أستدارت و وجهت حديثها ل"مالك" و "نور" قائلة:هناك شيئاً هاماً يجب أن تعرفاه.
نظرا لها بترقب بينما الملكة ألتفتت للحشد و نادت:يا صقور إيكيليا.. لقد جاء اليوم الذي ستظهروا فيه أجنحتكم للعالم أجمع..لا هروب و لا خوف بعد اليوم.
أنهت جملتها ليجد "مالك" مجموعة ليست بقليلة ترتفع في السماء محلقين بأجنحتهم الضخمة.. أتسعت عينيه بذهول و هو ينظر للأعداد التي تتزايد بكثرة.. ما يقارب خمسمائة فرداً من أهالي القبيلة من نسل الصقور.. لقد ظن أنه و أخيه الناجيان الوحيدان من هذه المذبحة و لكن هناك مئات الناجيين..كان الرفاق الأربعة يتبادلون النظرات بعدم تصديق و ذهول و لكنهم يبتسمون بسعادة عارمة.. أرتفعت قدماي "مالك" عن الأرض و هو يفرد جناحيه و يتحدث:أيها الصقور..نحن هنا اليوم من أجل عودتنا و للإنتقام لشعب "إيكيليا" و لكرامتهم.. أنا "مالك أراكان ديغول" الوريث الشرعي لمملكة "إيكيليا"..جيوش "نيسا" و "كوركين" العظيمة تحت سيطرتي و سأقود بهم الحرب القادمة أمام اللعين الذي سلب مننا موطنا و حريتنا و حقوقنا في العيش كبشر.. الحرب ستطول لأسابيع و أشهر و ربما لأعوام و أنا اثق جيداً في جنودي أنهم سيستعيدون "إيكيليا" و سيسحقون جيش هذا الوغد القذر الذي اراق دماء العديد من الأبرياء.. سنحارب من أجل أن ننتقم لشبعنا الذي شاهدناه يُذبح واحداً تلو الأخر بلا رحمة.. كل مبتغاي الأن أن تنضموا لجيشي و تحاربوا بجواري و تساعدوني علي أستعادة الحكم مجدداً من قبضة "برهوم"..لقد حان الوقت أن تخرج القبيلة من عزلتها و تعقد التحالفات مع من هو أحق..حان الوقت لنتكاتف معاً و نهزم اللعين الذي يستولي على الشمال و نعيد هؤلاء الجرذان لجحورهم لنستعيد موطنا و مملكتنا و حريتنا.
أنهي "مالك" جملته ليجد الجميع يركعون بخضوع و احترام امامه ثم يهتف أهالي القبيلة بحماس بإسم الملك "مالك" و بإسم المملكة بينما الصقور تفرقوا و هم يزينون السماء بأجنحتهم الجميلة و يحتفلون معاً بسعادة عارمة غير مصدقين أنهم أخيراً سيخرجون للعالم بهويتهم الحقيقة بلا خوف و إختفاء مجدداً.. بادر السيد "بدر" ل"مالك":أنت محق يا جلالة الملك.. قبيلتي بأكملها فدائاً لأرواح الصقور و لمملكتكم العظيمة.
رفع "مالك" رأسه بثقة و هو يبتسم بسعادة تغمر قلبه.. أمر "بدر" الجميع بأن يعاودوا العمل و ليجهزوا عشاءاً فخماً يليق بملك "إيكيليا" و أميرها و ملكتها و تقديراً لجهود أميرة "كوركين"..غادرت "سارة" الخيمة و يليها "سليم" و هو يتحدث لها:عقلي الصغير لا يستوعب كل هذه التغيرات.. كيف نجت والدته و كيف نجي كل هؤلاء الصقور؟!
ضحكت "سارة" و هي تسير بجواره بين أفراد القبيلة يكتشفان المنطقة:أنا أيضاً لا أصدق و لكن أنظر.. نحن الأن نضم أكثر من خمسمائة صقراً بدلاً من صقرين فقط.
اتسعت ابتسامته بسعادة غامرة قبل أن يقول:و لكن لاحظتي كم الملكة "كاساندرا" جميلة و تمتلك قواماً جيداً رغم كبر سنها!..أحياناً أظن أن هؤلاء الصقور ليسوا كبشر مثلنا.
نظرت له بعتاب و هي تكتم ضحكاتها:ألم تكتفي من مغازلة النساء سليم؟.. أم أنك تريد أن أعيدك لملكة الجنوب الجميل..
قاطعها مسرعاً:بلي بلي.
أدارت وجهها و هي تقهقه كثيراً بسخرية لتجده يقول و ينظر لها بنظرة خبيثة:و لكن للأسف لم تغازلني الملكة..و لكن غازلت الملك الوسيم.
همس بصوت أنوثي و هو يقلد "أسيل":و لكنك شاباً يافعاًً مالك.. أحرص علي ألا تُقطع رأسك أيها الصقر الوسي..
قاطع "سليم" صوت الخنجر التي سحبته "سارة" من غطائه وهي تقول بنظرة غاضبة:توقف عن الثرثرة أيها الوغد و إلا قطعت لك لسانك.
تراجع خطوات للخلف و هو يقول ليستفزها:الأن ترفعين الخنجر في وجه صديقك! أين كان خنجرك عندما غازلت إمرأة غريبة حبيبك؟
سارت نحوه و هي تقول بتوعد:توقف عن الركض وأقترب كي أريك أين كان خنجري أيها الجبان.
تراجع بظهره أكثر و هو ينظر للخنجر بهلع:لن أفعل ليس جبناً و لكن لأنني رجلاً شهماً لا أريد أن أرفع خنجري في وجه فتاة قصيرة.
تصنعت الغضب الشديد و هي تقول:فتاة قصيرة؟.. حسناً.
ركضت نحوه و هي تحمل الخنجر ليركض بهلع و هو يصرخ:اعتذر اعتذر.. أقصد سمو الأميرة.
نادته ليدير وجهه لها و هو يركض بكل سرعته:توقف سليم توقف.
ولكنه لم يسمعها جيداً قبل أن يصطدم بأحدهم بقوة و يسقط أرضاً..حاول النهوض و هو يضع يده علي ذراعه و يتألم بشدة ليسمع صوت أنوثي يصرخ فيه:أيها الأحمق اللعين.. أين ذهبت عيناك؟!!.. لقد انسكب الإناء بأكمله.
وجهت الفتاة حديثها ل"سليم" الذي ظل مكانه أرضاً ينظر بعينان متسعتان تلتمعان بإعجاب شديد بتلك الفتاة...كانت فتاة عشرينية ذو بشرة بيضاء و عينان بنيتان واسعتان يزينهما كحل أسود فوق جفن عينيها و داخلهما ليُظهر مدي جمال و صفاء عينيها..شعرها الأسود الطويل ينسدل علي كتفيها و ترتدي العديد من الأساور و العقود الفضية و تضع قرطين ثم وضعت وشاحاً أسوداً شفافاً فوق رأسها...عقدت حاجبيها من هذا الأحمق الذي ينظر لها بصمت كالأبله و كأنه لم يسمع ما قالته للتو.. انفزع جسده عندما تلقي صفعة قوية علي وجنته من الفتاة:هذه الصفعة لأنك دفعتني لأسقط و انسكبت المياة التي حملتها في الإناء.
ثم تفاجأ بصفعة أقوي علي وجنته لتردف:و هذه الصفعة لأنك لم تعتذر حتي الأن.
نهضت من مكانها و حملت الإناء لتقول "سارة" التي أقتربت منهما:معذرة أيتها الفتاة لم يلاحظك صديقي.
نظرت الفتاة نحو "سليم" بإشمئزاز ثم نظرت ل"سارة" قائلة:لا عليكِ يا سمو الأميرة.. ولكن في المرة القادمة قومي بربط سلسلة حديدية حول عنقه كي لا يركض كالأبله و يفتعل المشاكل.
كتمت "سارة" ضحكاتها و هي تقول:فكرة سديدة سأعمل علي تنفيذها.
انحنت لها الفتاة ثم رحلت بينما "سليم" نهض من مكانه غاضباً و هي ينادي الفتاة:م.. ماذا؟..أنا لستُ كلباً أيتها الفتاة الوقحة!!
بينما "سارة" انفجرت ضحكاً و هي تضرب بكفيها علي فخذيها و تقهقه بقوة لينظر لها "سليم" بضيق و يرحل من أمامها.. ركضت خلفه و هي تقهقه:أنتظر سليم.. أرأيت كيف كان وجهك عندما صفعتك؟
لم يجيبها "سليم" و أكمل سيره بضيق ثم يناديهما أحد أفراد القبيلة ليتناولا العشاء.. دخلا معاً الخيمة حيث كانت واسعة مخصصة فقط للمملوك و الأمراء و لكن "سارة" أجبرت "سليم" أن ينضم لهم.. وضعت مائدة طويلة تمتلئ بالخيرات.. جلس "سليم" بين "مالك" و "سارة" و تأمل كل تلك الصحون الممتلئة باللحوم و الخضروات و الفواكة و الحلوي و الخمور..لم يشتهي أياً منهم سوي صحناً به فطائر بالتوت.. ذم شفتيه بتلذذ و هو يمد يده ليجذب هذا الصحن أمامه..و بينما الملكة تتبادل الحديث مع الملكان و الأميرة قاطعهم صوت "سليم" الذي قال بشبه صياح بوجه مستمتع:أقسم أنني علي وشك أن أقبل يدين من صنع هذه الفطائر.. لم أتذوق يوماً فطيرة توت لذيذة بهذه الطريقة.
ضحك "نور" و هو يسأله:أهي لذيذة لهذه الدرجة؟
حرك رأسه بالإيجاب و هو يمضغ بتلذذ:أجل.. تفضل يا سمو الملك.
تذوق "نور" قطعة من الفطيرة ليقول متفقاً معه:أجل إنها لذيذة جداً.
لتتحدث بأدب سيدة أربعينية تقف في إحدي زاوية الخيمة تقوم بسكب الماء في الأكواب النحاسية:بالهنا و الشفاء لجلالتكم.. لقد صنعتها "سلمي" ابنتي.
دخلت فجأة الخيمة الفتاة التي تشاجرت مع "سليم" لتسرع السيدة:ها هي سلمي.
ارتبكت "سلمي" كثيراً عندما وجدت الجميع ينظر لها بتفحص خصوصاً ذلك الشاب الذي ألتمعت عينيه إعجاباً بها.. ليتحدث "مالك" بإبتسامة ودوة:أحسنتي الصنع سلمي.. هذه الفطائر لذيذة جداً.
اخفضت رأسها بأدب له:شكراً لك يا سمو الملك.
ثم رفعت رأسها للشاب الذي مازال يتأملها بنظرات إعجاب شديدة و هو يبتسم إبتسامة بلهاء و لا يتوقف فمه عن مضغ هذه الفطائر.. بينما "سارة" كانت تخفي ضحكاتها و هي تنظر لها بضيق عينيها بخبث:ها قد عثرنا علي منافساً لك في صنع فطائر التوت.
أنت تقرأ
مملكة إيكيليا
Fantasyألتفت "ريان" ليري وجه أخيه المصدوم و قد ظن أنه علي الأقل سيعانقه بعد فراق كل هذه السنوات... ولكن "نور" تحدث ببرود:حسناً..وماذا تريد الأن؟ أجابه "ريان" مذهولاً من بروده:ماذا أريد؟!!.. بحقك أنا أخيك!.. لم أكن أتوقع أن أجد أخي الأمير الصقر يخدم الملك د...