كنت لازلت تحت تأثير الصدمة الأولى التي لم أخرج منها بعد رفعت أصبعي وأشرت للسرير وقلت " هل جننت أتريدني أن ألبس هذا "
وقف فجأة وأشار بوجهه يسارا وقال " لا ... ما رأيك بتلك "
نظرت أين أشار فكانت بدلته الخاصة بعمله بشاراتها مكوية ومعلقة وددت أن قلت له ( نعم وأنت تلبس ذاك القميص )
لكنها ستكون نهايتي إن تفوهت بهذا , ابتعدت خطواته عني قائلا " أعتقد أننا لسنا صغارا لنجلس نمهد لهذا فلا تتأخري , قليلا وسأعود "
ياله من وقح هو العجوز أنا لست مثله أنا في الرابعة والعشرين أم يضن لأني ربيت أبنائه ضاع عمري كله
قال وقد توقفت خطواته " رأيت عمرك في الأوراق في المحكمة لا داعي لتذكيري "
ما هذا الداهية هل يقرأ الأفكار أيضا أي مصيبة وضعتي فيها نفسك يا أرجوان , هذا ليس إلا الشبل ومازال أمامك الأسد فإن كان هذا هكذا فكيف بمن ربته
توجهت جهة السرير بخطوات سريعة والتقطت القميص من عليه وكورته بين يداي , والتفت وأنا أرميه جهة الباب الذي خرج منه لأفاجئ به لازال واقفا أمامه
مد يده وأمسكه ثم بحركة خاطفة فتحه لا يمسك سوى حمالته الحريرية الرقيقة وقال " يبدوا أنك تريدي أن ألبسه لك "
ثم تقدم خطوتين فركضت ناحيته استللته من يده وهربت به لغرفة الملابس وأغلقتها خلفي
ليصلني صوته مرتفعا " لا تتأخري فالغرفة تُفتح من الجانبين "
امسكت القميص بيداي ودسست وجهي فيه العنه بغيض وهمس خشية أن يكون خلف الباب الآن ويسمعني ويجدها فرصة لتحطيم وجهي , وبعدما أمطرته بوابل من الشتائم والدعوات أبعدت القميص
تقدمت بخطواتي في الغرفة الطويلة , بِدل معلقة وقمصان وبناطيل وملابس رياضة ... أجل من هذا له كل ذاك الجسد المخيف
نظرت للجانب الآخر فكانت ملابسي التي اشتريتها كلها معلقة هنا لأصعق وتنفتح عيناي على اتساعهما وأنا أرى قمصان النوم الكثيرة والبيجامات الحريرية والفساتين القطنية القصيرة معلقة جميعها
أنا لم أشتري كل هذا من أحضره هنا !! مؤكد هذا المعقد فعلها لأني لم أشتري من هذا أي قطعة
نزعت الفستان ولبست القميص بسرعة كي لا يدخل علي الغرفة ويفعلها ويلبسه هو لي , كنتِ في راحة. ونعيم يا أرجوان ، ما أجبرك على كل هذا , آآآآآآه ، سامحك الله يا والدي أنت لا تعلم أي مصيبة وضعت فيها ابنتك ورحلت
خرجت بعدها أشعر أني والأرض سواء من الخجل من نفسي وأنا بهذا القميص , هذا ولم يدخل حتى الآن
رفعت نظري وشهقت بقوة حين ووجدته واقفا عند السرير يبدوا أن هذا الكاذب لم يخرج من هنا من أساسه
اقترب مني فابتعدت بخطواتي للوراء فوسع خطوته ومد يده وأمسك ذراعي ودفعني لصدره بقوة قائلا " قلنا أننا لسنا صغارا يا أرجوان "
قلت وأنا أحاول الفكاك من قبضته " أنا في النهاية امرأة كما أني لست كبيرة مثلك "
ثبتني على جسده محكما ذراعه عليه فقلت بضيق " جابر بالرفق لا تنسى فارق الحجم أيضا , عظامي لن تتحملك "
قال بغيض من بين أسنانه " أشششششششششش " ولا فائدة ترجى منه وهذا أول برج بنيته وقع بأني لن أكون وهو تحت سقف غرفة واحدة
عند الصباح ومن نومي الغير مريح من أوله شعرت بشيء جاثم على صدري وتنفسي يكاد يتوقف
فتحت عيناي ووجدت ذراعه فوق صدري فرفعتها ورميتها بعيدا عني وتساندت بمرفقي لأقوم ، فشعرت بشيء أمسك شعري بقوة فقلت بتألم " أيييييي "
وصلني صوته المختلط ببحة النوم " لا ترمي ذراعي مرة أخرى "
قلت بتألم " أترك شعري ما تضنني رافعة أثقال تتحمل صخرتك هذا "
شده بقوة أكبر ليقربني منه أكثر فقلت بألم " آه جابر توقف عن هذا "
قال بجدية " ماذا قلتِ "
قلت " لن أرميها مجددا أتركني "
أفلت شعري حينها فابتعدت عنه وغادرت السرير أتأفف ودخلت الحمام وأغلقته خلفي بقوة أمسد رقبتي , أشعر أن جسمي كله تحطم وكأني كنت في حلبة ملاكمة
ما هذا المتوحش ظننته سيقتلني أين يخزن كل هذا من سنوات أفففففف عظامي ، هذا يحتاج لصخرة مثله ، أخذت حماما باردا وخرجت فلم يكن في الغرفة
توجهت لغرفة الملابس ارتديت بيجامة حريرية طويلة بأكمام وخرجت , جففت شعري وأمسكته مجموعا للخلف وخرجت من الغرفة لأجد الإفطار الفاخر المتنوع في ردهة الجناح وكأنه بوفيه في حفل , يا الله على الرفاهية والراحة
هذا ما يميز المكان هنا لا طهو لا غسل أطباق لا تنظيف ولا غسل ملابس لو فقط يختفي من هنا هو وعائلته وأبقى أنا وأبنائي والخدم والسائقين وحدنا , ضحكت على الفكرة واقتربت من الطاولة وسحبت الكرسي وجلست أستمتع بهذا الإفطار المميز وحارت عيناي ويداي ما سيأكلان أولا , قربت يدي من قطع الخبز المشكل وكأنه جمع من كل دول العالم
فشعرت بشيء انغرس في شعري وشده للخلف لأشعر به ينساب على ظهري وأكتافي وصوت المشبك الذي كان يمسكه يتدحرج مبتعدا على الأرض وصوت هذا الجلمود
وهو يلف حول الطاولة قائلاً " ما أقوله ليس من مصلحتك أن أعيده وقلت لك سابقا لا تمسكي شعرك وأنا موجود , ثم أين الأدب يا سيدة حلمي تأكلين قبل أن آتي "
أنت تقرأ
أوجاع ما بعد العاصفة
Mystery / Thrillerكم حملنا من جراح وحمّلنا الغير إثم وجودها على وجه الأرض وهم لا يعلمون أنها خرجت من عمق أوجاعنا للكاتبة برد المشاعر