*|🔢|:☟البـــ{السابع عشر}ـــارات☟*

96 6 0
                                    


عدت حينها بنظري عليها مصدومة , إذا هذه هي وسن وهذا هو سر تلك النظرة , لم أتوقع أن تكون قريبته هي نفسها وسن
غادرتْ حينها من أمامنا واختفت في طرفة عين وقالت عمتي " آسفون يا ابنتي وسن تتحسس كثيرا من هذه المسألة "
قلت بابتسامة " لا عليك يا عمة أنا أعذرها "
تحرك حينها نواس وخرج من الغرفة ويبدوا من المنزل بأكمله تلك إذا وسنك يا نواس تبدوا الأمور بينهما سيئة جدا ومطربة
أعادني من أفكاري صوت والدته قائلة " اجلسي يا مي لما أنتي واقفة "
جلست وانخرطنا في بعض المواضيع وتعارفنا وبالي كله كان مع نواس وابنة خالته كما فهمت من والدته
أنا لا ألومها على موقفها مني فلو كنت مكانها لفعلت نفس الشيء بل لن أقبل بزوجة الرجل الذي أحب أن تكون معه أمامي
كانت عمتي متوترة طوال الوقت وتتصل بأحدهم ولا يجيب عليها ثم قالت لي " مي هلا أسديتِ لي معروفا "
قلت من فوري " بكل سرور "
قالت " المطبخ في نهاية الممر على يسار باب الصالة نادي لي على فتحية من هناك "
وقفت من فوري وذهبت حيث كانت توجد المسماة فتحية وتبدوا الخادمة , وصلت معها للغرفة فقالت لها عمتي " اذهبي لوسن في غرفتها "
أشارت لها برأسها بحسننا دون حتى أن تخبرها لما تريد منها الذهاب لها , غابت للحظات ثم عادت وقالت " لم تفتح لي "
تنهدت بضيق وقالت " شكرا لك يا فتحية يمكنك المغادرة "
أجرت بعدها مكالمة وقالت " مرحبا فرح يا ابنتي "
" بخير اتصلي بوسن هي لا تجيب علي وكما تعلمي لا يمكنني الذهاب لها والممرضة خرجت للصيدلية منذ وقت ولم ترجع وفتحية لم تفتح لها الباب "
سكتت لوقت ثم قالت " تحدثي معها أخاف أن تمرض ولا نعلم عنها "
غريب ما بها وما الذي يتعبها دائما !! مهلا هي مرضت ليلة أحضرني نواس إلى المزرعة والرسالة التي وصلته وتوتره
حينها كله كان من أجلها والآن يخافون أن تعود لها ذات الحالة عجيب ما الذي جعلهما يفترقان وهما يحبان بعضهما هكذا !!
كم أشعر بأن وضعي سخيف , تماما كالشوكة في حلقوم الجميع ليتك لم تتزوجني يا نواس , ليتك تركتني للسب والمهانة والضرب عند إخوتي ولم تجعلني جدارا بينكما
أنهت عمتي مكالمتها ولم أسالها عن شيء فوعدي لنواس تلك الليلة أن لا أتحدث عما حدث يمنعني
رن حينها هاتفي ونظرت للمتصل فكان نواس , أجبت فقال من فوره " أنتظرك في السيارة "
قلت بهدوء " سأخرج حالا "
سلمت على والدته وخرجت بعدما انتهت الزيارة القصيرة المملوءة بالشحنات السالبة والأجواء المتوترة
ركبت السيارة ولم ينطق أي منا بحرف طوال الطريق ولم أرغب في أن أفتح معه الموضوع وعند منتصف الطريق أجاب نواس على هاتفه الذي كان يرن طوال الوقت ولا يجيب عليه
وضع السماعة في أذنه وفتح الخط قائلا " نعم يا أمي "
سكت قليلا ثم قال بحدة " لا .... وأفهمي ابنة شقيقتك ذلك جيدا وما قلته سيحدث رغما عن أنفها "
تأفف بعدها وقال بضيق " أمي يكفي تدليلا لها لتكف عن هذا الجنون يكفي ما قالته لمي وهي لا ذنب لها "
سكت يستمع لوقت طويل ثم قال بغضب " أقسم يا أمي وها قد أقسمت وأنتي تعرفينني ولن يحدث إلا ما قلت فلتترك الجامعة هي الخاسرة
لكن تلك المهزلة لن تستمر وموضوع سليمان لي حديث معها فيه "
قال بعدها بضيق " انتهى يا أمي وداعا "
ثم استل السماعة من أذنه بغيض ورماها بعيدا عنه وتابعنا الطريق يتأفف بغضب كل حين
وبالنسبة لي لم أجد غير الصمت فأخاف أن أتحدث فأزيد الأمور سوءا خصوصا أني لاحظت على نواس أنه لا يحب التكلم ولا حتى إجابة الأسئلة حين يكون متضايقا
عجيب أمره من يراه لا يصدق أنه يحبها كل ذاك الحب ! صدقت جدتي رحمها الله حين كانت تقول ( لا تصدقوا من كلام العشاق شيئا وهم غاضبون )
وكانت ترددها كلما تشاجر أحد أبنائها مع زوجته وأصبحويزمجر ويتوعد فيها وفي النهاية كما قالت يعودان لبعض وكأن شيء لم يكن
ساد الصمت بعدها حتى وصلنا للمزرعة وأنزلني أمام باب المنزل وغادر من فوره ولم يرجع إلا المساء
* *
سجنت وسن نفسها في غرفتها ولم تخرج منها طوال نهار أمس حتى اتصلت بنواس فهو حلي الوحيد ليرى إن كانت حية أم ميتة
فأنا لم أنسى بعد تلك الليلة حين أحضر مي للمزرعة وخفت الآن أن تموت ولا نعلم عنها ونلوم أنفسنا حينها
جاء نواس وكسر عليها الباب ولم أسمع سوى صراخهما وبكائها ولم أعلم أو أسمع ما حدث بينهما سوى صوته الغاضب خارجا من عندها وهو يقول " متشردة ومتسولة وعالة افهميها كما تشائي وسليمان ذاك لن تتزوجيه ولا غيره إلا حين أقرر أنا "
ثم سمعت ضربته القوية للباب التي كادت تحطم الجدران هذا الباب المسكين لن يعيش طويلا بسببهما
يبدوا من كلام نواس أنه لن يزوجها بسليمان يعني أنه اختار الخيار الثاني وهو تزويجها لنفسه
هو حلهما الوحيد ،. لأنهما بعيدان عن بعض لن يرتاحا ، ولن يعيشا حياة طبيعية مهما طالت بهم السنين فيكونان معا حتى تعيسان أفضل بكثير من أي حل آخر
صحيح أننا سنظلم مي بهذا والله أعلم متى سيقرر نواس الزواج بوسن وهي لازالت عروس لكن لا حل آخر ولو كان هناك غيره لأسرعت له
ثم أنا أعرف نواس جيدا قادر على العدل بينهما ولو في المعاملة فقط أما الحب فمستحيل وهذا ما سيتعبه هو وليس هما
بقيت وسن بعدها ليومين سجينة غرفتها ولم تخرج ولا حتى للجامعة ولم يؤثر كسر نواس للباب شيئا سوا زيادة الأمر سوءا
* *
بقيت داخل الغرفة بقلب مكسور كبابها وحلم أسود كجدرانها الغامقة وروح فارغة كفراغها المميت ونصب عيناي كلماته الغاضبة وهو يقول " لا دخل لمي فيما بيننا يا وسن فلا تسيئي لها رجاءا "
كانت كلماته كالسم على أحشائي وكالنار على قلبي , نعم لا يتحمل جرح مشاعرها أما أنا فبلى ولا يهم إن مت من قهري وحزني
طرقت الممرضة الباب ودخلت قائلة " خالتك تسأل عنك وتريد مغادرة السرير , صحتها لا تعجبني هذه الأيام فاخرجي لها يا وسن "
غادرت السرير قائلة بهمس " حسنا "
رتبت شعري ولبست حجابي تحسبا لقدوم ابنها وخرجت توجهت لغرفتها من فوري وما أن دخلت حتى مدت لي بيدها قائلة " تعالي يا ابنتي لما تحبين أن تشغلي بالي عليك "
وصلت عندها وجلست أمامها وقلت بابتسامة حزينة " من لا يموت يعيش في كل الأحوال والضربة التي لا تقتل تقوي يا خالتي "
تنهدت بتعب فقلت وعيناي على ملامحها " تبدوا صحتك ليست بخير "
قالت بابتسامة متعبة " تعب معتاد وسيغادر بعد أيام , ماذا عن جامعتك يا وسن , إن كان لي رجاء لديك لا تتركيها "
نظرت للأسفل وقلت " لا تخافي يا خالتي لن أتركها فلن يكون لي مستقبلا غيرها ولن أعيش عالة على ابنك طوال العمر "
قالت بعتب " ما هذا الذي تقولينه يا وسن كيف تكونين عالة عليه فهو ابن خالتك "
نظرت لها وقلت بقهر " ليس شقيقي ولا والدي لا عمي ولا خالي ولا حتى زوجي فبأي صفة أقبل ماله
أجل عالة ومتسولة يتصدق عليها وسيأتي اليوم الذي أسدد له كل هذا ولن أرتاح قبل أن يحدث ذلك "
تنهدت وقالت " يستحيل أن يكون كل أولائك سوى الزوج فهل تقبلي ماله حينها "
قلت بضيق " لا ..... لن يكون زوجي ولن أكون له "
نزلت دمعة من عيني فمسحتها وتابعت بألم " كما تعلمي يا خالتي فطوال سنين خطوبتنا لم يتحدث معي نواس سوى بكلمات عادية ورسمية جدا والجملة الوحيدة التي قالها لي وعاشت في قلبي طوال تلك السنوات وفي كل مرة أتذكرها تكون وكأنها اليوم "
ضممت يدي لحضني وقلت بدمعة حسرة " قال لن تسكن هذا الحضن غيرك يا وسن أقسم لن يعرف أن يحتضن غيرك , وأخلف يا خالتي ... أخلف بوعده وسكنته غيري , إذا لا مكان لي فيه "
اتكأت للخلف وقالت " المهم الآن عودي لجامعتك ولنترك الباقي لوقته "
* *
عليا أن أضحي وللنهاية ومن أجلها فقط فيكفيها ما أتاها مني , عليك أن تستحمل نارك التي كويت بها نفسك يا وليد وأنت تستحقها
لكن ما يحيرني كيف لم يخبرها نواس بأني من يعيش معه ! ألا يتحدثان أبدا ! كم تنتابني من شكوك حيال الأمر وأخشى أن يظلمها فوق ما رأته من ظلم
" النشارة جاهزة أستاذ وليد هل نبدأ "
نظرت له وقلت " نعم فبالكاد يكفينا النهار "
أحسست بيد أحدهم على كتفي فنظرت جانبا فكان معتصم نظرت لملامحه مطولا وهو ينظر للعمال وقلت " ما بك عابس هكذا منذ أتيت "
نظر لي ثم عاد بنظره عليهم وقال ببرود " لا شيء مهم "
ضحكت وقلت " أقسم أنها الزوجة العزيزة وراء هذا "
قال بذات بروده " وليد لست بمزاج لك تفهم "
قلت بابتسامة " لا أحد ليس لديه هموم يا صديقي "
تأفف وقال " النساء .... لا أعلم أي نقمة ابتلينا بها "
قلت بعد ضحكة صغيرة
" نحن جلبناه لأنفسنا هم لم يجرّونا من شعورنا "
قال بضيق " أنت لم تجرب فلا تتحدث "
نظرت للبعيد مبتسما بألم ثم قلت " الخطأ عليك لما تزوجتها "
قال بتذمر " نفس الجملة تكررونها لي كلما تكلمت , لما تزوجتها ولما ولما , أحبها يا رجل بأي لغة أشرحها لكم "
ضربته على كتفه وقلت مغادرا " تحمل إذا أو جد لك أسلوب آخر معها فثمة حل بالتأكيد "
توجهت للمنزل ودخلت لغرفتي أخرجت الحاسبة وبعض الأوراق وخرجت على دخول نواس دون أن ينتبه لي
ما به هذا الرجل حتى منزله لم يعد يبقى فيه وكأنه ليس متزوج ومزاجه مشتعل كالنار
لابد تشاجر مع ابنة خالته ككل مرة وكالعادة , توجهت للمطبخ بدلا من أن أخرج ووقفت عند الباب وقلت " راضية هل لي بسؤال تجيبي عليه وليس ككل مرة "
نظرت لي ثم عادت بنظرها لما في يديها وقالت ببرود " ابتعد عن نواس وزوجته واسأل "
تأففت وقلت " وما في الأمر إن سألت هو صديقي وهي ابنة خالتي وأراه طوال الوقت خارج المزرعة أو في مكتبه وهي مسجونة في الأعلى "
لم تجب طبعا فقلت بضيق " أجيبي أو أشعلت النار في ثيابك "
ضحكت بضحكة غلبتها ثم قالت " ستعيش في تأنيب الضمير طوال حياتك "
قلت ببرود " لا أضن "
نظرت لي وقالت " أخبرني لما كل هذا الإصرار والاهتمام بل والتدخل وسأخبرك بأكثر مما تريد "
نظرت لها بحيرة وقلت " ما قصدك بأكثر مما تريد "
رفعت كتفها بلامبالاة وقالت " أجب أولا "
قلت بعد صمت " أخبرتك لأنه صــ .... "
قاطعتني قائلة وقد عادت تشغل نفسها بما تفعل " صديقي وابنة خالتي حفظتها ولم تقنعني بها "
قلت بصدمة " ما قصدك بهذا "
قالت " لا شيء "
خرجت وتركتها فكم أبدوا أحمقا والفت الانتباه لي كثيرا بتصرفاتي فما علاقتي بهما مادامت مي لم تطلب مني مساعدتها فأنا ابن خالتها وإن كان لديها مشكلة لقالت لي إن كانت تريد القول
*
*
قربت رأسي من رأسها وقلت بهمس " وسن أنظري لذاك الشاب هناك ينظر جهتنا من مدة , لم أره سابقا في الجامعة "
نظرت جهته ثم قالت " وما علاقتنا به قد يكون معجبا بالأشجار خلفنا "
ضحكت كثيرا ثم قلت " ألم يجد غير هذه الأشجار ليعجب بها ما رأيك أن نجلس مبتعدتان عن بعض لنعلم لمن ينظر فينا "
نظرت لي بضيق وقالت " ملاك هل تعلمي أنك فقدتِ عقلك بسبب برنامجك السخيف ذاك "
قلت ببرود " سخيفة أنتي "
ثم قلت بسعادة ويدي تلعب في الهواء " أهدى الأغنية في الحلقة الماضية لي وكان عنوانها أنتي ملاكي "
ثم أمسكت قميصها جهة ذراعها وهززتها وقلت " قال الأغنية القادمة أهديها لملاك ياااي كدت أموت من الفرح "
هزت رأسها بيأس ثم قالت " لو يراك هكذا مجنونة سيغير رأيه في تفاهاتك التي تقولينها في ذاك البرنامج "
ضربتها بخفة وقلت باستياء " صديقتي وتقولين هكذا ماذا تركتي للذين يكرهونني "
نظرت لي وقالت " بربك ملاك كم مرة تستمعي لذاك البرنامج أسبوعيا "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " البرنامج يعرض ثلاث أيام أسبوعيا والإعادة مرتين أي تسع مرات كل حلقة مع إعادتين "
فتحت عيناها من الصدمة وقالت " تستمعين للإعادتين أيضا "
هززت رأسي بنعم فقالت بدهشة " وكل حلقة ساعتين متواصلتين أي ثماني عشرة ساعة تضيع منك أسبوعيا هباءً منثورا "

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن