14|نخب السلام.

491 43 170
                                    

~داخل المبنى:

أخذت الموسيقى تعلو وتعلو حتى أصبحت سيدة المكان،متغلبة على كل الأصوات الأخرى،أرتطام كؤوس النبيذ ببعض صانعة نخبًا،المحادثات و القهقهات الطفيفة، أما رقصات الثنائيات في المنتصف لم تكن لتنتهي أبدًا فكلما أنتهت مجموعة من أداء ر قصتها بدأت مجموعة أخرى وهكذا سيستمر الأمر الى نهاية الأمسية.

كان سميث يقف شاردًا،يتكئ على عكازه،ينظر للثنائيات الراقصة و قد تمكن منه الملل بالكامل،حتى مع ذلك أستطاع الحفاظ على ملامحه ثابتة،حادة كما هي العادة"أتكلم معك،أين شردت هكذا؟"عند سماعه صوتها أطلق تنهيدة،محركًا رأسه بيأس،لقد أحب و أعتز كثيرًا بصديقة طفولته أكيكو لكن..هي أعتادت أن تثرثر و تتكلم بشكل أكبر مما يمكنه تحمله.

"ماذا..لاتخبرني أنك منزعج من ذلك الفتى..رومانو"أردفت متفاجأة بعد أن لاحظت نظراته الباردة،هز سميث رأسه رافضًا،يقاوم خروج ضحكة أو نفس ساخر"لمَ قد أنزعج منه؟هو مازال شابًا،الحماس والشغف بلقب القائد يملئانه بالكامل..سيملُ من الأمر قريبًا"

مالتْ برأسها،تضع أبتسامة خفيفة قبل أن تسأله"ماذا عنك؟ هل مللتَ؟"نفسه الساخر تمكن منه هذه المرة ليخرج فور سماعه لسؤالها"لايمكنك التخيل أبدًا"

تنهيدة متعبة شقت طريقها من صدره وهو يعيد نظراته الفارغة الى الحشود في المنتصف،وكأن سؤالها قد لامس شيئًا ما فيه،كل ذكرياته مرت من أمامه في ظرف ثانية،سريعة،باهتة وكأنها حلم غريب عنه ولم تحصل له أبدًا،كل شيء مر من أمامه في لحظة ليجعله يتسائل في قرارة نفسه،هل ملَ هذا حقًا؟ عندما سألته أكيكو أجابها دون أخذ ثانية ليفكر،كان الجواب قد خرج من أعماقه..بشكل ما هو عرف ذلك لكنه تسائل،هل ملَ من اللقب فحسب؟أم من الحياة بأكملها؟

"مادمتَ تكره الأمر الى هذه الدرجة لماذا لاتترك القيادة؟"سحبَ نفسًا عميقًا،يغمض عيناه و يحرك رأسه بذات اليأس السابق..هذه الليلة لن تنتهي قبل أن تقوم أكيكو بثقب أذنه بأسئلتها"لو كان ستيف حيًا لكنت تركتها منذ زمن"الغصة في صوته عند ذكر أسم فقيده مازالت واضحة حتى بعد مرور تسعة عشر عامًا على وفاته"لو كان حيًا فحسب"ورغمًا عنه خرجت جملته الأخيرة على شكل تمتمة منكسرة، تحمل في طياتها الكثير من الألم.


كان فقدان ستيف من أكبر الجروح في حياته.


وما يقطع قلب سميث أكثر أنه قد خسر أبنه مرتين..

مرة عندما لفظ نفسه الأخير..و أخرى عندما تركه يغادر دون أن يوقفه،وهذه سيبقى نادمًا عليها الى حين وفاته..لو أنه منعه فقط.

"ما زال لديك أحفادك"التنهيدة اليائسة خرجت للمرة الألف،نظرة بطرف عينه توجهت أليها"مازالوا أطفالًا"ضيقت أكيكو عيناها بشك قبل أن ترفع حاجبها غير راضية البتة"أنت أستلمت المنصب عندما كنت في الثامنة عشر سميث!"

شتاء أحمر||Red Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن