أرتجف صوت الطفل و هو يتشبث في والدته:أمي.. هل سنموت الليلة؟
أسرعت والدته بعينان تملئها الدموع:بلا يا صغيراي.. لن نموت اليوم..أنا هنا من أجلكما.
أحتمي الطفل الأخر في حضن أمه وهو يرتجف:انا خائف يا أمي.. لا أريدهم أن يذبحوني.
فرت دمعة من عينيها وهي تسرع:لن يحدث يا عزيزي لن يحدث.. لن يستطيع أحد أن يقوم بأذيتكما.. أنظرا لي.. أنتما الصقور و تجري في عروقكما دماء ملكية.. لن تركعا لأحد ولن يستطيع أحد أذيتكما أبداً.. هل تسمعوني؟.. أنتم آلهة السماء.. لن تستطيع يداً أن تنالكما.فتح "ريان" عينيه و هو يلتقط أنفاسه بصعوبة و جسده يتصبب عرقاً بجانب أرتجافه خفيفة.. سمع صوت أحدهم في الخارج يطرق الباب بقوة:هيا أيها الحارس سنتأخر.
أجابه "ريان" من خلف الباب:حسناً سأتجهز الأن.
أعتدل في جلسته و هو يلتقط أنفاسه و يحاول تهدئة دقات قلبه المتسارعة بعد ذلك المنام الذي أتاه.. ربما كان نتيجة لما سمعه من الشاب ليلة أمس ..عدل الملك "دنكان" ملابسه الملكية أمام المرآة بوجهه العابث الساخط بينما يقف خلفه الأمير "نور" و هو يخفض رأسه بأدب:لم أكن أتوقع يوماً أن اخفض جناحي و اتحالف مع هذا العجوز اللعين.
تنهد الأمير بنفاذ صبر:جلالتك من قودت الحرب نحوهم و لست أنا.. حمداً للقدر أننا لم نفقد سوي القلاع.
ألتفت له الملك و هو يضع التاج فوق رأسه و يقول بنبرة غاضبة:أمازلت تستهين بهذه القلاع و مكانتها بالنسبة لشعبي و تاريخ مملكتي؟
حاول "نور" تهدئته و هو يقول:أبي..
قاطعه الملك "دنكان" عندما صرخ في وجهه بهسترية:أنا لستُ أبيك و أنت ليس عليك أن تفسد ما أخطط له منذ سنوات بسبب تدليل الملكة لك و في كل مرة أدفع ثمن أخطائك اللعينة.. لقد سئمت منك أيها الغبي الأحمق.
أصتدم الملك في كتفه و هو يغادر الغرفة بغضب عارم بينما "نور" وقف مكانه و هو ينظر أرضاً بإنكسار..صفق الجميع بحرارة عندما وضع الملك "خليل" ختمه الملكي علي عقد التحالف بين الملوك الثلاث و بدت الفرحة و السلام علي وجوه العامة.. قبل أن يلاحظ "ريان" شاباً من رجال "سارة" يركض نحو الحراس و هو حليق الرأس و الذقن...كان شكله غريب ومختلف للغاية لدرجة أن زملائه لم يتعرفوا عليه في البداية.. وقف خلف "ريان" وخفض رأسه بأدب ليسأله و هو يكتم ضحكاته:ماذا حدث لوجهك الوسيم أيها الحارس؟
أجابه الشاب بتذمر:لقد أستيقظت متأخراً فأمرت الجنود بالتنفيذ بدون رحمة.
قهقه "ريان" و هو ينظر للفتاة ذات الوجه الحاد التي تجلس علي يسار الملك "خليل":كم هي حازمة في أقوالها.. انظروا للشاب المسكين.. لقد أصبحت تشبه جنود "نيسا" الأن.
قهقه زملائه بسخرية بينما الشاب كان متذمراً غاضباً.. ألتفت الملك "دنكان" نحو الملك "خليل" :ألم يأتي الأمير برفقتك؟.. أري الفتاة تحل محله.
أجابة الملك "خليل" ليستفزه:منشغلاً ببعض أمور المملكة.. أعني لقد طرأت أحداث جديدة مؤخراً و انضم لمملكتي ثلاث قلاع.
أومأ "دنكان" برأسه و هو يخفي غضبه العارم خلف ابتسامته المصطنعة ثم ألتفت للأمير "نور" و أمره بصوت واضح:سمو الأمير.. أحضر لي كأساً من النبيذ.
تعجب الأمير و هو يهمس للملك:مولاي لا يمكنني.. هذا عمل الخدم.
بادر "دنكان" بصوت مسموع مجدداً:أنا الذي أقرر.. هيا انهض و افعل ما أمرتك به.
بدأ الجالسون ينتبهون للأمر و هم ينظرون لهما متعجبين.. نهض الأمير رغماً عنه و تقدم نحو منضدة كبيرة و ضعت بالقرب منهم عليها كل أنواع النبيذ و أطهي الأطعمة و الفواكه و الخيرات.. سكب النبيذ في كأس من النحاس نقش عليه نقوشات صغيرة ثم مد يده به للملك و لكن أسقطها الملك "دنكان" عن عمد و نظر له ببرود:لم أنتبه جيداً..اركع و احمل الكأس ثم أحضر لي غيره.
بدأ الجميع يتبادلون النظرات بإندهاش من الملك الذي يصر علي إذلال ابنه.. اتسعت عيناي الأمير و هو ينظر له بذهول لا يصدق أفعاله.. صمت الأمير طويلاً وهو يقف مكانه قبل أن تتدخل حارسة وقفت خلف مقعد الملك "دنكان" و انحنت لتحضر الكأس:سأقوم باللازم يا جل..
قاطعها الملك "دنكان" بحدة وتحذير:لقد أمرته هو لذا فلا تتدخلي.
أسرعت الحارسة بالإبتعاد و وقفت مكانها مجدداً قبل أن يتنفس الأمير و هو يكتم غضبه و يركع ليحضر الكأس الذي سقط بجوار حذاء "دنكان" ثم يحضر كأساً أخر له.. تناوله الملك من يده و هو يبتسم له ببرود شديد:شكراً لك يا بني.
جلس الأمير في مكانه و هو يضغط علي اسنانه بقوة ليكتم غضبه.. بادر الملك "برهوم" بالحديث:لستُ معتاداً علي رؤية الفتيات ملتحقين بالجيش أو من ضمن حراسك "خليل".
اجابه "خليل":هذا لأن سارة أثبتت نفسها وتستحق ذلك المنصب بالفعل.
تحدث "دنكان" بأسلوبه المستفز:معذرة ولكن..يمكن للفتاة أن تلتحق بالجيش و تحارب كجندية عادية ولكن قائدة جيش؟
رد "خليل" بنبرته الواثقة:ها هي جائت لتصبح الأولي.
تحدث الملك "برهوم":في الواقع أنا لستُ مقتنعاً بفكرة تجنيد النساء.. سيفشلون حتماً في ميدان القتال بقواهم البدنية.
بادرت "سارة" له بأسلوب مهذب:جلالة الملك.. القوة بالدنية ليست العامل الأساسي للفوز بأي معركة.. ما أهمية العضلات بدون إستخدام العقل بحكمة في الوقت المناسب؟
نظر لها الملك "برهوم" بتفحص بنظرات إستخفاف وسخرية:و أياً منهما تملكيه أيتها القائدة؟
ابتسمت بثقة و هي تجيبه:أمتلك ما يكفي لأقود جيش بأكمله كجيش مملكتي العظيمة.
بادر الملك "دنكان" ساخراً:أيتها الفتاة.. إن نساء "نيسا" أذكياء و أقوياء بالفعل.. ولكن نساء "كوركين" رقيقات لا يجيدون سوي الرقص و التدلل أو خدمة أسيادهم..هذا أمراً معروفاً في تاريخ المملكتين.
قهقه "دنكان" ساخراً مع "برهوم" بينما "سارة" ضيقت عينيها و هي تقول متعجبة:لا أتفق معك يا جلالة الملك.
ثم انحنت نحوه و ابتسمت ابتسامتها الواثقة و هي تقول بنظرة تحدي:هل سبق من قبل أن قامت جندية من جنود "نيسا" بأسر ملك؟
أتسعت عيناي "دنكان" بغضب عارم عندما تذكر أمر أسرها له.. ظل يرمقها بنظرات حارقة بينما هي تبتسم له بثقة تامة حتي حاول الملك "برهوم" تهدئة الموقف:جلالتكما.. نحن هنا لنعقد تحالفاً سلمياً بين الممالك الثلاث و ليس لنناقش أحقاد الماضي!
نظر الملك "خليل" نحو "سارة" نظرة سريعة لتفهم مقصده و تصمت و هي تكتم ضحكاتها بعدما أحرجت "دنكان" بذكاءها.. ساد الصمت لوقت طويل و هم يشاهدون بعض المسرحيات التاريخية الكوميدية و يضحكون من الوقت للأخر ثم أتت فقرة المبارزات بالسيوف و الرماح و كانت المبارزات مملة للغاية فألتفت الملك "خليل" نحو "ريان" و تحدث مقترحاً:ما رأيك أن تشارك ريان؟.. لم أشاهد مبارزات لك منذ وقت.
كاد "ريان" أن يرد ليقاطعه الملك "دنكان" عندما أستدار و نظر له بتفحص:هل يجيد المبارزة حقاً؟
ابتسم "ريان" بثقة و هو يجيبه:يمكن لجلالتك أن تحضر لي أقوي جنودك و جربني.
ابتسم له الملك "دنكان" بإعجاب لشجاعته و ثقته في ذاته بينما الأمير "نور" وقتها كان يرمقه بنظرات غضب و مقت شديد فهو لم ينسي المرة الاولي و الاخيرة التي تقابلا فيها.. بادر الملك "برهوم":ما رأيك أن تبارزه يا سمو الأمير؟
ألتفت للملك "خليل" و هو يحكي له:إن الأمير نور لم أقابل شخصاً بمثل ذكاءه و قوته البدنية في القتال.. لقد هزم خير جنودي في مبارزات عديدة و هو في سن السابعة عشر.
ابتسم الملك "خليل" ل"نور" :حقاً؟ إذاً لتقوم مبارزة بينهما اليوم.
ليقول الأمير بنبرة حادة حازمة:لن أبارز هذا الحارس.
تبادلت "سارة" النظرات مع الملك "خليل" و هما يخفيان ضحكاتهما و همست له:إنه محق.. ما فعله معه ليس هيناً.
كتم الملك "خليل" ضحكاته بينما الملك "برهوم" نظر ل "دنكان" بعدم فهم لتهمس لهما الحارسة:إنه القائد الذي أستولي علي القلاع الثلاث من الأمير.
استفزه "ريان" بإبتسامة باردة:كما تشاء يا سمو الأمير.. علي أية حال النهاية محسومة.
رفع "نور" حاجباً و هو ينظر له بذهول من وقاحته ثم نهض و هو يأمر الحارسة:أحضري لي سيفي.
حمل السيف من الحارسة ثم خلع سترته الملكية الطويلة كي لا تعيقه و كاد أن ينزل الدرج ليجذبه ابيه "دنكان" و يهمس له بنظرة شر و كره:أجلب لي رأس هذا اللعين و سأعطيك ما تشاء.
اومأ له "نور" و هو يقول بثقة:سأفعل ذلك علي أية حال.
وقف "نور" في مقابلة "ريان" و هو يرتدي سترة حريرية قصيرة مكشوفة العنق و بنطال من الجلد الأسود و يحمل سيفه الذي زين مقبضه بقطع من الذهب و الماس.. نظر ل"ريان" نظرة تحدي و هو يلوح بسيفه استعداداً بينما "ريان" بادر ليستفزه:لماذا أنت خائفاً من مبارزتي؟
هاجمه "نور" بالسيف و هو يقول:لستُ خائفاً من حارس أحمق مثلك.
كان الأمير "نور" يبارزه بوجه يملئه الغيظ و الشر و هو يود الأنتقام منه و ما علي "ريان" سوي أنه يصد ضرباته القوية بسيفه.. كانت "سارة" تشاهد المبارزة من الأعلي و بدأ يخفق قلبها عندما وجدت "ريان" متراجع و الأمير "نور" متفوق بشكل ملحوظ.. يقوم "نور" بتصويب ضرباته بطريقة سريعة و يتحرك بمرونة شديدة و لكن "ريان" لديه ما يكفي ليصد هذه الضربات و يصمد لبعض الوقت.. تحدث "نور" بوجه متورد من شدة الغضب و العرق يسيل من جبينه:أنت السبب لما أنا فيه الأن.. لقد جعلتني أفشل في أول اختبار حقيقي لي.
ضرب بسيفه ضربة قوية ليصدها "ريان" بسيفه و ينظر لعيناي "نور" البنية و هي تمتلئ بالشر و الغيظ و صرخ فيه:ستكون نهايتك اليوم.
أخذ يضغط بقوة بسيفه علي سيف "ريان" و "ريان" يحاول دفعه و هو ينظر لوجهه الغاضب كالمجنون حتي تمكن من دفعه بقوة ليختل توازن الأمير و يسقط و هو متشبثاً بسيفه جيداً..وقف "ريان" يلتقط أنفاسه و هو ينظر للأمير الذي حاول النهوض مجدداً بجسد منهك ليلاحظ شيئاً جعل عينيه تتسع من وهل الصدمة.. خفتت انفاسه و تجمد جسده و هو يتأمل تلك البقعة الدائرية الموجودة في نهاية عنق "نور"..نهض "نور" و نظر بغضب أشد نحو "ريان" ليجده ينظر له بوجه شاحب مصدوم ثم ناداه بصوت خافت:نديم!!
وجد "ريان" "نور" يقوم بمهاجمته بضراوة و هو يصرخ في وجهه:سأجعلك تندم علي ما فعلت أي..
قاطعه "ريان" و هو يحاول صد ضرباته المتتالية:نديم توقف أرجوك.. أنا أخيك مالك.. نديم رجاءاً توقف.
كان "نور" لا يسمعه و لا يهتم لأياً مما يقوله كل ما يريده هو قطع رأسه.. استعاد "ريان" سيطرته و أخذ يصدد له الضربات بالسيف و هو يقول بصوت حاد:نديم توقف..نديم ماذا تفعل أنا مالك.. أنا أخيك توقف.
دفعه "ريان" قليلاً لينتبه له "نور" أخيراً و هو يقول مرتبكاً:نديم من؟..أنا لا أعرفك.
ثم عاد ليبارزه بأصرار شديد.. بدأ "ريان" يستعيد قوته و هو يبارزه بقوة و أخذ الأمير يتراجع مذهولاً من تفوقه فجأة.. ضرب سيفه بقوة بحركة سريعة ليختل توازن الأمير مجدداً..تشبث "نور" في سيفه و كاد أن ينهض مجدداً ليجد "ريان" يلقي السيف أرضاً و هو يلتقط انفاسه قائلاً بنظرة صادقة:أنا لن أرفع سيفي في وجهك نديم.. فأنت أخي الأصغر.
نظر "نور" نحو السيف الذي ألقاه "ريان" و تلك النظرة التي نظر له بها.. التمعت عينيه بالدموع و هو مصدوماً مكانه.. بينما الملوك الثلاث بدأوا يتبادلون النظرات بعدم فهم متسائلين عما يجري..لماذا ألقي "ريان" سيفه؟ و لماذا الأمير مصدوماً و هو يجلس أرضاً مكانه .. صمت "ريان" طويلاً و هو ينتظر ردة فعل أخيه الذي كان مصدوماً ..
أنت تقرأ
مملكة إيكيليا
Fantasíaألتفت "ريان" ليري وجه أخيه المصدوم و قد ظن أنه علي الأقل سيعانقه بعد فراق كل هذه السنوات... ولكن "نور" تحدث ببرود:حسناً..وماذا تريد الأن؟ أجابه "ريان" مذهولاً من بروده:ماذا أريد؟!!.. بحقك أنا أخيك!.. لم أكن أتوقع أن أجد أخي الأمير الصقر يخدم الملك د...