|٧|

112 7 5
                                    

أسند "دنكان" ظهره للحائط و هو يجلس أرضاً في الظلام لا يضيئ غرفته سوي بضع شموع صغيرة.. يرتدي ملابسه القذرة بعدما امتلأت بالدماء و القاذورات من وقت المعركة.. يجلس صامتاً غاضباً يكاد قلبه يحترق غيظاً وغضباً بعدما سحُق جيشه في المعركة و وقع أسيراً علي يد فتاة .. كم هي هزيمة ساحقة و قاسية له.. يا ليته لم يطمع في احتلال مملكتهم..
سمع صوت غريب يأتي من خارج الشرفة..انتابه شعور الفضول ولكن قدماه و يداه مقيدين جيداً لذا أخذ يراقب الشرفة بقلق.. انفزع عندما رأي جسد أحدهم و لا يظهر وجهه:مرحباً بجلالة الملك "دنكان"..كم انتظرت هذه اللحظة كثيراً كي أراك مذلولاً مقهوراً..انصت لي جيداً و لا تستغيث بإحدي الحراس لأنني لستُ هنا لإيذائك.. في الحقيقة لم يأذن الوقت بعد.. ولكني سأصل لك يوماً ما وسأجعلك ترجو مني قتلك..كم ثقل حسابك معي "دنكان"..لا تجهد عقلك في معرفة من أكون سنتقابل يوماً ما فهذه ليست النهاية..إنها بداية الجحيم الذي ستناله.
ألتفت المتحدث وابتعد ليظهر خلف ظهره جناحان كبيران حلق بهما بعيداً عن الشرفة لتتسع عيناي "دنكان" بصدمة عارمة و هو يردد بتلعثم:ص.. صقرر!!!

جلس "سليم" علي طرف الفراش و هو يتفحص الغرفة بعينيه بذهول:أنظر للغرفة كم هي واسعة!.. هل كل هذه الغرفة لك بمفردك؟!
أومأ "ريان" برأسه:أجل.. صراحة أنا لستُ مسروراً بهذا الأمر.. لقد اعدتُ علي أن أنام معك في الغرفة و باقي الز..
قاطعه "سليم" بوجه مسرور:كيف!!.. يا ليتني أحصل يوماً علي غرفة مثلها.. كما أنك تستحق ذلك يا صاح..لقد أنقذت حياة الملك.
أبتسم له "ريان" بلطف ليردف "سليم" بعدما تغيرت تعابير وجهه:ولكن.. يحزنني حقاً أنني لأول مره سأكون بمفردي منذ أن أتيت للقصر.. بدون "آسر" و بدونك.. لا أملك عائلة أو أصدقاء غيركما.
ربط "ريان" علي كتفه بود:سليم توقف.. أنت لست وحيداً أنا سأظل صديقك وأخيك الثاني دوماً..يمكنك زيارتي هنا وقتما تشاء.. كما أنه ربما ينقلوك قريباً لتعمل في مطبخ القصر.
صمت "سليم" ليمازحه "ريان":بالمناسبة أخبرني.. كيف نقص وزنك هكذا؟.. ستسرق مني الأضواء أمام الجاريات بعد الأن.
قهقه "سليم" معه لثواني قبل أن يقف بحماس:هيا أرني البذلة التي سترتديها اليوم.

عدل "ريان" ياقة قميص بذلته و هو يقف بالقرب من كرسي الملك و يتأمل بعينيه من بالحفل بملل.. لقد حضر الحفل الأمير و أصدقائه التافهين و بعض الجنود المميزين و كل القادة و الحكماء و أثرياء المملكة سواء من النساء أو الرجال جميعهم من علية القوم.. قاعة كبيرة للغاية تكتظ بما يقارب مئة فرد.. ارتسمت ابتسامة خفيفة علي وجهه عندما لمح فتاة قصيرة القامة ترتدي فستان زهري و شعرها الطويل الأشقر يغطي كتفيها العاريان.. سارت بخطواتها الواثقة داخل الحفل رغم سخرية البعض منها ولكنها معتادة علي ذلك الأمر.. قام العازفون بعزف مقطوعة موسيقية هادئة فذهب كل ثنائي ليرقصوا معاً حتي أن الجنود كانوا يرقصون مع الجاريات وفتايات القصر .. كل من في الحفل مسرور بالإنتصار المجيد و يود الاحتفال بكل الطرق كما أن الملك لا يقيم الحفلات إلا في المناسبات السارة و الهامة فقط لذا فالجميع ينتهز الفرصة ليستمتع بوقته.. أستدار الملك "خليل" ل"ريان" وتحدث:ريان.. هل ستظل طوال الحفل واقفاً هكذا؟
ليرد "ريان":ولكن يا جلالة الملك لا يمكنني أن أتر..
قاطعه الملك:ولكني أمرك أن تتركني.. هيا أذهب و أستمتع بوقتك و تعرف علي البعض.
أومأ "ريان برأسه بأدب ثم نزل من فوق منصة الملك واختلط بمن بالحفل..وقعت عينيه علي "سارة" التي جلست بمفردها علي الطاولة تحتسي الخمر و هي ترمق الجنود بنظرات حادة بسبب السخرية المستمرة التي تنالها منهم وخاصة بعد رؤيتهم لها بفستان لأول مره.. أخذ الجميع يرفض الرقص معها ويبتعد عنها بنظرات سخرية.. أحتست كأس الخمر دفعة واحدة ثم وضعت الكأس علي الطاولة بغضب وهي ترمق الجميع بنظرات قاتلة.. جذب أحدهم إحدي الكراسي و جلس بجوارها قائلاً:في الواقع لم أكن أتخيل أنني سأتعرف عليكِ اليوم.. فأنا معتاد علي رؤيتك تحملين السيف و ليس طرف الفستان.
أدارت "سارة" وجهها ل"ريان" الذي كتم ضحكاته لتبادر بغضب:هل جئت لتسخر مني أنت الأخر؟
أسرع "ريان": بلا..أتيت لأنني لا أعرف غيرك في الحفل حقيقةً.
نظرت له بإستحقار ثم أدارت وجهها:بالطبع ستتعرف علي الجميع فيما بعد فأنت الأن الحارس الشخصي للملك.
ألتفت "ريان" لها و هو يقول بتفاجأ:مهلاً..أنتِ تحقدين علي الأن؟
أدارت وجهها له بسخرية:أحقد عليك؟..كم أنت أبله!
أسرع "ريان" بالرد:و أنتِ حمقاء متكبرة.
رفعت حاجبيها و هي تنظر له بتوعد:يا ليتني أحضرت سيفي معي اليوم.
انفجر "ريان" ضاحكاً بسخرية ليزداد غضبها.. حاول تهدأتها و هو يحاول منع ضحكاته:حسناً حسناً..ما رأيك أن نعقد هدنة؟
نظرت له بطرف عينيها بتكبر ثم أدارت وجهها:موافقة.
أردف "ريان":ولكن هناك شرطاً لتتم هذه الهدنة.. أن ترقصي معي.
مد يده لها فنظرت ليده ثم لوجهه:الأن تشفق علي و تود أن ترقص معي؟
تحدث "ريان" بجدية:سارة.. الجميع لا يود ذلك لأنهم يخشون التعامل معكِ وليس كونك فتاة قبيحة.
صمتت "سارة" وهي تفكر فيما قاله قبل أن يتنهد "ريان" بنفاذ صبر:هيا سارة أنهضي لن أركع أمامك مثلاً لترقصي معي!
ضحكت "سارة" بخفة و هي تنهض و تمسك بيده لينضما للأخرون.. وضع يديه علي خصرها بينما هي حاوطت عنقه بذراعيها.. كان يتمايل معها يميناً و يساراً بلطف و هو يدير وجهه من الحين للأخر ويراقب الملك بعينيه..كانت "سارة" صامتة و مرتبكة فأراد "ريان" أن يمازحها:لقد كنت أظن أنكِ قصيرة القامة للغاية مثلما يتحدث الجميع دوماً.
أبتسمت بثقة وهي تقول:حقاً؟
ليردف "ريان":ولكن أتضح لي الأن أنكِ أقصر مما كنتُ أظن.
أزاحت يده عن خصرها و هي تقول:أغرب عن وجهي "ريان" لا أريد أن أر..
قاطعها "ريان" و هو يقهقه كثيراً:أنتظري "سارة" لقد كنتُ أمزح.
نظرت له و هي تحاول منع ضحكاتها و تحدثت بتحذير:إنها فرصتك الأخيرة وإلا جعلتك..
قاطعها "ريان" عندما أنحني نحوها قائلاً:معذرة سيدتي.. لا أستطيع سماع صوتك بوضوح من الأسفل..هل يمكنك أن ترفعي صوتك قليلاً؟
كانت "سارة" علي وشك أن تلكمه في وجهه ولكن المكان غير مناسب لذا أبتعدت عنه وعادت لطاولتها بتذمر شديد.. لحقها "ريان" و هو لا يستطيع كتم ضحكاته..جلس بجوارها و ساد الصمت لوقت طويل قبل أن تسأله:لماذا لم تحضر الأميرة الحفل؟
أجابها "ريان":لقد فضلت الجلوس في غرفتها.
بادرت "سارة" بنبرة ضيق:كم أشفق علي تلك المسكينة الصغيرة.

مملكة إيكيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن