوى على الأرض من الألم , سحقا لهذا الشيء البغيض المسمى حب
وصل ذاك المغرور وأخذها من بيننا دون حتى أن يسأل إن كنا نريد الذهاب معه متهكم يضنها ستبقى دائما شيء يخصه هو ويتحكم به ويعجز عن مجرد فهم أسبابها وتفهم ما كانت تمر به وكأنه يستمتع بتعذيبها وهي ترتجي منه الصفح والغفران
لكني أعرف شقيقتي جيدا ما أن يخرج وحش القوة من داخلها ستنسفه وتنسف مشاعرها معه وأتمنى أن يكون ذلك قريبا
كم تمنيت أن قطعت إصبعي الذي اتصل به بالخطأ بدلا عن جواد , لكن ليس الآن لن أقطعه لأني سأشير به لوجهه يوما وأنا أخبره بأنه هو من أضاعها منه ولا يبحث عنها مجددا
اتصلت بجواد فجاء بسرعة لأخذنا حيث طار بها ذاك المغرور , وصلنا عنده وكل واحد منا يلقي سؤاله بصيغة مختلفة وفي نفس وقت فقال بضيق " لا تتحدثوا جميعكم لم أفهم منكم شيئا "
تمتمت حينها بكره " مغرور ولن تتغير أبدا "
نظر لي من فوره وكأنه قرأ همسي أو فهمه فأشحت بنظري عنه وقلت ببرود " ماذا قال الطبيب عن نتائج أفعالك بها "
كنت أعلم أن رجلا كنواس ما كانت لتستفزه كلمات من فتاة في نظره مجرد مراهقة في ثوب امرأة فهذا رأيه بي دائما , نظر جهة والدتي وقال بجدية " ماذا حدث ؟! كيف مرضت وهل هي المرة الأولى "
نظرت لي من فورها فاستلمت مهمة الإجابة عنها قائلة " ليس من مصلحة أحد وأولهم وسن أن تعلم كيف ولما مرضت "
نظر لي بجمود وبدون تعليق لأنه فهم الجواب فأنا من غبائي قدمته له جاهزاً , عاد بنظره لوالدتي وقال " هل هي المرة الأولى "
ما أن فتحت فمها لتتحدث حتى قفز واقفا لأنه يرى ما يحدث خلف ظهورنا وهو خروج الطبيب من غرفتها نظرنا جميعنا باتجاهه فقال بهدوء " من ولي الفتاة والمسئول عنها "
قال نواس من فوره " أنا "
قال مبتعدا بخطواته " اتبعني من فضلك "
سار خلفه ولحقنا به جميعنا ودخل معه لغرفة الطبيب وبقينا نحن في الخارج وكأنه وحده الأحق بمعرفة ما بها
*
*
جلست أمامه محاولا اختراق عينيه وفهم ما يجري لما لم يقل مجرد ألم بسيط وأعطيناها مهدئ وستغادر معكم , لما لم يقل سوء تغذية أو إرهاق بسيط أو حت انهيار عصبي بدلا من الاختلاء بي هكذا هل سيصفعني هو أيضا على قلبي كما فعل بي الطبيب البيطري اليوم وهوا يخبرني أنه علينا نقل الوسن للعيادة
قلت بتردد " ماذا هناك أيها الطبيب "
تنهد وقال " ما صلة قرابتك بها ؟ هل أنت زوجها "
ابتسمت بألم وقلت " لا ولكني وليها القانوني وأنا ابن خالتها "
قال من فوره " أريد من يجيبني عن بعض الأسئلة أعني شخص يعيش معها "
وقفت في صمت وخرجت لهم وقلت ناظرا لزوجة والدها " هلا دخلتي معي يا خالة "
نظرت لابنتها ثم لي وقالت " بالتأكيد "
دخلت وهي تتبعني وجلسنا أمام الطبيب الذي قال من فوره " هل عانت من هذه التقلصات والآلام سابقا "
قالت بعد صمت " أمامي لم يحدث "
قال " هل تشتكي من معدتها دائما "
قالت " لا "
قال مباشرة " هل تتقيأ دائما هل تلازمها نوبات إسهال هل ؟ لاحظتم شيئا "
قالت بحيرة " لا أعلم "
قال بنفاذ صبر " ومن سيعلم ألستِ تعيشين معها
أحضروا لي من يملك أجوبة لو سمحتم "
قالت من فورها " لا أحد يملك جواب ما تريد لأن وسن لم تشتكي حياتها من شيء إن شعرت بالألم أو الحزن سجنت نفسها في سريرها ولا شيء ولا حتى بكاء ولا كلام فمن سيجيبك "
تنهد وقال " كما توقعت إذاً "
خرجت من صمتي وقلت " كما توقعت ماذا ؟! أخبرني ما بها "
نظر جهة زوجة والدها وقال " ما ملاحظاتك على طعامها "
صمتت لبرهة تفكر ثم قالت " أحياننا ترفض الطعام "
قال " هل ترفض أكله نهائيا أم تجلس على الطاولة ثم تغادر "
أجابت من فورها " لا ترفضه نهائيا "
كتب شيئا في الورقة أمامه ثم نظر لها وقال " أخبرتني أنها تنزوي على نفسها عند الحزن فكم يطول ذاك معها وكم يتكرر "
نظرت جهتي ثم قالت " ليلة كاملة "
قال من فوره " كيف تعبر عن انفعالاتها أحياننا "
هزت رأسها وقالت " بلا شيء فقط تقول أنها تريد النوم لم يسبق حتى أن اشتكت في حياتها مما يضايقها وعند الصباح تبتسم وتتحدث وكأن شيء لم يكن "
حك حاجبه بقلمه وقال " متى يحدث ذلك "
تنهدت وقالت " العام الماضي كان بكثرة هذا العام نهاية كل أسبوع "
قالت جملتها الأخيرة ونظرها علي فأنا من يعلم كما تعلم هي أن ذاك اليوم موعد زيارتها لخالتها المريضة التي تكون والدتي
تنهد الطبيب وقال " هي القرحة النفسية إذا "
نظرت له بصدمة وقلت " قرحة ماذا !! "
قال بهدوء " أتمنى أن لا تكون وصلت لمرحلة التقرحات وسنفهم ذلك منها وحدها مادام لا أحد يملك الأجوبة "
نظرت للجالسة أمامي بصدمة لا تقل عن صدمتها ثم نظرت للطبيب وقلت " كيف نفسية لم أعلم أن للقرحة أنواع "
قال " هذه إحدى الأمراض النفسجسدية وهي تعرف بهذا الاسم لارتباطها بالحالة النفسية وهي المسبب الأساسي لها وتكون نتيجة للكبت النفسي "
بقيت أنظر له بصدمة فتابع " الضغوطات النفسية المصحوبة بالكبت النفسي تؤثر على المنطقة الدماغية المسئولة عن التوتر والانفعال وبالتالي تؤدي للزيادة في حركة اضطراب وظائف الجهاز الهضمي بإفراز هرمونات عصبية تؤدي للتقلصات والآلام وتتطور للتقرح وكل هذه الأعراض نفسية لا تجدي معها الأدوية ولا الكشوفات تزداد بالإضطراب النفسي نتيجة للكبت ولا تخف إلا بتخفيف تلك الضغوط "
كانت عيناي تتنقل بين عيني الطبيب بذهول محاولا استيعاب ما أسمع ثم قلت " ماذا تعني بلا تجدي معها الأدوية والكشوفات "
تنهد تنهيدة طويلة وأجاب " أعني أنه ثمة أمراض مرتبطة بالحالة النفسية تصيب القلب, الأمعاء , المعدة , الدماغ وحتى الجلد وتكون مسبباتها الكبت عند المريض يتوهم أنها لأسباب عضوية فيبحث عن الأدوية ويجوب المستشفيات والعيادات وبلا فائدة وفي النهاية يكون الجواب أنت لا تشتكي من شيء والحقيقة أنها نفسية فقط "
قال بحيرة " وكيف شخصت ذلك قد يكون مجرد مرض عضوي "
هز رأسه وقال " يمكنك السفر بها حيث تريد و ستعود إلينا هنا فمنذ رأيتها للوهلة الأولى علمت أنه أعراض تلك الأمراض التي تسببها تلك المنطقة في الدماغ "
كتب شيئا جديدا في ورقته وتابع " رسالتي التخصصية في أمريكيا كانت عن هذه الأمراض تحديدا وأعرف المريض بها من النظر لعينيه ولا أنصحك بأن تدمر صحتها بنقلها لطبيب آخر كي لا تصل لمرحلة اضطراب البلع النفسي "
قلت بصدمة " وما يكون ذاك "
نظر لنا ثم قال " في المرحلة المتقدمة من توهان المريض في هذه الحالة بين الأدوية والمستشفيات تتشكل لديه حالة نفسية جديدة وهي أنه لا يمكنه بلع الطعام وتسمى باضطراب البلع النفسي ويتوقف عن الأكل نهائيا "
قلت بضياع " والحل "
رفع كتفيه وقال " لدى الأطباء النفسيين وليس العضويين "
قلت بضيق " بما تهدي لن آخذها لطبيب نفسي أبدا "
ابتسم بسخرية وقال " متى سنتحرر من معتقد أن الطبيب النفسي لا يذهب له إلا المجانين "
قلت بجمود " أعلم أنه ليس المجانين من يذهبون له لأنه هو من يذهب لهم في مستشفياتهم "
ابتسم وقال " يعجبني ذكائك فلما اعترضت إذا "
قلت بضيق " لأنهم يزيدون الأمور سوءً في أغلب الأحيان ويوهمون المريض بما ليس فيه "
قال بذات ابتسامته " هل جربت أحدهم يوما "
قلت من فوري " لا طبعا ، ولكن لي صديق عانى من أحدهم حتى كاد يفقده عقله "
تنهد وقال " أنا نصحتك وأنت حر سأكتب لها بعض المسكنات تأخذها عند الحاجة ولن ننفعها بشيء غيره ولازلت أكرر وأقول لا تضيعها بين الأطباء والمستشفيات وستلاحظ بنفسك أنها حالة نفسية تظهر عند الضغوط النفسية المكبوتة وستصدق كلامي "
ناولني وصفة العلاج وهوا يقول " يمكنكم إخراجها ما أن تستفيق وتنتهي قارورة المغذي , حمدا لله على سلامتها "
أخذت الورقة منه ووقفت من فوري وخرجت وزوجة والدها تتبعني
نظرت لجواد وقلت " عد بهم للمنزل سأعيدها بنفسي ما أن تستفيق "
قالت فرح بضيق " لا سنبقى هنا ونأخذها معنا "
قلت بأمر " قلت أرجعهم للمنزل يا جواد "
نظر لها وقال " هيا لنغادر ليس وقت مشاحناتكما "
نظرت له وقالت بغضب " زوجي أنت أم هو "
ثم قالت مغادرة " كان يفترض بي أن تزوجته هو وليس أنت "
نظر لي نظرة أفهم مغزاها جيدا ثم نظر لوالدتها وقال " هيا يا خالتي نلحق بها قبل أن تتهور بفعل جنوني "
ثم غادر وهي تتبعه , إن كان ثمة من ستنزع الأخوة بيني وبين جواد فستكون ناقصة العقل تلك
تنهدت بضيق وعدت جهة غرفتها وفتحت الباب بهدوء ودخلت كانت نائمة وتتنفس بهدوء , اقتربت منها وجلست أمام سريرها ومددت أصابعي ليدها ثم أعدهم بسرعة وأشحت بنظري جانبا أمنع نفسي لست أعلم مما , من النظر لها أو من التعاطف معها
ما الذي أوصلنا إلى هنا يا وسن , لما فعلتي ذلك بي هل أنا طفل في نظرك لهذه الدرجة لتصيري خطيبة غيري وزواجنا قريب دون أن تعلميني قبلها وكأني نكره وكأني شيء وجوده كعدمه
لما لم تفكري بي حين جاءني الأغراب يخبرونني عن خطبتك لغيري ويا لا السخرية أخبروني وأنا في السوق أشتري أثاث غرفة النوم
كنت كالمهرج أمامهم بل كان مظهري مضحكا أكثر منه وأنا أنكر ذلك وأقول لهم أنتم تكذبون وأن ذلك لم يحدث
بعد وقت فتحت عيناها ببطء وجالت بهما في الغرفة حتى وقعتا علي فقلت بهدوء " الطبيب طمـ.... "
توقفت عن الكلام مصدوما حين جلست من فورها ونزعت إبرة المغذي من يدها ورمتها بطول يدها ووقفت خارج السرير فوقفت أيضا وقلت " وسن هل جنـنتِ "
صرخت بغضب " أخرج من هنا هيا "
بقيت أنظر لها بصدمة فأمسكت أوراق الكشوفات ورمتني بهم وقالت بصراخ " أخرج من حياتي يا نواس "
بقيت أنظر لها بصدمة فمرت من أمامي وخرجت من باب الحجرة وأنا أسير خلفها بسرعة في الممر أناديها وأأمرها بالتوقف ودون جدوى وكأني أتحدث مع الجدار
أدركتها أخيرا وأمسكتها من يدها وأنا أقول " وسن توقفي عن هذا "
رمت بيدي عنها في صمت دون أي حرف ودون أن تنظر إلي وتابعت سيرها متجاهلة إياي تماما
وصلتْ لخارج المستشفى فركضت خلفها وأمسكت يدها بقوة وسحبتها جهة السيارة فتحت الباب وأجبرتها على الصعود وهي تقاومني في صمت وكأنها بكماء
أدخلتها الى السيارة بالقوة وأغلقت الباب وركبت وخرجت بها من المستشفى وأنا أكتفي بالتأفف وضرب المقود حتى كدت أحطمه وهي تحاول فتح الباب والسيارة تسير
فخرجت من صمتي وقلت بغضب " مجنونة أنتي يا وسن ما الذي قلب حالك هكذا "
كانت تهز الباب وتضربه بقدمها دون كلام ثم اتكأت على زجاج نافذته بيدها وانخرطت في نوبة بكاء شديدة
حاولت التحدث معها ودون فائدة وكأني أرى أمامي وسن أخرى بل فتاة لم أعرفها من قبل
انحنت بعدها تمسك خصرها بقوة فقلت بغضب " أيعجبك هذا كل ما أنتي فيه الآن من ألم بسببك أنتي "
وصلت عندها للصيدلية نزلت بسرعة بعدما أغلقتباب السيارة واشتريت المسكن الذي وصفه لها الطبيب ثم عدت لها وأخذتها للمنزل
وصلنا ففتحت لها الباب وناولتها كيس الدواء فأخذته مني ثم نزلت من السيارة ورمته بطول يدها في الشارع ودخلت باب عمارتهم وصعدت للأعلى
*
*
كنت واقفة أنظر له بصدمة , كيف يخرجن جميعهن وأبقى وحدي معه ! كيف يغلقون الباب خلفهم ويتركوني هنا , ما يريد مني هذا !! لما الرجال يعشقون غلق الأبواب علي معهم
هل سيفعل كما فعل زوج الخالة عفراء حين أغلق الباب علي وبدأ يسحبني من ساقاي ولا أعلم لما وهي تصرخ به من الخارج وتطلب مني أن اهرب منه , ماذا يريدون مني ماذا ؟؟
جلس على الكرسي ونظر لي وقال " لما لم ترفعي يدك لتجيبي "
كنت أنظر للباب وكأن عقلي يقول لي أهربي فورا نظرت له ثم نظرت للطاولة تحتي وقلت بتوتر " كنت خائفة من أن تكون الإجابة خاطئة "
قال بعد صمت " لا تكذبي في الجواب عن السؤال الثاني , لما أنتي من يمسح اللوح دائما "
نظرت له وقلت بعينان تمتلئ بالدموع " أستاذ ، لا أريد خسارة دراستي أرجوك "
نظر لي مطولا بحيرة ثم قال " ولما ستخسرينها "
أخفضت رأسي وقلت " أوقفني لأجيب كلما أردت وسأمسح اللوح دائما ولا تسألني لما أرجوك "
تنهد بقوة وقال " سما ارفعي رأسك وانظري إلي "
رفعت رأسي ونظرت له فقال " الفتاة في الأمام في المقعد الأوسط هي السبب أليس كذلك "
لذت بالصمت فقال " ستجبين على سؤالي أو لن نخرج من هنا إلا لمكتب المدير "
هززت رأسي بلا دون كلام فقال " إذا تكلمي "
قلت بدمعة نزلت من عيني " ولن أخسر دراستي "
نظر للطاولة تحته وقال " لن تخسري شيئا فلا تبكي "
مسحت دموعي وقلت " نعم , هي والطالبتان في الأمام يمنعون غيرهن من الإجابة "
رفع رأسه ونظر لي وقال " في جميع الحصص " قلت " نعم "
هز رأسه وقال " أي جنون هذا وكيف تسكتون لهم "
قلت من فوري " من تعترض يلفقون لها تهمة ضد القوانين وتطرد من المدرسة , أرجوك لا تتحدث معهم في الأمر ، جميع مدرسي المواد باتوا يعلمون بمستوى الطالبات من أوراق الامتحان "
وقف وقال " أنا لا يعجبني هذا الوضع "
وصل عند الباب فقلت " أستاذ لا ... "
قال دون أن يلتفت إلي " لا تقلقي لن يعلموا شيئاً "
ثم خرج وتهاويت أنا على المقعد , يا إلهي أي كارثة هذا من أول حصة له معنا حدث كل هذا فما سيبقي لباقي العام , حمدا لله على الأقل لم يسحبني من ساقاي فلن أجد الخالة عفراء هنا لتضربه على رأسه كما فعلت مع زوجها
اتكأت على طاولة المقعد مسنده لرأسي بذراعي فدخلت وجدان ورفيقتها ووقفت عند رأسي وقالت واضعة يديها وسطها " ماذا كان يريد منك الأستاذ نزار ولما أغلق الباب عليكما "
عدلت جلستي وقلت ببرود " وبخني لأني وقفت لأمسح السبورة "
قالت ببرود مماثل " ولما يوبخك وحدكما "
وقفت وقلت " لا شأن لك "
دفعتني من كتفاي وقالت " ماذا تقولين "
دفعتها أيضا وقلت " هل تعلمي ما سألني "
نظرت لي بحيرة فقلت " قال من التي تمنع الطالبات من الإجابة عن الأسئلة لترسب في مادتي وتعيد العام ولم أجبه أنها أنتي فابتعدي عني أو أخبرته "
نظرت لي مطولا بصدمة ثم قالت بسخرية " كاذبة "
ابتسمت ذات ابتسامتها وقلت " في رأيك لما أخرجني لأحل المسألة وأنا لم أرفع يدي "
ثم قلت مغادرة من أمامهما " ابتعدي عني بمشاكلك أو أضعت عليك العام بأكمله وقولي حينها أني كاذبة "
ثم تركت لهم الفصل وخرجت لساحة المدرسة
*
*
خرجت من الفصل وتوجهت لمكتب المدير ولم أجده فجلست هناك ثم فتحت هاتفي فوجدت مكالمات كثيرة من جابر ورسالة منه أن ألتقي به بعد ساعتين , المهم لا مكالمات من والدتي يعني أنه لم تسوء حالتها
** " كيف كان يومك معهم "
رفعت رأسي للجالس أمامي وقلت بابتسامة " جيد , متى دخلت لم أشعر بك "
ضحك وقال غامزا بعينه " هذا لأنك كنت مسافر بذهنك في هاتفك "
ابتسمت وقلت " لا تأخذك الأفكار بعيدا هل تراني مراهق أمامك "
ضحك وقال " وهل المراهقين فقط يفعلونها "
ابتسمت بسخرية وقلت " إما مراهقين أو بعقول مراهقين "
ضحك كثيرا ثم قال " كما قال عنك جابر لا أمل في زواجك "
وقفت وقلت " جئت لألقي عليك التحية وأغادر هل تأمرني شيئاً "
قال بابتسامة " رافقتك السلامة لا أريد إلا أن تنهي معي العام "
ضحكت وخرجت دون تعليق وغادرت المبنى مارا بالساحة فشد انتباهي الفتاة الجالسة وحدها مبتعدة عن الجميع تمسك كتابا في يدها وعيناها عليه
تبدوا غامضة جدا , لما كانت خائفة مني طوال الوقت ! ولما ليس لديها من يردع شر تلك الطالبة عنها , طالبة بذكائها وتفوقها فكت رموز تلك المبرهنة كيف لوالديها أن لا يتابعا مستواها , خرجت من المدرسة ورميت من رأسي كل تلك الأفكار فلأجد حلا لمشاكلي أولا ثم أفكر بمشاكل طالباتي , ركبت سيارتي وغادرت
**
أخرجت الهاتف من ملابسي مخبئة له في الكتاب في يدي لأنه ممنوع على الطالبات هنا , جربت الاتصال مجددا بها ولكن هاتفها كان مقفلا , لما يا ترى هل أخذه زوجها منها أم قتلها , أجيبي عليا يا خالة أرجوك أنا خائفة وهم يعرفون مكاني ولا أعلم كيف أتصرف
رن حينها الجرس فدسست الهاتف في ملابسي وعدت للفصل لأن الفسحة انتهت , وأنهيت باقي يومي الدراسي كالمعتاد ولم أمسح السبورة اليوم مطلقا
لقد تخلصت من جبروتهما أخيرا ومن اليوم لن تتحكما بي , خرجت عند نهاية الدوام وركبت الحافلة التي تنتظرنا في الخارج
أوصلني حيث الطريق الفرعي الذي يضعني عنده دائما ونزلت ووقفت حتى ذهبت الحافلة ثم نظرت يمينا ويسارا ثم ركضت خلف الأشجار كي لا يلحظ أحد توجهي لذاك المكان
*
*
أحسست أن جبلا سقط على كتفاي حتى حطم قلبيكيف يكونون أبناءه وأنا رأيت بعيني أوراق تثبت أنهم أبناء والدي منها ! ولكن اسمها موثق مع اسمه في عقد الزواج ولم تحضر لي عقد زواج يخصها ووالدي كنت أنظر له مفجوعة وهوا ينظر لي ببروده المخيف ذاته وكأنه ينتظر أن أتخطى الصدمة
قلت بصوت مرتجف " أبناءك "
قال بجدية " نعم ومنها "
هززت رأسي وقلت " كيف والأوراق التي أحضرتهم والدتهم لي "
قال من فوره " مزورة "
قلت بغير تصديق " لماذا مزورة وكيف "
نظر للسقف وابتسم بسخرية وقال " فأر لعب بعقل أسد هل تصدقي "
ثم نظر لي وقال " اختطفتهم وهربت بهم لخارج البلاد أو هكذا ظننت وبمساعدة والدك وبقيت أبحث عنهم في الخارج وهم هنا أمامي , لقد زوروا أسمائهم كي لا أجدهم وماتت لتموت الحقيقة معها وباقي الحكاية لديك "
قلت " ولما لا تكون التي لديك هي المزورة "
تحولت ملامحه للحدة وعاد كما كان بادئ الأمر وقال بصرامة " اسمعي جيدا كان بإمكاني أخذهم من مدرستهم دون حتى أن أعلمك وكنت أستطيع تقديمك للعدالة بتهمة التورط مع خاطفين والاتفاق معهم لتقضي باقي سنين حياتك في السجن فلا يغرك معاملتي اللينة معك "
قلت بغضب " أي لين وأي جنون هذا الذي تتفوه به كيف تأتي لإخباري بفاجعة كهذه وتريد مني استقبال الأمر وكأن شيء لم يكن , هل تراني جدار تقول له بكل بساطة سنأخذ منك أبناءك ولا يتحدث "
قال بحدة " هم أبنائي وليسوا أبنائك وجئت لأبلغك لتري أمورك معهم وأخبرتك أني عاملتك بلين كأول امرأة في حياتي لأنهم عندي والرجال سواء دائما "
قلت بحرقة " هل تعي أنت ما تقول هل تفهم معنى أني ربيتهم أني أحبهم أكثر من نفسي "
قاطعني قائلا " أعلم وأخبرتك أني لا أريد هذه الأفلام ربيتهم وسهرت لمرضهم وأطعمتهم بيدي و و و و أعلم بكل هذا ولا داعي لإخباري "
سندت رأسي بيدي المسندة لها على الطاولة وأنا أشعر بهموم الدنيا كلها نزلت عليه , من أين خرجت لي أنت من أين ؟؟ كيف يأخذهم مني , كيف ينتزع قلبي ويرحل به ولكنه ليس أفضل حالا مني فهوا والدهم وأخذوهم منه لسنين , سامحك الله يا حسناء وأبي معك أيضا لقد قتلتموني
مسحت دموعا تسللت من عيناي ونظرت له وقلت ببحة " ولما اخترت مكان عملي تحديدا لتتحدث معي أم تريد أن تترك لي بصمة شوشرة هنا "
قال وهوا يلعب بأصابعه على الطاولة ونظره عليهم " ما كنتي لتوافقي على الخروج معي وأنتي كدتِ تأكلينني فقط لأني قلت أغلقي الباب علينا ومنزلك لا يمكنني زيارتك فيه لأني لا أريد أن أقابلهم قبل أن تخبريهم بالأمر "
وقفت وقلت ورأسي أرضا " أترك لي الأمر حتى نهاية الأسبوع "
قال بجمود " لا تفكري كما فكرت والدتهم لأنك مراقبة "
نظرت له وقلت بضيق " ما تضنني يا هذا بأي قلب سأحرم والد من أبناءه , عليا أن أمهد لهم ولنفسي الأمر ليس البشر كلهم متحجرين مثلك "
وقف وقال بغضب " نبهتك مرارا على التمادي معي , فلا تلعبي بأعصابي أكثر "
غادرت من أمامه غير مكترثة لكل ما يقول وشبه لا أسمعه فوصلني صوته قائلا وأنا عند الباب " خلال أيام قليلة سأكون في منزلك لأخذهم "
خرجت ولم أضيف أي كلمة وغادرت المصنع برمته
*
كنت أود التعامل معها بلين لكنها أفقدتني أعصابي أعترف أني لا أعرف كيف أتعامل مع النساء لكنها رأت أجمل وجوهي فلو كانت رجلاً لخرج من هنا يعرج ولا يرى سوى بعين واحدة , من الجيد أنها وفرت عليا كثرة الكلام والنحيب والرجاءات عقلها أكبر مما تصورت , ما ينقذها مني تأكدي من أنها ليست مسئولة عما حدث منذ سنين وليست متفقة معهما
وقفت على دخول مدير المصنع الذي قال بحنق " تخرج قبل الدوام وتترك عملها أي استهتار هذا "
أمسكته من قميصه ونظرت له نظرة حارقة وقلت " أقسم إن وصلني أنك فصلتها من عملها أن تنسى أن لك مصنعا وستلقى مني مالا تحب "
قال برجفة " لم أكن سأفصلها كنت سأخصم من راتـ.... "
هززته بقوة وقلت " لا أريد أن أعيد ما قلت أترك لها هذا الأسبوع تأتي متى تريد ولا تعتقد أني غافل عنك "
ثم خرجت وتركته رفعت هاتفي واتصلت بنزار فأجاب من فوره فقلت " هل نلتقي الآن "
قال " حسننا أنتظرك في المنزل , والدتي لا تبدوا جيدة اليوم "
قلت بضيق " نزار متى ستضع عقلك في رأسك دعني أساعدك في عمليتها "
قال بضيق أكبر " في ماذا ستساعدني في تكاليف العملية الباهظة فوق المعقول أم في تذاكر السفر وتكاليف الأدوية والإقامة , كم مرة سأشرح لك الأمر "
تنهدت وقلت وأنا أركب سيارتي " تعلم أني أستطيع دفع كل شيء رغم أنه كثير فدعني على الأقل أساعدك في جزء منه "
قال ببرود " عندما أجمع مبلغا جيدا سأستلف الباقي منك , بسرعة أنا أنتظرك لا تتأخر أريد النوم تعلم أني استيقظت مبكرا اليوم "
أنهيت المكالمة منه وتوجهت من فوري لمنزله فهوا يبعد عن هنا مسافة لا بأس بها لأنه في أطراف المدينة
*
*
خرجت من المصنع وكأنني أخرج من الجحيم من كذبة من مسرحية سخيفة لم تعجبني كيف ذلك كيف يكونون أبناءه ! كيف لعب بي والدي ووالدتهم تلك اللعبة , بل ما علاقة أبي بها ولما فعل ما فعل !! من يجيبني عن كل هذا بل كيف يأخذون مني
قلبي وروحي وعيناي التي أرى بهما , بقدر سعادتي أن لهم والدا بمركزه وقوته سيحميهم من عقبات الزمن بقدر تألمي وموتي لفكرة أني لن أراهم مجددا أنهم ليسوا لي ولن أراهم يكبروا أمامي
كيف أستيقظ صباحا دون ضحكاتهم وحديثهم الذي لا ينتهي , بل كيف أنام ليلا دون أن أحضنهم وأقبلهم وتنام ترف في حضني أي ظلم هذا أي ظلم ؟
وصلت المنزل بدموعي التي لا تتوقف دخلت وارتميت جالسة أرضا أبكي بحرقة وألم ولم أتحرك من مكاني حتى سمعت باب المنزل يفتح حيث أن سائق الحافلة هوا من يدخلهم لأنهم يرجعون قبلي بقليل دخلوا وما أن رأيتهم حتى فتحت ذراعاي لهم فركضوا نحوي يتسابقون لحظني فرحين أني عدت مبكرا ولا يعلمون أني مت مبكرا بل حلمت حلما جميلا واستيقظت منه مبكرا , قبل أن يكتمل وأنعم به
كنت أضمهم لحضني وأبكي ولست أعلم كيف سأشرح لهم كل ما يجري
*
*
وصلت للمنزل قرعت الجرس ففتح لي وصافحني مبتسما وهوا يقول " هيا تفضل لحسن حضك لم نتغذى بعد "
قلت وأنا أدخل خلفه وأغلق الباب " تزوج يا رجل وارحم نفسك "
تأفف وقال داخلا أمامي " وتزوج أنت بدلا من جلب أبناء لتربيهم المربيات "
وقفت عند جدار غرفة والدته مستندا بيدي عليه وقلت " أنا جربت وانتهى الأمر أنت تحتاج لزوجة "
أمسك كتفي وقال " أدخل هيا لتسلم على والدتي فهي لا تتوقف عن السؤال عنك "
ابتسمت له ودخلت خلفه حيث المرأة القابعة على السرير دون حراك عدلت من جلستها وهي تقول " مرحبا يا جابر أين أنت لا أراك "
اقتربت منها قبلت رأسها وجلست مبتعدا وقلت " مشاغل الحياة يا خالة "
تنهدت وقالت " ليوفقكم الله هل أعدت أبناءك "
نظرت للأرض وقلت بهدوء " خلال هذين اليومين سأذهب لأخذهم من منزلها "
تنهدت وقالت بحزن " هل فعلت كما أوصيتك "
قلت ببرود " حاولت قدر استطاعتي "
اتكأت على الوسائد خلفها وقالت " أنتم الرجال لو تشعرون كما نشعر نحن النساء لكنت رحمت حالها "
قلت بضيق " هل أترك أبنائي لها رحمة بها ؟ أي كلام هذا الذي تقولينه "
قالت بابتسامة " لم أعني ما فهمت "
نظرت لها باستغراب وقلت " ما عنيته إذا !! "
قاطعنا نزار داخلا بصينية الشاي وهوا يقول ضاحكا " قد تكون تقصد أن تتزوجها فوالدتي تعشق كلمة زواج "
ضحكت بصوت عالي وقلت " هل جننت أنا لأكررها "
نظرت لي ثم له وقالت ببرود " لم ترافق ابني وتصادقه لسنين عبثا , بالتأكيد سيكون عقلك مثله "
ثم نظرت لي وقالت " هل يعجبك حالك هكذا "
نظرت لنفسي وقلت " وما به حالي "
قالت بخبث أعشقه فيها " وجهك شاحب يحتاج شيئا يضيئه وجسدك أصبح كالجبل يلزمه شيئا يلينه قليلا وينحفه "
ضحكت دون تعليق لأني أفهم مغزى كلماتها , هذه السيدة تجعلني إنسان آخر في دقائق ووحدها تعدل مزاجي السيئ دائما
قال نزار " وكيف استقبلت الفتاة الأمر أتمنى أن لا تكون نالت صفعة منك "
قلت ببعض الضيق " ما تضنني يا أحمق , أنا لم أرفع يدي يوما حتى على زوجتي لأرفعها عليها "
قال بعفوية " أعرفك عندما تفقد أعصابك ومؤكد لم تستقبل الأمر ببساطة "
أمسكت كوب الشاي وقلت ببرود " بل تقبلت الأمر رغم أن ملامحها لم تنذر بخير كتمت كل وجعها وغادرت "
تنهدت والدته وقالت " مسكينة الأمر لن يكون سهلا عليها "
قلت ببرود " ذلك ليس ذنبي ولست بأفضل منها ثم هي ما تزال صغيرة ستتزوج وتنجب أبناء وتنساهم "
نظرت لي بنصف عين وقالت " وكيف تبدوا ؟؟ هل هي جميلة "
ابتسمت لها بمكر وقلت " بل لا تمد للجمال بصلة "
قالت بضيق " أقسم أنك وصديقك هذا أكبر عقد البشرية وأسأل الله أن يرينى فيكما يوما تجركم النساء خلفهم كالبعير "
ابتسمت لها ثم نظرت جهة نزار وفتحت الملف الذي يحوي جميع المعلومات والصور على الطاولة أمامي وقلت " تعال لنناقش هذا علينا أن نخرج بواحد من الخمسة "
وقف وقال " الغداء يكاد ينضج لنتناوله أولا ثم نرى ما سنفعل "
قلت وأنا أرتب الأوراق " بل الآن فعليا المغادرة ليس ورائي أنت فقط "
سحب كرسيا وجلس أمامي وقال " أمري لله إن احترق الغداء أحرقت لك أوراقك "
وزعت الورق على الطاولة وقلت " هذه الصور مجموعة للمكان وهؤلاء الأشخاص الذين دخلوا إليه وأوقات دخولهم , أريد من دماغك الهندسي الآن أن يحسب لي , الوفاة كانت عند الثانية ولا أحد منهم خرج إلا بعد الثالثة ولكل واحد منهم ستكون له حكاية أنا لم أحقق معهم بعد وأريد أن نخرج بواحد لأقتله أو أعلم منه "
نظر للأوراق مطولا ثم للصور ثم خرج قليلا وعاد بآلة حاسبه وورقة وقلم وجلس وبدأ يكتب فيها ويقول " إذا كانت الوفاة عند الثانية وتحطيم كل هذا الجزء من المصنع سيستلزم ما بين الثلث للنصف ساعة وإن حسبنا طبعا مساحة المصنع تلزم عشر دقائق للوصول للداخل "
قاطعته قائلا " الدماء على الباب الخلفي يعني أنه قتله بعد كل ذاك التحطيم بحوالي الربع ساعة لأن البقع كانت ممسوحة عن المقبض فقط "
قال " جيد ... قطر المصنع من الخلف والسلالم " حسب مطولا ورسم خطوط كثيرة قسم بها نموذج المصنع ثم قال " الذي دخل عند الحادية عشرة بالتأكيد "**********
نهاية الفصل
*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖➖*☆☆☆☆☆☆
أنت تقرأ
أوجاع ما بعد العاصفة
Mystery / Thrillerكم حملنا من جراح وحمّلنا الغير إثم وجودها على وجه الأرض وهم لا يعلمون أنها خرجت من عمق أوجاعنا للكاتبة برد المشاعر