*|🔢|:☟البـــ{تابع الثاني والعشرون}ـــارات☟*

150 8 2
                                    


" نزار هل أصابك الصمم "
نظرت لها وقلت " نعم يا أمي "
قلت مبتسمة " أكلمك منذ وقت وناديتك مرارا ولا نتيجة "
مررت أصابعي في شعري ووقعت مفاتيحي مني على الأرض فرفعتها وبدل أن أضعها في الجيب وضعتها خارجه فسقطت مجددا
وقالت أمي ضاحكة " ما بك وكأن أحدهم ضربك على رأسك "
لمست رأسي وقلت بحيرة " ما به "
عادت للضحك دون توقف فقلت بضيق " أمي توقفي عن التسلي بي "
قالت وقد عادت بنظرها لمذياعها " أنا لم أتسلى بك أنت من تتصرف بغرابة "
خرجت وتركتها ونظرت لأعلى السلالم ثم عدت ووقفت عند الباب وقلت " هل أنتي من قص لها غرتها "
قالت ولم ترفع نظرها بي " نعم هل هي سيئة "
لم أعلق فنظرت لي وقالت " رأيك فيها أنها سيئة إذا ! إياك أن تقولها لها لأنها أحبتها وستصيبها بالإحباط "
قلت مغادرا " إما أنك بارعة أو أن شعرها هو السبب "
ثم صعدت وتوجهت لغرفتي غيرت ثيابي وجلست على الانترنت قليلا ولا أعلم ما الشيء الذي في داخلي يقول لي لا تخرج من غرفتك ولا تنزل , مررت أصابعي في شعري واتكأت للخلف على ظهر الكرسي أنظر للسقف بشرود ....
أنت لست صغيرا يا نزار لتحتار في فهم نفسك أنت تهرب من أن تولد مشاعر في قلبك لا تريد أن تكون فيه أنت لم تنم ليلة البارحة ليس لأن النوم جافا عينيك بل لأن كلماتها لم تغب عن مخيلتك
حتى أنك الآن تبحث في الانترنت عن شيء نسيته منذ أعوام وهو تطوير قدراتك في مجال الهندسة , ما الذي فعلتْه في رأسك مراهقة صغيرة وحركت ما مات مع الزمن وتلاشى ؟
ما هذا الذي ستوقع نفسك فيه يا نزار ؟
هل كل هذا من تأثير فضولك الغبي ؟
عدلت جلستي مجددا وعدت أشغل عقلي بالشاشة أمامي لكن مشهد اليوم لم يغب عن عيناي فأغلقته وغادرت الغرفة من فوري ونزلت
*
*
وقفت أنظر لها لوقت وهي تحاول تمشيط شعرها بيدها اليسرى ولأنه كثيف وطويل تمسكه بالجزء للأمام وتمشطه فتوجهت من فوري للسرير وجلست متكأ على ظهره وقلت " لما لم تطلبي من سيلا تمشطه لك "
قالت وهي تجمعه للخلف بالمشبك نازلا للأسفل " بتول جاءتني بالأمس وتركت رسالة لك "
قلت باستغراب " جاءت هنا من أجلي !! "
وقفت والتفتت لي وقالت " بل جاءت لتترك كلامها لك معي لأنها موقنة من أنها لن تجدك نهارا "
ثم تابعت وهي تسير جهة الخزانة " قالت كن في صفي وطلقني منه "
قلت بحيرة وأنا أعدل ساقي " فقط "
التفتت وقالت " فقط فلم أسالها ولم تشرح لي "
نظرت للسقف متكأ برأسي للخلف وضغطت على عيناي بقوة , أصعب موقف تضعينني فيه يا بتول ما بكم اليوم معي على الطلاق
لم أعتد كل حياتي إلا على إنصاف من كان على حق وبتول محقة لأنهم غافلوها ولم يأخذوا رأيها وانا كنت سأحاول إقناعها فقط بأن تتقبل الأمر وتحاول أن تكون أقرب له ولم أتخيل أن يكون هذا ما تفكر فيه
وصلني صوت أرجوان قائلة " لم أعرف سابقا أنها متزوجة "
تنفست بقوة وأبعدت يدي ونظرت لها وقلت " نعم ومن معتصم "
قالت بصدمة " زوجة لمعتصم ! كيف!! لم أسمع بهذا "
دلكت رقبتي بيدي وقلت بهدوء ونظري للأسفل " منذ عام وهي لا تعلم "
قالت وهي تغلق الخزانة وتقف مستندة بها " غريب كيف تتصرفون هذا التصرف "
وضعت ذراعي خلف رأسي وقلت وأنا أنظر لها " هكذا حدث , ثم ألم أقل لا تمسكي شعرك وأنا موجود "
توجهت جهة الأريكة وجلست حاضنة لوسادتها قائلة " ترى بنفسك حال يدي ولن يساعدني أحد عليه "
مددت يدي لها في صمت لتأتي فهزت كتفها مبتسمة بمعنى لا أريد
فقلت بابتسامة جانبية " ألا تريني أمامك أم لا تري السرير العريض الذي أجلس عليه لتجلسي هناك على الأريكة سيدة أرجوان "
لوحت بيدها السليمة وقالت " يدي تؤلمني جابر فاتركني وشأني "
مددت يدي مجددا وأشرت لها بأصابعي تعالي
فرمت الوسادة ووقفت واقتربت قائلة ببرود " لا اعلم أين مشاغلك اليوم بالتحديد تحررت منهم "
وصلت عندي فشددتها لتجلس بجواري وقلت " هذا بدل أن تسعدي لوجودي تتذمري يا من تناقضين نفسك "
نظرت لي بصدمة ،.  ووضعت يدها وسط جسدها وقالت بضيق " ما تقصد بهذا "
شددتها لحظني قائلا " أقصد أن زهور سنعقد قرانها اليوم عند الغداء "
أحاطت خصري بذراعها وقالت " غريب أمر شقيقتك زهور من غرفتها لمنزل زوجها ! لما لا تخرج "
مسحت على شعرها وتنهدت وقلت " زواج فاشل مبهم وغامض صنع منها إنسانة منعزلة عن الجميع "
قالت ويدها تمسح على عضلة صدري " لكن الأولاد حين ذهبوا لها قالوا أنها تتحدث معهم وتضحك ولم تتذمر من وجودهم "
نظرت للأسفل حيث رأسها يتكأ على صدري وقلت بحيرة " الأولاد ذهبوا لها !! "
هزت رأسها بنعم ورفعته ونظرت لي وقالت " بيسان كانت أول من تسلل لها بدون علم المربية وقالت أنها أرتها صورتها في صغرها وكيف أنها تشبهها وسألتها إن كانت تحبها بل وألبستها أحد فساتينها في صغرها وعزفت وهي رقصت لذلك طلبت منهم يومها أن يذهبوا لها ثلاثتهم وأن لا يتأخروا وأحبت بالفعل زيارتهم لها "
قبلت جبينها وقلت " فعلتِ الصواب يا أرجوان كيف لم يخطر في بالي هذا "
جلست ونظرت لي وقالت " ولن تكون الأخيرة وعلى ذاك الذي سيصبح زوجها أن يساعد في هذا أيضا "
تنهدت وهززت رأسي وقلت " لا أعتقد هذا فأنا أراها لا تتقبل الأمر ولا أفهم لما وافقت "
أمسكت يدي من فوق فخذي وقالت بنظرة مركزة على عيناي " جابر هل أسالك سؤالا تجيبني عليه دون أن تفهم مقصدي بشكل خاطئ "
بقيت أنظر لها بحيرة لوقت ثم قلبت يدي لتصبح يدها في كفي وقلت " وهو "
نظرت ليدها التي تلعب أصابعها بين أصابعي وقالت بهدوء " ماذا تعرف عن طفولة والدتك "
عقدت حاجباي أنظر لها بتركيز وتفكير ثم قلت " ماذا تعني بهذا السؤال يا أرجوان "
تركت يدي ومسحت بيدها على خدي وقالت " جابر أخبرتك أن لا تفهمني بشكل خاطئ "
أمسكت يدها وقلت " وأنا أسألك كي لا أفهمك بالشكل الخاطئ "
أعادت يدها لحجرها حيث يدها الأخرى وقالت ونظرها عليهم " أرى تصرفات والدتك غير طبيعية أبدا كيف تهمل أبنائها بهذا الشكل
كيف لا تفكر في نتائج ما تفعله بهم أجزم أنها لم تفكر أن تجد حلا لمشكلة زهور مع العزلة ومعتصم هارب من القصر ولا تهتم
حتى يوم تأخرت أنت في الجنوب ولم تخبرنا وكنت أسأل سيلا إن اتصلت هي بك مرت بجواري وقالت أنك لست طفلا نطاردك
كيف ترى كل هذا الدمار المحيط بعائلتها ولا تكترث ! كيف ترى نفسها أم ناجحة وطريقتها في التربية سليمة
أبنائك وهم ليسوا أبنائي أقسم أن أفقد عقلي إن أصاب أحدهم مكره والدتك عانت من شيء في طفولتها بكل تأكيد "
مددت يدي لذراعها وأعدتها لحظني قائلا " لكننا لسنا مجرمين ولا صعاليك ولا منحرفين تربينا تربية سلوكية جيدة أم ترين عكس ذلك "
تنهدت وغمرت وجهها في صدري وقالت بهمس " كما ضننت ستفهمني بشكل خاطئ "
اتكأت برأسي للخلف وقلت وأنا أشدها لحظني " لم أفهمك خطأ يا أرجوان وأعلم جيدا ما تريدين شرحه
والدتي تحملت لأجلنا الكثير لاحظي أن لا عائلة لنا ليس لأنه لا أعمام أو عمات لنا بل لأنهم كانوا سينهشون لحومنا كالكلاب من أجل مال والدي الذي تركه ونحن صغار
عمي منصور الوحيد الذي وقف في صفنا , حاربتهم والدتي ووقفت في وجوههم وحيدة بعدما توفي حتى شقيقها الذي ساندها بادئ الأمر , هي من اعتنت بنا حتى كبرنا وصرنا رجالا
كان نظامها قاسيا ومتجبرا وخاطئ في بعض الأمور لا أنكر لكنها صنعت منا رجالا فحتى معتصم رغم أنه رفض أن يكون كما تريد فهو رجل يمكن الاعتماد عليه وله مميزات كثيرة
هذه والدتنا فهل تبريتِ أنتي من والدك بسبب ماضيه وهو فار من البلاد لأنه مطلوب سياسي
هذا واقعنا يا أرجوان وعلينا تقبله , لو كانت ابنتي أو زوجتي لعرفت كيف أتصرف معها وضربتها حتى الضرب لكنها والدتي ولها مميزات كغيرها من البشر
ولن أنسى أنها ربتني وتحملت من أجلي , والدتي لم تمر بطفولة صنعت منها هكذا , هذا طبعها وعائلتها جميعهم تربوا على هذا النظام الصارم ويرونه صحيح وسليم "
سمعت حينها طرقات على الباب وصوت سيلا قائلة " الفطور جاهز سيدي "
ابتعدت عن حضني ووقفت خارج السرير وقالت " وما وصلت له معها بشأن ما حدث بيننا بالأمس "
قلت بابتسامة صغيرة " تأخر هذا السؤال ظننتك ستسألينه منذ البداية "
مدت يدها السليمة لي لأغادر السرير قائلة " كنت انتظر حتى تجيب على السؤال الذي سألته بخصوصها "
أمسكت يدها وغادرت السرير وطوقت كتفاها بذراعي وقلت ونحن نتوجه لباب الغرفة " القصر به نظام مراقبة كما تعلمي وبعد اليوم سأشغله على مدار الساعة لأجد كل شيء مسجل ويشهد لك أو عليك "
دفعتني بعيدا عنها وقالت بضيق " أنا فقط "
ضحكت وفتحت الباب وقلت خارجا للردهة " وهي طبعا وسيكون لي كلام في الأمر مع الفاعل "
وصلت حيث الطاولة المخصصة للطعام وجلست وجلست أمامي قائلة " كيف يعمل في السابق لم أفهم "
سكبت كوب حليب وقلت وأنا آخذ الخبز " أي شيء يخترق النوافذ يفتحه كذلك الركض بقوة لأشخاص وزنهم يزيد عن الخمسين كيلوا غرام والزوايا مزودة بأعمدة أي شيء يصطدم بها يفتح النظام
يعلن بصفارة إنذار ثم تشتغل كاميرات المراقبة بالصوت والصورة عدا الحمامات وغرف الملابس الصور محجوبة فيها "
وضعت يداها وسط جسدها وقالت ببرود " والحفلات ستراقبها أيضا "
قلت بعد ضحكة صغيرة وكدت أغص باللقمة " إن كنتِ فيها طبعا لنرى ما يجري إن اشتكيتِ "
نظرت لي بنصف عين وقالت بضيق " وغيره ... أقصد إن لم أحضر "
قلت بابتسامة جانبية " تغارين يا أرجوان "
رمت يدها ثم أبعدت بها شعرها خلف أذنها وقالت ببرود " هِه لا طبعا ولما أغار "
قلت بمكر " إذا لا بأس في أن ألقي نظرة "
رمت ما كان في يدها في الطبق وقالت بضيق " نعم أغار ولا تراهم أو غضبت منك "
ضحكت وقلت " وها أنا أشاهد التلفاز "
وقفت وقالت مغادرة جهة الغرفة " هؤلاء لا , ولا تتبعني ولا تتحدث معي تفهم "
ثم دخلت وأغلقت الباب فوضعت ما كان في يدي ووقفت ولحقت بها
*
*
قلت وأنا أعدل ربطة عنقي وانظر للمرآة " هذا اللون أفضل أليس كذلك "
قالت مبتسمة " هذا عقد قران فقط ماذا ستفعل ليلة ستتزوجها "
أمسكت رأسها وقبلت جبينها وقلت " لا يمكنني تخيل ما سأفعله "
أمسكت يداي ورفعت رأسها ونظرت لوجهي وقالت مبتسمة " أسعدك الله يا رضا وعوضك عن كل ما قاسيت في حياتك من وحدة وتعب "
قبلت جبينها مجددا وقلت بابتسامة " وما غيّر رأيك هكذا فجأة تباركين ومبسوطة "
قالت بدمعة تملأ عينيها " يكفي الفرحة في عينيك أعترف بأنني كنت أنانية ولم أقدر مشاعرك التي كبرت معك منذ طفولتكما "
حضنتها وقلت " ولا أنسى طبعا تربيتك لي طفلا وأنتي لازلت طفلة واهتمامك بي ولولا مشاعري كما قلتي ما خالفت رغبتك في من أتزوج "
ثم أبعدتها عن حضني وقلت " سأذهب وأحاول مع تلك التمثال الصامت علها تكون معنا اليوم "
مسحت دمعتها وقالت بحزن " كم يشغلني أمرها يا رضا وأرى الجميع يهملها ولم يفكروا في حل لها "
تنهدت وقلت " كما تري يا أميره حاولنا جميعنا وبكل الطرق , بتول مدللة كثيرا وعنيدة ولا نريد أن نجرحها أكثر , جابر وعد والدها أن يتحدث معها وسنرى ما سيجري "
قالت وهي تجمع ربطات العنق المرمية أرضا " وما ذنب جابر المسكين أي مشكلة يركض الجميع له ليحلها , أرحموا الرجل منكم ويكفيه عمله "
قلت وأنا أعدل سترتي على المرآة " الذنب ذنبه أنا كما تعرفيني إن أدمعت عيناها أمامي سأضعف فورا
ومنصور أسوء مني فجابر وحده يعرف كيف يقنعها أو يجبرها وستحترمه أو تخاف منه "
نفضت لي كتفا سترتي تعدلهما وقالت " وإن أصرت على صمتها أو أخبرته أن يطلقها منه كما قالت لكم "
التفت جهتها وقلت بهدوء " حينها سيتصرف جابر بالتأكيد وكل الخوف في أن ينصفها ويقف في صفها لأنه سيحدث ما سيقرره وأنتي تعرفين جابر جيدا وهذا الأمر ستكون نتائجه عكسية في علاقته بشقيقه معتصم لاحقا وحتى بعمه إن تطور الأمر "
ضربت كف بالآخر وقالت " المشكلة أن منصور متمسك بوعده لشقيقه فأنت تعرف كم كان يحبه وإن قرر جابر تطليقها منه ستكون كارثة "
قلت مغادرا الغرفة " سأتحدث معه اليوم ليحاول إقناعها أولا قبل أن يفعل ما تقول "
غادرت الغرفة وتوجهت لغرفة بتول ولم أجدها هناك فبحث عنها مطولا حتى وجدتها في غرفة شقيقاها الأصغران
تغير ثياب عدي ويبدوا كانت تحممه فاقتربت منها وقلت مبتسما " ما أسعد زوجك بك أم جاهزة "
نظرت لي نظرة قاسية دون كلام , يالك من أحمق يا رضا ما مناسبة هذا الكلام الآن
جلست بجوارها وحضنت كتفيها وقلت " ألن تشاركي اليوم خالك
رضا حبيبك يا بتول كما تقولين دائما "
لم تتحدث طبعا فقبلت خدها وقلت " بتول ما تفعليه بوالديك لا يجوز "
نزلت منها دمعة فضممتها لصدري وقلت بحنان " بتول معتصم يحبك ويريدك وقالها لي بلسانه فلا تتسببي في مشكلة بينه وبين شقيقه وبينهما ووالدك لأن كل واحد سيصر على رأيه إن قرر جابر تطليقك منه "
ابتعدت عني بقوة وحملت عدي بين ذراعيها وخرجت ويبدوا كلامي لم يعجبها وليس لم تقتنع به فقط
خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل وتقابلت وأميرة فقلت " لم ينجح الأمر ألن تغيري رأيك أنتي "
هزت رأسها بلا فقلت بعتب " ولا من أجل شقيقك الوحيد "
تنهدت وقالت " حين تتزوجا زواجا رسميا سأقيم لك بنفسي حفلا هنا أما الآن دون أن تدعوني والدتها لن أذهب "
قلت بضيق " ولما كل هذه الرسميات والشكليات يا أميره أنا شقيقك وزهور ابنة عم أبنائك وشقيقة زوج ابنتك فلما كل هذا "
قالت ببرود " هي من تتعامل معي برسمية ولست أنا وكأني غريبة عنهم ولست زوجة شقيق زوجها حتى أنها لا تزورني إلا في المناسبات ويوم تزوج معتصم ببتول لم تتصل حتى بالهاتف من باب الدوق "
تنهدت وهززت رأسي بقلة حيلة ثم غادرت المنزل وتوجهت لقصرهم على دخول سيارة معتصم الذي نزل أمامي وصافحني قائلا " ما بكم معنا تزوجت شقيقتي وزوجتموني ابنتكم بقي بنات جابر تزوجوهم أيضا وارتاحوا "
ضربته على كتفه وقلت ضاحكا " لا تستغرب شيئا "
وضع ذراعه على كتفي وقال سائرا بي جهة مجلس الرجال " هيا هيا قبل أن تغير والدتي رأيها فقد يموت جابر في أي لحظة ولن تحلم بها حينها ما حييت لأنك صعلوك ولا مستقبل لك "
ضحكنا معا ودخلنا حيث جابر وابنه أمجد وعمه منصور تصافحنا جميعنا وقلت وأنا أجلس " بسرعة أين الشيخ والكاتب قبل أن يموت جابر "
ضحك جابر وقال " سحقا لبشر لا تسيرهم إلا المصالح لن يكون هناك شيء قبل أن نتناول غدائنا "
تأففت راميا يدي أمام وجهي وقلت ناظرا جهة معتصم " أنت ابتعد ولا تجلس بجانبي تشاءمت منك يا رجل "
ضحك كثيرا والتصق بي أكثر وقال " زد العيار إذا من الشؤم ولن يمر اليوم على خير "
وقفت مبتعدا عنه وجلست حيث جابر وابنه وقلت " سأجلس هنا جهة الناجح تزوج مرتين وأنجب وصيته في كل البلاد قاهر المهمات الصعبة مالي ومال الصعاليك طالب وحتى زوجته لم تعترف به "
ضحكا منصور وجابر وقال هو بضيق " لن أزوجك شقيقتي صعلوك يكتب الكلام الفارغ وحياته تقف على بيع الورق , قم هيا غادر لمنزلك "
قال منصور ضاحكا " لا أعلم كيف ستتعاشران صهران من الجانبين "
اقتربت من جابر وهمست له " علمت بأنك ستتحدث مع بتول فجرب إقناعها قبل أن تأخذ بقرارها وفكر في مصلحة الجميع ، فعمك مصر على وعده لوالدك "
هز لي رأسه بحسنا ثم نطر لي وقال بهمس " سأجرب فقط لكن إن اقتنعت أنها لا تريد فلن تشرق عليها شمس الصباح إلا وهي مطلقة منه "
هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " جنبنا المشاكل بين رجال العائلة يا جابر "
ابتعد عني وقال بهدوء " حتى وقته يكون لكل حادث حديث "
بعد قليل وصلا المنتظران وأخيرا وأدخلت الخادمات الغداء ثم قام الكاتب بتحقيق شروط العقد أولا ولم يبقى لي سوا راتبي من الجريدة التي أعمل بها فهو الشيء الوحيد الذي لم تسلبني إياه وكان هذا بيننا أنا وجابر لم يحضره أحد بطلب مني
وبعدما انتهينا وقفت وقلت " بسرعة نتم باقي الأمر أخشى أن تموت الآن "
ضحك ووقف دون تعليق وعدنا حيث البقية وأتممنا الزواج وجنيت الثمرة من كل ما خسرته للتو وصار باسمها وصارت هي بسمي وهذا الأهم
وبعدما غادروا وقفت وقلت " هيا أين عروسي بسرعة "
وقف منصور وقال مغادرا " إن كان قبل أن يتزوجها لم يستحي من أحد كيف الآن "
ثم تابع وهو يخرج من الباب ضاحكا " أعان الله زهور عليك "
نظرت له حتى خرج واضعا يداي وسط جسدي ثم نظرت لهما وقلت " ما تفعلان أنتما جالسان هنا أريد أن أرى زوجتي وألبسها خاتم الزواج "
وقف جابر وقال " أمجد أذهب وأخبرها تأتي وأنت يا معتصم لا تتركهما وحدهما فلا مأمن من هذا الرجل "
نظرت له بضيق فضحك ومر بجواري ووضع يده على كتفي وقال بهمس " أسمع يا رضا أنت صديق طفولة لنا وأعزك وأقدرك كمعتصم وأكثر لكن إن كرهت زهور البقاء معك وطلبت أن أطلقها فستفعل ولو بالقوة "
وضعت يدي على ذراعه وقلت بجدية " هذا الكلام سابق لأوانه يا جابر فأنا لم آخذها من هنا بعد وحتى وقتها سأفعلها من نفسي حين ستطلب هي ذلك "
شد على كتفي بقوة وقال " وهذا عشمي فيك يا رضا وأتمنى أن لا تخسر زهور رجلا مثلك "
ثم غادر من المجلس وخرج من القصر أيضا من الباب الخارجي للمجلس فنظرت لمعتصم وقلت " ماذا تفعل هنا "
وضع ساق على الأخرى وقال " أكون موجودا أو لن يكون هناك شيء "
قلت بضيق " حسود لأنك لم تحضا بهذا "
* *
" عمتي زهور هذا أرسلته لك ماما " نظرت لما في يدها باستغراب وقلت " لي أنا !! "
وضعت الكيس وقالت " هل تسمحين لها بالمجيء أيضا "
لم أعرف ما أقول فبنات جابر لم يفارقنني اليوم من أكثر من ساعتين وترف ترقص وبيسان تصفق وتغني
وأشعراني أني في حفل زواج حقيقي وأتعباني من كثرة الضحك حتى أني نسيت حزني اليوم وكنت أضن أني سأبكي بحرقة وأنا أصبح زوجة من دمر حياتي
قالت ترف وهي تفرد يداها " هيا يا بيسان غني "
قلت مبتسمة " ألم تتعبي من الرقص
أمالت خصرها بطريقة مضحكة تمد فيهما مؤخرتها وقالت " علمتني بتول الرقص وقالت نرقص عندما يتزوج أحدهم ، فاليوم تتزوجين أنتي يعني نرقص "
عادت بيسان للتصفيق يداها جانب وجهها تصفق وتغني أغاني أطفال غريبة وترف ترقص ولا أعلم من أين وجدت كل هذه الطاقة
نظرت لبيسان وقلت " أخبريها تأتي "
لا أعلم لما وافقت فكم رفضت أن أقابل ممن طلبوا مقابلتي ولم أرى أحدا غير خادمتي ووالدتي منذ أربع سنوات لكن حب الأطفال لهذه المرأة وطريقة تربيتها لهم جعلت عندي الفضول لأعرفها
لا أصدق أنه حتى الرقص يكون بإذنها إن سمحت به فقط يفعلوه خرجت بيسان مسرعة وعادت تمسك في يدها شخصا دخل بعدها كانت بملامح جذابة ليست بجمال حسناء زوجته الأولى لكن عيناها ملفتة للنظر وابتسامتها أيضا جميلة وشعرها يبدوا جميلا
اقتربت مني ومدت يدها وقالت مبتسمة " مبارك لك يا زهور وسعيدة حقا بأن تعرفت عليك "
صافحتها وقلت بصوت منخفض " شكرا لك يا أرجوان "
شدتها ترف من فستانها وقالت " أرأيتِ عمتي زهور "
قالت مبتسمة " رأيتها بنيتي جميلة مثلكم "
ثم نظرت لي وقالت " الأطفال يحبونك كثيرا وبيسان لا تتوقف عن التحدث عنك ولا تخلوا عبارتها من كلمة ( ما أجملها يا ماما ) وصدقت بل لم توفيك حقك "
نظرت للأسفل وقلت بابتسامة " هذا فقط لأنها تشبهني "
ضحكت وقالت " بل حقيقة هي ومحظوظ هذا الذي تزوجك " غزى ملامحي الحزن وأشحت بوجهي وقلت " تفضلي بالجلوس "
قالت معتذرة " أمجد جاء ليخبرك أن جابر طلب منه إخبارك لتنزلي للمجلس لذلك لن أعطلك وكانت فرصة سعيدة أن تعرفت بك واعذري مضايقة الأولاد لك اليوم لكني من سعادتهم حين علموا أنك تتزوجين لم أستطع منعهم من المجيء لك "
قلت بابتسامة صغيرة " بل كان الوقت ممتعا معهم ووجودهم سلاني وآنسني "
ثم خرجت من الغرفة قبلها وهي تبعتني قائلة " بيسان ترف بسرعة تعاليا معي "
وسارت هي معهم في الجانب الآخر يحدثانها عما فعلاه عندي وتوجهت أنا حيث السلالم لأنزل للعريس السعيد جدا بنفسه ونسي أنه سبب قهري ولولا جابر ما كنت نزلت
* *
ما أن خرجت من عنده حتى توجهت لمنزل عمي لأنهي الأمور المعلقة جميعها وأجد الراحة لباقي اليوم
أرسلت رسالة لنزار ووصلت باب منزلهم طرقت الباب ففتح لي عمر وقال مبتسما " والدي ليس هنا ... أدخل "
قلت ضاحكا وأنا أدخل " تطردني وتدعوني في نفس الوقت "
توجهت والدته ناحيتي تلف حجابها قائلة " مرحبا يا جابر تفضل .... ما قال لك هذا المغفل "
قلت مبتسما وأنا أصافحها " كيف حالك يا أميره"
قالت مبتسمة " بخير وما أمورك أنت وأين لا يراك أحد "
ضحكت وقلت " تعبت من كثرة ما سمعت هذه العبارة سينتهي ما أنا فيه وتشبعون من رؤيتي "
ثم تقدمت بضع خطوات للداخل قائلا " أريد رؤية بتول أخبريها تنزل لي رجاء "
قالت مشيرة بيدها جهة مجلس الضيوف " تفضل وسأخبرها حالا "
دخلت المجلس وعمر يتبعني وجلس معي أيضا ومضى بعض الوقت أسأله عن سنه وما يدرس وكأنه ليس ابن عمي ويسكن أمامنا وبعدها بقليل دخلت بتول فقلت " أخرج يا عمر وأغلق الباب "
امتثل لي في الفور واقتربت بتول ومدت يدها ليرقائلة بشبه همس " مرحبا يا جابر "
صافحتها قائلا " جيد أنا وزوجتي لسنا من المغضوب عليهم أم أنا مخطئ "
أنزلت رأسها ولم تتكلم فقلت " اجلسي يا بتول "
قالت في الفور " إن كنت ستقف معي أتحدث أو لا داعي لذلك "
قلت بجدية " دعينا نتفاهم بروية ولن أخرج من هنا إلا وأنتي راضية أعدك "
جلست وقالت " لا أريده طلقني منه يا جابر "
تنفست بقوة وقلت " حسنا نتحدث الآن فقط ولا تفهمي الأمر وقوفا مني ضدك أو تخليا عنك مفهوم "
هزت رأسها بحسنا فقلت " السبب يا بتول , ما سبب رفضك له "
أشاحت بنظرها عني وقالت بحزن " يكرهني وأكرهني فيه ينتقدني دائما ويعيرني ويقتنص الفرص للسخرية مني علَمني كيف أقرف منه وأكرهه بجدارة فلما يتزوجني وكيف يريد مني أن أتقبله "
قلت بهدوء " مسألة يكرهك أزيليها جانبا لأنه غير صحيح أما أنك تكرهيه هذا ما عليك التحقق منه أولا يا بتول "
نظرت لي وقالت بضيق " كيف لا يكرهني هل كل ما قلته لا يدل على ذلك "
قلت بجدية " وكيف يتزوجك وهو يكرهك اشرحيها لي "
هزت رأسها وقالت " ذاك السؤال وجهه له أما أنا فلن أقتنع بغير هذا "
قلت " وإن أثبت لك عكس ذلك "
هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " أعطه فرصة يثبت ما يقول وتتأكدي أنتي من مشاعرك وسأقف معك يا بتول إن قررت الانفصال عنه "
كانت ستتحدث فأشرت لها بيدي وتابعت " أنتي لديك دراسة تنهينها وهو كذلك وتكون فرصة لكما وحين يحين الوقت ستقررين أنتي رغم أنوف الجميع فلم يكن الأمر باختيارك منذ البداية "
فتحت باب المجلس قبل أن تتحدث وقلت " معتصم تعال أريدك في أمر " نظر لرضا بضيق فضحك عليه وقال طاردا له بيده " بسرعة واسمع كلام شقيقك "
قلت مبتسما " أعقل فزوجتك هنا عند الباب لا تغير رأيها بك "
توجه جهة معتصم وأمسكه من يده وسحبه قائلا " بسرعة تشرفنا بمعرفتك ورافقتك السلامة "
خرج معتصم يتبعني ضاحكا وتوجهت أنا وهو جهة المجلس العائلي حتى وصلنا لجدار المجلس فوقفت ووقف أمامي وكنت مستندا بيدي على الجدار والأخرى في جيبي وقلت بجدية " لقد تحدثت مع بتول "
نظر لي باهتمام وقال " وتكلمت معك !! "
هززت رأسي بنعم فقال من فوره " ماذا قالت "
قلت " تريد الطلاق "
فتح فمه فأشرت له بإصبعي على شفتاي ليسكت ثم قلت " ومعها حق "
تحولت ملامحه للحدة يريد الاعتراض لكني كررت حركتي لإسكاته بنظرة حازمة فسكت
وتابعت بجدية " أقنعتها أن تعطيك وتعطي نفسها فرصة حتى تنهي دراستك فإما تكون زوجتك متى ما أذنت هي بذلك ولو كان في الغد أو تطلب أن تطلقها بعد الثلاث أعوام "
عاد لمحاولة الاعتراض فأسكته بإصبعي على شفتاي مجددا وقلت بجدية " ستطلقها حينها ورغما عن أنفك يا معتصم ولو بالقوة "
ثم أبعد أصبعي وقلت بجدية " والوقت أمامك طويل وأنت وشطارتك ومتى ما وافقت أن يكون زواجكما رسميا كان ذلك ولو الليلة وغيره لا
فغيّر من أسلوبك القديم معها فهي قالت وبالحرف أن ما أكرهها فيك انتقادك الدائم لها وانتهازك الفرص لتسخر منها ولم تقل أي عيب بك ولا من أي جانب وتراك تكرهها أيضا فالأمر في يدك الآن والقرار في يدها ولن أقف ضدها مهما حدث "
ثم رفعت أصبعي أمام وجهي وقلت بتهديد " وإن اشتكت لي منك لن يكون حسابنا يسيرا يا معتصم وستنسى أنه هناك زوجة لك تدعى بتول "
*
*
بقي نظري على الباب وكأني أنتظر الحياة أن تخرج لي منه وأنا عن نفسي لا أعلم من أين أجد كل هذا الحب الذي أحبه لها , ولا ألوم نفسي أني كدت أفقد عقلي يوم تزوجت بغيري
مرت اللحظات تلو اللحظات ولم تدخل وفكرة مجنونة تقول لي اقترب من الباب وافتحه وأدخلها بنفسك قبل أن تهرب
وما كادت تكون الفكرة حقيقة حتى انفتح الباب ببطء ودخلت منه بدون حجابها بفستانها الحريري الطويل عارية الذراعين مفتوح عند الصدر بفتحة مربعة الشكل لتتخلله شريطة بنية تنتهي عند الكتف معقودة هناك
وكأنه ثمة من أخبرها أنه يوجد عاشق هنا يتمنى الارتواء منك , هناك من أتبعه وأضناه الشوق والانتظار بالسنوات
هناك من يتوق بجنون لكل هذا لكل تفصيل من تفاصيلك أميرتي الفاتنة ونيسان قلبي بأزهاره وعبيره
بقينا لوقت ننظر لبعضنا وكانت لا تزال نظرة الخذلان والحزن تسيطر على ملامحها وعينيها الزرقاء الغامقة ولا أعلم إن كانت تقرأ العشق في نظراتي كما أقرأ كل هذا في كل انسدال من رموش عينيها
وقفت مكانها ولن تفكر طبعا في الاقتراب فتقدمت بخطواتي وأمسكت ذراعها وتقدمت بها للداخل أسير بجانبها ويدي أخرى تحتضن كتفها حتى كنا في وسط المجلس
فابتعدت هي وسافرت بنظرها ورأسها للأرض حتى لتمنعها عني فابتسمت بحب
أدخلت يدي في جيبي وأخرجت علبة الخاتمين قبل أن أترك العنان للساني لأنه إن تحدث فلن يسكت وستخرج وتتركني بسببه
فتحت العلبة وأخرجت خاتمها وأمسكت يدها ورفعتها لي فكانت تطبق على أصابعها بقوة وتشيح بوجهها جانبا معلنة رفضها لكل هذا وهي من وافقت عليه بملأ إرادتها
رفعت يدها لشفتاي وقبلت كل أصبع فيها على حدا وكأني أترجاهم أن يفتحوا لي الطريق وأن يفسحوا لي المجال
حاولت مجددا وكانت على حالها ترفض الانصياع وعلى صمتها القاتل فرفعت يدها لشفتاي مجددا وقبلت رسغها هذه المرة لأصعد بقبلاتي على الساعد الثلجي الناصع البياض
وحينما وصلت قبلاتي المتلهفة المجنونة لمفصل مرفقها من الداخل شدت يدها وسحبتها مني والتفتت لتغادر فأمسكت ذراعها ولففتها لي مجددا وأعدت المحاولة
ورفعت يدها لي من جديد وفتحت أصابعها فانصاعت هذه المرة لأنها باتت تعرف ما ستكون النتيجة إن تمردت أكثر فتحتهم بالأصبع وكأني أفرد السنين أمامي وكأنني أعد بهم سنين عمري التي ضاعت في انتظار هذه اللحظة
ألبستها الخاتم الذي لا يليق إلا بها ولو لبسته كل نساء الكون
الخاتم الذي كلفني راتبي من الجريدة كاملا لأكمل الشهر بدون مال , نظرت له بين أصابعها يحتضن بنصرها وهم مفرودين في كفي ...
مسحت على يدها وقبلتها قبلة طويلة لم يوقفها سوى سحبها لكفها مني لتخرج من صمتها أخيرا وقالت ونظرها لا زال بعيدا ووجهها تحجبه عني بشعرها الأشقر " لولا جابر ما أتيت فإن كنت أنت لا ترى أنك تعيش دورا ليس دورك فأنا مقتنعة أن هذا الدور لا يليق بي "
اكتفيت بالابتسام في صمت ومددت يدي لذقتها ورفعت وجهها لي وقلت وعيناي في عينيها " لن أطلب الكثير يا زهرتي أريد فقط أن ارتوي هل هذا الدور أيضا لا يليق بي "
انتفض جسدها وحاولت الابتعاد لكني أحكمت بيدي الأخرى على خصرها وشددتها لي وضممتها في حضني بقوة وقلت " ولو هذا فقط يا زهور لا تحرميني منك يا عينا رضا التي يرى بهما "
طوقتها بذراعاي أتحسس كل شيء فيها وكأنها حلم لا أصدق أنه تحقق أخيرا , ابتعدت عني ببطء فمسحت بيدي على وجهها لتحتضن أصابعي فكها الأيسر وتسللت لتصل لذاك الجرح فأمسكت معصمي وأبعدتها وقالت " إلا هذا يا رضا ابتعد عنه لأن عليك دفع ثمنه فقط "
عدت لاحتضان وجهها بكفاي وقربت شفتاي من جبينها وقلت بهمس " هذا كله ولم أدفع يا زهور "
ثم قبلته وقلت " كلي لك يا زهور كلي ثمن لما خسرته وأقسم أن أنسيك كل ما كان وفات فقط أعطني الفرصة "
أبعدت يداي وابتعدت عني ورفعت نظرها لعيناي أخيرا وقالت بنظره ملئها الأسى ونبرة ملئها حرقة وألم " لن أنسى يا رضا ... أقسم أنك قتلتني ألف مرة وشر قتلة كانت تلك وستدفع الثمن غاليا كما ذقته أنا تماما 
ثم غادرت راكضة ولم أستطع حتى أن أدركها , ما تعنيه بأن أتجرع ما أذقتها ماذا !!
*
*
حركت خصرها يمينا وقالت " افعلي هكذا " ضحكت وفعلت مثلها فمالت به يسارا وقالت " ثم هكذا "
ضحكت مجددا وقلدتها فقالت " والآن كرريها بسرعة "
وأصبحت تتحرك وكأن سلكا كهربائيا صعقها فلم أستطع أن أتوقف عن الضحك وهي لازالت على حركتها وتقول " غني يا بيسان غني " واشتغلت بيسان كالمذياع واكتمل المهرجان ليزيداني ضحكا على ضحكي
وتوقفت عن الضحك فجأة وأنا أشعر بالذراعين اللتان طوقت خصري وشدتني لذاك الجسد الصلب
وصفقت ترف قائلة بحماس " انظر بابا كيف أرقص , صفقي هيا "
وبدأت بيسان تصفق وتغني وترف عادت لرقصتها الغريبة لأعود للضحك رغما عني وأنا أستمع للضحكة الرجولة الخفيفة خلفي
حتى قالت بيسان بتذمر " يكفي لقد تعبت وأنتي لم يمدح رقصك أحد كلهم ضحكوا عليك عمتي زهور وماما والآن بابا "
لكن ترف طبعا لا حياة لمن تنادي ثم توقفتْ فجأة ونظرت لنا وقالت " ألستما متزوجان ؟ "
أبعدت يديه وابتعدت عنه أجهز نفسي للكارثة التي ستقولها لكنه شدني له مجددا وقال " نعم "
وضعت يداها وسط جسدها ووضع جابر يده على فمي كي لا أسكتها أو أهددها وقالت هي بضيق " لما لم نرقص في زواجكما إذا "
لتنطلق ضحكة جابر ويتبعها قائلا " لأن والدتك نكدته علينا ولم تترك أحدا يفرح ويرقص "
وكزته بمرفقي وأبعدت يده عن فمي وقلت هامسة بغيض " نعم فأنا التي تركتك معهم هنا نهارا كاملا وحدكم ولم أخبرك حتى أين غرفتك ولم أخبرهم حتى أنك ستأتي "
شدني له أكثر وقرب شفتيه من أذني وهمس فيها " شكرا على كل ما فعلته اليوم من أجل زهور "
وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى فاجأتني الشفتان التي قبلت خدي قبلة طويلة أحسست فيها بمعاني كثيرة أرسلت معها من شفتيه ومشاعر كبيرة في داخلي
حركتها
وأخيرا فعلتها يا جابر دون حيل وتحايل لأسلبها منك سلبا , لو تعلم فقط ما فعلته بي بهذا وما أن أنهاها حتى عاد لأذني وهمس مجددا " هيا ردي الدين الآن ودون تأجيل "
اتكأت للخلف على كتفه ، وقلت بعد ضحكة صغيرة " لن أفوت لك شيئا بعد اليوم "
ثم قبلت أسفل ذقنه وكل هذا طبعا كان على نظر بيسان المصدومة وكأنها صورة معلقة على حائط أما ترف فترقص بيديها فقط وتكلمنا وكأن شيء لم يحدث أمامها
طبعا لأنها سبق ورأت مشهدا أسوء من هذا بكثير ، اتكأت على كتفه مجددا ونظرت لوجهه وقلت بهمس مبتسمة " لما لا تقرب أذنك مني قليلا أود أن أقول لك شيئا "
ابتسم ومال برأسه فرفعت رأسي أكثر وحضنت وجهه بيدي وهمست " أحبك جابر أحبك "

المخرج كلمات بقلم حبيبتنا همس الريح
من نواس لوسن .. حبيبتي .. و إن فرقتنا الأيام .. فلن تجدي
أقرب إليك مني .. فأنتي بين أضلعي مسكنك ..و أنفاسي التي
أتنفسها تحمل عبق رائحتك .. عاشق حتى النخاع .. موجوع
حتى العظام .. منحور حد الموت .. أرفقي بي قليلا يا صغيرتي
و ارحميني .. ارحمي قلبا ما نبض إلا لك .. و روحا تشبعت
بك .. أنتي وسن .. حتى اسمك بعض حروفي .. و أنتي كلك بعضي ..
*
من وسن لنواس ... حبيبي .. و إن كنت لغيري .. حبيبي .. و إن
ابتعدت عني .. حبيبي و إن كرهتني .. لا أكرهك .. و هل يكره
الإنسان قلبه ؟؟ .. لا استطيع الابتعاد عنك .. و هل يبتعد الإنسان
عن أنفاسه ؟؟ .. حين أتحدث و أقول أني أكرهك .. اقصد أعشقك
.. و حين أقول نزعتك من قلبي .. اعني أسكنتك فيه .. لا تستمع
لكلماتي .. و انظر لعيني ماذا تقولان ...و رفقا .. فما عاد في قلبي
مكان لطعنة أخري ...

ودمتم في حفظ الله جميعا
انتهي الفصل
*❀يتـــ⇓⇓⇓ــبــــــ؏❀*
➖➖➖➖➖➖➖
☆☆☆☆☆☆

أوجاع ما بعد العاصفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن