*|🔢|:☟البـــ{التاسع عشر}ـــارات☟*

122 8 0
                                    


لم تستمع حتى لكلماتي بل هزتها مجددا وعيناها معلقتان في وجهها المبتسم وقالت بهمس موجع " خالتي "
أنزلت رأسي للأرض وقلت بحزن " لا فائدة يا وسن "
عم الصمت في الغرفة فرفعت رأسي ونظرت لها فكانت تنظر لي بضياع لتتدحرج دموعها قائلة بصدمة " ماتت !! "
ابتلعت غصة مع ريقي ، وهززت رأسي بنعم فقالت بصوت ضعيف تائه بالكاد يخرج من حنجرتها " لم تعد تسمعني !! لن أراها ولن أتحدث معها مجددا "
قبضت بقوة أكبر على يدها التي لازالت في يدي وقلت بحزن " كوني قوية يا وسن من أجلها ومن أجل ما أوصتك "
هزت رأسها بلا وقالت بعبرة " لن ترحل هي أيضا "
ثم قبضت يدها لصدرها وقالت بحرقة " لماذا رحلتم وتركتموني ؟ لماذا جميعكم تركتموني وحيدة "
ارتفع نحيبها وصوتها قائلة بألم " لما الموت يختار الجميع عداي أنا , لما الرحيل يسافر بكم وأنا لا ؟ لما لم لا أمت لماذا "
قلت بضيق " وسن توقفي عن قول هذا "
أبعدت يدها من يدي بقوة وقالت بحدة " لن أتوقف أعد لي خالتي يا نواس أعدها "
قلت بحزن " لو كان الأمر بيدي ما رحلت لأعدتها "
قالت بألم " لم تعد لي خالة , تصور هي معي هنا ولا تسمعني لقد تركتني وحيدة تركتني مثلكم جميعا قالت لن أتركك يا وسن "
توقفي يا وسن وارحمي حالتي لما لا تريني أمامك وكأني غير موجود لما تقتلينني فوق ما أنا ميت يكفيني حرقتي على والدتي فأنا مثلك بعدها وحيد , نظرت لها بضياع
وهي تنظر لوالدتي باستجداء وكأنها تتمنى أن تكون الحقيقة غير ذلك وقالت ببكاء " خالتي تكلمي أرجوك , ليتني مت أنا "
لم أشعر حينها بشيء سوى بيدي تمتد لها لأسحبها من أمامي وأدسها في حضني وطوقتها بذراعاي بقوة وقلت بألم " ارحميني يا وسن أرجوك ارحميني "
انطلقت حينها صرختها المكبوتة لأدسها بين ضلوعي وأخفف من صداها في الغرفة
كان على هذه الصرخة أن تخرج قبل أن تموت من الصدمة , كنت أشدها لضلوعي ودموعي تتساقط فوق صرخاتها المتوجعة
ولا أعلم من فينا حاله أقسى من الآخر ومن منا ثلاثتنا الميت ومن منا الاثنان يحضن أوجاع الآخر , وكل ما فعلته أن حضنتها ...
نعم فعلت ما منعت نفسي عنه لأيام لكني لم أكن أشعر بها بل بأوجاعها الكثيرة تقطع جسدي وقلبي حتى اختفى صوتها وارتخى جسدها بين ذراعاي
فأبعدتها عن حضني ومسحت على وجهها وقلت بصدمة " وسن ما بك "
لم تجب ولم تتحرك فشعرت بأدق عرق في عروقي يتفتت وكأن ثمة من ضربني بسلك كهربائي
لا تفعليها بي يا وسن يكفي نصف قلبي الأول جثة بجانبي , لا تقتليني بحسرتي عليكما
ضربت خدها مرارا أناديها وبلا فائدة فوقفت وحملتها بين ذراعاي وغادرت بها من الغرفة لأترك خلفي جثة وأسير وبين يداي أحمل شبه جثة ولست سوى جثمان مثلهما ولكن لا يشعر بي أحد
" نواس نم قليلا على الأقل " أخرجني من ذكرى ذاك اليوم الموجع صوت خاطر
فنظرت له وقلت " ليس وقت نوم "
تنهد وقال " أنت لا ترحم نفسك إما في المستشفى أو هنا تستقبل المعزين , لن يحدث شيء إن نمت قليلا "
أبعدت نظري عنه وعدت للصمت , ها قد مر ثلاث أيام على وفاة والدتي ووسن ملازمه المستشفى من حقنة مهدئ لحقنة منوم لمسكن
بعدما أصابها انهيار عصبي حاد ولا أحد هنا يستقبل المعزيات سوا مي ووالدة فرح التي بقيت معها اليوم
وقفت فقال معاذ " كنت في المستشفى الآن هي نائمة ولم تستيقظ بعد فاجلس وأرحم ساقيك "
قلت مغادرا " عليا استقبال جواد وزوجته في المطار سيصلان بعد ساعة "
لحق بي قائلا " انتظر سأذهب معك إذا "
خرجنا معا على دخول ملاك التي وقفت أمامي قائلة " ذهبت للمستشفى ولم يتركوني أدخل لها كيف هي حالتها "
قلت بهدوء " أفضل بقليل وفي الغد ستكون أحسن هكذا قال الطبيب "
قالت بحزن " لا أعلم لما أساتذة الجامعات لا يصيبهم شيء والطلبة بلى , الأسبوع الماضي ماتت زميلة لنا بحادث وقبله واحدة تزوج عليها زوجها أخشى الأسبوع القادم أن أموت أنا "
لم استطع كتم ابتسامة حزينة شقت ملامحي العابسة ونظرت لمعاذ فكان رأسه للأسفل ويضحك بصمت
فنظرت لها وقلت " شكرا لك يا ملاك لن أنسى وقوفك معنا كله "
قالت متوجهة نحو الداخل " لا تشكرني على واجبي "
نظرت لمعاذ فقال " وكأنها ليست داخلة لعزاء "
سرت قائلا وهو يتبعني " هذه بكت مع وسن حتى جفت دموعها , بعض البشر يحاول الترفيه عن نفسه وقت الحزن "
قال وهو يفتح باب سيارته " بل يبدوا حاولت أن ترفه عنك أنت , هل هذه هي صديقة ابنة خالتك "
فتحت باب سيارتي وقلت وأنا أركبها " نعم "
ثم انطلقنا كلن في سيارته لنصل المطار على الوقت فالطريق يأخذ حوالي نصف الساعة رغم أننا في العاصمة
وصلنا ونزلنا هناك وجلسنا في صالة الانتظار رأسي للأرض متكأ على ركبتاي بمرفقاي ولا شيء سوا الصمت رغم الضجيج من حولنا حتى أعلنوا عن وصول الرحلة فوقفنا ننتظر حتى دخل جموع المسافرين ورأيت جواد من بينهم وفرح تسير بجانبه
هو لم يخبرها حتى الآن كي تصل أولا لأنه يعرفها جيدا يجن جنونها على شقيقتها إن علمت , توجه نحوي مسرعا وسابقته الخطوات وتعانقنا عناقا مؤلما بكت له عينا جواد أما أنا فقد شبعت عيناي وجفت على ما يبدوا
مسحت على ظهره وقلت " اسأل الله أن يخلفنا فيها خيرا "
قالت فرح بصدمة " من مات !! "
نظرنا لها كلانا فقالت بحدة " تكلما من الذي مات ؟ "
قال جواد ونظره للأرض " والدتي "
شهقت بقوة ثم نظرت لي وقالت بصدمة " وسن "
قلت " بخير لا تقلقي من ..... "
قاطعتني مخاطبة لجواد " لما أخفيت الأمر عني خذني لشقيقتي فورا "
قال بضيق " فرح علينا أن ننتهي من الإجراءات أولا ثم آخذك حيث تريدين "
بدأت بالبكاء من فورها فقال بضيق أكبر " فرح لا تنسي أنك حامل وتوقفي عن هذا "
قالت بحرقة " للجحيم أنا وابنك خذني لشقيقتي قلت لك "
تأفف وتوجه جهة موظفي الجوازات ليختم للدخول ففرح لم تتغير بل يبدوا ازدادت تعلقا بشقيقتها حتى أنها لم تعزي أي واحد منا
عاد جواد سريعا وغادرنا المطار وركبا معي وفرح لم تسكت طوال الطريق وهي تبكي وتردد أن وسن بقت وحيدة وجواد يحاول تهدئتها
لا استغرب منها أن تتجاهلني فهذه عادتها لم تعد تطيقني منذ عام وكأني أنا الملام وليس شقيقتها
بعد وقت تذكرت أخيرا أن تعزينا ووصلنا حينها للمستشفى أولا حسب أوامرها
* *
جواد لن يتغير أبدا يهوى إخفاء الأمور المهمة عني لاحظت طوال الفترة الماضية ضيقه وتوتره اللذان تحولا لحزن هذه الأيام لكني لم أتخيل أن يكون كل هذا يجري وأنا آخر من يعلم
وصلنا المستشفى ودخلت مسرعة حتى وصلنا لغرفتها فقال جواد بصوت منخفض " إن كانت مستيقظة فلا تقتربي منها , ستخرج في الغد أو بعده كحد أقصى فلا نريد أن تزداد حالتها سوءا "
هززت رأسي بالموافقة وفتحت الباب ببطء ونظرت لها فكانت مستيقظة وتنظر للسقف بشرود فأغلقته ببطء وبدأت
بالبكاء فقال جواد هامسا بضيق " فرح توقفي ويكفي ها قد رأيتها بنفسك بخير ومستيقظة فيكفي جنون "
قلت بضيق " مما مخلوقين أنتم الرجال لا قلوب لكم أتركني أبكي لأرتاح , الدموع تخرج مني أم منك "
ثم تركتهما وخرجت من المستشفى وهما يتبعاني , كان عليا رؤيتها أولا لأنه سوف يجن جنوني إن لم أرها بعيني
غادرنا المستشفى ووصلنا لمنزل جواد سريعا , دخلت وأول من وقعت عيني عليه كان والدتي فتوجهت نحوها من فوري
وحضنتها بقوة وبكاء ثم عزاني البقية الموجودين وجلست معهم وكان كل حديثهم عن والدة جواد كيف ماتت ومتى تقهقرت حالتها وثمة فتاة تلوذ بالصمت طوال الوقت ولم أرها قبلا
كنت سأسأل والدتي عنها حين سمعت صوت نواس من الخارج قائلا " مي "
فوقفت من فورها وذهبت له , هذه زوجته إذا ! لو علمت بها ما سلمت عليها من أساسه
خرجت بعد قليل من جهة المطبخ تحمل الشاي والقهوة لتعطيهم له وحمدت الله مئة مرة أن وسن ليست هنا فقد رحمها الله بأن نامت في المستشفى وصدق من قال ( قد يكون العذاب رحمة من عذاب أشد منه )
كنت لا إراديا أنظر لها نظرة كره وأتمنى أن تغادر فورا نظرت لي فجأة وخفضت بصرها سريعا
ومر باقي اليوم والذي يليه وأنا استقبل فيه زميلاتي الآتي درسن معي في الجامعة هنا وبعض صديقات وسن الآتي لم يعلمن أنها لم تخرج بعد من المستشفى وبعض نسوة من أصدقاء لنواس
" فرح بُنيتي أنتي لم تتناولي شيئا اليوم فقفي واطلبي من فتحية أن تعد لك شيئا تأكليه "
قلت بهدوء " لا رغبة لي في الطعام يا أمي لكنت أكلت "
تنهدت بضيق ونطقت المدعوة مي ولأول مرة أمامي وقالت " من غير الصحي للحامل أن لا تأكل "
قلت ببرود " أعلم بذلك " فوقفت واستأذنت ودخلت المطبخ مع فتحية دون أن تضيف حرفا آخر
فقالت أمي بضيق " فرح ما الذي فعلته لك هذة الفتاة تصبين حزنك وغضبك بها "
قلت ببرود " أنا لم أقل لها شيئا "
قالت بضيق أكبر " يكفي نبرتك وطريقة كلامك ونظراتك لها , الفتاة لم تشده من شعره ليتزوجها "
قلت بغيض " أمي ارحميني لا أعلم كيف تعاملينها بلطف كيف نسيتي أنها أخذت مكان وسن وأحرقت قلبها معه "
قالت بحدة " مجنونة ولن تتغيري , الفتاة تعاملني معاملة ابنة لوالدتها ووقفت هنا ورفعت العزاء واستقبلت الناس وحدها كيف سأعاملها بقسوة , أنا لم افقد عقلي بعد "
تأففت ولذت بالصمت وعادت تلك للجلوس معنا في صمتها المعتاد ودخلت امرأتان المنزل
اليوم هو اليوم الخامسً للعزاء ولم يعد يأتي الكثير وكلهم ينتظرون خروج وسن ليأتوا لتعزيتها , وقفنا وسلمنا عليهما وجلسنا قليلا
ثم دخلت وسن من الباب بملامح ما تزال متعبة بل يلفها الحزن أكثر من التعب فوقفت من فوري وهي توجهت مسرعة نحوي وحضنتني بقوة
وبدأت بالبكاء وقالت بعبرة " ماتت خالتي يا فرح تركتني مثلكم ورحلت "
قلت ببكاء " لا تقولي هذا يا وسن لن يتركك أحد "
قالت بنحيب اكبر " بل تركتموني جميعكم , من مات مات ومن رحل رحل وبقيت وحدي "
كنا نبكي معا بحرقة , ابكي شقيقتي أكثر مما أبكي فقد خالتها المرأة الطيبة التي لم أرى منها يوما شيئا سيئا ونمت في حضنها منذ كنت طفلة
هي ماتت وارتاحت من المرض والتعب لكن وسن بقيت لتموت مئة موته , توجهت والدتي نحونا وأبعدتنا عن بعضنا قائلة " يكفي يا فرح هي خرجت من المستشفى للتو هل تريدي أن تعيديها إليها "
ابتعدت عنها وسلمت عليها والدتي وعزتها ثم توجهت نحو البقية عزوها وكان دور المدعوة مي
وقفت ومدت يدها لها وقالت بحزن أو لا اعلم شفقة " أحسن الله عزائك يا وسن " صافحتها وسن وهي تتجنب النظر لها وقالت بهمس " شكرا لك "
ثم جلست مع والدتي بنفس الأريكة وغابت بنظرها للأرض في شرود أو بالأحرى هروب من الواقع واستقبلنا بعدها عددا لا بأس به من المعزيات من سمع بوسن وجاء لأجلها حتى مر أغلب النها
ثم وقف نواس عند الباب من الخارج وقال بصوته الثقيل " مي "
فوقفت تلك من فورها ونظرت أنا لوسن بسرعة
كانت على هدوئها وشرودها لتتدلى دمعتها من بين رموشها الطويلة وكأنها تخرج من عروق قلبها وسقطت من نهاية رموشها لحجرها مباشرة
قطع الله لسانك يا نواس إن كانت مناداته لفتحية سابقا مزقت لها أحشائها فكيف الآن هل يتعمد فعل هذا أم ما قصده
بعدها دخلت تلك ونادت على والدتي لتتبعها للمطبخ ويبدوا شيئا ما ورائها
عدت بنظري لوسن فكانت تمسك معدتها بقوة
وكأنها تمزقها مستندة بيدها الأخرى على الأريكة ورأسها للأسفل فهممت بالوقوف لها فخرجت منها أنات مكتومة متوجعة
طبع وسن كتم كل شيء حتى ألآمها وهذا يعني أنها تعاني الآن وبشدة توجهت نحوها مسرعة وأمسكت يدها وقلت " وسن أنتي متعبة قفي لأدخلك غرفتك بسرعة "
وقفت معي من فورها ولم تمانع فأخذتها لغرفة جواد سابقا والتي تكون غرفتها الآن وهي تسير بصعوبة
وصلنا الغرفة لأفاجأ ببابها مخلوع خلعا , ما فعلتم بشقيقتي يا وحوش ومن كسر عليها الباب ولما ومؤكد ذاك المتوحش الجلمود المغرور أخذتها للسرير فاضطجعت عليه
وقالت بتعب " العلاج بقي في سيارة نواس يا فرح أحضريه لي "
خرجت من فوري ووقفت عند باب الصالة وناديت على جواد فخرج لي فورا من مجلس الرجال فقلت من فوري " دواء وسن في سيارة شقيقك أحضره بسرعة يا جواد "
قال بقلق " ماذا هناك "
قلت بنفاذ صبر " بسرعة يا جواد وسن تتألم بشدة "
قال بصدمة " لما !! "
قلت بضيق " اسأل شقيقك عن السبب بل أخبره أن لا يُسمعنا صوته مجددا "
ثم رفعت أصبعي له وقلت بجدية " أقسم يا جواد قسما بمن خلقني وخلقه إن خسرت شقيقتي بسببه فلن يريحني إلا دمه وعلى يدي أيضا "
تأفف في وجهي ثم التفت ونادى قائلا " نواس "
خرج ذاك من فوره ينظر لنا بقلق ثم قال " ما بكم "
قال جواد " أحضر دواء وسن من سيارتك "
ثم نظر لي وقال " إن كانت حالتها سيئة فلا تستمعي لرفضها ودعينا نعيدها للمستشفى "
أدار نواس جواد جهته وقال " ما بها "
دخلت حينها قائلة ببرود " نادني أنا يا جواد لآخذ الدواء منك "
عدت جهة غرفة وسن فقابلتني والدتي قائلة " نواس أرسل علاج وسن مع مي لكني لم أجدها في الغرفة تبدوا في الحمام فأخبريها عنه ما أن تخرج فعليا العودة لـ... "
قاطعتها بصدمة " أرسله لها مع زوجته !! ما يعني بهذا "
قالت مغادرة " بل أخبرها أن تعطيه لك أو لي "
غادرت أتمتم بسخرية " يالا حنيته "
* *
ما أن غادرت فرح حتى التفت لي جواد وقال " نواس إن أردت شيئا من الداخل أخبرني لأخبر فرح ولا تنادي أحد ولا تتصل بأحد "
نظرت له مطولا باستغراب أحاول ترجمة معنى ما يقول وسببه وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى شق صمتنا صرخة فرح المدوية " جواااااااااد "
فلم أشعر بنفسي ولم اترك المجال لجواد ليتحرك ودخلت الصالة ركضا وتوجهت من فوري لغرفة وسن لأني رأيت والدة فرح تركض لها
فتحت باقي الباب بقوة ودون وقوف لأرى ما يجري ثم توجهت نحو الملقاة أرضا أمام باب الحمام مغمى عليها وحملتها بين ذراعاي
وخرجت بها من الغرفة أجتاز كل النسوة الآتي كن هنا ووقفن بالمقربة من الباب منشغلات بسبب صرخة فرح
خرجت بها مسرعا للسيارة وانطلقت من فوري وأنا أرى فرح تخرج مسرعة خلف جواد ويبدوا ليلحقا بنا
ما كان علينا إخراجها من المستشفى قبل أن تصح جيدا , كان رأي جواد خاطئ جدا وأنا أطعته فيه وها هي النتيجة
كنت ألتفت لها للخلف كل حين وهي على حالها كالميتة على الكرسي الخلفي ودمعتها ما تزال معلقة في رموشها
لما يحدث معنا كل هذا يا وسن !! موت أمي كان فاجعة لنا جميعا لما أنتي يقتلك أكثر ؟ هل تحبينها أكثر منا
أم فقط لأنك ترينها آخر أهلك أم لسبب آخر , منذ توفي والدي وحياتي تعاني التقلبات الدائمة
فأسوء سنين حياتي تلك التي عشتها خارج هذه البلاد أعمل في البناء في رفع الحديد والإسمنت والطوب ولم أترك شيئا لم أعمله حتى غسل الأطباق في المطاعم لأوفر لوالدتي وشقيقي لقمة العيش ولا يحتاجا لأحد
إحدى عشر سنة قضيتها هناك أحرث على جسدي وصحتي وأخرج المال من تحت الصخور وبعدما عدت هنا ضننت أن الحياة ابتسمت لي
سأعيش مع عائلتي في منزل كبير ومستقل عكس تلك الغرف المتهرئة التي كنا نعيش فيها , وحضن دافئ عكس الغربة المريرة التي نخرت قلبي
بل ووجدت هدية أروع تنتظرني وهي الطفلة ابنة الأربع سنوات أصبحت امرأة تضج أنوثة تنتظرني كهدية على سنين غربتي وتعبي ونسيت في غمرة سعادتي بتلك العودة أن تقلبات حياتي قد لا تتركني
فوجدت نفسي فجأة من دون تلك الحسناء ولا شقيقي ولا حتى والدتي التي رحلت رحيلا أوجع من رحيلهما كليهما رحيلا أبديا مؤلما
نظرت للنافذة حيث سيارة جواد وهو يؤشر لي على عداد السرعة في سيارته ثم عاد للوراء فنظرت له فكان يؤشر لتخطي السرعة المسموح بها في الطرقات الداخلية فخففت السرعة
وصلنا المستشفى بعد قليل , نزلت وأنزلتها وهما يتبعانني وأعدناها للغرفة التي لم تغادرها إلا اليوم وبقينا نحن في الخارج ووقفت مبتعدا عنهما تجنبا للاحتكاك بفرح
فلن أتحمل هذه الإنسانة أكثر وأخشى من أن تفقدني أعصابي بعد قليل خرج الطبيب وتوجهت نحوه
فقال دون أن نسأله " سوء تغذية وفقر دم حاد وتبدوا تناولت الدواء على معدة خاوية , المسكنات يلزم أخذها بعد الطعام "
قالت فرح " هل ستكون بخير "
قال " عند الصباح ستكون أفضل فاهتموا بطعامها وأكرر وأقول الراحة النفسية أمر ضروري وحثوها على عدم الانزواء على نفسها وكبت انفعالاتها "
أمسكت فرح فمها بيدها وبدأت بالبكاء وغادر الطبيب فقال جواد بتذمر " فرح لا تنسي أني اشترطت عليك قبل مجيئنا أن لا تبكي ولا تتكلمي لتأتي معي فوافقتِ "
لم تزدد إلا نحيبا فاحتضنها وقال بهدوء " يكفي حبيبتي هي بخير وستخرج غدا فارحمي نفسك أنتي أيضا هل تفكري بها فقط وتنسي صحتك "
قلت وأنا ابتعد عنهما قليلاً " اتركها تدخل لها يا جواد فسترتاح إن كانت بجانبها "
توجه بها جهة الغرفة فتحها ودخلا معا وبقيت وحدي مستندا بالجدار ومتكأ برأسي عليه حتى وصلت رسالة لهاتفي فأخرجته فكانت من مي فتحتها فكان فيها ( تعالى لإرجاعي للمزرعة الليلة )
اتصلت بها من فوري فأجابت بعد وقت فقلت " من أزعجك يا مي ولما تريدين المغادرة "
قالت بصوت منخفض " لا أحد أقسم لك يا نواس لكني أريد العودة للمنزل "
تنهدت وقلت " كما تريدين وما أن أتمكن من المغادرة سأذهب لإيصالك "
قالت بهمس " شكرا لك ..... وداعا "
أعدت الهاتف لجيبي لحظة خروج جواد من الغرفة وقف بجانبي وقال ونظره على قدمه الممدودة أمامه على الأرض " ما ستفعل الآن بشأن وسن "
قلت بهدوء ونظري على الممر في الجانب الآخر " ستبقى معي طبعا "
نظر لي فعدت بنظري تحتي وقلت " والدتي رحمها الله أخذت مني عهدا أن أتزوجها "
وقف مستوي على طوله ومقابلا لي وقال بصدمة " متى !! "
نظرت له وقلت " قبل وفاتها ومرضها الأخير بمدة "
قال بعد صمت " وهل ستفعل ذلك "
عدت بنظري للأرض وقلت " نعم لكن ليس الآن "
قال " ولما !! "
تنهدت وقلت " لا أستطيع يا جواد لا أستطيع "
قال بجدية " زوجها بغيرك إذا "
هززت رأسي بلا فقال بضيق " لا اعلم أي دماغ هذا الذي لديك أيعجبك حالكما هكذا ارحمها بإحداهما وأشفق على حالتها "
لذت بالصمت فقال ببرود " لما رفضت سليمان كانوحلا مناسبا لكل شيء وهي وافقت عليه "
ابتعدت من على الجدار وقلت " كلانا قطع عهده لوالدتي وما قلته لك اتركه سرا بيننا يا جواد حتى يحين وقته "
نظر للممر الآخر وقال باستغراب " ما سر كل هذا الانتشار الأمني في المستشفى "
نظرت حيث ينظر وقلت " منذ أيام وهم على هذا الحال يبدوا ثمة حالة مهمة في هذا المستشفى "
نظر بتركيز لوقت ثم قال " ذاك أليس شقيق معتصم رئيس الشرطة الجنائية "
نظرت حيث ينظر ثم قلت " لا اعلم لم أره سابقا إلا في الصحف "
هز رأسه بنعم ثم قال ونظره لازال عليه " وأنا لم أره سابقا سوى مرة واحدة لأن معتصم كان يهرب بي من القصر قبل قدومه "
قلت بابتسامة صغيرة " معه حق يهابه يبدوا شخصية مسيطرة وقيادية من هيئته وملامحه الحادة "
أومئ بنعم فقلت " خذ زوجتك للمنزل "
نظر لي وقال " وأنت "
قلت " سأذهب لأخذ مي للمزرعة وأعود هنا "
قال بهدوء " لا جدوى من البقاء معها خذ زوجتك ونم الليلة وارتاح والصباح لكل حادث حديث "
أبعدت نظري عنه ولم أتحدث فقال " وما أخبارك وزوجتك "
هززت رأسي بدون كلام فقال " أتمنى ذلك "
ثم توجه للغرفة دخل وخرج بعد وقت وفرح تتبعه قائلة " وما في الأمر إن بقيت معها "
قال وهما يبتعدان " فيه أنه عليك المغادرة وستخرج لك غدا "
تنفست بقوة ونظرت لباب غرفتها مطولا ثم غادرت المستشفى ووصلت المنزل واتصلت بمي لتخرج لي
وما هي إلا لحظات وخرجت وركبت السيارة وانطلقنا وقالت بعد قليل " كيف أصبحت الآن "
قلت ونظري على الطريق " ستخرج غدا , مجرد فقر دم وسوء في التغذية "
نظرت ليديها في حجرها لوقت ثم قالت " سأبقى في المزرعة فلم يعد لوجودي من داعي "
قلت بهدوء " مي ماذا حدث صارحيني "
نظرت لي وقالت " أقسم لم يحدث شيء "
قلت ونظري لم يغادر الطريق " ولا بينك وبين وسن "
قال من فورها " لم تتحدث معي مطلقا , فقط أنا أشعر أني سبب مرضها وتعبها وكرهت وجودي كجدار بينكما "
قبضت على المقود بقوة وقلت " أنتي لست الجدار بيننا يا مي فلا تُحملي نفسك إثم أمور ليس لك فيها أي يد "
عادت بنظرها ليديها وقالت " في وجهة نظرها هي على الأقل "
ثم تابعت بحزن " ليتك لم تتزوجني يا نواس أو لم تضع ذاك الشرط لزواجك بي , لما قتلتها وقتلت نفسك "
قلت بهدوء " لننهي الكلام في الأمر "
لاذت بالصمت ولم تعلق وساد الصمت حتى وصلنا المزرعة ونزلنا وتوجهت من فوري لغرفتي استحممت وغيرت ثيابي وخرجت عائدا للمستشفى من جديد وتوجهت من فوري لغرفتها
فتحت الباب ودخلت ببطء وجلست بجوارها أراقب ملامحها المتعبة النائمة وهي تغضن جبينها بين الحين والآخر دليل التألم لتخرج منها أنة صغيرة لا تتعدى مجرى حنجرتها
أدخلت يدي في جيبي وأخرجت الورقة منه ودسستها لها بين أنامل يدها وأطبقتهم عليها بيداي وقربتها لشفتاي
ثم ما لبثت تلامس يدها الناعمة حتى أعدتها حيث كانت وأشياء كثيرة منعتني عن فعل ذلك
ثم خرجت من عندها واتصلت بجواد وأخبرته أن يأتي هو غدا لإخراجها وعدت أنا للمزرعة
*
*
مر قرابة الأسبوعان لم استمع فيهما لبرنامجي المفضل على المذياع , عددت بأصابعي ثم تنهدت بضيق ...
ست حلقات مع اثني عشرة إعادة ضاعت في أيام مرض خالة وسن ووفاتها وضعت السماعات في أذناي وكان البرنامج قد بدأ للتو
اليوم سأستمع لجميع المداخلات باستمتاع عكس السابق وهذا من كثرة ما اشتقت لهم وافتقدتهم
لم أصدق نفسي حين كانت المداخلة لأحزان السنين فليس من عادته أن يكون من المتصلين في الجزء الأول من الحلقة
قال بهدوء " مساء الخير صفوان وكل متابعي برنامجك الرائع "
قال المذيع بصوت مبتسم " مساء الخير وحمدا لله على السلامة "
فتحت عيناي بدهشة , ما الذي حدث بعدي ولا اعلم عنه !!
قال أحزان السنين " سلمك الله كان حادثا بسيطا جدا فقط احتجت لوقت لأتعافى جيدا "
ضحك المذيع وقال " قلقنا عليك بعد اتصالك لتخبرنا بالحادثة وصوتك كان متعب جدا "
أمسكت قلبي وتنفست بهدوء , حمدا لله أني تغيبت هذه الفترة لكنت مت من الانشغال عليه
قال بصوت مبتسم " آسف حقا لكني لم أرد أن أتغيب لحلقتين دون أن أقدم أعذاري لأنكم بتم عائلتي الثانية "
قال المذيع بعد ضحكة " نعم فيكفينا غياب مرجان وملاك الطويل "
اضطربت دقات قلبي وأنا أنتظر تعليقه لترتفع دقاته أكثر وهو يقول " ملاك الليل غابت كثيرا وشغلتنا عليها أتمنى أن تكون بخير "
قال المذيع " سنتمنى أن تتصل بنا الليلة فأمنيات الليل كما يقولون تتحقق سريعا "
قال بضحكته الهادئة " إذا لن أتمنى أمنيه في الصباح بعد اليوم "
ضحك المذيع كثيرا ثم قال " إذا تمنى شيئا فهذا محور حلقتنا اليوم "
قال بصوت بتسم " سأتمنى مثلك أن تتصل ملاك الليلة وتطمننا عليها وطبعا أن لا تحزن إن سرق الحزن أياما من سنينها , وعمتم مساءا "
من الفرحة حضنت الهاتف لوقت وعيناي مغمضتان هل الحب جميل هكذا ؟ هذا وأنا لم أره بعد آه يا قلبي استمعت لباقي المداخلات ولم أتصل حتى مقربة نهاية الحلقة كي لا أظهر بمظهر من كانت تتعمد أن لا تتصل
أدخلوا مكالمتي على الحلقة فقلت " مساء الخير صفوان "
قال بصوت مبتسم " مسائنا جميل اليوم وتحققت فيه أمنيتنا واتصلتِ لنعلم أنك بخير "
قلت بهدوء " آسفة حقا كان لدي ظرف عائلي وتوفيت قريبة لي فلم أتمكن حتى من الاستماع لحلقات البرنامج "
قال " أحسن الله عزائكم في الفقيدة وجعل مثواها الجنة "
قالت بهمس " شكرا لك "
ثم تابعت بهدوء " أشكر كل من افتقدني وأشكر شكرا خاصةً أحزان السنين وحمدا لله على سلامته لو أخبرنا باسم المستشفى لزرناه "
ضحك المذيع وقال " لن يتسع المستشفى لنا فالجميع سيذهب لزيارته "
اكتفيت بضحكة دون تعليق ولو كان الأمر بيدي لقلت سأقطع سيقان من ستذهب إليه غيري
قال بهدوء " ماذا ستتمنى ملاك في هذا المساء "
قلت بحزن " يبدوا أن هذا المساء تتحقق فيه الأمنيات لذلك سأتمنى لصديقتي المقربة لي أن تجمعها الحياة بحبيبها مجددا لأنهما تعبا كثيرا وأنا منشغل بالي عليها "
قال بهدوء " نتمنى لك ولصديقتك السعادة الأبدية "
قلت مبتسمة " أنت تغش يا صفوان فانظر كم أمنية تمنيتها الليلة ونحن لنا واحدة فقط "
ضحك كثيرا ثم قال " هذا لأني أريد لجميع أمنياتكم أن تتحقق "
قلت " شكرا لرحابة صدرك وتصبحون على خير جميعا "
انتهى بعدها البرنامج وأنا أتمنى من قلبي أن تتحقق أمنيتيربالفعل وترجع وسن لابن خالتها ويكونا معا حتى آخر العمر
*
*
جلست متكأ بمرفقاي على ركبتاي ونظري للأرض وفرح ووالدتها يجلسان أمامي وقالت فرح " لم تجبني يا جواد وسن ما مصيرها "
بقيت على صمتي فقالت والدتها " هل تحدثت ونواس في الأمر "
نظرت لهما وقلت " نعم واتفقنا "
قالت فرح " اتفقتما على ماذا "
تنهدت وقلت " على ما فيه مصلحة الجميع "
نظرتا لبعضهما باستغراب فقلت " طائرتنا بعد يومين يا فرح ونواس سيتكفل بالأمر , لم أتمكن من تأجيل الرحلة أكثر "
وقفت وقالت " أنا لن أذهب معك "
نظرت لها بصدمة وقلت " ما تعني بذلك !! "
قالت بجدية " لن أذهب لأي مكان بدونها وسأبقى هنا معها وفي شقتنا "
*
*
انفتحت عيناي من الصدمة وقلت بدهشة " ماذا تعني بهذا يا رهام "
قالت بضيق " أعني ما سمعته جيدا وما حدث أمام عيناي "
قبضت على الهاتف في يدي بقوة حتى كدت أحطمه بين أصابعي وقلت بغيض " إذا صدقت توقعاتي وهو لم ينكر "
قالت " ولم يؤكد ذلك أيضا لكن تلك الطفلة أجرأ وأقوى مما توقعنا "
وقفت وقلت " وداعا الآن يا رهام "
قالت بسرعة " ما الذي ستفعلينه "
قلت " سأتأكد من ذلك بنفسي "
قالت " أعلميني بكل جديد إذا "
قلت وأنا أخرج ملابسي وحجابي " حسنا ووداعا الآن " غيرت ثيابي وخرجت من المنزل , لم أخدمه ووالدته كل هذه السنين وانتظرت وضيعت عمري لتأتي هي أو غيرها لتأخذه في غمضة عين
أنا الغبية من البداية لو كنت صارحته منذ زمن في رغبتي أن أكون زوجة له وأن أبقى مع والدته لكن البعثة ضاعت منه يا مغفلة
حسنا كنت أخبرته أني سأعتني بوالدته وأكون زوجة له فما في الأمر إن قلتها له أفضل من أن تركته ضاع مني لغيري
لا لم يضيع ولن يضيع أبدا خرجت وركبت سيارتي قاصدة منزلهم
* *
أبعدتْ يدي وقالت بتألم وهي تحاول سحب يدها الأخرى من قبضتي " آآآآآي "
أمسكت يدها بقوة وقلت " تحملي قليلا يا سما "
قالت وهي تقبض عيناها بيدها الأخرى " مؤلم ألا طريقة غير هذا .... آي بالرفق نزار أرجوك "
قالت والدتي ضاحكة " لم أعرفك مدللة هكذا من قبل "
قالت وهي تمسح دموعها " لم أستطع احتماله مؤلم كثيرا "
قالت بصوت مبتسم " معقم الجروح هكذا لا أحد يحبه لكنه ضروري لقتل الجراثيم "
قالت وهي تهف على الجرح بيدها الأخرى " كنت أرى شقيقي سامي كيف يبكي حين يعقمون له جرحه عندما وقع من الدراجة لكني لم أتصور الألم فظيعا هكذا "
قلت وأنا ألفه بالشاش " لو لم يكن المستشفى خطرا عليك هذه الفترة لأخذتك للطبيب ليعقمه ولن تتكلمي أمامه يا مدللة "
قالت بضيق " بل هو لن يعقمه كثيرا مثلك فلم يبقى سوا أن تسكب باقي القارورة عليه "
لم أستطع إمساك ضحكتي التي خرجت عالية فأبعدت يدها وقالت بضيق أكبر " خالتي انظري لابنك ما يفعل "
قالت أمي ضاحكة " سيرى عقابه منا لا تقلقي "
وقفت لأن جرس الباب يُقرع وقلت مغادرا الغرفة " متفقتان ضدي دائما ولا أحد لي وستريان أنتما أيضا "
فتحت الباب فكانت دعاء , لم استطع أن انظر لها نظرتي المحترمة السابقة ولكنني لم استطع أن أنسى ما فعلته من أجلي ووالدتي فقلت " مرحبا تفضلي بالدخول "
قالت مبتسمة وهي تدخل " لم أجد المفتاح صباحا فقررت أن أزورها وقت وجودك لتفتح لي "
قلت وأنا أدخل أمامها " ما كان عليا أن أثق في الجميع وأترك أحدهم يفتش غرفنا ويفسد طعامنا لذلك رفعت المفتاح وغيرت القفل ولا أريد أن أتهم شخصا معينا "
سكتت لوقت ويبدوا ألجمتها الصدمة ثم قالت ونحن نقترب من غرفة والدتي " ومن سيفعل ذلك ؟ قد تكون توهمت " قلت وأنا ادخل " بلى متأكد من ذلك "
دخلت خلفي وسلمت على والدتي وسما وقالت " سلامتك ما بها يدك "
لم تجب سما ونظرت لي من فورها وقالت والدتي " جرحها السكين وخاطوه لها وجاءت سليمة "
نظرتْ لأدوات الصيدلية المنزلية على الطاولة وقالت " ولما تعقمونه في المنزل أو كنتم اتصلتم بي وأنا سأتكفل بهذا "
قالت سما وهي تخبأ يدها خلف ظهرها " شكرا نزار يقوم بذلك "
نظرت لي وقالت مبتسمة " لكن نزار مهندس وأنا الممرضة "
خرجت حينها سما من الغرفة ونادتني من خارجها فخرجت لها على نظرات دعاء المصدومة
وقفت أمامها فقالت بهمس " لا أريدها أن تفعل ذلك فلا توافق كي لا أحرجك معها "
قلت بابتسامة " لا تقلقي لن أوافق رغم أنك تستحقين كي لا تنتقديني مجددا "
صدمتني دموعها التي نزلت لتتركني راكضة جهة السلالم
ثم صعدت للأعلى فتنهدت وصعدت خلفها وصلت باب غرفتها وطرقته قائلا " سما كنت أمزح فقط "
ولم تجب فتركتها ونزلت , أعرفها حساسة جدا لكنها بقلب أبيض ستنسى سريعا ما حدث , فقط عليا تركها وحدها الآن
* *
ما أن خرج نزار حتى نظرت لي دعاء وقالت " هل أخطأت في شيء "
قلت " لا .... كيف حال والدتك وشقيقتاك "
جلست وقالت وهي تتعمد العودة لذات الموضوع
" تبدوا سما مدللة كثيرا أو أنكم تفرطون في تدليلها وخصوصا نزار "
لم أستطع كتم ابتسامتي ثم قلت " سما ليست مدللة مطلقا ولكنها حساسة بعض الشيء ونزار كما تعرفيه لم يتغير بقلب حنون ولا يحب أن يجرح أحدا "
وقف حينها نزار عند الباب وقال " سأخرج قليلا يا أمي ولا تتركي سما تعد الطعام "
قلت باستغراب " أليست في المطبخ الآن !! لما لم تكلمها "
قال مغادرا " بل غضبت مني وأغلقت على نفسها باب غرفتها "
وهنا تحول وجه دعاء لشيء لا يمكن وصفه وبعدما سمعنا صوت إغلاقه للباب نظرت لي وقالت " نصحتها أن لا تأتي وتكلمه وتنساه للأبد لكن رهام متهورة دائما وعلى نزار أن يحذر منها بعدما حدث منه وسما أمامها "
نظرت لها بحيرة فيبدوا ثمة ما حدث كما توقعت وأنا لا أعلم به
قلت " نزار يُعد رهام ماضي وانتهى "
قالت بابتسامة جانبية " هي لا تعده كذلك وقد فاجأها ما عرفته بالأمس "
قلت " وما الذي تريده رهام منه الآن وهي التي تركته وتخلت عنه "
قالت بابتسامة سخرية " كان بالنسبة لها فرصة وحين وجدت أفضل منها تركتها وبعدما فقدت الآخر عادت الآن تبحث عما أضاعته سابقا "
هززت رأسي بيأس وقلت " لا أعلم كيف تفكر هذه وهل تضنه لعبة في يدها ترمها ثم ترجع لها متى تريد "
قالت بعد تردد " هل صحيح نزار سيتزوج من سما "
نظرت لها باستغراب فأبعدت نظرها وقالت " أعني هل صحيح ما قصداه بما حدث أمامها أم كانت تمثلية ليتخلص منها "
قلت بحيرة " وما الذي حدث أمامها "
نظرت لي بصدمة وقالت " ألم يخبرك أحد !! ظننتك تعلمين بالأمر "
قلت " لا ... لا علم لي فأخبريني أنتي "
لاذت بالصمت مطولا ثم سردت ما قالت لها رهام أنه حدث أمامها وأنا أستمع لها بصدمة ثم قلت بضيق " وما علاقة سما لتريها تلك الصورة "
قالت بارتباك " قد تكون ظنت أنه ثمة شيء بينهما "
قلت مباشرة " ومن أخبرها عنها لتظن "
توترت كثيرا ثم قالت " صراحة عندما أزعجتني بكثرة إلحاحها أن أتكلم معه وأسأله عن مشاعره نحوها أخبرتها أن ثمة قريبة له تعيش معكم وقد يكون يحبها لتبتعد عنه ولم أتخيل أن تفعل هذا "
قلت بضيق " ولكنك أخطأت بفعل ذلك يا دعاء وتسببت بمشاكل للجميع "
قالت بارتياح " هل تعني أنه ما حدث أمامها كان تمثيلية منهما فقط وليس حقيقة "
قلت ببرود " لا أعلم "
قالت بعد صمت ونظرها على يديها " صراحة أناآآ ... أقصد .... أود أن "
قلت " ما بك يا دعاء لما التردد وما الذي تودين قوله "
قالت ونظرها لا يزال للأسفل " صراحة أريد معرفة إن كان نزار يقبل الزواج بي وسأخدمكما وأساعده في توفير المال ومصاريف المنزل والعلاج أيضا , أنا متأكدة من أنك تعلمين بما أقول من قبل أن أقوله وأريد معرفة رأيه دون أن يعلم أنني تحدثت معك "
تنهدت وقلت " لا أستطيع أن أعدك بالكثير لكنني سأحاول "
وقفت وقالت " عن إذنك الآن "
ثم خرجت من فورها هاربة من فضحها لمشاعرها واتكأت أنا للخلف أنظر للباب بشرود وفي حيرة من أمري فعليا أن أتأكد من بعض الأمور أولا قبل أن أسأله
ما أن غادرت دعاء حتى دخل نزار وكأنه كان يهرب منها
وقف عند الباب وقال " لم تنزل سما بعد ؟ "
هززت رأسي بلا فغادر جهة المطبخ وبدأت أصوات الأواني وكأنه في حرب وطار كل ذاك الهدوء حين كانت سما تعد الطعام وكأنه لا يوجد أحد في المطبخ
بعد وقت جاء يجر الطاولة للداخل فقلت مبتسمة " انتهيت من إعداده سريعا يبدوا أن عشائنا الليلة بيض مسلوق "
ضحك وقال " بل أكلتك المفضلة في العشاء ، فقد كتبت لي سما طريقتها بالأمس "
قلت بصدمة " وكيف أعددتها سريعا هكذا "
قال " هي سهلة فقط سما تعقدها بكثرة طهوها "
قلت بابتسامة " الحكم على الطعم كما كنت تقول لها "
ضحك وقال مغادرا " سأناديها كي لا يفوتها طبق اليوم "
عاد بعد قليل وهي تتبعه وكأنها لم تغضب منه منذ قليل دخلت وهو غادر جهة المطبخ
فقلت مبتسمة " هذه فرصتك يا فتاة لتنتقمي منه , هيا اجلسي فقد نبات الليلة بلا عشاء "
جلست وقالت بابتسامة " لن ننتقده قبل أن نشبع كي لا نخسر كل شيء "
ضحكت وقلت " معك حق "
دخل حينها بالصينية تخرج منها الأبخرة ثم وضعها على الطاولة وقال مبتسما " ما رأيكم في الشكل قبل الطعم "
نظرتُ لسما فكانت تنظر للصينية بصدمة ثم نظرت لي فقلت " لا حكم إلا على الطعم "
جلس وقال " لن ترفعا الملاعق منه إلا وهو فارغ ، أنا متأكد أنكما لن تقاوما طعمه "
نظرنا لبعض نكتم ضحكتنا وهو يسكب لنا في الأطباق وضع أحدهما أمامي والآخر أمام سما فنظرت لما فيه بصدمة ثم لسما التي كانت تنظر لطبقها بصدمة لا تقل عن صدمتي
وقال نزار بثقة " هيا أعطياني رأيكما في طعمه "
رفعت الملعقة وتذوقت منه قليلا فلم أستطع مضغه فحاولت بلعه مباشرة فغصت اللقمة وبدأت بالسعال
فوقفت سما بسرعة وناولتني كوب ماء فأخذته منها وقلت بهمس " لا تخاطري بحياتك "
قال نزار " فيما تتهامسان "
قلت من فوري " لا شيء شكرتها فقط "
نظر لي بتشكك وقال " إذا أعطني رأيك "
قلت بابتسامة صفراء " لقد شرقت ولم أتذوقه جيدا وحلقي أصبح يؤلمني "
نظر جهة سما التي ليست مكانها وقال " تذوقي وأعطني أنتي رأيك إذا "
هزت رأسها بلا دون كلام فقال " هكذا إذا ستأكلانه كله أو لا طعام بعد اليوم إلا البطاطا المقلية "
نظرنا لبعضنا بصدمة ثم قالت سما " تأكل خالتي معي أو لن آكل "
أمسكت رقبتي وقلت " حلقي لا يمكنني ذلك "
وضع نزار يديه وسط جسده وقال بضيق " ما المعنى مما تفعلان , هل هذا جزائي على تعبي "
قالت سما وهي تحرك الطعام بالملعقة " البصل لم ينضج بعد واللحم محترق من الخارج ونيئ من الداخل , الأرز نصف نضج ، والباذنجان سميك جدا و.... "
قاطعها قائلا " ليست أول مرة أطهوا فيها , هي نفس مقاديرك فقط الطريقة مختلفة "
نظرت سما لي فهززت لها رأسي بمعنى نأكل وأمرنا لله وبدأنا نجبر أنفسنا على الأكل
وكل واحدة منا تمضغ اللقمة مرتين فقط ثم تتبعها بالعصير لتبلعها حتى كدنا ننهي الإبريق كله وهو ينظر لنا حتى قالت سما " لما لا تأكل أنت "
مد يده وسحب صحن البطاطا وقال " أنا لم أتذمر من البطاطا المقلية وهي تعجبني "
وبدأ يأكلها ونحن أكلنا طبخته السيئة تلك حتى امتلأت بطوننا ثم وقف وجمع الأطباق في صمت وأخذهم للمطبخ ثم عاد سريعا وقال " لا يزال هناك القليل كلاه بدلا من أن نرميه "
قالت سما مغادرة بسرعة لخارج الغرفة " عليا أن أدرس وأجهز أغراضي "
وعدلت أنا جلستي على السرير وقلت " تناوله أنت لأنك لن تشبع من البطاطا فقط "
غادر للمطبخ وبعد وقت صعد لغرفته من توقف ضجيجه في المطبخ وبعد حوالي الساعتين ، دخلت سما غرفتي وقالت بصوتها الهادئ " خالتي معدتي تؤلمني "
وكانت تمسكها فضحكت وقلت " لست بأفضل حالا منك هذا لأننا لم نمضغه جيدا فتعسر على معدتينا هضمه "
أمسكت فمها وركضت جهة الحمام ويبدوا أنها ستتقيأ ثم خرجت بعد وقت تمسح فمها بمنديل ورقي وقالت " حمدا لله الآن فقط أشعر بالارتياح "
قلت مبتسمة " ارجوكي في المرات القادمة قفي على رأسه ، حتى ينهيه على طريقتك "
ثم ضحكنا كلينا وقالت " أذا لن نقرأ روايتنا الليلة لأنك متعبة "
قلت مبتسمة " لا عليك بنيتي لا تؤلمني كثيرا "
جلست وقالت " إذا نقرأ "
مددت لها الرواية وقلت " أجل فقد تشعرني بالغثيان وافرغ معدتي مثلك "
قالت بهدوء " ألا حل غيره "
قلت مبتسمة " ثمة حل غيره فهل ستساعدينني فيه "
قالت من فورها " بالتأكيد "
مددت يدي لها وقلت " إذا ساعديني على الوصول للحمام ، لأفرغ ما في معدتي "
أوصلتني للحمام وأفرغت كل ذاك الشبيه بالأكل ثم خرجنا وأنا أقول " آسفة صغيرتي لما رأيته للتو "
وضعتني على السرير وقالت وهي تغطي لي ساقاي " لا عليك خالتي رأيت قبله شيئا مشابها له "
ضحكنا كلينا ثم قلت " لم يُهضم أبدا لازال كما هوا "وعدنا مجددا للضحك ثم جلست وأمسكت الرواية
فتحت حيث توقفنا آخر مرة وبدأت بالقراءة
(( نظرت للخلف بريبة مخافة أن يكون فراس فكان وائل أمامي ولأول مرة لا يسمعني صاحب المسبة , توجه نحو الطاولة أخذ مفاتيحه من عليها وقال ونظره علي " لازال فراس في الخارج "
نظرت له بصدمة , هذا تهديد واضح وصريح نظر لي بسخرية فقلت بابتسامة " وإن يكن "
أمسك بخصلة من شعري وقال بمكر وهو يلعب بها بين أصابعه " سأخبره يا زوجة والدي العزيزة "
قلت برجاء " وائل هل يرضيك أن يؤذيني , أنت تراه كيف يفقد أعصابه بسهولة وأنا ضعيفة ومسكينة "
غادر ووقف عند الباب وقال موليا ظهره لي " إذا أسكت عنك ولكن بشرط "
قلت بتذمر " ما بكم أنتم مع الشروط وكأنكم تنتظرون قدومي لحل مشاكلكم "
التفت لي وقال " ومن هذا الذي حللت له مشكلة "
قلت مغيرة مجرى الحديث " هيا قل ما هو شرطك لننتهي من هذه المسالة وينقطع لساني إن تفوهت بعد اليوم بشيء لأنكم على ما يبدوا تترصدون لي عند الأبواب "
ضحك وقال " أولا تُعدّين لي الفطور كاليوم كل صباح "
قلت بصدمة " ماذا كل صباح !! "
قال بابتسامة جانبية " هذا أولا فقط "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " لا يا عم هوطلب واحد فقط ثم أنت قلت أنه سيء ولن أصنعه لك مجددا "
قال مغادرا " إذا سأخبره "
تبعته راكضة وقلت " انتظر لنتفاهم أولا "
قال مغادرا " ورائي محاضرات ولا وقت لدي لك "
ثم خرج من باب المنزل فصعدت لغرفتي راكضة كي لا يعود لي فراس بعد أن يخبره
صعدت مسرعة ودخلت غرفتي وقفت عند النافذة أراقب حتى خرجت سيارة وائل
لكن سيارة فراس لم تخرج , فيبدوا أنه خرج قبله وذاك المحتال كان يكذب علي
طرق أحدهم باب غرفتي ففتحت فكان عمي رياض الذي قال مبتسما " ما بها رُدين تركض هاربة "
قلت بابتسامة " صباح الخير عمي "
قال بحنان " صباح النور هيا انزلي لتشربي معي شاي الصباح "
لم أستطع قول أني فطرت أو أن أرفض طلبه فنزلنا معا وكان يتحدث معي وأنا أضحك
وتوجه هو لغرفة الجلوس ودخلت أنا للمطبخ لأُحْضر له الشاي
فشهقت بصدمة وأنا أرى فراس يجلس على الطاولة حيث تركت طعامي ويتناوله
فنظر لي ثم عاد بنظره للطعام وقال " ما بك شهقتي وكأنك رأيت ملك الموت وأنتي للتو كان ضحكك سيوقع الجدران "
تجاهلته وتوجهت حيث أبريق الشاي ودخلت عمتي سعاد قائلة " صباح الخير ما هذا النشاط اليوم "
قال فراس بابتسامة جانبية " أنا ووالدي وأنتي هذا وقتنا منذ سنوات فمن تعني بالنشيط اليوم "
توجهت نحوه وأخذت كأس الشاي من أمامه وقلت " هذا أعدّته الكسولة ولن يعجبك فانتظر خادمتكم النشيطة حتى ترضى عنك "
ثم سكبت ما كان فيه في المغسلة وغسلته وأعدته للخزانة وسكبت آخر لعمي رياض وأخذت معي أبريق الشاي أيضا وخرجت من الطبخ قائلة " عمتي إن كنتِ تريدين شرب الشاي معنا فأحضري كأسا لك "
وخرجت من المطبخ مبتهجة , يبدوا أن وائل لم يخبره جيد يبدوا يملك بعض المميزات لولا الغرور الزائد عنده لكن عليا معرفة خباياه أولا فقد يكون كأشرف
دخلت الغرفة ووضعت صحن التقديم على الطاولة وسكبت الشاي وقدمته لعمي رياض ودخلت عمتي سعاد تحمل كأسا في يدها
وقال هو ضاحكا " ما بكم وكأنكم تهربون بالشاي من أحدهم "
ضحكت وقالت وهي تجلس بجانبه " هذه رُدين حرمت فراس من شرب الشاي الذي أعدته "
أخذت كأسها وسكبت لها الشاي قائلة " لأنه لا يستحقه أنا يقول عني كسولة وأنا التي لا أنام بعد الفجر "
قال ضاحكا " يبدوا لن تختاري أحد أبنائي أبدا "
جلست وقلت " لازال الوقت مبكرا لأحكم "
قال مبتسما " رُدين كما أخبرتك سابقا وسأعيدها مرارا أنتي لست ملزمة أن تختاري أحدهم
صحيح أني لا أريد أن تخرجي من تحت رعايتي حتى يأخذني الموت لكن لا أريد إلا أن تكوني راضية وستتزوجين من تختارينه كان من يكون "
قلت مبتسمة " لا تقلق يا عمي "
قالت عمتي بضحكة صغيرة " يبدوا انه لا نصيب لأولادك فيها فلست تعلم كم أعجبوا بها النسوة في حفل الزواج "
وضع كأس الشاي بعدما أنهى شربه ووقف قائلا " أعلم أنهم حمقى ولا يجيدون اختيار ما هوا مناسب , هل توصون شيئا قبل أن أغادر "
قالت عمتي " سلامتك فقط "
وضع يده على رأسي وقال بابتسامة " خذي حذرك من فراس يا رُدين فهو أذكى مما تتصوري وحاول مرارا محاصرتي بأسئلته وأجزم أنه لم يقتنع بعد "
لويت شفتاي وأنا أنظر له في الأعلى فلعب بيده في شعري
وقال ضاحكا " إن كان ثمة من سيستحقك وسيحافظ عليك فسيكون هو ويبقى الاختيار لك وحدك "
وفقت وقلت " أخشى أن يكون اكتشف كل شيء "
قال مغادرا " لا أن يكتشف صعب , يشك ممكن "
غادر وخرجت بعده , لا أعتقد أن ما يضنه صحيح فكيف لفراس ذاك أن يكون من سيستحقني ويحافظ علي , سنرى ما يمكن جمعه فيه من مميزات
أنا لم أؤمن يوما بالحب ما قبل الزواج ولن أحب غير زوجي وأنا محتارة حقا في أمر نفسي واختياراتي
نظرت ليدي وعددت بأصابعي وأنا أتوجه لغرفتي فراس عصبي ومخيف ونكدي وبارد جدا لا يعرف حتى كيف يمزح
وائل مغرور ولم أكتشف الباقي بعد
أشرف مستهتر وزير نساء
اصطدمت بأحدهم فجأة فقلت بتألم وأنا أمسك جبهتي " ما بكم لا أحد هنا يرى أمامه "
شدتني يد من يدي وسحبتني معها لإحدى الغرف وأغلقت الباب فنظرت لصاحبها ثم انفجرت ضاحكة فقال بضيق " ما المضحك بي يا عقربه "
لم استطع التكلم من كثرة الضحك فقال بغيض " تكلمي أو قتلتك "
أشرت بإصبعي لشعره الواقف للأعلى وقلت بضحك " شعرك أنظر كيف هههههه "
شدني من يدي وسحبني بقوة حتى أجلسني على السرير وقال بضيق " شخص مستيقظ من النوم كيف سيكون شكله "
قلت مبتسمة " وما أيقضك باكرا على غير عادتك يا كسول "
رمى لي بهاتفه وقال " تتصلي بهذا الرقم فورا "
رميت بالهاتف جانبا وقلت " لن اتصل بجوجو مجددا تفهم " غرس أصابعه في شعره محاولا ترتيبه فلم يزدد إلا سوءا
فعدت للضحك فقال بحدة " توقفي أو كسرت لك أسنانك "
أغلقت فمي بيدي فقال بغضب " هي ليست جوجو وستكلمينها "
قلت ويدي لازالت على فمي " من إذا "
جلس وقال " لا دخل لك المهم تخبريها أن والدي يرفض زواجنا وأننا نحاول إقناعه "
أزلت يدي وقلت بجدية " لا تحلم بذلك ثم أنت قلت جوجو فقط من تخدعها بالزواج بها والأخريات ما أن تذكر الزواج تتركها فورا "
وضع ساق على الأخرى وقال " لا شيء دون مقابل "
قلت بضيق " لو كنت شقيقتك هل كنت ترضى أن يفعل أحدهم معي مثلك "
قال بغيض " لا تعلميني حدودي ثم أنا أرحم من غيري وكنت أستطيع أن أضيع شرف كل واحدة منهن لكنه ليس مبدئي وشقيقتي إن كانت مثلهن مستهترة وتبيع نفسها بالمال فتستحق ما سيأتيها "
قلت بضيق أكبر " ليست حجة يا أشرف ثم أنا لو كان لي شقيق ما كنت لأتمنى أن يكون مثلك "
قال راميا بيده في الهواء " اتركينا من المثاليات الزائدة وبسرعة ننهي الأمر لأني أريد أن أنام "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت " نم إذا من يمنعك وأنا لن أتحدث مع واحدة أخرى مهما حدث ثم فراس يبدوا كان يعلم بجوجو خاصتك وتلك الغبية حيتني وأنا في سيارته ورآها وسألني إن كانت تعرفني "
قال بعد ضحكة " بالتأكيد تعرفه ويعرفها فأنا عرفتها من خلاله " فتحت فمي من الصدمة غير مصدقة ))
نظرت لي وابتسمت ابتسامة خبيثة فقلت " انتهى وكما اتفقنا ننتهي عند نهاية الصفحة "
أغلقتها وقالت " ترى من ستختار !! أنا أراها أصبحت تقتنع بوائل كثيرا "
قلت مبتسمة " لا تحكمي الآن فمازال أمامك الكثير "
قالت بحيرة " ترى هل فراس كأشرف يعرف جوجو وغيرها "
قلت بمكر " المرة القادمة سنعلم "
تنهدت وقالت بقلة حيلة " أمري لله سأنتظر "
قلت ونظري على ملامحها " سما هل تعلمي عما تحدثت معي دعاء اليوم "
نظرت لي باستغراب بادئ الأمر ثم هزت رأسها وقالت " لا بالتأكيد "
قلت " إن أخبرتك هل تعدينني أن يبقى سرا بيننا "
قالت بحيرة " ولما تخبرينني عنه "
قلت " أريد أن أتحدث مع احدهم فقط فعديني "
قالت من فورها " أعدك لن يعلم به أحد "
قلت " جاءت تخبرني أن أفهم من نزار إن كان يوافق أن يتزوجها وتخدمني وتشاركه ادخار أموالها معه "
تغير لون وجهها وتوقف تنفسها من الصدمة فقلت لأتأكد أكثر " وأنا فكرت أن أقنعه بالأمر "
امتلأت عيناها بالدموع ثم وقفت لتغادر , كما توقعت إذا هي تحبه وهو كالصخرة يتمسك بشعاراته التافهة
قلت بسرعة " اجلسي يا سما لم ينتهي الحديث بعد "
جلست تحاول أن تخفي وجهها فقلت " لكني لا أراها مناسبة له "
نظرت لي من فورها وقالت " ألن تقنعيه بها "
هززت رأسي بلا وقلت " سأعرض عليه الأمر فقط كما طلبت مني ولن أقنعه بها "
بقيت تنظر للأرض بشرود فقلت " هذا الموضوع كان يشغل بالي ولم أرتح إلا حين تحدث عنه الآن
سما لما لا تفتحي قلبك لي ولو قليلا فأنا أراك شاردة الذهن أغلب الوقت وحزينة ،. أحيانا وأسئلتك تكثر عن فهم مشاعرك , تكلمي معي وسترتاحين بالتأكيد "
قالت بحزن " هل تكتمي سري ولا تسأليني عن شيء "
قلت بجدية " بالتأكيد فأخبريني فقط عما تريدين قوله لي "

انتهى الفصل

*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖

☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن