انتبهت ليل من وسط الغلالة الرقيقة لدموعها الحبيسة في عينيها الشاردتين أن السيارة الجماعية تدخل لمكان أكثر ضجيجا , أكثر بشرا ..
دخلت لسوق ما .. سوق شعبي لم تره يوما إلا في التلفاز فقط !
ناس تتحرك بعشوائية تستنكرها الطبقة التي هي منها .. بينما هي الآن تراها عشوائية محببة !
بتلك الملامح البسيطة الطيبة التي تبتسم رغم الحزن والألم .. رغم الحال المتوسط والفقير أو حتى دونه ..
صوت أحجار النرد وهي تُلقى يليها أصوات تذمر رجل وقهقهات آخر بإغاظة ..
على الرغم من الشتاء البارد لكن بدا المكان لها دافئا جدا
دفء تفتقده هي هذه اللحظة فزادت دموعها وهطلت أولى الدمعات !!
أفاقت خارجة من لجة أفكارها الحزينة على صوت أحد الراكبين يقول " هنا يا ( أُسطى ) "
فوقف السائق لينزل بعض الركاب وكل يذهب لحال سبيله متفرقين ..
التفتت ليل للمرأة العجوز الطيبة الملامح بجوارها تسألها وهي تمسح دمعتها " في أي منطقة نحن "
ارتفع حاجبا المرأة بدهشة وهي ترد " ألست من البلد ! .. نحن في حي ( *** ) "
أومأت ليل وهي تعاود النظر للنافذة الصغيرة المستندة عليها قائلة بشرود " أجل سمعت عنها لكني لم آتي لهنا من قبل "
لم تهتم بالنظرات الفضولية للمرأة وهي تحاول التركيز على الأماكن من حولها .. في وجوه الناس تحاول أن تستمد بعض من راحة البال !
ولكن أي راحة بال قد تجدها من في مثل حالتها الضائعة !!
سألتها المرأة بجوارها " أين ستنزلين يا ابنتي "
هزت ليل رأسها بلا معنى بتيه فتنهدت المرأة مشفقة تقول للسائق " يا ولدي .. هل ستعود السيارة لنفس المكان الذي أتينا منه "
رد السائق عليها بهدوء " لا يا حاجة .. لقد انتهى عملي لليوم "
قالت ليل للمرأة وهي تنظر للنافذة بعينين زائغتين " لا يهم .. أنا سأنزل هنا "
" هل لديك أحد هنا "
سألت المرأة بطيبة فابتسمت ليل ابتسامة مهتزة وهي ترد بفتور " سأكون بخير .. شكرا لك "
أنت تقرأ
فجري أنت ، بقلم آلاء منير
Romanceماذا يحدث عندما تتلاقى سمو المبادئ مع دنيا الرغبات ! عندما تضعك الحياة بين اختيارين أحلاهما علقم .. عندما تُخير بين فقد من تحب أو .. فقد نفسك ! أقدم لكم عملي الثاني والأكبر .. رواية تجمع بين الشيء ونقيضه .. تحمل نكهة بيوتنا البسيطة .. وفيها من القصص...