(٢)الحلقة الأولى

63 9 0
                                    


في عصر يوم الإثنين طلبت تسنيم من بهاء أن يوصلها إلى مقام الإمام المهدي عليه السلام..
تفاجأ بهاء من هذا الطلب الذي جاء في غير أوانه فلقد اعتادت تسنيم الذهاب إلى المقام في يوم الجمعة فقط واليوم هو الإثنين!!
سألها بفضول :
- ولكن ألم يكن موعدنا الجمعة القادمة؟
- عندي حاجة مهمة أريد أن أدعو الله لقضاءها في ذلك المكان الشريف.
- وهل يمكنني أن أعرف تلك الحاجة؟
- لا.. أعذرني يا بهاء.. ستعرفها في وقت لاحق، والآن هل ستوصلني أم أذهب لوحدي؟
- لا.. لا! سأوصلكِ يا أميرة الحسن والجمال..
ابتسمت إبتسامة باهتة عرف بهاء من خلالها أن هناك أمرًا يُحزن قلبها ويجعلها مثقلة بالهموم هكذا..
هل كل هذا لرحيل ريان وأفنان عن المنزل؟ هل هي أيضا مثلي تعلق قلبها بتلك الطفلة وصارت مشاعر الأمومة تلح عليها أكثر من ذي قبل؟!
هكذا تساءل بهاء في حين كانت تسنيم تفكر بطالبتها مريم وبالذي يمكن أن تقدمه لها في حالتها الصعبة تلك
، وفي المقام الطاهر جلست تسنيم تذرف الدموع وهي تقرأ دعاء زمن الغيبة وزيارة آل يس ثم صلت ركعتي الزيارة وطلبت حاجتها ونذرت إلى الله تعالى إن شافى مريم من مرضها وأعاد إليها صحتها وعافيتها فإنها ستقوم بإقناع بهاء وبأي طريقة كانت ليتقدم في خطبة مريم حتى وإن تطلب الأمر أن تهدده بطلب الطلاق منه في حالة رفضهِ لطلبها..
كانت تسنيم بنذرها هذا تريد إدخال السرور على قلبيهما معًا ( بهاء ومريم) فهي تعرف إن آلام مريم ستخف كثيرًا إن جمعها الله مع بهاء في منزل واحد لتعيش معه ما بقي من حياتها، كما إنها تعلم بأن بهاء سيتأمل أن تنجب له مريم طفلًا واحدًا على الاقل، فهي وإن كانت مريضة لكنها قادرة على الإنجاب أما هي فالأمل في حملها يكاد يكون معدوما!
هكذا كانت تفكر تسنيم وهي تذرف الدموع متوسلةً إلى الله تعالى بحق الإمام المهدي عليه السلام أن يستجيب لها دعوتها في القريب العاجل، وأن يرزق كل من بهاء ومريم سعادة الدنيا والآخرة.
بعد مضي أسبوع واحد فقط كانت تسنيم في بيت مريم لتهنئها على خروجها من المشفى واستعادة صحتها وعافيتها، قالت الأم مع دموع الفرح :
- لم أصدق نفسي حين سمعت الطبيب يسمح لنا بالخروج وهو مبتشر بالتحسن الكبير الذي حققته مريم خلال هذا الاسبوع!
ثم اردفت وهي تمسح تلك الدموع :
وكأن ابنتي كانت تنتظر زيارتكِ لها في المشفى يا أستاذة لتتحسن بهذا الشكل السريع!
قالت تسنيم والفرحة تغمر قلبها :
- الحمد لله الذي منَّ علينا بعودة هذه الوردة الجميلة إلى الايناع والتفتح من جديد بعد أن كاد الذبول يخطف منها نضارتها وجمالها.
نظرت مريم إلى تسنيم بعين خجلة وتمتمت مع نفسها : ما أطيب قلبكِ وما أروعكِ من صديقةٍ وفيةٍ مخلصة!
استأذنت أم مريم وخرجت من غرفة الضيوف، فتسارع قلب تسنيم بالخفقان وهي تتساءل مع نفسها : هل ستفتح مريم موضوع بهاء من جديد؟ أم إنها ستتكلم في أمرٍ آخر؟!
قطعت مريم على تسنيم حيرتها بالقول :
- هل تعلمين يا أستاذة؟ بعد زيارتكِ لي وحديثنا الأخير ذلك شعرت بتحسن كبير في صحتي، وفي يوم الاثنين بالتحديد أحسست بإحساس غريب جدًا!
- ماذا؟ يوم الإثنين!!
- نعم لقد شعرت في عصر ذلك اليوم بإن العناية الإلهية صارت تتولاني بالعطف والحنان، بل وأحسست بأني قريبة أكثر من إلهي وربي عز وجل..
كما واستشعرت في ذلك اليوم قربي وحبي واشتياقي لصاحب الزمان روحي فداه حتى إنني قضيتُ ذلك اليوم بقراءة أدعية زمن الغيبة ومناجاة ولي العصر أرواحنا فداه.
حينها يا أستاذة شعرت في داخلي بأنني قد شفيت من علّتي وبأن قوتي قد عادت إليَّ وقد ذهبت عني كل آلام قلبي ومعاناته.
صارت تسنيم بعد سماعها لهذه الكلمات تردد بصوتٍ مسموع : يوم الإثنين، يوم الإثنين!!
إنه نذرها الذي نذرته في ذلك اليوم في مقام الإمام المهدي عليه السلام! فهل عليها الآن أن توفي بنذرها؟!
يتبع....

تسبيحة الزمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن