الحلقة 17عنوان الحلقة / أريج وإيثار!
ها هي جنات تبدأ حياتها الجديدة من خلال التحاقها بالجامعة وقد كانت تخشى الاختلاط بالطالبات خوفًا من أن يسألنها عن خطيبها ما إن يشاهدن خاتم الخطوبة في يدها!
لم تعتد جنات على الكذب ولكن ماذا إن حصل وجاءت إحداهن لتسأل؟!
لذلك حاولت فتاتنا أن تلتزم بوصية والدها بأن تكثر من الجلوس في مكتب تسنيم بين المحاضرة والأخرى!
وفي إحدى المرات وبعد أن انتهى الأستاذ المحاضر من إلقاء محاضرته وبينما كانت تتهيأ جنات للخروج من القاعة فاجأتها إحداهن!
- مرحبًا عزيزتي.. أنا ( أريج) وهذه صديقتي ( إيثار) ونتمنى أن تكوني الفتاة الثالثة في حلقتنا! فهل تقبلين الصداقة؟
ارتبكت جنات ولم تحر جوابًا!
قالت إيثار بإبتسامة جميلة :
- لقد أحببنا أن نتشرف بصداقتكِ ليس لأنكِ ابنة الأستاذة تسنيم والأستاذ بهاء بل لأننا نراكِ أهلاً للصداقة..
ابتسمت جنات وهي تخفض رأسها حياءًا وتقول :
- أخجلتما تواضعي..!
مدت جنات يدها لإلقاء التحية عليهما ثم أشارت إليهما بالجلوس قربها..
قالت أريج بكل أدب :
- لقد قررنا طلب صداقتك لأننا نجدكِ تشبهيننا كثيرًا بطريقة حجابك وطريقة تعاملك مع الأساتذة والطلبة!
أما إيثار فقالت :
- نحن هنا كالغريبتان والفتيات لا يحبذن الاندماج معنا بسبب ارتداءنا للعباءة.. أظن انهن يعتبرننا معقدات!! لذلك ارتأينا أن نتقرب منكِ فأنتِ الوحيدة التي تشبهنا في إرتداءكِ للعباءة الزينبية!!
ابتسمت جنات وهي تقول :
- أنا أتشرف بكما، أما عن نظرة بقية الطالبات لنا فقد تتغير بمرور الوقت وسيعرفن أن صاحبة العباءة هي إنسانة طبيعية جدًا..!
رددت الفتاتان :
- بإذن الله تعالى.. ندعو أن يكون ذلك قريبًا.
سألتها أريج :
- نراكِ ترتدين خاتم الخطوبة.. صحيح ؟!
ابتلعت جنات ريقها بصعوبة وهي تردد مع نفسها : هذا ما كنت أخشاه!
أجابت بعد هنيهة من الصمت :
- نعم..!
سألت إيثار بفضول :
- وهل هو غريب ام قريب؟
- انه ابن عمي..
شعرت جنات أن هناك لهفة من الفتاتين لمعرفة كل شيء عن خطيبها، فلن يكن في مقدورها إلا إعطاء صورة موجزة عنه!
- اسمه طاهر.. يعيش في أوروبا، ذهبت إلى حيث يعيش فترة من الزمن حيث كان من المفترض أن أكمل دراستي الجامعية بقربه ، لكني لم أستطع تقبل وضع الجامعات هناك وعدت مرغمةً إلى أرض الوطن!
تساءلت الفتاتان وبصوت واحد :
- مرغمة؟!
- نعم.. ارغمتني الأوضاع المنفلتة - أخلاقياً - على العودة للدراسة هنا، وما أن أكمل الأربع سنوات حتى أعود إلى حيث خطيبي بإذن الله!
كانت جنات تتحدث وكل فرائصها ترتجف، فهي غير معتادة على الكذب مطلقًا، وحاولت بكل ما أوتيت من قوة أن يكون كلامها أقرب إلى الواقع.. هذا ما جعلها مرتبكة جدًا.
سألتها أريج بشيء من الخجل :
- وهل تحبان بعضكما؟
دمعت عينا جنات وهي تجيب بابتسامة رقيقة :
- نعم.. وأكثر مما تتصوران!
***
في المنزل..
أخبر بهاء ابنته الكبرى بأنه قد اختار لها ( إيهاب) ليكون سائقها الشخصي طوال فترة دراستها في الجامعة!
لم تتكلم جنات بشيء إذ لم يعد يهمها أمر ذلك الشاب مطلقًا لكنها فكرت أن هذا الخبر قد يُغضب طاهر.. فهو لا يطيق سماع إسم إيهاب منذ أن عرف بخبر تلك الخطبة!!
قررت أن تخبره في اتصال هذه الليلة عن تطور الأحداث فقد يغضب منها كثيرًا إن هو علم بهذا الخبر من شخصٍ آخر!
وأثناء ذلك الاتصال الهاتفي الذي يتكرر كل ليلة منذ فراقهم.. قالت جنات :
- أريد أن أخبرك أمرًا يا طاهر.. لكني خائفة من ردة فعلك!
- خير إن شاء الله؟
- صحيح أنني ادرس في نفس الجامعة التي يعمل فيها أبي وأمي كأستاذين جامعيين لكن أبي لا يريدني أن اتربط بهما من ناحية وقت دخولي أو خروجي إلى الجامعة فهما في أكثر الأحيان يتواجدان فيها حسب وقت وعدد المحاضرات الخاصة بهما!
- حسنًا وأين المشكلة يا حبيبتي؟
- لا توجد مشكلة بإذن الله، لكني أحببت أن أخبرك بأن والدي اختار لي ( إيهاب) ليكون سائقي الشخصي فهو أكثر شخص يمكن أن يثق به!
صاح طاهر من غير إرادته :
- ماذا؟ إيهاب!
تلعثمت جنات قليلًا وهي تقول :
- أرجوك يا نور عيني.. حاول أن تتفهم وضعي!
جاءها صوته متوترًا :
- هل مات جميع سائقي الأجرة عندكم بحيث لم يبقَ إلا إيهاب ذاك؟ أم هل تريدين إقناعي بأنه لا يوجد أي شخص - ثقة - من معارفكم ليقوم بهذه المهمة!
لم يعطها فرصة للكلام، قال وهو يستعد لإغلاق الهاتف :
- أنا سأتصل بعمي وأخبره برفضي القاطع، وإن أصر على اختياره ذلك فسأجبرك على ترك الدراسة!
قالت جنات وقد صارت دموعها على وشك الانهمار :
- لكن أبي لن يرضخ لطلبك وستكون هذه حجته للسعي في انفصالنا عن بعضنا وإلى الأبد!
أنت تقرأ
تسبيحة الزمن
Spiritualقصة اجتماعية هادفه قصة كتبتها انامل الكاتبة رويدة الدعمي. ما اجملها واجمل احداثها. حقاً انها كاتبة مبدعة. للكاتبة : رويدة الدعمي