البارت العاشر _ مواساة _

30 15 20
                                    

أستيقظتُ من نومي الطويل فزعًا ، لم أُرد الأستيقاظ ، أردتُ الأطمئنان على تميم ، ولكن صوت صراخ أمي على أختي ساره أيقظنى ، كنتُ أشعر بثقل كبير على صدرى وعظامي كانت تؤلمني كثيرًا لما حدث ، أستحممتُ بماءٍ ساخن محاولًا نفض كل هذه الأفكار السيئه التى تجول بخاطري .

خرجت من غرفتي لأجد أختي ساره تبكبي وتلملم أوراقها المتناثرة بسرعة ، كانت شهقات بكائها المبحوحة عالية ، وحتى برغم محاولاتها لكتمانها حتى لا ترجع لها أمي وتضربها ، بطريقة ما ينفطر قلبي على هذه الصغيره وما تعانيه ، فلا يوجد في بيتنا شيء أسمه تفاوت درجات الذكاء والفهم ، وهذا هو حال الكثير من الأباء فقد يضعون خطة واحده يجب على الجميع أن يسير عليها ، ولكن هذا غير صحيح فلكل شخص أهتمامه الخاص وجميعنا مختلفون بطريقة تميزنا عن الغير ، ولكن تجد أنه من الصعب فهم هذا .

لملمت معاها أوراقها ، وأسندتها لغرفتها حاولت تهدئتها ، فأنا أكثر شخص عالم بحالها هى فقط تريد فعل ما تحب ، ولكن ما تحب يتعارض عن ما يحبه أبي .

_ أغسلي وجهكِ وأرتدي ملابس جميلة ومريحه لأنني سأخذكِ معي فى رحلة .

_ أى رحلة ؟ أنسيت أننى ثناوية عامة ؟ أتعلم ماذا قد يفعل أبي لو علم بما حدث اليوم وأننى أضعت نصف ساعة فى الرسم ؟

_ أ تريدين فعل ما تحبين أم ما يحبه أبي ؟

_ أنا فقط لا أريد أن أضرب ، أريد أن تمر أيامى بسلام .
_ حسناً إذًا ، أنت من قرر هذا ، ولكن لعلمك ضعفك و تحقيقك لأحلام غيرك لن يسعدك .

وهممت بالرحيل ، وأنا على علم بأنها ستذهب معي .

_ حسناً ولكن لن نتأخر ، أريد رقبتي متصلة بجسدي .

_ لا تقلقي .

ذهبت لغرفتي ، كان مسيطرًا على تفكيي تميم وما قد يحدث له ، ولكن قررت أن أخفيف توتري أمامها ، أريد أن أجعلها تشعر بأنني في أحسن حال برغم ما قد يقال .

خرجت لأجد أمي أمامنا تستعجب ما يحدث .

_ إلى أين أنتما ذاهبان ، وأنت أيتها الغبية ألم أخبركِ ألا تخرجى من غرفتكِ حتى تنهى جميع واجباتكِ .

_ أنا وساره سنذهب في مكان حتى تهدأ أعصابها حتى تستعيد نشاطها للمذاكرة .

_ وما هذا إلا تضيعة للوقت .

_ لا أنا بحاجة فعلاً لهذه الهدنه .

فى هذه اللحظه التي خرجت بها ساره عن صمتها ، تذكرني بنفسي ولكن خروجها كان مبكرًا عني ،فرحتُ جدًا لشجاعتها .

_ هيا يا ساره ، لا تقلقي يا أمي لن نتأخر .

أخذت سارة وذهبنا إلى أكثر الأماكن محبة لقلبي ، مقهى لطيف لا يزوره الكثير ولكنه دافىء وهادىء ، صاحب المقهى رجل فى الستينات من عمره ، كان أحد الأشخاص الذين وقفوا فى صفي ودفعونى لفعل ما أحب .

كانت سارة متخبطة ، تشعر بالحيرة ، لا تعرف ماذا يجب أن تفعل ، أمسكتُ يدها محاولًا تهدئة الوضع العام .

_ لا تقلقي ولا تفكرى فى أى شيء حاولى الأستمتاع بوقتك الراهن .

_ لا أستطيع ماذا سنفعل لو علم أبي بما فعلت ، قد تطرد أنت من البيت مجددًا وأنا قد ...

_ ساره لا تفكرى رجاءًا ، هدئى من روعك ، خذي نفسًا عميقًا ، وأخرجيه وأخرجى معه كل همومكِ وما يؤرقكِ .

فعلت بتردد ما طلبته منها ولكى ألطف الأجواء أكثر  .

_ ماذا تريدين أن تشربي وأختارى أى شيء من الحلويات سأدفع .

قلتها بأبتسامه حتى تشعر أن كل الأمور على ما يرام .

_ أممم ، سأختار   strawberry cheesecake with ice coffee  وشكرًا .

_ رائع حبة الفراولة خاصتي ستأكل فراولة .

_يا ربِ ادهم ألا زلت تتذكر هذا الأسم ، قد ظننتُ أنكَ نسيت هذا .

_ ربما كبرتُ ولكن ليس لهذه الدرجة .

ضحكتُ معاها وتحدثنا عن كل ذكرياتنا فى الطفولة وكيف كانت بيضاء جدًا ووجنتيها حمراوتين فكنتُ أُلقبها بحبة الفراولة .

_ كم كنتُ أحب تلك الأيام ولكن الأن كبرنا وأصبح لكل منا حياته وأنشغلنا عن بعضنا .

_ هذه هى سنة الحياة نبتعد عن بعضنا لنعرف قيمتنا .

_ معكَ حق ،ولكن أنا سعيدة جدا بكونك قد تخطيت هذا الوضع الصعب الذي كنت فيه .

_ لقد ساعدنى صديق لي ،أدعي معي أن يكون بخير ، فأنا قلق عليه جدًا .

_ لا تقلق سيصبح بخير .

تحدثنا كثيرًا عن أشياء كثيرة  ، ثم أخذتها لأكثر الأماكن المحببة لقلبها ، تلك المكتبة المليئة بأدوات الرسم ، التى تعشقها .

_ أختاري ما تحبين وما ينقصكى سأشتريه لكِ .

_ حقًا ستفعل .

_ أجل .

لأجدها تعانقنى بدفء ، تلك الصغيرة التى كبرت بين يداى ، كان يجب أن أشعرها بالأمان ولكن هى من جعلتنى أشعر به بعناقها هذا ، وربما كلانا أشعر الأخر بالأمان ، كان لتلك الأفعال اللطيفة والبسيطة أثر كبير فى نفسها  .

_ قبل أن نعود للمنزل ، أريدكِ أن تكوني واثقة من نفسكِ ومما تحبين أنتِ موهوبة بحقٍ فى الرسم ، لذا وإن كان هذا هو شغفكِ فأتبعيه بلا تردد أفعلى ما يجعلك سعيدة ، ضعى نفسكِ فى المقدمة دائمًا ولا تبالي .

_ أدهم أنا أحبك جدًا ، وأنت أعظم أخ فى الكون بأسره .

_ وأنا أيضًا أحبك وواثق فيكى وفيما تحبين .

رجعنا معًا للمنزل ، كان الجو العام هادئًا أخبرتها أن تدخل غرفتها وتستريح وتستمع بما أشتريتُ لها ، ودخلتُ أنا أيضًا لغرفتي ، ذاكرتُ قليلاً ، ثم قررتُ النوم حتى أعرف ما حدث بتميم .....يتبع

  فى الضفة المقابلة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن