*|🔢|:☟البـــ{الثامن}ـــارات☟*

124 4 0
                                    


سمعنا صوت تحطم لأواني فوقفت وتوجهت لخارج الغرفة ركضا, كانت وسن تجمع الأطباق والطعام من الأرض وتضعه في الصينية...
يالا الكارثة هل سمعت ما دار بيننا يا تُرى
اقتربت منها ورفعت يدها التي تنزف وهي وكأنها لا تراها وقلت " وسن يدك مجروحة أتركي كل شيء و فتحية ستأتي لتنظيفه "
انصاعت لي وكأنها دمية تتحرك دون ردة فعل , وصلت بها للمطبخ وفتحت صنبور المياه لأغسل الدم وأرى الجرح , كان بسيطا وسطحيا
ناديت على فتحية فجاءت من فورها وقالت " نعم "
قلت وأنا أغلق الصنبور " هاتي لي شاشا ومعقم جروح واجمعي الأطباق المكسورة والطعام من الأرض أمام غرفة والدتي "
خرجت من فورها , كنت ضاغطا على الجرح بيدي كي لا ينزف أكثر وقلت " جرح بسيط سنعقمه ونلفه بالشاش وينتهي الأمر "
وطبعا لا مجيب ولا أي رد فعل , أحضرت فتحية ما طلبت منها ولففت الجرح فخرجتْ قبلي من المطبخ وتوجهت لغرفة والدتي وأنا أسير خلفها
دخلتُ فقالت والدتي مباشرة " وسن ما بك يا ابنتي "
لم تجبها بل أخذت حقيبة يدها من على الأريكة وقالت ببحة " جواد خذني لمنزلنا "
نظرت لوالدتي ثم لها فقالت أمي " أين يا وسن ! ستقضين النهار معي وسنتحدث فيما تركناه البارحة "
كانت تتنفس بقوة وتنظر لنا وكأنها تائهة في الصحراء
فقلت " أجلسي يا وسن  ، وسوف آخذك فيما بعد هل سترفضين طلب والدتي منك "
جلست في صمت ... لو أعرف فيما تفكر وما سر هذا الصمت المخيف, أشعر وكأنها ستقع ميتة في أي لحظة
تكلمتُ ووالدتي أمامها عن موضوع سفري وعن كل ما يخصه وهي كالكرسي الذي تجلس عليه عيناها في الأرض وكأنها منفصلة عن عالمنا وتهز رأسها بنعم كلما قلت ( ما رأيك يا وسن ) كنت أريد أن أحثها على الحديث ولكن على ما يبدوا لي هي لا تعي حتى ما نقول حتى أنها لم تنتبه أني قلت بأنني سوف آخذ فرح معي رغم أنها لا تعلم بالموضوع حتى الآن
نظرتُ جهة والدتي وأشرت لها بعيناي على وسن وأشرت بأصبعي على أذني لتفهم أنها سمعت حديثنا السابق
فأشارت لي بعيناها أن أخرج وأتركهما وحدهما ففعلت على الفور خرجت من المنزل فوصلتني رسالة من والدتي وفيها باختصار ( أخبر نواس يأتي هنا بعد الغداء ولا تخبره عن شيء )
ترى ما الذي تخطط له والدتي ! وسن لن تستطيع رؤيته في هذه الحالة, أرسلت لها (سأكون قريبا من المنزل اتصلي بي فورا إن تعبت وسن )
*
*
ربتّتُ بيدي على السرير بجانبي وقلت " تعالي اجلسي بجانبي يا وسن "
امتثلت لي من فورها وجلست حيث قلت واتكأت برأسها على كتفي فقلت ماسحة على كتفها " حين كنت في سنك كنت أحب ابن عمتي كثيرا , كنا نجلس معا ونتحدث بالساعات , كان يغدقني بكلماته الغرامية وأنا فتاة بقلب حالم فتعلقت به حد الإدمان ثم سافر للخارج من أجل إكمال دراسته ولم يرجع حتى اليوم بل وتزوج بواحدة من هناك بعد عام من سفره
لقد تعبت كثيرا بادئ الأمر حتى أنني وصلت لمرحلة كرهت فيها الرجال وأصبحت أراهم صنف واحد لا يختلفون عن بعض حتى تزوجت من زوجي رحمه الله وعلمت أن نظريتي كانت خاطئة وأني أرهقت نفسي بلا داعي وأكتشف... "
قاطعتني قائلة بهمس " نواس تزوج يا خالتي "
تنهدت وقلت بحزن " أعلم يا وسن وهذا سبب تعبي بالأمس وسن يا ابنتي أنتما جربتما شيئا لم ينجح فلا تقف الحياة هناك "
قالت بهمس خافت " قتلني يا خالتي قتلني "
قبلت رأسها وقلت " لازال يحبك يا وسن لازال كما كان "
هذه العبارة آخر ما كنت أود قوله لها لكننا سنفقدها على هذه الحال, قالت بعبرة " كذب .... لا يحبني أبدا "
أشرت بيدي للممرضة وهمست لها بشفتاي أن تحضر الحبوب المسكنة لأني لاحظتها منذ وقت تمسك معدتها بين الحين والآخر
ناولتني إياهم فقلت " لا تكوني مثلي في الماضي يا وسن لا تدمري نفسك فالحياة ستمضي والناس ستعيش أنتي فقط من ستبقي في الخلف وكل عام سيضيع منك ستندمين عليه فيما بعد "
قالت بهمس " تزوج .... قال لن أكون لغيرها , قالها لوالدي مرارا ... وسن لي ولن أكون لغيرها "
قلت بهدوء " أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد يا وسن تلك هي الحياة وأنتي كنتي ستتزوجين بغيره ولم تريدي ذلك "
قالت بحزن " كنت مجبرة أما هو فلا ، هو تركني من نفسه وتزوج بغيري , لم يُقدر ظروفي .... حتى أنه لم يبرر لي سبب ما فعل ولم يصدق عذري "
قلت بهدوء " هو لم يُكذبك يا وسن هو مجروح منك بشدة إن كان هو من تركك وأنتما مخطوبان وزواجكما قريب وبدون أن يعلمك وخطب أخرى هل كنتي ستسامحينه حين يعود إليك ومهما كان العذر الذي سيقدمه لك ؟ حتى الناس لن تتقبل عودتك إليه حينها لا أحد يرضى بها يا ابنتي , ليتك أخبرته وقتها يا وسن لو فقط وضعته في الصورة لما حدث ما حدث "
قالت ببكاء " ليتني مت يا خالتي ولم أدرك هذا اليوم "
ثم جلست مبتعدة عن حضني وقالت " لا أريد أن يصرف علي ، لا أريد نقوده , لا أريده في حياتي ولا بأي شكل "
تنهدت وقلت " وهل يرضيك أن تتركي دراستك وأنتي في سنتك الأخيرة وأن تعملي ونحن عائلتك موجودين , أنا لن أرضى بذلك يا وسن ولازال بي نفس في الحياة وبعد موتي أحرقوا الدني أنتي ونواس والمنتصر يفعل ما يريد "
أمسكت وجهي بيدها وقالت بدمعة تتدلى من رموشها " لا خالتي لا تقولي هذا , لا تتركيني أنتي أيضا فيكفيني من فراق الأموات والأحياء ... أمي ثم والدي وشقيقي ثم نواس فزوجة والدي وفرح من يبقى لي بعدك من "
أمسكت يدها قبلتها وقلت " لن أتركك يا وسن إلا إن نفذ أمر الله وأنتي تري صحتي من رديء لأردأ منه , أريد أن أطمئن عليك أريد أن أحفظ أمانة شقيقتي التي أوصتني بها قبل أن تموت "
ثم رفعتُ علبة الحبوب وقلت " خذي يا وسن المسكن "
هزت رأسها بلا وقالت " أنا أفضل الآن لا أريدها "
تنهدت وقلت " هذا لأنك تحدثت ولم تسجني ألمك في نفسك كعادتك "
هزت رأسها مجددا وقالت بدمعة تدحرجت من عينها " لما أنا لازلت في وعيي ولم أجن , لما لم أفقد عقلي حتى الآن أو يغمى علي , كنت أتصور أن أموت إن تزوج نواس يوما بأخرى , لما لم أمت حتى الآن لما "
مسحتُ دمعة تمردت من عيني ثم مددت يدي ومسحت دمعتها وقلت " هذا لأن الحياة تريدك ولا زال لديها المزيد من الأشياء التي تستحق لتعيشي من أجلها "
هزت رأسها بلا وقالت " بل لأنه جرعها لي على جرعات دفعة دفعة كي لا أموت قبل أن أرى زوجته في حضنه وأبنائه منها يلعبون حولهم "
قاطعتها بضيق " وسن لا تحقدي عليه , ولا تحاولي قتل قلبك ، بل اقتلي حبه فيه "
ابتسمت بسخرية ولم تعلق فقلت بهدوء " هيا قفي واحضري لي العلبة الخشبية في أسفل خزانتي "
وقفت وأحضرتها وعادت للجلوس ففتحتها وقلت " في هذا الجزء حلي والدتك أحضرتهم لي قبل موتها بيومين سبحان الله وكأن ثمة من أخبرها أنها ستترك الحياة , أوصتني عليك كثيرا وطلبت مني أن أترك حليها لك ولا أعطيهم لك إلا حين تحتاجيهم بشدة ولا حتى حين تتزوجي , لم تكن ستكفي ديون والدك لكنت أعطيتها لك وبعد وفاته رفض نواس أن يأخذها ويزيد عليها باقي ثمن الدين "
ثم أشرت للجزء الآخر منه وقلت " وهذه حليي أنا خدي كل هذا وأكملي دراستك ثم اعملي بشهادتك ولا تضيعي مستقبلك يا وسن "
لاذت بالصمت وعيناها في عيناي فقلت " لن تدرسي من ماله أليس هذا ما تريدينه "
هزت رأسها بنعم فقلت " بقي موضوع سفر فرح وجواد سنتناقش فيما يخصه لاحقا والآن هيا لنتناول إفطارنا المتأخر "
جلبت الممرضة الفطور وجلسنا نفطر معا وحاولنا فتح مواضيع عدة أنا والممرضة ولكن وسن كانت وكأنها ليست معنا
كانت جثة بلا روح مجرد خيال , وهذا المتوقع فلن تجتاز الصدمة في يوم واحد وقدوم نواس قد يزيد الأمور سوءً لكن علينا حل كل هذه المشكلات التي تدفع وسن ثمنها
*
*
قال وهو يكشف عن مكان أسنانها " كم عمرها قلت لي "
ابتسمت وقلت " قلت لك سبع سنين هل ستتأكد من أسنانها "
ضحك وقال وهو يمسح على وجهها " لا يحتاج الأمر أن افحصها يكفي الغرة التي تدل على أنها من النوع النادر الذي أريده "
ضربت بيدي بخفة على عنقها وقلت " والسعر هل سنرسى على ما قلت "
نظر جهة ساحة التدريب حيث الوسن تحرك رأسها ويتطاير شعرها الأسود مع الهواء وقال " أعطني تلك الشعلاء الشهباء ، وسأعطيك في هذه فوق ما تريد "
قلت بابتسامة صغيرة ونظري عليها " تلك لا أبيعها لك ولا بكل ثروتك "
ضحك وقال " هل تضع تلك الفرس فوق هذه النادرة "
قلت من فوري " هي عندي لا أخرى مثلها "
عاد بنظره للفرس أمامنا وقال وهو يلعب بشعرها " إذا اتفقنا وأريد مولودة معها ولن آخذهما الآن "
قلت " إذا السعر سيزيد "
ضحك وقال " ولما وهما ستزدادان عمرا "
قلت بعد ضحكة صغيرة " أنت تعلم أنهما سيكلفان ، أعني لا فنادق بالمجان هنا "
ضحك وقال " اعتبرني لم أشتريهم بعد "
ضربت على ظهرها وقلت " إذا إن جاء غيرك بعت له "
هز رأسه وقال " أنت لا يمكن التغلب عليك أبدا , حسننا اتفقنا سيبقيان لشهور قليلة فاحسب كل تكلفة طعامهما والاهتمام بهما ولك ما تريد "
ثم قال بمكر " اخبرني ما تطعم خيولك "
ضحكت وقلت " هل تريد حساب التكلفة "
قال بعد ضحكة عالية " لا بل أريد أن أعرف فقط
قلت وأنا أمسح على عنق الفرس أمامي" أكثر ما يحب الفرس ورق الرودس وكميات لا بأس بها من التفاح والتمر والذرة "
قال بابتسامة " البرسيم والشعير أقل كلفة لهذا هي مدللة وقوية "
ثم غمز بعينه جهة الوسن وقال " وما تأكل تلك "
ضحكت وقلت " تلك لا يخلوا يومها من السكر النباتي "
أمسك كتفي وقال ضاحكا " يبدوا أنك مبتلى بعشق امرأة بيضاء وبشعر أسود كفرسك تلك "
قلت بابتسامة صغيرة " أعشقها وأعشق حتى اسمها "
بقي ينظر لي بصدمة فقلت بعد ضحكة " أعني الفرس فهي فرسي الأولى رغبت بها ما أن رأيتها وسميتها قبل أن أشتريها "
ربت على كتفي وقال " إذا اشتريت واتفقنا سأدفع لك عربونك وسأكون لديك هنا الأسبوع القادم ونكمل كل شيء "
قلت من فوري " ألن تتناول الغداء معي "
قال متوجها جهة سيارته " في المرة القادمة "
ثم ركب وأغلق الباب وفتح النافذة وقال مبتسما وهو يحرك سيارته " لا تنسى أن تطعم فرسي السكر والحلويات "
ثم ضحكنا معا وغادر المزرعة , توجهت بعدها لمنزل المزرعة دخلت وقابلني وليد
فقلت مجتازا له " تأكد من أنهم نظفوا أعنة ورشوم الخيول جيدا أنا سأغادر الآن "
قال بصوت مرتفع لأسمعه " ألن تتناول الغداء "
قلت وأنا أصعد السلالم " لا رغبة لي في الطعام , تغذى أنت وجواد فهو في طريقه إلى هنا "
صعدت لغرفتي أخذت بعض الأوراق ونزلت فكان ينتظرني في الأسفل فقلت بضحكة " ما بك وكأنك زوجتي "
ضحك كثيرا ثم قال " لو كنت زوجتك للحقت بك للغرفة ، ولم أتركك تخرج منها "
لكمته على خده وضحكنا سويا ثم قال وهو يلحقني لأني غادرت من عنده " اتصلت بعائلة الشعاب كما طلبت "
قلت وأنا اركب السيارة " جيد وما قالت لك جاسوستك هناك "
ضحك وقال وهو يتكأ بذراعه على باب السيارة المفتوح " تلك الخادمة الجشعة لم يعد يرضيها ما أدفعه لها وتريد المزيد وقالت لم يعودوا يسجنوها وتوقفوا عن ضربها أيضا "
سحبت الباب من تحت ذراعه وقلت " ذلك أفضل وداعا الآن "
ثم غادرت المزرعة لمدينتي لأرى ما تريد والدتي مني وغريب أنها طلبت من جواد إخباري ولم تتصل بي بنفسها
*
*
طرقت عليا الخادمة الباب لتخبرني أن شقيقي الأكبر يريدني في الأسفل , وما سيصنعه بي ولما توقفت زياراتهم لي منذ الأمس !
هل الزواج وحده الذي كان سيحررني منهم , لما ليس ثقتهم بي ولا حبهم لي , نزلت للأسفل ببيجامة النوم على غير عادتي ...
مي المحترمة التي تخجل من أن تظهر أمام أشقائها بملابس النوم وشعري مفتوح تتدلى خصلاته على وجهي وجبيني وهم لم يروه مفتوحا يوما
لكن مي ماتت ... نعم ماتت مع ماضيها النظيف وبقيت النجسة فقط , وصلت للأسفل وكانوا ثلاثتهم هناك مجتمعين
وصلت في صمت وجلست مبتعدة عنهم وعيناي في أعينهم بعدما قتلوا نظرة الاحترام المكسورة التي اعتدت عليها أمامهم
قال رافع وهو الأكبر " مدير أعمال زوجك اتصل وقال أنه أودع نقود جهازك في حساب عمي سعيد كما مهرك "
هه يبدوا ذاك الزوج يفكر جيدا ولم يسلم لهم المال ليسددوا به ما تبقى من ديون خسارتهم بعدما عبثوا بتجارتنا بعد وفاة والدي , قال بعدما طال صمتي " أخرجي برفقة أسماء أو عالية لتشتري ما يلزمك "
قلت ببرود " لن أخرج ولن أشتري "
نظروا لي بصدمة ... نعم ذوقوا مي الجديدة التي صنعتموها بأنفسكم
قال عصام " وكيف تذهبين له من غير جهاز "
قلت بذات برودي " وما الحاجة له , نجسة تتجهز يالا المسخرة , ولمن !! لعجوز قد لا يراها "
قال عاصم " عجوز !! بل شاب ولم يسبق له الزواج "
قلت بضيق " وما الذي يجعلكم توافقون على شاب يتزوج بي لما لم تفكروا في عواقب هذا الأمر ؟
سوف يرميني لكم من جديد ، ولن نجني شيئا سوى المزيد من الهرج والشائعات "
قال رافع " لن يطلقك لأنه وضع شرطا بأنه من يكتب ورقة طلاقه منك سيكتب ورقة زواجك بغيره وبموافقتك أو لن يطلق أبدا "
وقفت وقلت " ما هذه المهزلة كيف يرضى بي ويضع شرطا كهذا هل لأحدكم أن يشرح لي "
وقف رافع وقال بحدة " لم نعرفك ترفعي صوتك علينا وتخالفينا أم سقطت القشرة يا مدللة والدك "
قلت بحسرة " ومدللتك حتى أنت في الماضي يا رافع إن نسيت "
ضغط قبضة يداه ثم قال بغيض " قلت تتجهزي يعني تتجهزي ولا تفضحينا مع الرجل بلسانك الطويل الجديد "
قلت بسخرية " لا تخف لن أفرط في الزوج العزيز فلن يكون أسوء مما رأيت هنا "
تقدم ناحيتي عدة خطوات يقبض يده وقال بغضب " مي لا تطريني لضربك مجددا "
قلت بحدة " مد يدك علي وسأخبر عمي سعيد ليخبر زوجي فلم أعد للسبيل يضربني من مر من أمامي "
ثم صعدت لغرفتي وتركتهم وارتميت على السرير أبكي حياتي الضائعة والمتبقي منها والله وحده يعلم ما سيكون
*
*
دخلت المنزل وتوجهت من فوري لغرفة والدتي طرقت الباب وفتحته وصدمت بوجود وسن معها وهي نظرت لي بصدمة لا تقل عن صدمتي ويبدوا أنها لا تعلم بقدومي
نظرت بعدها لوالدتي فقالت بهدوء " ادخل واجلس يا نواس "
بقيت أنظر لها كالتائه ... ما قصة ما تفعله أمي وما الذي يجري
وقفت حينها وسن وحملت حقيبة يدها تريد المغادرة فقالت أمي " أجلسي يا وسن وأنت تجلس أم لا كلمة لي لدى أي منكما "
كانت وسن ستتحدث فأسكتتها قائلة " من لا يجلس الآن ويستمع لي لا أعرفه ولا أعترف به "
جلستْ مشيحة بوجهها جانبا وتقدمت أنا وجلست مقابلا لها في صمت
فقالت أمي " لن نترك المشاكل عالقة ولن أسمح لعنادكما أن يدمر مستقبل ابنة شقيقتي , وسن ستكمل دراستها من مالها وحين تتخرج لها الخيار "
قاطعتها محاولا الكلام فقالت بحدة " لا أحد منكما يتحدث حتى أنهي كلامي "
عدت للصمت ونظري على وسن لم يفارقها وهذا حالي في كل مرة أشعر أنني أودعها للأبد
تابعت أمي " وستعيش وسن هنا معي بعد سفر جواد وفرح "
نظرت لها وسن بصدمة فقالت " هنا منزل خالتك إلا إن كنتي لا تعتبرينني خالة لك , هذا ليس منزل أحد غيري وستبقي معي فيه حتى تخرجي منه عروسا لبيت زوجك أو أموت "
كل خيار منهما كان كالسم , وسن من حقها أن تتزوج وتعيش حياتها لكن كيف لما لا أستطيع تقبل الفكرة ولا بأي شكل
نعم مجروح منها حد الوجع وأعشقها حد أني لا أريد أن يلمس رجل غيري ولا خصلة من شعرها لأني سوف أجن حينها بالتأكيد
رفعت حينها وسن عيناها لتلتقي بعيناي ونزلت منهما دمعة تتدلى على رموشها الطويلة ...
لغة لا تتقنها سواها ودموع لا يعرف غيرها كيف يبكيها , أخفضت بعدها نظرها وقالت ببحة " لم أرضى أن يتصدق عليا بالمال فلن يتصدق عليا بالمأوى فإن بقيت معك هنا لن أخرج لمكان غيره "
هي تعلم أني أريد من والدتي أن تنتقل للعيش معي في المزرعة وهذا ما ترمي إليه بالتأكيد , وسن الجديدة وسن التي تقتل وسني يوما بعد يوم حتى نجد أنفسنا في يوم أندم فيه أنني قتلتها ووقتها قد أتمكن من أن أغفر لها
قلت ببرود " أعتقد يا وسن أني المسئول عنك بعيدا عن كل مشاكلنا وتراكمات الماضي فأنا وليك وأنا كلمتي النافذة "
نظرت لي بجمود وقالت " كلمتك على زوجتك وليس علي "
*
*
وقفت وسط المنزل ولم أعرف في أي اتجاه سأتحرك
هل أخرج أم أبحث عنها هنا ؟ فكان أول ما فعلته ولا إراديا أن ناديت " سما أين أنتي "
كانت فكرة غبية ولكن ليس لي غيرها , هل والدتي معها حق وأنها لعبت تلك اللعبة لتسرقني أو تلتقط صور لغرفتي وتفعل بها ما تريد , لكنها لا تعلم أني راقبت حافلتها ونزلتْ كما قالت في مكان مقطوع واجتازت الأشجار
توجهت نحو باب المنزل وخرجت ووقفت أمامه لا أعلم ما سأفعل سوى أنه عليا الخروج
أخرجت هاتفي واتصلت بجابر لأقابله في أقرب وقت فإن كانت قصة ما حدث لعائلتها حقيقية سيكون على علم بها بالتأكيد
عدت ودخلت المنزل فلا خيارات لدي في هذا الليل المتأخر سوى جابر ولكن مهلا هي تحدثت عن قبوا يفتح لخارج منزلهم بمسافة لهذا لم أجدها ذاك اليوم واختفت بين الأشجار المتباعدة وهذا يعني أن ما قالته حقيقة
ولكن ذاك المكان بعيد عن هنا هل ستنام الليلة في الشارع كما حدث حين تركت منزل تلك السيدة !
هممت بالخروج مجددا ووصلت عند الباب فاستوقفني حينها صوتا يقول " أستاذ نزار "
التفتت للخلف مباشرة وكانت هي خلفي تحتضن حقيبتها المدرسية ولم تغادر المنزل , بقيت أنظر لها مطولا بصدمة ثم قلت " سما أين كنتِ !! "
أشارت بإصبعها للمطبخ وقالت " في الخزانة , خفت أنك تكذب علي وستسلمني لهم "
أخفظت رأسي وهززته ضاحكا ثم نظرت لها وقلت " وأنا ظننتك هربتِ وكنتِ تكذبين علي "
ضمت حقيبتها أكثر وقالت بحزن " أخبرتك أنك لن تصدقني "
يا إلهي كيف نسيت أني أتعامل مع مراهقة طفولية , قلت بجدية " بلى أصدقك فقط لعبت بي الظنون قليلا بادئ الأمر ثم لو لم أصدقك ما كنت سأخرج للتو للبحث عنك "
بقيت تنظر لي بصمت فقلت بابتسامة " وأين أخفيتي كيس الطعام "
أخفضت بصرها وضحكت ضحكة صغيرة ثم قالت " في حقيبتي "
قلت مبتسما " حسنا عودي الآن للغرفة ونامي وغدا سنتحدث حسنا "
هزت رأسها بحسنا ثم توجهت ناحية السلالم وصعدت في صمت وتوجهت أنا لغرفة والدتي ونمت هناك ولم أتذكر إلا وقت الفجر أني لم أخبرها بما كنت سأقوله لها فكتبته في ورقة وتركته لها عند الباب
*
*
كنت أحاول ترتيب مفرش السرير تحتي حين طرق أحدهم الباب ودخلت دعاء وقالت مبتسمة " صباح الخير ما كل هذا النشاط "
قلت مبادلة لها لابتسامة " هكذا نحن العجائز نمرض في الليل وتنشط ألسنتنا في الصباح "
ضحكت وقالت وهي تأخذ كيس الأدوية " ليت الكل بطيبتك , ثم أنتي لستِ عجوز "
قلت وأنا أساعدها في جمع أدويتي " أي لست عجوز هذه , لو نزارتزوج منذ ذاك الوقت لكان ابنه الآن سيدخل الثانوية قريبا "
ابتسمتْ حينها دعاء بأريحية لأنها فهمت أن ما قالته رهام محض كذب
لو أفهم فقط أي لعبة يلعبانها هما الاثنتان وكم أخشى من عواقب هذا فيكفي ابني عقد لم تشفى بعد ليزيدوها على ما فيها
دخل حينها نزار بعدما طرق الباب ، وقال بابتسامة ونظره علي " صباح الخير "
قلنا معا " صباح النور "
اقترب بالكرسي وقال " هيا منزلك اشتاق لك أم أنك تريدين البقاء هنا "
ابتسمت وأنزلت قدماي من على السرير وقلت " ومن يحب البقاء في المستشفى غير الأطباء والممرضين "
قالت دعاء بعد ضحكة " ومن قال أننا نحبه هي لقمة العيش فقط "
ثم تابعت ونزار يجلسني على الكرسي " يمكنني أخذها في طريقي لتلحق حصصك "
قال وهو يعدل ثيابي ، ونظره عليهم " وكيف علمتِ أن عندي الحصص الأولى "
أخفضت بصرها وقالت خجلة " من زيارتي لوالدتك في نفس اليوم من الأسبوع الماضي "
نظر لها وقال " وأنتي متعبة من سهرك البارحة في مناوبتك فلا تتعبي نفسك أكثر وشكرا لك على كل شيء "
تم غادر يسحبني معه على ابتسامة الدهشة والرضا منها لأنه انتبه لأوقات عملها هنا
دعاء فتاة طيبة ومحبوبة فما في الأمر إن تحركت مشاعره لها ولكن الخوف يبقى من رهام لأنها وعلى ما يبدوا تعرف شيئا وتريد إبعاد دعاء عنه بأي طريقة
ركبنا المصعد فرفعت رأسي ونظرت له وقلت " ماذا حدث في أمر الفتاة "
قال ونظره على أرقام المصعد " حين أعود من المدرسة نتحدث أمي حسناً "
تنهدت بضيق ولذت بالصمت , وصل بي المنزل وأوصلني حتى سريري وساعدني للجلوس عليه وغادر في صمت
غريب أين تلك التي قال عنها !! المنزل لا يبدوا به أحد , ويحك يا نزار هل تنام الفتاة في الأعلى ؟ أمسكت المصحف وبقيت أقرأ فيه لوقت حتى سمعت صوتا خفيفا جهة الباب فرفعت نظري فكانت ثمة فتاة ....
لا لم تكن كما تخيلتها هذه صغيرة جدا أعتقد لم تتجاوز الرابعة أو الخامسة عشر من عمرها بعينان زرقاء واسعة وشعر كستنائي ممسوك للخلف شفتان صغيرتان وملامح طفولية جدا ونظرتها كانت بريئة جدا وحزينة وترتدي زيا مدرسيا
فهمت الآن هو جلبها من المدرسة
قالت بهدوء " صباح الخير يا خالة "
قلت بعد صمت " تعالي اقتربي "
اقتربت مني بخطوات بطيئة ثم قالت بأدب " آسفة سيدتي إن سببت لك إزعاجا بوجودي هنا , إن كنتي لا تريدي بقائي غادرت حالا ... أقسم لك "
أجزم أن هذه الفتاة من عائلة غنية وعاشت كل حياتها بين الأثرياء أسلوبها وأدبها وحتى نبرة حديثها تدل على ذلك ولا أعلم لما تدخل القلب بسهولة
قلت بابتسامة " اقتربي يا ابنتي واجلسي هنا على الكرسي "
اقتربت أكثر ثم جلست على الكرسي أمامي وقالت " حمدا لله على سلامتك قال لي الأستاذ نزار أنك في المستشفى وسيخرجك اليوم من هناك "
قلت بهدوء " هل أنتي إحدى طالباته "
أخفضت نظرها وقالت " نعم "
قلت " ما أسمك وأين هم عائلتك "
قالت بدمعة غلبتها تمسحها بكمها " أسمي سما وعائلتي ماتوا جميعهم "
أحسست حينها بغصة في صدري , مسكينة هذه الفتاة إن كان كما قال نزار فهم ماتوا مقتولين ويبدوا أمامها,
قلت بحنان " الله لا يموت يا سما فلا تحزني "
نظرت لي وقالت بابتسامة حزينة وعينان دامعتان" أمي كانت تقول لي هذا دائما "
ربتّتُ بيدي على السرير وقلت " تعالي اجلسي بجانبي "
وقفت من فورها وجلست حيث قلت فمسحت على شعرها وقلت " احكي لي قصتك يا سما "
اتكأت على كتفي وبدأت بسرد قصة أشبه للخيال من الواقع وهي تبكي كل حين وتمسح دموعها
مسكينة يا صغيرة كيف تعيشين بعقلك حتى الآن ! يبدوا لي قد فعل نزار الصواب بجلبها إلى هنا
قلت بحنان ماسحة على شعرها " نزار وعدك أنه سيساعدك وسيفعل ، فاطمئني "
هزت رأسها بحسنا دون كلام فقلت " هل تناولتِ إفطارك "
جلست مبتعدة عني وقالت " لا "
قلت بابتسامة " ولا أنا هل تجيدين طهوا الطعام ؟ تبدين صغيرة لذلك علينا أن ننتظر نزار ليطعم السيدتان الكسولتان "
ابتسمت ابتسامة صغيرة ثم قالت " بلى أعرف كيف أطهوا أطباقا كثيرة عربية وحتى هندية أمي كانت تتركني أساعدها لأن والدي لم يكن يحب أن يأكل غير طعامها "
قلت بحزن " لما لا تقولي رحمهما الله كلما ذكرتِ اسمهما يا سما , ذاك الدعاء يفيدهما حيث هما الآن "
تدحرجت دمعتها وقالت بحزن " لا استطيع أشعر أنهما على قيد الحياة وهذه الجملة تسبب لي اليأس والحزن "
تنهدت وقلت " سما أنتي امرأة عاقلة ومسلمة عليك الإيمان بالموت والرضا بحكم الله لأنه العدل في السماء والأرض "
مسحت دموعها وهزت رأسها بحسننا ثم وقفت وقالت " هل تسمحي لي أن أقبل رأسك يا خالة "
قلت بابتسامة " ولي الشرف يا سما أنتي فتاة مؤدبة حقا "
قبلت رأسي ثم قالت " سأعد لنا إفطارا سيعجبك "
قلت بضحكة " لا تسرفي في المطبخ وراعي جيب نزار هو ليس كوالدك "
ابتسمت وهزت رأسها بحسنا وغادرت بهدوء
أتمنى أن يجد لها أهلها ولا تجلب لنا مشاكل كثيرة فهي تبقى فتاة مطاردة من أناس الله وحده يعلم من يكونون
ولكن ليس من العدل تركها وحيدة تواجه كل هذا الرعب , كم في الحياة من قصص كالخيال
*
*
ما أن انتهيت من حصصي خرجت من المدرسة فورا فعليا العودة للمنزل قبل أن تقابلها والدتي , أعلم أنها تفكر في مصلحتي لكنها قد تجرحها بما قالته عنها البارحة فأنا أعرف أمي جيدا طيبة القلب وحنونة لكن خوفها علي قد يجعلها تتصرف معها بخشونة
كتبت لسما في الورقة أن لا تنزل وتتحدث معها أو أن تتقبل ما قد تقوله لها ولا تغادر
وصلت المنزل فتحت الباب ودخلت على صوت ضحكات خارجة من غرفة والدتي لابد وأنها دعاء جاءت لتفقدها , دخلت وتوجهت لغرفتها من فوري ووقفت عند الباب مصدوما من المنظر
ثم قلت بابتسامة " سبقتماني وتعرفتما على بعض "
التفتت سما من فورها ما أن سمعت صوتي ووقفت مبتعدة قليلا وقالت أمي بابتسامة " لم تخبرني أنها صغيرة وجميلة ومؤدبة وابنة عائلة مرموقة , ظننتك أحضرتها من الشارع "
دخلت الغرفة وقلت " لم تتركيني أقول شيئا "
ثم قلت ناظرا لصينية الطعام " ما هذا !! من أعد الإفطار "
قالت أمي بابتسامة ناظرة جهة سما " طالبتك النجيبة طبعا إنها ماهرة ها قد وجدت من سترفع عنك حمل إعداد الطعام من اليوم "
قلت ضاحكا " جلبتها لأساعدها لا لتساعدني "
ضحكت وقالت " يكفيك عجوز كسولة واحدة هيا تعال تذوق إنه رائع "
ثم نظرت جهة سما وقالت " ما بك هربتِ هناك يبدوا أستاذك هذا يشكل لكم رعبا في الحصة "
نظرت لي ثم أخفضت بصرها وقالت بحياء " لم أره يضحك إلا هنا "
ضحكت والدتي وقالت " ستتسبب بعقد للفتيات خف عليهن قليلا "
قلت مغادرا الغرفة " لن يجدي غير هذا الأسلوب ، سأستحم وأنزل لكما "
دخلت غرفتي فكانت مرتبة وكأنه لم يكن بها أحد , توجهت للحمام فكان نظيفا ومعطرا أيضا
تبدوا فتاة نشيطة وليست كباقي الثريات لا تعرف إلا إحداث الفوضى , استحممت ولبست ثياب المنزل ونزلت للغرفة فكانت والدتي وحدها
فجلست بجوارها على السرير ، وقلت " جيد تغير كلامك ، ورأيك عنها البارحة "
تنهدت وقالت " يا لها من فتاة مسكينة أتمنى أن تجد حلا لمشكلتها لا أن تجلب لنا مشاكل أخرى "
قبلت يدها وقلت " قد يكون الله وضعني في طريقها لأجد لها أهلها "
قالت بابتسامة " ها هي المسكينة ترتب المطبخ منذ وقت من يراها لا يصدق أنها ابنة أثرياء "
قلت بهدوء " يبدوا والداها لم يربيانها على الترفع والدلال "
قالت " بالتأكيد ولكن أين هي ملابسها هل ستبقى بزي المدرسة طوال النهار "
قلت من فوري " سآخذها حالا حيث كانت تعيش ، ونحظر كل ثيابها وحاجياتها "
قالت " وما ستفعل في أمرها "
نظرت للساعة في يدي وقلت " كنت سأقابل جابر وأتحدث معه لكنه لم يتصل بي يبدوا ثمة ما يشغله , عليا أولا فهم بعض الأمور منها وزيارة ذاك المكان الذي حكت لي عنه ثم أتحدث
وجابر فمؤكد مرت به قضية عائلتها وسنرى ما سنفعل "
دخلت حينها سما تمسح الماء من يديها في زيها فقلت " تعالي اجلسي يا سما واتركي عنك التنظيف , علينا أن نتحدث في أمور أخرى أهم من المطبخ "
اقتربت ببطء فقلت " اجلسي على الكرسي لا تخجلي يا سما "
رفعت نظرها وقالت " هل يمكنني الجلوس بجوار الخالة على سريرها "
مدت والدتي لها يدها وقالت " بالطبع تعالي هيا ، وقم أنت واجلس على الكرسي "
وقفت وقلت " أمري لله تبيعينني في يوم واحد يا أمي "
قالت ضاحكة " إكرام الضيف واجب "
جلست أنا على الكرسي المقابل لسرير والدتي وجلست سما بجوارها ونظرت لها وقلت " أخبريني يا سما ما كنتي تلاحظين على تجارة والدك , أعدائه مثلا وما الذي جاء به إلى هنا بعد كل هذه السنوات "
هزت رأسها وقالت " كل ما أعلمه وما لاحظته كثرة اللقاءات بينه وبين شريكه في الهند قبل مجيئنا , كان والدي مستاءً كثيرا في الآونة الأخيرة ثم قال أنه سيبيع حصته وسنرجع للوطن , اشترى هنا مصنعا له ومن ثم باعه وجلب كل نقوده "
قلت " كيف علمتِ أن عفراء تعلم شيئا عنهم "
نظرت للفراغ بشرود ثم قالت " سمعتها مرة تتشاجر وزوجها وقالت له إن دللتهم على مكان الفتاة سلمتك للشرطة وأنت تعلم أنك لن تخرج من السجن ما حييت "
قلت بحيرة " ترى ما علاقة زوجها بهم !! "
رفعت كتفاها وقالت " لا أعلم ما أعرفه أنه يسرق أوراق وأشياء من أحد ما ويبتزه بها "
مررت أصابعي في شعري وقلت " الأمور تزداد تعقيدا بدل أن نجد لها حلا "
ثم تنهدت وقلت " وكيف حصلت عفراء على ورقة تثبت مسئوليتها المؤقتة عنك وبتوقيع من والدك "
قالت " لا أعلم قد تكون سرقتها من الأوراق لدى زوجها لأن جميع أوراق ومستندات والدي سرقت "
قلت من فوري " ما الذي تعرفيه عن عائلتي والداك أو قالاه أمامك "
قالت " لا اعلم شيئا لم أرى أحدا منهم في حياتي , أذكر في مرة حين كنت في العاشرة تقريبا سألت والدي لما ليس لديا أعمام وعمات كباقي الفتيات هناك فقال هم لا يريدوننا ونحن في غنى عنهم "
نظرت للأرض بشرود لوقت ثم وقفت وقلت " هيا سنغادر معا لقبو منزلكم حيث كنتي تعيشين ونجلب أغراضك وثيابك وسأجهز لك الغرفة في الأعلى وستبقي معنا حتى نجد عائلتك "
هزت رأسها بحسنا ثم وقفت وخرجنا معا فقالت والدتي " كونا حذرين "
قالت مغادرا " لا تقلقي يا أمي سنعود حالا "
خرجنا وركبنا السيارة فقلت ونحن ننطلق " أخفضي رأسك يا سما ولا تنظري لشيء لا السيارات ولا المارة ولا أي شيء فإن نجوتِ في السابق قد لا تنجي في القادم ومؤكد زوج تلك السيدة دلهم عليك وهو يعرف شكلك "
قالت بهمس " حسنا "
سرت لمسافة لا بأس بها حتى وصلت المكان الذي تنزل عنده ووقفت مبتعدا عنه قليلا وقلت " وصلنا "
رفعت رأسها ونظرت لي بصدمة ثم قالت " كيف علمت "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " لست منهم طبعا لكنت أمسكت بك من وقت "
بقت تنظر لي بحيرة ودهشة فقلت " تبعت حافلتك منذ أيام حين شككت في أمرك ورأيتك تنزلين هنا "
تنهدت ونظرت للأسفل وقالت بعبوس " آه يعني أني كنت لقمة سهلة لو أحدهم علم أني في تلك المدرسة "
قلت وأنا أفتح باب السيارة " وأستغرب كيف لم يجدوك حتى الآن , هيا أنزلي سنقترب للمكان من هنا "
نزلتْ وتوجهنا لداخل المكان وسارت أمامي وأنا أتبعها حتى وصلت لجهة معينة ثم نزلتْ للأرض وأزالت الأوراق عنها
ظهر لوح وكأنه زجاجي ووضعت يدها عليه فأصدر صوتا وكأنه سحب لشيء حديدي على الأرض , كنت أضن أن هذه الأمور توجد في الأفلام فقط لكنها ها هي حقيقة أمام عيني
استوت بعدها واقفة وأشارت بأصبعها وقالت " الباب هناك لقد فتحته "
إذا الصوت كان لفتح الباب وليس من هذا الشيء , يبدوا والدها فكر في حمايتهم جيدا حتى أن باب القبو لا يفتح إلا ببصمة أيدي عائلته أي إن دخلت هناك وانغلق خلفها لن يصلوا إليها مهما حاولوا
توجهتْ نحو الباب وأنا أسير خلفها مباشرة وكان فتحة مربعة الشكل وبه درجات للنزول عند فتحته مباشرة
نزلتْ هي ونزلت خلفهاحتى كنا في الأسفل ثم وضعت يدها على زر مماثل فانغلق الباب مباشرة وأصبحنا في الظلام الدامس وأخرجت حينها مصباحا من حقيبتها وشغلته فقلت بحيرة " ألا إنارة في الممر هنا "
قالت وهي تسير وأنا أتبعها " زر الإنارة في مقدمة الممر فقط "
قلت بحيرة " ولما "
قالت " لا أعلم هكذا التصميم "
قلت وأنا أتجول بنظري على جدران الممر " ولما هو ليس مضاء من المفترض أنك شغلته حين مغادرتك "
قالت " بلى شغلته ولكنه ينطفئ بعد تشغيله بعشر دقائق "
غريب لما يا ترى !! بعد مسافة وقفت عن السير ووجهت مصباحها للجدار وضغطت بيدها على زر آخر فصدر ذات الصوت هناك وقالت " هنا توجد فتحة عميقة في الأرض ستغلق حالا "
ومن ثم سرنا فوقها وتابعنا سيرنا , هكذا إذا لهذا لا إضاءة هناك فإن
كانت مطاردة ونزلت وأحدهم خلفها يقع في الحفرة لأن مصباحه سيكون موجه للأمام وليس الأرض
هذا إن كان معه مصباح ، تصميم غريب وذكي ليس أي أحد يمكنه التفكير فيه , قلت" ألا يوجد زر لفتح الحفرة من جديد "
قالت من فورها " بلى وتفتح من تلقاء نفسها بعد دقائق أيضا "
وصلنا حينها لمكان واسع جدا بأعمدة ومضاء في جهة واحدة فقط كما قالت وجهتان به مظلمتان
توجهتْ من فورها للجهة المضاءة وأنا أتبعها كان هناك فراش وبطانية وصناديق وخزانة أيضا وبعض الأثاث الغير مستعمل وباب في نهاية الجدار يبدوا حماما وهناك توجد مغسلة وصنبور مياه
اقتربت سما من الصناديق وفتحت إحداها وهي تقول " هذه كلها أموال بقيت هي وذهبت عائلتي , كريهة لما يعيش المال ويموت البشر في المقابل "
كان الصندوق مليء بالرزم قلت بدهشة " الصناديق كلها كهذه "
قالت " نعم كل أموال والدي رحمه الله "
ثم رفعت أصبعها وقالت " وهناك فتحة تأخذ لوسط المنزل تفتح وتغلق من هنا ومن هناك "
ثم أشارت بأصبعها للجهة المظلمة وقالت
" وهناك يتهامسون في الليل .... في الليل فقط "
قلت بحيرة " ولما لا تشغلي أنوار تلك الجهة أيضا كي لا تخافي "
قالت من فورها " لأني لا أريد أن أراهم يكفي أصواتهم "
أخذت المصباح من يدها وقلت " أجمعي كل أغراضك وثيابك "
ثم توجهت جهة الجانب المظلم وتجولت فيه بالمصباح , كان
المكان فارغا تماما وتوجد بعض صناديق للكهرباء وفتحات تهوية لا أعلم أين تنتهي وفقط لا شيء آخر , قلت بصوت مرتفع " ومن أي جهة كنتي تسمعين الطرق "
قالت بصوت بالكاد أسمعه " من أكثر من جهة خصوصا هنا " بعد وقت عدت ناحيتها فكانت قد جمعت أغراضها في كيس كبير بعض الشيء
فقلت " والمال ما ستفعلين فيه "
قالت بحزن " لا أريده وأكرهه , بسببه خسرت عائلتي "
قلت بهدوء " ولكنها أموالك ومستقبلك لا تخسري الاثنان معا , لن نأخذهم معنا الآن حسنا "
قالت مغادرة أمامي تجر الكيس بصعوبة " لا أحتاجهم خدهم أنت كلهم أكرههم قلت أكرههم "
هززت رأسي بيأس وتبعتها , الشرطة والمال أكثر ما باتت تكره وهما أكثر ما ستحتاج في حياتها , وصلت عندها وأخذت منها الكيس وغادرنا المكان وتوجهنا للسيارة وركبنا متوجهين للمنزل
لو لم أرى كل هذا بعيني لقلت أنه كذب وأستغرب حتى الآن كيف صدقتها بادئ الأمر , مقتل عائلتها أمور تحدث كثيرا
لكن القبو وألغازه شيء غريب جدا ويبدوا والدها كان خائفا من شيء ما من قبل قدومه لذلك اشترى هكذا منزل , هذا إن لم يكن بناه بنفسه , عليا مقابلة جابر بسرعة وبحث ما علينا فعله
نظرت لها وكانت تنظر للأسفل كما طلبت منها عند قدومنا فقلت بهدوء " هل تحتاجين شيئا أشتريه لك "
هزت رأسها بلا دون كلام ثم قالت " يكفي أنك صدقتني منذ البداية وتريد مساعدتي , لن أنسى لك هذا أبدا ما حييت "
عدت بنظري للطريق وقلت " لا تشكريني يا سما حتى نجد عائلتك وتنجي من الخطر المحدق بك , تأكدي بأني لن أتخلى عن مساعدتك أبدا "
لاذت بالصمت حتى وصلنا للمنزل نزلت وأنزلت كيس ملابسها ودخلنا المنزل وتوجهت من فوري لغرفة والدتي وهي تتبعني  ودخلت ملقيا التحية وأجابت والدتي مبتسمة
دخلت سما فقلت " سأشتري اليوم سريرا وخزانة للغرفة الشاغرة في الأعلى يمكنك البقاء في غرفتي يا سما "
هزت رأسها بلا وقالت ونظرها للأرض " سأبقى اليوم هنا مع خالتي وأستخدم الحمام الأرضي أنا لا أنام بعد الظهيرة "
قلت متوجها نحو الباب " كما تريدي سأصلي الظهر ثم أعد لكما الغداء "
قالت من فورها " بل أنا من ستطبخ الطعام منذ اليوم , أنا أحب الطبخ كثيرا وسأنظف المنزل أيضا لا تقلق بشأن كل هذا "
التفتت لها وقلت " ولكن ... "
قالت والدتي رامية بيدها " اذهب هيا انتهى الأمر طعامها لذيذ وألذ من طعامك وستنظف المنزل بعناية أكثر منك "
ضحكت وقلت " أين كنتي تسكتين على كل هذه العيوب التي ترينها بي "
ضحكت وقالت " ليست عيوب بك ولكن الرجال لا يمكنهم إتقان عمل النساء مهما حاولوا "
غادرت من عندهما وتوجهت لغرفتي صليت الظهر واتصلت بجابر كثيرا ولم يجب ثم أرسل لي ( نتقابل بعد العصر )
جلست على السرير وفتحت حاسوبي وشغلت الانترنت وبقيت لوقت أبحث عن اسم عائلتها في ملفات الجرائم
المشكلة أنه لا لقب لها ولا يوجد بينهم ولا حتى في الاسمان الأولان مشابه بحثت عن احمد عبد الله فيهم ولا نتيجة
بحثت حتى عن سما أحمد عبد الله ونفس الشيء غير موجود
بعد وقت سمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي فوقفت وفتحت الباب فكانت سما , نظرت للأرض وقالت بهدوء " الغداء .. "
قلت قبل أن تنهي كلامها وأنا أخرج وأغلق الباب " هيا لنتذوق مديح والدتي فلن أطهوا لها بعد اليوم إن كان طعامك سيئ "
قالت وهي تنزل السلالم أمامي " وإن كان جيد "
ضحكت وقلت " سأكون في مشكلة حين نجد عائلتك وتغادري "
وصلنا عند الباب فالتفتت لي ونظرت باتجاه نهاية الصالة وقالت مشيرة بأصبعها " لما لا نجلب تلك الطاولة والكراسي هنا لتكون كطاولة أكل في الغرفة ولا تأكل والدتك وحدها "
نظرت للطاولة وقلت " ولكن سيتعبها كثرة انتقالها من السرير للكرسي "
قالت ونظرها هناك " ولما تجلس على الكرسي سنقرب الطاولة من السرير وتنزل ساقيها فقط "
حككت حاجبي بتفكير وقلت " فكرة لا بأس بها ولكن سيكون علينا إدخالها وإخراجها في كل مرة لأن البعض يزورون والدتي في غرفتها "
قالت بعد صمت " تلك مشكلة ولكن قد نجد لها حلا دعنا ندخلها الآن "
قلت متوجها نحوها " حسننا ستساعدينني في إدخال الطاولة أما الكراسي سأدخلهم أنا "
نقلنا الطاولة للغرفة ثم خرجت وأدخلت كرسيين فقالت والدتي " ماذا ستفعلون بهم "
وضعتهما وقلت " سما ستغير ترتيب أثاث المنزل أيضا "
ضحكت والدتي وقالت سما ونظرها للأرض " آسفة إن أزعجك هذا ونعيدهم حالا إن كنت لا تريدها هنا "
قلت من فوري " لا أبدا فكرة جيدة ، أن نأكل مع والدتي بدلا من وحدتها الدائمة "
قربنا الطاولة من السرير وجلست والدتي مقابلة لها وأحضرت سما كل ما يلزم تحت إصرارها أن لا أساعدها
آه غداء مريح وأخيرا وبدون زوجة وأبناء وتذمر وإزعاجات ومصاريف زائدة حتى ترتيبها للأطباق والملاعق والشوك كان مختلف عني وكما قالت والدتي أمور النساء لن نجيدها نحن الرجال مهما حاولنا
كان الطعام مرتبا ومزينا وكأننا في مطعم , من يُصدق أن هذه الفتاة الصغيرة من فعلت كل هذا
تناولنا الطعام ثم أخرجنا الطاولة ووضعناها بجانب الباب لتكون قريبة لنقلها وإرجاعها ثم قلت " سأصعد لأنام قليلا هل تحتاجين شيء "
هزت رأسها بلا في صمت فابتسمت وتركتها وصعدت , والميزة الأخرى فيها قليلة الثرثرة حتى نعم ولا لديها بالإشارات
نمت حتى العصر ثم استيقظت استحممت وصليت ونزلت للأسفل وتوجهت لغرفة والدتي فكانت نائمة وسما تجلس وتقرأ كتابا من كتبها المدرسية فقلت بهمس " هل صلت والدتي العصر "
نظرت لي وهزت رأسها بلا فقلت " أيقضيها إذا لتصلي سأخرج لأمر مهم هل ينقص المنزل شيء "
قالت بصوت منخفض " بعض منظفات السيراميك وملمع للزجاج وللخشب أيضا "
هززت رأسي بحسننا ثم غادرت من عندها وخرجت من المنزل وتوجهت من فوري لمكتب جابر أخذت إذنا للدخول ودخلت له وأغلقت الباب خلفي فرفع رأسه من حاسوبه وقال بضيق " أخرتني يا مستهتر هل تزوجت ولا أعلم "
ضحكت وقلت " إن تزوجت فلن تراني طوال اليوم "
قال بضيق " يالك من مدعاة للشفقة هل ستلتصق بها من أول يوم "
جلست أمامه وقلت " لا مدعاة للشفقة غير التي قد تتزوجها "
قال بلامبالاة " قل ما لديك هيا وخلصني ليس ورائي إلا أنت "
ابتسمت وقلت " أريد سؤالك عن قضية مقتل لعائلة من رجل وزوجته وطفل وطفلة هندية واختفاء ابنة في الرابعة عشرة "
نظر لي بحيرة مطولا ثم قال " ما علاقتك بهذه القضية "
قلت من فوري " مرت عليك إذا , كيف أهملتها أيها المحقق الفاشل "
قال بضيق " قل ما لديك ولا تتدخل في عملي "
قلت " الفتاة لد..... "
وقف على طوله وقال بصدمة " سما رفعت الشاطر لديك "
*
*
وضعت الوسادة على وجهي مجددا فلم يستوعب عقلي تلك الفكرة المجنونة منذ قال تلك العبارة ونحن في السيارة عائدا بي من القصر فبقيت أنظر له بصدمة ودون حتى أن أرمش ثم قلت بهمس " أعد أعد ما قلت "
اعاد هاتفه لجيبه وقال بجمود ونظره على الطريق " سنتزوج هذا الأسبوع "
قلت بذات جموده " أوقف السيارة "
نظر لي بصمت فقلت بحدة " أوقف السيارة "
توقف وقال بغضب " هذه آخر مرة تصرخي بي تفهمين وصوتك هذا لن يرتفع عليا لاحقا "
فتحت الباب وأنا أقول " هذا إن كان هناك لاحقا يا سيادة المحقق "
ونزلت وضربت باب سيارته بكل قوتي وتوجهت لمنزلي لأنه أصبح قريب جدا , يالا السخافة قال نتزوج قال لا وبالأوامر ما يحسبني خادمة لديه وحتى الخادمة يحترمونها ويحترمون رأيها
لم يحضا بموافقتي كمربية ومعلمة قال أتزوجها وأرميها هناك تتفاهم معهم , لا ومع من مع والدته تلك
فتحت باب المنزل ودخلت وأغلقته خلفي بقوة ورميت الحقيبة بطول يدي وقلت بغيض " وما الغريب يا أرجوان دخل منزلك مرغمة وشرب القهوة ركبتي سيارته ماذا تتوقعين أن يفعل غير أن يأمرك حتى بالزواج به "
توجهت للأعلى ودخلت غرفتي استحممت ودخلت السرير أحاول النوم أو الهرب
ومنذ ذاك الوقت وأنا على هذا الحال تقلبت كثيرا أدس رأسي في الوسادة أثنيها بيداي عليه محاولة أن لا استمع لأفكار رأسي
صحيح أحب أبنائه ولا أريد أن يضيعوا أو يضيع مستقبلهم وأتمنى أن يكونوا معي كما كنا
لكن أن أتزوج بهذه الصخرة الميتة وأعيش مع والدته المتوحشة التي لا يرفض لها أمرا ولا يناقشها في شيء لا وألف لا وزد عليها شقيقة مختفية الله وحده يعلم عاقلة أم مجنونة وكلهم في كفة وأن ينغلق باب غرفة عليا أنا وهذا المتحجر في كفة أخرى لن أجن وأفعلها أبدا ولو ذبحني
نمت بعد وقت وجهد كبيرين ولم أستيقظ إلا وقت الظهر , صليت ونزلت من غرفتي توجهت للحقيبة وأخرجت هاتفي كانت هناك مكالمات كثيرة من سوسن ورسالة فتحتها فكانت منه وكان فيها ( قررت وانتهى الأمر يا أرجوان وحسب علمك من أجل الأولاد ليس من أجلك ولا من أجلي )
رميت الهاتف على الأريكة ودخلت المطبخ لأعد شيئا آكله
*
*
أبعدت ريشة الرسم وقلت " لا تتحركي يا بيسان كم مرة قلتها لك "
حكت أذنها ثم ساقه ثم عنقها وقالت " كله يحكني كله , كيف لا أتحرك "
قلت بابتسامة وأنا انظر للوحة أمامي " هذا لأني طلبت أن لا تتحركي فأصابك الجرب يا مجروبة "
قالت " ما تعني مجروبة "
ضحكت بصوت مرتفع ثم قلت " تعني كل شيء فيك يحكك "
مدت شفتيها مستاءة فقلت " لا تبقي هكذا أو رسمتهما ممدودتان "
حركت المضلة وقالت " ارسمني وهي تتحرك هكذا في الصورة "
ضحكت وقلت " هذه لوحة وليست كاميرة فيديو توقفي عن الحركة أو رسمت ترف وتركتك أنتي "
جمدت مكانها وقالت " حسنا لن أتحرك لكن إن حكني شيء سأتحرك "
قلت وأنا أمزج اللونين " حسنا ولا تكثري الحركة "
سمعنا حينها طرقات خفيفة على الباب وصوت ترف تقول " أفتحوا لي الباب لما تغلقونه ماذا تفعلون في الداخل "
ضحكت بيسان بصمت وهي تخفي فمها في يدها وقالت " أنظر كيف تطرق كالمتسولين "
ضحكت كثيرا ثم قلت " لو تسمعك جدتك قطعت لسانك "
قالت باستياء " لما جدتي لا تحبنا "
قلت ببرود ، وأنا ألون الفستان في اللوحة " هي لا تحبني حتى أنا , لا تكترثي لها "
قالت باستغراب " ماما تقول لا تغضبوها لكنها لا تحبنا ولا تحب ماما "
قلت بابتسامة " هذا لأن ماما سندريلا وجدتك زوجة والدها الشريرة "
قالت من فورها وبعفوية " وهل ستتزوج ماما من الأمير في النهاية وجدتي ستصبح خادمة لديها في قصرهم "
ضحكت وقلت " نعم لكن هذا سرنا لا تخبري به أحد حسنا "
قالت " حسنا ولكن أين بنات زوجة والدها اللتان ستعملانرفي القصر أيضا , لا توجد سوى عمتي زهور فقط ، إذا الأخرى ستكون أنت "
نظرت لها بصدمة وقلت " ها قد انقلب السحر على الساحر, اسمعي كله مزاح ولا تفكري فيه مفهوم "
هزت رأسها بحسنا فوضعت الريشة وقلت " يكفي لهذا اليوم سنتابع في يوم آخر هيا حُكي ما تريدين "
وقفت وقالت " لم يعد يحكني "
ضحكتُ وفتحتُ الباب ، وكانت ترف تجلس أمامه فوقفت وقالت بدمعة محبوسة " أنت تحب بيسان فقط , تدخلها غرفتك ، وتغلق الباب وتتركني في الخارج "
حملتها عن الأرض ودخلت بها وأنا أقول
" الآن دورك سترسمينني أنتي وسنغلق الباب ونترك بيسان في الخارج "
دخلت بها وأغلقت الباب وبدأت بيسان تطرق وتنادي فقلت بضحكة " أنظري كيف تطرق كالمتسولين "
ضحكت وصرخت قائلة " ليس لدينا مال "
ضحكت وأعطيتها لوحة بيضاء وألوان وجلست أتحدث بالهاتف
*
*
دخلت القصر أحمل مصعب بين يداي سأتركه يلعب مع ترف وبيسان لتحل لي المربية واجب اللغة الانجليزية لأنها ماهرة فيها ولأهرب قليلا من أعمال المنزل , أمي لا أعرف كيف تفكر لما ترفض أن تكون لدينا خادمة هل تغار على والدي !
ولما من جماله أو صغر سنه فهما لم ينجباني إلا بعد عشر سنين من زواجهما وأنجبا عمر وعمري تسع سنين ليتبعانه بعدها بخمس سنين باثنين وراء بعض, لا وتريد والدتي أن تنجب أيضا وهي في الخامسة والأربعين الآن ! وصلت السلالم ويالا الحظ السعيد ...
معتصم نازلا من الأعلى ولكن الحل عندي هو يسخر من طريقة كلامي وتصرفاتي إذا سأغيرها أمامه لأنجو منه ومن سخريته لا أعلم ما علاقته بي أخته أمه زوجته أكون ما أكون فيما سأضره ثم لا أفهم ما الخطأ بي هل يريدني كالرجل مثله أم كوالدته وشقيقته الصامتة طوال الوقت
مررت بجانبه دون أن أنظر له بكبر ككل مرة وقلت ونظري على أعلى السلالم بصوت جعلته جديا قدر الإمكان " مرحبا معتصم كيف حالك "
وتابعت صعودي على نظراته المصدومة وأنا اضحك في صمت مبتعدة عنه , لعله يرتاح الآن إلا إن لم تكن المسألة في صوتي وكلامي بل يكرهني دون سبب
وصلت لغرفة الفتاتين وطرقت الباب ودخلت واستقبلتا مصعب بفرح طبعا فهو وعمر الوحيدان اللذان يزورونهم للعب معهم
توجهت أنا للجلوس مع المربية لتحل لي واجبي وما هي إلا لحظات ووصلتني رسالة على هاتفي أخرجته وفتحتها فكان من المتعجرف معتصم وفيها
( إن كان ثمة جني سكنك فأخبرينا لنحضر لك قارئ يقرأ عليك يكفينا علكة لا نريد علكة مسكونة )
أوف ما به هذا لا أعجبه في كل الأحوال ويقتنص الفرص ليهينني
أرسلت له ( علكة أعجب من حولي والداي يحبانني هكذا ومن سأتزوجه يحب العلكة وخصوصا بالفراولة أنت ما شأنك بي )
أرسل على الفور ( من تقصدي بمن سيتزوجك )
أرسلت ( أقصد لن أتزوج إلا ممن يحب العلكة مثلي )
أرسل بعد قليل ( إن قلتها مجددا قطعت لسانك )
أرسلت ( أنت لما لا تعطيني مواعيد قدومك للقصر لأقطع ساقي إن عتبته وأنت فيه )
ثم أغلقت الهاتف نهائيا وانشغلت مع المربية في حل الواجب
*
*
استيقظت متأخرة جهزت نفسي بسرعة كي أدرك وقت دخول العاملات للمصنع فلست بمزاج توبيخ من ذاك المدير المتعجرف
حملت حجابي وحقيبتي في يدي ونزلت مسرعة ألف الحجاب على رأسي وما أن وصلت للأسفل حتى رأيت المنظر الذي توقعت أن أراه وقت عودتي وليس ذهابي
لا وينام على الأريكة واضعا ساقوعلى الأخرى ويخفي عيناه بذراعه , كيف أتصرف مع هذا الرجل كيف
اقتربت منه وقلت بضيق " هل ضاق بك ذاك القصر الضخم ولم تجد أين تنام أم استحليت هذا , لعلمك سأبلغ عنك الشرطة حالا "
ضحك ضحكة واحدة غلبته فقلت بسخرية " نعم تعجبك النكتة كثيرا "
قال وهو على حاله " كيف تكون هكذا نكته ولا تعجبني من هذا الذي سيأتي ليسجنني "
قلت " نعم هذا ما يجعك تفعل كل هذا بثقة , ورائي عمل أريد الذهاب إليه فليس لدي وقت لأعد لك الإفطار ونجلس نتسامر "
أبعد ذراعه وقال ونظره للسقف " لم يعد هناك عمل "
نظرت له بصدمة وقلت " ما تعني بهذا !! "
نظر لي مسندا رأسه بذراعه للأمام وقال ببرود " أعني صرفك مدير المصنع من العمل نهائيا "
قلت بصدمة أشد " وبأي حق يصرفني ومن أخبرك أنت "
جلس وقال " بحق أنك لم تعودي تحتاجينه وعلمت لأني من طلب منه ذلك "
رميت الحقيبة من يدي وقلت بغضب " حتى هنا ويكفي يا سيد , أخبرني بأي حق تقطع رزقي "
قال بهدوء وهو يتكئ بمرفقيه على ركبتيه ونظره للأسفل " لا داعي للصراخ والغضب أخبرتك أنني قررت وانتهى والمصنع لستِ بحاجة للذهاب إليه أبناءك يحتاجونك أكثر إن كنتي تحبينهم بالفعل "
قلت بضيق " وكيف وافقتك والدتك على المستهترة التي ربتهم على الاستهتار , ولا تقُل أنك تريد أن أربيهم على طريقتها "
قال بحدة ورأسه ما يزال للأسفل " لا تخطئي معي في الكلام يا آنسة , أنا من قررت رضيت والدتي أم كرهت تفهمي "
قلت بسخرية " لدي سؤال واحد فقط لو كان لي والد أو شقيق هل كنت ستأمرني بالزواج بك هكذا "
نظر لي وقال بجمود " لو كان لك أحدهما أو حتى كلاهما ما كانا سيرفضانني ولو أمرتهم أمرا وأنتي أذكى من أن تفوتك هذه النقطة "
قلت بابتسامة جانبية " ولما كل هذه الثقة وأخبرني كيف تتزوج بابنة الرجل الذي هربت معه زوجتك "
عاد بنظره للأرض وقال ببرود " هذه مسألة شخصية "
كتفت يداي لصدري وقلت " وهل لي أن اعلم خبايا هذه المسألة لأني لم أقتنع بها بعد "
رفع رأسه وتنفس بنفاذ صبر وقال " الزواج سيتم يا أرجوان نبشت في دفاتر الماضي أم لا وأضنك تحبين الأولاد ولا تريدي أن تكوني معهم إلا للأبد وها هي أتتك حتى عندك أم ستجدي حجة أخرى "
قلت بهدوء ممزوج بالضيق " هل لي بسؤال تجيبني عليه بصراحة "
نظر لي وقال " ما هو "
قلت من فوري " ما هي مكانة الزوجة لديك "
وقف وقال " أخبرتك أن كلانا يعلم أن هذا الزواج من أجل الأبناء "
قلت ببرود " وإن رفضت "
قال مارا من أمامي " لست هنا لآخذ رأيك ولا تتعبي نفسك بالذهاب للمصنع لأنه لن يقبلك فيه "
ثم خرج وأغلق الباب خلفه فجلست منهارة فوق الكرسي وبدأت بالبكاء ولا اعلم لما وعلى ماذا بالتحديد وبقيت أبكي مكاني لوقت طويل
كان هاتفي يرن في حقيبتي طوال الوقت ولم أجب عليه ولم أرى من يكون , مؤكد هذه سوسن تطمأن لما لم أذهب للمصنع
ذاك المتعجرف المتحجر الصخرة الميتة الأحاسيس حتى عملي حرمني منه ولا أستبعد أن يخرجني للشارع أو يهددني بالسجن لأوافق , لو أعرف فقط كيف يفكر ...
يتزوج بي ووالدته تكرهني وتكره طريقة تربيتي للأطفال لا ويقولها بصريح العبارة من أجل الأولاد فقط
اي سأعيش حياتي كلها مربية لأبنائه أعيش في غرفة في نهاية ممر غرفهم مهمشة وخادمة ليس إلا لم أحلم حياتي بزوج كهذا وما كنت أرضى به
كان مناي زوج محب عطوف رومانسي ينسيني سنين وحدتي وفقدي لأبنائي اللذين ربيتهم وليس ذاك الصخرة الخالية من المشاعر والأحاسيس
جلست لساعات أفكر في مخرج من هذه الورطة التي لا مخرج منها فإن هربت من المدينة وعشت في أخرى سيحضرني طبعا وبسهولة وحتى إن بقيت هنا واستمررت في رفضي له لن أجد المال حتى لآكل ولن أحضا بفرصة عمل أخرى لأني من دون شهادة وحتى إن تحصلت عليه سيخرجني منه كسابقه
ما هذه الورطة هل هذا ثمن اعتنائي بأبنائه وتربيتي لهم يريد دفني بالحياة , لو كنت وافقت على عرضه السابق لما حدث كل هذا ولكني محقة في رفضي أقسم أن قلبي يتشقق عليهم ولست أحبهم فقط بل وأدمنهم لكن والدهم ذاك مستحيل
لا يمكنني إدخال الفكرة لرأسي ولا بأي شكل , بعد وقت طويل قضيته مكاني ولم أتحرك إلا لصلاة الظهر
سمعت طرقات على باب المنزل ومؤكد هذه سوسن إن لم يكن أحد الجيران جاء ليسألني منهذا الذي نام في منزلك البارحة فلا شيء لدى الناس سوى تهويل الأمور
وقفت وفتحت الباب فكانت سوسن , دخلتُ وهي تتبعني قائلة " أين أنتي لا ذهبتِ للمصنع ولا تجيبي على اتصالاتي ؟ ماذا حدث وكيف لم يأتينا مدير المصنع يزمجر غاضبا لتغيبك "
جلست وقلت بضيق " لأنه تم صرفي من العمل وانتهى دوري هناك "
جلست ونظرها المصدوم علي وقالت " كيف ولما !! "
أمسكت وسادة الأريكة وقلت بغيض " قال لم أعد أحتاجه "
قالت باستغراب " من ؟! "
قلت بحدة " ومن غيره مصيبة ابتليت بها في حياتي "
قالت بحيرة " ولما يخرجك من المصنع ويقول أنك لا تحتاجينه, هل سيصرف عليك من ماله "
ابتسمت بسخرية وقلت بحسرة " ليتها كذلك , الحقيقة أقسى من كل هذا يا سوسن "
قالت بتذمر " أرجوان بربك لا تنفخي لي رأسي بالألغاز أحكي لي ما حدث معك بالتفصيل "
تنهدت وحكيت لها كل ما حدث فضحكت كثيرا ثم قالت " يالك من محضوضة يا أرجوان "
قلت بضيق " أي محضوضة هذه أقسم أن الحظ لم يعرف لي طريقا في يوم "
قالت ببرود " أتركي عنك كل هذه السخافات هذا زوج تتمناه كل امرأة في البلاد حتى أنا إن طلبني للزواج تطلقت من زوجي وتزوجته "
قلت بصدمة " مجنونة تبيعين زوجك بهذا المتحجر "
قالت بابتسامة " وسيم وطويل وعريض ورئيس الشرطة الجنائية ولديه قصر وخدم وحرس وشخصية مدمرة لما لا أبيع زوجي من أجله "
قلت بضيق " أقسم أنك فقدتِ عقلك ولا تنسي أن تضيفي للائحة متعجرف ومتحجر ووالدته تهرب منها الجدران ويحترمها حد أنه لا يعصي لها أمرا ولا يمد للرومانسية بصلة وزيديها يريدني مربية لأبنائه فقط "
قالت بلامبالاة " لا رجل بلا مشاعر وحجر ... فقط من لديها العقل ستحركه وتحرك المشاعر داخله , لا تكوني غبية هذه فرصتك لتكوني مع الأطفال اللذين أفنيتي خمس سنين من عمرك تربينهم ولتحضي بزوج تتمناه كل امرأة حركي عقلك واكسبيه في صفك "
قلت ببرود " نعم معك حق فأنت لا تعرفينه ووالدته "
قالت بضيق " أرجوان لعلمك هو سيفعل ما يريد إن بالطيب أو الإكراه وعنادك هذا لن يزيد الأمور إلا ضدك فستتزوجينه في النهاية فلا تكثري المشاكل بينكما لتكبر الفجوة من قبل أن تتزوجا "
أغلقت أذناي وقلت " لا تقولي تتزوجا أصمتي يا سوسن "
قالت بضيق " غبية ستكونين اكبر غبية إن أكترثِ من المشاكل بينكما ليكرهك من الآن , حركي عقل الأنثى لديك واكسبيه ولو بالبطيء وستكسبين كل شيء في النهاية "
اتكأت بمرفقاي على ركبتاي ورأسي بين يداي وقلت بحزن " لما أنا من تدفع ثمن أخطاء الغير ؟
لما يجلبون لي أبناء ليسوا أبنائي لأربيهم ثم يأخذونهم مني ليحرقوا قلبي عليهم ويرموهم في الجحيم ويرموني معهم وعليا إخراجهم , ذاك ليس قصرا يا سوسن ذاك جحيم "
وضعت يدها على كتفي وقالت بجدية " وهل ستتركينهم في ذاك الجحيم حتى يدمروهم وأنتي بإمكانك إنقاذهم , هي فرصتك يا أرجوان لتكوني معهم وتربيهم كما تريدي "
تنهدت وقلت " ومن سيسمح لي هناك بذلك سيجنون علي معهم "
وقفت وقالت " ها أنا أقولها للمرة العاشرة يا أرجوان كوني ذكية وأكسبي كل شيء لصفك فأنا لا أصدق أن ثمة رجل بلا قلب ولا مشاعر , فقط هو ينقصه امرأة بعقل وسيصبح تحت جناحك وتصرفك وتضربين كل القوانين حينها عرض الحائط وأولهم والدته
أما رفضك وإصرارك لن تجني منه شيء سوى كرهه لك وأنتي الخاسر في النهاية , هذه فرصتك يا صديقتي وفكري لما تزوجك أنتي بالتحديد وليس غيرك "
نظرت لها وقلت " لأن أطفاله ستضيع دراستهم وإلا ما كان سيتزوجني "
قالت ببرود " غبية يمكنه حل ذلك بسهولة لكنه بالفعل يعتمد عليك, لن نقول يحبك ولكنه يثق بك الخطوة الأولى كانت منه الثانية وحتى العاشرة يجب أن تكون منك , أعرفك أذكى من غبائك هذا يا أرجوان "
هززت رأسي وقلت " مستحيل مستحيل "
قالت مغادرة " ما لدي قلته ولا أريدك أن تندمي يوما حين تريهم ضاعوا أمامك وأنتي جاءتك فرصة ولم تستغليها "
ثم خرجت وغادرت وتركتني أسوأ مما كان بي
*
*
كنت واقفا ويدي في جيب بنطالي متكأ على حافة باب المنزل وانتظر تلك المشاكسة التي لم تأتي بعد
هل كل هذا بحث تحت نافدة غرفتها والشرفة , بعد قليل دخلت من الباب الخارجي فسويت وقفتي وقلت " ها ما حدث معك يا بتول "
اقتربت مني ونزعت حجابها وقالت " لا شيء لم أجد شيء "
قلت " ولا أي شيء أبدا هل أنتي متأكدة "
قالت بغنجها المعتاد وهي تبرم خصلة من شعرها بين أصابعها
" لا شيء خالي رضا أنت تعلم أني أحرك الحراس هناك للبحث ولم يروا شيئا والخادمة قالت لم تُخرج أي أوراق ممزقة من غرفتها حين نظفتها "
ابتسمت وقلت " وكيف جعلتِ الحراس يبحثون لك "
ضحكت وقالت " أنتم الرجال حمقى كلمتين بغنج منا نحن تلبون كل أوامرنا "
ضحكت وقلت " لهذا إذا تكرهين معتصم لأنه لا يتأثر بمياعتك "
تأففت وقالت بصوتها الرقيق " ذاك مريض نفسيا لا أعلم ما الذي يكرهه بي "
قلت بابتسامة جانبية " قد لا يكون كرها "
قالت بتذمر " وما سيكون إذا وأنا لم أعجبه في كل الأحوال , لو فقط يبتعد عن طريقي لا أريد منه أن يحبني "
قلت بابتسامة " عليك أن لا تكرهيه هكذا فقد تتزوجينه يوما "
قالت بصدمة " ماذا !!! أنا أتزوج ذاك "
ضحكت وقلت " لا تنسي أنه ابن عمك وأن والدك حين رزق بك بعد سنين انتظار وعد شقيقه إن رغب بك أحد أبنائه لن تكوني إلا له "
قالت بضيق " ذاك كلام في الماضي هل أنا سلعة يبيعونها " ثم تابعت وهي تدخل المنزل " قال أتزوجه قال يع ألم أجد من أتزوج "
راقبتها تدخل بابتسامة على اقتراب والدتها المتذمرة منها وصلت عندي وقالت بابتسامة " ألن تغير رأيك يا رضا وتبقى معنا مزيدا بعد "
قلت بهدوء " لا فعليا الذهاب ولكن قد أؤجله للغد لأني سأقابل جابر أولا "
قالت باستغراب " جابر !! ولما ؟ "
نظرت للأرض وقلت " سأحدثه في موضوع زهور "
قالت بضيق " رضا لما لا تنسى تلك الزهور أخبرتك أنها لا تليق بك ووالدتها لن توافق "
نظرت جانبا وقلت " أعلم وحتى إن وافقت والدتها ، لن توافق هي لكني لن أيأس "
قالت ببرود " لا أعلم ما تحبه فيها , رضا هي كوالدتها اقتنع بهذا "
قلت بهدوء وقد عدت بنظري للأرض " لا هي ليست كوالدتها يا أميرة هي فقط كانت تفعل ما تطلبه والدتها منها كي لا تغضب عليها , أنا أكثر من كان يعرف زهور هي تربت على طريقتي وليس طريقة والدتها وأنتي أكثر من يعلم
لكن زواجها بذاك جعلها تصبح هكذا صامتة ومنعزلة طوال الوقت حتى أنها لا تتبادل الأحاديث إلا مع خادمة واحدة ومعينة , هي ليست كوالدتها هي فقط مصدومة ومجروحة "
تنهدت وقالت " وهل أنت من عليه شفاءها , صحيح أنك كنت تهربها من غرفتها في صغركم والممنوع عنها معك يصبح مباحا لكنها لم تتذكر لك كل ذلك
ببساطة وافقت على غيرك وتزوجته وتركتك رغم عشرات الرسائل التي كنت ترسلها لها "
نظرت للبعيد وقلت " بعض الأمور تحتاج لتفسير كبير يا أميرة, فقط لو أعلم لما فعلتها وهي تعلم !! لما "
قالت بحيرة " تعلم ماذا يا رضا ! ما الذي كان بينكما "
تنفست وقلت ببرود " لا شيء مهم "
ثم دخلت وصعدت لغرفتي وتركتها
*
*
فتحت خزانتي وأخرجت ذاك الصندوق البنفسجي ولا أعلم لما لم أتخلص منه حتى الآن ! لما لم أرمه خارج غرفتي والقصر كله , فتحت الصندوق وأخرجت الزهرة لتعود بي الذكرى لتلك السنين
(( ... طرقات خفيفة على النافذة لأركض مسرعة وأفتحها وأقول بابتسامة للفتى الواقف خارجها " رضا لما تأخرت "
مد يداه لي وقال " هيا بسرعة مدي يديك "
مددت يداي له وأخرجني من النافذة ككل يوم وسار بي حتى صرنا في آخر الحديقة وقال " انظري هنا "
قفزت من الفرحة وقلت " حمامة من أين أحضرتها "
قال وهو يخرجها من القفص " أحضرتها من صديق لي لهذا تأخرت لقد اشتريتها من مصروفي طوال الشهر الماضي لتصبح لك "
ضممت يداي الصغيرتان لصدري وقلت " صحيح هي لي ... لي أنا "
قال بابتسامة " نعم لك أنتي وهل لدي غيرك أدفع عمري كله له " ))
رميت الزهرة في الصندوق وأغلقت الخزانة عليهم , كنت صغيرة لكن كلماتك كانت كبيرة يا رضا وأعجز عن فهمها
تعلم أني صغيرة ولم تشرح لي حقيقة تلك الحادثة بل تركتني أكتشف لوحدي وبأبشع الطرق , لممت خصلات شعري وأمسكته بمشبك
وفتحت باب غرفتي , لم أفكر أن أفعلها منذ زمن ولكن هذه الأصوات الصغيرة تبعث فيني الفضول ولا أعلم لما
سرت بضع خطوات حتى نهاية الممر فتقابلت وطفلة صغيرة بل تقابلت مع نفسي في صغري ... نعم نسخة عني تماما
نظرت لها مطولا بصمت وهي تنظر لي باستغراب ثم قلت " من أنتي "
نزلت قليلا للأسفل ترفع فستانها الطويل وقالت بابتسامة جميلة " الأميرة بيسان "

نهاية الفصل

طبعا الحدث إلي تم توقعوه هو أختباء سما في المنزل

*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*

➖➖➖➖➖➖➖➖

☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن