هنالك تلك اللحظة التى تفصل بين الخيال والواقع ، اللحظة التى تجعلك تحسم كل توقعاتك وتجد نفسك أمام حقيقتك مجردًا من كل زيفك ، لحظة مواجهة عيوبك بدون أى أنكار .
أعاد ذلك القابع على الكرسي جملته ظناً منه أننى لم أسمعه ، أو لكي يثبت لي أن ما أراه حقيقة وأنني لم أتخيل ، قام وتحرك من أمامي حتى يأخذ كوب العصير ، كل هذا يحدث و أنا عقلي فارغ لا أفكر فى أى شيء وكأنني شللت عن التفكير فى أى شيء .
_ مرحبًا ادهم.
_من أنت ! وكيف دخلت لهنا ! ماذا تريد مني !
_ لا تقلق عزيزي ادهم فأنا هو أنت ، كلانا نفس الشخص ، عقلك الباطن هو من يراني و يصورني بهذا الشكل ، كما صور تميم وعالمه ، أنت من جعلني بداخلك .
قال كلماته تلك و أنا لا أزال فى جمود عقلي ، كان يتحدث ويرتشف من ذلك الكوب الذي فى يده ، مما ذاد إستفزازى بشكل كبير ، حتي كنت على وشك الإنقضاض عليه .
_ يا هذا لا تحاول إذائي فهذا لن يجدي نفعًا .
_ لماذا أنت هنا ؟ لماذا يحدث هذا معي ؟ وأين تميم ؟
_ أنظروا لهذا الفتي الذي يدعي العبقريه والنباغة على دفعته ، ألم تكن تقرأ كل هذه الأيام ! كيف لم تكتشف أننا مجرد أنفصام لك تبًا !
كنت مذهولًا من شخصيته تلك لقد كان غريبًا عني بشكل كبير ،كيف يكون انفصامي وبتلك الوقاحه يلعن و يسُب بلا أى تردد أو خوف ، كيف له أن يفعل ما يريد ويعبر عما يشعر بدون خوف ._ أعلم مدى روعتي لذا لا تفكر كثيرًا بها ، ولكن يجب أن تشكرني فأنا من جعلك تتبع حلمك ، وأنا من جعل لك صديقة .
قال تلك الكلمات الأخيرة ثم غمز بطرف عينيه ، فهمت الأن لماذا أشعر هكذا ، وفهمت تلك الطريقة التى أتحدث بها مع ليلي فعلى كل لم أكن أنا من يتحدث معها .
_ ولكن كيف عرفت ما أفكر به ؟
_ ادهم كم مرة يجب أن أقول أننا نفس الشخص ، أنا من صنعك أنت ، أُف فلتفهم تلك اللعنة .
_ أنت أحترم نفسك وأنت تتحدث معى ، لا تقول مثل تلك الألفاظ .
_ لماذا لا أقول ! أنت من تخرجني عن شعوري ثم تشير بسبابتك وتقول أنظروا للفتي الغير محترم ، ادهم يا عزيزي حاليًا أنا معك ، لذا فلتترك الأمور تأخذ مجرها ولا تشغل بالك بشيء .
لم أرد عليه بل عدت لذهولى وشلل دماغي هذا الذي توقف عن العمل ، فقط أتابعه فى صمت ، أتابع تحركاته تلك الفوضوية عكسي تمامًا ،كيف نكون نحن الأثنان نفس الشخص على الرغم من أن كلانا مختلف الطباع ، لقد كان تميم مختلف عني أيضًا ولكن فى بعض الصفات التى تمنيتها ليس كهذا الذي لا يشبهني ولو ملامحى حتي لقد كان طويلا لديه تلك الملامح الحاده التى تجذبك ولكنها تبث الرعب فيك بمجرد أن تتلاقي أعينكم ، لقد كان ملابسه غريبه لطالما أردت تجربة مثلها ولكن خفت حتى أن أطلب من أبي ، لقد كان رائعًا إلى حدٍ ما ، فجأه وجدته يترك الكوب من يده وينهض من على الكرسي ويقول .
_ و الآن دعنا نخرج لعائلتنا الكريمة حتى نخبرها عن موضوع حفلة التخرج فأنا أريد أن أحظى بهذا اليوم مع عائلتي .
_ لا أنا لا أريد الذهاب ، سأعتذر لليلى ونلغي كل شيء .
بدون إرادتي ولا أعرف كيف حدث هذا وجدتني أتحرك وأمسك بمقبض الغرفه وأحركه لينفتح الباب ، وأنا أشعر وكأننى مغيب عن الوعي ، تتحرك قدماي بغير إرادتي حتى أصل لغرفة المعيشة حيث يجلس الجميع ، يتحرك لساني وأنطق بتلك الكلمات وأنا أشعر أنني شللت بداخل جسدي ، فقط كل ما أسعر به صوت فى عقلي يجبرنى على فعل هذا .
_ مساء الخير جميعًا.
أجلس على الأريكة لينتبهوا لي منصدمين من وجودي معهم ، ومن تلك البسمة التي علت وجهي ، حتى أنا منصدم مما أفعل ، لأتحدث مجددًا .
_ الخميس القادم حفل تخرجي من يريد أن يكون معي فى هذه اللحظة.
كانوا جميعًا وأنا معهم منصدمين ومذهولين مما يصدر مني ، ادهم الذي يكره أن يخرج مع أسرته بل يكره الخروج كليًا ، سيذهب لحفلة تخرجه ومع أسرته .
_ ماذا دهاكم يا قوم هل ستتركونني بمفردي فى مثل هذا اليوم .
تحدثت مجددًا وسط ذهول الجميع ، ولكن هذه المرة تكلمت ساره .
_ أنا أريد الحضور وبشدة .
ثم تبعها أخى عمر .
_ يبدو أنني سألغي بعض المواعيد ليوم الخميس القادم لأجل محاسبنا الرائع .
_ يا إلهي أنتما ألطف الأخوة على الإطلاق .
ضحكا الاثنان على هذا الرد الغريب الغير متوقع مني على الإطلاق ، ثم أبتسمت أمي وقالت .
_ و بالتأكيد أنا لن أضيع يوم هكذا لصغيري ادهم .
_ أحبك جدًا يا أمي سأشترى لكِ ملابس جديدة حتى تأتي بها .
فقالت ساره
_ وماذا عني أنا اختك الصغرى وسأتي أيضًا.
فنظرت لها وقلت
_ وأنت أيضًا يا سارة سأشترى لكِ .
ثم تحولت نظارات الجميع لأبي الذي عندما لاحظ أننا ننظر إليه رد بلا مبالاة حتى لم يحرك نظره عن هاتفه .
_ لدي عملية مهمة يوم الخميس القادم لن آتي .
_ لا مشكلة على أية حال لم أكن متوقع أنك ستأتي .
خرجت مني تلك الكلمات بدون قصد ولكنني شعرت أنني من فعل هذا ، أنا من قال تلك الكلمات ،أعتلى وجهي نظرة حزينه ثم غادرت متجهًا لغرفتي ، كنت أتمنى أن يأتي أبي معهم ، ولكن ليس كل ما أتمناه مجاب ، أغلقت الغرفة لأجد ذلك الفتي الذي يثير غضبي أمامي .
_ أنت ماذا فعلت ألم أقل أنني لا أريد الذهاب.
_ لقد فات الأوان لقد قمت بحجز الأماكن .
لأرى هاتفي فى يده ، فضرخت فى وجهه من كثرة غضبي .
_ يا هذا ماذا فعلت هل جننت .
_ أولاً لست هذا أسمى آسر ، ثانيًا لم أكن أنا من فعل بل أنت .
أنظر فى يدي وأجد هاتفي ، ثم أعاود النظر مكان جلوسه لم أجده ، لتظل عيناى مثبتة على أثره فى ذهول ... يتبع
أنت تقرأ
فى الضفة المقابلة
Fiction généraleهنالك تلك اللحظة عندما نفقد الأمل فى كل من نعرفهم ، ولكن يوجد أشخاص رائعون ، يسمعوننا فى كل أحوالنا ، يقدروننا ، ويشعروننا بالأمان ،وعندما لا يشعرنا أحد بهذا قد نكون نحن هذا الشخص لأنفسنا ونحتوى انفسنا . مكتملة ✨