32|عواصف دافئة.

404 51 30
                                    

~قطيع رويت،قطيع العاصفة.

عُرف ملاذهم الأمن بأسم العاصفة منذ عقود،كانت الرياح منه وأليه،جزء منها هو و هي أصله المتأصل وحقيقته الوحيدة،برد قارص كصقيع أرضهم،شتاء أزلي و ريح عاصفة،مع ذلك فقد كان هو و النقيض أخوان فكلُ ريح صرصر تتسلل بين ثقوب و تعصف تتحول من تلقاءِ نفسها ألى دفئ شابه الخيوط النابضة حول قلوبهم،بردهم ورثوه منها و دفئهم وَرثوه لها لتصير..عواصف دافئة.

___

9:36صباحًا،مقهى باريستو:

سحبتْ نفسًا عميقًا،أعمق من المعتاد،عبئته رائحة القهوةِ،الأجساد المختلفة،عطورهم و..خيبة الأمل،أن كان لخيبة الأملِ رائحة فستكون العبق الملازم لآيلا طيلة هذه الأسابيع.

أسبوعٌ بعد أسبوع قاربوا أن يصيروا ثلاث وهي ماتزال تنتظر،تأتي كل يوم و تنتظر،لعلها تراه،تلمح ظله لكن..لا..لاشيء وهو أختفى.

مثل ندفة ثلج..ذاب في قلبها و أضمحلَ،كأنه لم يكن..في قلبي مكانكَ في قلبي و ستبقى دومًا لكن..أين أنت يا مالك قلبي؟

أين ذهبتَ؟ أي سماءٌ هي سمائك و أي رياح تطاولتْ لتمسَ وجهك دون أذني؟ أين أنت؟ أنهكني الأشتياق،صرتُ أسيرة للسماءِ،أطالعُ البحيراتِ و الأنهارِ،أبحثُ في أعماقها لعلي ألمح عينيكَ.

ليتني أرى نصفَ زرقتك،لكن لا..دومًا الفراغُ نصيبي و دومًا أغرقُ في العتمةِ..عتمة أدكن من سوادِ شعرك،وأن كان قتم خصلاتك هو عتمتي و ظلامي فسأحبُ أن أغرق في السواد و العتمة.

لكن..أين أنت؟

يا نصفي الأخر..مالك لا تكملني؟

أطلقتْ آيلا نفسًا ثقيلًا أخر آلم صدرها و لم يخفف من عبئها شيئًا،كانت تذبلُ يوم بعد يوم،كزهرة صغيرة بحاجة لمن يسقيها لتزهر،تطالبُ بأمطار الرحمة.

لكن من يُمطرُ قلبها بعيد،و الجفافُ هاجمها ليجعلها قاحلةً.

حتى التمعن بالكرسي الذي يجلسُ عليه لم يعد يشبعها،رمى بها الشوق ألى درجةٍ مخيفةٍ من الوهنِ المكتومِ،الوهن و اللوعة التي تكتمها في صدرك،تقفل عليها و تبقيها حبيسةً في جوفك،يتسرب منها القليل..القليل فقط لكن بالقدرِ الكافي لرسم دوائر تحت عيناك،تساقط شعرك و ذبول ملامحك،القليل الكافي لنشر السم في دمك و قتلك ببطء شديد وعلى مهل.

آيلا كانت تذبل بصمتٍ،لم ترغب بأشغال أحد من عائلتها،والديها لايعلمان سبب حزنها الدفين،يلاحظان لكن لايدركان السبب،أصابع الأتهام تتجه لمزاج الشباب المتقلب،للهرمونات..لكل شيء عدا كبد الحقيقة.

جاكسون كان يعلم و يستغل كل فرصة ممكنة للتربيتِ عليها،يحاول أسعادها لكن أمطاره ليست ما يسقيها،مطرها كان مختلف وحتى دفئ أخيها و عائلتها لم يعد كافيًا..عطشها كان مختلفٌ و لا يمكن لأحد أن يرويه غيره.

شتاء أحمر||Red Winterحيث تعيش القصص. اكتشف الآن