*|🔢|:☟البـــ{العاشر}ـــارات☟*

121 5 0
                                    


يوم العيد اسم أصبح على غير مسمى بالنسبة لي , أشياء كثيرة وجميلة كانت فيه وتبخرت ... أبي وشقيقي اللذان غابا عنا منذ عام
والدتي التي لا أذكرها لموتها وأنا صغيرة , كانت زوجة والدي معي بحنانها وأكثر لكنها في النهاية ليست أمي , وحتى نواس فقدته هذا العيد لأني لم أخرج حين جاء مع جواد لمعايدة والدتي وفرح
لم نكن في سنين خطبتنا كجواد وفرح الآن اللذان يجلسان هناك منذ وقت طويل يتهامسان ويضحكان لكنه كان طعما رائعا لعيدي أرى الحب والشوق واللهفة في نظراته لي وكلماته البسيطة بابتسامته في ذاك اليوم شبيه هذا اليوم بالاسم فقط ,
كان ببساطة عيدي والآن لا يعنيني العيد ولا هو أعنيه فلم يعد عيده يحتاج لوجودي فيه لأنه ملئَه بأخرى فمؤكد زارها وعايدها وجلس معها مثل هذان الزوجان وحضنها وقبلها
شعرت بأحشائي تقطعها سكاكين من هذه الفكرة فأمسكت معدتي بقوة ثم وقفت وتوجهت من فوري للمطبخ وشربت بعض الحليب البارد من كأس ولم يخفف ألمها فجلست على الكرسي وشربت من القارورة مباشرة وكأني أحاول إطفاء نار متأججة ببعض الماء ولم تزد إلا اشتعالا
فخرجت ركضا للحمام وأغلقته خلفي وتوجهت للمغسلة وأفرغت كل ما في جوفي من حليب ممزوج بالدماء حتى فرغت تماما ثم اتكأت على طرف المغسلة بذراعي وجبيني فوقها واستسلمت لبكائي
ليس من ألم معدتي بل من الالم في قلبي وروحي , سمعت بعدها طرقات على الباب وصوت فرح وهي تقول" وسن هل أنتي بخير وسن افتحي الباب "
وقفت على طولي ومسحت وجهي بالمنشفة وقلت " أنا بخير فرح لا تقلقي سأخرج حالا "
ووقفت بعدها متكئة على باب الحمام أستمع لهمسها وجواد عن أخذي للمستشفى ولو مرغمة وكلماته المكتومة موبخا لها لكلامها السيئ عن نواس ودعائها عليه وكلماتها المغمورة بالدموع وهي تبكي من قسوة شقيقه , هكذا أردتني يا نواس ويا أبي ويا كل من رقصتمً على روحي الميتة , هكذا أردتموني مدعاة للشفقة من الجميع
بعد وقت مسحت دموعي وخرجت ووجدتهم على حالهم عند الباب فقالت فرح بقلق " وسن هل أنتي بخير "
قلت بابتسامة " ما بكما وكأني طفلة تعششون لي عند الباب , أنا بخير لا تخافا سأنام قليلا وأكون أفضل "
قال جواد من فوره " ألن تذهبي معنا لوالدتي لمعايدتها "
قلت متوجهة جهة غرفتي " سأذهب لها في الغد "
اليوم يكون نواس عندها ولا أريد مقابلته سأقضي يوم الغد عندها بالرغم من أني متأكدة أنها ستغضب مني
*
*
" متى قال لك جواد أنهم قادمون "
أخرجني صوت والدتي من معمعة أفكاري التي لا تجدي في شيء سوى تعقيد المشاكل أكثر من حلها وأنا جالس معها منذ وقت على حالي مرفقاي على ركبتاي أنظر للأرض بصمت وشرود
مررت أصابعي في شعري وقلت " قال أنه قادم الآن "
قالت بهدوء " ما بك يا نواس حالك اليوم لا يعجبني "
قلت ونظري بعيد عنها " لا شيء ... مشاكل بسيطة في تجارتي ولكنها تشغلني قليلا "
لاذت بالصمت وأضنها لا تصدق كلمة مما قلت بعد قليل قالت بهدوء " نواس ماذا عن كلامنا سابقا "
قلت ببرود " ما لدي قلته يا أمي وسن لن تسكن لوحدها وأنتي عليك الانتقال من هنا للمزرعة , سيكون صعبا عليا التنقل بين هنا وهناك وجواد لن يكون موجودا , فلما لا تفكري بي مثلها "
تنهدت وقالت " لن ترضى وسن وأنت تعرفها جيدا وأنا لا أريد إرغامها ولا أن أترك منزلي أيضا "
نظرت لها وقلت بضيق " ولما لا ترغميها على أمر فيه مصلحتها , أمي وسن لم تعد طفلة تحضا بكل دلالك ذاك لها "
قالت بضيق مماثل " نواس أي جنون هذا كيف تأخذها تعيش معك هناك "
نظرت للجانب الآخر وقلت بسخرية " أمازلت تعتقدين أن الأمر سيعنيها , وسن القديمة ماتت يا أمي "
قالت ببرود " ونواس القديم هل مات أيضا "
لذت بالصمت ولم أعرف بما أجيب فقالت " وسن ستبقى معي هنا مادمت حية لكن مخاوفي كلها يوم أموت وأترك الحياة فأنا أدرى الناس بحالي وأن مرضي لا يرحم فوسن أمانتك يا نواس
أعرف أنك لازلت تحبها كالسابق فلا تظلمها وسلمها لمن يستحقها ويرعاها مادمت قررت بترها من حياتك وتزوجت بغيرها "
وقفت كالملسوع ولا اعرف لما لا أتحكم بنفسي كلما سمعت هذه العبارة ... وسن تتزوج وأزوجها بنفسي لغيري , أين ستنام تلك الليلة يا نواس وأي أرض ستتسع لك وأي نهار ينتظرك وهي تبات في حضن أحدهم
وصلني صوتها قائلة " لما وقفت يا نواس "
نظرت لها كالتائه ولا أملك لا جوابا ولا كلاما , كنت أنظر لها وكأني أراها للمرة الأولى , ترى أتفكر وسن في فعل هذا وكلام والدتي ما هوا إلا تمهيد للأمر ؟
نظرت لساعتي وقلت " عليا الذهاب الآن الرحلة للبر تستلزم وقتا لأعود باكرا في الغد وسآتي لزيارتك هل توصيني شيئا "
قالت بابتسامة " سلامتك فقط بني وبلغ خاطر وزوجته سلامي "
قبلت رأسها وخرجت في صمت , عليا المغادرة ماداموا سيأتون الآن بعدما علمت من جواد أنها ليست معهم , تحرمينني حتى من رؤيتك في العيد يا وسن وأنا من لم أستطع مطاوعة عقلي أن لا أراك كيف استطعتِ التحكم في قلبك يا وسن علميني كيف !!
أول عيد يمر بدونك يا عشقي وجرحي ونزيف أحشائي المتوجعة يا حلمي وألمي يا ماضيا الجميل وحاضري التعيس ومستقبلي القاتل
نعم قاتل أن تكوني لغيري وعبثا أحاول إخفاء ذلك , زواجي بمي حكمته الظروف لما كنت تزوجت بغيرك ولا بك فلست لأي امرأة أخرى لأني مع غيرك بلا قلب ومعك سأكون بلا كرامة
*
*
خرج نواس من عندي وحاله اليوم لا يبشر بخير , الأم لا أحد يكذب عليها وليست تجارته ما تكدر صفوه , حتى زوجته لم يزرها اليوم ولا تحدث معها في الهاتف فما ذنب الفتاة يتزوجها ويهمشها لأنها يتيمة ولا أحد يلومه عليها , إن كان لا يريدها فلما ربطها به ؟ أمر زواجه هذا لا يريحني أبدا وثمة قصة ورائه
نظرت ليدي حيث الورقة التي فيها رقمها وتنهدت بضيق , عليا أن أكلمها أنا على الأقل فمن غير اللائق حتى أمام أهلها أن لا يزورها أحد منا في العيد , كم تتقلب أقدار البشر في هذه الحياة
فبالأمس كان نواس خطيبا لوسن ويحكي لي بلهفة ما يخطط لحياتهما ما أن يتزوجها واليوم هو زوج لغيرها وهي الله وحده يعلم إلى ما ستئول إليه وأين سيرميها قدرها
فتح جواد الباب ودخل تتبعه فرح ووالدتها فالممرضة اليوم لدى أصدقائها من دولتها تمضي العيد برفقتهم لذلك لم يترك نواس المنزل إلا وجواد عند أول الشارع
تبادلنا المعايدات وبعد السؤال عن الحال قلت بعتب " وسن فعلتها إذا كما توقعت ولم تأتي "
نظروا لبعضهم ولم يتكلم أحد فقلت " ما بكم ما الذي تخفونه !! "
قال جواد بهدوء " لم تخرج حتى لنواس صباحا "
نظرت له بصدمة , معقول وسن تفعلها هو ابن خالتها مهما حدث !!
علمت الآن ما هو سبب تدهور مزاج نواس اليوم , تلك ضربة قوية لقلبه لا تعادلها سوى صفعته لها
انهدت وهززت رأسي بيأس فقالت فرح " حال وسن اليوم لا يعجبني لم تأكل شيئا أبدا وتقيأت كثيرا وقالت أنها تريد النوم وكالعادة سجنت نفسها في غرفتها والله وحده يعلم تنام أم تكذب علينا فقط "
نظرت لجواد وقلت " ولما لم تأخذها للمستشفى "
هز رأسه بقلة حيلة وقال " لا نريد مخالفة ما قال الطبيب حتى نأخذها لمتخصص "
قلت من فوري " ومتى سيكون ذلك "
نظر جهة فرح ثم لي وقال " نواس قال بأنه سيتكفل بالأمر "
لوت فرح شفتيها بعدم رضا ويبدوا أنها وجواد متخالفان في هذا الأمر فرح متعلقة بوسن كثيرا ومنذ صغرهما وجواد يكن احتراما كبيرا لنواس ويعده والده وليس شقيقه الأكبر وكل واحد منهما يقف في صف شقيقه
قلت بهدوء " وما خططتما ليوم الغد "
قال جواد " لا شيء حفلا صغيرا هنا لعائلتينا وسنغادر للفندق "
قلت بهدوء " يبارك الله لكما بني "
وأمضينا بعض الوقت من حديث لآخر وغادرت فرح للمطبخ لإعداد العشاء فحتى فتحية تركناها اليوم تغادر فمن حقها أن ترتاح في يوم العيد وجواد طبعا لم تخرج زوجته من الغرفة إلا وهو خلفها
لا اعلم ما سيترك لبعد الزواج سوى مشاهدة التلفاز معا فما لديهما قالاه وبزيادة
نظرت لوالدة فرح ، وقلت بابتسامة " حمدا لله أن بلغنا من العمر أن نفرح بأبنائنا "
قالت مبادلة لي الابتسامة " أجل فأعظم إنجاز للأم ليس أن تنجب وتربي بل أن ترى أبنائها يستقرون مع أزواجهم "
ثم تنهدت ونظرت للأرض بحزن وقالت " ولكن الفرحة ناقصة ما لم تتزوج وسن وتفرح مثل البقية , كم يشغلني أمرها يا وداد "
قلت  بهدوء " ويشغلني أكثر منك ، وأخاف أن اترك الحياة وقلبي مشغول عليها "
قالت من فورها " أطال الله في عمرك حتى تري أبنائها "
قلت بابتسامة " لن أكذب على نفسي فليس هناك من مرض بمرضي وشفي منه وكل يوم أتقدم فيه من قبري أكثر وأنا مؤمنة بقضاء الله وقدره لكن بالي مشغول عليهما "
قالت بهدوء " سامح الله من كان السبب , لو فقط رضي شقيقي أن أبقى في شقة زوجي لبقيت معها فأنا ألاحظ جيدا أنها لا تريد ترك الشقة "
غيرت جلستي واتكأت على السرير وقلت " تبقيان امرأتان وحدكما وفي كل الأحوال لن يرضى إخوتك ولا حتى أبنائي ببقائكم لوحدكم خاصة بعد سفر جواد الذي كان يتردد عليكم دائما "
تنهدت وقالت " لن يسمح نواس بذلك لكنت أخذتها معي , شقيقي كل أبناءه تزوجوا ويعيش وحيدا وأخبرني أن احضرها معي "
قلت بابتسامة " بارك الله في عمره ولكن من سيرضى بذلك حتى هو لو كانت ابنته مكانها ما رضي بهذا , أنا خالتها والأولى ببقائها معي ونواس وكيلها ووليها فمن الحكمة أن تكون معنا "
قالت بحزن " لكن من المتعب أيضا لوسن أن تكون معكم وتلك هي الحقيقة المرة , يعز عليا فراقها كفراق ابنتي تماما وقلبي يتقطع لابتعادهما عني والله وحده يعلم متى سترجع فرح فكل من درس في الخارج حضا بفرصة للعمل هناك ولم يرجع حتى اليوم "
تنهدت وقلت " هكذا حكمت ظروف الجميع وليس لنا إلا الرضا "
*
*
كنت متكئة على سريري انظر بهدوء للصندوق الموضوع في وسط الغرفة , صندوق هدايا كبير ومزركش يحوي ملابس راقية وجميلة وعطر فاخر وبعض الحلي وحتى مجموعة الاستحمام من شركة معروفة ومشهورة ..... هدية العيد التي أرسلها الزوج المجهول
الذي لا أعرف سوى اسمه ولا يعرف سوى سمعتي الجديدة , لو افهم سر هذا الزوج وهذا الزواج فلم يخبرني عمي سوى أنه كان صديقا لوالدي وساعده في تجارته
يوم عيد لم يحمل لي سوى هذا الصندوق لا أخوتي لا والدي لا كل عام وأنتي بخير يا مي من أي أحد وكأنه ليس يوم عيد وحتى عمي مرض بالأمس ولم يتمكن اليوم من الخروج من منزله ليأتي وأراه
تنهدت بأسى على صوت رنين هاتفي بعدما فكوا الحصار عني قليلا وأعادوا لي هاتفي بأوامر من نواس , نظرت للمتصل فكان رقما غريبا
غريب من يكون يا ترى ! لم أجب عليه فليس ينقصني سمعة سوداء
تجاهلته تماما حتى وصلتني رسالة فتحتها فكان فيها ( أجيبي عليا يا مي أنا والدة زوجك )
بقيت أنظر للأحرف بصدمة فهذا شيء لم أتوقعه ولم أفكر فيه عاد الرقم للاتصال ففتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني فوصلني صوتها المتعب قائلة " كل عام وأنتي بخير يا ابنتي "
نزلت دمعتي رغما عني ولا أعلم لما ! يبدوا لأنه أول تهنئة بالعيد جاءتني اليوم من شخص يكلمني للمرة الأولى ولم أره حياتي وليست من أهلي الذين يسكنون معي في ذات المنزل أو لأنها صادرة من القلب هكذا شعرت بها أو هو الشعور بالفقد جعلني أتخيلها هكذا
مسحت دموعي وقلت بصوت هادئ " وأنتي بخير يا خالتي شكرا لك واعذريني من المفترض أن أكون أنا من يكلمك "
قالت بهدوء " لا عليك يا ابنتي أنا من يفترض بي زيارتكم منذ أيام لكن حالتي الصحية لا تسمح بذلك "
قلت " بارك الله في عمرك "
قالت بعد صمت " نواس كان اليوم بطوله معي لأن الممرضة الخاصة بي غير موجودة اليوم وتعسر علينا زيارتكم في العيد "
قلت بابتسامة " لا عليك يا خالة لا ألومه ولا ألومك ومدك الله بالعافية "
قالت من فورها " أردت أن أهنئك بنفسي وأعتذر عن تقصيرنا معك فالأصول تبقى أصولا لكن الظروف هكذا حكمت "
قلت بابتسامة حزينة " شكرا لك يا خالة لا تعلمي كم سرني اتصالك بي واهتمامك "
قالت بحنان " هذا واجبنا يا مي سلمي لي على عائلتك وهنئيهم نيابة عني "
قلت بهدوء " باركك الله شكرا لك خالتي "
قالت " العفو يا ابنتي وداعا الآن "
قلت بهمس " وداعا "
أنهيت الاتصال منها وحضنت الهاتف وبكيت بحسرة على شعور الغريب بي بينما ماتت مشاعر أهلي , قد لا تكون تعلم عن قصتي وهذا ما أكده لي عمي أن نواس لن يخبر أحدا ومؤكد لا تعلم وإلا ما كانت حدثتني من أساسه ولا وافقته الزواج بي
طرق أحدهم الباب فمسحت دموعي وقلت " تفضل "
دخلت الخادمة وأغلقت الباب وأدخلت يدها في ياقة قميصها كعادتها حين تجلب شيئا سريا وأخرجت ورقة من ثيابها ووضعتها في يدي
وخرجت بسرعة وأغلقت الباب , رسالة جديدة إذا من المجرم المجهول قاتلي وقاتل براءتي , فتحت الورقة فكان فيها ( كل عام وأنتي بخير يا مي ....... سامحيني أرجوك )
قبضت على الورقة بقوة وبمرارة وعادت دموعي للنزول مجددا أنت آخر من كان عليه تهنئتي بالعيد ليتك بقيت صامتا مثلهم المشكلة أن الخادمة لا تريد قول شيء كل ما تقوله لي أنها لا تعرفه وتراه للمرة الأولى ولكن لابد وأن يأتي يوم وأجده
*
*
مسحت دمعتي واحتضنت صورتهم ودعوت الله لهم كثيراأن يجعل عيدهم في الجنة أفضل من كل عيد , سمعت طرقات خفيفة على الباب فوضعت الصورة في الخزاة وفتحت الباب فكان نزار نظر لعيناي مطولا حتى أخفضت
نظري
قلت بابتسامة صغيرة " كل عام وأنت بخير "
وصلني صوته قائلا " وأنتي بخير يا سما "
لُذنا بالصمت قليلا ثم قال " لن أقول لك لا تبكي في يوم العيد يا سما لأنه يوم فرح ولا ألومك ولكن عليك أن تكوني قوية من أجلهم وتساعدي العدالة في تخليص باقي العائلات منهم لأن جرائمهم لا تتوقف
أدعي لهم بالرحمة وانزلي معي فوالدتي أكلت لي رأسي ولم ترتاح إلا حين صعدت لأطمأن عليك "
نزلت دمعتي مجددا فمسحتها وقلت " شكرا لكل ما تفعلوه من اجلي ففي عيد الفطر كنت في القبو وحدي أبكي عائلتي في أول عيد لي من دونهم ولا أحد ينشغل باله علي ولا أحد يتفقدني "
وضع يده على كتفي وقال " هيا انزلي إذا وعيشي عيدا أفضل من ذاك "
رفعت رأسي ونظرت له بابتسامة حزينة وقلت " شكرا لك "
ابتسم لي ونزل أمامي وأنا أتبعه حتى دخل غرفة والدته وأنا خلفه وما أن دخلت حتى مدت لي ذراعاها قائلة " ضننت العيد سيكون أجمل هذا العام لأن ثمة فتاة جميلة صغيرة تشاركنا فيه لكنها سجنت نفسها بعيدا عنا "
توجهت نحوها من فوري ونمت في حضنها وقلت ببكاء " شكرا لك يا خالة ففي العيد الماضي لم أجد هذا الحضن "
مسحت على شعري وقالت " الله لا ينساك يا سما سيعوضك إن في الدنيا أو الآخرة فاحمديه ولا تتسخطي كي لا يضيع منك الأجر "
ابتعدت عن حضنها ومسحت دموعي وحمدت الله هامسة ثم قبلت رأسها وقلت " كل عام وأنتي بخير "
قالت بحنان " وأنتي بخير يا سما أسعدك الله يا ابنتي وحماك "
نظرتْ جهة نزار وقالت " طبعا أحدثت فوضى في المطبخ وتركتها لسما "
رفع يديه وقال " وما سأفعل هي من أقسمت أن لا أنظف شيئا في المطبخ بعد حضورها "
قالت بضيق مصطنع " وأنت فرحت بذلك طبعا "
ضحك وقال " ومن يجد الراحة ويكره ذلك "
تنهدت وقالت " لو سمعت كلامي وتزوجت لارتحت منذ زمن "
لا أعلم لما أحسست أن هذا الأمر لا تستسيغه نفسي .... يتزوج حسنا وما في الأمر كل الرجال أراهم يتزوجون والناس تفرح لهم
قفزت في ذهني فجأة الفتاة التي دخلت معه المنزل أول أمس يضحك لها وتحمل هي أكياس الحاجيات وعادت التساؤلات لذهني مجددا ولا أعلم لما , اقتربت من الخالة وهمست لها في أذنها " هل تلك الفتاة التي زارتك خطيبته وسيتزوجان "
نظرت لي مطولا بابتسامة ثم قالت " لا لا شيء من هذا "
شعرت بالخجل من نظرتها وطريقة جوابها ولا أفهم لما تنتابني كل هذه المشاعر
قال نزار " أتمنى أن لا يكون كل هذا الهمس والألغاز عني "
أحسست أن قدرا من الماء البارد انسكب فوق جسدي ثم ارتفعت حرارتي , لو أفهم ما يجري لي فقط ! كان سؤالا غبيا ما كان عليا أن أسأله أبدا
قالت والدته  " ألا يوجد شيء غيرك نتهامس فيه ،  ثم ما تفعل هنا مرابط عندنا "
ضحك  كثيرا ثم قال " أمي لا تبيعيني بمدللتك الجديدة ، سترحل وتتركك يوما "
عادت تلك المشاعر الغريبة لاجتياحي , هل سأترك يوما هذا المنزل الذي أشعر حقا أنه لعائلتي رغم بساطته ورغم أنهم لا يقربون لي وأني لم آتي إلا من أيام ... لما أتعلق بهذا العالم شيئا فشيئا,
قال نزار بابتسامة " ثم ما تريدي مني أن أفعل , الجيران عايدتهم منذ وقت عند الذبائح عوني وجابر يأتيان هنا لأجل رؤيتك ولا مدرسة اليوم ولا عمل غيره لي هل أخرج أتجول في الشوارع لتتهامسا براحتكما "
ضحكت خالتي وقالت " يحفظك الله لي بني فعيدي من دونك لا يساوي شيئا , فقط لأنه كل عام تقضيه مرابط عندي ولا تخرج كغيرك من الشبان وهذا العيد سما معي وأردتك أن تتحرر من مسئولياتك "
قال بابتسامة " لا تشغلي بالك , عند العصر ستأتيك جاراتك كعادتكم وأخرج أنا كعادتي كل عيد "
وقفت في صمت وتوجهت للمطبخ دخلت ونظرت لعالم الفوضى المقلاة متسخة والفرن أيضا الزيت في كل مكان والصينية التي أكلا فيها سكاكين كثيرة وكأنهم ذبحوا هنا الأواني التي كان فيها اللحم والدماء
صدقت خالتي حين قالت أن الرجال لن يكونوا كالنساء في أعمال المنزل مهما حاولوا
رتبت كل شيء بعد وقت وجهد ثم فتحت الثلاجة لأخرج قالب الحلوى التي أعددتها البارحة لأنها تحتاج لأكثر من يوم في الثلاجة وفوجئت بجزء مقطوع منها .... آه أكثر ما أكره تقطيع الكعكة على غير طريقتي وقبل وقتها
*
*
كنت أقلب هاتفي في صمت ووالدتي تبحث في قنوات المذياع فهي تكره التلفاز وترى أنه مدعاة للفجور والعري ومعها حق فيما تقول كانت تستمع لكل شيء في المذياع فقط ولم تتركني أجلب لها تلفازا
أغلقته بعد وقت وقالت " لا شيء اليوم سوى أغاني العيد "
ضحكت وقلت وعيناي على هاتفي " وما تتوقعين سيعرضون اليوم "
قالت بتذمر " أي شيء هل خلت الدنيا .. مسرحية على الأقل "
ضحكت أكثر وقلت " مسرحية في مذياع كيف ستعرفينهم من بعض "
قالت بضيق " فليعرضوها هم ولا شأن لهم بي أعرف كيف أفهمهم "
ثم تنهدت بحزن وقالت " كم أشعر بما تشعر به سما اليوم وهو الشعور بالفقد فحين مات والداي في ذاك الحادث كنت صغيرة مثلها وعانيت كثيرا في أيام العيد فكيف بها هي وهم ماتوا مقتولين أمامها والمجرمين طلقاء "
قلت بهدوء " تبدوا لي سما فتاة قوية جدا رغم صغر سنها فمن مرت بما مرت به لن تستحمل مثلها "
ثم نضرت لها وقلت " تصوري أنها كانت تسمع تهامس الجن في ذاك القبو المظلم "
شهقت بقوة واضعة يدها على صدرها وقالت بصدمة " تسمع الجن هناك .... سلام قول من رب رحيم "
ابتسمت وقلت " هل خفتِ وهي لم تخف "
قالت بأسى " كيف لها أن تكون بعقلها حتى الآن "
أعدت هاتفي لجيبي وقلت " أخبرتك أنها أقوى مما تتصوري "
قالت بعد صمت " هل أخبرك جابر أنه سيحضر أبنائه أم ضحك علي "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " بل سيحضرهم لك بكل تأكيد "
وقفت حينها سما عند الباب وقالت واضعة يدها وسط جسدها " من قطع من الحلوى في الثلاجة "
قلت بابتسامة " ومن غيري طبعا فوالدتي لم تغادر سريرها "
فقالت  بضيق " وكيف سأقطعها الآن , لن تكون كما أريد  ، ثم هي لم تجهز بعد "
كنت أنظر لها بصدمة وكأنها ليست سما ذاتها الخجلة مني التي لا ترفع عيناها بي إلا نادرا , يبدوا أني ارتكبت جرما كبيرا جدا لدرجة أن أخرجتها من قوقعة حيائها الكبير
أمسكت قفا عنقي بيدي وقلت بإحراج " آسف لكني لم استطع مقاومة شكلها ولم أتوقع أنه لها طريقة في التقطيع وأنها لم تجهز "
نظرت لوالدتي وقالت بحزن " أرائيتي خالتي , ما الحل الآن "
ضحكت أمي وقالت " لا حل لدينا سوا معاقبته كي لا يعيد فعلته "
قلت بصدمة " ماذا تعاقبانني .... ولماذا "
قالت سما مغادرة بتذمر " لن تجدي معاقبته لقد ضاعت الكعكة "
ضحكت والدتي بعدما غادرت وقالت " تخجل منك في كل شيء إلا وقت الغضب "
قلت بابتسامة " وما يدريني أن هذا سيحدث أنا حقا لم أقاوم شكل الكعكة "
قالت بلوم " ولكنك المخطئ في كل الأحوال هي سهرت الليل في إعدادها وأنت لم تأخذ حتى الإذن منها "
تنهدت وقلت " والحل الآن الفتاة تبدوا مستاءة جدا حد أنها كسرت الحاجز الذي بنته بيننا "
قالت بضحكة " تصرف أنت في الأمر لا دخل لي "
وقفت وقلت " تستطيعين حل المشكلة لكنك تحبين توريطي دائما يا أمي "
ثم غادرت الغرفة على ابتسامتها الشامتة وتوجهت للمطبخ
كانت تقف عند الطاولة تمسك السكين وأمامها الكعكة تحاول رسم مخطط لتقطيعها في الهواء وتتأفف , اقتربت من الباب ووقفت أمامه وقلت " أنا آسف حقا هل يمكنني إصلاح الأمر "
قالت بحزن " لن نستطيع أبدا تقطيعها بالطريقة الصحيحة ولا يمكن تقديمها بغير تلك الطريقة "
دخلت واقتربت منها وأخذت السكين من يدها وأنا أقول " لا تنسي أني خريج هندسه , أخبريني كيف تريدين شكل القطع "
أبعدت يدي وقالت " لا أرجوك لا تفسدها أكثر "
ضحكت وقلت " حسنا أنا أفسدتها في كل الأحوال فدعيني أصلح الأمر على الأقل "
قالت مشيرة بأصبعها فوق الكعكة " أريدها هكذا قطع شكل معينات وأن تكون حبة كرز في منتصف كل قطعة فجد حلا لها "
حككت شعري بيدي الأخرى وقلت " ستخسرين الكثير منها هكذا لكي نصلح الأمر لأن الجهة التي قصصتُها أنا كلها ستلغى "
رمت يدها في الهواء بحركة طفولية وقالت بعبوس " لن تكفي أحدا ولا وقت لإعادتها من جديد "
قلت بعد صمت ونظري على الكعكة " لدي فكرة نأخذ الأجزاء التي سنستبعدها ونقطعها وحدها للأطفال "
عدّت بأصابعها ثم قالت " أريد عشر قطع سليمة منها فتصرف حالا "
ضحكت وقلت " أمري لله , ولكن إن لم أنجح ؟ "
قالت " لن نقدم منها لصديقيك طبعا إن خرجت بثماني قطع "
ضحكت وقلت " وإن كانت أقل من ثمانية "
قالت ببرود " ستبقى تلك التي أسمها دعاء طبعا بلا حصة "
نظرت لها بصدمة ثم قلت بابتسامة " ولما هي تحديدا هل كرهتها لما قالت عنك "
لم تجب وتجنبت النظر لي ولا أعلم لما , قطعت الكعكة محاولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه وخرجت بتسع قطع سليمة وجيدة فأحضرت سما الأطباق لنقلها فيها فقلت " ولكن بقي واحد ناقص "
قالت وهي تنقلهم للأطباق " من سيأتي متأخرا لن نقدم له الكعك "
ضحكت وقلت " ياله من تعيس "
نظرتْ للأرض بخجل وابتعدت تشغل نفسها بالشوك وها قد عدت للحماقات مجددا , ليس عليا أن أعتبرها صغيرة لهذه الدرجة
نظرت للقطع التي خصصناها للأطفال وقلت " يعني أنه لا حصة أخرى لي "
نظرت لي بصدمة فقلت ضاحكا " طبعا لن تكون لي أي حصة كنت أمزح "
ثم قلت مغادرا المطبخ " آسف حقا يا سما على ما فعلت بكعكتك "
*
*
رتبت الكعكة في الأطباق وغطيتهم لتكون جاهزة للتقديم وبدأت بتحضير الغداء كي يجهز باكرا فعليا تنظيف المنزل مجددا قبل مجيء الضيوف , بعدما انتهيت خرجت من المطبخ
ذهبت لغرفة خالتي ووقفت عند الباب وقلت " هل خرج نزار "
قالت بابتسامة " قال عليا أن ابتعد عنكم كي لا أفسد تجهيزاتكم للعيد أكثر "
نظرت للأرض بحزن وقلت " يبدوا غضب من كلامي , أنا حقا لم أقصد جرحه لكني لا أحب أن يعبث أحد بما أصنعه "
وصلني صوتها الحنون " أبدا يا سما هو لم يغضب منك ومستاء حقا لأنه أفسد كعكتك "
خرجت من غرفتها وسمعت صوت باب المنزل يفتح اقتربت من هناك وكان نزار داخلا منه فنظرت له مطولا ثم نظرت للأرض
وقلت " أنا حمقاء حقا وآسفة ما كان عليا أن اغضب من شيء تافه كهذا , فقط أنا اعتدت أن لا يلمس أحد ما أصنعه حتى ينتهي لكني غبية و.... "
قاطعني قائلا " لا تعتذري يا سما أنتي لم تخطئي "
ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها مدها لي مفتوحة وفيها سلسالا فضيا يحوي زهرة حمراء صغيرة
قال بابتسامة " هذا اعتذار مني لك "
ثم ضحك وقال " ولن آكل من كعكتك مرة أخرى حتى تعطيها لي بنفسك "
لم اعرف ما أقول بقيت انظر لعيناه بحيرة وصمت ثم هززت رأسي بلا فقال بحيرة " ألن تقبلي اعتذاري "
قلت بهدوء " بل لن أقبلها مادمت لن تأخذ من كعكي إلا بأذني "
قال مبتسما " حسنا لن آخذ من الكعك الذي فوقه كرز والباقي آخذه "
ضحكت ضحكة صغيرة غلبتني فمد يده أكثر وقال " هيا اقبليها مني لأتأكد أنك لست غاضبة "
مددت يدي له فوضعها فيها وقلت ونظري أرضاً " شكرا لك "
قال بهدوء " ليس سوا سلسال بسيط أمام خطئي "
ثم قال وهو يتجه للسلالم " سأنام قليلا أيقظيني عند الغداء "
تبعته بنظري حتى ابتعد ثم نظرت للسلسال في يدي , كان والدي يشتري لي الحلي وكنت أحبهم كثيرا رغم أنه لا يسمح لنا بالخروج بهم لكن هذه أراها مختلفة رغم أنها ليست من الذهب كتلك ,ث
اطبقت يدي عليها وضممتها لصدري ولا أعرف لما أيضا وكم كثرت الأمور المبهمة عندي
توجهت لغرفة والدته ودخلت وفتحت يدي لها وقلت وأنا أقترب منها " أنظري خالتي لم يغضب مني بل جلب لي سلسالا كاعتذار "
رفعته من كف يدي وقالت وهي تنظر له بتفحص " جميل يا سما و عرف نزار أخيرا عند من يضعه "
نظرت لها بحيرة فقالت مبتسمة " هيا دعيني أساعدك في إغلاقه "
جلست أمامها عند السرير ورفعت جديلتي فلفته حول عنقي وأغلقته ثم قالت " لا تنزعيه أبدا يا سما عديني بذلك "
التفت لها وقلت " أعدك ولكن لما وما قصة هذا السلسال "
تنهدت وقالت " قصته جرح قديم كنت أنتظر أن يتخلص نزار من بقاياه وها هو تخلص منه أخيرا "
بقيت أنظر لها باستغراب ثم قلت " هل يخص فتاة أخرى "
ضحكت وقالت " سما لا تحاولي تفسير كل شيء هو لا يخص فتاة أخرى ولم يخرج من عند نزار إلا اليوم ومنذ أعوام لأنه كان سيهديه لخطيبته في عيد ميلادها ولم يحدث "
نظرت للزهرة في عنقي ثم لها وقلت " هل كانت له خطيبة "
تنهدت وقالت " نعم ولم تعرف قيمته وأضاعته من يديها "
قلت بهدوء وعيناي في عينيها " ولكني هكذا سأذكّره بها أليس كذلك "
هزت رأسها بلا دون كلام فابتسمت لها ولذت بالصمت لأني تماديت في التدخل فيما لا يعنيني ولكني حقا أريد معرفة لما تركته ولما احتفظ بالسلسال ولما أعطاه لي وليس لدعاء أو غيرها ولما خرج من المنزل ليجلبه هل لأضن أنه أحضره من الخارج ووالدته أفسدت كل شيء !!
أخرجني من أفكاري صوتها قائلة وهي تمسح على شعري " لا تنزعيه من رقبتك يا سما فنزار لا يعنيه أمرها وإلا ما كان أعطاه لك فلا تضني أنه يريد تذكرها بك , هو يحترمك حقا ويعد نفسه مسئولا عنك "
ابتسمت لها وغادرت الغرفة أنهي تجهيز الغداء وترتيب باقي المنزل وعندما أصبح الغداء جاهزا صعدت لغرفته وطرقت الباب عدة مرات ولم يجب فطرقت بقوة أكبر فوصلني صوته غليظا من أثر النوم " استيقظت يا سما وسأنزل حالا "
نزلت وبعد قليل سمعت خطواته ينزل من الأعلى فخرجت من المطبخ وقلت " علينا إدخال طاولة الطعام , الغداء جاهز "
توجه من فوره نحوها قائلا " حسنا هيا لندخلها معا "
أدخلناها وأنا منذ نزوله أركز على نظره إن نظر للسلسال ولكنه لم يهتم له ويبدوا كما قالت والدته لم يعد يعنيه أمرها ولكن لما أعطاه لي !!
تناولنا الغداء سويا وخرج نزار وبعد العصر جاءت جارات والدته وقدمتني لهم على أني قريبة زوجها وكن لطيفات وبشوشات وأعجبهم كعكي والعصير أيضا وكلهن طلبن مني طريقة إعداده ,
بعد وقت طرق أحدهم باب المنزل فتوجهت له وفتحته فكانت دعاء سلمت عليا ودخلتْ وأغلقت أنا الباب خلفها ودخلت, جلسنا مع البقية ولم أجلب لها من كعكي , لا اعلم لما ربما لأنها قالت لا تحب الحلويات
بل أحضرت لها العصير وشطائر مملحة مع اللحم هي والبقية وقالت إحداهن مبتسمة " ها قد وجدتِ لابنك نزار زوجة جميلة وربة منزل فقومي بواجبك وأقنعيه "
أحسست حينها بكم هائل من الخجل مما قالت فلم أفكر للحظة أن يكون تفكير الناس بي أن أكون زوجة له وما هي الزوجة وما دورها في حياته غير رباط يربطه بها وأبناء
قالت دعاء بابتسامة ونبرة لم أفمها " نزار لا يرى الارتباط بالصغيرات في السن أمر عقلاني وقالها مرارا فهوا يعترض على زواج القاصرات فيستحيل أن يطاوعها "
لو أعلم ما الذي ترمي إليه وتفكر فيه ؟ هل تخشى حقا أن تقنعه والدته بالزواج بي ؟ لكن كلام المرأة كان مجرد مزحة ولا أعتقد أن أي منهم أخده على محمل الجد
غيرت خالتي الموضوع من فورها وكأنها تعمدت ذلك ولا أفهم شيء مما يجري هنا ومر بعدها الوقت حتى غادر كل الضيوف ولم تبقى سوى دعاء, كنت أشعر بالنعاس من شدة التعب وسأنام مكاني وهذه لا تفكر في المغادرة على ما يبدوا حتى قالت خالتي" سما بنيتي أنتي تعبتِ كثيرا اليوم اصعدي لغرفتك وارتاحي ونامي "
قلت  بابتسامة " لا باس خالتي قد تحتاجون شيئا "
قالت دعاء ببرود " لست غريبة وأحفظ المنزل كاسمي يمكنك أن تنامي وترتاحي "
وقفت مستاءة من لهجتها معي فوقف حينها نزار عند الباب بعد دخوله من الخارج فهو لم يرجع منذ الغداء , ألقى التحية وقال مبتسما " كيف حالك يا دعاء وكل عام وأنتي بخير "
أجابته بابتسامة " وأنت بخير "
نظر لي وقال " صديقي وأبنائه سيكونون هنا غدا قد يأتي باكرا وقد يأتي بعد غد حسب ظروفه "
هززت رأسي بحسنا دون كلام فغادر من فوره وصعد للأعلى ووقفت حينها دعاء وقالت " يبدوا لن تنامي قبل أن أذهب لن أتعبك أكثر من هذا " ثم ألقت علينا التحية وغادرت
نظرت لخالتي وقلت باستغراب " لماذا غضبت مني هل أخطأت في شيء "
ضحكت وقالت " لا لم تخطئي ولكن لا شيء يطرها للبقاء أكثر "
ابتسمت وقلت " لم أفهم "
قالت مبادلة لي الابتسامة " من الأفضل للإنسان أن لا يفهم كل شيء, هيا اصعدي لغرفتك وارتاحي "
وقفت بالقرب منها وقلت " هل تريدين شيئا قبل أن أصعد "
قالت بحب " لا بنيتي أطفئي النور فقط "
ابتسمت لها وتوجهت لمفتاح النور أطفأته وقلت " تصبحين على خير "
وصلني صوتها قائلة " وأنتي بخير يا ابنتي "
صعدت بعدها السلالم وفوجئت بنزار يقف في الأعلى ينتظرني
*
*
حينما طلب من أمجد أن يساعد شقيقتاه بركوب السيارة ويتركونا وحدنا علمت أنه سيفتح موضوع الزواج مجددا وقد يجرجرني من شعري هذه المرة ليأخذني معه رغما عني
بقينا ننظر لبعضنا بصمت ثم قال " كيف كانت رحلة بحثك عن العمل , يبدوا لم توفقي في إيجاده "
نظرت له بصدمة وقلت " هل تراقبني يا سيادة المحقق "
قال بابتسامة جانبية " وأعرف متى تنامي ومتى تستيقظي "
قلت بسخرية " نعم فلا شيء ورائك غيري فكل المجرمين في السجون وكل القضايا محلولة ولم يعد يموت أحد "
تغيرت ملامحه ويبدوا من حماقتي أهنته كثيرا , قال بحدة " ليس أنتي من يعلمني حدود مهنتي يا أرجوان وليس من مصلحتك أن أضعك في دماغي "
قلت بضيق " ولما تضعني في دماغك بما أذيتك أنا "
تنفس بقوة حتى كدت أشعر بحريق أنفاسه الغاضبة وهو يحاول تهدئة نفسه ثم قال بجدية " أريد جوابا واضحا هل تعنيك مصلحة الأطفال وتريدي أن تكوني معهم أم لا "
قلت من فوري " بالطبع أهتم لمصلحتهم والسؤال الثاني لا يحتاج أن أجيبك عنه لأنك تعرف جوابه "
قال مباشرة " ولما العناد إذا "
قلت بهدوء لأني بالحدة لن أكسب شيئا " أن أخاف على مصلحتهم وأحبهم وأريدهم شيء وأن تجعلوا مني حاسوبا تُدخلون لها البرنامج الذي تريدونه لأطبقه عليهم شيء آخر فهل ستتركني أربيهم على طريقتي ولن يتدخل أحد بي وبهم "
قال ببرود " لا تنسي أني والدهم ومن في القصر عائلتهم كيف لا يتدخل أحد اشرحي لي هذه النقطة "
قلت بذات هدوئي " والدهم على العين والرأس تأمرهم تنهاهم توبخهم إن أخطئوا أما البقية لا دخل لهم بهم "
قال بابتسامة جانبية " لما لا تتكلمي بوضوح "
قلت بجدية " تعلم ما أعني وعليا أن أكون واضحة معك أن تتزوجني كمربية لأبنائك شيء قد تقبله نفسي لأني أساسا كنت مكرسة كل حياتي لأجلهم قبل أن تظهر أنت وكنت قد رفعت فكرة الزواج من أساسها من أجلهم
لكن أن تقوموا بانتقادي وخصوصا أمامهم ، وتجعلوني كجهاز التحكم الذي تحركون به الأبناء كيف تشاءون ، هذا أمر لا أحد يقبله  ، ولا حتى أنت لنفسك "
تنهد وقال " أمي من ربتنا وأفنت شبابها من أجلنا وواجهت الرجال في أموال والدي وتجارته من أجل أن تضمن مستقبلنا فهل نكافئها أن نقول لها أبنائنا ولا دخل لك بهم أنتي لا تعرفين كيف تربين الأطفال "
قلت من فوري " إذا تجعل حدا بيني وبينها "
بقي ينظر لي بصمت وأضنه من الذكاء أن يفهم لما كنت أرمي ثم قال " وبنود هذا الحد "
قلت من فوري " مكانة لي مثلها هناك "
ثبت نظره على عيناي دون كلام فقلت " عليها أن لا تعاملني كخادمة لديكم بل كزوجة لابنها وأم لأبنائه تتناقش معك ومعي فيما لا يعجبها ولا ترميني بكلامها أمامهم وكأني أعمل لديها وأضنك تذكر جيدا ما حدث "
قال بجدية " وإن أخبرتك أنها غير راضية عن زواجي بك من أساسه "
صدمت لكلامه ليس لأني لم أتوقع أن ترفضني والدته لكن أن يقولها لي الآن وما يريد بهذا , أنا لست ندا لمواجهة هذا الرجل أعترف بهذا
تابع قائلا " أنا رجل ملتزم بعملي وليس عملا سهلا , أرجع آخر النهار رأسي لحظة وينفجر فأجد مشاكل الأبناء ووالدتي أمامي ولا أريد أن أجد ثلاثتكم بمشاكلكم تنتظرونني , جدي حلا لهذه النقطة وستضعين لنفسك بنفسك المكانة التي تريدي "
قلت بصدمة " ما تعني بهذا هل تتركني وحدي لمواجهتها ، دون من أستند به !! "
قال ببرود " والدتي لن أقول أنها خط احمر في حياتي ولكني أحترمها أكثر مما تتخيلي "
قلت بجدية " هل أفهم صمتك يومها عن إهانتي أمام الأطفال احتراما "
قال باختصار " نعم "
قلت بسخرية " يعني لن تحترمني أنا كزوجة أمامها "
قال بهدوء ممزوج بالضيق " أرجوان أنا قلت كلاماً واضحاً وأضنك أذكى من أن لا تفهميه , لا أريد أن أدخل في مشاكلكم هذا ما أطلبه منك في كل هذا الزواج "
قلت ببرود " ولا حتى أن تقف معها ضدي هل أنت متأكد أنك لن تتدخل حتى لو طلبت منك هي هذا "
قال من فوره " إلا فيما أرى أنا أنه صحيح ويصب في مصلحة الجميع "
قلت " ومعي نفس الشيء أم لا "
قال بجدية " ومعك نفس الشيء إن رأيت رأيك صواباً "
بقيت أنظر له بصمت فقال " هل ننتهي من هذه المسألة التي أصبحت لعب أطفال "
شعرت بالأبخرة تتصاعد من دماغي , هل يرى هذا الموضوع الحساس لعب أطفال ! هل يستهين بالأمر لهذه الدرجة
كنت سأصرخ به ولكني هدأت نفسي فعليا إنهاء المسألة كما أريد قلت " وهل ترى إجباري على الزواج بك أمر لائق "
تأفف وقال " هل سنعود لنقطة البداية بعدما اجتزنا كل هذه المسافة "
قلت بجدية " نعم لأنها النقطة الأهم في الموضوع فكيف أثق في باقي كلامك وأساس الموضوع إجبار "
قال بنفاذ صبر " والمطلوب "
قلت من فوري " تطلب رأي في الزواج بك وتتقبل رفضي إن رفضت "
قال بضيق " لا أعلم كيف تفكرين يا أرجوان تحبين الأبناء وترين أنهم بحاجة لك وتتحججي وكأنك تناقضين نفسك "
قلت ببرود " أنا في النهاية إنسانة ويحق لي أن تحترمني "
قال متوجها ناحية الباب " إذا أنتظر جوابك "
ثم خرج وأغلق الباب خلفه فجلست على الأريكة بل انهرت عليها كيف أعيش مع هذا الوحش وأعاشره ووالدته التي لم تدخل خط الحرب حتى الآن , لا ويريد أن يخرج نفسه من خط المواجهة ويتركني وهي وحدنا
لا يكسرني شيء سوى هؤلاء الأبرياء الذين يحتاجون لي في حياتهم هناك أكثر من دراستهم وكل ما أخشاه أن يخبرهم أنه طلب مني العيش معهم هناك للأبد وأني رفضت , لا أريد أن يأخذوا عني تلك الفكرة... آه يا رب ساعدني في هذا
وقفت بعدها وصعدت لغرفتي ورأسي بدأ يؤلمني من مواجهة هذا المخيف , على الأقل تعلّم أنه لن يأخذ شيء مني بالإجبار لتكون هذه النقطة حدا في حياتنا إن وافقت على الزواج به
أحسست بألم رأسي ازداد من هذه الفكرة فأمسكته بيداي صاعدة للأعلى , كيف سيكون التطبيق هناك أجزم أنها ستكون نهايتك يا أرجوان
* *
خرجت من عندها وركبت السيارة ضاربا الباب خلفي بقوة لأجد بكاء ترف ينتظرني مزلزلا المكان فقلت بضيق " ما الذي يبكيك يا ترف "
قالت ببكاء " بيسان ضربتني على عيني "
قلت بحدة " بيسان ظننتك كبرتِ "
قالت من فورها " لم أضربها كان بالخطأ "
قالت ترف " بل ضربتني "
قالت " أنتي لديك نافذتك هناك لما تأتين لنافذتي , أردت إبعادك لأرى ولم أضربك "
قالت ترف ببكاء " لا سيارات من هنا , الطريق من جهتك "
تأففت وقلت " انتهى الأمر سنتحرك بالسيارة وتصبح السيارات جهتك أيضا فأنهيا هذا الجدال لا ينقصني أنتما "
ثم انطلقت عائدا بهم للقصر وكل واحدة منهما ملتصقة بنافذة تغني وأمجد جالس بجواري وهادئ تماما
لا أعلم متى ستكبران وتصبحان مثله رغم أني أجزم أنهما لن تعقلا أبدا فيبدوا أن تلك الفتاة وحدها من يمكنها السيطرة عليهما, كل ما أخشاه أن أجلب لنفسي المزيد من المشاكل بزواجي بها لكني أراها أذكى من أن تتصرف بغباء كحسناء سابقاً
إن خلصتني من مشاكل والدتي والأولاد ستكون أسدت لي أعظم معروف لكن إن تأزم الأمر أكثر فسأصبح في ورطة أكبر ولولا ذاك السبب ما تزوجتها كغيرها وعلى والدتي أن تقتنع أنه سبب منطقي وسيخلصنا من مشاكل محتّمة مستقبلا سواء تزوجت بغيرها أم لا
كان عليا إيضاح حدودي في المشاكل بينها وبين والدتي كي لا أكون في حسناء جديدة هي
أمك قالت وفعلت وأمي زوجتك قالت وفعلت وإن وقفت مع إحداهما مرّرت الأخرى يومي وهذا بات واضحا لأرجوان الآن وبقي والدتي
المهم عندي مصلحة الأبناء وهما الاثنتان تجدا لنفسيهما حلا فأرجوان كلامها واضح وتفهم جيدا أن حدود علاقتنا هي الأولاد وغيره سيكون حسب مزاج كلينا ولكنها وعلى ما يبدوا لا تعلم أن مزاجي ليس عند مربية فقط فنحن لا نلعب
أخرجني من أفكاري صوت بيسان قائلة " بابا لما لا ننام مع ماما مرة واحدة فقط "
قلت ببرود " ستأتي هي لتنام معكم "
قالت بصدمة " حقا !! "
قلت " نعم وللأبد "
نظر لي أمجد بصدمة وعم الصمت منهم للحظة ثم صرخوا ثلاثتهم بمرح مزلزلين السيارة فقلت بحدة " يكفي صراخ "
سكتوا فورا وقالت ترف " هل حقا ستعيش معنا للأبد "
ابتسمت بمكر وقلت " نعم إن هي وافقت "
قال أمجد " ماما تحبنا وتريدنا فلن ترفض "
قلت " قد ترفض فالخيار لها "
قالت بيسان " مستحيل ماما لن ترفض "
قالت ترف بحيرة " هل اكتشفتَ أنها ابنتك أيضا "
ضحكت ضحكة عالية على نظراتهم الحائرة ثم قلت " لا هي ليست ابنتي وانتهى الحديث في الأمر ،  سأتصل لكم بها بنفسي غدا لتعرفوا إن وافقت أم لا "
دخلنا حينها القصر وأنزلوا الحراس الفتاتان وبقي أمجد ونظر لي وقال " هل ستتزوج من ماما "
كان عليا أن أتوقع هذا السؤال منه فأمجد ليس طفلا درجة أن يفوته هذا , صحيح أنه في الثامنة لكنه أذكى من أن لا يفهم الأمر
قلت " نعم ولا تُفهم شقيقتاك الأمر كما تفهمه أنت مفهوم "
قال بابتسامة رضا لِما علم " مفهوم بابا "
ثم نزل من السيارة وغادرت القصر عائدا لمكتبي , اليوم بحكم أنه عيد المكان شبه خالي إلا من القليل منهم لأنه لا أسوء منا نحن الأجهزة الأمنية إلا الأطباء فكلانا لا يعترف العيد بنا
* *
منذ أن دخلت لغرفتي وأنا أتقلب يمينا ويسارا على السرير أطمع أن أنام في أبعد وقت ينام الإنسان فيه
أنا حقا حائرة ولا أعلم ما سأفعل إن رفضت سألوم نفسي عن أي شيء سيصيب الأولاد ويفسد مستقبلهم ومؤكد لن يدعني أراهم بعد اليوم لأني فرطت في الفرصة التي ستجعلني معهم دائما وإن وافقت سأكون كمن دخل الجحيم بقدميه
زوج لا أعرف من أي كوكب جاء صخرة باردة ومتعجرفة وذكي بشكل مخيف لا يفوته شيء يقرأ حتى نظرات العينين ووالدته لو كتبت فيها مجلدات لن أصفها ولن أوفيها حقها , شقيقة غائبة حتى الآن عن ساحة الحرب والله أعلم ما يخبئون أيضا من مفاجأات
جلست ورميت اللحاف من فوقي ولففت شعري للخلف كعكة وأمسكته بمشبك شعر
ثم أمسكت بهاتفي واتصلت بسوسن ففتحت الخط من فورها فقلت وأنا أتوجه للخزانة " مرحبا سوسن "
قالت بقلق " مرحبا أرجوان ما بك تتصلين ونحن كنا معا منذ قليل ... هل حدث معك مكروه "
تنهدت وقلت " أريد أن أراك الآن هل أنتي منشغلة بشيء "
قالت من فورها " لا .... لقد حممت الأولاد وناموا فهذا وقت نومهم وحامد غادر لزيارة صديق له في المدينة المجاورة "
قلت وأنا أخرج ثيابي وأرميها على السرير " إذا أغير ثيابي وأكون عندك "
قالت " حسنا وأنا أنتظرك "
خرجت بعد قليل من المنزل وتوجهت لمنزلها وصلت وطرقت الباب
فتحت لي بسرعة وقالت " ادخلي هيا يبدوا أمرا خطيرا ورائك "
دخلت أتبعها في صمت فقالت ضاحكة " أقسم أن ذاك الضخم الوسيم وراء هذه الزيارة "
تنهدت وقلت بضيق وأنا أجلس على أريكة الصالة " سوسن لا تجعليني أغادر غاضبة منك ومن نفسي لأني أتيت "
جلست وقالت ضاحكة " لا أرجوك كله إلا أن تغضبي مني ، هل أحضر شيئا نتسلى به "
قلت من فوري " لا أريد شيئا أكلنا اليوم فوق طاقتنا "
قالت بابتسامة " معك حق فأبناء خطيبك ، أطعموك نصف حصصهم في الحديقة "
نظرت لها بضيق فقالت ضاحكة " عليك أن تقتنعي يا أرجوان هذا الزواج لا مفر لك منه "
تأففت وقلت " لقد تحدث معي حين جاء لأخذهم "
نظرت لملامحي مطولا بصمت وكأنها تنتظر أن أتابع حديثي فنظرت ليداي في حجري وقلت " قال أنه عليا أن أواجه والدته وحدي ولا أدخله في أي مشكلة بيننا وكأني أنا من عرضت عليه الزواج وهو يضع الشروط "
انطلقت منها ضحكة عالية فقلت بضيق " سوسن أنا لم القي عليك نكتة "
أمسكت فمها لتكتم ضحكتها وقالت " آسفة يا أرجوان لكن الأمر مضحك حقا "
تنهدت وقلت بحزن " هل تري حالي وما ألت إليه "
قالت بهدوء " هو أيضا يبدوا محاصرا من والدته "
نظرت للأرض بشرود وقلت " أجل وأنا فهمت ذلك من كلامه هو لا يريد إغضابها منه ويحترم تضحيتها لأجلهم وتربيتها لهم لكن هذا لا يعطيه الأحقية أن يتركها تتحكم في كل شيء يخص حياة أطفاله "
قالت بجدية " كان بإمكانه أن يقول لك أمي ما تريده سيكون لكنه حقا مقتنع أنها مخطئة في بعض الأمور "
نظرت لها وقلت بضيق " وما ذنبي أنا يضعني في وجه مدفعها أتلقى منها القذائف لأنقد أبنائه ولم يفكر بي أبدا "
قالت بعد صمت " أرجوان هي حرب قوية وعنيفة أتفق معك في ذلك لكن إن كسبتها ستفوزين بكل شيء وأولهم ذاك الأسطوري "
تأففت وقلت " لو أعلم ما الذي يجعلك تتغزلين فيه هكذا وبأي عين ترينه "
ضحكت وقالت " لا تكوني تغارين عليه "
نظرت لها بحدة فقالت بدفاع ملوحة بيدها أمامي و تكتم ضحكتها " امزح أمزح لا تقتليني "
نظرت للجانب الآخر ولُذت بالصمت فقالت " وما قررتِ بشأن كل هذا "
عدت بنظري أماما ونظرت للأرض وقلت بحيرة " لا أعلم يا سوسن أنا حقا في مأزق إن رفضته سأكون ظالمة في حق قلبي الذي يحب أبنائه بجنون وفي حقهم هم لأنهم يحتاجونني بشدة وإن وافقت سأرمي بنفسي للمجهول الذي قد يطول بي لسنين وأنتهي نهاية والدتهم المؤسفة "
قالت بهدوء " وهل ترك لك مجال للرفض , هو يجبرك إجبارا "
نظرت لها وقلت " بل ترك الخيار لي نهاية حديثنا "
شهقت بصدمة وقالت بابتسامة واسعة " حقا فعل ذلك !! كيف أقنعته "
قلت بابتسامة سخرية " حاصرته في مربع شخصيته ونجح الأمر "
ضحكت وقالت " أرجوان أمازلتِ تذكرين ما قرأته في تلك الكتب "
ضحكت ضحكة صغيرة غلبتني وقلت " ضننت أني نسيت ما قرءنا من تخاريف لكن يبدوا أنه حين تجدين نفسك في مأزق يخرج عقلك بالمعجزات ووجدت كل شيء أمامي حينها "
قالت بابتسامة " إذا لن تعجزي عن شيء "
تنهدت وقلت " أجزم أنها محض مصادفة ولست ندا له يا سوسن هو رئيس محققين وعاش تجربة زواج سابقة فلن ينجح الأمر أبدا "
قالت بضيق " أرجوان يا غبية أنتي استطعتِ تربية ثلاث أطفال تربية لم أربها أنا لأبنائي اللذين من رحمي , كيف تعجزين أمام والدهم "
لوحت بيدي بلامبالاة وقلت" هو لن يتزوجني إلا من أجل أبنائه ، وقالها علانية "
قالت ببرود " هل تريدي إقناعي أنه سيتزوجك حبر على ورق فقط لتربي الأبناء , ستكونين واهمة إن فكرتي هكذا يا صديقتي "
نظرت لها بصدمة وقلت " ماذا تعني بهذاَ !!"
قالت بابتسامة ماكرة " اعني ما فهمته يا ذكية فليس هناك زوج لديه زوجة لتربي أبنائه فقط "
قلت والصدمة لم تفارقني " لا .... ذلك مستحيل , لن نكون زوجان فعليان فسوف أجن إن اقترب مني "
ضحكت وقالت " أرجوان لم أكتشف أنك حمقاء إلا الآن , لا يخدعك عقلك ولا تخدعك شعاراته فلا يوجد رجل يقاوم امرأة تحل له "
هززت رأسي بقوة وقلت " مستحيل أنا لم أفكر في هذا "
رفعت كتفيها وقالت " سترين بنفسك وسيأتيك كلامي يوما "
وقفت وقلت " إذا سأرفضه لا حل أمامي "
وقفت معي وقالت " وأبنائه ... أو أبنائك يا أرجوان فأنتِ الأحق بهم من الجميع وحتى والدته تلك "
قلت بأسى " وكيف أنظر لشيء إيجابي واحد في الأمر واترك كل السلبيات المتراكمة ... كيف !!! "
قالت بهدوء " صحيح أنه أمر إيجابي واحد ولكنه يساوي كل تلك السلبيات ويفوتها يا صديقتي "
توجهت جهة الباب لأغادر فأوقفني صوتها قائلة " لا تعانديه يا أرجوان ولا تتحديه فلستِ ندا له ولا تخسريه من صفك منذ الآن , تذكري هذا دائما "
قلت مغادرة دون أن التفت إليها " شكرا لك يا سوسن ، واعذريني على الإزعاج "
ثم خرجت من منزلها وعدت أدراجي لمنزلي أسوأ مما خرجت منه لتمر عليا الليلة عيناي مفتوحتان لم تغمضا أبدا
*
*
" أجل هكذا يا بتول ستضعين الفعل الماضي هنا "
قلت بامتنان " كم أنا ممتنة لك يا رجاء لقد ساعدتني كثيرا "
قالت بابتسامة " لا تشكريني يا بتول هذا أمر سهل بالنسبة لي "
قلت مبادلة لها الابتسامة " لكنه صعب عندي , لا أعلم من دونك كيف كنت سأفعل فوالدتي ترفض أن يحضر لي والدي معلمة خصوصية ووالدي يرفض المعلمين وبقيت بينهم كالكرة "
قالت " عليك أن تجدي لك حلا غيري فالأطفال منذ حضرت اليوم وهم يتحدثون عن أن أمهم ستأتي للعيش معهم هنا "
قلت بحيرة " ولكن أمهم ميتة !! "
قالت بابتسامة " يبدوا أنها تلك الفتاة التي زارتهم قبل العيد "
قلت " آه أجل تلك التي ربتهم ولكن ما الذي سيأتي بها "
رفعت كتفيها وقالت " الأولاد يقولون أن والدهم أخبرهم أنها ستأتي للعيش معهم وللأبد "
ضحكت ضحكة صغيرة ورقيقة وقلت " تلك الفتاة اصطادته على ما يبدوا وسيتزوجها "
قالت بابتسامة " يبدوا ذلك " ضربتها على رأسها بالكتاب ضربة خفيفة وقلت " غبية لما لم تستحوذي أنتي عليه وتركته لغيرك "
ضحكت وقالت " بتول بربك والدهم لم يدخل علينا هنا مرة إلا ووبخني وصرخ بي ،  لأنه لا يدخل هنا إلا في أسوء الموافق ، كيف سأرمي بشباكي عليه "
رميت بيدي في هواء وأملت خصري وقلت " غبية وهل هناك من يقاوم سحر النساء لكنك لم تجربي فقط "
قالت بصوت منخفض لأن الأطفال يلعبون هنا في نفس الغرفة " صحيح أنه وسيم ولديه شخصية قوية مبهرة ومركز مرموق لكني أراه لا يعير النساء اهتماما ولن يتزوج بتلك إلا من أجل الأبناء أنا لا أريد زوجا يتزوجني كمربية , ليس ثمة امرأة تريد حياة كهذه "
قلت ببرود " لن يجدي الكلام الآن فقد ضاعت منك الفرصة لكنا خططنا سويا لإيقاعه بغرامك "
ضحكت وقالت " لم أعرفك مخططة حربية لكنا جربنا شقيقه معتصم فيبدوا مختلفا عنه "
قلت باشمئزاز " يع معتصم !! ماذا تفعلين بذاك المتعجرف الثقيل الدم "
قالت بضحكة " لو كان أكبر مني لجربت فيبدوا الوحيد المختلف هنا "
وقفت وقلت " غبية تتركين الأعلى وتنظرين للأسفل "
ثم نظرت جهة الأطفال وقلت " هيا نخرج للشرفة "
قفزوا فرحا فالوقوف في الشرفة بالنسبة لهم كالخروج للتنزه هي فرصتنا فلو كانت جدتهم موجودة لن نستطيع فعل هذا وقفت المربية
قالت وهي تنظر لهم " كم سأشتاق لهؤلاء الأطفال ففي كل سنوات عملي كمربية لم ألتقي من هم في أدبهم وتربيتهم لا يكذبون ولا يتهمونني فيما يفعلونه ولا يتلفظون بشتائم أو كلمات سيئة , كم هم رائعون هؤلاء الأطفال "
قلت بابتسامة " معك حق فكم مرة قالت لي إحدى الفتاتان أنظري لشقيقك مصعب ما يقول ومصعب طبعا تعلم مني كل أنواع الشتائم "
ضحكت وقالت " حتى أنا إن شتمت أحدهم قالوا لي سنخبر ماما وستغضب منك "
قلت متوجهة جهة الشرفة " يالا الأطفال ومخيلتهم "
خرجت وهم يتبعوني ثم نظرت لهم وقلت محذرة بإصبعي السبابة " لا أحد يصعد على حافة الشرفة غيري مفهوم أو أدخلتكم "
قالوا معا " مفهووووم "
وقفوا ينظرون للخارج من الفتحات السفلية ويتحدثون عن كل ما يروه فصعدت أنا بقدماي على أولى حواف الشرفة ورفعت يداي جانبا وقلت " انظروا الآن سأطير "
صفقوا لي يضحكون فشعرت بيدان تمسكانني وتدفعاني للأمام فصرخت مذعورة " لاااااا رجاء ابتعدي عني ولا تمزحي معي في هذا "
ولكن اليدان تزيدان من دفعي وأنا أصرخ مستنجدة لأني لحظات وسأسقط من الشرفة , كنت أترجاها أن لا تفعل ولكنها لا تأبه لي والأطفال يصرخون ويضحكون علي
كان ثمة حارسان في الأسفل ينظران لنا في الأعلى فأشار أحدهما بإبهامه مبتسما للواقف خلفي وكأنه يشجعه على ما يفعل
غريب من أين يعرف رجاء ويفعل لها هذه الحركة !! طار حينها وشاحي من على رأسي لأني كنت ألفه دون دبوس وانفك شعري في الريح , شعري ليس كثيفا لكنه طويل نسبيا وناعم ولونه بني فاتح
عندما أصبح شعري متناثرا في الريح التفت تلك اليدان حول خصري واحتضنتني واستدارت بي سريعا للجهة الأخرى للشرفة بعيدا عن أنظار الحرس والمنازل البعيدة
أنزلت رأسي ونظرت لليدين المحتضنة لي وكانت لرجل فعرفت صاحبها من الخاتم الفضي في إصبعه فضربته للخلف بمرفقي وقلت" اتركني .... أنزلني الآن يا معتصم يا مجرم كدت تقتلني "
وصلني صوته ضاحكا " الستِ تريدين الطيران "
ضربته بقبضة يدي على يديه وقلت " أتركني الآن واستحي قليلا ما هذا الذي تفعله "
افلتني من قبضة يديه لأصبح على الأرض فالتفت له وقلت بحدة " مجنون هل تريد قتلي لترتاح مني "
ابتسم متجاهلا كل ما أقول ومد يده وخلل أصابعه في شعري ورماه في الهواء بحركة سريعة  ، وقال ونظره عليه  " متى أصبح شعرك طويلا هكذا كلسانك "
ثم عاد وغرس أصابعه في شعري مجددا فرميت بيده بعيدا عني وقلت بغيض " كيف تسمح لنفسك أن تلعب بشعري هكذا وتبقى وأنا دون حجاب "
أمسك خصلة من شعري وشدها إليه وقال من بين أسنانه " لا تتحدثي مع الحراس مجددا يا بتول مفهوم "
قلت بتألم وأنا أبعد وجهي عنه وشعري في يده " لا شأن لك بي أنا لم أتحدث معهم في شيء سيء "
شد خصلتي أكثر حتى بات وجهي يكاد يلتصق بوجهه وأنفاسه تضرب خدي بقوة وقال بصوت منخفض " إن وقفتي مع أحدهم مرة أخرى ... "
أدخل حينها يده في جيبه وأخرج شيئا مستطيلا وعندما ضغط عليه فخرج منه نصل سكين حاد ، وتابع وهو يقربه من وجهي " قطعت لك لسانك بهذا يا بتول "
نظرت للسكين بصدمة وهو يقربه من وجهي أكثر فأغمضت عيناي بشدة من الخوف وما هي إلا لحظات وانفكت خصلة شعري من يده وابتعد رأسي عنه بحركة تلقائية ففتحت عيناي ونظرت له فكان يمسك تلك الخصلة في يده ويبتسم بمكر
وضعت يدي في شعري وقلت بصدمة " قصصتَ شعري يا معتصم "
قال مغادرا وهوا يلعب بها في يده " كي لا تعيدي فعلتك مجددا ففي المرة القادمة سأقصه كله "
وغادر الشرفة والغرفة أيضا على نظراتي المصدومة التي تحولت من فورها لبكاء يزداد حدة شيئا فشيئا
دخلت للغرفة وغادرت منها بدون حجابي ، ودموعي على خداي وشعري مفتوح
نزلت السلالم بسرعة وتوجهت للباب فأمسكت يد بذراعي ولفتني للخلف لأجد معتصم أمامي قائلا بحدة " أين تغادرين في الشارع هكذا "
رميت بيده عني وقلت ببكاء " ابتعد عني يا معتصم يكفيك ما فعلت "
أمسكني من ذراعي مجددا وسحبني للداخل وهو يقول " إن خرجتِ هكذا قطعت ساقيك تفهمي "
أوصلني لغرفة الجلوس الداخلية وأدخلني هناك وأغلق الباب مسندا يده عليه وقال " متى ستتوقفين عن التصرف كالأطفال يا بتول متى ستكبرين لقد أتعبتني معك "
قلت بصراخ " وما شأنك أنت بي أكبر أصغر أموت شيء يخصني "
ضرب الباب بيده وقال " كل الشأن يا بتول كل الشأن لي أنا تفهمي "
قلت بجمود " أنا لا اعترف بك في كل قواميسي "
بقي ينظر لي لوقت دون أي ردة فعل وعيناه مثبتتان على عيناي ثم أبعد يده عن الباب وبدأ بفتح أزرار قميصه فتراجعت للخلف وقلت بصدمة " معتصم ماذا تفعل "
نزع قميصه ورماه علي وقال " إن خرجت شعرك مكشوفا هكذا كانت نهايتك على يدي "
ثم أشار لقميصه وقال بأمر " ضعيه على راسك واخرجي هيا "
بقيت انظر له بصمت فصرخ " لفيه على رأسك واخرجي وإن علمت أنك تحدثت مع أحد الحراس مجددا كان حسابك معي عسيرا "
أخذت قميصه بغيض ولففته على رأسي وخرجت مارة من أمامه أمسح دموعي فأمسك ذراعي قبل أن أخرج وقال بهدوء " آسف لأني قصصت شعرك لكنها لم تكن سوى خصلة بسيطة "
نظرت لعينيه وقلت ودموعي عادت للنزول " لما تكرهني يا معتصم ؟ لما تتصرف معي هكذا "
أمسك كم قميصه الملفوف على رأسي ومسح به دموعي وقال " ومن قال أنني أكرهك "
قلت بأسى " ولما تتصرف معي هكذا إذا , كل هذا وليس كرها "
ترك ذراعي وقال ونظره بعيد عني " ليس هذا الوقت المناسب لنتحدث في هذه النقطة غادري الآن يا بتول "
بقيت أنظر له بحيرة قليلا ثم غادرت وتركته وخرجت من القصر راكضة وعدت لمنزلنا وتوجهت من فوري لغرفتي
* *
خرجت هي من أمامي تمسح دموعها ومررت أنا أصابعي في شعري وتنفست أزفر الهواء بقوة , تُخرجينني عن طوري دائما يا بتول وعجزت أن أجد طريقة أتفاهم بها معك ومع طيشك الزائد
خرجت من الغرفة أتمتم بغيط " نهايتها تجعلين الحراس خدما لك بسبب مياعتك وغنجك يا بتول "
تقابلت وأمي داخلة من باب القصر مع خادمتها فوقفت ونظرتْ لي مطولا ثم قالت ببرود " هل أصبحت موضة جديدة لدى الرسامين خلع ملابسهم كمجرمين الشوارع "
شعرت بالدخان يخرج من أذناي فأمسكت قميصي الداخلي من الأسفل وخلعته أيضا لأصبح بالبنطلون فقط ورميته على الأرض وقلت " ما رأيك بهذا الرسام الآن "
ثم خرجت من أمامها مجتازا باب القصر للخارج ولففت خلفه ثم دخلت لمكاني السري هناك ورميت الأوراق بقدمي من أمامي ، جواد الأحمق ألف مرة أقول له نضف الفوضى التي تتركها هنا
اقتربت من الزاوية وأزلت قطعة القماش عن اللوحة وأخرجت
من جيبي خصلة الشعر المربوطة ووضعتها على طرف اللوحة وأمسكت بالريشة وقلت بابتسامة " هذا ما كان ينقص لوحتك (الشعر) وها قد رأيته رغم أني كنت سأفعلها في كل الأحوال فأنتي زوجتي ويحق لي هذا "
*
*
دخلت القصر ورن هاتفي نظرت للمتصل فتوجهت لأحد الأرائك وجلست عليها وأجبت من فوري قائلا
" مرحبا رضا أين غادرت ألم تقل أنك ستنتظرني "
قال بضيق " انتظرك حتى متى يا رجل وأنت لست موجود إلا بالاسم "
ضحكت وقلت " امسحها في وجهي هذه المرة "
قال ببرود " طبعا فأنت الفاعل في وجه من غيرك سأمسحها المهم لا تتحدث معها مجددا ما دامت لم تعطيك رفضها "
قلت ببرود " بهذا الشكل قد تنتظر طوال العمر يا رضا "
قال بهدوء " أنا منتظر في كل الأحوال ولن أتزوج غيرها ولن أيأس "
قلت ضاحكا " أعانك الله إذا , هل تأمرني بشيء آخر "
قال بضيق " نعم أغلق الهاتف في وجهي أيضا "
قلت ببرود " رضا لا تجعل نفسك عدوا لي "
ضحك وقال " ستكون أنت الخاسر طبعا لأني سأحكي لوالدتك عن مغامرات الطفولة "
قلت بضيق " نعم هول الأمور كلها كانت مرات معدودة "
قال ضاحكا " لن أعطلك أكثر وداعا الآن "
قلت مباشرة " وداعا "
ثم وفقت وصعدت السلالم متوجها لجناحي لأخذ بعض الأقراص المهمة لأغادر فورا , وصلت للأعلى وتوجهت يمينا فأوقفني الصوت القادم من خلفي قائلا " بابا "
التفت للخلف فكانت ترف تقف في آخر الممر من الجانب الآخر تلعب بأصبعها الصغير فوق شفتيها ، وتنظر لي بهدوء ، فمددت يدي لها وقلت " تعالي يا ترف "
قالت بصوت منخفض " جدتي ستغضب إن غادرت الممر "
تقدمت نحوها وحملتها بين ذراعاي وقلت " ولكني إن قلت شيئا تنفذيه فوق رأي الجميع حسنا "
هزت رأسها بحسنا دون كلام فقلت " ماذا كنتي تريدين قوله لأني مشغول وعليا المغادرة "
قالت من فورها " متى سنكلم ماما أنت قلت لنا بالأمس ستكلمونها في الغد "
أنزلتها بهدوء على الأرض ، وقلت ممسكا يدها " هيا اذا لننهي هذه المشكلة الطويلة "
توجهت لغرفتهم وكان الباب مفتوحا فدخلت تسبقني ترف ويدها في يدي وقالت بمرح " بابا قال سنكلم ماما الآن "
قفزت بيسان من على السرير واقتربت مني ووقف أمجد
* *
بعد الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن نزلت للأسفل وشغلت نفسي بكل شيء الترتيب والتنظيف والتلميع ولم أترك شيئا لم أفعله محاولة الهرب من كل هذه الأفكار التي لا مفر لي منها والزواج الذي لا مفر لي منه
بعد وقت رن هاتفي توجهت نحوه ونظرت للمتصل مطولا بحيرة ، ماذا يريد مني اليوم أيضا ألم يقل أنه ينتظر ردي
كنت سأتجاهله لكني خفت منه فلا أعلم كيف يفكر ويفاجئني دائما بأفعاله فقد يجن ويرسل رجاله للقبض علي
أمسكت الهاتف وفتحت الخط ووضعته على أذني فجاءني صوت ترف قائلة بحماس " ماما هل صحيح ستأتي للعيش معنا للأبد "
بقيت جامدة مكاني من الصدمة ليتبعها صوت بيسان قائلة " ماما لن ترفضي أليس كذلك فبابا قال قد ترفضين "
بعدها أخذ منهم أمجد الهاتف على ما يبدوا من اعتراضهما وقال " ماما تعالي أرجوك , أرجوك وافقي من أجلنا "
أمسكت رأسي بيدي وقلت " أمجد أعطني والدك "
ذاك الخبيث عرف من أين يأتيني لكني لك يا جابر سمعت صوت أمجد يقول " ماما تريد التحدث معك "
ثم صوت جابر قائلا " عودوا لما كنتم تفعلون هيا "
وقال بعدها " لا اعلم ... ترف اجلسي وتوقفي عن القفز "
بعد قليل وصلني صوته قائلا " نعم يا أرجوان "
قلت مباشرة " أنا موافقة "

نهاية الفصل العاشر

*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*

➖➖➖➖➖➖➖➖

☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن