عاد لي وعيي بعد مدة لا استطيع تحديدها ، ولكن بمقدور أنهم نقلونى من غرفة الطوارىء لغرفة أخرى يدل على أننى فقدت الوعي لما يقارب يوم .
لأجد نفسي بمفردى ، كانت الغرفة كئيبة والأسِرة بجوارى كلها فارغة تفوح منها رائحة الموت مخلوط بالكحول الإثلينى المركز ، تلك الرائحة التى لطالما كرهتها تجعلنى أريد التقيؤ .
أزلت تلك الإبرة المغروزة فى معصمي ، و حاولت النهوض بالإتكاء على نفسي وعلى أى شيء مجاور لى ، أردت الذهاب لغسل وجهي ومحاولة تذكر ما حدث ، أعتقدت أننى فقدت الذاكرة ، لا اعرف ماذا يكون قد حدث ! أو من هذا الشخص ! أو ما هذا الذي رأيته ! ذكريات متضاربة تنوح بداخلى .
عدت لسريرى محاولًا استجماع تلك الخيوط المتناثرة فى عقلي والوصول لأى تشبيهٍ لما حدث ، ولكن كل المحاولات تبوء بالفشل ، أخذ ذلك الصداع يكرر زيارته الثقيلة الغير محببة لمخى الذي يكاد أن ينفجر .
حاولت أرخاء اعصابي ولكن لم تدم فترة راحتى كثيرًا حتى دلف إليَّ أبي الطبيب المسيطر على المشفى وخلفه تلميذه الرائع و وريث عرشه _ كما يلقبه _ كانت تلك الابتسامة الجانبية الساخرة هى كل ما استطعت رؤيته على وجهيهما الاثنان متشابهان فى كل شيء وحتى ادق التفاصيل كان يحاول عمر تقليدها وإتقانها بكل سرعة .
_ كيف تشعر الآن ؟
سأل عمر بجانب نظرات الأخر المتفحصة لحديثنا بدون تدخل .
_ بخير يا أخي ، أشعر أنه بعض الأرهاق لا أكثر .
_نتائجك جيدة لذا يستحسن أن تخرج اليوم من المستشفى ولتنتبه على صحتك .
قال أبي كلماته تلك ثم غادر ، لم أعرف أ يجب أن أفرح لانه أراد الإطمئنان علي ! أم أنه من الطبيعي حدوث هذا وأنا من يضخم الأمور ، كل ما فعلته هو الإبتسام ، لاحظ أخى عمر تغير تعابير وجهي ليقول .
_ ما بك أدهم أتعانى من انفصام فى الشخصية !
لمست كلماته الساخرة تلك شيء ما بداخلى ، أثارت خلايا مخى على تحليلها والتفكير فيها بعمق أكثر و التفكير في ما يحدث معي بشكل آخر أكثر جدية ، ليقاطع حبل أفكارى تلك الفتاة التى دلفت للغرفة بدون أى إستأذان انها حقا تستحق لقب "ملكة الجنون ليلى" .
_ ادهم عزيزي هل انت بخير ، لقد قلقت عليك ؟
لأتعجب من سؤالها ذلك وطريقة حديثها منذ متى وأنا عزيزها ذلك ! منذ متى وهى تتحدث مع بتلك الطريقة ! وما الذي تفعله هنا ! يا الهى إن منظرى لا يسُر أبدًا غير منظم وفوضاوى ، قاطع تفكيرى اخى عمر ._ حسناً سأترككم معناً قليلًا ، ولكن لا تتأخر لتخرج من المستشفي .
إندفعت الأخرى غير مبالية .
_ آسفة لم أعرفك بنفسي ، أنا ليلى زميلة ادهم فى الجامعة ونفس القسم ونفس الهدف ، و لكن للأسف لسنا أصدقاء ، فأخوك لا يصادق أحد ، انه متوحد مع نفسه ، ولا تستغرب أننى أعرف إنك اخوه ، أنا أعرف حياة ادهم كاملة .
ضحك عمر على تلك المجنونة التى ظهرت أمامى فجأة تساعدنى وتقلق علي ، و أنا حتى لا أعرف سوى اسمها وانها ابنة دكتور فى الجامعة ، ليغمز لي ويقول ضاحكًا .
_ سأتركك مع صديقتك فأحسن التصرف .
كنت أشعر بنار تكسو وجهي خجلًا من تلك المجنونة التى ظهرت فجأة فى حياتى ، ولكن بمقدار ما تعرف عنى هى ، أظن انها موجودة منذ فترة وأنا الذي لم يلاحظ ، حتى خرجت عن صمتها وقررت المبادرة .
_ بما أنك ستخرج اليوم ما رأيك أن أقلك بسيارتى ، وفى المقابل تعدنى أنه بعد إختبار غدا ستدعونى للإفطار ، ما رأيك ؟
لم يكن فى مقدورى غير الموافقة ولم يكن يجب أن أقول اى شيء أخر ، خرجت هى من الغرفة حتى بدلت ملابسي ، والتفكير فى تلك الكلمة الساخرة التى قالها عمر لا يصمت أبدا .
خرجت معها لتوصلنى ، كانت تسير بجوارى بهدوء غريب لم أعتده منها أبدًا ، كانت هالة من الهدوء الراقي تزين تلك المجنونة ، ولكن من الجيد أنها أتت لتذكرى بإختبار غد الذي لم أعد له أى شيء .
_ لا تقلق من أختبار غد انها مادة سهلة فقط أستعمل ذكائك وستنجح .
_ شكراً لكِ على كل شيء .
هذا كل ما قلته ولكن كيف عرفت أننى أفكر بالأختبار ، هل أنا واضح لتلك الدرجة أم أنها تعرفني بشكل كبير ؟
_________________________
أتمنى تكون الرواية عجباكوا 💖
تفتكروا علاقة ليلى وادهم هتطور ؟
وهل ادهم هيوصل للى بيحس بيه دا اى ؟
أنت تقرأ
فى الضفة المقابلة
General Fictionهنالك تلك اللحظة عندما نفقد الأمل فى كل من نعرفهم ، ولكن يوجد أشخاص رائعون ، يسمعوننا فى كل أحوالنا ، يقدروننا ، ويشعروننا بالأمان ،وعندما لا يشعرنا أحد بهذا قد نكون نحن هذا الشخص لأنفسنا ونحتوى انفسنا . مكتملة ✨