نزلت قاصدا المطبخ فلفت انتباهي غرفة أمي ضوئها لم يطفأ بعد , مؤكد سما معها ولابد وأنهما أعدا شيئا ليأكلانه من ورائي وأنا جائع ولم تشبعني البطاطا أبدا
نزلت بخطوات بطيئة لأمسكهم بالجرم المشهود فاستوقفني صوت أمي قائلةً" وكيف تحبين شخصا ولا تعرفي إن كنتي حقا تحبينه وإن كان يحبك "
قالت سما بحيرة " لا اعلم خالتي كل الأمور التي قلتِها لي تنطبق عليه وأشعر بها فما يعني هذا "
قالت أمي بعد ضحكة " يعني وقعتي في الحب بنيتي ولا تخافي منه فهذا شعور جميل فطر الله عليه البشر فقط البعض شوهه "
تنهدت وقالت " لما يحدث معي هذا "
قالت أمي " ألن تخبريني من يكون "
ساد الصمت طويلا وأنا أنتظر أن أعرف من يكون ثم قالت أمي " كما تريدين بنيتي فلن أضغط عليك وأي وقت تريدي إخباري تعالي وقولي لي لنجهز عليه معا "
سمعت حينها أصوات الأجراس في حداء سما وخطواتها تقترب قائلة " إذا تصبحين على خير الآن "
عدت أدراجي مسرعا ودخلت غرفتي وأطفأت النور وجلست على السرير بذهن شارد , ترى من هذا الذي تحبه سما , هل هو حسام أم أحد مدرسيها وقد يكون حتى من حراسها
آه نزار يا مغفل كيف تحبهم وهي لا تراهم إلا للحظات , قد يكون قريب لإحدى زميلاتها تعرفت عليه
حسنا وما علاقتي أنا بالأمر هل سأحاصرها في هذه أيضا بحجة أن لا يفسدها أحد فالحب شيء لا يمكن لأحد التحكم به
اضطجعت على السرير محاولا النوم لكن السؤال الذي لم يتركني أنام ولا اعرف لما ، هو من هذا الذي تحبه سما ولا تريد قول اسمه حتى لوالدتي رغم أنها حدثتها عن كل شيء يخص مشاعرها نحوه على ما يبدوا
نمت بعد وقت وعند الصباح وقفت في الأسفل أنتظرها أن تنزل لأوصلها فنزلت ودخلت غرفة والدتي وأنا اتبعها فساعدتها لتلبس حجابها ككل يوم منذ جرحت يدها وودعتها وخرجت تتبعني
كنت اليوم وكأني لأول مرة أراها وكله بسبب الفضول ووجدت نفسي لا شعوريا أركز على ملامحها وطريقة كلامها وابتسامتها لأراها بعين الشخص الذي تتحدث عنه
ثم خرجنا من المنزل وأوصلتها للمدرسة وكنت طوال الطريق أراقبها إن كانت تنظر لسيارة حرسها خلفنا أم لا فكانت لا تنظر لهم أبدا ونزلت للمدرسة ولم تلتفت ناحيتهم ولم تتركها عيناي حتى دخلت المدرسة
عدت بعدها للمنزل لأن والدتي طلبت مني أن أمر عليها قبل حصصي فما يكون هذا الأمر الذي لا يمكن تأجيله حتى أرجع هل تريد أن لا تسمعه سما ولا بالمصادفة لذلك اختارت وقت تغيبها عن المنزل أم هو بخصوص الشخص الذي تحدثت سما عنه معها !!
ولكن ما علاقتي لتخبرني عنه قد تكون والدتي تعرف من يكون من حديث سما الدائم عنه وستفتح معي الموضوع ذاته عن زواجها وتزويجها وتقول ختام الأمر ها قد أضعتها من يديك
نفضت كل تلك الأفكار التي سيطرت على عقلي اليوم ودخلت المنزل وتوجهت من فوري لغرفة والدتي
*
*
نظرت لها بصدمة وقلت " هل أنتي متأكدة يا سيلا " هزت رأسها بنعم وقالت بهمس " متأكدة سيدتي ورأيتها بعيني فكما تعلمي من كثرة ما أكلت من الكعك تلك الليلة معدتي كادت تقتلني
وعندما كنت متوجهة للأسفل لأشرب عصير الليمون عله يخفف ألمها رأيتها تحاول الدخول لجناحك والسيد وحين رأتني ادعت أنها تحمل الغسيل من الأرض وتنهي طريقها وأنا تعاملت مع الأمر بشكل طبيعي "
هززت رأسي بيأس وقلت " هي خادمتها المقربة ورفيقتها الدائمة ومؤكد فعلت ذلك بأوامر منها "
قالت " وما ستفعلين الآن هل ستخبرين السيد "
تنهدت وقلت " مؤكد سيعلم لكن عليا استغلال هذا الأمر لتلقين تلك العجوز درسا فسأبحث ذلك أولا "
قالت بتوتر " قد تطردني السيدة إن علمت فلا تخبريه فقط أغلقي جناحكما بالمفتاح "
هززت رأسي بلا وقلت " مستحيل لن أترك هذه الفرصة تفوتني ولا تخافي لن تتمكن من طردك وهي تعلم ذلك جيدا لأنها موقنة من أن جابر يثق بك ويعتمد عليك في كل شيء ومنذ سنوات "
هكذا إذا تتجسس على ما نقوله ليلا لتعلم ما يجري من ورائها عائلة تسكنك الرعب من أفكارها وتصرفاتها
فيكفي ابنها الذي كاد البارحة يوقف لي نبض قلبي حين سأل عن حملي ولو لم يرن هاتفه الخاص بالعائلة وجعله ينتفض واقفا لتأخر الوقت لكنت في خبر كان فأنا أعرف مدى ذكائه
فهو يقرأ حتى الملامح وردود الأفعال حين أجيب على سؤاله " سيدة أرجوان أنا أحببتك ولا أريد أن يخسرك السيد بسببها كما فعلت مع حسناء "
قلت باستغراب " وما دخلها فيما حدث مع حسناء "
فركت يديها بتوتر ثم قالت " لا شيء فقط خمنت أن تكون هي السبب "
غريب فما أعلمه أنها كانت من اختيارها هي وهذا ما فهمته من كلام جابر معها بخصوص زهور فلما ستتخلص منها
وسيلا لو كانت تعلم شيئا فلن تقول عنه لأنها في النهاية خادمة ولن تتق في أحد ولا حتى أنا وقد تكون خمنت ذلك فقط أو ترى أنها بسبب ما تفعله والدته هربت حسناء
نظرت لها وقلت " هل كانت السيدة الكبيرة تكيد كثيرا لحسناء "
قالت بعد صمت " لا أعلم سيدتي "
تنهدت بضيق تبدوا وفيه أكثر مما ينبغي أو خائفة فوق اللزوم قلت " حسننا علاقة السيد بحسناء كيف كانت "
قالت " كما أخبرتك كانا يتشاجران دائما "
قلت بفضول " عن ماذا تحديدا ألا تعلمي "
قالت بعد تفكير " لم تكن تتحدث كثيرا كانت تبكي لوقت طويل وفي مرة قالت أمامي أنها لم تعتد تحتمله ووالدته وأنه يطيعها حد العبودية "
قلت بهمس " أستغفر الله فلا عبودية لغير الله " إذا هو كان يراها تتشكى وتنتقده وهي تراه تابع لوالدته لمْ يبدوا لي كذلك أبدا أراه يحترمها كثيرا فقط ويعاملني حتى الآن بالحسنى
صحيح أنه جاف ومتحجر وغير موجود ولا مبالي لكنه ليس سيء لسان أو طباع حتى أنه يتقبل مزاحي أي ليس باردا كما كنت أراه
آه منك يا جابر أدفع عمري ثمنا لفهمك أو لترويضك وإن فعلتها سأكون أستحق وساما ذهبيا من رئيس البلاد ولن يكون ذلك إلا حين ينطق بأم لسانه أني مهمة في قلبه وليس حياته وانه لا يمكنه العيش بدوني وأنه يحبني
تنهدت وقلت بحسرة " آه ياله من حلم بعيد المنال يا أرجوان "
قالت سيلا بحيرة " ما هو ذاك "
وقفت وقلت " لا شيء لا تشغلي بالك وابقي بالقرب من الأولاد حتى أعود حسنا "
هزت رأسها بحسنا مبتسمة ونظرت أنا لهم وهم منشغلين بالقلعة وقلت " لا تتعبوا سيلا حسنا "
لم يجب أحد فابتسمت على أشكالهم وهم منسجمين في اللعب حد أنهم لا يعون لما حولهم وترف الأنانية تلك تجمع الدمى في ثيابها حتى امتلأت
خرجت من عندهم وأنا مطمئنة مادامت سيلا معهم ونزلت للأسفل
دخلت المطبخ ووقفت وقلت للخادمات " الطابق الثالث لا يصعده أحد غير سيلا إلا بأوامر مني مفهوم "
نظروا لبعضهم فقلت " لم أسمع ردا "
قالوا معا " مفهوم "
قلت مغادرة المطبخ " وأبلغوا الغائب بذلك " ثم عدت للأعلى بعدما نفذت الجزء الأول من مخططي
مؤكد ستكسر تلك العجوز كلمتي وأنا من ستجعل جابر يقولها لهم بنفسه وسأكسب جولة ثانية لإيهامها بأني من لا يعصي لها أمرا
عدت للغرفة ووقفت عند الباب وقلت " سيلا تعالي قليلا "
خرجت تتبعني وقلت بصوت منخفض " أين خادمة عمتي تلك الآن "
قالت بهمس " مؤكد تنظف جناح السيدة الكبيرة أو معها فيه لأنهما لم يخرجا اليوم "
قلت وأنا اسبقها " اتبعيني إذا لننهي المخطط "
نزلنا للطابق الثاني ووقفنا مبتعدتين عن جناحها نراقبه وانتظرنا قليلا حتى خرجت الخادمة فأشرت لها برأسي أن نعود للسلالم ثم نزلنا قبلها وكأننا لا نعلم أنها خلفنا
وقلت محدثة سيلا " كما اتفقنا يا سيلا أريد الليلة في غرفتي مميزة وسأطلب من جابر العودة مبكرا فلا تنسي جلب كل ما أوصيتك "
قالت من فورها " بالتأكيد سيدتي لن أنسى شيئا "
قلت ونحن ننزل آخر العتبات " وكما قلت لهن جميعا لا أريد غيرك في الطابق الثالث بأكمله اتفقنا "
ثم ابتعدنا عن مكان وجهتها وهي المطبخ وتركناها حتى دخلت وعدنا للأعلى لتعود سيلا حيث الأولاد وتوجهت أنا لجناحي
استحممت وخرجت بمنشفة الحمام ملفوفة حول جسدي وشعري الرطب يغطي ظهري وأكتافي وأخذت طلاء الأظافر وجلست فوق السرير
هو يأتي الآن أغلب الأوقات ، وسوف ألعب لعبته التي يغريني فيها بمنشفة الحمام يستعرض عضلاته وهو يعلم أن ذلك أكثر ما يرهق النساء ويلفت انتباههن
مضى وقت حتى شعرت بالضجر وبدأ شعري ينشف فدخلت الحمام مجددا بللته هو وجسدي وخرجت , أسوء ما في هذا الرجل أنه من سابع المستحيلات أن أحدد وقت عودته
ما أن خرجت من الحمام حتى سمعت باب الجناح يغلق فقفزت على السرير من فوري وعدت لطلاء أظافري وأنا اغني أغنية للعندليب عبد الحليم لأني بصراحة لا أحفظ غيرها
كانت لي زميلة في الثانوية من كثرة ما كانت ترددها حتى حفظتها عن ظهر قلب لأني لم أكن أسمع الأغاني كثيرا
انفتح الباب وأنا عيناي على قدماي مدعية أني لم أشعر به فوصلني صوته قائلا " من هذا الذي تهوينه "
نظرت له نظرة سريعة وعدت بنظري حيث كان وقلت " أخبرتك سابقا شخص لا تعرفه "
دخل ، وأغلق الباب خلفه قائلا " وهل تعلمي ما عقوبة هذه الخيانة يا سيدة أرجوان "
أدخلت خاتما في أصبع قدمي ومددتها له وقلت " ما رأيك سمعت عن هذا وسخرت منه لكن يبدوا ليس سيئا "
خلع سترته ورماها علي كعادته وقال " البسي ملابسك قبل الخواتم "
أبعدت سترته عني وقلت بلامبالاة ونظري على الخاتم رافعة قدمي قليلا " جناحي وغرفتي وزوجي ، أرتدي ملابسي أبقى من دونها ، شيء يحق لي دائما "
خلع قميصه واقترب مني وجلس بجواري وأمسك بالمنشفة وقال بمكر " وانزعيها إذا "
أمسكتها بقوة وقلت بضيق " جابر ماذا تفعل "
ضحك وقال " جناحي وزوجتي وأفعل ما يحلوا لي ثم لا شيء خفي عني تستحي منه "
ضربت يده وقلت " وقح كان ذاك كله في شبه الظلام أم تظنني مثلك تستعرض عضلاتك بمنشفتك كل ليلة "
شدني من خصري وقال " إذا تستعرضين أنتي أيضا الآن "
ابتعدت عنه بصعوبة وقلت " بسرعة سيد مشغول عليك أن تدرك قضاياك ماذا تفعل هنا للحمام فورا "
وقف ورفعني من على السرير ودخل بي الحمام فقلت صارخة وأنا أتمسك بعنقه " ماذا تفعل أخرجني الآن "
فتح على الحوض بقدمه لتدفق المياه له من كل جانب وقال بسخرية " ما رأيك في أن تعيدي حمامك مجددا سيدة مشاغبة "
تمسكت به بقوة أكبر وقلت برجاء " أرجوك جابر لا "
قال " إذا "
قلت " إذا ماذا "
قال بمكر " تعلمين ماذا "
قلت وأنا متمسكة به ووجهي في عنقه " آسفة ولن أقولها مجددا "
قال " لم افهمها "
أبعدت وجهي وقبلت خده وقلت " فهمتها الآن بالتأكيد "
قال بصوت مبتسم " ليس بعد "
قبلته أخرى وثانية وثالثة حتى ضحك وقال " غيري المكان "
شهقت بصدمة فقال " زوجك وحمامك وفي جناحك فنفذي بسرعة "
أخفيت وجهي في عنقه مجددا وقلت " مستحيل "
قال " إذا للحوض ومن هذا العلو فلن أنزلك برفق "
تمسكت به وقلت بخوف " لا لا انتظر "
نظر لي وقال بابتسامة جانبية " أنتظر ماذا "
قلت " أنزلني أولا "
أرخى ذراعيه من تحتي فقلت بذعر " لا جابر لا "
قال بهمس " يداي تعبتا وستقعين مني "
قلت برجاء " جابر أنزلني ثم نتفاهم "
رفع رأسه للأعلى وقال " واحد , اثنان ..... "
أبعدت وجهي عن عنقه وقلت " توقف "
نظر لي بصمت فعضضت شفتي ثم قلت بهمس " أغمض عينيك أولا "
هز رأسه بلا وشبه ابتسامة ترتسم على شفتيه فقلت " إن غرقت ستأخذ ذنبي "
زادت ابتسامته ولم يعلق فقلت " وأخبر الأولاد أنك السبب يا رجل العدالة "
أمال رأسه وهمس في أذني قائلا " لا شيء ورائي غيرك "
قلت بسخرية " سنرى إن لم يرن هاتفك بعد قليل ، وترميني للخلف وتركض له "
ضحك بلا شعور منه ثم قال " حسنا ننتظر ونرى لكن إن تعبت فلا تلومي إلا نفسك "
خبأت وجهي في عنقه وقلت " أغمض عينيك جابر "
قال ببرود " قلت لا ثم من يسمعك لا يصدق أنك زوجتي من مدة " وهذه نتائج مشاغبتك ومخططاتك يا أرجوان انقلبت عليك
يا إلهي مما مخلوق هذا الرجل كيف يريد مني أن أفعلها فأنا لم أفكر فيها سابقا , ابتعدت عن عنقه مسلمة أمري لله تجنبت النظر لعينيه لأني حينها سأفضل حوض الاستحمام على فعلها
قربت وجهي ببطء وأغمضت أنا عيناي بدلا عنه ولا أعلم أي مشاعر انتابتني حين تلامست شفتينا وكأنه لم يقبلني قبلا فلم أعتقد أنه حين ستكون مني سيكون الأمر مختلفا
لم أزد على ما فعلت شيئا فأرخى يديه وكأنه سيوقعني فتمسكت به بقوة لتتحول شبه القبلة تلك لقبلة حقيقية ولا أعلم أي جنون أصبح يقودني حينها لفعل ذلك بحرفية وأي مشاعر اجتاحتني وأنا من يقدم على ذلك ويقوده
وفي غمرة ما كنا فيه جفلت وابتعدت عنه حين استفقت لنفسي ولم أعرف أين أختبئ منه فقلت هامسة ببحة وعيناي ما تزالا مغمضتان " أنزلني "
وصلني صوته هامسا " أين بالتحديد "
قلت " للأرض طبعا "
ضحك ضحكة صغيرة وقال " أعلم للأرض فأي أرض منها "
قلت بضيق " جابر أنزلني "
قال بمكر " افتحي عيناك لتفهمي "
فتحت عيناي ببطء ثم صرخت من الصدمة وغطيت جسدي بالمنشفة جيدا فضحك
وخرج بي من الحمام ورماني على سرير الغرفة وقال وهو يتوجه للخزانة " لا ينقدك مني في كل مرة سوى تعمدك لهذه الأوقات "
أخرج منشفة من هناك وعاد جهة الحمام فخرجت من السرير وقلت وأنا أعدل منشفتي " جابر انتظر "
وقف مقابلا لي ودفعني بإصبعه من جبيني حتى أوقعني جالسة على السرير وقال " أرجوان ابتعدي عني فلا وقت لدي "
ثم دخل الحمام وأغلقه خلفه فتأففت وتوجهت لغرفة الملابس ارتديت فستانا قطنيا عند الركبتين وخرجت
سرحت شعري وتركته مفتوحا ثم نظرت لقدمي ومددت يدي لها ثم غيرت رأيي وتركت الخاتم فيها
وضعت كحلا وأحمر شفاه وسمعت باب الحمام يفتح فرميته بسرعة في الدرج وأغلقته فخرج حينها بالمنشفة فلم أستطع إمساك ضحكتي فقال مبتسما وهو يتوجه نحو الخزانة " أرجوان يكفي يا طفلة "
توجهت نحو بذلة عمله وشغلت نفسي بنزعها من علاقتهم ثم التفتت له ومددت له بالبنطلون فأخذه ولبسه وأعطيته القميص بعدها فمد يده وقال " ألبسيه لي ما تغير اليوم "
رميته عليه وقلت " اليوم لا "
مد خطوته ، وأمسك ذراعي وقربني له وقال " تعالي ... تعالي , ماذا تعني باليوم لا "
قلت ونظري على صدره بالقميص الأبيض الداخلي مشدودا عليه " لم أعني شيئا "
فلم أشعر سوى بقبلته المجنونة التي أشعر أنها اليوم غير عن كل مرة ولا أعلم صدرت منه مختلفة أم أنا بت أشعر بها مختلفة عن قبل
وبعدما ابعد شفتيه وقد أثملني اتكأت على صدره وقلت وبدون حتى أن أرتب كلماتي ككل مرة " جابر كن بخير من أجلي "
وما أن أنهيت كلماتي حتى رن هاتفه فأحطت جسده بذراعاي بقوة وقلت بصوت ضعيف " اعتني بنفسك جابر من أجلي أرجوك "
طوقني بذراعيه وقال بصوت مبتسم " وأين الأولاد هذه المرة "
ابتعدت عنه دون كلام ورفعت القميص من الأرض وألبسته له ثم ربطة العنق في صمت من كلينا وقلت وأنا أربطها ونظري عليها " متى سترجع الليلة "
وصلني صوته قائلا " ولما تسألي على غير العادة "
توجهت للسترة وأمسكتها قائلة " هل ستتأخر كثيرا "
ألبستها له ولم يجب فلكمت صدره بقبضتي بخفة وقلت " جابر تكلم "
قال وهو يغلق أزرارها الفضية " يحق لي الصمت متى أريد مثلك "
توجهت نحو هاتفه الذي لا يتوقف عن الرنين ورميته له بقوة فالتقطه وقال " هل تنوين تحطيمه يا أرجوان "
قلت بضيق وأنا أجمع ثيابه " لو بيدي لفعلتها "
قال بتحذير " أرجواااان "
ضحكت ضحكة صغيرة ثم توجهت نحوه وقبلت خده فقال ويديه وسط جسده " لم تعد تفي بالغرض "
رفعت له هاتفه لأذنه وقلت وعيناي في عينيه " ستكون أنت الخاسر فقد تحدث أمام والدتك أو أبنائك "
أجاب على الهاتف مبتسما وقال " نعم "
سكت لوقت ثم قال " نعم لدي سأجلبه معي وداعا "
أنهى بعدها المكالمة وجلس على السرير يلبس حدائه وقال وهو يربطه ونظره عليه " هل هناك ما يستحق "
قلت باستغراب " في ماذا !! "
وقف وقال مغادرا الغرفة " إنسي الأمر "
تبعته أجاري خطواته قائلة " جابر لا تسرع "
خفف من خطواته دون أن ينظر للخلف حتى أدركته وصرت أسير بجانبه وقلت ونحن ننزل السلالم " هل أخرج بالأبناء ... مرة فقط "
قال وهو يعدل سلاحه " لا يا أرجوان وسبق وتحدثنا في هذا الأمر ولا أريد أن نقول لاحقا ليت ما كان لم يحدث "
قلت بهدوء " وهاهم يخرجون للمدرسة "
قال وهو يتوجه جهة مكتبه في الأسفل " أفكر جديا في تدريسهم في المنزل وحتى الامتحانات سيقدّمون عليها هنا "
فتح باب المكتب ودخل فتبعته قائلة " متى قررت ذلك "
وقف وقابلني وقال ببرود " أرجوان ما الذي تريدين الوصول إليه "
نظرت للجدار خلفه وقلت بتنهيدة " ما عساي أقول غير أمري لله "
توجه نحو الخزانة فتبعته وقلت " وحتى متى ذلك "
نزل مستندا بساقيه أمام المكتبة وقال وهو يفتح الرف السفلي فيها " حتى تنتهي سلسلة الجرائم هذه "
ملت عليه وحضنته من الخلف مطوقة لعنقه بذراعاي وقلت بهمس " لم تخبرني متى ستعود الليلة "
أخرج شيئا من الخزانة ، ووقف وقابلني فقلت مبتسمة " أعني هل ستعود مبكرا "
قال " ولما "
نظرت جانبا وقلت بتذمر " جاااابر "
قبل شفتاي سريعا وقال مغادرا " سأحاول "
راقبته حتى خرج من المكتب ثم مررت أصابعي على شفتاي مبتسمة وخرجت , جيد فها قد علّمت الحجر كيف يقبلني من حين لآخر وهذه خطوة كبيرة لم أتخيل أن أنجزها بسهولة
غادرت المكتب وعدت للأعلى بسرعة لأني تركت الأولاد كثيرا وما أن وصلت للطابق حتى لاحظت حركة الخادمات ازدادت فيه وكأن المطبخ أصبح هناك
جيد تريد أن تريني أن كلمتها النافذة ورأيي في الأرض سنرى يا عمتي العزيزة
*
*
نظرت بحيرة لما في يديها وقلت " ما هذا !! "
رفعت كتفيها وقالت " سيد رضا طلب مني أخذه لك "
ما أن سمعت اسمه حتى شعرت بالألم وبقلبي يغلي من الغيظ , من أخبره أن ذكره يؤرقني ويكدر صفوي وهو أحب أن يزعجني هكذا
أخذت الحقيبة الورقية منها وأخرجت ما فيها فكان نموذجا مصورا لمحل مشهور من الماركة الموجودة عليه فتحته وورقت بعض أوراقه فكانت صور لفساتين خطوبة وإكسسوارات وعطور وماكياج
ورقت باقي أوراقه بسرعة ثم رميته على الأريكة وقلت بضيق " لا تأتيني بشيء منه ثانيتا "
نظرت لي باستغراب فتنفست بقوة مهدئة نفسي ثم قلت " حين يعود أعطيه له وقولي زهور قالت الأمر لا يحتاج "
هزت رأسها بحسنا دون كلام ثم قالت بهدوء حزين " ستتزوجين وترحلي سيدتي لقد اعتدت عليك لسنوات كثيرة "
قلت بشرود وابتسامة حزينة " لا تخافي سأعود لك بسرعة "
قال بصدمة " ولما "
نظرت لها وقلت " اتركيني وحدي "
خرجت من فورها وتركتني وحدي فهذا حالي منذ أربع سنوات إما معها أو وحدي ولو كان الأمر بيدي لبقيت من دونها
نظرت للخطوط في كف يدي لتعود لي الذكريات التي لا تتركني (( " رضا ما تعني هذه الخطوط "
أمسك بكفي وقال وهو يتبعها بسبابته " هذا طريق منزلكم وهذا طريق المدرسة وهذا طريق الشارع الذي أهربك له لتلعبي فيه "
قلت بابتسامة " وهذا "
نظر لوجهي وقال بابتسامة " هذا طريق قلبي "
ثم نظر لكفي وقال وهو يتابعه بسبابته " ويصل إلى منزلكم هنا "
ضحكت على الكلمات التي لم أفهمها حينها فرفع كفي وقبله قبلة طويلة ثم غطى فعلته بمشاغبته الدائمة بأن بدأ يعضه بأسنانه وأنا أضحك ))
ضممت كفي لحضني وسافرت بي الذكرى مجددا لبعد ذاك اليوم بسنوات حين أمسكه مجددا وقال ونظره عليه " زهور هل تذكري حين قرأت لك كفك في طفولتك "
سحبته منه وقلت بخجل الأنثى " لم تكن قراءة بل قل شرطي مرور "
ضحك بقوة ثم نظر لوجهي بتركيز وقال " ليته كان بإمكاني قراءته لأعلم عن مستقبلنا حبيبتي "
غادرت من أمامه مسرعة وأنا أقول " والدتي ستفتقدني وقد تخبرها إحدى الخادمات عن مكاني وداعا "
وركضت عائدة للقصر ولا أعلم خروجي للحديقة في ذاك الوقت من أجل الزهور أم لأراه وهل يأتي هو من أجل الزهور كما يقول أم ليراني
أبعدت كفي عن حضني ووقفت وتوجهت من فوري لمرآة الخزانة ونظرت لظهري فيها وأنزلت حمالة الفستان
لتكشف عن تلك الآثار بل عن ذكرى ذاك الضرب الوحشي كي لا أنسى ما سببه لي المدعو رضا وكي لا تتغلب الذكريات الجميلة على التعيسة فلا أسوء من تلقي ذاك الضرب من ذاك الزوج سوى أني لازلت عروسا والأسوأ من كل ذلك أني لا أفهم حتى السبب
قبضت على حمالة الفستان بقوة ونظرت للأرض لتتساقط دموعي عليها ولا أعلم أبكي الماضي أم الحاضر أم ما بينهما أعدت حمالة الفستان ثم مسحت دموعي وابتعدت عن المرآة وعن كل أفكاري تلك
ستنتقمين لنفسك يا زهور نعم ستأخذين بحقك منه وتجرعيه ما جرعك منه ومن نفس الكأس خرجت لردهة الجناح وتوجهت لحوض الأسماك وأنزلت لهم الطعام من العلبة المخصصة له لينساب وسط الماء
ويبدؤون التسابق له وأنا أشاهدهم بتركيز وأتابع حركتهم بحدقتي عيناي ليبعدها عنهم طرقات متقطعة وخفيفة على الباب وكأنها من أكثر من شخص ومن أيدي صغيرة ومنخفضة الطول
نظرت للباب مطولا بتركيز ثم قلت " تفضل "
انفتح الباب لتظهر من خلفه فتاة قصيرة تقف على أطراف أصابعها لتفتح مقبضه بجديلتين لشعر بني شديد النعومة وملامح جميلة وابتسامة قالت خلالها " عمتي زهور هل ندخل "
هذه ترف ابنة جابر إذا , بقيت أنظر لها بصمت حتى اندفعت للأمام بقوة ليظهر من كان خلفها وقال الفتى ملتفتا للخلف " بيسان لا تدفعيني "
ألتفتت لهم ترف بعدما استوت في وقفتها وقالت بضيق " انظرا كيف أدخلتماني قبل أن تأذن لنا سأخبر ماما عنكما "
أشارت لها بيسان بيدها أن ترجع للخلف فركضت باتجاههم ووقفت معهم عند الباب ونظرت لي وقالت بابتسامة " لم ادخل عمتي أنتي هيئ لك فقط "
لم استطع إمساك ابتسامتي لتتحول بعدها لضحكة صغيرة ثم قلت " ادخلي يا ترف "
دخلت وقالت وهي تتوجه نحوي ونظرها عندهم ملوحة بيدها لهم " لم تقل أنتما قالت ترف "
فوضعت بيسان يديها في وسطها ومدت شفتيها مستاءة ووصلت ترف عندي وحضنت ساقاي قائلة " كم أنتي جميلة عمتي أجمل من بيسان وفستانك أجمل من فساتينها "
حملتها عن الأرض وقلت " أدخلا بيسان أمجد "
دخلا وأغلق أمجد الباب وأجلست ترف على الأريكة وجلسا بجانبها وجلست وقلت وأنا أتلمس جديلتها الحريرية التي تصل لعنقها " كانت فكرة من فيكم لتأتوا إلي "
قالت ترف من فورها مشيرة لهم بيدا " أصمتا أنا أجيب وحدي "
ثم نظرت لي وقالت وهي تمسك خيطا من خيوط فستاني المتدلية من كتفه " ماما قالت لنا وأذنت لنا أن نزورك قليلا , أنتي جميلة عمتي "
أمسكت وجهها الصغير بيداي وقلت " وأنتي كذلك "
قالت بسرور " أجمل من أمجد ؟ "
لم استطع إمساك ضحكتي فقفزت من على الأريكة وقد انتبهت للتو لحوض الأسماك فألصقت وجهها به وبخار تنفسها شكل دائرة عليه وقالت بدهشة " سمك حي "
نظر لي أمجد وقال " هل نقترب منه عمتي "
هززت رأسي بحسنا فتوجه له هو وبيسان أيضا وقالت بيسان بصوت منخفض " ستري من ماما يا ترف ألم تقل لا نتحرك ولا نلمس شيئا إلا إن أذنت لنا عمتي زهور "
لم تهتم لها طبعا لأنها كانت تتابع حركة إحدى الأسماك بإصبعها ونظرها عليها ولا تزال ملتصقة بالزجاج
ثم نظرت لي وقالت " ونحن لدينا قلعة فيها جنود كثيييير وأناس في الداخل لا يخرجون أبدا هل تأتي معنا لتريها "
قلت بابتسامة " في وقت آخر "
عادت بيسان وجلست معي على الأريكة وقالت " ماما قالت لنا قليلا ونخرج "
قلت وأنا العب بغرتها الشقراء " لما قالت لكم أن تأتوا إلي "
رفعت كتفيها وقالت " هي قالت أنك تحبيننا وعلينا أن نزورك لكن قليلا ومتى ما هي سمحت لنا "
قلت " ما أسم والدتك "
قالت من فورها " أسمها أرجوان هي كانت شقيقتنا نناديها ماما ثم ظهر أنها ليست شقيقتنا ووالدنا حي ثم أصبحت معنا هنا وترف تقول أن بابا اكتشف أنها ابنته أيضا "
توجهت ترف نحوي وقالت بحيرة " نعم ولكن ماما تنام معه ونحن لا وهي ابنته مثلنا هل يحبها أكثر منا "
ضحكت هذه المرة ضحكة شعرت بها خرجت من عمق قلبي فقالت بتفكير وأصبعها على فمها الصغير " لكن ماما قالت أنهما متزوجان "
أمسك أمجد بيدها وقال وهو يسحبها معه " هيا لنخرج هيا بيسان "
قلت " لما تريدون الخروج "
قال وهم يتوجهون نحو الباب " ماما ستغضب منا إن تأخرنا "
حيتني ترف عند الباب قائلة " سنأتيك ثانيتا "
ابتسمت لها وبادلتها التحية ثم ركضت بيسان عائدة ناحيتي وقبلت خدي وقالت " وداعا عمتي "
ثم خرجت خلفهم وأغلقت الباب , وأنا انظر لهم بذهول لما والدتي ترى أن طريقتها فقط صحيحة في التربية وها هو أكبر دليل أمامها
*
*
" هل يمكنك التحدث سيدة عفراء "
قالت بصوت ضعيف متعب " قليلا "
قلت بهدوء " سأسألك وأجيبي بنعم أولا فقط , لن أتعبك هذه المرة "
هزت رأسها بحسنا ثم قالت بتعب " هل ستسجنني "
قلت بابتسامة " لا أبدا "
نظرت لي باستغراب فقلت " سما تعرفينها مؤكد "
انفتحت عيناها من الصدمة وقالت وتنفسها اطرب كثيرا " سما مااااا بها أااااين هي "
أمسكت يدها وقلت " اهدئي هي بخير وهي من أثبتت لنا أنك بريئة من كل جرائم زوجك "
نزلت منها دمعة في طرف عينها وقالت بهمس ضعيف " مسكينة تلك الفتاة "
قلت بجدية " عليك أن تساعديها وتساعدينا "
هزت رأسها بلا وقالت " لا شيء لدي مفيد "
قلت " قد يكون غير مفيد بالنسبة لك لكنه مهم بالنسبة لنا "
هزت رأسها بحسننا فأريتها مجموعة صور لأشخاص إن كانت رأتهم ولم تتعرف إلا لشخص واحد ثم أشارت لي بورقة
وقلم فقلت بأمر لمن خلفي " ورقة وقلم بسرعة "
مدهم لي وناولتهم لها فكتبت بيد مرتجفة ( خالد الصقار )
ثم سقطت يدها وغابت عن الوعي فتقدم نحوها الأطباء وخرجنا جميعنا ونظري على الورقة , لم تخبرنا على الأقل ما علاقتها به وعلاقته بهم ومن صاحب الصورة
فسلمتهم الورقة وقلت " أريد كل من يحمل مثل هذا الاسم عندي في أقرب وقت "
ثم تابعت سيري قائلا " اتصلوا بأسعد وعمموا الاسم على جميع المراكز ولا أريد أن يخرج من البلاد كل من يحمل ذات الاسم "
خرجت من المستشفى وركبت السيارة متوجها للوزارة هذه المرة
*
*
قالت بهمس " جد حلا لابنتك هل يعجبك حالها "
نظرت لها وهي تغير ثياب عدي وقلت " أمازلت على صمتها "
تنهدت وقالت " وكأنها بكماء لا كلام ولا مدرسة حتى والطعام تأكله بالحيلة "
تأففت في صمت فقالت " هل تحدثت مع معتصم "
قلت بذات الهمس " قال اتركوها قليلا وسيتصرف في الأمر "
وقفت بتول حاملة عدي بين يديها وصعدت به فقلت بأسى " لم أتخيل أن تكون النتيجة هكذا وصمتها أكبر دليل على إصرارها على الطلاق منه "
قالت ببرود " لم أوافقك منذ البداية فجد حلا لأفكارك "
وقفت وقلت " مادام رضا لم يؤثر فيها ويخرجها من صمتها سيبقى جابر فقط فلن تصمد أمامه وسيجعلها تتحدث وإن مجبرة "
نظرت لي للأعلى وقالت " قد تكون لا تريد الحديث إلا معه ألم تقل سأطلب من جابر أن يجبره على ذلك "
تنهدت بقلة حيلة وأخرجت هاتفي واتصلت به كثيرا ولا يجيب لتصلني بعدها رسالة منه وفيها ( أعذرني يا عمي سأتصل بك فيما بعد إن كان ثمة شيء ضروري أرسله لي في رسالة )
أعدت هاتفي لجيبي وخرجت أتنفس النسائم الليلية فووقفت أميرة بجانبي قائلة " ما رأيك في الشاي في الحديقة لم نفعلها منذ وقت "
ابتسمت وقلت " فكرة جيدة مادامت بتول تمسك عدي عنك "
ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " لا اعلم كيف سأتصرف إذا ما ذهبت مع زوجها "
ضحكت كثيرا ثم قلت " ظننتها مدللة ولا تصلح لشيء "
سحبتني نحو الطاولة قائلة " لا توجد أم لا تتذمر من ابنتها لكنها يدي اليمنى وصغيرة ويعز عليا فراقها "
دخلت بعدها وأحضرت الشاي وقضينا وقتا كليالينا السابقة
*
*
دخلت القصر وأنا أنظر لساعتي , لقد تجاوز الوقت منتصف الليل بقليل وفقدنا المدعو خالد على ما يبدوا لكن مخططي نجح وعلمت أن ذراعا قوية وراء كل ذلك وأنا لست سوى غطاء لأعمالهم
ينقصني فقط أن أعرف من يكون أو يكونون هؤلاء دخلت الجناح ولا شيء سوى الصمت
أعادتني مبكرا لأجل لا شيء وويلها إن كانت نائمة , فتحت الغرفة وكانت خالية اقتربت من السرير وكان عليه وردة بيضاء وبطاقة
رفعتها وقرأت ما فيها وكان مكتوب ( مطعم النرجسة البيضاء يدعوكم للعشاء على شرف حرمكم اتصل بنا قبل أن تأتي ) ثم رقم هاتف أرجوان وبعدها مكتوب ( الدخول بمنشفة الحمام ممنوع )
ضحكت ووضعت الورقة في جيبي , أين ستكون تلك المحتالة وما سر العشاء ولما ليس هنا !!
غادرت الغرفة والجناح بل والطابق كله ونزلت للطابق الثاني وبما أني عدت مبكرا بعض الشيء فهي فرصتي للحديث معها
طرقت باب الجناح عدة مرات حتى جاء ردها قائلة " أدخل يا جابر "
دخلت ووجدتها تهم بالجلوس فوصلت عندها وهي قد استوت على الأريكة فقبلت يدها وجلست بجوارها
فقالت من فورها " عدت مبكرا الليلة "
قلت باختصار " نعم "
ثم تابعت " رضا يصر على عقد القران سريعا فانظري وزهور ما ترتيباتكم للأمر "
قالت من فورها وببرود " زهور مطلقة وتعلم بنفسيتها فلن توافق على حفل ولا شيء من ذلك "
نظرت للأرض وقلت " لكن رضا لم يسبق له الزواج ومن حقه أن نفعل ما يريد "
قالت بذات برودها " وما الذي يريده "
قلت " حفلا ولو عائليا جدا "
نظرت للبعيد وقالت " أقنعها هي بهذا وليس أنا رغم أني غير مقتنعة بكل هذه المهزلة ثم منذ متى كان رضا رجلا للزواج وليس لديه سوى الورق والكتب وسبق ورفضنا من يساوونه بعشر أمثاله "
قلت ببرود " اختيار زهور ولن نناقشها فيه "
قالت بضيق " ويوم ترجع مطلقة للمرة الثانية ؟ "
قلت بجدية " سأقف معها وتتزوج متى تريد ومن تريد "
وقفت وقالت بضيق " جابر لاحظ أنه لم يعد لي عندك رأي "
وقفت وقلت " وشيء آخر خلافاتك وأرجوان شيء مثلما لا يظهر لي لا يظهر للناس "
نظرت لي نظرة ثاقبة وقالت " ما تعني بهذا "
قلت " أعني لا داعي أن يعلم الخلق أنكما لستما على وفاق تاريخها وماضيها وسبب زواجي بها أشياء لا داعي أن تذكر لهم "
قالت بسخرية " وهذا كلامك أم كلامها وأنت لا تحظر تجمع النساء "
نظرت لها وقلت " تعترفين إذا أن ما قلته حدث بالفعل "
أشاحت بنظرها عني ولم تتحدث فقلت " أنا لم أتراجع عن كلامي وما بينكما لا دخل لي به إلا ما رأيته خطأ فسأغيره رغم أنف الجميع وكلامك عنها أمام الناس شيء لم أحبه ولو فعلتها هي لكان حسابي معها شديدا "
اكتفت بابتسامة سخرية دون تعليق وكأنها تقول لي كلام بدون أفعال فقلت " إذا لا داعي لأن تجتمعا أمام الناس "
قالت بضيق " وما سأقول لهم وأسئلتهم لا تتوقف عنها "
قلت ببرود مغادرا " تتوقفين عن الكلام عنها أو لن تنزل لأحد "
خرجت من جناحها وأغلقت الباب ثم اتصلت بأرجوان نصف مزاجي تعكر بقي الآخر ستكون جنت على نفسها إن عبثت به
أجابت بعد وقت قائلة " مرحبا سيدي بما نخدمك "
وقفت في نصف الطريق وقلت " أرجوان لست بمزاج لك "
قال بذات هدوئها " عفوا سيدي الأكلة التي طلبتها غير موجودة "
قلت بشبه ابتسامة " لديكم واحدة بهذا الاسم تخرج أو حسابها معي عسيرا "
قالت بتذمر " جابر ما بك بارد هكذا "
قلت بسخرية " وكيف عرفت اسمي يا آنسة "
ضحكت وقالت " أنا لست آنسة "
قلت بنفاذ صبر " لدينا حجز على طاولة عندكم للعشاء "
قالت " تحت اسم من "
قلت وأنا أتابع سيري وأفتح كل باب أصله " لا أعلم "
ضحكت وقالت " كيف لا تعلم "
قلت " تحت اسم جابر حلمي "
قالت بعد قليل " هذا الاسم لم يحجز لدينا "
قلت وأنا أنزل للطابق الأول " إن وصلت لك أريتك نتائج أعمالك هذه "
قالت ببرود " إن كان لك طلب سيدي ورائي عمل كثير "
قلت وأنا أتوجه جهة غرفة الطعام " ابحثي عن اسم أرجوان فارس "
قالت " نعم موجود "
فتحت الغرفة فلم يكن هناك أحد فقلت
" أين مطعمكم هذا إذا فزوجتي تنتظرني هناك "
قالت " نعم المسكينة كلما انتهت شمعة طلبت غيرها حتى أكملت علينا الشموع في مطعمنا "
قلت بابتسامة وأنا أتوجه جهة المطبخ الداخلي " أطردوها إذا وارتاحوا منها "
قالت " أين أنت الآن لندلك على المكان "
قلت " في الطابق الأول يا متعبة وعند المطبخ "
ضحكت فقلت بضيق " نعم اضحكي سترين حسابك مني "
قالت ببرود " عذرا وما ذنبي أنا وأنا مجرد عبد مأمور في قسم الاستقبال والحجوزات "
صعدت من الطابق لأنه من ضحكتها ليست فيه بأكمله وقلت
وأنا اصعد الدرجات " أنا الآن في الطابق الثاني ولست فيه طبعا لأني فتشته "
قالت " اصعد بعد سيدي "
صعدت للثالث وقلت " والآن "
قالت " بعد "
قلت " أين فلم يتبقى سوا الجدران هل أتسلقها "
ضحكت ضحكة طويلة ثم قالت " كم هي محظوظة زوجتك بك ومعها حق تنتظرك وتبدل الشموع منذ وقت "
قلت بمكر " هل تتغزلين في زبائنكم يا وقحة "
قالت بضيق " أنا لست وقحة ولعلمك زوجي له مركزه وسينهيك من على وجه الأرض "
استندت بيدي على الجدار وقلت " حقا ... لقد أخفتني وما تصنعين أنتي في مطعم وزوجك بمركز مرموق "
قالت ببرود " خصوصية لا أحد يتدخل بها "
ضحكت وقلت " ولعلمك أنا أيضا لي زوجة إن سمعتك ستقطع لسانك لأنها تغار كثيرا "
سكتت حتى ظننتها اختفت فقلت " هيه أين ذهبتِ "
قالت " أصعد قليلا لتجد زوجتك وأرحني منك "
قلت بسخرية " لم أراك علقت على جملتي الأخيرة "
قالت " بسرعة زوجتك الغيورة أهلكها البرد "
قلت بصدمة " أرجوان يا غبية ما تفعلين هناك "نهاية الفصل
ودمتم بكل خير أحبتي
*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖
☆☆☆☆☆☆
أنت تقرأ
أوجاع ما بعد العاصفة
غموض / إثارةكم حملنا من جراح وحمّلنا الغير إثم وجودها على وجه الأرض وهم لا يعلمون أنها خرجت من عمق أوجاعنا للكاتبة برد المشاعر