بقيتُ مكاني،أجلس بصمتٍ دون أن أخرج نفسًا،الهواء أنحبس في صدري و الدماء تجمدت في عروقي،أراقب جسدها الهامد و المادة السوداء تنهمر منه،دبقة كانت،ذات رائحة لاذعة،تزعج أنفي..أشبه بالنفط أو مشتقاته..قوية.
صوت خفيف.
شيء يتهشم،رقيق للغاية وهش،كورقة خريفية تَدعس عليها بلا قصد،عيناي أتسعت و حلقي جف..رأيت أكتافها تتحرك،أطرافها كذلك..ترتجف.
جسدي أرتعش بدوره،لكن قبل أن تتلاطم ضربات قلبي على جدرانِ صدري أنتبهتُ ألى شيء..ألى سكون صدرها التام نتيجة عدم دخول الهواء أليه.
أنحبس الهواء في صدري أنا عندما أزدادت حركة جسدها وصوت غريب صدر،مرتفع و مزعج للأذن،أشبه بصوت ذباب أو سرب حشرات متجمع،كانت ثوانٌ بسيطة حتى...تباعد فكيها ومن فمها خرجت..
سرب من الحشرات السوداء الضخمة،ذات عيون حمراء و دبابيس سوداء طويلة،صرخة أنحبست في حنجرتي و جسدي أنتفض متراجعًا،أبتعد ناحية الحائطِ حتى ألتصقتُ به،نبضات قلبي تتضاعف لكنها لاتعينني في أي شيء،فقط أسمعها من تحت جلدي فجسدي كان مجمد.
وعلى الرغم من تخوفي من مهاجمة تلك الحشرات الغريبة لي ألا أنه و بمنظرٍ أثار تعجبي وأستغرابي أكثر كانت تتلاشى..ما أن ترتطم بالهواءِ حتى تختفي و تتحول ألى دخان أسود كثيف،يطفو في الأعلى لبرهة قبل أن يتلاشى مع الهواء.
بقيتُ أراقب بوجه مصدوم أصفر وعينان متسعة،لاأعرف ردة فعل مناسبة كي أعطيها،متسمرة في مكاني وأراقب فحسب..بفزع.
الطاقة في المكانِ كانت سوداوية مخيفة و كأن الشياطين السفلية حولي تجمعت..وجزء مني أيقن بأنني محقة..كانت لعنة العرافة.
اللعنات أن لم تفك فلن تنتهي ألا بخروج روح الملعون،عندها تتحرر القوى الشيطانية التي سكنته.
ثم..صوت أخر،واحد أغرب و أعلى صدح،كالغليان أشبه بالصوت الصادر عن ألقاء الأحماض الكيميائية المذيبة على لحمٍ بشري،كان صوت مألوف،قد أعتدت على سماعه سابقًا في المختبرات،عند صناعة السموم.
ورائحة كريهة أنتشرت جعلت أنفي يتجعد وعيناي تنغلق بسبب الحرقة التي هاجمتها،أتعرف الرائحة القوية؟ أسمعت بها؟ هذه هي بالضبط،الرائحة التي تترك أثرها على جميع حواسك لا أنفاسك فحسب.
شيء لاذع مقزز،مر و أشبه بالشعر و الجلد المحترقين..صدرت من العرافة.
من المرأة التي بدأ جلدها يتغير،ينكمش على نفسه و يتجعد أكثر و أكثر ثم يُسود..يكتسي السواد القاتم بشرتها و يغيرها،يمسخ ملامحها كالشيء المحروق تمامًا..أسود متفحم.
بقيت أراقب،لم أقوى على فعلِ شيء،حتى أرتعاشة لم تصدر عن جسدي وكأن خلاياي ترغب بأتخاذ الحياد وعدم التدخل في ذلك حتى برجفة صغيرة..كنت خائفة.
أنت تقرأ
شتاء أحمر||Red Winter
Fantastikفجر يوم خريفي بارد،المدينة كانت صامتة و الجميع كانوا نيامًا،الجميع عدا نانيس و قريبها الصغير اللذان خرجا في مهمة أعتيادية مملة،صمت الغابة كان مربكًا،والظلام كان دامسًا لم يكن هناك أحد معهما ألا بومة مزعجة أستمرت بالنعيق طوال الوقت. كل شيء كان من ال...