21|لحظات الأدراك.

335 42 208
                                    

غابات الكالاري،العاشرة والنصف صباحًا:

طفلٌ صغير يسير مبتعدًا عن والديه وعن المخيم،يشق طريقه في الغابة المتجمدة،يمد ذراعيه للأعلى محاولًا ألتقاط أحد نُدف الثلج الساقطة من السماء.

ما أن تلامس يديه الصغيرتين الممتلئتين حتى تذوب مضمحلة،تختفي عن الوجود.

الغضب يتصاعد في أوردته ممتزجًا مع بعض الأستغراب،الفضول أصابه.

أين ذهبتُ ندف الثلج؟ كيف أختفت بهذه السرعة؟ألم تكن بيدي قبل ثوانٍ؟ألم تكن جميلة ولامعة وكأنها ستخلد للأبد؟
كيف أختفت أذن؟ كيف تلاشت بهذه السرعة كأنها لم تكن؟

لكن هذه التساؤلات سرعان ما تلاشتْ في عقل الصغير كما نُدف الثلج..صوتًا جذب أنتباهه،حركة بين الأشجار جعلته يتقدم ناحيتها،محاولًا أشباع الفضول الذي أنتابه.

توغل في الأعماق باحثًا عن مصدر الصوت،كانت الشجيرات تهتز،تُخبئ شيئًا داخلها..أبتسامة الصغير أتسعتْ،عرف أنه فاز باللعبة وحقق غايته.

أقترب وأخذ يبعد الأوراق محاولًا أخراج الشيء المختبئ،ملمس الأوراق الشبه متيبسة كان مزعجًا وصوت أحتكاكها بقفازاته الصوفية كان أسوء.
لكن...يد الطفل توقفت عن الحركة عندما شعر بشيء أخر..ملمس مختلف،أنعم و أكثر دفئًا.

حاجبيه أنعقدا و سرعته تضاعفتْ بتقليب الأوراق وسرعان ما توقف مكانه ما أن شعر بالشيء الذي يمسكه يتحرك منتفضًا.

عيناه البريئتان أتسعتْ عندما شاهده يقفز من بين الشجيرات.
كان أكبر و أطول منه بأضعاف مضاعفة،أبيض اللون شاحب كالثلج المنهمر،ولولا تلك العينان الكهرمانية الدافئة شديدة البريق لكان من المستحيل رؤيته بوضوح..ذئب.

أخذ الذئب يحدق بالصبي بتوتر طفيف أظهرته عيناه،تبادلا النظرات لثواني قبل أن يبتسم الطفل بسعادة وهو يهرول ناحية الذئب هاتفًا"كلب!"

لم يتسع للأشهب وقت ليشعر بالسوء أو يستوعب ما قاله حتى فما أن رأه يجري ناحيته حتى أدار ظهره و أنسحب ناويًا الجري"مهلًا تعال! سألعب معك!"قالها بعصبية طفيفة.

تجاهله الذئب،فأزداد الحنق في قلبه الصغير الذي لم يعرف معنى الخوف بعد،تحرك جريًا بأقصى سرعة أعانته عليها قدميه الطريتين،يقاوم التعثر بأكوام الثلج.

لم تعد تفصل بينه وبين الذئب الذي يعطيه ظهره سوى خطوات،وبحركة واحدة مد يده الصغيرة لتقبض على ذيل الذئب المتدلي و...سحبه بقوة"قلت توقف!!"

زمجرة متألمة عالية غادرت حنجرة الذئب الذي ألتفتْ ناحية الصغير مكشرًا عن أنيابه،يجبره على التراجع للخلف بجسد مرتعشًا فزعًا"كنت أمزح!"همسَ وهو يواصل التراجع.

جسده أصطدم بشيء صلب،أجبره على التوقف.

أستدار ببطئ،يرغب بالتعرف على ماهية الشيء الذي أستوقفه،زمجرات الذئب ماتزال مستمرة.

شتاء أحمر||Red Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن