الجزء الثانى عشر _ غابة الكره _

38 15 20
                                    

فتحتُ عيناي بتثاقل لأجد نفسي فى غابة ، أشجارها بلا أوراق ولا يوجد علامة على وجود أى إنسان أو حيوان أو حتى حشرة ، كانت جافة وكئيبة تعلوها سحب سوداء ترعد بدون مطر ، أظن حتى الأشباح لا تسكنها من منظرها .

نهضتُ لأجد تميم يجلس وفى يده فرعًا جافًا يشحذهُ فى هدوءٍ غريب ، صرختُ فرحًا بأنهُ بخير .

_تميم حمدًا لله على سلامتكَ ، لقد كدتُ أن أموت خوفًا عليك .

أجابنى بذهناً شارد .

_ كيف حالك يا ادهم ؟

_ماذا بِكَ يا تميم ؟ لماذا صوتكَ يبدوا حزيناً ؟

أجابني بنبرة ممزوجة بالإرهاق والغضب .

_ حقًا ! أ لا ترى أين نحن !

أجبته بنفس الغضب .

_وكيف لى أن أعرف .

كانت نظراته غريبة لم أعتدها منه قط ، كانت حزينة ، غاضبة ، مرهقة ، أنفاسهُ مضطربة ، لم أكن أعرف حينها ماذا أفعل كي أواسيه ، أنا حتى لا أعرف المشكلة ، أخذ نفسًا عميقًا كي يخفف من حدة توتره ، وقال بهدوءٍ متصنع .

_ نحن فى غابة الكره ، وكما ترى فهو مكان لا يوجد فيه ولا بشر ولا حيوان ولا حتى المهرجون ، هنا تبنى كل مكارهك وشرورك ونفسك الغير سوية ، ومعنى أننا جئنا أنه تدمر كل شيء ، بعدما بدأنا فى التقدم، ولم يتحسن اى شيء ، هل بإمكانك شرح ما حدث ؟

كانت كلماته كمرأة واقعية أوضحت كل شيء ، أوضحت ذلك الشخص الذي السيء الذي دائمًا ما يتجنب الكل ، ولا يحب أن يخالط أى أحد خوفًا من أن ي يُطلب منه أى شيء ، شخص أناني ، أوضحت ادهم  الشخص السام .

_ كل ما حدث كانت مجرد مشاكل لا أكثر ، ولم أكن أعرف أن غضبي قد يؤدى لمثل لهذا .

_ المشكلة ليست فى غضبك يا ادهم ، المشكلة فى أنك عدت لنقطة الصفر ، عدت لنفس الشخص الذي كنا نحاول أصلاحه .

دارت الساؤلات فى دماغى لا تكف ،  شعرت أن خلايا عقلي ستنفجر ، لماذا حدث هذا ؟ لماذا دائما ما أهرب من المسئولية بإلقاء اللوم على الاخرين بأنهم من يخطأ ؟ أنا حتى لا أمنح أى أحد فرصة للتقرب منى أو أتقرب منه ، دائما ما أرى أن الجميع سيئون وأنه لا أحد يستحق الثقة ، حتى وجدت نفسي وحيدًا، مُتهمً الكل بالتخلي ولكن يبدو أننى من تخلى عن الجميع ، ربما تكمن المشكلة في أنا وليس فى الاخرين .

شعرت بدوار وصداع يكاد يفتك بخلايا مخى وضعت يدى على رأسي شعرت وكأننى سأفقد الوعى ، كانت هذه بنسبة لحظة إدراك بأن الدماء على يداي لم تكن ملكي، وانا لم اكن الضحيه، بل أنا القاتل برغم كل تلك الجروح على يدى ولكن الدماء لا تخصنى بتتًا .

جلست على الارض أحاول أن أفكر فيها يجب ان افعل،  لأجد يد تميم تُربت على كتفي،  ويدهُ الأخرى تمسك بكف يدي ، كانت نظراته بمثابتة الحض الدافء الذي تحتاجه روحي ، أخبرته بصوتٍ متحشرج على وشك بالكاء .

_ وما العمل ياصديقي ؟

_ لا تقلق أنت لست سيئًا بهذا القدر ، أنت نفسًا بشرية ، بداخلها السيء وبداخلها الطيب  ، من الطبيعى أن تغضب وأن تحزن ، أن تمر بوقتٍ صعب ، وأن تفقد شغفكَ وتستنفذ طاقتكَ ، وتشعر انه لا مكان لكَ ، وأنكَ لست مفضلًا لأحد ، ولكن فى الحقيقة أنت رائع فقط لأنكَ أنت ، رائع بتصرفكَ على طبيعتكَ ، البعض سيحب هذه الطبيعة كلها بجميع جوانبها ، و البعض الأخر سيحب جانبك الجيد المرح فقط ، و البعض سيحب المرح و قليل من الحزين ، قد تتحدث معه عن بعض المشاكل الصغيرة فقط ، الجميع هكذا قد تكون يومًا مظلوم و يومًا أخر ظالم ، و لكن ما يميز الشخص السيء عن الجيد حقًا هو عدد مرات سوءه ، و هدفه من هذا السوء قد يكون بهدف إستغلالكَ و إزعاجكَ حقًا  ،وقد يكون بغير قصدٍ ، قد يتكرر دائما برغم معرفته أنكَ منزعجًا ، أو يحد منه لأنه يُزعجك ، لا تهرب من الناس ، و لا تستوحش الصحبه  خوفًا مما قد يحدث ، فإن الوحدة برغم ما قد تجده من راحةٍ فيها فهى موحشة فى النهاية ، إن الجميع يعانون ، ولكن يتعاملون مع معانتهم بطريقتهم الخاصه والتى تجعلك تظن أن حياتهم تمر بسلام .

كانت كلماته لطيفة برغم قسوتها ، مريحة لنفسي برغم حقيقتها ، لم آخذ أى ردة فعل سوى أننى أومأتُ له برأسي ، لأجده يشدد على عضضى ويخبرى بنفس النبرة الحنونه.

_ إن كل شيء على ما يرام .

_ تميم لنفرض مثلا أننى أنهيت هذه المهمة ، و أصلحنا من نفسي،  و أصبحت أنت صقرًا ، و تزوجتك من أميرتك ، ألن نلتقى مجددا ؟.

_ أن الوقت لا يزال مبكرًا على هذا السؤال وهذا القلق ، علينا أن نعود اولًا لمدينة الحب حتى نرى إن كانت تأثرت أم لا زالت كما هى .

ذهبنا معًا لمدينة الحب ، كانت ليلًا ولا يوجد أى أحد فيها ، ولا حتى تلك القطط التى كانت تملاء شوارعها ، فقال لى تميم .

_ هيا لنذهب لمنزلي فلدي شيء أريه لك ،
ذهبت معه لذلك المنزل الذى كنت به معه عندما أصيب ،دخلناه ولكن كان مختلفا عن زى قبل ، كان مرتبا أكثر وبه أثاث جديد ، فقال لى بعيون فرحه .

_هنا سأسكن أنا وندى بعد زواجنا ، ما رأيك ؟

_يبدو لطيف وجميل ، يشبه ندى .

_ أليس كذلك ؟ لقد أخترتُ كل قطعة فيه بعنايه ، حتى عندما تراه تظن أنها من أختارت كل شيء .

_سيعجبها لانك أخترته بحب .

_ اتمنى ذلك ، أريد أن أملء  هذا المنزل بالصغار الأقوياء ، حتى الفتيات سأعلمهن المبارزة حتى يكن أقوياء ، ولا يستطيع أى أحد أن يتجرأ عليهن .

_أتمنى لك حياة سعيدة .

كانت الفرحه التى تشع من عينى هذا الشاب ، وهذا المنزل الذي أقتنى كل قطعة فيه بحب السبب فى إنعاش قلبي بلطفهم ، برغم بساطة كل المشاهد حولى ولكنها تجعلنى فرحًا ، ولا أعرف حتى سببًا لهذا الفرح ، ولكن بمجرد أن وجدتُ تميم سعيدًا ،ويتحدث عن أحلامه مع محبوبته بهذا الشغف أصبحتُ سعيد ، ولكن كالعادة لا تكمل اللحظات الحلوة ، ليرن المنبه معلناً  أنه موعد إمتحانى الأول  لسنتي الاخيرة ... يتبع

  فى الضفة المقابلة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن