الفجر الواحد والعشرون

7.2K 262 29
                                    

الطيور كانت تشدو ألحانا تطربها .. تحلق فوق الأزهار المتفتحة ببتلات متنوعة التلون ..

أحمر .. أصفر .. بنفسجي .. وردي ..

بينما الشمس كملكة متوجة فوق عرش السماء تجود عليها بضياء لفها بتفضل سخي وهي تركض ضاحكة تسابق الفراشات المزينة بروعة صنع الله ..

 

شعرها العسلي يتقافز معها يشاركها البهجة وغمازاتاها تغوران عميقا في حراسة جميلة لبسمتها ..

 

توقفت تنظر للسماء فجأة بعينين ملقلقتين وقلبها بدأ يطرق واجفا من مجهول متربص .. وكأنها تدرك جيدا القادم ..

تعلم سوء قدرها ولا تملك سوى الانتظار الخائف ..

 

فتهجم سحب رمادية قاتمة كجيوش معتدية تأسر الشمس عن مملكة سمائها حاسرة دفئها .. فتشعر بالبرد في لحظتها والذي نبع من داخلها وهي تراقب تلك الطيور السوداء التي أتت من الأفق البعيد ..

بسرعة مجنونة وبغير مقدمات ..

مجتاحة عصافيرها المغردة تقتلها بقسوة .. تقتلع زهورها فلا تُبقي إلا ذبول الخراب ..

 

وهي واقفة بفستانها الملون شاحبة مرتعدة قبل أن تركض هربا علّها تنجو من المصير المحتم ..

تتلفت هنا وهناك بحثا عن منقذ فلا تجد إلا والسواد يزحف ورائها ملاحقا ثوبها ملطخا زهوته ..

 

رفعت عينيها تصرخ هلعا فيخرج صوتها فقط مجرد أنات مؤلمة لحلقها الذي شعرت به متورما بشدة ..

 

لتحس بشيء ما يضغطها إليه وهمسات غير مفهومة لم تتبينها في خضم ما تعيشه .. إلى أن اصطدمت بصورة والديها أمامها ..

انقبض قلبها وازدادت برودتها حتى اصطكت أسنانها وهي تجدهما يرفعان يديهما يلوحان لها باسمين ..

بسمتاهما الطيبتان ..

إنهما يودعانها !

 

اتسعت عيناها وهي تحاول الركض إليهما فلا تصل مهما فعلت بينما تصرخ فلا يخرج منها إلا الهمس الواهن المختنق " أمي .. أبي "

فجري أنت ، بقلم آلاء منيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن