استيقظت اليوم متأخرة على غير عادتي فأنا أكره كثراً النوم صباحا , فتحتْ فرح باب الغرفة ودخلت متوجهة من فورها للخزانة وفتحتها وقالت " هيا قولي لي أين فستانك ألتفاحي لا تنسي أنك أعطيتني إياه , عليا وضعه مع الأغراض "
قلت بابتسامة صغيرة وأنا ألف شعري جالسة على السرير " أخذته للمغسلة لا تنسي أني لبسته مرة وأنتي عروس عليك أخذه جديدا "
التفت إليا وقالت " تعالي وانظري معي لحقيبتي لم أعد اعرف ما ينقصني, جواد الغبي هذا لا أعلم كيف يفكر ليسافر بي صباحا من الفندق للمطار "
غادرت السرير قائلة " لا توتري نفسك كثيرا فكري فيما ستحتاجينه أول ليلة والباقي يمكنكم شرائه في أي وقت "
أمسكتني من يدي وقالت ساحبة لي معها " تعالي معي "
قلت وأنا أسير خلفها بسرعة " فرح اتركيني ادخل الحمام أولا "
ولم تكترث لي طبعا حتى وصلت بي لغرفتها , فرح من أسبوع وهي على هذا الحال
فمنذ علمت بسفر جواد وأنها ستذهب معه وهي لا شيء لديها سوى التسوق والتذمر والبكاء لأنها لم تجد كل ما تريد ولن يقام لها حفل زواج ونسيت أن أهم شيء لديها وهو الرجل الذي تحبه ويحبها
ليلة البارحة نامت فرح معي على ذات السرير , شيء لم نفعله منذ طفولتنا واختارت توديعي به
وقفت بي عند حقائبها المفتوحة وقالت " وضعت كل شيء وأشعر أني لم أضع فيها شيئا وهناك شيء ناقص "
قلت " لما لم تدوني كل ما ستحتاجينه في ورقة "
قالت وهي تغلق إحداها " دونت كل شيء ووضعته فيها "
ثم قالت مغادرة الغرفة " بقي الفستان عليا الذهاب لإحضاره اليوم "
جلست أرتب الحقيبة الأخرى وامسح دموعي التي أجاهدها منذ وقت وهاهم بقايا أهلي يتركونني ولن يبقى لي سوى خالتي التي لا أعلم متى سيأخذها الموت مني هي أيضا
عادت فرح بشيء في يدها رمته في الحقيبة من بعيد وغادرت مجددا, غابت لوقت ثم عادت ووقفت عند الباب وقالت " هيا غيري ثيابك لتخرجي معي نحضر الفستان ونختار باقي ملحقاته "
وقفت وقلت " عليا زيارة خالتي فأنا في العادة أقضي نصف اليوم الأول من العيد في منزلها ولم أذهب لها بالأمس فعليا قضاء بعض الوقت معها "
وضعت يداها وسطها وقالت بضيق " ستنتقلين للعيش معها وتكونا معا حتى تشبعا , لا أريد أن تفارقيني هذان اليومان يا وسن "
قلت ماره من أمامها ومغادرة الغرفة " لا استطيع يا فرح هذا عيد وليس أي يوم عادي "
توجهت لغرفتي دخلت الحمام استحممت وخرجت غيرت ثيابي وغادرت المنزل فعليا زيارتها ولو لبضع ساعات
* *
عدلت لها الوسائد خلف ظهرها قائلا " أمي عليك أن تنتقلي للمرحلة الثانية من العلاج "
اتكأت على الوسائد وتنهدت بتعب وقالت " لا نفع من كل هذا ولن أتركهم يحرقوني مجددا بالكيماوي "
جلست أمامها وقلت " لما نتوقف بعد كل هذه المرحلة من العلاج وبعدما تحملتِ كل ذاك الألم "
نظرت جهة الباب وقالت " لا تتعبني معك يا نواس واتركني براحتي "
تأففت ولذت بالصمت مشيحا بوجهي عنها ثم نظرت لساعتي وقلت " ما بها هذه الممرضة تأخرت هكذا "
قالت بابتسامة صغيرة " هل مللت من البقاء معي بهذه السرعة "
قلت بضيق " أمي ما هذا الذي تقولينه "
قالت مباشرة " وسن قالت ستأتي اليوم لأنها لم تزرني بالأمس فيمكنك المغادرة ما أن تأتي "
قلت بسخرية " لهذا أريد أن اذهب قبل أن تأتي لأجنبها رؤيتي "
هزت رأسها بيأس وقالت " حتى متى سيفر كل واحد منكما من الآخر "
قلت ببرود " هي تريد هذا "
قالت مغيرة مجرى الحديث " قال جواد أنك من سيتكفل بأمر علاجها وعلى هذا الحال لن يكون هناك علاج "
قلت بعد صمت " كلفت من سيستفسر لي عن المتخصصين في هذا ووقتها لكل حادث حديث "
قالت بهدوء " أين جواد اليوم لم أره أبدا "
ضحكت وقلت " زوجته تلك لن ترتاح حتى تصيبه بالجنون وها هو اليوم يعمل تحت إمرتها "
قالت بضحكة " الذنب عليه فهو لم يخبرها بموضوع السفر والزواج إلا من أسبوع فقط , لا وسيغادران من الفندق صباحا للمطار "
قلت " جواد تعمد فعل هذا من أجل وسن فحالتها الصحية تتحكم فيها نفسيتها فيريد أخذ فرح مباشرة دون أن تودعها "
قلت بصدمة " هل سيأخذها دون أن تراها "
نظرت للأرض وقلت " هذا ما يخطط له وستُسقط فرح الطائرة به بالتأكيد "
تنهدت وقلت بحزن " مسكينة هذه الفتاة خسارتها تتوالى ولم يبقى لها أحد "
نظرت للأرض بصمت ولم اعلق بشيء فسمعنا حينها باب المنزل يفتح فوقفت وتوجهت لحمام الغرفة , لابد وأنها الممرضة سأتوضأ وأغادر لأن الظهر سيقام قريبا وسأصليه في مسجد حيِّنا لأذهب للمزرعة
* *
فتحت الباب بالمفتاح الذي تركه لي جواد لدى فرح لأنه مشغول اليوم وقد لا تأتي الممرضة مبكرا وهو يضن أني سأستيقظ باكرا وآتي إليها حتى تأتي ممرضتها لكني نمت على غير عادتي ,
أغلقته خلفي ودخلت , كان المنزل هادئا وكأنه لا أحد فيه , توجهت لغرفة خالتي طرقت الباب وفتحته ودخلت , كانت على حالها دائما تجلس على السرير والممرضة تبدوا في الحمام المفتوح من صوت الماء
حمدا لله أنها لم تبقى وحدها , نظرت لها بابتسامة صغيرة حزينة وقلت " كل عام وأنت بخير يا خالتي "
مدت يداها لي وقالت " تعالي يا مشاغبة كيف لا تأتين لي يوم العيد "
اقتربت منها وجلست بجوارها على السرير ونمت في حضنها
فقالت ماسحة على رأسي " كل عام وأنتي بخير يا وسن يا ابنتي "
نزلت دمعتي وقلت بحزن " لا تتمني لي هذا يا خالتي أرجوك "
قالت ماسحة لدموعي وأنا في حضنها" هل هناك من يكره الخير له يا وسن "
قلت بحزن " بلى أنا لأنه لا مكان لي على هذه الأرض لما لا ارحل كأهلي "
تنهدت وقالت بضيق " وسن توقفي عن قول هذا فأين ذهبنا نحن "
ابتعدت عنها ومسحت دموعي وقلت " يعز عليا فراق فرح وزوجة والدي , لم يبقى لي سواك فهل سترحلين وتتركيني "
انفتح حينها باب الحمام أكثر وخرج منه نواس وتوجه من فوره لباب الغرفة وخرج منها دون أن ينظر ناحيتنا ولا يتكلم
أنزلت رأسي أرضا في حزن ووصلني صوت خالتي قائلة " نواس ابن خالتك في كل الأحوال ... كيف لا تخرجي له في العيد "
نظرت لها بصمت فقالت " ليس هو من أخبرني طبعا بل جواد "
أشحت بوجهي عنها دون كلام فقالت " كان عليك أن تحترميه على الأقل يا وسن "
نظرت لها وفتحت فمي لأتكلم فقالت من فورها " هيا قومي وعيدي عليه يبدوا دخل لغرفته ولم يغادر بعد "
قلت بضيق " خالتي ما هذا الذي تقولينه لقد رأيته بنفسك كيف مر من أمامي دون حتى أن ينظر ناحيتي "
قالت بضيق أكبر " هو رجل العائلة الآن يا وسن في مقام والدك وشقيقك وعلينا جميعنا احترام رأيه واحترامه "
قلت بتذمر " ولكن ... "
قاطعتني قائلة " نواس قضى يوم ألامس كله معي هنا ولم يغادر إلا لمنزلكم وعاد ثم غادر العصر للبر فورا لأنكم ستأتون فهوا يعتبركم أهم جزء في يوم العيد وأنتي أهنته بهذا "
نظرت للأسفل بصمت فقالت بأمر " هيا اذهبي له يا وسن لا أريد أن يمر العيد وكل واحد منكما مخاصما للآخر ولا يكلمه "
وقفت في صمت وغادرت الغرفة وتوجهت للغرفة الأقرب لها وهي غرفة نواس
طرقت الباب طرقات خفيفة ففتحه ووقف أمامه ننظر لبعضنا بصمت ثم أنزلت رأسي وقلت بهدوء " كل عام وأنت بخير "
قال بنبرة عتاب " وأنتي بخير يا وسن على الأقل من أجل فرح فهي لم تمت ولن تموت في أي وقت "
ثم غادر من أمامي وأنا أتبع قفاه بنظري حتى اختفى ثم أغمضت عيناي وارتجف جسدي على صوت ضربه لباب المنزل خارجا منه ونزلت دمعتي تروي للعيد آخر حكاياتي فيه
مسحت عيناي وعدت جهة غرفة خالتي دخلت وأغلقت الباب خلفي وجلست على الكرسي أمامها تتحدث معي وأنا أنظر للأرض بحزن وشرود وبالي مع فرح ومع قلبي المجروح منه مع ماضيا الغائب ومستقبلي التعيس حتى أخرجني صوتها من أفكاري قائلة " وسن ألا تسمعينني "
نظرت لها وقلت " نعم خالتي "
قالت " أنا أناديك منذ وقت وأنتي في عالم آخر وكأني أتحدث مع نفسي "
قلت بإحراج " آسفة شردت قليلا "
قالت بهدوء " هل تشاجرتما مجددا "
أبعدت نظري عنها وقلت بحزن " أين أجد مكانا في الأرض لا أراه فيه يا خالتي , أقسم أنني تعبت "
تنهدت وقالت بحزن " ليت لدي شيء أفعله فلا يزيدني تعب على تعبي هذا غيركما "
قلت بابتسامة سخرية " هو بأفضل حال انشغلي عليا أنا وحدي "
قالت بعتب " وسن أنا وقفت معك في كل شيء تركتك تدرسين من مالك رغم أنه غير راض عن ذلك وعاندته في بقائنا هنا رغم أني أعلم جيدا أنه أمر متعب له أن نكون نحن هنا وهو هناك فلما هذا الكلام "
قلت باستياء " هل أنا المخطأة المذنبة وهو من معه كل الحق "
قالت ببرود " لو لم يكن معك حق ما وقفت في صفك لكنه أيضا يعد نفسه مسئول عنا وتفكيره صحيح "
وقفت وقلت " سأعد لك الشطائر التي تحبين أكلها من يدي " ثم غادرت غرفتها للمطبخ لينتهي هذا الحديث الموجع للحواس
قضيت مع خالتي الوقت حتى العصر وكانت الخادمة والممرضة هنا فوقفت لأغادر فقلت خالتي " ما يزال الوقت مبكرا يا وسن "
قلت وأنا آخذ حقيبتي من على الأريكة " فرح مستاءة مني وعليا مساعدتها تعرفينها تفقد عقلها إن حاصرها الوقت "
قالت بابتسامة " وفقهما الله وأفرحني بك أيضا في يوم كهذا "
ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت " أنا أخذت حصتي من الجراح وانتهى "
ثم خرجت مودعة لهما
* *
وصلت المزرعة نزلت ودخلت المنزل من فوري بحثت عنه حتى وجدته , وقفت عند الباب مستندا بذراعي عليه وقلت " ماذا تفعل هنا وأنا اعتمدت عليك في الإشراف على إطعام الخيول وتنظيف الإسطبلات أم نسيت أنه اليوم وقت التنظيف "
نظر لي ، ثم عاد بنظره للحاسوب أمامه وقال " اترك عنك كل ذلك وتعال لترى "
قلت بتذمر " وليد اتفقنا أن معاذ سيتكفل معي بمستلزمات الخيول جميعها وأنت وجواد بالعمل هنا , جواد مشغول الآن وسيسافر وأنت تجلس تتسلى على الانترنت "
لوح لي بيده وقال " تعال قلت لك ولا توجع لي رأسي "
قلت بلامبالاة " هل أرسلت لمي ما قلت لك عنه "
قال ونظره على الحاسوب " نعم ومنذ صباح الأمس "
قلت " وكيف حللت مشكلة المقاسات "
قال " اشتريتها بمعرفتي "
قلت بهدوء " وليد لما لا تشرح لي حدود علاقتك بها وكيف علمت بمقاس ثيابها إن كنت لا تراها منذ سنوات "
توترت ملامح وجهه ونظر لي وقال بحدة " نواس هل تشك بي وبزوجتك "
قلت ببرود " لا طبعا وأنا لم أقل ذلك "
وقف وقال " ما تعنيه إذا بما قلت "
قلت " أعني كن واضحا معي يا وليد هل تحب الفتاة وتريدها أم لا "
مر من أمامي قائلا " قلت لك ألف مرة لا , انظر في الحاسوب خبر آخر صفقة لك وما قيل عنها "
وغادر الغرفة مستاءً , لا اعلم لما أشعر أن ثمة حكاية بينه وبينها ولو في نفسه فقط لكن وليد لا يخفي عني شيئا !
دخلت الغرفة وجلست أمام الحاسوب وتابعت كل ما قيل , رائع هذا سيزيد سمعتنا في السوق وسيساعدنا في الصفقة القادمة وليد قام بعمل جيد
تجولت بعدها كثيرا في أخبار السوق والتجارة ثم أغلقت الحاسب وخرجت للإسطبلات ووجدته هناك
وقفت بجانبه ووضعت يدي على كتفه وقلت " هل أنت غاضب مني "
قال ببرود " بالتأكيد "
قلت بابتسامة " آسف يا وليد ولا تؤاخذني على أفعالي هذه الأيام "
نظر لي وقال " نواس لا تظلم مي معك بالظنون عدني بذلك فيكفي الفتاة ما أصابها "
قلت بذات ابتسامتي ضاربا بيدي على كتفه " أنا لا أضن بها سوء يا وليد لا تقلق من هذه الناحية فقط أردت أن تفتح لي قلبك "
عاد بنظره للعمال وقال بهدوء " قلبي لم يغلق أمامك يوما ولا شيء بيني وبينها وحتى إن فرضنا أنه كان ثمة شيء في نفسي فأنا لم أعد استحقها ولا هي تحل لي "
لذت بالصمت ولم أريد الخوض في الحديث أكثر فهو معه حق الفتاة باتت زوجتي وهذا الكلام لا يجوز
*
*
في الصباح استيقظت على صوت فرح توقظني فقلت وعيناي مغمضتان " فرح حمدا لله أنك لا تتزوجين كل شهر "
قالت بتذمر " هذا ليس يوما للنوم يا وسن هيا لتساعديني "
جلست أمسح وجهي بيدي فقالت " لو كنتي متزوجة لقلت بأنك حامل, ما كل هذا النوم على غير العادة "
نظرت للساعة في هاتفي وقلت بصدمة " إنها الثامنة يا فرح ما الذي سنفعله من الآن "
قالت من فورها " علينا إنهاء كل شيء باكرا وعليك الذهاب لمنزل خالتك تعرفين أنه لا نساء هناك "
غادرت السرير قائلة " الحفل عائلي ما سأفعله هناك "
عدت بأصابعها قائلة " نحن وزوجات أخوالي الثلاث وجارتا خالتك وصديقتي حنان وزوجة صديق لجواد ألا يكفون هؤلاء كلهم "
قلت وأنا أتوجه للحمام " أمري لله لا راحة حتى في إجازة العيد "
دخلت الحمام وأغلقت الباب وتوجهت للمغسلة أغسل وجهي مرة تلو الأخرى أمنع نفسي من البكاء بعدما هربت من عينا فرح الوارمتان من كثرة بكائها الذي تخفيه عنا
عليا أن أكون قوية وسعيدة من أجلها فهذا أفضل من أن تتحطم مثلي ونصبح في اثنتان بدلا من واحدة
خرجت بعدها من الحمام ولم تكن في الغرفة , غيرت ملابسي ولبست حجابي وخرجنا معا ننهي باقي أعمالها حتى حان وقت ذهابها للمزين
تركتها هناك وعدت للمنزل رتبت مع زوجة والدي ما ستأخذه معها لمنزل خالتي من أجل الحفل ثم استحممت وأخذت معي الثياب التي سألبسها من أجل الليلة
كان فستانا أزرق اللون قصير لعند الركبتين حريري به نقوش بالخيوط الذهبية عند الحزام والحواف السفلية وبحمالات عريضة ذهبية أيضا
وضعته في كيس مع الحذاء الذهبي وإكسسوارات مخصصة له وخرجت من المنزل وتوجهت لمنزل خالتي
وصلت وطرقت الباب ففتحت لي فتحية وقالت مبتسمة " انتظرك منذ وقت فجواد سيفقدني عقلي "
قلت بابتسامة وأنا أدخل " وفرح هناك أفقدتني عقلي أيضا "
قالت وهي تتبعني للمطبخ " أحضر كل شيء من أجل الحفل وأي شيء أقترحه عليه لا يعجبه , حمدا لله أنه ليس حفلا كبيرا "
انشغلت معها لوقت في رؤية ما أحضر ثم قلت " عليا رؤية خالتي وسأعود لنجهز كل شيء "
قالت من فورها " حسنا وأنا سأخرج الأطباق للطاولة "
خرجت بعدها من المطبخ وطرقت باب الغرفة ودخلت وجدت الممرضة تحقن لها المغذي فاقتربت منهما وقلت " مساء الخير "
ردا عليا التحية معا وقالت خالتي مبتسمة " جيد أنك أتيتِ قبل أن يطرد جواد فتحية من هنا "
قلت بابتسامة " يطردها ويسافر ويتركنا "
قالت بضحكة متعبة " يبدوا فكر أنك ستكونين هنا ولن نحتاجها "
ضحكنا معا ثم خرجت وعدت جهة المطبخ ورتبت مع فتحية كل شيء في صالة المنزل وفي مجلس الرجال لأن عددهم قليل فلن يحتاج الأمر لوضعهم في مكان آخر
أعددنا العشاء معا لأن جواد لا يريده من المطعم ولم أتركها حتى أطفأنا المواقد على جميع القدور ولم يبقى سوى سكبها , جهزنا السلطة والعصائر
ثم استحممت وأخذت كيس ملابسي وغادرت المنزل وعدت لفرح في المزين , دخلت ووجدتهم يضعون لها اللمسات الأخيرة
فاقتربت منهم وقلت " هل انتهيتم "
قالت المتخصصة في الماكياج بتذمر " لم تساعدنا أبدا تبكي طوال الوقت وكأنها ستموت وليست تتزوج "
نزلت مني دمعة غلبتني مسحتها وقلت " سأغير ثيابي , أريد أن تضعوا لي الماكياج وتسريحة شعر "
ثم غادرت من فوري لغرف التبديل ارتديت الفستان ووضعوا لي ماكياجا خفيفا ومناسب للفستان ورفعوا لي شعري للأعلى
ثم انتقلت حيت فرح فكانت جاهزة , وقفت أمامي فقلت باندهاش " فرح ما كل هذا الجمال "
نزلت دموعها وحضنتني وقالت باكية " كيف سأبتعد عنك يا وسن سأشتاق لك يا شقيقتي "
لم استطع أمساك دموعي التي نزلت دون توقف ثم ابتعدت عني ونظرت لملامحي وقالت " وسن هل تشعرين بشيء آسفة حبيبتي "
قلت بابتسامة حزينة " لا عليك يا فرح هذه الآلام ملازمة لي منذ الصباح , بت أعتاد عليها "
تنهدت وقالت " انتقم الله ممن كان السبب منذ البداية "
قلت بحزن " ارجوكي توقفي عن الدعاء عليه يا فرح فمهما كان بيننا هو ابن خالتي "
قالت بضيق " بل لأن قلبك الأحمق لازال يحبه "
حملت الغطاء الخاص بها وقلت " هيا بسرعة فخالك على وصول وجواد سيأخذك ووالدتك من شقتنا وأنا عليا العودة لمنزل خالتي من أجل استقبال الضيوف "
لبست عباءتي وحجابي وتلثمت بطرف الوشاح لإخفاء الزينة ولم يبقى سوى عيناي ثم خرجت وفوجئت بجواد في الخارج , نزل من السيارة وتوجه نحوي فقلت مغيرة لصوتي " ماذا تريد يا سيد "
ضحك وقال " أعرف عيناك وأميزهما من أميال يا مخادعة "
ضحكت وقلت " كاذب بل عرفتني من عباءتي فعيناي هناك كثر مثلها "
فتح لي باب السيارة وقال مبتسما " وعباءتك مشابهاتها أكثر أما عيناك لا مثيل لها بالأسود الثقيل "
ركبت السيارة قائلة " لو سمعتك فرح لصبغت ليلتك أنت بالأسود الثقيل "
أغلق بابي وركب وقال " لا تفتني بيننا يا مهرتي خيرا لك "
ضحكت وقلت " هل تتدرب علي يا أحمق "
ضحك وانطلقا بالسيارة فقلت " هلا أخبرتني ما جاء بك هنا "
ضحك وقال " جئت لأسرق عروسي من عند الباب فأخطئت وجلبت واحدة أخرى "
ضحكنا سويا ثم قال " الضيوف بدؤوا بالوصول وعليك أن تذهبي لاستقبالهم لهذا جئت لأخذك "
* *
وقفت في الأسفل أنا ومعاذ لاستقبال باقي ضيوفنا وبقي وليد في المجلس مع أخوال فرح حتى يأتي جواد
نظرت للواقف بجانبي وقلت" ومتى سنفرح بك أنت أيضا فقد أتعبت قلب والدتك وتشتكي لي منك بالأمس "
ضحك وقال " حتى يتزوج وليد أولا "
قلت بضيق " يالها من حجة تعلم أن وليد حاله أردى منك "
قال بضيق مصطنع " ماذا بك أنت معنا لانك تزوجت وتريد تزويج الجميع مثلك "
ضحكت وقلت " لا أريد أن أرى أحدا منكم حرا طليقا "
قال ببرود " أنا سبق وجربت حضي والخروج من الطلاق بزواج آخر يليه فكرة فاشلة "
قلت بسخرية " هذا لأنه لم تلعب إحداهن بعقلك لسقط الشعار والقناع أيضا "
وصلت حينها سيارة جواد ونزلت منها وسن متلثمة بوشاحها وترتدي عباءتها
ليس لأن جواد من أحضرها عرفت من تكون بل من عيناها منافسة الغزلان وكأنها تنوي قتل المقتول
ثنيت نفسي ومشاعري وأبعدت نظري عنها مجبَرا وهي تقترب لتدخل المنزل , اجتازتنا ودخلت في صمت
صفر معاذ بعدها بصوت منخفض وقال " لمن هذه العينان بحق الله ولا تقل أنها زوجته "
قلت بهدوء يعاكس دواخلي " اصمت يا معاذ ولا حرف آخر "
اقترب منا جواد حينها وقال" أمازلتما هنا !! متى سيكتمل ضيوفكم لأذهب لجلب زوجتي "
أنت تقرأ
أوجاع ما بعد العاصفة
Mystery / Thrillerكم حملنا من جراح وحمّلنا الغير إثم وجودها على وجه الأرض وهم لا يعلمون أنها خرجت من عمق أوجاعنا للكاتبة برد المشاعر