كان تنفسي يعلو شيئا فشيئا وأنا أركز على عيناها الواسعة وأرى صورتي فيهما , هل الخيول لا ترمش أم أن هذه الفرس تنظر لي بدون أن تحرك رموشها !
بعد قليل أنزلت رأسها للأسفل وكأنها ستأخذ شيئا من الأرض ثم رفعته ونظرت لي مجددا وكررت الحركة مرة أخرى وأنزلته قليلا ثم رفعته وعادت تنظر لي وقوة ما جعلتني أقترب منها بخطواتي
يبدوا هدوئها أو نظراتها المركزة على عيناي أو لا اعلم لما , لم يسبق وتعاملت مع أي حيوان أليف
واقتربت منه وأنا خائفة منها حقا لكن شيء ما يشدني للاقتراب وما أن وصلت عندها حتى قربت مقدمة رأسها من صدري
فعدت للخلف بشهقة وفزع وقلبي ينبض بشدة من الخوف لتحرك رأسها يمينا ويسارا ويصدر منها صوت صهيل خفيف لمرة واحدة فقط وعادت لهدوئها وللنظر إلي فجربت الاقتراب ثانيةً هذه المرة وأنا أتوقع اقترابها وليس كالمرة الأولى
وما أن صرت عندها حتى عادت خطوة للخلف وكأنها خشيت أن أخاف منها مجددا , فبقيت أنظر لها بحيرة فغريب أمر هذه الفرس !!
مددت يدي لها وكأني أقول لها تعالي وهي على حالها تنظر لي بهدوء فهمست لها بصوت مرتفع قليلا " لن أخاف منك هذه المرة "
وبالفعل اقتربت مني ووضعت فمها في يدي , كنت خائفة حد الجنون لكني تماسكت كي لا تجفل ج
أحسست بلسانها على يدي فضحكت وأبعدتها ولمست بها جانب وجهها لتفاجئني بحركتها بالأمس مع نواس لتدس رأسها في حضني ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أحضن رأسها بيداي الاثنتين
لا أعلم إن كان هذا الشعور ينتاب الجميع لكني شعرت الآن أني أحضن شخصا يعرفني ويفهمني
قد أكون رايت فيها حضن نواس الذي تتمتع هي به أو لأنها تحمل نفس اسمي , مسحت على وجهها واتكأت عليه بخدي وجانب وجهي
همست بحزن " الوسن " لتنزل الدموع التي أسجنها طوال الساعات الماضية منذ تشاجرت معه وكأني انتظر أن يحضنني أحدهم لأعطيها الصراح
وكأني أحضن خالتي أو فرح فوحدهما من كنت أبكي وأتحدث في حضنهما , تمسكت بها بقوة وقلت من بين دموعي " لما يعاملني هكذا يا الوسن لما لا أنساه وأكرهه "
خرج منها نفس كالزفير فأبعدت وجهي ونظرت لها وابتسمت بحزن ثم مسحت دموعي وقبلتها بين عينيها ولا أصدق أنني أول مرة أقترب من حيوان وبهذا الحجم
عادت تنظر لي بتركيز فمسحت بيدي على وجهها وقلت بابتسامة حزينة " هل تعلمي متى قتلني نواس "
نزلت دمعتي واتكأت على وجهها مجددا وقلت بأسى " حين تزوج بغيري وتركني "
ثم حضنت عنقها بذراعاي وتابعت بعبرة " والآن جلبني لأعيش معها "
دست رأسها في صدري أكثر فمسحت على شعرها وقلت " هل توافقي أن تكوني صديقتي يا الوسن "
رفعت رأسها تستنشق عنقي فابتعدت قليلا وقلت بضحكة " وأتمنى أن لا تموتي أو تسافري أو يأتي والدك ليزوجك ويرحل بك كما حدث مع جميع من أحب "
مسحت بعدها على غرتها ، وقلت مبتسمة " عليا الذهاب الآن وسأراك غدا حسنا "
ثم ابتعدت حتى وصلت الباب والتفت لها فكانت تنظر لي فلوحت لها بيدي مبتسمة وخرجت وعدت أدراجي للمنزل وأسرعت حين سمعت حديثا لأشخاص يمشون
ودخلت المنزل وصعدت لغرفتي ونمت أشعر ببعض الراحة بعدما أفرغت شيئا مما أكبته في صدري
وعند الصباح جهزت نفسي قبل الوقت ونزلت للمطبخ ووجدت الخادمة هناك فقلت وأنا أجلس على الطاولة " صباح الخير يا راضية "
التفتت لي وقالت مبتسمة " صباح النور "
قلت وأنا ألعب بساقاي في الهواء " رأيت صديق نواس خرج فنزلت , لقد تعبت من الوحدة "
وضعت طبقا على الطاولة وقالت " معك حق فأنتي مسجونة هنا لكن وليد غير موجود أغلب النهار فيمكنك التحرك بحرية "
قلت " هل وحده صديق لنواس "
قالت وهي تغسل كأسا " لنواس أصدقاء كثر لكن المقربين منه وليد ومعاذ ومعتصم "
قلت من فوري " رأيت أحدهم رابطا يده ماذا به "
وضعت الكأس على الطاولة وقالت " ذاك معاذ لن يرتاح حتى تنقطع عنقه من قيادته المجنونة للسيارة "
أمسكت منها طبق الخبز ووضعته وقلت " ولا يعيش هنا "
هزت رأسها بلا وقالت " لديه منزله ووالدته لكنه يبقى كثيرا في شقة هو ومعتصم في العاصمة "
لن أستطيع إخراج المعلومات منها بهذه الطريقة وستشك بي في النهاية وعلينا أن نجد حلا آخر وسأتناقش مع ملاك أولا
قلت ونظري على قدماي " ألا يمكننا الخروج أبدا حيث الخيل وباقي المزرعة كيف تعيشون في هذا السجن "
قالت بصوت مبتسم " العمال وأصدقاء نواس هنا دائما ولا إجازة لعمال الإسطبلات ولم يفكر أحد بالخروج "
ثم أكملتْ وضع الأطباق والعصير ولا أفهم لمن وظننته لي حتى دخل نواس قائلا ببرود " صباح الخير "
أجابته راضية وقفزت أنا من على الطاولة وخرجت من فوري من هناك , لو كنت أعلم أنه له ما بقيت وما به وكأني أنا من أخطأ في حقه وليس هو
قالت راضية قبل أن أبتعد " وسن ألن تتناولي إفطارك قبل أن تذهبي "
أخذت مذكراتي ومعطفي من على الأريكة وقلت مارة من جهة باب المطبخ " سوف آكل في الجامعة "
خرجت واتصلت بالسائق فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة " تعال لتأخذني للجامعة "
قال من فوره " ما يزال أمامك أكثر من ساعة أنا في الخارج "
قلت بضيق " لما تحسب لي وقتي لا علاقة لك بي أنا أريد أن أذهب الآن "
قال ببرود " حسنا أنتهي مما أنا فيه و آتيك "
تأففت وأغلقت الهاتف , لا أعلم أي جرأة هذه التي لديه دائما يتدخل بأوقات خروجي وعودتي ويحفظ جدول محاضراتي أكثر مني
إن كان ممنوع عني أن أتأخر بعد المحاضرات فلا حل أمامي سوا الذهاب مبكرا
وقفت مستندة بالجدار الجانبي لمظلة الباب أنظر لساعتي وأتأفف كل حين حتى لاحظت من بعيد الشاحنة الكبيرة التي تحمل حصانان تتوجه جانبا
فسرت معها حتى وقفت وصرت أراقبهم من بعيد وهم ينزلونهم , كان صديق نواس الذي يعيش هنا ومعه عاملان يحاولان إنزالهما برفق
وأنا أحرك قدمي وأراقبهم وأتمتم بأغنية عن الخيول كنت أحبها وأنا صغيرة ومستمتعة بمراقبتهم ولم أتخيل يوما أن الملل سيصل بي درجة أن أستمتع بمشهد كهذا وكأني طفلة
بقيت على حالي أراقبهم واغني حتى شعرت بيد أمسكت يدي وسحبتني معها للأمام وكان نواس ، وقال دون أن يلتفت إلي " لما تراقبينها عن بعد اقتربي أكثر "
قلت وأنا أسرع خلفه " أترك يدي لا أريد أن أذهب إليها "
تابع سيره وكأنه لا يسمعني فتأففت وقلت بضيق " نواس أتركني وشأني "
ولم يزد إلا سرعة ولم يأبه لي فقلت بحدة " لا أريد أن أذهب معك ولا أن أرى خيولك فاتركني "
نظر جانبا وقال " نعم أتركوهم يدخلونهم الآن ، أنا هنا والشاحنة الأولى وصلت "
لأرى حينها سماعة الأذن في أذنيه لأكتشف أنه كان يتحدث بالهاتف ولا يسمع مما قلت شيئا ووقفنا حينها عند الخيول التي أنزلوها
واقترب منه صديقه وأزال له إحدى سماعتي الأذن وقال " سأذهب للإسطبلات بما أنك أتيت " ثم أعاد له السماعة وغادر من فوره
ونظرت ليدي التي لا تزال في يده وحاولت سحبها منه ولم أستطع فنظرت له وهو ينظر للخيول ويقول " سأتحدث مع معاذ ونرى أين وصل معه الأمر أنتم فقط افعلوا كما اتفقنا وسنبيعهم اليوم أو غدا كحد أقصى "
استللت السماعة منه بقوة وقلت بضيق " أترك يدي أريد أن أذهب لجامعتي "
نظر حينها ليده الممسكة ليدي ثم تركها وأعاد السماعة لأذنه وغادر دون أن ينظر إلي وتركني واقفة مكاني
نظرت له حتى وصل حيث الشاحنة الأخرى مقتربة منه ثم عدت بنظري للحصان أمامي واقتربت بخطواتي منه ومددت يدي لألمس وجهه
فجفل وصهل وعدت للخلف مرعوبة منه وقام العامل بإمساكه من لجامه وإبعاده فشتمته وأخرجت له لساني وغادرت
ظننته له ذوق كتلك البيضاء الجميلة التي جعلتني أعتقد أن كل الخيول مثلها ولم أتصور أنها هي الحالة الشاذة
وصلت عند باب المنزل وكان السائق ينتظرني فركبت من فوري وغادرنا المزرعة
* *
دخلت سيارة معاذ بعد الشاحنة فورا ونزل واقترب قائلا " جيد وصلوا على الموعد "
قلت وأنا أنظر خلفه حيث سيارة السائق مغادرة " نعم والمشتري جاهز ونريد أن نحصل فيها على سعر جيد "
ثم تركته وتوجهت حيث العاملان وكان أحدهما يهدأ الحصان فوقفت عندهم وقلت " ما به "
قال وهو يشد اللجام " جمح من الفتاة حين اقتربت منه "
أمسكت منه اللجام وقلت " هذه الخيول ليست مروضة طبيعي أن تتصرف هكذا مع الغرباء ، لكن لا تمنعوها من الاقتراب من الخيول المروضة متى أرادت ذلك وكونوا حذرين من أن تؤذيها "
نظرا لبعضهما وضحكا فنظرت لهما باستغراب فقال أحدهما ضاحكا " لا أعتقد أنها ستكررها لأنها شتمتها وغادرت مستاءة "
ابتسمت ابتسامة صغيرة ثم نظرت جانبا وبتركيز لساحة الخيول وقلت باستغراب " لما لم تخرجوا الوسن "
رفع أحدهما كتفيه وقال " تركوا وليد يحاول معها لأنها رفضت الخروج والتحرك من مكانها "
حركت لجامه للأسفل ببطء حتى هدأ وأعطيته له وغادرت جهة الإسطبلات ، غريب كيف ترفض الخروج هل هناك خيل لا تحب ذلك إلا إن كانت خائفة من شيء ما في الخارج
توجهت جهة إسطبلها تحديدا وما أن اقتربت من الباب حتى سمعت وليد يقول بضيق " تحركي يا الوسن ما بك اليوم مُتعبة هكذا "
دخلت قائلا " ما بها "
نظر لي وقال " تعال قد تكون تنتظرك أنت "
اقتربت منهما قائلا " العمال يخرجونها دائما فما تغير اليوم "
وما أن اقتربت منها حتى أبعدت وجهها وأعرضت عني فضحك وليد وقال " تبدوا غاضبة منك لهذا ترفض الخروج "
أمسكت منه حبل اللجام وقلت ببرود " هذا حيوان وليس بشرا ما هذا غاضبة وغاضبة "
حاولت معها كثير وهي تبتعد للخلف وتبعد وجهها كلما حاولت لمسه ، أخرجت لها حبوب السكر ولم تكترث لها
ضحك وليد وقال مغادرا " أتركها وستخرج وحدها حين تتعب من الوحدة "
تجاهلته وحاولت معها مجددا وقربت لجامها برفق وأنا أقول " ما بك يا الوسن لترحمني إحداكما ولا تكونا كليكما ضدي "
حركت حوافرها وتراجعت فشددته أكثر وتأففت وقلت بضيق " لا تغضبا كليكما هي كانت السبب يا الوسن ما بك وكأنها من برمجك عليها من أين تعلمين بكل هذا "
وبعد جهد كبير تمكنت من إخراجها وما أن وصلت بها للساحة حتى انطلقت مسرعة ومبتعدة عني على غير عادتها فوقفت واضعا يداي وسط جسدي أنظر جهتها
قفز معاذ داخل الساحة ووضع يده على كتفي وقال ضاحكا " ما بها معشوقتك اليوم "
قلت بضيق " هذا كله بسبب حسدكم "
ضحك وضرب لي كتفي وقال مغادرا " الصفتي سيصل بعد نصف ساعة , وضعنا الخيول في شاحناتك الخاصة فقايضه كما اتفقنا والمهندس سيكون هنا مقربة الظهيرة ليأخذ مساحات المكان "
رن حينها هاتفي فأخرجته وكان جواد فأجبت عليه وقلت من فوري " ما حركات الصبيان هذه لما لا تجيب ولا تتصل "
قال من فوره " هل أخذتها لمزرعتك "
قلت ببرود " نعم "
قال " تزوجتها "
قلت ونظري يتابع الوسن " ليس بعد "
قال بضيق " ومتى إذا ، أصبحت أوافق فرح على أنك لا تحبها "
قلت بضيق أكبر " ذاك شيء وهذا شيء يا جواد لما لا تفهمني "
قال ببرود " افهم نفسك أولا ليفهمك غيرك "
نظرت للأرض ومررت أصابعي في شعري وقلت بهمس وأسى " لما لا تضع نفسك مرة في مكاني "
تنهد وقال بهدوء " أفهمك يا نواس وأفهم أنك مجروح منها وأنكما في شجار مستمر وتعاملك معاملة سيئة منذ تزوجت لكنها مجروحة مثلك وزد عليها أنك أخذتها حيث زوجتك "
ابتسمت بسخرية ولم أعلق ، لو تعلم يا جواد أن مي تخاف على مشاعرها أكثر حتى مني وهي التي تثور وتغضب ولا يهمها أحد
وصلني صوته قائلا " اسمع يا نواس أنا أخبرت فرح على ما ستقدم عليه "
قلت بصدمة " ماذا تعني !! "
تنفس بقوة وقال " أنت تعلم جنون فرح بشقيقتها وكادت تأكلني لأني ألغيت زواجها بسليمان فأخبرتها أنك تريد الزواج بها ولا شيء غيره ولا تخف لن تعلم منها بشيء "
تنفست بضيق ولذت بالصمت فقال " ما كان أمامي من حل غيره لأنها سجنت نفسها وأضربت عن الطعام والشراب وكادت تضر نفسها وجنينها فأخبرتها عن سبب فعلي لذلك "
هززت رأسي بيأس وقلت " لن ترتاح حتى تخبرها وسوف تسبب لي وسن مشكلة هنا لأنها لم تعد تطيقني في أي أرض "
تنهد وقال " لا أعلم أين ستصلان بهذا ، ولا تقلق من هذه الناحية فهي لن تخبرها "
ثم تابع " وزوجتك عليها أن تكون على علم وجد حلا لعيشهما معا فأنت في النهاية زوجها ولن ترضى أن تشاركها أخرى فيك "
ابتسمت بسخرية وقلت " لا تقلق من هذه الناحية فإن لم تفجر لنا ابنة خالتك المنزل حينها فلن يفعلها أحد "
ضحك وقال " سحقا للحب أقسم أنه مهلكة البشر فما أن تخاصمني فرح حتى ينقلب مزاجي ويتوتر كل يومي ولا أكون قويا إلا أمامها وكله تمثيل "
ابتسمت بألم ورفعت نظري للسماء ، لا تخبرني عما أعرفه كاسمي يا جواد وأقسم لولا الكبرياء والجرح والحياء لضممتها لصدري وأنا أراها تبعثر مذكراتها وأوراقها لتثبت لي أنها لم تكن خارج الجامعة رغم أنه لن يجبرها أحد على تبرئة نفسها وكل ما كنت أفكر فيه حينها أنها أمامي حية وسليمة وقسوت عليها فقط كي لا تعيدها وتفقدني عقلي
وأقسم لولا ذاك كله لكنت حملتها بين ذراعاي وسرت بها جهة الخيول حين رأيتها تنظر لهم وتغني كالأطفال , أخرجني من أفكاري صوته قائلا " نواس هل أنت معي "
عدت بنظري للأسفل وقلت " نعم وعليا إنهاء الاتصال الآن لأن ثمة تاجر في طريقه إلى هنا وسأتصل بك فيما بعد فثمة ما علينا التحدث فيه "
قال من فوره " وداعا إذا ولا أوصيك على وسن لأن شقيقتها ستقتلني إن تأذت عندك "
قلت بابتسامة ساخرة " لا أعلم من منا أنا وأنت أسوء حضا من الآخر فمالنا وعائلتهم منذ البداية "
ضحك وقال " متورطان ولا مفر فحتى أنت ستتزوجها رغم أنفك وأنفها ، وداعا الآن "
*
*
أمسكت يدها وقلت برجاء " وسن ما بك ارحميني وقوليه , قلت لك مائة اسم وكلها غير صحيحة "
قالت بنصف عين " مائة يا كاذبة وأنتي لم تصلي للعشرة "
قلت برجاء مكسور " أرحمي حالي لا بارك الله في الظروف التي جعلت مصيري بين يديك "
ضحكت وقالت " معاذ "
قلت بضيق " أعرف أن كلامي معاد فما سأفعل لك "
ضحكت كثيرا ثم قالت " معاذ يا غبية هو اسمه "
أمسكت يداها وقلت بسعادة " حقا ما هذا الاسم الرائع لا أجمل منه إلا اسمه يا بشر "
قالت بضحكة " صدق من قال أن مرآة الحب عمياء "
ضربتها بخفة وقلت بضيق " بل أنتي العمياء ولا يعجبك سوا نواسك ذاك "
أشاحت بنظرها عني وخيم الحزن على ملامحها فعضضت شفتي مستاءة من نفسي ، كانت تضحك للتو وأنا الحمقاء قلبت حالها
أمسكت يدها وقلت بهدوء " آسفة وسن لم أقصد أن أحزنك "
قالت ببحة تقاوم دموعها " لا عليك يا ملاك "
تنهدت وقلت بحزن " يبدوا حدث شيء جديد بينكما "
عليا أن أستدرجها لتتكلم فلا طريقة غيرها لترحم نفسها من هذا الكتمان ، قالت بعد صمت " هل تعرفي معني أن تموتي مائة مرة "
ثم نظرت لي وقالت بعينان دامعتان " هذا حالي يا ملاك كلما رأيته خارجا من هناك حيث غرفتهما "
سقطت الدمعة الأولى من عينها وتابعت بأسى " هذا حالي كلما سمعت اسمه من شفتيها كلما تحدث معها ... كلما ذهب لها "
ثم أشارت لنفسها بإصبعها وقالت بحرقة " كلما تخيلت فقط أنها تنام في حضنه وأنا أنام مع وحدتي وأوجاعي وفي ذات المنزل تخيلي ذلك فقط فأي حال هذا الذي سأحكي لك عنه "
أمسكت كلتا يديها وقلت بدمعة محبوسة " يكفي توقفي يا وسن , آسفة لن أذكر اسمه ثانيةً فقط توقفي عن قول هذا "
مسحت دموعها ووقفت فوقفت معها وقلت " لنعد لموضوعنا وأخبريني ماذا علمت عنه أيضا "
رفعت مذكراتها وحقيبتها من الأرض وقالت " لا شيء مهم يعيش مع والدته ولديه شقة يسكن فيها وصديق لهم اسمه معتصم أعتقد قالت في العاصمة "
ثم سارت فحملت مذكراتي وسرت بجانبها وقلت " مشكلة ... عليا أن أعلم المزيد "
وقفت وقابلتني وقالت " لا حل سوا أن نخبر راضية بالأمر لتساعدنا فهي تعرفهم جيدا ويعاملونها وكأنها شقيقتهم وستحظر لنا كل ما نريد "
قضمت ضفر سبابتي وقلت بحيرة " ماذا إن أوشت بنا "
هزت رأسها بلا وقالت " طلبت منها سابقا أن لا تخبر نواس أني لم أذهب للجامعة ففعلت فإن طلبنا الآن منها هذا فلن تخبر أحدا "
قلت بحماس " إذا اتفقنا واليوم سأبدأ أولى جولاتي باسمه فقط "
رن حينها هاتفها فنظرت له وغادرت قائلة " هذا السائق وصل نلتقي غدا "
لوحت لها بيدي قائلة " وداعا ولا تنسي جلب المادة "
نظرت لساعتي , اقترب وقت العصر ولم يبقى عليه سوا دقائق وعليا المغادرة أيضا
وما أن تحركت خطوتين حتى سمعت أحدهم يناديني فالتفت فإذا به ذاك الشاب فقلت ببرود " أنت كيف تدخل إلى هنا ولست طالبا عندنا "
قال بابتسامة " ببطاقتي في جامعتي ، وأقول أني أريد بعض المراجع من المكتبة "
تنهدت وقلت " اتصلت بي والدتي وأخبرتني عما تريد التحدث فيه وأنا أحررك من هذا العبء "
نظر للأسفل وقال بهدوء " حقيقتا وأنا من أجل هذا جئت , أنا أقدر ما تمرين به لكني بلا راتب ولا منزل لو فقط ينتظرون قليلا حتى يكون لي منزل مستقل بدلا من العيش معهم في ذاك المنزل الضيق المليء بالأبناء "
ثم رفع رأسه ونظر لي وقال " أنا لا أمانع أن أتزوج بك لكن ظروفي الآن لا تساعدني فأقنعيهم بتأجيل الموضوع قليلا فقط "
قلت بابتسامة أسى " بل أحللك مني ومن الزواج بي أنت ما تزال في أول عمرك ومن حقك أن تبني نفسك أولا ، ولا تخف فقد سبق وبلّغت والدتي رفضي "
ثم غادرت فورا ولم أكترث حتى لمناداته لي وخرجت من الجامعة من فوري , حمدا لله أني لم ابني أمالا عليه وعلى أنه سينقذني من واقعي
سلكت الطريق الآخر حيث المحطة وركبت إحدى الحافلات لتقلني وجلست أنظر للنافذة بحزن
حاله ليس أفضل مني ومعه حق كيف سيعيش بي معهم في ذاك المنزل الضيق وأبنائهم كثر أين سيعيش أبنائنا أيضا بل كيف سنعيش معهم وحتى الحمام مشترك
تنهدت بضيق وأبعدت عن رأسي كل تلك الأفكار وحضنت مذكراتي وحقيبتي وأنا أفكر في معاذ لم أتخيل يوما أن أراه وأعرف اسمه
سأقدم له هدية جميلة الليلة , ضحكت وحضنت أشيائي أكثر ثم نظرت للشاب في الكرسي الآخر وكان ينظر لي باستغراب فحركت له رأسي بمعنى ما تريد فأبعد نظره وشغله بنافذته
وقفت حينها الحافلة في المحطة فنزلت منها وتوجهت للمنزل فلم يعد يبعد كثيرا , وصلت وفتحت الباب ودخلت ووجدت سفيان يقفز على الأريكة كعادته فقلت بعد ضحكة " لن تأتي بها من الخارج كوالدك مثل السعدان "
ثم توجهت للمطبخ مددت رأسي وقلت مبتسمة " ما الغداء اليوم "
التفتت لي إيمان وقالت بابتسامة " وجبتك المفضلة "
قلت مغادرة " يا سلام يا إيمان عيبك الوحيد أنك تزوجتِ من خالي وأنجبتِ هذا القرد "
دخلت بعدها لغرفتي وأغلقت الباب ورميت المذكرات والحقيبة ودخلت الحمام استحممت وغيرت ثيابي
ثم خرجت للمطبخ مباشرة وكان الطعام ساخنا وجاهزا فجلست وتناولته لآخر لقمة وعدت لغرفتي وما أن صليت المغرب حتى وقت برنامجي الذي انتظره بالدقيقة
سأتصل منذ البداية وإن صدقت توقعاتي فإنه بعد مكالمتي لن يتصل ليدّعي أنه لم يستمع للحلقة أو لكي أتوهم أنا هذا
* *
جلست على الأريكة واضعا ساق على الأخرى فوق الطاولة أمامها وركبت سماعات الأذن فمر معتصم بيني وبين الطاولة وأسقطهما للأرض قائلا بضيق " كم مرة قلت لك لا تفعل هذه الحركة "
شغلت الإذاعة وقلت ضاحكا " وتقول أنك تكره نظام والدتك ! أقسم أنه يسري في عروقكم "
جلس وارتشف من كوب الشاي في يده ثم قال ببرود " دعك في برنامجك ولا تكررها قلت لك "
ضحكت واكتفيت بالصمت أستمع للبرنامج فمنذ مراهقتي لدي إدمان على الاتصال بالبرامج حتى أني كنت أتصل بالمسابقات التلفزيونية , لا وحتى أيام الأعياد الوطنية ولو لأهنئ رئيس البلاد
استمعت للمقدمة من المذيع وعنوان الحلقة وكان عن شخص التقيت به في حياتك ولم تنساه أبدا واليوم قدموا موعد الحلقة لوقت المغرب بسبب ضغط العمل على برامج العيد الوطني القريب
راقبت معتصم وهو يتوجه لباب الشقة مغادرا فأعدت قدماي على الطاولة على صوت المذيع قائلا " الاتصال الأول معنا لملاك الليل وأخير سمعنا صوتها بعد غياب فما هذه الليلة السعيدة "
اتكأت على ذراعي وابتسمتُ على صوتها قائلة بعد ضحكة صغيرة " يبدوا أني أختبر إن كنتم ستفتقدون وجودي
مساء الخير صفوان وكل متابعيك كنت خارج البلاد لظروف عائلية ولم أتمكن من متابعتكم لكني عدت أخيرا "
قال بصوت مبتسم " وهذا المهم وحمدا لله أنك بخيروأعطِنا رأيك في موضوع الحلقة ومن هو الشخص الذي قابلته ولم تنسيه حياتك "
قالت من فورها " أمممم هو شاب بشعر أسود ، وعينان سوداء طويل وعريض "
ثم ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " رجل خيول يدعى معاذ "
قفزت حينها جالسا مستويا منزلا قدماي للأرض وأنا أستمع لها تقول " أراه دائما ولا يراني ومنذ وقت طويل حتى بت أسمع صوته كل ليلة من شيء يعرفه جيدا "
قلت بضحكة ممزوجة بالصدمة " ويحك من أنتي ؟؟؟ تقصدني وتلمح لي بذلك أيضا "
قال صفوان ضاحكا " ما هذه الحقائق المثيرة كل هذا ولا يعلم بك "
قالت بصوت مبتسم " نعم ولم يرني يوما "
قال مباشرة " مشكلة ترينه دائما وتسمعين صوته ولا يعلم بك ولم يرك فكيف الحل لهذا "
لا أعلم لما شعرت بدقات قلبي وكأنها تترقب كلماتها حتى قالت بنبرة هادئة وحنونة " يشغل بالي كثيرا يا صفوان ويتعبني ..... يتعبنــــي "
*
*
نزلت للأسفل وسمعت صوت راضية ووليد يتحدثان فاقتربت من صوتهما فكانا على ما يبدوا جهة غرفة الجلوس
توجهت هناك فخرجت راضية ووقفت أنا عند الباب فكان هناك يشاهد التلفاز فنظر لي باستغراب ، فقلت بهدوء ونظري للأرض " هل صحيح ستترك المنزل "
ساد الصمت لوقت فرفعت نظري له فكان ينظر لي فقلت بتوتر " سمعت راضية .... "
قاطعني قائلا " نعم فوجودي سيضايق الجميع "
قلت مباشرة " ولما "
نظر جهة التلفاز وقال بنبرة واضح فيها الحزن أو الأسى أولا أفهم ما يكون " هل تعلمي معنى أن يفشل الإنسان في كل شيء "
ملئت دمعتي عيناي ، وقلت بحزن " أنت لست فاشل سوا في عين نفسك يا وليد "
نظر لي بسرعة نظرة لم أفهمها فسافرت بنظري للأرض وقلت بشبه همس " لا تغادر فلا أحد متضايق من وجودك "
تمنيت أن قلت أكثر من ذلك تمنيت أن ترجيته ليبقى تمنيت أن لا حدود بيننا فلست في نظره الآن سوا زوجة صديقه ولا يفترض بي أن أعامله أكثر من كونه ابن خالتي
رفعت نظري له مجددا ففوجئت به واقفا وقال بهدوء " لماذا يا مي هل ضايقك أحدهم "
هززت رأسي بلا ثم بلعت ريقي وقلت " لا ولكني أشعر حقا بالأمان بقربك عندما يكون نواس بعيدا فلم أخف ليلة وأنا أنام وحدي هنا لأيام "
أشاح بنظره وقال " تمنيت أن لا رددت طلبك لكن صعب مع وجود قريبته هنا فاعذريني "
ابتسمت بألم وقلت " أعذرك ويكفيني كلامك هذا "
سكتُّ بعدها لوقت أجمع شجاعتي ثم قلت " وليد أولئك الرجال لم يمسوني أبدا , أنا لم ألطخ سمعتكم في التراب ولم أهرب معهم ولم أتفق معهم "
نظر لي وقال " لا تشرحي لي يا مي أنا لم أشك بك يوما ويستحيل لتلك الفتاة النقية أن تفعل كل ذلك "
نظرت له بحسرة وتمنيت أن سألته لما لم تأتيلخطبتي مجددا إذا كان هذا ظنك بي لماذا
نظرت للأرض وقلت بابتسامة حزينة " شكرا لك يا وليد فوحدك وعمي سعيد من قالا هذا "
قال من فوره " وعاصم أيضا فأعطه فرصة فقط يا مي "
هززت رأسي بحسنا وقلت مغادرة " تصبح على خير "
في الحقيقة هربت منه لأني إن بقيت أكثر لن أضمن لساني فيما سيقول وعليا أن لا أنسى أني وعدت نواس ولن أخلف وعدي له ومعه حق يكفيني ما قيل عني
لتزيده الناس أني على علاقة بابن خالتي وأنا في منزل زوجي فصمتي عن الحقيقة سيخدمني قبل أن يخدمه
صعدت للأعلى لأفاجئ بوسن تنزل السلالم وفي يدها صينية بها كوب شاي يبدوا جف من كثرة ما بقي عندها ولم ينزله أحد
وما أن رأتني حتى أنزلت رأسها للأرض واقفة مكانها وكأنها تخفي عني مشاعرها التي تكشفها ملامحها
صدق نواس حين قال أنها ليست من النوع السيئ في التعامل مع البشر لكن كتمها لحسرتها سيؤذيها وينقذ غيرها
تمنيت أن اتحدث معها لكني وعدت نواس أن لا أحتك بها فاجتزتها صاعدة ليوقفني صوتها قائلة " مي "
*
*
دخلت بالصينية وجلست أمامها وقلت مبتسمة " أعددت كعكا لن تنسي طعمه كل حياتك "
قالت مبادلة لي الابتسامة " كل شيء تعديه طعمه لا ينسى وقد ولد ليلة عيد من ستكونين زوجته "
ثم تنهدت وتابعت باستياء " ووالدته لا أسعد منها على وجه الأرض , لا بارك الله في المعتقدات السخيفة التي يتمسك بها بعض الرجال "
قلت وأنا أقطع لها من القطعة ونظري على يدي " لم أفهم سوا الجزء الذي يخصني "
ضحكت وقالت " وذاك يكفي فالباقي ترويح عن النفس ليس إلا "
مددت الشوكة بها القطعة لفمها وقلت مبتسمة " سأطعمك بيدي "
ضحكت وقالت " العلة في ساقاي وليس يداي وأخاف من أن أعتاد على كل هذا الدلال "
مددتها لها أكثر فأكلتها وقالت بحنان " رحم الله من رباك يا سما "
نظرت للطبق وقلت بحزن " حلمت بوالداي البارحة "
ثم رفعت نظري لها وقلت " والدتي كانت تبتسم لي ووجها يشع نورا وكانت توصيني بك كثيرا بكلام لم أفهم أغلبه "
ثم نظرت للأرض وقلت بشرود " لكن والدي كان غاضبا مني ووجهه عابس ويشير لجثث رجال كثر ويلومني لموتهم ولم أفهم معنى ذلك "
ثم رفعت نظري لها وقلت بدمعة تدلت من رموشي " اشتقت لهم خالتي لما رحلوا وتركوني "
مسحت على طرف وجهي وقالت بحنان " سما بنيتي تعوذي من الشيطان فكل غرضه أن تتسخطي على قضاء الله "
مسحت دموعي وتعوذت بالله منه بهمس فقالت مبتسمة " هذه والدتك توصيك بالناس خيرا في التعامل معهم وراضية عن نتائج تربيتها لك
ووالدك يبدوا يريد منك أن تساعدي العدالة في إيقاف شلال الدماء الذي يجتاح البلاد "
تنهدت وقلت بحيرة " وما في يدي ولم أفعله لقد أدخلتهم القبو وقلت كل ما أعرفه فلو بيدي شيء غيره لفعلته "
قالت بشرود " هذه الرؤيا لا تدل إلا على شيء واحد يا سما وهو أن حل كل ذاك اللغز لديك "
هززت رأسي وقلت بحيرة " لا أعلم ما يكون يا خالتي لقد احترت "
سمعنا حينها قرعا على جرس المنزل فقلت " لا أريد أن أفتح "
ضحكت وقالت " والحل الآن ونزار غير موجود "
قلت بضيق " مؤكد هذه دعاء ولا أريد أن أراها "
تنهدت وقالت " حسنا افتحي لها فقط كالعادة "
هززت رأسي بلا دون كلام فمسحت بيدها على ذراعي وقالت بهدوء " هل تريدي أن تغضب منك والدتك وهي راضية عن حسن خلقك مع الناس "
وضعت الطبق ووقفت وقلت ببرود " إن كانت هي فلن اكلمها ولن أعطيها من كعكتي "
ضحكت وقالت " ما أنقى قلبك يا سما حتى الشر تفصحين عنه قبل أن تفعليه وهذا حده فقط "
قلت بضيق " هي التي لا تحبني فما ذنبي أنا إن لم يحبها نزار , هي تعرفه من قبل قدومي بسنوات فمن الملام وقتها "
رن حينها الجرس مجددا فتأففت وخرجت للباب رأيت من العين فيه فكانت صباح زوجة جارهم عوني صديق نزار ففتحت لها الباب وقلت مبتسمة " جيد أنها أنتي ... تفضلي "
صافحتني وقالت ضاحكة " ومن هذا الذي كنتِ تخافين قدومه "
أخذت منها ابنتها الصغيرة وحملتها بين ذراعاي وقلت " لا تهتمي للأمر وهيا ادخلي "
دخلت تمسك ابنها من يده وأغلقت الباب خلفهم ودخلت هي لغرفة خالتي وتوجهت أنا للمطبخ أجلست ابنتها في منتصف الطاولة وبدأت بتجهيز كعك وعصير لهم
ثم حملتها مجددا ورفعت الصينية بيدي الأخرى وتوجهت للغرفة ووضعت الصينية على الطاولة وجلست على السرير ألاعب الصغيرة
تناولت صباح قطعة من الكعك وقالت " سما أنتي تسببي لي مشكلة مع عوني كلما تذوق شيئا هنا عند نزار فلم يعد يعجبه كعكي وتكبر عليه "
ضحكت خالتي وقالت " الرجال جاحدين للخير دائما "
ضحكنا معا وتابعا حديثهما وأنا أستمع لهما في صمت حتى قالت صباح " هل رأيتما في الأخبار مقتل خالد الصقار تاجر البن المشهور وتصورا أنه كان يعمل في المخابرات السرية ولا يعلم عنه أحد وقالوا أنه تبين أن له يد في جرائم المصانع
لم أتصور أن رجال المخابرات يديهم مغموسة فيها , الناس لا حديث لهم إلا عن هذا الخبر "
نظرت لها بحيرة وقالت خالتي " لا حول ولا قوة إلا بالله لن يرتاحوا حتى يجهزوا على الجميع "
أطعمت ابنها قطعة من الكعكة وقالت " لم يُقتل هنا بل في الخارج بعد هروبه , هكذا يقولون "
ثم تنهدت وقالت " أبشع جرائمهم كانت ذاك الذي قتلوه وعائلته هنا في العاصمة , مالهم والزوجة والأبناء ، لا أعلم أين الحكومة والشرطة عن هذا "
شعرت بغصة في حلقي وقالت خالتي " صديق نزار رئيس الشرطة الجنائية التي تعمل على مكافحة الجريمة وهو يربط ليله بالنهار وحتى عائلته لا يرونه ولكن لا يقدر تعبهم أحد "
أعطيت خالتي الصغيرة وخرجت وعدت للمطبخ لأن دموعي غلبتني , لا أعلم لما أشعر بكل هذا الضيق وأبسط شيء يبكيني
هل كل هذا من الفراغ والوحدة التي أشعر بها ونزار ليس هنا بعدما أصبح يقضي كل يومه في قصر جابر ويعود منهكا وينام على الفور
مابك يا سما كيف ستعيشين حياتك فيما بعد توقفي عن هذا الجنون هيا , جلست على الكرسي ولم تزدد دموعي إلا نزولا فمسحتها ووقفت على دخول ابن صباح قائلا " شما جَدة تعالي "
ضحكت بين كل حزني وقلت " اسمي سما وليس شما كم مرة سأعلمك "
ثم نزلت عنده وقبلت خده وقلت " قل سما ... سما "
قال وهو يضغط الحروف " شــشــسما "
ضحكت وحملته عن الأرض وقلت " أتركها كما كانت أفضل " ثم عدت به للغرفة وأنزلته
وجلست معهم حتى وقفت صباح لتغادر وقالت " سما أوصليني للباب لدي ما أقوله لك "
نظرت لخالتي بحيرة ثم وقفت وخرجت معها حتى وصلنا عند الباب فقالت بصوت منخفض " شقيق عوني يصر على أن نسألك أنتي شخصيا عن رأيك في الزواج به "
نظرت للأرض وقلت " أنا لا أفكر في هذه الأمور حاليا "
تنهدت وقالت " إذا سأبلغه ليريح لي رأسي "
قلت بحيرة " ومن أين يعرفني ليصر عليا هكذا "
فتحت الباب وقالت " عوني السبب لم يرتح حتى أدخل الفكرة لدماغه وصراحة الأمر أنا أيضا مدحتك له كثيرا ولم أضن أنك ترفضين الفكرة "
لذت بالصمت فأمسكت يد ابنها وقالت وهي تخرج " ومعك حق أنتي صغيرة على أن تفكري في الزواج فهوا لا يجلب إلا التعب ولولا الأبناء ما تزوجت امرأة "
راقبتها حتى اختفت ثم أغلقت الباب مبتسمة , يبدوا معها حق فأجمل ما في الزواج أن تحصلي على أبناء لكن لما هكذا أشعر أني إن تزوجت بغيره لن أكون أسعد من وجوده معي إن كان ما يهم هم الأبناء
تأففت من الأفكار التي باتت تسيطر عليا وعدت لغرفة خالتي جمعت الأطباق والكؤوس وأخذتهم للمطبخ ورتبت كل شيء
وصعدت لغرفتي من أجل الدراسة فالامتحانات باتت على الأبواب وعليا أن أجتهد كثيرا رغم أني بت أحفظ المناهج عن ظهر قلب من كثرة ما قرأتها فلا شيء لي سواها مع هذه الوحدة وعدم الخروج
عند أول المساء نزلت للمطبخ وأعددت العشاء وتناولته وخالتي ثم غسلت الأطباق والأواني وعدت لغرفتها وقلت " هل نقرأ في الرواية قليلا "
ضحكت وقالت " أخاف أن يدخل علينا نزار فلن يرحمني لأن امتحاناتك على الأبواب ولا يريد أن أشغلك كثيرا حتى أنه يوصيني أن لا تكثري من تنظيف كل شيء كي لا تضيعي وقتك "
قلت باستياء " حفظت كل شيء من تكراره ، وأشعر بالملل والفراغ وحتى الكآبة "
ضحكت وقالت " حسنا تعالي نقرأ ونترك أذاننا على الباب كي لا يمسكنا متلبستين "
ابتسمت وأخذتها منها وجلست وفتحت حيث توقفنا وقرأت
(( وما أن خرج عمي رياض حتى قال أشرف " هذا غش لما فراس تحديدا "
ضحكت عمتي سعاد وقالت " لم تخبرنا أنك تريدها ظننتها أفعى بأنياب "
قال بغيض " لما فراس تحديدا الآن تشرحون لي "
رميت شعري للخلف وقلت ببرود " اسأل والدك هو من اختاره ولو كان الأمر علي لتزوجتك أنت يا قيس النساء فقط لأفسدت عليك مغامراتك "
خرجت حينها عمتي سعاد ضاحكة ونظرت جهة فراس فكان جالسا مكانه بهدوء وكأن هذا الأمر لا يعنيه وهذا ايضا ما لم أتوقعه أو يبدوا تمثيل منه ليقهرني فقط
قال وائل مغادرا " مباركٌ إذا "
وخرج هو أيضا وأمسك أشرف خصلة من شعري كعادته وقال " قولي أنك لا تريدينه فأنا أفضل لك منه "
رأيت حينها يد فراس تمسك له معصمه والأخرى تستل خصلة شعري من أصابعه وقال ببرود " هذا الشيء لم يعد محلل لك فلا تلمسه "
استللتها منه وقلت بضيق " ولا لك أنت أيضا فأبعد يدك "
تجاهلني ونظر لأشرف وأشار له برأسه ليخرج فقلت معترضة وأنا أقف بجانبه " لا يا سيد زمن استفرادك بي انتهى ولا تنسى كلامك سابقا يا صاحب الأخلاق "
قال بابتسامة جانبية " بل زمن الاستفراد بك سيبدأ قريبا "
أخرجت له لساني وقلت ببرود " لولا والدك ما تزوجت بك ولو ظفرت شعري شيبا "
ضحك كثيرا ثم قال " وبضنك ما يجعلني أرضى بسليطة لسان مثلك غير والدي "
قال أشرف واضعا ذراعه بيننا " أريد أن أفهم الآن ما يجري ولما ليس أنا "
رميت ذراعه من أمامي وقلت بضيق " ما بك أنت لاًيذكرون زواج إلا وتوافق , اتزن وأنت كالفيل المحموم "
ضحك حينها فراس بصوت عالي فقلت ببرود " نعم اضحك .... حمدا لله أني رأيت لك أسنانا "
أمال رأسه جهتي وهمس " ستري إن لم أقص لك هذا اللسان يا رُدين "
صفق أشرف ودفعه عني وقال " لم يجب أحد عن سؤالي قبل أن أفجر المنزل بأكمله على رؤوسكم "
قلت بضيق " والدك صاحب الفكرة وهي أن أعيش معكم على أني زوجته لأكون قريبة منكم وأراكم على طبيعتكم "
ثم لوحت بيدي وقلت بسخرية " لعلــــــي أجد فيكم من يستحقني لكنكم فشلتم جميعا وهو اختار لي فراس "
ثم تابعت ببرود بعدما رميت بيدي نحيتهً" لأنه لا خيار غيره بطيخة من غير خطوط أفضل من واحدة معطوبة "
وضع فراس يديه في وسطه ينظر لي بغيض وضحك أشرف كثيرا ثم قال " محتالين لو علمت ما تركتك تعرفين شلتي تلك كلها وتزوجتك أنا وقصصت لسانك "
ثم قال مغادرا " هنيئا لك بالفاتنة طويلة اللسان يا شقيقي "ً تبعته مغادرة فأمسك يدي وأعادني ناحيته فاستللتها منه
وقلت بضيق " لم أصبح زوجتك بعد إن نسيت "
قال بابتسامة جانبية " قريبا جدا يا أم لسان وستدفعين ثمن كل هذا "
قلت له بسخرية " علمت أنك لن تسكت ،. وتوافق عبثا , انت تريد أن تنتقم مني إذا "
أمال وقفته واضعا يديه في جيوبه وقال " لا تنزلي دون حجاب مجددا ولا تخرجي للسوق إلا معي حتى تنهي كل ما تريدينه ولا تختاري فستانا أبيض لا أحب ذاك اللون وتسريحة الشعر لا ترفعي فيها شعرك كله للأعلى ولا تتركيهم يكثروا لك الماكياج كالمهرجين "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما رأيك لو اشتريته أنت ووضعت لي الماكياج وتسريحة الشعر أيضا "
ثم أملت وقفتي مثله وقلت " أو ما رأيك أن ألبس بيجامة النوم ستكون أفضل أمام الجميع "
أمال ابتسامته وقال بهمس " موافق بالتأكيد فستختصرين علي الطريق حينها "
نظرت له بصدمة ثم دفعته من أمامي وقلت مغادرة " نعم اظهر على حقيقتك يا وقح "
ثم خرجت من الباب وصعدت لغرفتي , واهم هذا إن تركتك تلمسني وسأريك ما سأفعله بك ما يحيرني تقبله للأمر وكأن شيء لم يكن ! يبدوا كما قال لينتقم مني وسُعد لأنه وجدها فرصة مواتية
قفزت على السرير وفتحت حاسوبي لأبحث عن آخر موديلات الفساتين ومستلزمات العرائس , سأعيش اللحظة وأعيش حياتي كان من يكون من سأتزوجه
فلن أجعل شيئا يكدر عليا هذه اللحظات لأكون كغيري عندما يتزوجن ولن أنكد على نفسي
جلست لوقت أبحث بانسجام حتى وقع اختياري على أحدهم وسعره كان مبالغا فيه لكن لا بأس ليدفع ثمن انتقامه مني هل يريد أن يتزوجني ويقهرني بلا تعب ولا مجهود
انتقلت بعدها لفساتين المناسبات والأحذية ومر بعدها ثلاث أيام وعمتي سعاد لا حديث لها سوا عن المدعوين
تجمع أسمائهم لتضعهم في كروت الدعوى واختارت مكان الحفل وسعيدة حقا بتزويجها ابنها الأول والأكبر كما تتمنى
وطبعا فراس لم أره بعد صباح اليوم التالي لذاك اليوم لأنه اختار الزواج بعد ثلاث أسابيع وتشاجرت معه في حضور والده وكاد كل واحد منا أن يخنق الآخر
طرقت عليا الخادمة الباب وفتحته ، وقالت ببرود " سيد رياض يريدك في تحت "
طبعا أصبحت تكرهني وكرهها ازداد حين علمت أني باقية لها هنا لباقي عمري , ضحكت وقلت " يقولون في الأسفل وليس في تحت "
تأففت وغادرت تتذمر
فأخذت حجابي وخرجت خلفها مسرعة وقلت " سأآخذك معي في شهر العسل ما رأيك "
أسرعت بخطواتها أكثر قائلة بتذمر " أنا يذهب بلادي بعد يومين يرجع بعد انته يموت "
ضحكت وتوجهت حيث عمي رياض في غرفة الجلوس وما أن دخلت حتى ماتت ابتسامتي ولويت شفتاي حين رأيت الجالس معه
وتوجهت للأريكة المقابلة وجلست فقال عمي رياض " عليك أنً تخرجي من أجل شراء ما يلزمك فلا وقت لديك "
وضعت ساق على الأخرى وقلت " تسوقت عبر الإنترنت ولم يتبقى سوا القليل ومن يجلب ما اخترته ويدفع الحساب "
قلت جملتي الأخيرة وأنا أنظر لفراس طبعا ليفهم أنه المكلف بهذا ولا يعتمد على والده ,
قال عمي رياض " فراس يصر أن يدفع ثمن كل شيء لذلك ستكون رحلتكما على حسابي وفراس قال أنه لا يستطيع التأخر عن عمله أكثر من أسبوع "
كنت سأعترض على السفر من أساسه لكني تراجعت
فأنا أريد أن أستمتع بحياتي وأتنزه , قلت بضيق " ولما أسبوع أريد شهرا كاملا "
اتكأ فراس للخلف ليخفي وجهه عن والده وابتسم ابتسامة ماكرة ومرر لسانه على شفته السفلى ببطء , هذا الوقح المنحط ما يقصد بهذا وما فهم من كلامي
قلت باستياء " عمي أخبر ابنك أن يتوقف عن هذه الحركات "
نظر ناحيته وقال بضيق " فراس توقف عن هذا وأعقل لم أعرفك بلا عقل وإلا ما زوجتك بها "
وضع ساق على الأخرى وقال بابتسامة جانبية ونظره علي " أمزح مع زوجتي فما في الأمر "
قلت ببرود " لست زوجتك بعد وكل شيء قابل للتغيير "
قال عمي رياض " بل عقدنا اليوم في المحكمة فلا داعي لأن نترك الأمر للأسبوع القادم فكلها أيام فقط "
قلت بصدمة " ماذا !! تزوجني "
قال باستغراب " لم أعرفك ستغيرين رأيك "
قلت بهدوء مستاءة " لا لن أغيره "
وقف وقال " خذها للسوق وإن لم تنهي ما تريد أعدها في يوم آخر ولا تتركها وحدها هناك وتغادر "
وقفت بسرعة لأخرج خلفه ولا أبقى وحدي مع فراس لكنه أمسك قميصي من الخلف وأعادني للداخل ولفني لأقابله
وقال بابتسامة جانبيةز" لم تخبريني أنك تريدين شهرا كاملا لما رفضت "
قلت بسخرية " ذلك أفضل فأنا أريد أن أقضي الليل والنهار في التنزه "
أمسكني من ذراعي وقربني له وقال بهمس " النهار لك والليل لي وسنكون متعادلان "
دفعته بيدي بعيدا لكنه أمسك بذراعي الآخر وقبّل خدي ثم عضه عضة خفيفة وغادر قائلا " أنتظرك في السيارة فلا تتأخري أو أرسلت لك الخادمة وستعرف كيف تنزلك "
أمسكت خدي بيدي ولويت شفتاي وهمست " ليست سيئة كما ضننت لا بأس به كزوج "
ثم خرجت وصعدت للأعلى غيرت ملابسي على مهل ثم لبست حجابي ونزلت وخرجت فكان ينتظر في السيارة
سيرى إن لم أكسر له ساقيه من التنقل بين محلات الثياب فالنساء لا يتعبن من ذلك أبدا
ركبت السيارة وضربت بابها بقوة لأمارس أول حقوقي لكنه كالمرة السابقة لم يتكلم , انطلقنا وقلت " من اشترى لك هذه السيارة "
قال بصوت مبتسم " ولما تسألي هل ستأخذينها مني "
لففت جهته وقلت " هل تصدق أني صرت زوجتك أنا لا أصدق هذا فأنت آخر من تمنيت أن أتزوجه "
فتح الدرج وأخرج منه مشطا رقيقا وصغيرا وقال وهو يسرح به شعره وينظر للمرآة " لا تجعليني أثبت لك أني زوجك "
قلت ببرود " لا صدقت بلا إثبات "
ثم أخذت المشط من يده وقلت " لما لا تدعني أفعل لك هذا ألست زوجي "
أخذه من يدي وقال " لا ثقة بك أنتي يا أم لسان وأعرف ما تفكرين فيه "
نظرت للأمام وقلت بضيق " يالك من عديم ذوق ، وهاضم لحقوق الزوجة أيضا "
ضحك وقال " ألا تعرفي أن هناك شيء أسمه حياء يزور الفتاة حين تتزوج وتكون وزوجها معا "
ضحكت ضحكة ساخرة وقلت " أفلام تصدقونها أنتم الرجال , لا أعرف واحدة تستحي في الليل لتقبل خده في الصباح وتقول "
وتابعت بصوت رقيق " أمواااه صبح الخير حبيبي "
ضحك كثيرا ثم قال " علمت الآن لما يريد أشرف أن يتزوجك هو "
نظرت له وقلت باستغراب " ولما "
قال بعد ضحكة " سر لا أريد البوح به "
قلت وأنا أضيق عيناي " لأنه ليس لديك الشجاعة لتقوله "
ضحك وقال " خطة فاشلة "
قلت بسخرية " بلى جبان ولا تستطيع أن تقول "
أوقف حينها السيارة أمام مركز للتسوق ، ونظر لي وقال " انزلي هيا يا أم لسان "
قلت بضيق " افتح فمك أنت لأرى إن كان لديك لسان أم لا "
فتح الباب ونزل قائلا " انزلي وعدلي حجابك لأنه رجع للوراء "
تأففت ونزلت أعدله , مابه كلها شعرتان من منابته ولم أعلم بهما , سرنا نحو الداخل فأمسك ذراعي وسحبني نحوه قائلا " سيري بقربي ولا تبتعدي "
قلت بضيق " فراس ما بك أنا لن أهرب "
لف ذراعي حول ذراعه وشدني ناحيته فقلت ببرود " إن كان الذي يكره يفعل هكذا فما يفعل من يحب "
قال ببرود أكبر " يتركك هنا ويغادر "
نظرت له وقلت بصدمة " فراس هل تشك بأخلاقي !! "
وقف أمام أحد المحال وقال " أنا لم أقل هذا "
قلت وأن أحاول سحب ذراعي منه " وما قصدك بما قلت "
نظر لواجهة المحل وقال " ندخل هنا أو لا تريديه "
قلت بضيق " أعدني للمنزل حالا "
سحبني وسار بي قائلا " رُدين توقفي عن لعب الأطفال فلا وقت لدي لذلك "
قلت باستياء " لم أعد أريد هذا قلت لك "
وقف وقال بحدة " رُديييين "
سكت كل من حولنا ينظرون لنا فتأفف وواصل السير يسحبني كالنعجة , غريب أين كانت عصبيته كل ذاك الوقت
ومن الآن سأجهز نفسي لحدته حتى نعود للمنزل لكني لن أنساها له أبدا أنا يشك بي ويقولها هكذا علانية
لففنا بعض المحال وبقيت فيها أكبر وقت ممكن لأتعبه من الوقوف
ثم مررنا بمجموعة محلات لملابس النوم فتخطيتهم متجاهلة لهم فوقف وشدني عائدا بي للوراء وأدخلني أحدهم وقال " ما بك أصابك العشا الليلي عند هذه الجهة "
قالت ببرود " بل رأيتهم "
نظر لي وكتف يديه لصدره فقلت بابتسامة جانبية " لم يعجبني منها شيء "
نظر لي بضيق وتنفس بغيض فقلت بهمس " مرحا للتنين "
ضغط على أسنانه يكتم غيظه فقلت بابتسامة " أقصد أني لا أريد هذا "
خرج من هناك ممسكا يدي ودخل بي للمجاور له فقلت " ولا هذا "
أشار لإحدى البائعات فجاءت ناحيتنا فقال وهو يؤشر بإصبعه على المعروضات " نريد من هذا وذاك والذي في الزاوية "
وبدأ يعدد لها من المنتوف من كل جهة للأسوأ منه ثم قال مشيرا لي " وأريدهم على مقاس زوجتي وبسرعة لو سمحتي "
قالت مغادرة " مقاسها سهل وجميعه مناسب لها جسمها مثل جسمي "
قلت بهمس وضيق " وقحة نقص أن تقول رقم قياس ملابسها الداخلية "
وكزني وقال بصوت منخفض " ارحمي الناس منك لا يسلم من لسانك أحد "
نظرت له وقلت ببرود " لو كنت تعنيني لقطعت لها لسانها على ما قالت "
قرب رأسه وقال هامسا " يكفيني ما قلته ولو همسا "
قلت من بين أسناني " واهم يا واهم "
أحضرت كومة منهم وقالت " اختاروا الألوان "
لا أعرف ما درجة وقاحتها تعرضهم أمام رجل
قلت من فوري " أريدها جميعها باللون الأبيض "
اخذ ألوان بشكل عشوائي وقال " ضعوها لنا في أكياس واحسبوا الثمن وبسرعة لو سمحتي "
ثم نظر لي وقال بهمس " الأبيض تنسيه من الوجود تفهمي "
وضعت يدي وسط جسدي ، وقلت بضيق " ولما ها ؟ هل ستتحكم بملابسي أيضا "
نظر جهة البائعة متوجهة نحونا وقال بهدوء " لأني كفنت ثلاثة من أعز أصدقائي بالأبيض وبيداي مجبرا هل فهمتِ الآن لما "
ثم غادر لأنها جلبت له فاتورة الحساب وبقيت أنا أنظر له بحيرة , كيف يكفنهم بنفسه وثلاثة ! لهذا هو يجن أحيانا
خرجنا ويده مليئة بالأكياس والأخرى تمسك يدي طبعا كي لا أتبخر في السوق فنظرت له وقلت " كيف ماتوا ؟؟ "
قال ونظره للأمام " هل هناك شيء غيره تشتريه أم نعود في يوم آخر "
قلت " لما كفنتهم أنت ؟ ما الذي أجبرك على ذلك "
قال بضيق " رُدين أغلقي هذا الموضوع "
وقفت ووقف معي وقلت باستياء " ما بك هكذا تصرخ بي أنا لا أحتمل وقلبي ضعيف "
ضحك وهز رأسه وأمسك يدي مجددا وسار قائلا " لا أحب الحديث في ذاك الأمر يا أم القلب الضعيف "
قلت ونحن نتابع سيرنا " هل تعلم أنه هناك منطقة في الدماغ عندما تفور تسبب الدوار والقشعريرة والغثيان ومرض القلب وهل تعلم ما يحركها "
قال بنفاذ صبر " ماذا "
قلت ببرود " الفضول "
قال ببرود أكبر " إذا توجهي للحمام حتى تغادرك كل تلك الأعراض "
خرجنا متوجهان للسيارة فاستوقفنا صوت فتاة من خلفنا قائلة " فراس " نظرت للخلف من فوري فكانت .... جوجو ))
أغلقت الرواية وقلت " أعانه الله عليها "
قالت مبتسمة " دائما يميل الإنسان لمن يخالف أطباعه لأنه سيقلب له روتين حياته "
هززت رأسي وقلت بحيرة " غريبين نحن البشر "
ضحكت وقالت " نعم ولا شيء يعجبنا ولا نرتاح حتى نموت ونترك الدنيا بما فيها "
نظرت للساعة وقلت " وكأن نزار تأخر كثيرا "
قالت مبتسمة " قال سينتهي عملهم عليه خلال أيام ومن ثم سيبدأ عند مزرعة صديق لمعتصم "
شعرت بالضيق فهو لن يكون هنا بعد اليوم ويبدوا من عمل لآخر , نصيحة خالتي لي كانت نتائجها عكسية فها قد بات يقبل العروض وناحيتي لم يتغير شيء
كسب لنفسه وخسرت لنفسي لكن لا بأس المهم تغير هو قليلا , رفعت غرتي خلف أذني وتنهدت بأسى ... أنا حقا متعبة من مشاعري نحوه وهو لا يقابلها إلا بلامبالاة ويعاملني وكأني ابنته
ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى سمعنا صوت الباب فقالت خالتي من فورها مادة يدها لي " هاتي الرواية بسرعة "
نظرت لها في حجري ومددتها لها فورا وخبأتها خلفها كالعادة ووقف نزار عند الباب وقال " مساء الخير "
قلنا معا " مساء النور "
ثم قلت مباشرة " هل تريد عشاء "
قال مغادرا " تعشيت هناك شكرا لك "
وصعد السلالم ونظري علق عند الباب وهذا حاله منذ أكثر من ثلاث أسابيع لا نراه إلا ليلا حين يعود
يقف هكذا عند الباب ليمسي علينا وفي الصباح حين يغادر ويسألنا إن كنا نحتاج شيئا , كم أشتاق له لو كان يعلم وهذه اللحظات لا تكفيني شيئا ... سحقا لك يا سما لما أوقعت نفسك في كل هذا
تنهدت بحسرة ووقفت وقلت " هل تريدين شيئا يا خالتي قبل أن أصعد "
اتكأت وقالت " لا بنيتي تصبحين على خير "
أطفأت النور وخرجت مررت بالمطبخ أخذت قارورة ماء من الثلاجة وخرجت ثم عدت وأخذت واحدة أخرى
صعدت ووضعت واحدة في غرفتي وأخذت الأخرى معي ووقفت أمام باب غرفته لا أعلم لما أريد أن أراه وأتحدث معه !
بلى أعلم لأني تعبت من غيابه عني وهو لا يشعر بي لكان جلس معنا ولو قليلا , طرقت الباب عدة طرقات
فقال من فوره " أدخلي يا سما "
شعرت بأنني صرت كريشة تطير مع الريح من سعادتي فكم اشتقت لهذه الجملة منه ورؤيته والتحدث معه لأنعم برؤية ضحكته وابتسامته
فتحت الباب ودخلت فكان جالسا أمام الطاولة ويرسم في ورقة كبيرة شبه شفافة ويبدوا لعمله الجديد في تلك المزرعة
دخلت وقلت مبتسمة " أحضرت لك الماء ظننتك ستنام وهذا بارد أفضل من ذاك "
قال دون أن يرفع نظره عن الورقة " شكرا لك يا سما أنا بالفعل نسيت أن أغيره "
وضعت القارورة ورفعت الأخرى وقلت " هل أعد لك كوب شاي "
قال " لا تتعبي نفسك , قليلا وسأنام "
أملت فمي باستياء ما هذه الطردة المعتبرة , هممت بالمغادرة ووصلت الباب حين استوقفني صوته قائلا " كيف تسير معك أمور الدراسة "
التفت له ووجدته أخيرا ينظر لي وليس لرسمته تلك فابتسمت وقلت " جيدة وجاهزة من الآن "
قال مبتسما " جيد خشيت أن يكون لديك شيء لم تفهميه وأنا انشغلت ولم أشرحه لك "
بقت عيناي عالقتان على ابتسامته التي اشتقت لها حقا وافتقدتها طيلة الأيام الماضية , ليتني قلت أنه لدي أشياء كثيرة ، لم أفهمها , ليقتطع لي جزءا من وقته
عاد بنظره لما يفعل وقال " سوف آخذك معي غدا لتري بتول لأني لن أتأخر هناك كثيرا "
ابتسمت وقلت بسعادة " حقا ... هي تتصل بي كل يوم ، وتسألني متى سأزورها "
رفع نظره لي مجددا وقال " غدا عند العاشرة آخذك لها فبلغيها أنك ستصلين عند العاشرة ونصف "
هززت رأسي بحسنا وماتت ابتسامتي حين عاد لتلك الورقة , سحقا لها كم كرهتها بل العيب به وليس بها ....
كم تتعبني يا نزار لو تعلم فقط , خرجت ونزلت للمطبخ وضعت القارورة هناك وصعدت لغرفتي
أطفأت النور ودخلت سريري مباشرة بما أني غسلت أسناني من وقت , غطيت كامل جسدي باللحاف ونزلت دموعي من فورها وأنا أشعر بضيقي ازداد أضعاف ما كان حتى أكاد أموت من الاختناق
وفي الصبح جهزت نفسي وجلست مع خالتي أنتظره منذ التاسعة والنصف وكأني محكوم عليه بالإعدام سيطلقون سراحه
لم أكن أشعر بكل هذا السجن سابقا وهو معنا أغلب النهار ولا حتى حينما كنت سجينة القبو أو منزلنا اغلب الأيام في الهند
الآن أشعر بكم هائل من الاختناق بسبب كل شيء وأولهم الجدران بل هي آخرهم فأولهم غيابه وتجاهله لي رغم أنه لا يقصده لكنه مؤلم حقا
وقفت من فوري حين سمعت باب المنزل انفتح ودخل نزار ووقف عند الباب قائلا " هيا يا سما لنعود سريعا فلا أود ترك والدتي وحدها كثيرا "
قالت خالتي مبتسمة " دعها ترفه عن نفسها قليلا لن يحصل لي شيء "
قال مغادرا " أنا من لن يطمئن بالي يا أمي "
نظرت لها فقالت مبتسمة " طلبت منه أن يأخذك لتتنزهي قليلا في أي مكان , أراك هذه المدة متعبة من السجن هنا فحاولي أنتي إخباره برغبتك في ذلك "
هززت رأسي بحسنا وقد استساغت نفسي الفكرة ثم خرجت ولحقته قائلة " وداعا يا خالتي "
وخرجت على كلماتها الحنونة وهي تدعو لي بذات الكلمات والدعوات كلما غادرت منزلهم وكأنها ، تحيطني بهالة من الحماية ، أشعر بها رغم أني لا أراها
أغلقت باب المنزل وتوجهت للسيارة ركبت وسار من فوره لتمر الدقائق تلو الدقائق ونحن في صمت موحش
نظرت جهة النافذة ثم للأمام ثم عدت بنظري للنافذة مجددا كالتائهة ثم نظرت ليدي في حجري وقلت " أشعر وكأني لم أخرج حياتي وأزر أحدا "
لاذ بالصمت حتى ظننته لم يسمعني ثم قال بهدوء " هذا أمر طبيعي "
ثم امتدت يده لمذياع السيارة وشغله وكانت المرة الأولى التي يفعلها خلال كل المرات التي ركبت فيها سيارته وحدنا أو بوجود خالتي
بحث في ترددات القنوات حتى ثبت على إذاعة للقرآن الكريم ورفع الصوت حتى ظننته سيخترق رأسي من أذناي وأنا أتابع حركة يده من البداية وبصدمة وأحاول أن لا أترجم معنى هذا أنه لا يريد أن نتحدث معا أو أن ينهي الحوار من بدايته
عدت بنظري ليداي التي تعصران الهدية التي جلبتها من أجل بتول حتى ظننتها ستتحطم بين أناملي ولم أتحرك بعدها ولم أرفع حتى جفناي بعد قليل أخفض الصوت قليلا وبعد مسافة أسكته
فنظرت له من فوري وكأني أتأمل أنه سيخيب ظنوني وسيتحدث عن أي شيء لكني صعقت به يرفع سماعة الهاتف لأذنه ويقول " نعم في الطريق "
" لا قليلا وأصل لا تغادر أريدك في أمر مهم "
" أجل بخصوصها فكم سنؤجله "
ثم تأفف وقال " جابر انتظر وسنتحدث اليوم , قلت لك الأمر مهم ولا علاقة له بالقضية "
" ستعلم ما أن أصل وداعا "
أزال حينها سماعة الأذن وقال " لن نتأخر نصف ساعة أو ساعة على الأغلب فبالي كله مع والدتي "
تنفست بقوة ونظرت للنافذة ولم أتحدث , حسنا فهمناها باله مع والدته ولن يستطيع تركها وحدها
هو كان يتركها وحيدة حين يذهب للمدرسة وتأتيها دعاء أو زوجة عوني في أوقات متقطعة وكان الأمر عادي فما تغير الآن
أم يخاف أن أطلب منه أن نذهب لمكان ما كما قالت له خالتي أو فكر أني أنا من قلت ذلك أمامها
قلت حينها بهدوء يقارب الهمس " ولا أنا أريد التأخر ولا أن تبقى خالتي وحدها "
لم يعلق طبعا وكأن ثمة من أكل له كل ذاك اللسان صحيح أنه لم يقسوا علي بكلماته ولم يخاطبني بنبرة جافة ولا باردة لكني أشعر بتجاهله لي بات واضحا وأخطأت حين ظننت أنه كان يتجنبنا بسبب عمله وأنه متعب
لكني لم أفعل أي شيء خاطئ ولا أذكر أني قلت أو فعلت شيئا , وصلنا حينها ونزلت وتحرك هو من فوره بالسيارة وتركني واقفة رغم أن القصر يبدوا ها هو هناك قريب جدا
نظرت للباب ومددت أصابعي وقرعت الجرس ففتحته لي بتول سريعا وسحبتني من يدي للداخل ثم تعانقنا فورا وقالت بسعادة " مرحبا سما كم اشتقت لك "
قلت بحب " وأنا كذلك وتمنيت أن زرتك منذ وقت "
سحبتني معها من يدي للداخل ودخلنا منزلهم , كان راقيا وجميلا ليس كمنزلنا في العاصمة لكنه يكاد يكون مثله
خذتني لغرفة الضيوف وجلسنا وقالت من فورها " أصبحت المدرسة مملة من دونك يبدوا أني اعتدت عليك ولم أكن أعلم رغم أنك لا تتحدثين كثيرا "
قلت مبتسمة " وأين ريحان عنك "
قالت بضيق " تلك الفتاة قطعت علاقتي بها منذ الحادثة التي حصلت لكما "
قلت باستغراب " ولما !! "
قالت بضيق أكبر " أمثالها لا ثقة فيهم كيف تهرب وتتركك حتى أنها لم تطرق أحد الأبواب ليخرجوا لإنقاذك , أنانية وفكرت في نفسها فقط لو كنت أنا مكانها ما تركتك وحدك ولحاولت إنقاذك ولو بضربه بحجر على رأسه "
نظرت للأرض وقلت " على الأقل تنجين أنتي أفضل من أن يمسكونا نحن الاثنتين "
قالت من فورها " أبدا ما يحصل لك يحصل لي أليست من أخرجك من هناك وهي تعرف أنهم لا يريدونها هي , كانت فعلت أي شيء تساعدك به لقد تشاجرت معها أمام الجميع وقطعت علاقتي بها منذ ذاك اليوم ولن يشرفني مصادقة أمثالها "
نظرت للهدية في يدي وتذكرت أني لم أعطها لها فمددتها لها وقلت " لم أجد وقتا لأخرج وأشتري لك شيئا مميزا ... أتمنى أن تعجبك "
أمسكتها وقالت مبتسمة " ياه سما هدية مرة واحدة أين تربيتي بالله عليك أجزم أنك ......."
ثم توقفت عن الكلام عندما فتحت العلبة ، ونظرت لي بصدمة وقالت " ذهب "
قلت مبتسمة " اتركيها تذكارا مني "
وما أن فتحت فمها لتتحدث حتى دخل طفل راكضا رماها بوسادة أريكة وغادر ضاحكا
فوقفت وقالت بحدة " مصعب يا وقح قلت لا تدخلوا هنا "
لم أستطع إمساك ضحكتي ، فجلست وقالت بحنق " هذا القرد سيرى مني فيما بعد "
قلت مبتسمة " يبدوا لطيفا ومرحا جدا "
تأففت وقالت " سيصيبونني بالجنون ليتني مثلك فكم أنتي في نعيم لا يعلمه أحد غيري "
نظرت للأرض بحزن ولم أعلق ... بل أنا التي ليتني مثلك يا بتول لي عائلة والدان وإخوة كيف تتمنين مكاني
نظر ذاك الطفل مجددا من الباب ثم أخرج لها لسانه وهرب فرمته بالوسادة التي رماها عليها سابقا وقالت بصوت مرتفع ليسمعها " مصعب أقسم سأضربك على كل هذا وسترى حسابك مني "
قلت " أخبريني لما لم تذهبي للمدرسة كل تلك الفترة "
تنهدت وقالت بأسى " لو تعلمي ما حدث لي يا سما لبكيتِ على حالي حتى جفت دموعك "
قلت باستغراب " لما !! ماذا حدث "
مدت لي بيدها اليسرا لأنتبه لخاتم الزواج فيها فقلت بصدمة " تزوجتِ !!!! "
تنهدت وقالت " بل اكتشفت أني متزوجة ولا أعلم "
بقيت أحدق فيها مصدومة وهي تسرد ما حدث معها ثم قالت بضيق " وطبعا أنا مراقبة من عمر شقيقي وذاك المعتصم يرشيه بالأشياء التي يحبها ليخبره إن نزعت الخاتم أم لا وذاك القرد يهددني دائما أنه سيخبره "
قلت بحيرة " كل هذا حدث معك !! كيف لا يخبرونك ويأخذون رأيك "
قالت باستياء " لو أهمهم في شيء لكانوا فكروا بي "
هززت رأسي وقلت " ياله من موقف وضعوك به "
ثم نظرت لها وتابعت " وما ستفعلين لاحقا هل ستتركين جابر يطلقك منه "
قال من فورها " بالتأكيد ما أن تمر سنوات دراسته سأطلب منه أن يطلقني منه وفي الفور "
قلت باستغراب " ولما وأنتي لا شخص لديك تحبينه كما قلتِ سابقا وهو يبدوا لا عيب به حتى نزار أذكر مرة تحدث عنه حديثا جيدا "
لوت شفتيها وقالت بضيق " لا أحبه أكرهني فيه لسنوات وعقلي لم يصدق حتى الآن فكرة أنه زوجي وأني زوجته "
نظرت لها باهتمام وقلت بهدوء " وكيف وافق والدك وأنتي صغيرة وكيف سيفرض جابر رأيه على الجميع "
قالت مباشرة " والدي لم يفكر سوا بوعده لعمي ، لا فكر بي ولا بعمري ولا رأيي , وجابر الشخص الوحيد الذي إن قال نفذ ، ينفذ الجميع كما يريد "
اقتربت بعدها مني أكثر وقالت بصوت منخفض " وما حكايتك أنتي التي قلتِ في الهاتف أنك ستحكيها لي ما أن نتقابل "
تنهدت ونظرت للأرض وبدأت أنا في إفراغ ما في قلبي ويكاد يحرقه حتى انتهيت فقالت " نعم وبعدها "
هززت رأسي وقلت " لا شيء بعدها هذا فقط "
قالت بصدمة " كيف هذا فقط ! ما رأيه هو وما مشاعره نحوك وما قال لك "
هززت رأسي مجددا وقلت " لم يقل شيئا ولا أعلم شيئا
هو بعد ترك خطيبته له منذ سنوات لم يعد يفكر في شيء سوا عملية والدته ويرى أيضا أني صغيرة على الزواج من أي أحد "
تنفست بقوة وقالت " أي حفرة هذه التي أوقعت نفسك بها يا سما "
قلت بتذمر " وهل الأمر كان بيدي ؟ لو كان كذلك ما أحببته أبدا , لكن هذا أمر لا نتحكم به "
قالت بهدوء " والحل في هذا "
قلت بأسى " لا شيء ولا حل "انتهي الفصل
*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖☆☆☆☆☆☆
أنت تقرأ
أوجاع ما بعد العاصفة
Mystère / Thrillerكم حملنا من جراح وحمّلنا الغير إثم وجودها على وجه الأرض وهم لا يعلمون أنها خرجت من عمق أوجاعنا للكاتبة برد المشاعر