Abeer's POV :
كان الامر كأن تحاول الخروج من بين احضان الرمال المتحركة التي تقوم بجرك الى اسفل .. يخاف الجميع الاقتراب حتى لا يغرق معك .. يقفون بعيداً و لا يأبهون حتى بالنظر اليك ..
او انه كان كأن تقف على جمر مشتعل .. بأقدام حافيه .. تقف وحدك .. الجميع على بعد مسافات متساوية من بعضهم و لكن لا احد يرى اقدام الاخر .. فقط يرون انك تتصبب عرقاً وجهك الامر عيونك التي تكاد تقطر دماً .. بمشقة عالية تحاول التحدث تخرج القليل من الكلمات غير المفهومة حتى يقوم احدهم بغضب عتابك على عدم معرفة الكلمات الصحيحة ..
او كأن تقف مواجهاً لوحش ضاري بأنياب بارزة و عيون مشتعلة و اذان منصتة لدقات قلبك الخائف تبدو كأرنب صغير يخاف الخروج من حفرته .. تضع ذلك بين قدميك و تقوم بإرخاء اذنيك الى اسفل كجرو مطيع و لكنه خائف فقط ..
..جوانا:" مرحباً عبير "
عبير :" مرحباً جوانا .. كيف حالك "
جوانا:"بخير وانتي "
عبير:" انا بخير شكراً "
جوانا:" هل يمكنني الجلوس هنا ! "
عبير:" نعم بالطبع تفضلي "
...
نصمت معاً و نتحدث معاً .. لذلك النوع من الصمت الذي تكتفي فيه بسماع افكارك التي تتحدث عن الشخص الذي برفقتك
جوانا:" كيف هو والدك الان ! "
عبير:" بخير "
جوانا:" جيد .. اذاً كيف حالك انتي ! "
ما كنت انتظره دوماً .. ان اُسأل عن حالي حقاً !
عبير:" على ما يرام "
جوانا:" تبدو مختلفة "
عبير:" ماذا ! "
جوانا:" لم اعتد ان اسمع منك ( على ما يرام ) كانت اما بخير او جيد .. اشعر ان شيئاً خلفها "
عبير:" لا .. فقط .. "
ترى ماذا يجب ان اخبرها .. كأنها تعرفني
جوانا:" انا لا اعرفك حقاً .. و لكنني اشعر بك .. افهمك .. "
هل هو امر جيد ان اشعر بالارتياح مع احدهم ! فقط لمجرد التحدث !
جوانا:" قد تشعرين انني قد ابالغ او انني فقط اتحدث .. و لكن لا .. انا اعي كل شئ و اعني كل شئ اقوله "
عبير:" حسناً "
جوانا:" عندما كنت صغيرة .. حاول احد اقاربي الاعتداء علي .. او في حقيقة الامر قد فعل .. اعتاد ان يقوم بمناداتي الى احد الغرف و العبث معي .. مع طفلة لم يتجاوز عمرها العاشرة .. كان دائماً يخبرني و بكل هدوء ان لا اقوم بأخبار عائلتي .. سيقومون بضربي او حتى قتلي .. يجب ان اصمت فقط .. بصدق .. لقد سقاني الخوف و الرعب ببطئ و حذر و لو انه فقط فعل هذا في شئ اخر و استفاد من مقدرته هذه في شئ افضل لكان الان ذا شأن .. احياناً اجد نفسي افكر ترى ان جاءني الان و اخبرني انه اسف على ما فعله .. هل سأسامحه !! .. هل استطيع ان اقولها بصوت عالي ! .. حسناً سأسامحك .. رغم انك قد جعلتني اكثر ضعفاً و خوفاً و اقل ثقة .. رغم محاولاتي البائسة بالبحث عن سعادتي مرة اخرى في هذه الحياة .. هل استطيع ان اقولها ! اسامحك ! هل حتى يجب ان اسامحه على ما حدث ! .. كأن شيئاً لم يكن !! .. لا اعلم .. لن افعل .. من المرجح انني لن افعل .. "
....
لم يكن هناك شئ يقال .. لم اكن اعرف هل يجب ان اقوم بتصديقها ام انها فقط تخبرني بذلك لمجرد محاولة التحدث معي .. كيف استطاعت بكل هدوء ان تقول كل هذا ! .. كيف استطاعت ان تحمل في داخلها كل هذا ! .. الم يكن ثقيلاً عليها ! .. الم يتعب ظهرها من هذا الحمل الثقيل ! ..
جوانا:" نعم .. انا لم اخبر الكثيرين بهذا الامر .. و لن اخبرهم .. و بالطبع لن اخبر عائلتي رغم انهم يعرفون الكثير و رغم انهم رائعون .. نعم لقد تعبت من هذا الكم من الالم الذي استيقظ وانام به .. منذ مدة لم افكر في الامر هكذا و لكنني افكر به كثيراً الان .. نعم لقد تعبت يا عبير .. و لكن لا يهم .. لقد اعتاد ظهري هذا الحمل .. لم يعد شيئاً سيتغير .. احاول فقط ان امضي بسلام .. "
لم استطع تمالك نفسي .. نهضت من مقعدي و ذهبت اليها و احتضنتها بكل ما املك من قوة .. سحبتني ببطئ الى قدميها لاجلس و اضع رأسي على كتفها يداها حول خضري و يداي حول رقبتها .. بكل هدوء الدموع تسيل من عيني و اصوات انفاسها الهادئة يثير جنون افكاري كيف لها ان تكون بهذا الهدوء .. الا تعصف روحها .. الا تعصف افكارها .. تشد بكل رفق على خصري و تقوم بشدي اليها اكثر .. لم نكترث في تلك اللحظة اننا في احدى طاولات الكافتريا .. لم نكترث لوجود احد .. كنا انا و هي فقط .. تبلل دموعي قميصها و لكن يبدو انها لا تبالي بالامر.. انا فقط هكذا .. هنا بين يديها احببتها .. و احبها اكثر ..
جوانا:" لا تحزني انا على ما يرام .. لا تقلقي عزيزتي "
هل ما نفعله هو امر طبيعي ! .. اعني .. ان تتعلق بأحدهم و تفعل كل ما يفعله الاحباء دون ان تتحدثا حتى ..
عبير:" سأحاول .. "
لم نتحدث بعدها نصف ساعة .. لم اتذكر درسي و لم اتذكر اي شئ و يبدو انها قد فعلت الشئ نفسه .. تمسك بي .. اشعر بها .. و احبها ../
اعتذر .. الفصل قصير جداًاتمنى لكم قرأه ممتعة
Moon