*|🔢|:☟البـــ{الثالث والعشرون}ـــارات☟*

176 8 0
                                    


بقيت أنظر بصدمة للفرس التي عادت راكضة ناحيته وقلبي ينبض بشدة ولم أكن أعلم لما لفتت هي انتباهي دون غيرها , هل لأن اسمها كا اسمي ! ولكن لما سماها هكذا مؤكد كان هذا قبل أن يحدث ما حدث وإلا ما قبِل أن تحمل اسمي تحديدا
بقيت أنظر لها وهي تعود ناحيته وكأنها شيء يخصني أنا وليس هو وكأنها لي أغلقت بعدها النافذة بهدوء حين تحرك نواس برأسه للخلف
لن أستطيع فتح هذه النافذة إلا ليلا والنور مطفأ لما وضعني هنا هل يريد خنقي وحرماني حتى من الهواء
* *
ما أن عادت ناحيتي حتى عدت لاحتضانها مجددا وهمست لها " وشيء آخر نافذة غرفتها هناك في الأعلى "
فعادت منطلقة تركض مجددا وأنا انطلقت ضحكتي هذه المرة لأن أمر هذه الفرس لم يعد طبيعيا أبدا وتبدوا كما قال معتصم مسكونة
ضحك معاذ من خلفي وقال " بالله عليك ما الذي تقوله لها يا رجل "
توجهت نحوهم وقفزت خارج السياج وقلت " أخربتها أنك ستركبها ففرت منك هاربة "
ضحكنا ثلاثتنا ثم نظرت ليده المربوطة وقلت " ماذا قال لك الطبيب عنها "
نظر لها وقال " وضع لها شاشا خاصا بالفك وقال إن اطر الأمر سيجبسها , ولنلحق الكذاب حتى الباب "
ضحكت وضربته على كتفه ثم قلت مغادرا " علك تتعلم الدرس وتترك جنونك وتقود السيارة بروية "
ثم قلت وأنا أبتعد " وليد اتبعني للإسطبلات " وقضينا هناك وقتا نخطط للتوسيع الجديد في الإسطبل الجديد ونحاول رسم مخطط ولو تخيلي لكن المشاكل شائكة كثيرا
وضع يده على كتفي وقال " معتصم لديه الحل "
نظرت له باستغراب فأخرج الهاتف من جيبه وأجرى اتصالا وقال بعد وقت " لما لا تجب من أول مرة يا أحمق "
ضحك بعدها وقال " نعم أغضبوه فغضب علينا ونحن المغضــ "
ثم ضحك وقال " حسنا لن أكمل , رأيت معك مرة صديق لشقيقك مهندس إن كنت أذكر "
سكت لوقت ثم قال " لا يهم شهادته ليست كاملة المهم شطارته "
قال مباشرة " رائع نريد أن يزور الإسطبلات هنا ويرسم لنا مخططا توسيعي على مدى سنوات أي كلما أردنا أن نوسع لجأنا إليه "
" جيد تحدث معه وسنتفاهم لاحقا "
ضحك بعدها وقال " أنا ونواس واحد وها هو أمامي لو لديه اعتراض لسمعت صوت اختناقي بسبب يديه على عنقي "
ضحك وقال " المهم تحدث معه وسنرسل له من يحضره أو أعطه عنوان المزرعة "
" حسنا حسنا أعطنا رقم هاتفه وسيتحدث معه بنفسه وداعا "
أنهى الاتصال معه وأعاد هاتفه لجيبه قائلا " سننتهي من هذه المشكلة سريعا "
أمسكت كتفه وقلت " جيدا صنعت , فكرة صائبة أن يكون التوسيع كمخطط ممتد كي لا نواجه مشكلة كهذه لاحقا , لكن ما قصة أن أكلمه أنا "
نظر جهة العمال وقال " قال أنه يرفض العروض إلا إن كانت مخططات تقييميه مجموعة يختارون منها لكن أن يستلم الأمر وحده لن يرضى , سيحاول التحدث معه بعد أن تكلمه أنت "
قلت بتساؤل " ولما وهو مهندس !! "
التفت جهتي وقال " تخرج بامتياز على دفعته لكن لم ينهي تعليمه وضاعت منه فرصة البعثة وهناك من أفسد عليه حتى أن يكون معيدا في كليته وحسب ما أذكر عميد الكلية وراء ذلك
حكا لي معتصم عنه مرة حين رأيته معه لكن لا أذكر مما قال كثيرا ويبدوا لا يريد استلام مشاريع أو أي أمر يلزم مهندسا بشهادة عالية وخبرة "
قلت بحيرة " ولما كل هذا الإحباط هو يعتبر مهندسا ولو بشهادته البسيطة تلك ويكفي تفوقه "
رفع كتفيه بمعنى لا أعلم ثم قال " سأرسل لك رقمه وجرب إقناعه وإن رفض بحثنا عن مهندس غيره "
هززت رأسي بحسنا ثم خرجت من هناك وتوجهت للمنزل دخلت وتقابلت وراضية فقلت من فوري " هل تناولت وسن الطعام "
هزت رأسها بنعم وقالت " أفضل من البارحة "
أخرجت هاتفي من جيبي وقلت " وماذا عن الجامعة "
سكتت لوقت ثم قالت " لا أعلم أخبرتها البارحة كما طلبت مني , لابد وأنها ذهبت "
هززت رأسي لها بحسنا واتصلت بالسائق وأنا أصعد السلالم فأجاب من فوره فقلت " أين أنت
قال " في الخارج سيدي أوصتني راضية على بعض الأغراض من أجل المنزل "
فتحت باب غرفتي وقلت " هل أوصلت وسن للجامعة "
لاذ بالصمت فقلت وأنا أنظر لمي ترتب ثيابي في الخزانة " أوصلتها أم لا "
قال " الحقيقة سيدي قالت أنها متعبة ولم تذهب وقالت أن لا أخبرك فلا تخبرها أنك علمت مني "
تنهدت بضيق وقلت وأنا أشير بإصبعي لما أريد من مي أخراجهم لي " مرة أخرى تخبرني تفهم "
قال " حاضر سيدي "
تابعت وأنا آخذ الثياب منها " وإن طلبت منك التستر أخبرها بالحرف أنك لا تستطيع وستقول لي "
ثم أنهيت الاتصال منه ورميت الهاتف على السرير وتوجهت جهة الحمام حينها استوقفني صوت مي قائلة " أرى سجن ابنة خالتك في غرفتها ليس أمرا سديدا
التفت لها فتابعت " وليد لا يدخل المنزل إلا أوقات الطعام وحين ينام أو يصلي وأغلب يومه في الإسطبلات ولا تقلق بشأني فلن أحتك بها كما وعدتك لكن لا تبقى سجينة الغرفة بسببي
أنا جربت ذلك ولا تعلم كم هو قاسي السجن بين أربعة جدران "
لم أعلق على كلامها وتركتها ودخلت الحمام نزعت ثيابي ودخلت تحت الماء وكلام وليد اليوم لا يفارقني وهو يلمح لأنه أصبح شخص وجوده في المنزل خاطئ
لكني لن أوافق أن يعيش في منزل العمال مهما حدث فقد أبني سلم مستقلا للطابق الثاني ويسكن هوا فيه وننزل نحن للطابق الأول
استحممت وخرجت ولم تكن مي في الغرفة فخرجت وتوجهت لغرفة الطعام تناولت الغداء مع مي أما وسن طبعا لازالت تختار غرفتها
وقفت بعدها وصعدت لغرفة المكتب وأجريت بعض الاتصالات فورائنا بضائع تخص الخيول ستصل قريبا وسيلزمنا الكثير من أجل التوسيع الجديد
بعد وقت اتصل وليد فأجبت فقال من فوره " أين أنت الآن أريد التحدث معك "
لم أستطع قول أني في مكتبي لأنه لن يرضى أن يصعد وقد تخرج وسن لأي سبب وهي الآن تبحث عن حجة لتغادر المزرعة وإن رأت رجلا غريبا في الممر ستجدها فرصة
قلت من فوري " نازل لك حالا "
خرجت من المكتب وكانت وسن خارجة من غرفتها بصينية طعامها وما أن رأتني حتى وقفت مكانها
وأنزلت رأسها وأشاحت بوجهها عني جانبا وقالت بصوت منخفض " الخادمة تأخرت كثيرا عن الطعام وأردت أن أنزله "
تنفست بقوة ثم قلت " لا بأس "
تابعت سيرها مارة من أمامي فقلت وأنا أغلق باب المكتب " داومي في جامعتك أو أخذتك بنفسي لها يا وسن "
وقفت والتفتت لي فشغلت نظري بمفاتيحي في يدي وقلت " لا تفرطي في دراستك فأنا أكثر من يعلم معنى فقدها "
قالت وهي تتابع سيرها " وأنا أكثر من يعلم أيضا "
هززت رأسي وتنهدت بضيق , لن ننتهي أبدا من هذه الاسطوانة... عالة ومتسولة وأنا أتصدق عليها من مالي
نزلت خلفها بمسافة فوقفت مكانها منتصف السلالم ما أن رأت وليد يتحدث مع راضية في الأسفل ، فوصلت عندها وأخذت منها الصينية قائلا " دعيني أوصلها "
نظرت حينها لعيناي لتشتبك عينانا وكأننا نرى بعضنا للمرة الأولى , لا اعلم أي قوة كانت تسيطر على مفاصلي حينها ولم أستطع التحرك ولا التحدث ولا إبعاد عيناي
لم افهم قصدها بهذه النظرة وكأنها تسأل عيناي عن أمر وكأنها تريد قول شيء لا أعلمه , تحدثي يا وسن قوليه مهما كان .....
" نواس انتظر قليلا "
أخرجنا من كل ذلك صوت مي التي نزلت راكضة لتفاجئ بوجودنا كلينا وقفت مكانها فنظرت لها مباشرة
فتركت وسن الصينية في يداي وصعدت راكضة بسرعة فضغطت بقبضتي على الصينية بقوة ونزلت قائلا " نعم يا مي "
لكنها لم تلحق بي ولم تتكلم , وصلت للأسفل ونظرت لها حيث هي في الأعلى فلم تكن هناك
فهززت رأسي بقلة حيلة وأوصلت الصينية حيث جاءت راضية راكضة ما أن رأتني وقالت " كنت تركتها وأخبرتني عنها لقد نسيتها من حماقتي فأنا غير معتادة على وجود ابنة خالتك "
أخذتها مني ونظرت جهة وليد الذي ابتسم لي وهزرأسه وكأنه يذكرني بكلامه صباحا فهززت رأسي له بلا ثم قلت متوجها جهة السلالم" انتظرني ولا تغادر سأنزل لك حالا "
صعدت وتوجهت لممر غرفتي وطرقت باب غرفة مي ودخلت فكانت جالسة على السرير تمسح دموعها
فجلست بجوارها وقلت بهدوء " هل قالت لك وسن شيئا "
هزت رأسها بلا فتنهدت وقلت " ولما هذا البكاء إذا "
ازداد بكائها فضممتها لكتفي وقلت ماسحا على ذراعها " أخبرتك انك لست الحاجز بيننا يا مي فأبعدي هذه الأفكار عن رأسك "
قالت بعبرة " دموعها يا نواس كسرتني دموعها وهي تصعد الدرجات لماذا تزوجتني لما "
أبعدتها عني وأمسكت وجهها بيداي وقلت " مي لا تعيدي هذا الكلام أمامي مجددا تفهمي "
هزت رأسها بلا وقالت " أخبرها عن حقيقة وضعنا إذا "
قلت بضيق وأنا أنزل بيداي لذراعيها " لا وإياك وفعلها أنا لم أحضرك هنا لتصبح قصتك على كل لسان ولا أريد أن تعلم بكل هذا فمهما كان أنا لي كرامة لن تهان
هي اختارت يوما بتري من حياتها وأنا اخترت أن أتزوجك ولولا رفضك لاستمر الأمر وأنتي زوجتي وأنجبت أبناء منك أيضا "
لاذت بالصمت ولم تتحدث ونظرها للأرض فقلت بجدية " مي ما بيني وبين وسن كان شيئا كبيرا جدا ولا أنكر ذلك وانكسر من قبل مجيئك بعامين ولم يتبقى سوا أشلاء منه تذكرنا بالجراح فقط
بجرحي يوم ارتبطت بغيري وهي خطيبتي وجرحها يوم تزوجتُ بك وهي تطلب أن أعذرها على ما كان وحدث , وأنتي خارج كل ذلك فهل تفهمي الآن حقيقة الوضع "
هزت رأسها بنعم فقلت " لا أريد أن أراك تبكي لأجل هذا الأمر ولا أن تضعي باللوم عليك "
ثم وقفت فأمسكت يدي ونظرت لي للأعلى وقالت " ولما تنتهيا هذه النهاية لما لا تضمدا الجراح وتنسيا كل شيء بماضيه وحاضره "
أوليتها ظهري وقلت بسخرية " لن يحدث ذلك لأني أراه صعبا يا مي وعلى كلينا "
ثم غادرت من عندها ووقفت عند الباب ثم التفت لها وقلت " ماذا كنتي تريدين قوله لي "
وقفت ومسحت دموعها وقالت " أخي عاصم طلب أكثر من مرة أن يزورنا هنا وأخبر وليد بذلك لكني رفضت "
قلت باستغراب " ولما "
أشاحت بنظرها جانبا بحزن فقلت " مي أنا أقدر ما مررت به لكنهم في النهاية أشقائك , أنا بجانبك ولن أتركك مادام بي نفس إلا زوجة لغيري أو لي لكن لا تخسري جميع أخوتك
ومن كان منهم نادما على ما فات فاقبلي عذره وأعرفك بقلب لا يحقد أبدا "
أنزلت رأسها للأسفل وقالت بحزن " وحده بينهم لم يكن يضربني لكنه لم ينصفني ولم يقف في صفي أبدا "
قلت بهدوء " الخيار لك يا مي وهذا منزلك مفتوح لكل من تريدي أن يزورك هنا ومتى أردت وأخبريني كي أكون هنا في استقباله "
رفعت رأسها ونظرت لي وقالت " إذا نستقبله معا "
هززت رأسي بحسنا مبتسما ثم خرجت من الغرفة وأغلقت الباب بعدي ونزلت فورا
* *
عدت للغرفة ركضا وأغلقت الباب وارتميت على السرير متكورة أمسك أحشائي بقوة وأئن بوجع ... لماذا يا وسن
لما اعتقدتِ أنه إن سمى فرسه باسمك يعني أن ما بينكما لم يمت , أي حماقة هذه التي فكرت فيها !
لما لا تكوني مثله لما لا تعامليه كما يعاملك , كيف نستِ أنه تزوج بغيرك , كيف في تلك اللحظة لم تري سواه أمامك
أقسم لو تأخرت زوجته عنا قليلا لكنت ارتميت في حضنه باكية , لما تضعفين يا وسن لماذا وكأنك تنتظرين شيئا بسيطا يخبرك أنه لازال يحبك ولازال كما كان حتى إن كان مجرد اسم لخيل من خيوله
انقلبت على الجانب الآخر أئن بوجع وأمسك دموعي على الأقل لا تخرجي أنتي يكفي ما حدث من حماقات
بقيت على ذاك الحال والوضع لوقت ثم أخذت حبتي مسكن فقط كي لا يعتاد جسدي على الجرعات الزائدة
ثم غمرت وجهي في الوسادة وبدأت أتمتم وأتحدث عن كل ما يوجع قلبي ، علي ان أخفف عن نفسي قليلا من هذه الآلام ، فلم يترك لي قدري أحد أتحدث معه
وبقيت باقي اليوم في سجني وهي هذه الغرفة لم أرى أحدا سوى راضية التي جلبت العشاء وعادت لأخذ الأطباق وعند الصباح استيقظت باكرا
جهزت نفسي وخرجت من غرفتي مسرعة أحمل مذكراتي ومعطفي الطبي وما أن وصلت السلالم حتى كان نواس قادما من الجهة الأخرى يتحدث في هاتفه فنزلت قبله مسرعة أركض الدرجات ركضا
وما أن وصلت آخر عتبة حتى سقطتْ المذكرات والأوراق تبعثرت بسبب سرعتي والذي كنت هاربة منه أصبح خلفي مباشرة وأنا أجمعهم من الأرض ثم نزل وحمل المذكرة التي اعترضت طريقه
ووضعها على التي في يدي دون أن ينظر لي وتابع طريقه قائلا " لن أنزل ثانيةً وقت خروجك فلا تكسري قدمك أو ذراعك المرة القادمة "
وتابع سيره للخارج فتأففت وعدلت تنورتي وغادرت أيضا لنفس الجهة , حتى الهروب منه لا أفلح فيه سامح الله القدر الذي وضعني عنده أصبح وأمسي به وكأنه ينقصني رؤيته وكأني لم أكن أراه ويحترق قلبي
خرجت للخارج وكان السائق ينتظرني ونواس يتحدث معه ثم غادر دون أن يلتفت إلي وركب سيارته وخرج قبلنا ونحن خرجنا بعده على الفور
وما أن وصلنا البوابة حتى دخلت سيارة أخرى فوقف نواس وتلك السيارة ونزل منها شاب يربط يده بشاش خاص بالفك والشعب فانفتحت عيناي على اتساعهما
هذا هو أحزان ملاك إذا وكان كما قالت طويل بشعر أسود طوله يكاد يفوق نواس رغم طول نواس
نظرت للسائق وكنت سأسأله عنه وتراجعت فهذا الجاسوس سيخبره كما أخبره أني لم أذهب في الأمس
أشار ذاك الشاب للسائق أن يجتاز سيارتيهما ويخرج فانطلق من فوره وخرجنا واستغرقت المسافة قرابة النصف ساعة
وكأنه ينقص الجامعة ملل لتزداد طريق الوصول إليها طولا وما أن دخلت الجامعة حتى استقبلتني ملاك قائلة " هل عرفت من يكون "
قلت بتذمر وأنا أدخل وهي تسير بجانبي " ملاك ما أسخفك هل هذا ما تستقبليني به "
تأففت وقالت " وبما أستقبلك إذا ! أسالك عن همومك وابن خالتك ومشاكلكم التي لا تنتهي أم عن مزرعته وخيوله , أما المحاضرات فلا تقلقي فالحديث عنها سيكون طويلا ومملا وسنلحق عليه "
استوقفنا طلال قائلا " مرحبا وسن وحمدا لله على سلامتك "
نظرت لملاك بنصف عين فضحكتْ وقلت له " شكرا لك يا طلال تعرف كيف تستقبل البشر ليس كغيرك "
ضحك وقال مغادرا " جيد اليوم سنعمل على رسالتنا المنسية إذا "
تابعت وملاك سيرنا قائلة " كله بسببي أنا آسفة حقا على تأخرنا "
قالت بابتسامة " أبدا طلال اقترح أن نؤجلها من أجلك حتى العام المقبل "
قلت ونحن ندخل مبنى الجامعة " سنتابع ما بدأنا به وننتهي هذا العام ولو متأخرين فعلينا أن نقدر ظروفه "
وصلنا عندها القاعة ودخلت قائلة " ما أن تنتهي المحاضرة أخبرك عن حزن سنينك "
أمسكت كم بلوزتي وقالت بصدمة " ماذا !! وتسكتين حتى الآن "
صعدت المدرج قائلة " لا شيء مهم فاتركي الحديث حتى تنتهي المحاضرة "
ومرت المحاضرة وملاك تتمتم بتململ وكأنها تجلس على الشوك وما أن خرج دكتور المادة حتى أمسكت يدي وأخرجتني معها مسرعتين ، حتى وصلنا الحديقة وجلست وأجلستني أمامها وقالت " أخبريني الآن قبل أن أموت من الانتظار "
وضعت المذكرات على العشب وقلت " عندما خرجت صباحا كانت سيارة داخلة للمزرعة ونزل منها شاب تحدث مع نواس وكانت يده مربوطة بشاش طبي وكأنه بها شعب أو كسر أو لا أعلم "
قفزت وهي جالسة وضامه يديها لصدرها وصرخت قائلة " هو يا وسن هو "
ضحكت وقلت " أخفضي صوتك يا مجنونة "
قالت بحماس " من هو وما أسمه وكل شيء "
قلت بضحكة " لم أتحدث معه لأسأله "
قالت بتذمر " وكنتِ سألتِ سائقك يا غبية "
قلت ببرود " سأكون غبية إن فعلتها فلا تنسي أنه ينقل لنواس كل شيء "
رمت مذكراتها من حجرها وقالت باستياء " والحل الآن "
قلت " يبدوا صديقا مقربا له من وقت دخوله للمزرعة ونزول نواس من سيارته ليحدثه لذلك قد تفيدنا الخادمة هناك بشيء لكن أخشى أن تكون ناقلة أخبار لسيدها هي أيضا "
قالت بتذمر " وما في الأمر إن علم "
قلت بصدمة " ما تعني بما في الأمر يكفيني مشاكل معه "
قالت بهدوء " هل تخشي أن يضن بك سوءا , أمازلتي تحبينه لهذه الدرجة يا وسن "
نظرت للأسفل وقلت بحزن " ملاك دعينا من هذا الموضوع وأنا حقا لا أريد مشاكل يكفيني ما بي "
تنهدت وقالت " جربي التحدث معه مجددا "
نظرت لها وقلت بضيق " أبدا ينقطع لساني ولا أكرر أخطاء الماضي حين كنت أبرر له وألتمس منه العذر ليصفح عني , ما كان انتهى يا ملاك ولا مجال لأن يعود كما كان خصوصا بعدما تزوج "
هزت رأسها بقلة حيلة ثم قالت بحزن " كنت في الماضي أشعر بك لكني الآن أشعر بك أكثر بعدما جربت أن أحب شخصا والكارثة أني لا أعلم حتى إن كان يبادلني ذات الشعور أم لا "
ثم وضعت يدها على خدها وتنهدت وقالت " لما الحب هكذا ؟ لما الرجال لا يشعرون كما نشعر "
قلت بحيرة " لا أعلم وكأننا نحن فقط لدينا قلوب "
ثم نظرت لها وقلت باهتمام " أخبريني الآن ما أبكاك يومها كل ذلك البكاء المخيف "
تنهدت بحزن وقالت بشرود " زارني والدي ، وطلب مني أن أتحدث مع والدتي "
قلت بصدمة " أقسمي أنه فعل ذلك "
نظرت لي وقالت " ويا ليته ما فعل تصوري أنهم ينوون تزويجي , هو من شقيق زوجته لأنها لا تريد أن أعود إليها
ووالدتي تريد تزويجي من ابن زوجها كي لا أتزوج شقيق زوجة والدي أو أعود إليهما وعليا أن أختار أحد
الاثنين اما شقيقها الصعلوك الفاسد أو ابن زوج والدتي الذي أقنعوه بأني مسكينة لينقدني ، وهو فاشل حتى في دراسته ، وسنعيش معهم فانظري لتعاستي "
تنهدت وقلت " يا لها من مشكلة يا ملاك وكيف ستتصرفين الآن "
قالت بحزن " لا أعلم وما أن تنتهي دراستي عليا أن أختار أحد المصيرين المحتمين "
قلت " وصديق نواس ذاك "
ابتسمت ودمعة تترقرق في عينيها وقالت " وأخيرا أصبح له اسم غير أحزان السنين وقريبا سنناديه باسمه "
حضنتها وقلت بحزن " وسأعمل جهدي لنعرفه لعله ينقدك من مشاكلك "
ضحكت ضحكة حزينة وقالت " يدي على كتفك إذا "
ابتعدت عنها وقلت " وما تخططين له الآن "
رفعت كتفيها وقالت " لم أتصل بالبرنامج منذ أسبوع فبعد زيارة والدي واتصالي بوالدتي عزلت نفسي من الحزن ولم أستمع حتى للبرنامج وقررت أن أنساه لأن مصيري أصبح محددا
لكني ما أن تقابلت معه عند منزل خالتك حتى طار كل ذلك وكأنه ثمة من أخبره أن ملاك قررت أن تنساك فاظهر لها وأتعبها فوق تعبها
وبعدها لم أتصل أيضا فأصبحت أستمع فقط والآن صار لي قرابة الأسبوعان لم أتصل بهم
لأقول أني كنت مسافرة كي لا يشك أني من رآها يومها ثم سألعب به لعبة ما أن تأتيني المعلومات عنه ، فعليه أن يحبني رغما عنه إن كان لي شيئا في قلبه أم لا "
ضحكت وقلت " لا أعلم أي تعاسة هذه التي جعلتنا صديقتان "
وقفت وحملت مذكراتها قائلة " هيا وقت المحاضرة اقترب ولا تنسي أن تفعلي ما في وسعك "
رفعت مذكراتي ووقفت فأمسكت يدي وقالت بدراما حزينة " قال له نواس أن يده والحادث بسبب تهوره في القيادة أخبريه أن يقود برفق فإن مات سأفقد عقلي "
لم أستطع إمساك ضحكتي فقالت بتذمر " بلهاء وكأنك لم تجربي الحب يوما "
سحبتها من يدها وسرت قائلة " جربته أكثر منك وأتمنى أن لا تجربي الجرح مثلي ولا تنتهي نهايتي المأساوية "
ثم تابعنا سيرنا وقالت " لم تحكي لي ما حدث معك هناك "
قلت ببرود " لا شيء مهم "
تنهدت وقالت " لا تتخلي عن طبعك أبدا يا وسن حتى تموتي من كبت كل شيء في داخلك "
ابتسمت بحزن وتابعت سيري في صمت ... لا أريد أن أخسرك أنتي أيضا يا ملاك كما خسرت خالتي وفرح لأني كنت افتح قلبي لهما حين أشعر أني أريد أن أتكلم وها قد ضاعتا مني مثل أمي وأبي وشقيقي وحتى نواس بقيتي أنتي فقط يا ملاك ولا أريد أن أخسرك
* *
بعدما غادرت وسن للجامعة بوقت نزلت للأسفل وتوجهت للمطبخ , لا أريد أن تراني كرهت نفسي منذ أن علمت بما بينهما وكرهت نفسي الآن أكثر بعدما رأيت دموعها بالأمس وهي تصعد
نظراتهم لم تكن تقول ما يقوله نواس لم تؤكد كلامه عن الجرح والنسيان وانتهاء ما بينهما , لما حضي هكذا ؟
لما أنا تعيسة وأتعس غيري دائما ، فانا كنت كصوت الواقع الذي أعادهما مما كانا فيه , كم كان وضعي سخيفا , ليتها انكسرت ساقي قبل أن انزل في ذاك الوقت
وصلت المطبخ وما أن وقفت عند الباب حتى وجدت وليد يقف معطيا ظهره لي يخفي راضية عني وهي تقول " نواس لن يرضى يا وليد كيف تذهب وتترك المنزل "
تصاعدت أنفاسي وأنا استمع له قائلا بهدوء " وجودي هنا أصبح لا محل له من الصحة والمحامي طمأنني أن قضيتي ستكون رابحة وسأسترجع ولو جزءا من مال والدي وأضيفه للمال الذي جمعته من عملي مع نواس وأشتري منزلا مستقلا لي "
تنهدت وقالت " ولما لم ترضى أن يشتريه نواس لك "
قال بسخرية " لست طفلا يا روضة , أنا رجل إن لم أبني نفسي فلن أستحق هذه الكلمة "
سقطت دمعتي من عيني لخدي للأرض , يبدوا أني لم أضع لتعاستي حجما حقيقيا , ما الذي لم تريه بعد يا مي فحتى وليد سيرحل عنك وستحرمين من رؤيته ولو من بعيد
سقطت باقي الدموع الواحدة تلو الأخرى فابتعدت عن الباب وركضت جهة غرفة الجلوس وأغلقتها خلفي أكمل بكائي هناك
* *
أنهيت محاضراتي وعملنا كثيرا على رسالتنا وقضيت وملاك وقتا في المكتبة من أجل ما فآتني من محاضرات
ولم أغادر من الجامعة إلا بعد العصر بوقت وما أن وصلنا المزرعة حتى اقترب المغيب
نزلت من السيارة وكان نواس يقف عند الباب فمررت من أمامه في صمت فأمسك ذراعي ودخل بي وتوجه للسلالم وصعد يسحبني معه في صمت وأنا أحاول تخليصها منه ودون فائدة
حتى قلت " أتركني يا نواس ماذا تريد مني "
لم يتكلم حتى وصلنا للغرفة التي في ممر غرفتي فتحها وأدخلني لها وأغلق الباب لأكتشف أنها غرفة مكتب
أدارني ناحيته وترك ذراعي وقال بحدة " إن كنتي تريدين التمرد والعصيان ومضايقتي بأفعالك فأقسم أنك حققت غرضك "
قلت بغضب " توقف عن رميي بالباطل ولما كل هذا الانفعال "
لوح بيده وقال بغضب " أين انتي حتى الآن يا سيدة الدلال ولا تجيبين لا على رقم السائق ولا على رقمي "
مددت له بيدي وفيها المذكرات وقلت " أضن أنه لا أحد يذهب للبارات والنوادي الليلية بمذكراته ومعطف التمريض يا سيد نواس واسأل عني في الجامعة لتعرف متى دخلت ومتى خرجت "
مرر أصابعه في شعره وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال بضيق " لما لم تجيبي على الهاتف وأي جامعة هذه تبقي فيها حتى يقترب الليل "
أمسكت إحدى المذكرات ورميت البقية على الأرض وفتحتها وأخرجت منها الأوراق ورميتها بقوة معهم وأريته تواريخ ومواقيت طباعة الورق فيهم وأنا أقول " تأكد يا ابن خالتي هذه عند الرابعة والربع "
ورقت أكثر وقلت " وهذه عند الخامسة وهذه عند الخامسة ونصف أي قبل خروجي بنصف ساعة "
رميتهم على الأرض أيضا وفتحت حقيبتي وأخرجت بطاقة المكتبة وأريتها له وقلت " وهذا وقت استعرت الكتاب عند السادسة أي وقت خروجي من الجامعة "
وأخرجت له ورقة فتحتها وأريتها له وقلت " وهذا تسجيل حضوري لمحاضرات اليوم فهل تأكدت أين كانت سيدة الدلال "
قال بحدة " أنا لم أقل أنك خرجتِ من الجامعة أنا أقول لما تتأخرين كل هذا الوقت "
كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " أخبرت السائق أني قد أتأخر بسبب رسالة التخرج والمحاضرات التي فآتتني فلما لم يخبرك بهذه أيضا "
قال بنفاذ صبر " لما لم تجيبي على هاتفك "
أخرجته من حقيبتي ومددته له وقلت " خذ وتأكد أنه على الوضع الصامت لأنه في المكتبة لا يسمح بضجيجهم "
رفع رأسه للأعلى وضربه على الباب عدة مرات يتنفس بغيض , أقسم أنه يمسك نفسه بصعوبة ولو يعطيها العنان سيضربني بدون شك
نظر بعدها لي ، وقال بغضب " هل تعلمي كم مرة ذهبت للجامعة لأرى إن كنتي في الداخل ومنعوني من الدخول وجن جنوني لأن صديقتك أيضا هاتفها مقفل
لما لا تفكرين أن لك أهلا تخبريهم على الأقل بأنك ستتأخرين ولو أخبرتني ما وافقت هذه المهزلة , لما تعشقين إتعابي يا وسن لما "
قلت بحرقة " أنت جلبت التعب لنفسك فتحمله "
قال بغضب أشد " وهذا غرضك أن أتركك تعيشين كما تريدين , أن أتعب من تصرفاتك الهوجاء وأخرج من حياتك , لا يا وسن لا تفكري في هذا لأنك ستتعبين أنتي وصية والدتي وأمانتها ولن تتخلصي من نواس الجلمود الظالم المنتقم مهما حاولتي "
ثم أشار بإصبعه للأرض وقال بحدة " هنا يا وسن هذا مكانك رضيتِ بهذا أم كرهته "
قلت بجمود " نعم علمني أكثر كيف أكرهك يا نواس "
نظر لي بصدمة وسمعنا طرقات على الباب وصوت زوجته قائلة " نواس توقف عن هذا وأخرج الآن "
ففتح الباب وخرج وتركني فسمعتها تحدثه بصوت منخفض لم أفهمه ثم تحدث هو بحدة وقال مبتعدا " مي أخبرتك منذ البداية أن لا تتدخلي "
ثم ابتعدت خطواتهم وتركاني وحدي , نظرت للأرض حيث مذكراتي وأوراقي ...
ليتني أستطيع رمي مشاعري مثلهم ليتني أنسى ولو حبك يا نواس فجرحك أعلم أنه لن يُنسى
ليتني مت بدلا عمن ماتوا أو سافرت بدلا عمن سافروا وما بقيت لقسوتك وشفقة زوجتك علي
جمعت مذكراتي وأوراقي وخرجت من مكتبه ودخلت غرفتي ورميتهم على السرير بقوة ثم توجهت للحمام توضأت وصليت المغرب الذي أقيم الآن ثم عدت للحمام أطفئ النار التي بداخلي بالماء
استحممت مطولا وخرجت ووجدت الطعام في الغرفة , تركته وتوجهت للنافذة وفتحتها على وسعها وأطفأت النور وعدت ناحيتها
كنت أريد هواءً نقيا لأني أشعر بكم هائل من الاختناق
كان الرجال في الأسفل يعيدون الخيول للإسطبلات فراقبت عيناي عنوة تلك الفرس البيضاء يدخلها أحدهم لإسطبل منفرد عن البقية وحتى شكله من الخارج لا يشبههم
بعدها خفت حركتهم حتى اختفوا ولم يبقى سوا السكون والظلام فسحبت الطاولة المرتفعة هنا حتى صارت عند النافذة ، وجلست فوقها واتكأت على حافة النافذة ،. أراقب الليل والنجوم , بشرود وحزن ووحدة لم أعشها إلا الآن هنا
مر وقت طويل وأنا على حالي حتى طرق أحدهم الباب ودخل فالتفت له فكانت راضية فعدت متكئة كيفما كنت فوصلني صوتها قائلة " لم تتناولي شيئا من طعامك "
قلت بهدوء " شكرا لك يا راضية أكلت في الجامعة ولا رغبة لي "
ساد الصمت لوقت حتى ظننتها خرجت ،. ثم وصلني صوتها هادئا " لا تغضبي من نواس لم أره غاضبا في حياتي هنا إلا مرات معدودة جدا ، وكان قلقا عليك بشدة ، يدخل ويخرج من باب المنزل كالمجنون ، وردة فعله طبيــ .... "
قاطعتها بهدوء " أفهمك يا راضية وشكرا لك على كل شيء "
تنهدت وحملت الصينية وغادرت وأغلقت الباب
ابتسمت بألم على كلامها , هكذا هم الرجال لأننا هكذا نحن النساء وصمة عار قد تدنس شرف الرجل بسهولة وإلا ما قلق عليها تأخرت أو باتت خارج المنزل هو خائف على نفسه وشرفه وسمعته فقط
تركت النافذة مفتوحة وتوجهت لمذكراتي جمعتهم وجلست أراجع ما كتبته اليوم وما قمت بسحب نسخ عنه مما فآتني من محاضرات حتى مر أغلب الليل وسكن المكان أكثر
وقفت وعدت للنافذة مجددا لتسافر عيناي من فورها لذاك الإسطبل بالتحديد , ترى لما هي معزولة عن البقية ولما تشغل بالي وتفكيري طوال الوقت , إن كان يكرهني كل هذا القدر لما لم يغير اسمها
توجهت جهة حجابي أخذته ولففته حول شعري وخرجت من الغرفة ونزلت وكان المنزل ساكنا وكأن لا أحد فيه فبالتأكيد الجميع نيام الآن , توجهت للمطبخ ونظرت من نافذته فكانت سيارة نواس في الخارج وهذا يعني أنه في الأعلى
خرجت من المنزل ولففت حوله يسارا حتى وصلت الإسطبلات لتقودني قدماي مباشرة لإسطبل تلك الفرس , رفعت الخشبة التي يغلقون بها الباب وفتحته ودخلت لتقع عيناي في عينيها مباشرة
تنظر لي بتركيز دون حراك وكأنها بشرية وعرفتني
*
*
نزلت أخطوا بقدماي جهة غرفة والدتي لتغير أذناي طريقهما حيث صوت حركتها في المطبخ
وقفت عند الباب ووجدتها تحرك ما في القدر وتبعد الغرة عن عينيها بذراعها وتتأفف لأن يداها متسختان ولن تستطيع لمسها بهما فقلت بابتسامة " ما كان عليك أن تطيعي والدتي ها قد سببت لك مشكلة "
نظرت ناحيتي وقالت بحزن " ليست جميلة أليس كذلك "
دخلت وفتحت الثلاجة وقلت وأنا آخذ علبة عصير " بلى جميلة "
توجهت نحوي وضربتني بمرفقها وقالت " أعدها فورا ،. ولا تشرب قبل الغداء "
أعدتها وأغلقت الثلاجة ووقفت مستندا عليها مكتفا يداي لصدري وقلت بابتسامة " أي أوامر أخرى آنسة سما "
رفعت رأسها وقالت " أجل أبعدها لي حلف أذناي لأعرف كيف أرى وأتحرك معها "
كنت سأبحث لي عن حجة لأتهرب من هذا حين وجدت بعقلي يضحك من أفكاري ... نزار هذه ليست أكثر من طفلة كيف تفكر أنها قد تحرك مشاعرك يكفيك ما رأيت من هذا
أنت رجل راشد وعاقل هل تظن أن مشاعرك ستتغلب عليك مددت أصابعي وجمعت جانب منها في طرف ودسستها خلف أذنها وكأني أختبر صدق وكذب أفكاري بل وكأني أحاول تكذيب الصوت الذي ينادي باسمها في داخلي
والدليل أني كنت أهرب بعيناي عن وجهها وما أن مررت أصابعي في الجانب الآخر منها حتى وجدت نفسي لا شعوريا ألعب بشعراتها الحريرية بينهم وكأني أفرزها خصلة خصلة لتنتقل عيناي لعينيها وتضيعان هناك
وما كانت ثواني إلا وهربت بهما ولعبت بأصابعي في غرتها بابتسامة ماكرة أحركها بقوة وبعثرتها لها في كل اتجاه ضحكا
صرخت متذمرة وابتعدت عني ورمت الملعقة في المغسلة وفتحت الصنبور وبدأت بغسل يديها قائلة بضيق " شكرا على المساعدة اذهب لغرفة والدتك حالا ولا تأتي ثانيةً "
لكني انتقلت جهتها وبدأت بإخراج الأطباق قائلا " هذا لكي لا تطلبي مني مساعدة مرة أخرى "
قالت وهي تعود جهة القدر " حرمت فعلها ثانيةً "
نظرت لها واتكأت على طرف الخزانة وقلت " سأشتري لك قوس شعر تستخدميه في المطبخ فقط لا تطرُديني ثانيةً "
ضحكت وهي تحرك القدر ثم أغلقته وقالت وهي ترفعالملعقة من الأرض " جميل أنا الرابحة في النهاية "
ثم توجهتْ للمغسلة وعيناي تتبعانها غسلت الملعقة بالصابون والماء فقلت بابتسامة " ولما تغسلينها وأنتي تنظفين الأرضية قرابة العشر مرات يوميا "
نظرت جهتي ووضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق " لا تقل أنك توقع الملاعق وتكمل بها الطبخ دون أن تغسلها ونحن نأكل "
رفعت كتفاي وقلت مبتسما " أغلب الأحيان "
فتحت فمها من الصدمة فقلت ضاحكا " لا ... أقصد أحيانا "
أمالت فمها جانبا بعدم رضا لتظهر إحدى غمازتيها اللتان لا تظهران إلا وقت تضحك فأملت وقفتي وابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت " هل أخبرك أحدهم من قبل أنه لديك غمازات لا تظهر إلا حين تضحكين "
وضعت يدها على خدها ثم حركت أصبعها عليه وقالت " أين .... هنا "
ضحكت وقلت " لا .... أضحكي وسأريك أين "
قالت بعبوس " نزار لا تسخر مني "
قلت مبتسما " لا اسخر منك أبدا "
وسعت ابتسامتها وبدأت تبحث بإصبعها وأنا أضحك ثم تركتني وتوجهت للثلاجة قائلة " كاذب وتسخر مني "
قلت وأنا أراقبها " اسألي والدتي لتتأكدي "
أخرجت صحن السلطة وقالت وهي تتوجه به للطاولة " لما لم تفكر أن تسافر أنت وخالتي بالمال الذي جمعته وتدرس هناك وتعمل ستكون طريقة أيسر من جمع المال للعملية "
نظرت للأرض وأشعر أني كنت في عالم غير واقعي وأعادتني إليه ثم قلت بشرود " فكرت في هذا لكنه صعب سأكون أغلب النهار خارج المنزل إما في الجامعة أو في عملي ووالدتي ستبقى وحدها "
تنهدت وقالت بحزن " لما أنت وحدك من بين البشر مشكلتك لا حل لها رغم أنك تستحق أكثر منهم أن تكون مهندسا مشهورا "
ثم عادت جهة الثلاجة وقالت وهي تخرج علب العصير " والدتي رحمها الله كانت تقول لي أن الله لا يفعل لنا أمرا إلا فيه خير فعلينا أن نحب حتى الشر من أقدارنا فقد يكون باطنه خيرا "
ثم التفتت لي تحضن علب العصير وقالت بحيرة " لم أكن أفهم هذا كثيرا فهل ينطبق عليك فيما حدث معك وعليا فيما مررت به "
ابتسمت بمشاعر لم أعرف تفسيرها وهربت بنظري عنها مجددا
وقلت بهدوء " نعم فأنا إن سافرت منذ سنوات ولم أدرّس في الثانوية ما التقيت بك وعلمت عن قصتك "
اقتربت من الطاولة وبدأت بوضع العلب في الصينية وقالت ونظرها عليهم " وهذا خير لي أم لك أم لكلينا "
لم أستطع إجابتها فرفعت رأسها ونظرت لي وكأنها تنتظر الجواب فابتعدت ووليتها ظهري وفتحت رف الخزانة وقلت وأنا أخرج الكؤوس منها " الأيام ستكشف لنا هذا يا سما "
أطفأت النار على القدر وأخرجت الصينية من الفرن قائلة بحزن " أتمنى أن لا تكشف لنا شيئا سيئا أكثر "
ابتسمت ولم أعلق وساعدتها في ترتيب الطعام حتى أدخلناه غرفة والدتي وخرجت سما وعادت بعد قليل وفي يدها شيئا أصفر لامع وتوجهت جهة والدتي وجلست أمامها ومدته لها ثم أنزلت رأسها قائلة " امسكيها لي بالمشبك فانها تضايقني كثيرا "
أخذته منها وقلبته أمام وجهها وقالت بحيرة " يبدوا من الذهب أليس كذلك "
رفعت رأسها ونظرت لها وقالت " نعم والدي اشتراه لي في آخر عيد ميلاد لي قبل أن يموت "
أنزلت لها رأسها وجمعت لها غرتها للأعلى وأمسكتها به قائلة " لا تخبري أحد أنه من الذهب يا سما اتفقنا "
رفعت رأسها لتنزل الخصلات القصيرة كلها على جبينها وأطرافه لتجعلها أجمل مما كانت مفتوحة وقالت " ليس لدي غيره وأتعبتني وأنا أطبخ "
ثم نظرت جهتي وقالت بضيق " وابنك لم يساعدني في إبعادها وسخر مني أيضا "
ضحكت والدتي ونظرت لي نظرتها الخبيثة تلك وقالت " وأنا من كنت أظن أنه في الخارج وهو كل هذا الوقت مرابط عندك "
نظرت لها بضيق فتجاهلتني وعدلت جلستها حيث طاولة الطعام وجلست سما مقابلة لي وبدأنا الأكل في صمت
حتى قالت والدتي " أين حسام لم نعد نراه من مدة ،.  ولم يتصل بي أيضا كعادته "
نظرت لها باهتمام .... يتصل إذا ! بقيت تنظر لي تنتظر جوابي فعدت بنظري للطبق وقلت ببرود " تشاجرت معه أول أمس حين ذهبت بالخرائط "
وما أنهيت جملتي إلا وعيناي تراقبان سما التي نظرت لي باستغراب وقالت أمي بصدمة " ولما تتشاجر معه "
قلت ونظري لم يفارق سما " موضوع سخيف وزاده سخفا ثم تواقح علي وتشاجرنا فلا تنتظريه لأنه لن يأتي "
حولت سما نظرها عني وشغلته بالعصير الذي تسكبه في كأسها ولم تعلق وقالت أمي بضيق " وهل أنت صغير يا نزار تتصرف هكذا , لم أعرفك ممن يتشاجرون مع الناس "
قلت ببرود وأنا آكل ملعقة أرز " هو المخطئ كان عليه احترامي فأنا الأكبر منه وليس هو "
قالت " وما سبب الشجار "
قلت بذات برودي " لا شيء مهم "
قالت بحزم " نزار "
نظرت ناحيتها فقالت بجدية " من أجل الموضوع نفسه أليس كذلك "
عدت بنظري لطبقي وتابعت الأكل دون تعليق فقالت " لا تصعد لغرفتك بعد الغداء سنتحدث قليلا "
تنهدت بضيق وقلت " أمي أنا لست طفلا أمامك تعامليني بهذا الشكل وأعرف جيدا كيف أتصرف وأعرف الخطأ من الصحيح "
اكتفت بالصمت ووقفت سما وقالت والدتي " ما بك يا سما أنهي طعامك "
قالت مغادرة " شبعت "
وخرجت من الغرفة وعيناي يتبعانها , هو حسام إذا وتصرفها هذا يؤكد ذلك , قالت أمي بصوت منخفض " هل فتح معك موضوع سما مجددا "
لا أعلم لما أشعر بكل هذا الضيق وزاده كلام أمي الآن فقلت بحدة " أمي انتهى الأمر ولي حديث فيه مع سما لترتاحي "
قالت ببرود " لم أفهم "
نظرت لها وقلت بضيق " ليست مشكلتي "
قالت بضيق أكبر " ما بك كنت منذ قليل تضحك وتبتسم وتلعب بنظراتك هنا وهناك فما أشعل قلبك الآن "
قلت بصدمة " أمي ما معنى ما تقولينه "
جلست على سريرها رافعة ساقيها عليه وقالت ببرود " لا شيء خرّفت فقط "
تأففت ووقفت وتركت أنا أيضا هذا الغداء الذي تركه الجميع وتوجهت للمطبخ فوجدت سما تمسح دموعها هناك فوقفت مصدوما لوقت ثم اقتربت منها وقلت " سما إن كان حســ ..... "
قاطعتني قائلة " لا تتشاجر معه بسببي لتتشاجر مع خالتي وأكون أنا السبب أرجوك نزار "
بقيت أنظر لها بصدمة , لقد فهِمَت الموضوع إذا لكن حزنها وبكائها لأجل شجاري ووالدتي أم لأجله
أبعدت يدها عن وجهها وقلت بهدوء " هل شجاري ووالدتي ما يبكيك "
نظرت لي وقالت بعينان دامعتان " أنتم عائلتي وأكره أن أكون السبب في خلافاتكم ككل مرة وفي نفس الموضوع , لا أريد أن أتزوج فقط لا تتشاجرا "
أخفضت نظري وقلت مغادرا " لن نتشاجر لا تقلقي "
عدت جهة غرفة والدتي وأخرجت هاتفي وناديت على سما بصوت مرتفع فجاءت هي أيضا
فاتصلت بحسام أمامهما وما أن فتح الخط حتى قلت " اكتشفت أن والدتي تحبك أكثر مني وخاصمتني للتو لأني أخبرتها أننا تشاجرنا أول أمس "
ضحك وقال " معها حق ويفترض بها أن ضربتك على رأسك أيضا "
قلت باختصار " وقح "
ثم أغلقت الخط وعيناي تراقبان سما التي توجهت للطاولة تجمع الأواني من عليها بملامح دون أي تعبير يمكنني فهمه أو تفسيره وها أنا لم أجني شيئا سوا توبيخ والدتي لي
نظرت جهة والدتي التي قالت ببرود " ولما تلك التمثلية السخيفة إذا "
جلست على الكرسي وقلت " لم تكن تمثلية تناقشنا فعلا نقاشا قويا لكننا لم نتشاجر "
قالت ببرود " المهم لم تتشاجرا "
أخذت قطعة جزر من الطبق وقلت " فقط "
أمسكت المذياع وقالت " فقط "
غريب لم تقل اسطوانتها القديمة عن أن القرار لسما وأن عليها أن تجد من ينسيها ما هي فيه وووو , يبدوا أن ثمة قصة ما وراء والدتي ولا طريقة لدي لكشفها ترى أيكون ذاك الشخص ليس حسام لهذا أمي لم تهتم !
وقفت على رنين هاتفي برقم غريب ودخول سما قائلة " نزار هل لي بطلب "
نظرت لها بصمت فقالت " أريد زيارة بتول "
هززت رأسي بحسنا وقلت وأنا أفتح الخط " سنرى "
خرجت وصعدت السلالم وأنا أجيب قائلا " نعم "
قال الصوت الرجولي في الطرف الآخر " نزار الأحمدي معي "
قلت وأنا أدخل الغرفة " نعم وصلت "
قال من فوره " أنا أدعى نواس من طرف معتصم حلمي "
أغلقت الباب وقلت " تشرفت بمعرفتك هل يمكنني خدمتك بشيء "
قال " معتصم مدحك لنا كثيرا ولدي مزرعة خيول بنيت بها إسطبلات جديدة مؤخرا غير القديمة وأريد أن أجري توسيعا وثمة مشاكل تواجهني وأخشى من غيرها مستقبلا وبما أنك مهندس أريد مخططا للتوسيع على مراحل أرجع له كلما أردت ذلك "
جلست على السرير وقلت " ما مدى ثقتك في عملي فلا شهادات خبرة لدي ولم أعمل بشهادتي سابقا "
قال من فوره " أثق بك وسأرى أفكارك "
كنت سابقا أرفض مباشرة لكني الآن لم أفكر في التراجع حتى حين قرأت رسالة جابر التي أخبرني فيها أنه سيوكلني لرسم مخطط لمسبح في حديقة منزله
لم أتخيل أن كلمات بسيطة منها ستشعل حماسي رغم أنهم قبلها في تلك الشركة مدحوا عملي كثيرا
قلت " أريد مساحة المزرعة والإسطبلات وعليا زيارتها ويمكنني عمل ذلك لك بكل سهولة "
قال بصوت مبتسم " اتفقنا إذا هل أرسل من يحضرك أم لديك سيارة "
أخرجت دفترا وقلم من الدرج بجانبي ، وقلت " لدي سيارة أعطني العنوان فقط "
أخذت منه العنوان ودونته لدي وقال " والسعر سيرضيك المهم أن يكون كما نريد "
أعدت الدفتر والقلم للدرج وقلت وأنا أغلقه " لن نختلف في هذا الأمر المهم أن يعجبك مخططي ثم نتفق "
قال من فوره " إذا أعلمني قبل قدومك لأكون في انتظارك "
قلت مبتسما " بالتأكيد سيد نواس ووداعا الآن "
أنهيت الاتصال معه ولم أخف من الفشل هذه المرة كما في الماضي , سأعمل جهدي على هذان المشروعان حتى ينتهيا ويكونان كأول خطوة لي لعلي أكمل دراستي يوما وأحقق حلمي ولو بعد حين
فكما قالت سما من يشعر بالهزيمة ويستسلم هو الفاشل حتى لو كان بشهادة عالية سما يا سما ماذا تريدين من رأسي أخرجي منه هيا
* *
بعدما أنهيت أعمال المطبخ توجهت نحو غرفة خالتي وقفت عند الباب وقلت " سأصعد لأدرس هل تحتاجين شيئا "
قالت مبتسمة " لا ولكن أريد أن أعلم فقط سبب هذه الملامح الجميلة الحزينة "
نظرت للأرض وقلت بحزن " لا شيء "
وصلني صوتها المبتسم قائلة " تبدوا هذه الغرة وجهها سيء عليك "
نزلت دمعتي ومسحتها في الفور فقالت " ما بك يا سما "
نظرت لها وقلت " لا تتشاجري ونزار بسببي لا أريد أن أتزوج أحدا فقط لا تتشاجرا "
قالت بابتسامة جانبية " ولا من ذاك الذي تحبينه "
نظرت للأرض وقلت بحزن " ذاك بالتحديد لن يفكر في الزواج بي أبدا "
ثم غادرت من عندها وصعدت السلالم ركضا حتى دخلت غرفتي أمسح دموعي
وتوجهت من فوري لمكتبي ، لأشغل نفسي بحفظ الدروس ، فعليا أن أجتهد أكثر لأكون جاهزة وقت الامتحانات وما أن مر بعض الوقت حتى عاد يشغل بالي
فرميت بالكتاب والقلم واتكأت على ذراعاي فوق طاولة مكتبي الصغير
لما أحبه وهو لا يشعر بي ؟ لما وحدي أملك كل هذه المشاعر وكلما تحدث عن حسام شعرت بالضيق
لأنه لا يرى أني أصلح للزواج ومخافة أن يقول أنه يوافق زواجي منه لأتأكد حينها أني لا أعنيه في شيء
عدلت جلستي مجددا وأمسكت كتاب الرياضيات وحاولت فيها مجددا كي لا أضطر للذهاب إليه لغرفته
لا أريد أن أكون كرُدين وينظر لي كما نظر لها فراس وضعت طرف القلم على شفتي وفكرت لو أنها ستتزوجه كيف ستكون حياتهما
هي في نفس عمر جوري ووالد جوري يرفض زواجها قبل أن تنهي دراستها , يبدوا كنزار تماما , هذا وهي في التاسعة عشرة فكيف إن كانت مثلي أصغرها بأربع سنين
لكن رياض لم يمانع زواج رُدين فهل لأنه ليس والدها !! آه يا سما أنتي علتك ليس في رفض نزار تزويجك ، فقط بل لأنه هو نفسه من تريدين الزواج به فهل ستقولين له لا علاقة لك بي أتزوج متى أريد ، ثم تقولين له تزوجني رغما عنك
رميت القلم وأمسكت خداي من الإحراج ... سما هل تدركي معنى أن تتزوجي به ؟ وماذا عن كل تلك الأمور
يا إلهي لا أعرف كيف تتزوج الفتيات وكيف ستتزوج رُدين من فراس وهي تكرهه , وضعت يدي على خدي وتنهدت بقلة حيلة
إن كان الزواج هو السبيل الوحيد لأكون معه فلا بأس , سندت وجهي بيدي الأخرى أيضا وسبحت في الأفكار .....
ترى هل من تتزوج شخصا تنام في حضنه ؟ مؤكد تفعل ذلك ... آه مابه حضي أنا لما لا يتزوجني فقط لأنام في حضنه
تأففت من أفكاري وعدت لأتكئ على الطاولة ذراعي ممدودة فوقها ورأسي عليها وأمسك بيدي الأخرى القلم أخط به اسمه في هامش كتابي وكتبت أمامه ( أحبك يا أحمق ) ثم أغلقت الكتاب وجلست
وأخذت الكراسة وكتاب الرياضيات وخرجت ووقفت أمام باب غرفته وطرقت الباب طرقات خفيفة فوصلني صوته قائلا " أدخلي يا سما "
جيد أنه لا فراس هنا لكان قص لي ساقاي , طرقت مرة أخرى ففتحه لي بعد قليل ونظر للكتاب في يدي ثم دخل قائلا " تعالي يا سما أدخلي "
وقفت عند الباب وقلت " انزل معي لغرفة خالتي لتشرح لي مسألة لم أفهمها "
التفت من فوره ونظر لي باستغراب ثم قال " سما هل تخافين مني !! "
بقيت أنظر له مصدومة ثم دخلت وقلت " نزار لا تفهم الأمر كما يحلو لك أنا فقط أشعر بأني أخطأ لأني أدخل عليك غرفتك "
جلس على الأريكة وسحب الطاولة جهته وقال " تعالي وأغلقي الباب "
رفعت كتفاي وأغلقت الباب ودخلت , يبدوا لي نزار كأشرف لا يهتم , لكن ترى هل هو مثله يكلم فتيات ويخرج معهن
رميت كل تلك الأفكار من رأسي واقتربت وجلست بجانبه وكأني أتعمد الاقتراب منه لكني حقا لم أستطع منع نفسي
أخذ مني الكتاب والقلم وفتح حيت أضع الكراسة وقال " مؤكد هذه هي التي لم تفهميها "
نظرت له وقلت " كيف علمت !! "
ثم زحفت قليلا مبتعدة عنه , يالي من حمقاء ما كل هذا الالتصاق به , وضع الكتاب على الطاولة وقال مبتسما " لأنها المسألة الأصعب في هذا الفصل بأكمله "
أمسك بالقلم وبدأ يشرحها لي فقلصت المسافة التي ابتعدت فيها وحاولت أن انتبه معه كي لا يسألني فيما كنت أشرد
انتهى منها ثم رفع رأسه وقال " سأختبرك بواحدة دون أن أسألك فهمتي أم لا "
اتكأت بطرف جبيني على يدي مسندة لمرفقها على الطاولة ونظري على الكتاب وقلت " حسنا "
كتب واحدة ودفع بالكراسة نحوي وقال " هيا أرني شطارتك "
أمسكت بالقلم وبدأت بحلها بالخطوة وأنا أحك جبيني كل حين لأن الشعرات التي لم يمسكهم المشبك من الغرة تخربشني
ثم تأففت ورفعت نظري ثم سويت جلستي وقلت بضيق " نزار هذا أنت تفعل هذا "
ضحك وقال " حين كنت أتكلم لاحظتهم يتحركون مع حركة تنفسي فاختبرتهم هل ظني صحيح أم لا "
أخذت الكراسة وابتعدت عنه قائلة " انفخها من هنا الآن إن استطعت "
وضع ساق على الأخرى واتكأ بذراعه على ظهر الأريكة وقال " من له شعر حريري هكذا كشعرك والدتك أم والدك "
قلت وأنا أكمل حل المسألة " كلاهما "
ضحك وقال " لهذا هو هكذا يكاد يختفي "
تابعت الحل ولم أعلق على كلامه ، فوصلني صوته قائلا " ومن له عينان زرقاء "
قلت باختصار " والدتي "
قال من فوره " حسنا والغمازات "
نظرت له وقلت " نزار أتركني أركز "
قال مبتسما " حسنا ركزي "
ثم وقف وتوجه جهة خزانته فتح بابها ولم أرى ما يفعل طبعا ثم قال بعد قليل " وأي لون في العينين يعجبك "
آه لو كان بيدي لقلت الرمادي , قلت دون أن أرفع نظري عما أفعل " لم أفكر في هذا يوما "
ثم رفعت نظري له فكان واقفا عد الخزانة مستند بيده عليها وينظر لي فتابعت وطرف القلم على خدي " حين كنا في الهند كانت الفتيات الهنديات في المدرسة ينادينني بالقطة بسبب لون عيناي لأنهم بالطبع ليس لديهم هذا اللون إلا نادرا
وكنت أكره ذلك كثيرا حتى أني كرهت لونهما وكنت أتذمر دائما وأقول لأمي لما ليس لون عيناي كوالدي وسامي عسليا "
ثم تابعت وقد عدت للكتابة " لكني حين صرت في الإعدادية لم أعد أهتم لكلامهم لأن الكثيرات أصبحن يمدحن لون عيناي ويتمنينه
التفكير لدى الفتيات في تلك المرحة مختلف كثيرا عن الأطفال أليس كذلك "
وصلني صوته قائلا " نعم وعند الثانوية يزداد سوءا فلا يهتممن حينها سوى بشكلهن وجمالهن والمظاهر والشكليات والغراميات المتغيرة كل وقت "
رفعت نظري له مصدومة وقلت باعتراض " غير صحيح "
ابتعد عن الخزانة ووقف عند النافذة موليا ظهره لي ولا أفهم لما ثم قال " بلى إلا إن كانت فتاة غير طبيعية "
بقيت أنظر له بحزن بل بألم في قلبي ثم قلت بأسى " لماذا يا نزار "
التفت لي ونظر لي بتركيز أو حيرة أو لا أفهم فأخذت الكتاب والكراسة ووقفت مغادرة حين استوقفني صوته قائلا " سما لم أقصد جرحك بهذا لكنها مرحلة طبيعية حتى نحن الشباب مررنا بها في ذات السن "
لكني لم ألتفت له ولم أتحدث وخرجت من عنده ونزلت لغرفة خالتي فكانت نائمة فجلست هناك أكمل حل المسألة
وبعد قليل وقف نزار عند الباب فقلت بصوت منخفض ونظري بعيد عنه " لا تتكلم معي أنا غاضبة منك ولا أريد التحدث معك "
ضحك ضحكة منخفضة وقال " تلك حقيقة يا سما لما أغضبتك "
تجاهلته وعدت لحل المسائل على صوت خالتي من نومها قائلة " هل أذن العصر "
قال نزار " لا قليلا بعد "
قالت " وما تفعلان هنا إذا "
ضحك وقال مغادرا " ما هذه الطردة المعتبرة "
ثم صعد لغرفته ولم نره إلا نازلا بعد وقت ووقف عند الباب وقال " سأغادر لقصر جابر وقد أتأخر "
ثم قال " سما سأخبره أنك تريدين زيارة بتول "
لكني لم أجبه ولم أرفع رأسي عن صحن العدس في يدي
فقال بضحكة " أمي ... تقول أنها غاضبة مني فجدي لها حلا "
قالت خالتي ببرود " من عقدها يحلها ما دخلي أنا "
قال مغادرا " إذا لن أرجع للمنزل حتى تتصل بي ، وتخبرني أنها لم تعد غاضبة "
ثم لم نسمع سوا صوت الباب يغلق خلفه وقالت خالتي مبتسمة " هؤلاء الرجال لا أحد أخبث منهم يعرفون كيف يجعلون المرأة تعتذر وهم مخطئين "
قلت ببرود وأنا أحرك حبات العدس بأصابعي " سيعود عندما يغلبه النعاس "
ضحكت وقالت " نعم ابقي على رأيك ولا تدعيه يتغلب عليك "
رفعت نظري لها وقلت بحزن " كيف يقول أن من في سني تفكيرهم في الشكليات فقط والغراميات التي تتغير باستمرار وأنه من ليست كذلك لن تكون طبيعية "
ضحكت وقالت " هكذا إذا , يستحق أن تغضبي منه ولا تتصلي به ولو نام خارجا وإن عاد سوف نسخر منه ونقول أن الراشدين مثله ليس لديهم كلمة ويتراجعون عن قراراتهم "
قلت بجدية " نعم سنفعل ذلك "
وأكملنا باقي اليوم وتناولت وخالتي العشاء بما أن نزار سيتأخر كما قال وبعدما انتهيت من أعمال المطبخ
عدت عند غرفتها وقلت " لما لا نقرأ روايتنا بما أن نزار سيتأخر في قصر جابر "
قالت مبتسمة " معك حق فإن انتظرنا حتى يرجع وينام سنسهر كثيرا "
أخذتها منها وجلست وقلت بابتسامة " متشوقة جدا لما سيحدث "
قالت مبتسمة " وستعرفين الآن فإقرائي هيا "
فتحت حيث توقفنا وقرأت
(( بقيت أنظر له دون جواب وهو ينظر لي منتظرا أن أقول أي شيء ثم أخفضت بصري وقلت " لن يوافق "
قال من فوره " أعطني رأيك فقط ولا تفكري في الأمر "
لذت بالصمت فقال " خذي وقتك وفكري يا رُدين وستبقي ابنتي تحت أي ظرف وتحت سقف أي منزل ولن أتخلى عنك ما حييت "
بلعت ريقي وقلت " موافقة "
لست مقتنعة أبدا بهذا لكن مظهري سيكون سخيفا جدا حتى إن قلت سأفكر فكيف سأنسى كل ما فعله من أجلي
حتى أنه وبخه فقط لأنه أبكاني والأعظم من ذلك أنه لم يوافق خطبة جوري لوائل حتى أختار أنا أحدهم
فكيف أكافأه أن أرفض أول طلب يطلبه مني ، أمسك يدي وقال " رُدين لا تجبري نفسك بل افعلي ما أنتي مقتنعة به "
قلت بتبات " لن أغير رأي وما تراه أنت خير لي سأفعله ولا أريد مخالفتك ما حييت "
شد على يدي بقوة وقال " لن تندمي يا رُدين فأنا أعرف ابني فراس جيدا رجل يمكن الاعتماد عليه ولو كان الاختيار لي منذ البداية لاخترته لكني تركت الأمر لك "
قلت بابتسامة " أعانه الله علي إذا "
ضحك كثيرا ثم قال " وأعانك عليه ففراس عصبي يا رُدين فاحذري من هذه النقطة "
تنهدت وقلت " نعم أنا أكثر من يعلم "
ثم وقفت وقلت " ستجبره على الزواج بي إذا "
قال بابتسامة جانبية " أحب ذلك كرهه أجبر نفسه أقنعها لا يهم المهم ما قررنا سيحدث "
ثم وقف هو أيضا ، ووضع يده على كتفي ، وقال " فراس يعلم أنك لست زوجتي "
نظرت له بصدمة وقلت " كيف ومتى !! "
ابعد يده عن كتفي وقال " منذ أيام قليلة لأنه منذ الليلة التي أخذك ووالدته لحفل الزواج وهو يلح أن أريه عقد زواجي بك لشكه في الأمر ومنذ أيام بحث في العقود ووجد أنك غير متزوجة "
قلت بصدمة " كيف يتمكن من ذلك فتلك الأمور حسب علمي سرية وليس أي أحد يمكنه الإطلاع عليها "
رفع كتفيه وقال بهدوء " لا تنسي أنه محقق ومؤكد علم بذلك بطرق غير قانونية كأن يساعده أحد صاحب مركز في الدولة "
لهذا غضب كل ذاك الغضب يوم رآني أخرج من غرفة أشرف وسخر مني حين قلت أنه ابن زوجي
وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وجاء ليخبرك طبعا ويتفاخر بذكائه "
ضحك وحضن خدي بيده وقال " وقال عليك أن ترتدي حجابك وملابس ساترة أيضا أمامهم "
تأففت وقلت بضيق " من أولها "
عاد للضحك مجددا ثم قال " أخبرته أنك بالفعل فتاة متحجبة ولم تفعلي هذا إلا بطلب مني فلذلك وبسبب إصراره أن تنتهي هذه المسرحية وشجاري معه ليلة البارحة قررت أن أتحدث معك في الأمر لنلغي كل اللعبة "
قلت بضيق " لا فائدة من كل الخطة أذا بعدما أفسدها "
قال " وائل أنتي استبعدته من نفسك وأشرف مستهتر أعرفه جيدا سيفرط فيك في أسرع وقت لأن طبعه ملول لا يدوم عنده شيء لكن إن أردته هو زوجتك به وكما قلت الاختيار لك "
تنهدت وقلت " أمري لله غيره لن يكون أقل عيوبا منه وهذا ابنك وتعرفه ورشحته بنفسك غيره لن يعرفه أحد "
أمسك كتفي وقال " إن كنتي سألتني من بينهم الثلاثة ما اخترت غيره ولا حتى وائل "
هززت رأسي بحسنا وقلت " كما تريد "
أمسك يدي وقال " إذا هيا للمواجهة الأخيرة معهم "
سرت معه بقلة حيلة ، قل المواجهة الأولى بيني وبين فراس نزلت معه لتقابلنا الخادمة عند آخر السلالم فقال لها " نادي الجميع لغرفة الجلوس "
أشارت له برأسها بمعني حسنا ثم قالت وهي تصعد السلالم " فراس في مجلس ثلاثة شاي شرب ارحم أنا منه لينام "
ضحكنا سويا وقلت ونحن نتوجه هناك " ما أطول لسانها كيف تستحملونها "
فتح باب المجلس وقال داخلا أمامي " المشكلة ليست بها بل بعمتك سعاد فأي واحدة سنحظرها ستفسد لها طبعها "
وقع نظري على فراس الجالس هناك فأبعدته عنه وقلت ببرود " كله من طيبتها حتى مع الخدم لا أعلم كيف لم يرث ذلك منها أحد "
ثم سرقت نظرة عليه فوضع ساق على الأخرى وابتسم ببرود وكأنه يخبرني أنه لا يهتم لما أقول فأشرت له بإبهامي على رقبتي ممررة به عليها ثم لوالده أمامي بمعنى سيذبحك
ثم أشرت بأصابعي إشارة يعرفها الجميع هنا لأن كل الصغار يستخدمونها وتعني ويلك منه ولن تستطيع قول شيء
فأشار لي بأنه سيقص لساني رغم أن والده مقابل له فأخرجته له على التفات عمي رياض لي فدسسته وقلت " أخبر ابنك إنه يهددني "
ضحك وقال " هدديه أنتي أيضا "
قال ذاك ببرود وهو ينظر لي " لا يحتاج أن تهدد هذه تفعل مباشرةً ، وبلا تردد ابداً "
ابتسمت له ابتسامة باردة كابتسامته تلك لأردها له قبل أن تبرد وأنساها فضحك دون كلام ، نعم اضحك فأنت لا تعلم أي مفاجأة يخبأها لك والدك لبكيت بدل أن تضحك
كم أنا متلهفة للحظة التي يفجعه فيها بالخبر لأشمت فيه وهو يزأر كالأسد ، جلست بجانب عمي رياض ودخلت عمتي سعاد يتبعها أشرف وخلفه وائل وجلس الجميع
وقال أشرف بابتسامة جانبية " لا تجمعنا مع هذه الأفعى ، إلا ومصيبة في الأمر "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " لا أفعى إلا زوجتك المستقبلية يا قيس النساء "
وقف وقال بغيض " انظروا للوقحة "
قاطعه عمي رياض بحدة " أجلس أنت من بدأ منذ البداية "
جلس وقال بسخرية " كنت أخبرتني منذ البداية أنك تريد الزواج كنت بحثت لك عن واحدة بدلا عن هذه "
قلت بسخرية " ومن ستكون هذه "
ثم أشرت له بيدي موجة للأعلى ليفهم أنها جوجو ثم قلت " أم لا تكن "
ثم أشرت له بحركة غنج وكأني أمضغ العلكة ليفهم أنها أسوم
فضحك بصوت مرتفع هو ووائل وقال " أقسم لو لم تتزوجها لتزوجتها أنا "
قلت بتقزز مشيرة له بإصبعي " يع أنا أتزوجك أنت "
أمسك وسادة الأريكة ليرميني بها فقال عمي رياض بضيق " توقف ويكفي كلاكما وأنتما كالأطفال "
فأشار لي بأصابعه على أنيابه نازلا بهم لأفهم مقصده وهي أفعى فلم أرى سوا الوسادة التي ضربته على وجهه
ونظرت من فوري للمكان الذي انطلقت منه فكان فراس
وقال عمي رياض " إن انتهت المهزلة دعونا نتحدث "
قلت بتذمر " هم البادئون دائما لما جميعهم علي "
قال وائل ضاحكا " أنا معك "
قلت ببرود " نعم بدليل أنك تجلس بجانبه وتضحك "
قال عمي رياض " المهم لدي ما أقوله لكم لأنام فلا وقت لدي للعب الأطفال "
سكت الجميع ينتظرون حديثه الذي لا يجهله أحد إلا وائل وأشرف طبعا وتابع " رُدين ليست زوجتي "
شهق أشرف وانفتحت عينا وائل من الصدمة أما ذاك ثقيل الدم فلم يحرك ساكنا وينظر لي ببرود وكأنه يخبرني أني أعلم بذكائي فلوحت له بيدي بمعنى لا أبالي لك
وقال أشرف " كيف ولما قلت ذلك !! "
قال بجدية " لكي تعرفك على حقيقتك طبعا يا ابن رياض "
قال وائل بحيرة " خدعة إذا لتعيش معنا ! "
قال " شيء من هذا "
قال أشرف " ولما ؟؟ "
وقف وقال " لأسبابي الخاصة وما سأقوله الآن سينفذ ، فراس ستتزوج بها تفاهم مع والدتك من أجل الحفل ولتشتري رُدين كل ما يلزمها "
ثم غادر دون أن يضيف أي حرف آخر ))
أغلقت الرواية وقلت " لا أعلم أي حياة تنتظرهما وهما هكذا "
ضحكت وقالت " كم من حب كان بعد عداوة "
قلت بحيرة " لما الحب غريب هكذا وغبي ولا يعرف كيف يتصرف "
ضحكت كثيرا ثم قالت " لن يكون حبا إن لم يكن هكذا ، وزيدي عليه أنه حب أعمى "
تنهدت واكتفيت بالصمت فقالت " لم تخبريني كيف أمورك وذاك الشخص "
هززت رأسي دون كلام فقالت " سيئة لهذه الدرجة ؟ "
قلت بحزن " جدا وليتني لم أحبه يوما "
قالت من فورها " لما لا تتحدثي معه "
شهقت منتفضة وقلت " ماذا !! مستحيل "
قالت " أخبريني عنه إذا لأفهم لك منه "
هززت رأسي بلا دون كلام فضحكت وقالت " الحب لا يجدي معه الخوف والجبن يا سما "
قلت بعبوس " الرجال يتكلمون في هذا أليس كذلك "
ضحكت وقالت " من أين علمتِ "
قلت " لا أعلم أراه أمرا كالزواج الرجل من يتكلم فيه أو ستكون النتيجة كدعاء حين عرضت نفسها على نزار "
تنهدت وقالت " لا أريد لك الحزن والبؤس يا سما فالجرح في الحب أمر صعب وشديد ومؤلم جدا ويصعب نسيانه وشفائه "
قلت باستياء " ولا إيقاف الحب والشفاء منه أيضا "
ثم نظرت للساعة وقلت " تأخر نزار كثيرا "
ضحكت وقالت " قد ينفذ كلامه "
قلت بصدمة " ضننت أنه يمزح فقط "
رفعت كتفيها وقالت " لنجربه إذا "
قلت باستغراب " ألست قلقة عليه قد يكون مكروها أصابه "
قالت بابتسامة " بلى وقلبي يأكلني فهذا طبع الأم "
قلت من فوري " اتصلي به إذا "
قالت بعد ضحكة صغيرة " سنفسد اتفاقنا حينها "
وقفت وقلت " معك حق علينا أن نسخر منه حين يعود من تلقاء نفسه "
أعطيتها الرواية وأطفأت النور وصعدت لغرفتي غيرت ملابس وارتديت ملابس النوم ودخلت سريري
لكني كنت كمن ينام على الجمر المتقد فسرعان ما خرجت منه ونزلت لغرفتها وأشعلت النور فوجدتها تمسك هاتفها فقلت من فوري " هل اتصلت به "
ضحكت وقالت " فشلنا كلانا على ما يبدوا "
دخلت وقلت " علينا أن نطمأن عليه فلم أستطع النوم "
قالت وعيناها على هاتفها " لم يجب على اتصالي "
جن جنون نبضات قلبي حينها حتى ضننت أنه سيخرج من بين ضلوعي وقلت وعيناي تمتلئ بالدموع " هل حدث معه شيء يا ترى "
رفعت الهاتف لأذنها وقالت بعد صمت " أعذرني بني لكن نزار تأخر هل هو معك "
سكتت لوقت ثم قالت " لا يجيب على هاتفي "
" لا أتركني أجرب أيضا برقم آخر ثم سأتصل بك "
سكتت لوقت ثم قالت " حسنا وعذرا منك يا جابر أعلم أني أزعجتك وقت نومك "
تنهدت بعدها بضيق وقالت " وما تفعل خارج منزلك الآن أعان الله المسكينة التي تزوجتك "
" حسنا بني تصبح على خير"
ما أن أنهت المكالمة حتى قلت من فوري " ماذا قال لك "
قالت " قال خرج من هناك منذ ساعتين "
أمسكت قلبي فقالت " اتصلي به أنتي "
قلت وأنا أمسك دموعي كي لا تبدأ بالنزول " وما الفائدة فلن يجيب "
قالت " جربي وإن لم يجيب عليك سأتصل بجابر وسيعرف كيف يعلم ما به "
صعدت لغرفتي مسرعة وأمسكت بهاتفي واتصلت به فأجاب فورا فجلست على الأرض من خور قواي وقلت بدموع " نزار أين أنت "
قال ضاحكا " أمام المنزل منذ أكثر من ساعة ظننتك ستتركينني أنام في الشارع "
مسحت دموعي وقلت بحزن " أحمق لقد شغلتنا عليك ولا تجيب على هاتف والدتك "
قال " أمازلتِ غاضبة أم رضيتِ "
رميت الهاتف على السرير ونزلت مسرعة وفتحت باب المنزل وكان بالفعل جالس على مقدمة سيارته وهاتفه في يده فعادت دموعي للنزول مجددا فكم خشيت أن أفقده فأقسم أني سوف اجن حينها
نظر جهتي وقفز واقفا وتقدم ليدخل فسرت قبله راكضة وصعدت لغرفتي وأغلقتها خلفي لأكمل مسيرة بكائي وحدي مخافة أن يرى دموعي أو أفعلها مجددا وأرتمي في حضنه

انتهى الفصل
*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖
☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن