(٢) الحلقة الخامسة

38 7 0
                                    

🖊️ رويدة الدعمي
التقى بهاء بمريم في نفس ذلك المطعم الذي جمعهما سابقًا وياللفرق بين اللقاءين!
حيث كانت مريم في اللقاء السابق تحاول بأي طريقة أن تجذب قلب بهاء نحوها، أما اليوم فبهاء هو من عليه أن يقوم بهذا الدور لعل قلبها يلين فترضى بالارتباط به..
من سخرية القدر حقًا أن تجد نفسك تتوسل يومًا ما لمن كان يريق ماء وجهه في التوسل إليك!
هذا ما كان يُحدّث بهاء به نفسه وهو يحاول ترتيب الكلمات ليؤثر فيها على مريم لعلها تقبل به بعدما أبدته من رفضٍ شديد في قبول خطبته لها..
فبعد أن أخذت تسنيم والدة مريم معها للتنزه في حديقة ذلك المطعم تكلم بهاء قائلًا :
- كيف هي صحتكِ الآن؟
- بخير يا أستاذ.
- بدون لف ودوران يا مريم.. وكما صارحتِني أنتِ قبل أشهر في رغبتكِ بالزواج بي وفي نفس هذا المكان أصارحكِ برغبتي في الزواج منكِ.. فهل أنتِ موافقة؟
- لا..
( قالتها مريم بألم وصعوبة كبيرة )
تساءل بإهتمام بالغ كان باديًا على ملامحه :
- ولكن لماذا؟
- لأنني أعرف بأن هذه ليست رغبتك، وبأنها رغبة الأستاذة تسنيم.
- وإن قلت لكِ بأنها رغبتي أنا فهل ستصدقيني؟
صمتت مريم فأردف بهاء :
- أقسم لكِ بالله بأنها رغبتي أنا.
- ولكن أين وفاءك لزوجتك وحبك لها؟
- ما زالا موجودين، لكن ظروفي تغيرت بعد أن جاءت أختها لتعيش معنا فترة من الزمن هي وطفلتها أفنان.. لقد جعلتني تلك الطفلة أفكر كثيرًا في مسألة الأولاد، فأنا رجل يا مريم ومن حقي أن اتمتع بالاولاد الذين هم زينة الحياة..
- وتسنيم ؟ألا تفكر بمشاعرها؟
- إنها تعاني من تأنيب الضمير فهي غير مرتاحة مثلي تمامًا، أنا ينقصني الأولاد وهي ينقصها راحة البال وراحة الضمير..
هي تشعر بأنها السبب في حرماني من تلك النعمة، لذلك زواجي الثاني سيخلصها من ذلك الشعور ( القاتل) كما تصفه لي دائمًا.
قالت مريم والدموع تترقرق في عينيها :
- هذا كله لأنها ابنة أصول وتخاف الله وإلا أي واحدة مكانها لن تفضل زوجها وراحته على مشاعرها وحبها له، هي تحبك وتغار عليك حتمًا وتتمنى لو تبقى لها وحدها لكنها رغم هذا تفكر في مشاعرك واحتياجاتك وتنسى احتياجاتها هي!
- لذلك يا مريم علينا - أنا وأنتِ - أن نساعدها للتخلص من ذلك الشعور الذي صار يؤثر كثيرًا على نفسيتها وأعصابها، فهي متوترة دائمًا وغير مستقرة ما دامت ترى حالي هكذا.
- إذن تريد أن ترتبط بي لأجل الاولاد ولأجل الأستاذة تسنيم..
- بل هناك سبب آخر.
- ما هو؟
- أريد أن أعوضك عن أيام العذاب التي قاسيتها بسببي.. فلقد كنت فظًا غليظ القلب تجاهكِ.
وما كان رفضي لكِ في البداية إلا لوفائي وإخلاصي للإنسانة التي منحتني كل ثقتها ومحبتها، أما وبعد أن علمت بأن هذه رغبتها وبعد أن تغيرت ظروفي وكذلك ظروفكِ ومن ثم فكرت بتغيرك الكبير نحو الأحسن وبما عانيتِه في تلك الفترة لأجلي صرت أتساءل بعد كل هذا : ما الذي يمنعني من الارتباط بكِ؟
كانت مريم تستمع ودموعها تجري رغمًا عنها فهي غير متأكدة هل هذا حلم أم واقع!!
قطع صمتها صوت بهاء وهو يتساءل :
والآن.. ماذا قلتِ؟ هل أعتبر سكوتكِ موافقة أم تفكير أم ماذا؟
أجابت بصوت مرتجف وقد مسحت دموعها وعادت الابتسامة شيئًا فشيئًا إلى شفتيها :
- أما عني فإني موافقة، لكن يبقى الأمر مرتبط بوالدتي وأخوالي.. فهم الذين تعبوا في تربيتي وأكيد سيكون لهم رأي في الموضوع.
- سأدعو من الله أن يوافقوا، وأن لا يقف أي أحد بوجه خطبتنا .
- إن شاء الله تعالى.
بعد أسبوع اتصلت مريم بتسنيم لتخبرها بأن الموافقة قد حصلت من قبل الجميع، استبشرت تسنيم وكذلك بهاء أما مريم فمنذ اللحظة التي حدثها فيها بهاء وأظهر لها رغبته في الزواج منها فإنها ومن تلك اللحظة نسيت آلامها جميعها وشعرت أن قلبها اليوم هو أقوى قلب وأسعد قلب وأكثر قلب يتمتع بالصحة والعافية!
**********
مضى شهر واحد على عقد القِران ومريم متلهفة جدًا إلى أن تتحول هذه اللقاءات المتقطعة بينها وبين بهاء إلى تواصل دائم من خلال زواجهما الذي بات قريبًا جدًا، فالشقة التي اشتراها بهاء ليعيش فيها مع مريم تكاد تكتمل من حيث الترميم والأثاث، وكانت تسنيم تقضي أكثر وقتها فيها ترتب وتنظم وفي بعض الأحيان كان بهاء يجيء بمريم لتساعد تسنيم في إنهاء أعمالها.
وأخيرًا انتهى كل شيء بخصوص مراسيم الزفاف وجاء موعد الزواج، وكان بهاء قد قرر - بعد إلحاح من تسنيم- بأن يأخذ زوجته الثانية في سفرة إلى شمال البلاد حتى يكون عادلًا بينهما في كل شيء فمثلما أخذها هي إلى الشمال لمدة أسبوعين في بداية زواجها كذلك عليه أن يفعل مع مريم..
وفي الليلة الأخيرة التي قضاها بهاء مع زوجته الأولى قبل زواجه بالثانية سألها بصدق :- كيف ستقضين أيامكِ ولياليك خلال فترة سفري؟
أجابته بثقة :
- من كان مع الله كان الله معه.
- ونعم بالله، لكنكِ لم تألفي حياة الوحدة وأنا أشعر بأنه من الأفضل أن ترافقينا إلى الشمال، فهذا سيجعلني مرتاح البال وهي فرصة لتغيري من روتين حياتكِ.. ماذا قلتِ؟
- قلت كلا.
- ولكن لماذا ؟
نظرت إليه نظرة ذات معنى فعرف من خلالها بأنها لا تريد أن تكون ثقيلة على العروس الجديدة في بداية حياتها معه!
- حسنًا سأتصل بريان لتأتي وتبقى عندكِ هذه الفترة، ماذا تقولين؟
- أقول كلا!
خفض رأسه متحسرًا وهو يردد :
لا إله إلا الله!
يتبع...

تسبيحة الزمنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن