دخلت الى المنزل تزفر حانقة.. فاليوم بدا طويلا للغاية و قد سكنه التوتر .. و كل هذه الذكريات..
ألقت بمفاتيحها على المنضدة بينما تتحرك لتدخل حجرتها بينما تقطيبة إرادية ارتسمت على جبتها فسألتها امها :"ماذا هناك ؟؟ أحدث شئ؟!"
هزت رأسها تنفى دون صوت ...
لن تخبرها بعودته ..
إنها تكرهه ..
لم تتوانى عن التصريح بكراهيتها له منذ أول يوم..
بينما ترفض زواجها منه .. و قد حاول والدها معها كثيرا.
و أخيرا نفذ صبره ، فقال بصرامة :"موافقتك من عدمها لا تعنى شيئا ... أنا و ابنتك موافقون ... و أنا لن ارفض رجلا جيدا فقط لأن هناك ترهات بعقلك حول أصوله و ظروف تربيته . ..
هو رجل جيد سيعتنى بها عند موتى .... و هذا يكفينى ".
كان هذا أخر تصريح .. أو قول فصل بين أبويها عن زواجها..
و قد جاء هذا التصريح بعد ما أخبرت والدها بتعجل أمجد...
لقد خشيت إن طال الامر أن يبتعد..
و هذا ما لا تريده..
لكن والدتها ظلت ترغى و تزبد ... تحاول إثناءها بتوضيح الإختلاف بينهما .. و أنه لا يليق بها..
لكنها كانت تركن إلى أباها .. فلم تهتم ..
أو ربما نشوة البدايات هو ما جعلها تصم آذانها إزاء كل هذا الهجوم غير المبرر من أمها ...
و تمت الخطبة ....
سعيدة كانت ...
بينما تراه .. تكون معه .. و كيف لا تكون ...
إنه ناضج ... لطيف مراعى .. واثق من نفسه حتى أنها يصعب عليها تقبل هجوم امها عليه...
فلا يمكن لانسان مهما كانت أصوله ان يكون على هذا القدر من الثقة مثله...
حتى أنها كانت تحاول ان تكون مثله ...
فلقد كان مثلها الاعلى ..
فأمها بمغالاتها فى الهجوم عليه دفعتها دون قصد إلى مزيد من الإعجاب به...
نعم كان هدفها منذ دخلت كلية الطب أن تصبح معيدة بها و لكن وجوده جعلها تتمنى ألا تكون كأى مدرس بهيئة التدريس .. ان تكون مثله ... مثله هو على الأخص...
قالتها له ذات مرة :" أريد أن أصبح مثلك تماما".
قال مغيظا :" تريدين أن تصبحى رجلا؟!"
كشرت بينما تفتعل ضحكة صفراء :" و ستتزوجنى عندئذ؟؟ "
أجاب مبتسما :" لا احبك الى هذا الحد .. لا يمكننى أن اتخيلك رجلا ابدا.. "