|٢٧|

97 7 11
                                    

دخل "نور" الغرفة و سار خطوات نحو أخيه و هو يفتح ذراعيه له بترحيب قائلاً:كم أشتقت لك أخي!
عانقه "مالك" بود و هو يرتب علي ظهره:و أنا أيضاً يا ملكي الصغير.
ابتسم "نور" ل"سارة" التي وقفت علي يسار "مالك":كيف حالك يا سمو الأميرة؟
ابتسمت له بود:بخير يا جلالة الملك.
ثم يظهر أحدهم فجأة و هو يفصل بيده بين "مالك" و "سارة" و يتقدم:و ماذا عني يا سمو الملك؟.. ألم تشتاق لفطائري حتي؟
قهقهوا معاً بينما "نور" تحدث متفاجئاً:لقد ظننت أنك لن تحضر.
ليجيبه "سليم" بحماس شديد:وهل كنت سأفوت هذه الفرصة؟.. كم أنا متحمساً لرؤية الملكة الأجمل من بين نساء الممالك الخمس.
سخرت منه "سارة":بحقك سليم لا تبالغ.. بالطبع ستكون عادية و لكن الجميع يبالغ لكونها ملكة لا أكثر.
ثم يقول "مالك":لا تكوني غيورة سارة.. كما أنك يا سليم لن تدخل الغرفة معنا..بأي صفة ستقابل الملكة؟
اقترب "سليم" منه و هو يقول:ماذا؟!.. هل جعلتني أقطع هذه المسافة كي أنتظر في الخارج؟
نظر "سليم" نحو "مالك" بترجي ليبادر "نور" و هو يضحك:حسناً مالك دعه يشبع فضوله و إلا ستنفجر رأسي أثناء عودتنا من تذمره كالأطفال.
اتسعت ابتسامة "سليم" عندما حرك "مالك" رأسه موافقاً.. طرق أحدهم الباب ثم دخل رجل أربعيني قصير القامة نحيل الجسد أصلع الرأس يرتدي زيه الأبيض الرسمي ..أنحني أمامهم و هو يقول بإحترام:أنا السيد شادان مستشار الملكة أسيل..اعتذر لجلالتكم كثيراً علي هذا التأخير و لكن الملكة كانت في إجتماع هام.
دخل الغرفة خادمة جميلة تحمل صحناً كبيراً من الحلوي المختلفة.. وقفت أمام كلاً منهم بأدب فألتقط كلاً منهم قطعة..في حين رد "مالك" علي الرجل:لا يهم نحن نقدر مشاغل سمو الملكة.
ألتقط "سليم" قطعة الحلوي و هو يتأمل ملامح الجارية التي تخفض رأسها بأدب ثم أنحني ل"سارة" و همس:لو أن الجارية بهذا الجمال كيف ستكون ملكتهم!
تجاهلته "سارة" و نظرت بإهتمام نحو "شادان" الذي تحدث:سأقود جلالتكم إلي غرفة الملكة إنها في إنتظاركم الأن..تفضلوا.
قادهم "شادان" لخارج الغرفة ثم ساروا في ردهة طويلة ثم أدخلهم قاعة واسعة جدرانها من الزجاج الشفاف.. الخدم و الحرس يقفون بنظام في كل جوانب القاعة.. ساروا خطوات عديدة و هم يقتربون من عرش الملكة الذي وضع أعلي بضع درجات.. كان عرشاً من الذهب و زُين بقطع من الماس و الفضة.. رفع "مالك" رأسه و هو يدقق النظر و يقترب أكثر من العرش.. كانت الملكة أمرأة في منتصف الثلاثينات ذو جسد ممشوق و بشرة بيضاء صافية شعرها أصهب طويل للغاية لدرجة أنه كسا فستانها الأبيض الذي يظهر مفاتنها.. كانت هادئة بطريقة غريبة و هي تغمض عينيها حيث وقفت فراشة ذو لون برتقالي علي أحدي عينيها المغلقتان..و فراشة أخري كبيرة برتقالية اللون وقفت علي وجنتها.. رفعت أصبعاً من يدها التي تشبثت في مقبض المقعد و كأنها تأمر الفراشتان بالإبتعاد ليبتعدا و تفتح عينيها الخضروتان.. صمت الرفاق الأربعة و هم ينظرون للملكة بأعين واسعة من شدة جمالها و قد سيطر عليهم سحرها لبضع ثواني و هم في حالة ذهول.. حتي "سارة" همست:إنها.. إنها جميلة حقاً.
وقف "سليم" يتأمل جمالها و لا ترمش عينيه حتي و هو يفتح فمه مذهولاً..نادته "سارة":سليم.. سليم هل أنت علي قيد الحياة؟
حرك رأسه بالنفي و مازالت عينيه معلقة بهذا المرأة الفاتنة.. أغمض "مالك" عينيه و هو يحاول الصمود أمام سحرها الذي يقع علي كل من ينظر له في حين تحدث "شادان" للملكة:سمو الملكة أتسمحين لي أن أقدم ضيوفنا لجلالتك؟
حركت رأسها بالموافقة ليشير بيده نحو "مالك":جلالة الملك مالك أراكان.. ملك "كوركين" و أمير مملكة "إيكيليا" و الوريث الشرعي لها.
ابتسمت له"أسيل" بود ليشير "شادان" نحو "نور":جلالة الملك نور أراكان.. ملك "نيسا" و أمير مملكة "إيكيليا".
ثم أشار ل"سارة":سمو الأميرة سارة خليل.. أميرة مملكة "كوركين" و قائدة جيشهم.
ثم أشار بيده نحو "سليم" و لكنه صمت عندما لم يجد ما يقوله..ساد الصمت طويلاً و الملكة تنظر بترقب لهما حتي أن "مالك" شعر بالإحراج ليتحدث "سليم" بإبتسامته الواسعة:سليم.. أسمي سليم.. الحارس الشخصي للملك "مالك".
حركت الملكة رأسها متفاهمة قبل أن توجه حديثها ل"مالك" و هي تتفحصه بعينيها بإبتسامة جانبية:سمعتُ مؤخراً عن الأمير الذي يسعي لإستعادة مملكته بواسطة جيشاً قوياً في الغرب و خاض حروباً ليست هينة حتي الأن.. لذلك ظننت أنك ستكون أكبر سناً و لكنك شاباً يافعاً..أحرص ألا تقطع رأسك في حروبك القادمة أيها الصقر الوسيم.
أومأ "مالك" بتفاهم بإبتسامة جانبية بينما "سارة" سيطرت علي غضبها بعدما غازلت حبيبها لتردف الملكة:علي أية حال لقد تشرفت بزيارتكم كثيراً..و لكني لا أعرف سببها حتي الأن.
ابتسم بلطف "مالك" و هو يتحدث:شكراً لكِ يا سمو الملكة.. في الواقع لقد جئت مع جلالة الملك أخي لعدة أسباب..أولاً هو أن مملكتي مدانة بمبلغ ضخم لمملكتكم فكان لابد من تسديد هذا الدين.
حركت رأسها و هي تقول:أجل..لقد استدان الملك "باسل" بمئة ألف عملة ذهبية للمملكة.
ليبادر "نور" الذي وقف علي يسار أخيه:كما أن مملكة "هيرا" مدانة بمئتي عملة ذهبية لمملكة "نيسا" مقابل حصة محاصيل زراعية في عهد الملك "دنكان" و لم تسدد المملكة دينها بعد.
رفعت الملكة رأسها للوزير الذي وقف خلف عرشها لينحني و يهمس لها مؤكداً حديث الملك "نور"..ليردف "نور":لذا جئنا نقعد اتفاقية جديدة.. لتعفو عن ديون مملكة أخي و سأعفو عن ديون مملكتك.
نظرت له الملكة بصمت لعدة ثواني و ضيقت عينيها بإبتسامة خبيثة قبل أن تقول:لا يمكن أن تتنازل عن هذا المبلغ بلا مقابل يا سمو الملك.
ابتسم "مالك" إعجاباً بذكائها قبل أن يجيب:أجل هناك مقابل.. هذا هو السبب الثاني الذي جئنا من أجله.
و بينما الملوك الثلاث منهمكين في الحديث و المناقشات لاحظ "سليم" منضدة خشبية صغيرة في إحدي جوانب القاعة ترتفع و تنخفض في الهواء.. أتسعت عينيه و هو ينظر للمنضدة بعدم تصديق.. أغمض عينيه و فتحها عدة مرات عندما شك أنه ربما لا يري بوضوح و لكن المنضدة مازالت تتحرك في الهواء و ترتفع و تنخفض و تدور.. خرج صوته بصعوبة من شدة الهلع و هو يهمس ل"سارة":س.. سارة.. هل ترين ما أراه؟
أجابته همساً:نعم..أري جمالها الفاتن توقف عن ..
قاطعها و هو يهمس بتلعثم:لا أقصد الملكة.. أقصد هذه المنضدة التي تتحرك في الهواء.
نظرت إلي حيث ينظر فلم تري شيئاً عجيباً لتسخر منه:توقف عن المزاح سليم من فضلك لا وقت لهذه التفاهات.
همس مجدداً و هو يكاد يبكي من شدة الرعب:انا لا أمزح.. إن لم تجدي حلاً أقسم أنني سأتبول في مكاني الأن.
أنهي "سليم" جملته قبل أن يتحول كل ما حوله لظلام دامس و يظهر فجأة وجه جن مرعب ذو قرون طويلة سوداء.. ألتفت الملكان بفزع ل"سليم" الذي صرخ فجأة بصوت عالي مرعوباً و هو يضع كفيه علي وجهه و ينكمش في مكانه و يرتجف:أبتعدوا عني.. لا أريد أن أموت.
أقتربت "سارة" من "سليم" و حاولت تهدئته و لكنه لا يتوقف عن الصراخ.. تسائل "مالك" هلعاً و خوفاً علي صديقه:ماذا يجري؟ ماذا حدث له؟
أجابته الملكة التي كانت تضحك بخفة:يبدو أن "شادان" أراد أن يلهو مع حارسك قليلاً.
ليقول "مالك" بأمر ل"شادان" الذي حرك أصابع يده في الهواء نحو رأس "سليم":أوقف سحرك الأن.
تحدث "شادان" بإبتسامة باردة:إنه لن يتأذي جلالتك.. أنا فقط أريه بعض الأشياء.
صرخ "سليم" مجدداً و هو يتألم و يرتجف خائفاً في مكانه و يخفي وجهه بكفيه وكأنه يحتمي من شيئاً فأقترب "مالك" من "شادان" و جذبه من ملابسه و هو يصرخ في وجهه بغضب:أخبرتك أن تتوقف أيها الساحر اللعين.
بسط يده "شادان" ليهدأ جسد "سليم" و يسقط علي ركبتيه..أسرعت له "سارة" لتطمئن عليه فوجدت بعض الدماء تسيل من أنفه و جسده يرتجف إرتجافه خفيفة..ساعدته "سارة" علي النهوض قبل أن ترمق الملكة و "شادان" بنظرات حادة مشمئزة و هي تقول:عن إذنك يا جلالة الملكة.
استند عليها "سليم" و هما يغادران القاعة معاً..ألتفت الملكان للملكة التي تحدثت:حسناً..لنكمل حديثنا.
ليبادر "نور":كنت أقول يا سمو الملكة أنه قد حان الوقت بأن تخرج "هيرا" عن حيادها و تنضم للجانب الذي يستحق الدعم.
ردت الملكة:إذا خرجت مملكتي عن حيادها ستضطر لخوض معارك متتالية و لن ينتهي الأمر بمعركة وحيدة.. كما أن شعار مملكة "هيرا" ثابت منذ أزمنة فنحن لا نحارب من أجل أحد و لا نطلب من أحد العون.. "هيرا" لن تخرج عن حيادها من أجل أي طرف من الأطراف و هذا جوابي الأخير لجلالتكما.

مملكة إيكيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن