*|🔢|:☟البــ(الخامس)ـــارات☟*

110 7 1
                                    

مر يومان آخران وأنا أحاول التحدث معها وعذلها عن قرارها المجنون وبلا فائدة , لقد جنُت وسن بالتأكيد لا ورفضت حاجيات المنزل التي أحضرها الرجل المكلف بإيصالها لنا ولم تذهب للجامعة منذ أسبوع وتخرج كل يوم لتبحث عن عمل
لو علم نواس فسوف يجن جنونه بالتأكيد واستغرب أين يكون عنها كل هذا , ارتديت حجابي وحملت حقيبتي وغادرت المنزل متوجهة من فوري لمنزل خالتها فعليا مقابلة جواد الذي لم ينتهي غضبه مني حتى الآن وكأني المذنبة وليس شقيقه
وصلت منزلهم وطرقت الباب ففتحت لي الخادمة وقالت من فورها " مرحبا سيدة فرح تفضلي "
تنهدت بضيق كم أكره كلمة سيدة هذه لأنها تشعرني أنني عجوز , لما وسن آنسة وهي أكبر مني بعامين وأنا السيدة , كله بسبب هذا الجواد , دخلت في صمت
وتوجهت من فوري لغرفة والدته وطرقت الباب وفتحته فوقفت الممرضة الخاصة بها وقالت بهمس " نامت للتو "
هززت رأسي لها بحسناً وخرجت وأغلقت الباب بهدوء ثم توجهت للمطبخ حيث الخادمة وقلت " هل جواد هنا "
قالت " نعم في غرفته قال سينام منذ وقت "
ما هذا النوم وقت المغرب !! تركتها وتوجهت لغرفته من فوري وفتحت الباب بهدوء فكانت مظلمة تماما
أغلقت الباب واقتربت من سريره وشغلت ضوء السرير ونظرت له مطولا بابتسامة وهوا يغط في نوم عميق تغضب مني إذا كل هذه الفترة ولا تجيب على اتصالاتي
قربت وجهي من وجهه ونفخت بهدوء على عينه فتغيرت ملامحه قليلا دون أن يستيقظ , كتمت ضحكتي وكررت الحركة مجددا وهو على حاله
فلم أشعر سوى بذراعيه تلتف حول خصري وأوقعني على صدره وكبلني بهما فقلت بضحكة " لقد أفزعتني أيها الممثل أبعد يداك عني "
شدني بقوة أكبر حتى كدت أختنق وقال من بين أسنانه " كيف تدخلين دون إذني ها , وتضايقينني أيضا "
قلت بصوت مختنق " جواد أقسم أنك تخنقني اتركني الآن "
انقلب بي على السرير لأصبح في الجانب الآخر وهو جالس يمسك ذراعاي مثبتا لي على السرير ثم قرب وجهه مني وقال " ما الذي تفعلينه هنا ألا تعلمي أني غاضب منك ولا أريد رؤيتك "
قلت بابتسامة صغيرة " لكني لست غاضبة منك فما المانع من قدومي "
ضغط على ذراعاي أكثر ووضع أنفه على أنفي وقال " ما الذي تفعلينه في غرفتي أجيبي "
قلت بابتسامة ماكرة " أسرق زوجي هل لديك مانع "
ابتعد عن وجهي قليلا وضحك ضحكة صغيرة فقلت بهدوء " أترك يداي جواد بسرعة "
هز رأسه بلا دون كلام فقلت " اتركني أجلس ونتحدث بروية "
هز رأسه مجددا وهوا يقول " تئ تئ تئ "
قلت بضيق " ما الذي تريده بهذا "
قال بابتسامة جانبية " ستتلقين عقابك "
رفعت حاجباي وقلت " وما يكون هذا العقاب "
قرب شفتيه من أذني وهمس قائلا " ما تحرمينني منه دائما وأنتي زوجتي "
حركت رأسي وقلت " جواد أحذرك ابتعد فورا "
غمز بعينه وقال " قبلة صغيرة فقط لا تخافي "
قلت بغضب " جواد يا مجنون قلت لا يعني لا "
اكتفى بابتسامة جانبية ونظره على شفتاي فقلت بحدة " جواد أقسم أن اصرخ بكل صوتي "
رفع رأسه وضحك ثم نظر لي وقال " ستضعين نفسك في موقف سيء فهذه غرفتي وأنتي من دخلت لها بملء إرادتك فجِدي لك حجة أمامهم حينها "
قلت بجدية " وسن تركت الجامعة "
نظر لي بصدمة فتابعت " ورفضت أغراض المنزل أيضا وتبحث عن وضيفة "
افلت ذراعاي من قبضة يداه وقال بحدة " مجنونة كيف تفعل ذلك "
جلست مبتعدة عنه أمسد ذراعاي وقلت بضيق " آلمتني يا متوحش غيرت رأيي لن أتزوج بك "
قال بنظرات جامدة " منذ متى لا تذهب للجامعة "
قلت بهدوء ونظري للأسفل " منذ اليوم الذي عادت فيه من المستشفى "
وقف وقال بغضب " مجنونة هذه الفتاة , لو علم نواس سنكون في مشكلة جميعنا "
شغل الإضاءة وتوجه للخزانة فتح بابها بقوة وأخرج ثيابه فقلت " ماذا ستفعل "
نظر لي وقال بغيض " سأستحم وأذهب لها أو له .... هل ستمانعين "
وقفت وقلت بضيق " جواد لا تفرغ غضبك بي جئت هنا أريد أن نصلح الأمر "
قال بسخرية " يا سلام ومن التي أفرغت غضبها بي يومها أليس أنتي "
تنهدت وقلت بهدوء " أنا آسفة أعلم أنني أخطأت ولكنه .... "
قاطعني بحدة واضعا إصبعه على شفتيه " ولا كلمة يا فرح كل شيء إلا نواس فهمتي لو طلب مني المشي على النار لمشيت ثم هو لا يتدخل في أي أمر يخصني ولا حتى علاقتي بك ومنذ بدايتها فلن أعترض عن أي كلمة يقولها تفهمي "
قلت بضيق " وهل ترى ما يفعله بها صواب هل يحق لك أنت أن تشعر بشقيقتك وأنا لا , أقسم أن قلبي يحترق عليها كل حين , لا يمكن لنواس أن يكون أحبها يوما "
قال بغضب " لو فعلتِ أنتي معي ما فعلته هي معه فسأتصرف مثله وأكثر رغم حبي الشديد لك "
نظرت له بصدمة فقال بجدية وهو يغلق باب الخزانة بقوة " لا شيء أقسى على الرجل من جرح كرامته يا فرح ، فكيف من امرأة والكارثة أن يكون يحبها "
قلت بحزن " لماذا كلكم ضدها لماذا " ونزلت دموعي مباشرة وبدأت بمسحها فاقترب مني واحتضنني وقال بهدوء " لست ضدها أقسم أني أشعر بها
وأتمنى أن تصل لحل معه ولكن ما حدث أحدث شرخا كبيرا يصعب تجبيره يا فرح وأنتي تري بعينك أنه أتسع الآن أكثر "
دسست وجهي في حضنه أكثر وأنا أمسك قميص بجامته بقبضتي بقوة وقلت ببكاء " حالها لا يسر أحد يا جواد من سيئ لأسوأ ولم يعد وحده الغاضب منها فهي أيضا أطلقت العنان لوحوش كرهها "
ضمني له بقوة وقال " لا أحد منهما يكره الآخر ولن يزيدهما هذا العناد سوا تعلقا ببعض وضياعا وتشتتا صدقيني "
ابتعدت عن حضنه ونظرت لعينيه وقلت " كيف وهو يقرر الزواج بغيرها "
هز رأسه وقال " أقسم أن مشاعره نحوها لم تتغير ذرة ويحيرني قراره المجنون ذاك "
لففت خلف ظهره ودفعته بيداي نحو حمام الغرفة وأنا أقول " هيا بسرعة استحم وغير ثيابك لتذهب معي وتتحدث معها قبل أن يعلم شقيقك "
سحبني من يدي لأصبح أمامه وأمسك ذراعاي وقال " لعلمك لازلت غاضب منك ولن أرضى إلا بهده "
كان قد قبل خدي بقوة وتركني ودخل الحمام , مسحت على خدي بابتسامة ثم خرجت من الغرفة وجلست في الخارج انتظره
*
*
هل نعشق رؤية الأشياء تشتعل أمامنا لأنها تعبر عنا
أم لنشعر أنه ثمة ما يحترق أكثر منا
أقسم أن التي تشتعل في جوفي أكبر من هذه بكثير
كنت أنظر للنار بشرود ممسكا رأسي بيداي ، حين جلس بجانبي وقال بهدوء " ماذا يا نواس أمازال رأسك يؤلمك "
فركته بأصابعي وقلت بضيق " بل وقلبي أيضا "
ضحك ضحكة صغيرة وقال " هل تذكر ما كنت تقول لي حين كنا نعمل معا في تلك البلاد بعد أن أقرأ رسائلها المحبطة "
ابتسمت بألم وقلت " الكلام ليس كالتطبيق أبدا "
ضحك بصوت مرتفع وقال " هل تذكر حين كنت تقول نحن لم نُخلق من أجل الحب بل هو من خُلق من أجلنا فعلينا أن لا ندعه يتحكم بنا ويسرق مستقبلنا ويقتل أحلامنا "
رفعت رأسي وقلت بابتسامة سخرية " شعارات يا خاطر كلها شعارات كتبها أناس لم يعيشوا الحب قطعا ولم يعرفوه "
ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة ونظرت له وقلت " لو يعود بي وبك الزمن الآن لتلك الأيام أتعلم ما سأقول لك "
وضع يده على كتفي وقال " أعلم وهيا أدخل معي ألا تخاف أن يباغتك ثعلب أو حية "
قلت " سأقول لك تستحق ما أتاك منها من دفعك لذلك سوى نفسك يا غبي "
ضحك وطوق رقبتي بذراعه وقال بهدوء " أتذكر حين كنا في الماضي نقلد السكرانين ونقول حماقات كلها حقيقة تعبر عما في داخلنا , ما رأيك لو لعبنا تلك اللعبة الآن "
ضحكت ضحكة صغيرة ،  وقلت " كل هذا ولم أسكر بعد !! لقد قلت كل ما لدي "
ربت بيده على كتفي ثم وقف وقال " هيا ندخل الخيمة بقائك طويلا في الخارج ليس في صالحك , البر ليلا مخيف يا صديقي "
وقفت أنفض ثيابي فقال " افتح هواتفك على الأقل ليعلم أهلك أنك هنا "
قلت ببرود " لا تخف يعلمون أين أنا الآن , أنت اذهب وانظر ما حدث مع إبلك يبدوا لي خصومة كبيرة بينهم "
ضحك وقال ونحن ندخل الخيمة " اتركهم حتى الصباح نتخلص من الموتى ونعطي الأوسمة للفائزين "
ضحكنا معا ثم قلت " اذهب ونم مع زوجتك أو لن أبقى معك يوما آخر "
جلس وقال وهو يسكب الشاي " لا تخف علي , إن أردت النوم معها فلن أخجل منك , دعها وصراخ طفليها فالنوم هناك أشبه بالموت البطيء "
جلست وقلت " أنت تظلمهم بالعيش هنا ارحم زوجتك يا رجل "
شرب رشفة من الشاي وقال " هي اختارت هذا أنا لم اجبرها "
اتكأت على الوسادة وقلت بضيق " وهل كنت تنتظر منها أن تتركك مع مواشيك وإبلك هنا وتبقى وحدها هناك ؟ هي تفعل هذا من أجلك فافعل شيئا من أجلها "
اتكأ وقال بضيق " نواس رقة القلب كثيرا لا تجدي مع النساء فلا تكن هكذا فحنيتك الزائدة ستضيعك حين ستتزوج "
تنهدت بيأس ولم أتكلم فنظر لي وقال " ماذا فعلت في موضوعك ذاك "
نظرت لسقف الخيمة بشرود وقلت بهدوء " مازلت عند قراري وسأتم أمور الخطبة قريبا "
*
*
جلست أضرب بقدمي على الأرض حتى خرجت تتبعها فرح ووقفت وقالت بهدوء " مرحبا جواد قالت فرح أنك تريد التحدث معي "
نظرت لها وقلت بضيق " السائق أخبرني أنك لا تذهبين للجامعة, ما كان عليا الاعتماد على غيري في إيصالكم لها "
قالت ببرود " نعم ولن أذهب لها مجددا "
وقفت وقلت " والسبب "
قالت بذات برودها " أضن أن السائق أخبرك عن السبب أيضا "
مثلت فرح خلفها الإغماء من الصدمة فعقدت لها حاجباي لتفهم أنه ليس وقت المزاح الآن وقلت بنفاذ صبر " هل من العقل هذا الذي تفعلينه "
نظرت للجانب الآخر وقالت بلامبالاة " بل وكل العقل ولا أحد يقرر عني أنا لست طفلة "
قلت بحدة " وهل تترك دراستها إلا الطفلة بل وحتى الأطفال لا يفعلون ذلك , إنها سنتك الأخيرة يا وسن كيف تضيعين تعبك "
أشارت لي فرح من خلفه أن أقلل من حدتي فتجاهلتها وقلت " لم أرك علقتِ على كلامي "
قالت بجدية " ما لدي قلته لن آخذ مليما من أحد وسأسدد ديوني ولو أفنيت عمري في ذلك "
تنفست بقوة وقلت بهدوء " وسن لا أريد أن يصل الموضوع لنواس فاتركي عنك الجنون وعودي لدراستك لأنه إن علم فلن يرحمني حتى أنا "
اكتفت بالصمت متجاهلة كل كلامي فقلت بجدية " في الغد تذهبي للجامعة أو تصرفت في الأمر بنفسي "
قالت مغادرة " أخبرتك سابقا لست طفلة ولا أحد له علاقة بما أفعل "
نظرت لفرح فرفعت كتفيها وقالت " لن يردعها أحد ولا حتى نواس أعرفها جيدا حين تركب رأسها "
قلت بضيق " إن لم تذهب غدا فأخبريني "
ثم رفعت لها إصبعي وقلت مهددا " ويا ويلك مني يا فرح لو كذبتي علي "
أمسكت يدي وقبلت إصبعي وقالت بابتسامة " كم أحب هذا الغاضب يا بشر "
ثم ركضت باتجاه غرفتها ووقفت عند الباب فابتسمت وقلت بهمس " عودي هنا حالا "
هزت رأسها بلا وأرسلت لي قبلة بيدها ودخلت الغرفة وأغلقتها خلفها , أقسم أنه لا مفسد لعقولنا غيركن يا النساء
غادرت منزلهم وعدت للمنزل نمت وعند الصباح اتصلت بفرح وأخبرتني أنها لم تذهب للجامعة فجربت الاتصال مجددا بنواس وهاتفه على حاله مقفل فاتصلت بخاطر لأني أعلم أنه معه الآن فأجاب من فوره
فقلت " مرحبا خاطر أعطني نواس بسرعة "
جاء صوت نواس بدلا منه قائلا " ما بك يا جواد ماذا حدث هل والدتي بخير ؟؟ "
قلت بضيق " لو كانت تشغل بالك ما غادرت للبر أسبوع وتغلق هواتفك أيضا "
قال ببرود " جواد لا تنفخ لي رأسي وقل ماذا لديك "
قلت من فوري " وسن "
سكت حتى ضننت أنه أغلق الخط ثم قال " إن ماتت فأغلق الخط دون أن تقولها لي "
ابتسمت وقلت " لازلت تكرر هذه الجملة يا نواس "
قال بجدية " ما بها هل تعبت مجددا "
قلت بهدوء " بل فقدت عقلها ... تركت الجامعة وترفض الأغراض والنقود التي ترسلها إليهم وتبحث عن وضيفة أيضا "
صرخ من فوره " وما تفعله أنت هناك , كيف تتركها توقف دراستها ضننت أنني أعتمد على رجل تركته ورائي "
قلت بضيق " لا تلقي باللوم علي فلم أتصل بك إلا حين علمت أني عجزت عن إقناعها وإجبارها تعرفها عنيدة وجن جنونها منذ خبر خطبتك "
أغلق الخط في وجهي دون تعليق فتأففت وأعدت الهاتف لجيبي, سيكون هنا في غضون ساعات وستبدأ المشاكل التي لم تنتهي
*
*
هز رأسه وقال " عذرا يا آنسة يلزمك شهادة خبرة لتعملي هنا "
قلت بضيق " أنا أتقن اللغة الانجليزية والكتابة على الطابعة فلما الشهادة , يمكنكم اختباري بأنفسكم "
هز رأسه بلا دون كلام فخرجت صفر اليدين كما في كل مكان دخلته , عليا مواصلة البحث ولن أيأس أبدا حتى أحصل على الوظيفة , استمررت في لف المكاتب والشركات حتى تعبت وقررت العودة للمنزل حينها
رن هاتفي فأجبت من فوري قائلة " مرحبا خالتي كيف أنتي "
قالت بلوم " لو كنت أعنيك لقمتِ بزيارتي هذا الأسبوع كعادتك "
قلت من فوري " أنا اتصل بك دائما وكنت سأزورك عما قريب "
قالت من فورها " أين أنتي الآن "
قلت " خارج المنزل وسأعود له حالا "
قالت " إذا مري عليا الآن قبل أن تعودي للمنزل أريد رؤيتك مشتاقة لك بنيتي "
لذت بالصمت فقالت " نواس في البر تعالي الآن يا وسن أو غضبت منك "
قلت بهدوء " حسننا "
ركبت سيارة أجرة وتوجهت لمنزل خالتي وقرعت
الجرس ففتحت لي الخادمة وقالت بابتسامة " مرحبا آنسة وسن تفضلي "
دخلت وقلت مبادلة لها الابتسامة " مرحبا فتحية كيف أنتي وأهلك جميعهم هناك "
قالت وهي تغلق الباب خلفي " بخير جميعهم , من كثرة ما أقول لهم أنك تسألين عنهم أصبحوا يسألون عنك كلما اتصلت بهم "
ضحكت وقلت " بلغيهم سلامي إذا "
قالت بعد ضحكة صغيرة " لي شقيق غير متزوج فما رأيك لو زوجتك له وسفرناك لهم "
ضحكت وقلت " هل أعتبره عرض حقيقي "
ضحكت وقالت " بالتأكيد "
قلت وأنا أبتعد عنها وأقترب من غرفة خالتي " لن يعيش معي سعيدا يا فتحية فيبدوا أنني لا أصلح للرجال "
وضعت يدي على مقبض باب الغرفة فشعرت بيد أمسكت بذراعي بقوة وسحبتني للغرفة المجاورة وأغلقت البا
*
*
أمسكت الهاتف من يدها وسحبته فنظرت لي بصدمة
فقلت بهدوء " مؤكد تعرفي أن هذا ممنوع هنا وعقوبته الطرد يا سما "
وقفت وقالت برجاء " أرجوك لا تخبر المدير , احتجت أن أتحدث به هذا الوقت خصيصا أقسم لن يتكرر ذلك "
فتحت آخر مكالمة لها فكانت هي الوحيدة وتحت اسم ( الخالة عفراء ) ثم نظرت لها وقلت " ما قصتك يا سما "
نظرت للأرض وقالت بتلعثم " لــ لااا شيء "
تنهدت بضيق وقلت " أين والداك ؟؟ "
نظرت لي في صمت فقلت " أجيبي إن كنتِ تريدين استرجاع هاتفك "
عادت بنظرها للأرض وقالت " مسافران "
وضعته في جيبي وقلت " إذا نتقابل عند المدير "
أمسكت بكم قميصي عند ذراعي وقالت " لا أستاذ أرجوك لا أستطيع إخبارك "
نظرت لها بحيرة ثم قلت " ولما !! مما تخافين يا سما "
قالت بارتباك " منكم كلكم "
غضنت جبيني وقلت " من نحن كلنا "
بقيت على صمتها ويداها ترتجف وهي تحاول إخفائهما
فقلت " أين والداك يا سما لآخر مرة سأسألك "
امتلأت عيناها بالدموع فقلت بجدية " هل هما مسافران حقا "
هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " ومع من تعيشين إذا "
هزت رأسها مجددا وقالت " لا أحد "
نظرت لها بصدمة محاولا ترجمة ما يحدث , إذا هناك احتمال واحد فقط وهوا أن يكونا ميتان ولكن لما لا تريد أن تقول وما حدث مع المرأة التي كانت معها لأنه يبدوا أنها تتصل بها ولا تجيب
قلت بهدوء " سما مابك ولما أنتي خائفة من كل شيء "
نزلت دموعها فمسحتها وقالت " لا أستطيع قول شيء أرجوك أستاذ , إن كنت تريد أخذ الهاتف للمدير فافعل "
وضعته داخل الكتاب وقلت مغادرا " إن رأيته مجددا معك سلمته للمدير فورا "
ثم غادرت وتركتها وقد زادت شكوكي كبرا حولها , يبدوا ورائها حكاية وليست أي حكاية ولن تفصح عنها بسهولة لأنها لا تتق بأحد على ما يبدوا وخصوصا الرجال
عدت للمنزل أخذت والدتي للمستشفى من أجل الكشف الروتيني ثم عدت للمدرسة ولكن لم أنزل من سيارتي
حتى غادرت الحافلة بالطالبات فانطلقت ورائهم
جال بي ذاك السائق المدينة كلها تقريبا رغم عددهم القليل إلا أن كل واحدة منهم تسكن في مكان , كانت سما الأخيرة معه في الحافلة , توجه لطريق مفتوح ليس به مباني قريبة وأنزلها هناك , ظننت أن منزلها عند تلك المنازل وستتابع سيرها لهم لأنها انتظرت حتى غادر السائق ثم نظرتْ في كل اتجاه ولم ترني لبعد سيارتي ثم دخلت الأرض المليئة بالأشجار
من صدمتي نزلت من السيارة فورا وركضت نحوها ودخلت من حيث دخلت لكني لم أجد أحدا أو لم أدركها , ركضت في أماكن واتجاهات متفرقة فكانت كلها أشجار طويلة ومتباعدة , أين اختفت وأي اتجاه سلكت يا ترى !!
بل أين ذهبت وهذا المكان خالي من المساكن والمباني , بحثت كثيرا ثم عدت لسيارتي وغادرت المكان بلغز جديد بدلا من حل الألغاز السابقة عنها
*
*
" دعاء انتظري لما لا تجيبين على اتصالاتي "
التفتت لها ويداي في جيوب معطفي الطبي الأبيض
وقلت " رهام ما الذي تريدينه مني أخبرتك أن تنسي موضوعه وأني لن أتدخل في شيء "
وقفت تلقف أنفاسها وقالت " دعينا نتحدث قليلا "
تنفست بقوة وقلت " رهام لما لا تريدي أن تقتنعي أنك خسرتِ نزار للأبد "
تأففت وأمسكت يدي وسحبتني منها متوجهة بي لإحدى الغرف الفارغة وهي تقول " ألست صديقتي يا دعاء يفترض بك مساعدتي في أن أعلم فقط مشاعره اتجاهي "
قلت ببرود " ولما لا تسأليه بنفسك "
قالت " لا أريد أن يراني بعد كل هذه السنين قبل أن أتأكد أولا أنه لم يتزوج حتى الآن لأنه لازال يحبني "
قلت بسخرية " ولما كل هذه الثقة لقد خذلته وتركته بدلا من أن تتزوجا وتبقي مع والدته ليسافر هو ويدرس كما كنتما متفقان فما تتوقعين منه الآن لقد دمرتِ قلبه وأحلامه وحتى مستقبله "
تأففت وقالت " دعاء هو طلب صغير وتعجزي عن تحقيقه لي "
قلت مغادرة الحجرة " سيأتي بعد قليل لأخذ والدته يمكنك سؤاله بنفسك "
ثم غادرت باتجاه الممر الذي يحوي غرفة الكشف لا تستحقينه يا رهام فاتركيه لمن تستحقه لأني لن أتركه لغيري أبدا
وصلت الغرفة طرقت الباب ودخلت وقلت وأنا أساعد والدته لتجلس على الكرسي المتحرك لأنها لا تسير أكثر من خطوات معدودة " الطبيب يقول أن حالتك أفضل بكثير "
جلست بتعب وقالت " شكرا لك يا ابنتي لا أعرف كيف أشكرك على كل ما تفعليه لأجلنا "
قلت مبتسمة وأنا أسحب بها الكرسي وأخرجها " وما الذي فعلته يستحق كل هذا , هو أقل من واجبي "
قالت بحنان " أطال الله في عمري لأحضر زفافك لمن يستحقك "
قلت بذات ابتسامتي " دعواتك لي إذا "
ضحكت وقالت " لا ينقصك شيء لتحتاجي دعواتي وألف من يتمناك , أنتي فقط لا تتركي العمر يركض منك "
ابتسمت بعفوية ولذت بالصمت , تبدوا لي والدته ليست بالهينة وتعلم أنني أنتظر أن ينتبه ابنها للمخلوقة الموجودة أمامه, وصلنا المصعد على خروج نزار منه ينظر لوالدته بابتسامة
أقسم أني بحاجة لدعوات كل البشر ليشعر بي ويراني أمامه لا أعلم أي غباء أصاب رهام يوم تركته وهو يحبها بصدق وجيداً فعلت لأني أجزم أنه لم يعد يفكر بها
قال وهوا يمسك مني مقابض كرسيها " شكرا لك أيتها الممرضة لقد أتعبناك معنا "
قلت بابتسامة " متى ستتوقف عن مناداتي بالممرضة "
قال وهو يتحرك بالكرسي دون أن ينظر لي " حتى تتركي الطب والمستشفى "
ضحكنا ثلاثتنا وأدخل والدته المصعد وانغلق بابه بعدهم على الفور فتنهدت بقلة حيلة وغادرت لعملي
*
*
" ما رأيك في نزهة جميلة في الحديقة ولا تعترضي يا أمي رجاءً "
قالت ونحن نخرج من المصعد " ما رأيك لو نؤجلها قليلا حتى أخرج وأحفادي وزوجة ابني "
تنهدت وقلت " أمي فلنخرج الآن ووقتها لكل حادث حديث "
قالت بضيق ونحن نغادر باب المستشفى " لن يرتاح لي بال وأنت تنتظر السراب على أمل أن أشفى بالعملية فيضيع عمرك على الآ شيء "
تأففت وقلت بضيق " كم مرة سنقول ونعيد ذات الكلام, سنذهب للحديقة رغما عنك هذه المرة "
وصلنا السيارة وأوقفتها وساعدتها على ركوبها ثم طويت الكرسي ووضعته في الخلف وركبت وقلت " الجو رائع اليوم والتنزه فيه فرصة لا تعوض "
قالت بعد ضحكة " لو كنا دعونا عوني وزوجته وأطفاله وجابر وأبنائه لنتعرف عليهم بدلا من الخروج وحدنا "
ضحكت وقلت " ولما تعكرين مزاجنا بصراخ الأطفال , اتركينا نتنزه في هدوء "
قالت بهدوء " ترى ما حل بجابر هل أخبرك إن أخذهم "
نظرت لها ثم للطريق وقلت " نعم منذ أيام أخذهم لمنزله "
تنهدت وقالت " كم يرق قلبي على المسكينة التي ربتهم لابد وأنها في حالة سيئة الآن "
ضحكت وقلت " كم كنتي تعارضيني على المثل الذي يقول ( من ربى في غير ابنه كمن زرع في غير أرضه ) هل أتاك صدقه الآن "
قالت بضيق " هذا المثل غير صحيح ولا يجوز قوله لأنه يحث الناس على عدم رعاية اليتيم والمحتاج فلست أنا من أعترض على المثل دين الله لا يقول بهذا ثم هي ما أدراها أنهم ليسوا من حقها هي ضحية كجابر وكالأطفال المساكين "
ضحكت وقلت " مهلك علي لما كل هذا الغضب استلميه هو لعله يقتنع بأن يتزوجها , هذا حله الوحيد ليرتاح الجميع "
نظرت جهة النافدة وقالت ببرود " لو كنت أجدي في فن الإقناع لأقنعت ابني الذي يعيش معي كي يتزوج "
ضحكت واكتفيت بالصمت ، لأني أعلم نتائج هذا الحديث إن أطلنا الخوض فيه , تنزهنا مطولا في الحديقة العامة وتناولنا الغداء في الخارج ثم عدنا للمنزل
**
في اليوم التالي
غادرت بعد العاشرة للمدرسة لأن حصصي بعد وقت الفسحة اليوم لن أنتظر حافلتها بل سأنتظرها هناك لأعلم أين ستذهب
دخلت واقتربت لحجرة المدير على صوت صراخه العالي دخلت فكانت وجدان في الداخل بثياب مبهدلة وشعر متناثر
والسيد منصور يصرخ بها " مطرودتان أنتي وهي وكما أخذت هي ملفها وغادرت في صمت افعليها أنتي وبسرعة "
خرجت تردد بغضب " والدي من سيأخذ بحقي من الجميع "
نظرت له مطولا بصمت حتى هدأ تنفسه الغاضب ثم قلت " لم أرك يوما غاضبا هكذا , ماذا حدث "
تأفف وقال " يظناها فوضى أو حلبة قتال وهما تعلمان أن الشجار بالأيدي ممنوعا هنا فالطرد عقابهما الوحيد "
نظرت له بحيرة ثم قلت " ومن هي الأخرى التي أخذت ملفها وغادرت "
قال ببرود وهو يفتح درج الطاولة " سما طبعا من غيرهما سبب المشاكل "
خرجت من عنده مسرعا , مشكلة .... إن غادرت المدرسة فلن أعلم كيف أصل لحقيقتها
أتمنى أن لا يخيب ظني في أنها لن تغادر حتى يأتي سائق الحافلة , إن وجدتها فلن أتركها حتى أفهم منها كل ما تخفي ولو مرغمة , لففت من فوري خلف مبنى المدرسة وكما توقعت كانت تجلس هناك ممسكة ملفها في يدها فاقتربت منها بخطوات سريعة وهي وقفت من فورها ما أن رأتني متجها نحوها
*
*
فتحت الباب على صوت طرقاتها القوية وخرجت وأنا لم أعدل حجابي جيدا وقلت بضيق وأنا أغلق الباب خلفي " سوسن يالك من مزعجة ألا تعرفين الصبر أبدا "
ضحكت وقالت ونحن نسير " بل يبدوا لي أنتي التي أصبحتي تنامين كثيرا في الصباح "
دسست وشاحي في ثيابي وتنهدت وقلت بحزن " بل أهرب بالنوم كي أستيقظ وأخرج بسرعة "
قالت بهدوء " وضعك صعب يا أرجوان لكنك ستعتادين مع الوقت "
ثم ضحكت وقالت " لو أعلم فقط كيف تركك مدير المصنع المتعجرف ذاك تتغيبين لأسبوع كامل "
ابتسمت بسخرية وقلت " لا تفكري كثيرا في الأمر اتصلت به منذ أيام وقال لي أن لا أذهب للمصنع وأن والد الأطفال هو من طلب منه هذا "
ضمت يداها لصدرها وقالت بحالمية " يا عيني على الرفق بالفتاة المسكينة , يبدوا أنك دخلتِ قلبه "
قلت بضيق ونحن نسلك الطريق " غبية ولم يتغير فيك شيء "
ضحكت وقالت " لو كنت مكانك لتصرفت بحكمة أكبر "
وقفت ووقفت هي لوقوفي وقابلتها وقلت ويدي وسط جسدي " وما الحكمة الأكبر سيدة سوسن "
قالت بغنج وهي ترمش بعينيها رمشات سريعة " لكنت أوقعته في شباكي ليتزوجني وأكسب كل شيء "
سرت وتركتها وأنا أردد بضيق " غبية وأنا أغبى منك أقف أسمع لترهاتك , قال يتزوجني قال هذا لا يصلح للزواج أبدا "
قالت وهي تتبعني " ولما يصلح إذا "
قلت ببرود " يصلح كعمود خرسانة في قواعد إحدى الأبراج ليثبتها ولن تسقط حتى تفنى الأرض "
ضحكت كثيرا وقالت " لو سمعك لقطع لسانك لقطع ووضعه في مقلاة وأضاف له الفلفل والطماطم وطهاه "
قلت بضيق ونحن ندخل مبنى المصنع " ويعطيه لك طبعا لتأكليه فيصبح لك لسانان لأنه ينقصك ثرثرة فارغة "
دخلنا وجلسنا فقالت ضاحكة " لو لم أراه بعيني لصدقتك آآآه يا قلبي على الوسامة والشخصية الفولاذية "
قلت بسخرية " لو تحدثتِ معه لتغير رأيك به , بت اشك أن حسناء كانت محقة في الهرب بأبنائها منه "
ضحكت وقالت وهي تفرد القماش على الطاولة أمامها " أقسم أنك تنبشين قبرك بيديك افرضي أن له جواسيس هنا وسمعوك "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " يالا مخيلتك يا سوسن لم يبقى لديه مهمة سوى التجسس على غبيتان مثلنا "
وضعت القماش من يدها ونظرت لي وقالت " وكيف قضيتِ الأسبوع كله في المنزل , خروجك منه كان أرحم من بقائك فيه لوحدك "
تنهدت وقلت " بل سافرت لقرية خالة والدتي وقضيت باقي الأيام معها هناك , كنت سأفقد عقلي لو بقيت فيه "
نزلت مني دمعتان مسحتهما وقلت بحزن " كم أتمنى لو فقط أعلم عن أخبارهم , لا أريد التحدث معهم... فقط أحد يخبرني ما يفعلون هناك "
قالت بحزن " ولما لم تتصلي بهم "
قلت بحسرة " وكيف وليس لدي سوى رقم والدهم فما سيفكر بي إن اتصلت به , ليته أعطاني رقم والدته أو شقيقة له لأكلمها لكنه كالصخرة لا يهتم لمشاعر أحد "
قالت بهدوء " من الأفضل لك أن لا تتحدثي معهم يا أرجوان لأن حالك سيسوء أكثر حينها وعليك أن تري حياتك وتتزوجي وتنجبي أبناء لك وستنسيهم بالتأكيد "
قلت بصدمة " أبناء !!! لن أكرر خطئي مرتين ليأخذهم والدهم مني ويتركني مذبوحة , سأكون مجنونة إن فعلتها "
أخذت مني علبة التطريز وقالت ببرود " أقسم أنه لا عقل لديك وها قد جاءك كلامي سابقا وسأذكرك يوما بكلامي وكلامك اليوم عندما يشيب شعر رأسك وتتحسري على أنك لم تتزوجي وتنجبي أبناءً "
تجاهلتها وشغلت نفسي بما في يدي , معها حق فهي لم تجرب ما قاسيته لكان كلامها مختلفا , إن كانوا أبناء غيري وتعلقت بهم بجنون وأكاد أجن لفراقهم فكيف أن يكونوا فلذة كبدي وأحملهم في أحشائي , أقسم أن ينقلوني لمستشفى المجانين فورا
*
*
اقتربت من غرفة الفتاتين ولم أجدهما فتوجهت لغرفة امجد ونظرت من خارج الباب , كان يقف على السجادة وهما بجانبه ويصلون العصر , نظرت ترف الواقفة في المنتصف لي وابتسمت فضربتها بيسان على رأسها وأعادت يدها على الأخرى عند صدرها فبكت ترف
نظر لهما أمجد قاطعا صلاته وقال بغضب " كم مرة سنعيدها ما بكما أنتما أقسم أن أخبر أمنا عندما سنزورها أنكما لا تصليان "
وضعت بيسان يداها في وسطها وقالت " كاذب نحن نصلي أنت من تسهر في الليل على التلفاز وستغضب حين أخبرها "
ابتعدت خطوتين كي لا يروني لأعلم المخالفات التي باتوا يفعلونها
قالت ترف " أنتي يا بيسان أكلتِ الحلوى كثيرا بالأمس وماما تقول دائما نأكل واحده فقط كي لا تؤلمنا أسناننا ومعدتنا "
قالت بيسان " ومن التي تبولت في فراشها البارحة وقرصت المربية أذنها ونومتها على الأرض "
قالت ترف ببكاء " هي التي لم تدخلني للحمام قبل أن أنام كما تفعل ماما , لا تخبريها ستغضب مني كثيرا كتلك المرة "
مررت أصابعي في شعري بضيق وأنا أستمع لسيل المخالفات التي يفعلها كل واحد منهم وينتظرون اللقاء المزعوم بتلك الفتاة ليخبروها
تنفست بقوة ثم فتحت الباب أكثر فسكتوا ما أن رأوني ونظروا لي ثلاثتهم بصمت فدخلت لهم وتوجهت ناحيتهم وأوقفت أمجد وأوقفت الفتاتين خلفه ثم وقفت في المقدمة
قلت وأنا أقف مقابلا لهم " سنصلي الآن ولا أريد أن أسمع صوتا مفهوم "
قالت ترف " ولما أمجد في الأمام أريد أن أكون معه أو أمامه "
تنهدت بضيق وقلت محاولا تهدئة نفسي " لأنه شاب وأنتي فتاة هكذا هي قوانين الصلاة "
قالت معترضة " ولما في منزل ماما هناك كنا نصلي بجانبها جميعنا "
تأففت وقلت " لأنها امرأة لا تقف إلا بجانبكم أنا رجل أقف في الأمام وأمجد خلفي ثم أنتما "
قالت معترضة " بل أنا في الأمام "
قلت بحدة " ترف "
سكتت تسجن عبرتها ودموعها تملأ عينيها فتنهدت بضيق وأشرت لأمجد بأصبعي ناحيتهما وقلت " قف بجانبهما هناك ولا أسمع صوتا حتى ننتهي مفهوم "
وقف بجانبهما وابتسمت ترف ابتسامة رضا وكأنها هي على رأسه وليست بيسان , نظرت لها وقلت " لا أحد يحرك رأسه ولا يديه أو يلتفت لأني سأراه "
قالت ترف من فورها " كيف ترانا !! "
أمسكت ابتسامتي وقلت " لديا عينان خلف رأسي أرى بهما من خلفي "
شهقت بقوة على صدمة الآخران ثم قالت " أين ؟؟ لم نراهما "
قلت " أخفيهما بشعري , بسرعة قفوا لننهي هذه المسألة "
وقفوا وصليت بهم وبعدما سلمت التفتت لهم فكانت أعينهم معلقة برأسي من الخلف فقلت بجدية " في الصلاة نظركم يكون للأرض وليس للأعلى "
قالت ترف بصدمة " هل رأيتني !! "
قلت بذات الجدية " نعم وسأراك دائما , هيا بسرعة للطابق الأرضي سيأتي المدرسون حالا "
وقفوا وخرجوا في صمت , تنفست بقوة ووقفت أبحث عن سيدات السمو , وجدت إحدى الخادمات فقلت لها " أين المربيات "
قالت من فورها " في المطبخ سيدي "
قلت بحزم مغادرا " أخبريهن يلحقن بي لمكتبي حالا "
توجهت للمكتب وما هي إلا لحظات ودخلن , وقفن أمامي في صمت فقلت بحدة " هل لي أن أعلم أين تتسامرن وتتركن الأولاد وحدهم "
قالت إحداهن " كنا نشرب شاي العصر و... "
قاطعتها بغضب " القصر أمامك مليء بالخدم يحضرون لك الشاي أينما تكونين باتصال واحد للمطبخ ,  ولا تقولي أن الهواتف غير موصولة بالمطبخ "
ثم ضربت على الطاولة بيدي بقوة وقلت بغضب وأين الصلاة يا مسلمات وشرطي الإسلام لقبول الجميع , ألا تخجلن من أنفسكن والأطفال يصلون وأنتن تتسامرن كبنات الشوارع "
قالت إحداهن " أنا أصلي فقط كنت ... "
ثم سكتت فقلت بغضب أكبر " كنتي ماذا وهل ثلاثتكن كنتن , لا تضحكي علي فلست جاهلا ولا طفلا وأنجبت هؤلاء الأبناء من امرأة مثلكن وليس من جدار "
نظرن للأرض بخجل فقلت بحدة " ومن التي ضربت ترف ونومتها على الأرض "
لذن بالصمت فقلت بصراخ " تكلمن "
قالت إحداهن بخوف " لقد كانت .... أعني "
قلت بغضب " تعني ماذا .. بالت في فراشها أليس كذالك "
لاذت بالصمت فقلت بحدة " وهل سألتِ نفسك لما يا فاضلة "
لم تجب فتابعت " لأنك لم تدخليها الحمام قبل أن تنام وقد
أخبرتكم سابقا أنها تخاف في الليل وإن نامت لن تستيقظ وحتى إن استيقظت فلن تخرج من فراشها ومن تحت اللحاف , قلت أو لم أقل "
قلن بهمس " قلت "
قلت بذات الغضب " ولما يسهر أمجد على التلفاز وتأكل بيسان الحلوى كثيرا ومزقت ترف كتاب شقيقها ولم يستحم أمجد اليوم حين عاد من المدرسة و و و و و
لا تظن إحداكن أني غافل عما يجري , ألست من سلم لكل واحدة منكن أوراقا لنظام حياتهم من استيقاظهم لنومهم مكتوبة بدقة وبالتفصيل ... حدث أو لم يحدث "
قلن بذات الهمس " حدث "
وقفت مستندا بيداي على طاولة المكتب ونظري عليهم وقلت بحدة " وهل تعلمن أن من كتبت كل ذلك ليست والدتهم وكانت تعتني بهم بالمجان دون راتب سخي ولا قصر وخدم تحت إمرتها "
لذن بالصمت فقلت بحزم " سبق وقلت لا تمد إحداكن يدها على أي منهم وكل مخالفة تأتيني لتخبرني بها ولكنكن ضربتن كلامي كله عرض الحائض , هذا ولم تتجاوزن الشهر هنا أي استهتار هذا لو كانوا أبنائكم هل كنتم ستتصرفون هكذا "
قالت إحداهن " ولكننا ... "
قاطعتها بصراخ " ولا كلمة تفهمي "
ثم قلت بحزم " التي ضربت ترف تجمع أغراضها وسيوصلها السائق أما الاثنتان الأخريان تعودان لعملهما , إن فارقتم الأولاد لحظة عاقبتكم بأسوأ من الطرد ومن تضرب ستُضرب ومن تهرب تعلم أني أستطيع جلبها من تحت سابع أرض , تأتيني هنا وتقول أنها تريد ترك عملها والمغادرة مفهوم "
قلن بصوت واحد " مفهوم "
ثم خرجن وجلست أتنفس بضيق محاولا تهدئة نفسي مستهترات وإن لم أسمع حديث الأولاد بنفسي لاستمرت المهزلة لشهور أو سنين
بعد وقت سمعت طرقات على باب المكتب فقلت " تفضل "
فتحت الخادمة الباب وقالت " سيدي السيدة الكبيرة تطلبك في جناحها "
تنهدت بقوة وقلت " أخبريها أنني سأمر بها عند خروجي "
قالت من فورها " حاضر سيدي "
ثم أغلقت الباب وغادرت , غرقت في بعض الأوراق لوقت ثم خرجت وتوجهت لجناحها طرقت الباب ودخلت فكانت جالسة على كرسيها تقوم بتطريز قطعة من الحرير في يدها
اقتربت منها وقبلت رأسها وجلست قائلا " أخبرتني الخادمة أنك تريدينني "
قالت ببرود وعيناها على القطعة في يدها " وضع أبنائك لا يعجبني سبق وقلت ولم أرى شيئا تغير " ها قد عدنا للنقطة التي لم نخرج منها
,قلت بهدوء ممزوج ببعض الضيق " نبهت المربيات عن الأخطاء ولن تتكرر "
قالت بذات برودها " ليس ذلك ما أعني "
لذت بالصمت فقالت بصرامة " أمور كثيرة خاطئة ولا يستمعون لتنبيهاتي لهم عليها , كل شيء ماما تقول أفعلوا هكذا ماما تقول لا تفعلوا هذه وماما وماما كل كلامها دستور مقدس لديهم ولا يعجبني كل ما ربتهم عليه , أريدهم كما ربيتكم وليس نسخ مصغرة عن معتصم "
تنهدت وقلت " هم صغار وسينسونها ويقتنعون بما تقولين تدريجيا "
قالت بحدة وعيناها لازالتا على آلة التطريز الدائرية في يدها " أي ينسونها وهم لا يتوقفون عن ذكرها وكل شيء يريدون أن يُروها إياه حين يذهبون إليها , بيسان تخبأ قطع الشكلاتة الفاخرة لتأخذها لها , هل على هذا ربتهم لصوص ويتسترون على بعضهم ليخبروها هي بما فعل كل واحد منهم لا ويهددون بعضهم أمامي ... سأخبر ماما أنك فعلت وقلت "
قلت بضيق " وما الذي سأفعله ؟ أغسل أدمغتهم لنحشوها من جديد , هذا الأمر صعب وسيحتاج لوقت يا أمي "
قالت بجدية " بل تخبرهم أنهم لن يروها مجددا ليقتنعوا بذلك وتتصل بها لتتحدث معهم وتفهمهم أن يأخذوا الأوامر مني "
وقفت وقلت " سأرى ما سأفعل حيال كلامها معهم أما أن أخبرهم أنهم لن يروها مجددا فليس وقته أبدا "
نظرت لي للمرة الأولى منذ دخولي وقالت " ومتى يكون الوقت برأيك أم نظري أنا خائب ولا يصيب "
قلت بضيق " أمي لما تحبين تفسير الأمور كما تريدين أخبرتك أني سأخبرهم ولكن ليس الآن أنتي تري بنفسك ترف لازالت تبكي طوال الليل وتطلب حضنها لتنام فيه وبيسان ترفض دخول المربيات معها للحمام ولا تستوعب الدروس إلا منها وبطريقتها التي أجهلها وأمجد لا يفعل شيئا إلا إن أخبروه أنهم سيخبرونها أنه لم يفعله وكلما رأوني يسألون متى سيذهبون إليها فأن أخبرهم أني لن آخذهم لها أمر ستكون عواقبه وخيمة ولا تحمد عقباها "
عادت بنظرها ليديها وقالت ببرود " عليهم أن لا يثنوا كلمتي ويصبحوا كما أريد وينسوا كل ذاك التاريخ الفاسد الذي عاشوه يركضون في الممرات ويتزحلقون على السلالم ويريدون اللعب في الحديقة بالتراب , ترف تأكل بفوضى وكأنها طفلة في الثالثة وغيره الكثير وكله يرونه مسموح لأن تلك الفتاة قالت أنه مسموح "
قبلت رأسها وقلت مغادرا " لا تُزعجي نفسك سأتصرف في الأمر "
وصلت عند الباب فأوقفني صوتها قائلة " تحدث مع شقيقك مجددا "
أمسكت مقبض الباب وقلت " اتركيه يضيّع سنيناً أخرى من دراسته هو الخاسر "
قالت بضيق " من المفترض أنه سيتخرج هذا العام من الجامعة , شاب متفوق في دراسته يضيع كل هذه السنوات بسبب العناد "
قلت مغادرا " اتركيه يدرس ما يريد إذاً "
*
*
دخلت القصر بخطوات سريعة وصعدت السلالم بخفة فأنا لم أزره منذ أكثر من أسبوعان , والدتي مؤكد في جناحها وجابر غادر أمامي وزهور الغائب الحاضر , ما أجمل المكان وكلهم غير موجودين
وصلت الطابق الثالث فشدني صوت ضحك أطفال وركضهم , يبدوا أنه دخل هذا الجحيم أخيرا شيء يحييه , مؤكد هم أبناء جابر ... تقدمت نحو ممر غرفهم فركضت باتجاهي طفلة بشعر أشقر وفستان طويل حتى اصطدمت بساقاي دون أن تشعر فعادت للخلف ونظرت لي بعيناها الزرقاء الغامقة , كانت نسخة عن زهور وكأنها ابنتها وليست ابنة جابر فقلت بابتسامة " مرحبا بالجميلة "
أمسكت ثوبها ونزلت لتحييني وقالت بابتسامة جميلة " مرحبا "
ههههه يبدوا أن والدي ورث أحد أحفاده هوسه بتلك الحقبة المنسية, مددت يدي لها فوضعت يدها فيها فقبلتها وقلت " مرحبا كونتيسة "
ضمت يداها لصدرها بسعادة وقالت " أنت أحد النبلاء حقيقي "
ضحكت وقلت " نعم أنا اللورد معتصم ومن أنتي "
قالت رافعة لثوبها " الأميرة بيسان "
أمسكتها من خصرها ودرت بها عدة لفات وهي تضحك ثم أوقفتها حيث كانت وقلت " ما رأيك في هذه الرقصة أيتها الأميرة "
قالت بسعادة " رائعة ومن أنت "
ثنيت قدمي ونزلت لها أمسكت يدها وقبلتها مجددا وقلت " عمك معتصم "
نظرت لحركاتي بدهشة وسرور ثم قالت " ما يعني عمي ؟؟ "
وقفت وقلت بضيق " رائع لم يخبروهم حتى أن لهم عما "
قالت " لما أنت غاضب "
نظرت لها وقلت بابتسامة سخرية " ستكبرين وتعلمي لما , هذا إن لم يجعلوك نسخة عنهم "
كانت تنظر لي باستغراب وعلامات الاستفهام تدور حول رأسها فقلت بابتسامة " أنا شقيق والدك يعني عمك "
قالت بسرور " أنت شقيق الإمبراطور "
ضحكت بصوت مرتفع ثم قلت " نعم للأسف وأبن إمبراطورة الإمبراطورية "
ضحكت وقالت " قلها مجددا "
ضحكت وقلت " إمبراطورة إمبراطور الإمبراطورية "
عادت للضحك تخفي فمها بيدها الصغيرة فقلت " وأين ترف وأمجد "
أشارت بإصبعها للخلف وقالت " ترف مع بتول والمربية وأمجد يدرس "
ابتسمت ابتسامة جانبية وقلت " جيد الأحباب مجتمعون هنا "
مددت يدي لها وقلت " هلا أوصلتني معك كونتيسة "
قفزت من السرور وأمسكت يدي وقالت " بالطبع دوق معتصم "
ضحكت وقلت وأنا أسير معها " لورد ولست دوق "
نظرت للأعلى حيث وجهي وقالت " وما الفرق بينهما "
ضحكت مجددا وقلت " لا أعلم ولا يهم "
وصلنا لغرفة شبه مفتوحة وقفت عند الباب فكانت المربية تقرأ كتابا عند الشرفة وبتول تعلم طفلة صغيرة وقصيرة كيف ترقص بتمييل خصرها بغنج كالعلكة مثلها
دخلت بيسان وقالت بمرح " ترف انظري هذا عمي يعني شقيق بابا "
ركضت الطفلة ناحيتي واحتضنت ساقاي فرفعتها من ذراعيها وقبلتها ثم أنزلتها ونظرت لها وقلت وأنا أحرك يداي كموجة " لا تدعيها تجعلك مثلها كالعلكة تكفينا واحدة "
ضحكت وبدأت تعبث بيداها محاولة تقليد حركتي فضحكت عليها ثم نظرت لبتول فتجاهلتني ونظرت للجانب الآخر وتأففت في صمت فضحكت وقلت " حتى التأفف أصبح له موضة جديدة بنكهة الفراولة "
توجهت عند باب الشرفة ووقفت وقالت " تعالي يا ترف لنخرج للشرفة "
كتفت يداي لصدري متكأ على الباب وقلت بسخرية " حد علمي أنك تكرهين الأطفال ويع مقرفين "
وضعت يدها وسط جسدها وقالت " وما دخلك أنت ولما تتجسس على أفعالي , أنا أكره الذكور أمثالك أما الفتيات لا "
قلت بعد ضحكة " لقد ضيعتي معالم الحديث لا تعرفين حتى كيف تتكلمي بحدة وغضب "
قالت بضيق " الم تكن غير موجود لأيام ما جاء بك يا متعجرف "
قلت مقلدا لها " ولما تتجسسين على تحركاتي يا علكة "
تأففت وخرجت للشرفة فضحكت وقلت بصوت مرتفع " أرجوا أن لا تعلمي أشقائك رقصك هذا "
نظرت للمربية الجالسة فكانت تنظر لي باستغراب فرميتها بنظرة جامدة فأبعدت نظرها عني
غادرت من هناك وتوجهت لغرفتي وأخذت ما جئت لأجله وغادرت القصر
*
*
كنت منهمكة في عملي ولا شيء يغطي صمت المكان سوى أصوات تحريك آلات التطريز حين رن هاتفي ونظرت للمتصل ففوجئت برقم ذاك الرجل , ما يريد مني يا ترى !! هل أحد الأولاد به مكروه أو أنه سيوبخني على أحد تصرفاتهم كذاك اليوم حين أخذهم من منزلي
ولكن مر ثلاث أسابيع منذ أخذهم ولم يتحدث معي خلالها أبدا لكان وبخني منذ وقت , بلعت ريقي وكل مخاوفي من أن مكروها أصاب أحد أبنائي , أمسكت هاتفي وابتعدت لمكان متطرف وأجبت , كنت أتمنى أن أقول أي شيء ... كيف هم ما أمورهم ولكن ذاك أبعد من البعيد و ما لم أقدر منع لساني من قوله وعلى الفور " هل أحد الأبناء أصابه مكروه "
جاء صوته مباشرة " لا هم بخير "
تنهدت براحة فقال " هناك أمر أود التحدث فيه فاسمعيني للأخير ودون مقاطعة لو سمحتِ "
قلت من فوري " هل رأيت أحد أطفالك يقاطعك وأنت تتحدث "
سكت لوقت ويبدوا أنه يسترجع الأحداث ثم قال " لا لم يحدث "
قالت " إذاً لن أربيهم على شيء وأفعل عكسه "
قال بهدوء " بعض السلوكيات لديهم لا تتماشى مع نظام حياتنا ويرفضون تغييرها والانصياع لأوامر الوالدة بحجة أنك من أباح أو منع تلك الأمور وهذا الأمر تسبب لي بالمشكلات وعلينا أن نجد له حلا فلست بمزاج لهذه الأمور "
انتظرت حتى سكت ثم قلت " مثل ماذا " قال من فوره " لم أتصل لأحكي لك يومياتنا أريد منك التحدث معهم وإقناعهم أن يستمعوا لأوامر جدتهم ما تنهاهم عنه لا يفعلوه وما تأمرهم به عليهم تنفيذه "
كررت مجددا " مثل ماذا "
تأفف وقال " هل سنعيد في كل مرة "
قلت بضيق " عليا أن أعلم ما هي الأمور التي أنا ربيتهم عليها وكانت خاطئة لأني رعيتهم بعيناي وقلبي قبل يداي وبما أنهم اعترفوا أني من نهاهم أو سمح لهم بذلك فهو في نظري ليس بخطأ أما إن كان سلوكا من عند أنفسهم فليس لي به دخل "
قال بنفاذ صبر " قلت أن هذا الموضوع أزعجني وأريد أن أنهيه لا أن تعقديه أكثر ولاحظي أني لازلت أتحدث معك باحترام "
قلت ببرود " وأنا أتحدث معك بنفس درجة احترامك لي "
قال بحزم " أريد أن أنتهي من هذا الأمر بأيسر الحلول فلا تطريني لاتخاذ السبل الأخرى "
قلت بصدمة " تضربهم !! هل تضرب أبنائي "
قال بحدة " هم أبنائي قبل أن تعتبريهم أبناءك ولن تمتد يد أحد عليهم حيا كنت أو ميتا "
قلت بجدية " أتمنى من يدين اعتادت على تعذيب البشر أن لا تمتد على مخلوقات صغيرة وبريئة ولعلمك أنا أدعوا كل ليلة وكل صلاة وأطلب من الله أن يقطع رزق كل يد تمتد على واحد منهم "
قال بضحكة جامدة وصخرية مثله " يبدوا لي دعائك وصل السماء "
قلت بعد صمت طويل وبهمس " من ضربهم "
قال " شخص مستهتر وانقطع رزقه المهم سأتصل بك حين أكون معهم وستحدثينهم كما اتفقنا "
قلت ببرود " نحن لم نتفق وأنا لم أوافق "
قال بغضبه المعتاد " لعلمك يا آنسة لم اتصل بك لأني عاجز عن حل المسألة وأترجاك أن توافقي ورقبتي بين يديك "
قلت باختصار " ما لديا قلته وهم أبناءك وافعل ما يحلو لك وأسأل الله أن تنقطع يدك إن امتد على أحدهم .... وداعا فأنا في مكان عمل "
ثم أغلقت الهاتف وعدت وجلست مكاني أتأفف بعصبية فقالت سوسن " ما بك ستحرقين القماش بأنفاسك الحارقة , من الذي اتصل بك "
لذت بالصمت ولم أجب فقالت ببرود " تبدوا لي مكالمة غرامية مع ذاك الضخم الوسيم "
قلت بغيض " سوسن تصمتي الآن وإلا ... "
قالت بضيق " حسناً حسناً فقط لا تفرغي غضبك بي "
أنهيت ساعات العمل بمزاج كالبارود ثم خرجت وعدت للمنزل في صمت تام مع ثرثرة سوسن التي لا تنتهي وكدت أحتضن باب المنزل من فرحتي لأني وصلت , لأنها نفخت لي رأسي ... أدرسي ثانيتا وعودي للدراسة أي دراسة هذه وأنا نسيت ما درسناه في الثانوية فبأي دماغ سأدخل الجامعة
فتحت باب المنزل ودخلت فشهقت من الصدمة حين وقع نظري على الجالس على الكرسي المقابل للباب وبكل أريحية وثقة وقال بجموده ذاته " أغلقي الباب خلفك فلم تعد المرة الأولى التي يدخل فيها رجل لمنزلك "
*
*
تجلس عند شرفة غرفتها والهواء يلعب بخصلاتها الذهبية فتبعدهم عن وجهها كل حين لتمر أناملها على أثر ذاك الجرح في نهاية فكها تحت أذنها اليمنى , جرح عمره
فقط ليلة زواجها الأولى منذ أربعة أعوام , جرح عميق في أول ليلة لها مع رجل لم تعرفه يوما والدتها اختارته ليكون زوجها لأنها في نظرها لا تجيد أن تختار , أول ليلة هكذا فكيف بباقي ليالي الشهر الأول والوحيد لأنه أصبح بعد ذلك طليقها وفر لخارج البلاد
أبعدت أناملها عن ذاك الجرح وذاك الماضي وحدقتيها الزرقاء الغامقة تدور حول ما في يدها ببرود وكأنها تبحث عن شيء تحت حبر الكلمات , تتلمس بأطراف أصابعها البيضاء الطويلة حواف الورق وكأنها تحكي لهم حكاية من لمسات باردة وأنفاس هادئة وصمت مميت
تغفل عيناها عن الجالس هناك في تلك النافذة البعيدة مثبتا جسده عليها بإحدى قدميه متكأ بظهره على حافتها وكأنه خرج من إحدى الأساطير بخصلات شعره المتطايرة على جبينه وقميصه بأزراره العلوية المفتوحة يتطاير مع الريح نصف جسده يظهر لكل من مر بجوار نافذته الجالس عليها ووجهه كله للخارج متكأ برأسه على نافذته الوحيدة مثله ينظر بكلى عينيه إلى هناك إلى البعيد حيث تلك النافذة في ذاك القصر يراقبها في صمت وسكينة وكأنهما خلقا من هدوء رغم الضجيج حولهم , يتراءى لمن يراه وكأنه ينظر للفراغ بينما هو ينظر لتلك التي تملأ كل فراغه
* * *
رفعت الخصلات المتمردة ودسستها خلف أذني ولففت بجسدي أكثر جهة النافذة وقلبت الصفحة على عنوان
( القصاصة الثالثة ... عبور محيط الألم )
قلبت صفحة العنوان وقرأت ( كانت أميرة على زهور شرفتها ، أميرة على فساتينها وعطرها , أميرة حتى على أميرات زمانها بل وأميرة رقصت على قلبي بحذائها العالي وأحدثت فيه ثورة كبيرة من العشق الجنوني بدلا من أن تحدث ثقوبا عميقة بسبب كعبيه المدببان , أميرتي تعالي وغيري عالمي وانثري رياحينك على عتبات صدري المهجور وحلمي المكسور وجبيني الميت من الشوق إليك
أميرتي أنتي رغم الزمن رغم الألم ورغم جور السنين ستبقي أميرة الفارس صاحب السيف المكسور والجواد الميت من لم يتبقى لديه سوى عشقه لك وجنونه بك لأنه أصبح في نظرك مجرد طيف لأمير سافر مع النور وغاب مع الشمس ولكنك لازلتِ على قلبه تلك الأميرة البيضاء )
أغلقت الكتاب ليقع نظري مجددا على عنوانه ( قصاصات من حلم ضائع )
ومن ثم على اسمه تحته ( للكاتب رضا أسعد الحارث )
ابتسمت بسخرية ثم مزقت الأوراق التي قرأتهم ككل مرة ورميتهم من النافذة الواسعة أمام كرسيي حيث كنت أجلس ليتطايروا مع الريح وأبعدت خصلات شعري الذهبية عن وجهي وقلت بابتسامة ميتة " كاذبون جميعكم أنتم الرجال ويصعب أن أصدقكم مجددا بسهولة وخصوصا أنت يا رضا يا من صنعت جثة من امرأة تدعى زهور "
المخرج خاطرة بقلم حبيبتنا منى سعد
من نواس الى وسن
انت يا صغيره حلم الطفوله وحلم الشباب
عبر براءت عيناك تعلم قلبي ابجدية الحاء والباء
لكي في صدري قدسية لا تصل يد النساء
عيناك سيوف غزت مشاعري واخضعت حصون قلبي
واستوطنت كل لحظات عمري
وعندما يتنازع حبك وكبريائي يربح حبك على قلبي بلا منازع
وسن ل نواس
لا تعاقبني بذنب اقترفته بحقك وانا مقيدت اليدين ومسلوبة الاراده
فانا كنت معلقه بين السماء والارض
بين ان اقطع حبل السري لحبك لاخرج للحياه
ام ابقى جنين يتكون في رحم الاحلام
شكرا لك منون من كل قلبي

*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖➖➖

☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن