|٣٥|

89 5 0
                                    

أرتبك "نور" و هو يتحاشي النظر لوجهها عندما أردف قائلاً:كما أنني لم أقع في حبك يوماً.
مالت "ياسمينا" برأسها و هي تنظر لعينيه و تبتسم ابتسامة باردة:حقاً؟..ألا تتذكر كم شتاءاً أمضيته معك في قصر "نيسا" و كم ربيعاً أمضيته في قصر أبي في "إيوانا"..أتتذكر كم كانت أمي و خالتي الملكة "توليا" يخططان لزواجنا عندما كنا صغاراً؟.. أتتذكر أول قبلة كانت بيننا؟
صمت "نور" لعدة ثواني بينما "ياسمينا" كانت تبتسم ابتسامتها الباردة لينطق:أخلدي للنوم أيتها الأميرة لأننا سنتحرك مع شروق الشمس.
ألتفت "نور" ليغادر الخيمة علي الفور و هو يشعر بدقات قلبه المتسارعة ثم توجه لخيمة أخيه الملك لينضم للإجتماع الذي عقده.. قرر الملك أن ينفصل الجيشين و يبدأوا في تنفيذ أول خطوة من خطة المعركة بينما حال الأسيرة كان موضع اختلافات كثيرة حتي وافق "مالك" علي اقتراح الملكة الأم بأن تكون تابعة ل"نور" حتي يحين وقت المعركة وقتها ستبقي الملكة الأم و "ياسمينا" تحت حراسة بعض الجنود ليبقوهما آمنان حتي تنتهي المعركة..

فتح "مالك" عينيه عندما تسلل ضوء الشمس داخل الخيمة ليلاحظ "سارة" التي جلست علي طرف الفراش تنظر له بإبتسامة حنونة.. عقد حاجبيه متعجباً قبل أن يعتدل في جلسته و هو يقول بصوته الناعس:لماذا استيقظتي باكراً؟
ردت "سارة":بلي لم أخلد للنوم بعد.. أمضيت الليل أنظر إلي وجهك الذي سأفتقده لبضع أيام.
ابتسم "مالك" و هو يمسح علي شعرها:ستكون المره الأخيرة التي نفترق فيها..أعدك بذلك يا أميرتي.
أومأت برأسها متفاهمة قبل أن يحمل يدها و يقبلها ثم يقول و هو ينهض:هيا نحن لا نملك الوقت الكافي.

تحرك "مالك" نحو طريقه المختصر التي حددته له الأميرة "لين" و هو يضم معه "سليم" و جيش الصقور و جيش "كوركين" بينما بقية الجيش أكملوا طريقهم نحو الشرق و يقودهم ملكهم "نور" و من بين جنوده كانت تسير أسيرته مكبلة اليدين و هي تبدو متعبة شاحبة و في حالة يرثي لها.. و بينما "نور" يمتطي صهوة شرد عقله و تذكر ليلة أمس ..
"ألا تتذكر كم شتاءاً أمضيته معك في قصر "نيسا" و كم ربيعاً أمضيته في قصر أبي في "إيوانا"..أتتذكر كم كانت أمي و خالتي الملكة "توليا" يخططان لزواجنا عندما كنا صغاراً؟.. أتتذكر أول قبلة كانت بيننا؟"
ألتفت "نور" خلفه ليلمح الفتاة التي تسير حافية القدمين تتألم من حرارة الرمال و لكنها تخفي ملامحها المتألمة سريعاً و تتصنع الكبرياء و البرود..

**نادت الملكة "توليا" جاريتها "هيلدا" قائلة:هيلدا.. خذي الأمير و الأميرة للحديقة.
أومأت "هيلدا" بأدب بينما الطفل و الطفلة نهضا لينحني كلاً منهما لوالدته و خالته الملكتان .. ألتفتا ليغادرا الغرفة فأنحنت الملكة "رانيا" نحو أختها:كيف عثرتي علي هذا الطفل؟ إنه يبدو لطيفاً و مهذباً للغاية!
تبسم وجه "توليا":لا يهم كيف عثرت عليه الأهم أنني أخيراً حظيت بطفلاً...لقد استولي علي قلبي منذ نظرته الأولي لعيناي يا رانيا.. سأمضي بقية حياتي أخدمه ليكون شاباً صالحاً و ملكاً قوياً يكتب عنه التاريخ.
ابتسمت "رانيا" ابتسامة خبيثة و هي تقول:ربما يصبح زوجاً لسمو الأميرة يوماً ما.
اتسعت ابتسامة "توليا" و هي تقول:بالتأكيد.. سيسعد ذلك الملك دنكان كثيراً و ستبقي العلاقات السياسية بين المملكتين قائمة.
أومأت "رانيا" متفقة قبل أن تدير رأسها و تقع عينيها علي "نور" و "ياسمينا" اللذان كان يلعبان بسيوف خشبية في حديقة القصر ثم بادرت:أنظري.. إنهما مناسبان جداً لبعض.
ألقت "ياسمينا" سيفها الخشبي و هي تقول:دعك من هذه السيوف المزيفة.. ألحق بي و سأريك سيفاً حقيقياً رائعاً.
اتسعت ابتسامته بحماس و هو يلحق بها لداخل القصر ثم وصلا لغرفتها.. دخل الغرفة و وقف يتأمل جوانبها قبل أن يقاطعه صوتها الرقيق و هي تقول بحماس:أنظر إلي سيفي.
ألتفت "نور" ليجدها تحمل سيفاً صغيراً و لكنه من الحديد و مقبضه مطرز بقطع من الماس باللون الوردي.. كان رقيقاً و جميلاً فحمله عنها و هو يتفحصه:إنه سيفاً حقيقياً فعلاً..يليق بكِ يا سمو الأميرة.
ابتسمت "ياسمينا" برقة ثم تقول:لقد أهداني أبي به.. قال أنني سأصبح يوماً ما ملكة "إيوانا " و "إيكيليا" فلابد أن تمتلك الملكة سيفاً حقيقياً.
اختفت ابتسامة "نور" فور ذكرها لمملكته المنفي منها لتردف "ياسمينا" بعدما وضعت السيف جانباً:اقترب لنقف في الشرفة.
جذبته من يده لداخل الشرفة فوقف ينظر للحديقة الواسعة التي تمتلئ بالعديد من الزهور و الورود مختلفة الألوان و الأشجار الخضراء الكثيفة.. كانت حديقة القصر تشبه حديقة قصر "إيكيليا" لذا وقف لثواني مندهشاً بإعجاب قبل أن يسمعها تبادر:تقول أمي أننا سنتزوج يوماً ما عندما نكبر.
أدار وجهه لها مندهشاً:حقاً؟ هل يمكن؟
حركت كتفيها و هي تقول:و لما لا؟
رد موضحاً:أقصد..أنتِ أميرة جميلة جداً و ستصبحين ملكة.
ردت "ياسمينا" ببساطة:و أنت أمير وسيم و ستصبح ملكاً أيضاً..ما المشكلة؟
ألتعمت عينيه بسعادة و هو يقول:أعني هل ستوافقين بي وقتها؟
خجلت "ياسمينا" و هي تخفض رأسها و تقول بإرتباك و خجل:ربما.. إذا أصبحت بنفس وسامتك سأوافق بكل تأكيد.
أسرع "نور" و هو يضحك بسعادة غير مصدقاً:بلي.. سأصبح أوسم بالطبع و سأغدو شاباً طويل القامة و قوياً ذو عضلات و ملامحي ستكون وسيمة..هل سيناسبك ذلك؟
ترددت بخجل قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب بينما هو اتسعت ابتسامته و هو يغمره السعادة.. ساد الصمت لثواني و هو يقف في مقابلتها يتأمل ملامحها البريئة و فستانها الوردي القصير بينما هي كانت ترفع عينيها له بين الوقت و الأخر.. لاحظ أن أحد قرطيها غير موجود ليشير بيده نحو أذنيها:يبدو أن أحد القرطين سقط.
تحسست أذنها و هي تقول بضيق:أجل.. لابد أنه سقط مني في الحديق..
لم تكمل جملتها لتجده ينحني و يجلب القرط الذي سقط بالقرب من قدميها و يمد يده به له.. ابتسمت و هي تشكره ثم وضعته.. ترددت و هي تقول:هناك علامة علي شكل بقعة في مؤخرة رقبتك.
أشارت بيدها نحو عنقه ليومأ مستدركاً بوجه حزين:أجل.. هذه البقعة لا تزول أبداً..أكره شكلها كثيراً.
ضحك وجهها الجميل و هي تقول:لا عليك.. تبدو جميلة علي شكل تفاحة ..أمتلك واحدة مثلها في نهاية ظهري و لكنها علي شكل موزة صغيرة.
ضحك "نور" معها و لأول مره يشعر بتقبله لتلك العلامة..أقترب منها خطوة و هو يقول بتردد:أيمكنني أن.. أن أقبلك؟
تردد "ياسمينا" بخجل و صمت لثواني ليسرع "نور" بإبتسامة مطمئنة:ألن نصبح زوجين في المستقبل؟
أومأت برأسها قبل أن تقول موافقة:حسناً.
تبسمت برقة و هي تغمض عينيها البنيتان و تستعد لأول قبلة لها من زوجها المستقبلي.. ظل ينظر لها بإعجاب لعدة ثواني و في هذا الوقت أدرك أنه وقع في حبها.. أقترب منها و لمس وجنتها المتوردة بيده ثم طبع قبلة خفيفة علي شفتيها.. أبتعد قليلاً و همس تجاه شفتيها:شفتيكِ ناعمتان كالياسمين.**

مملكة إيكيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن