الفصل التاسع والعشرون

129 10 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
#سفيان
الفصل التاسع والعشرون

وإن غابت النجوم من السماء، وإن حجبت السحب ضوء القمر ستظل أضوائهم تعطي الظل، وسيصبح الأمر مؤقتا حتى تعلن السماء قرارها بالإنصراف لتلك السحب لتعود تلك السماء مزينة بأنوارهم تتمتع بتلألأهم، فإن كان الخير غاب فحتما سيأتي ولو تأخر قليلا...

في المساء
منزل "سفيان"
تقدم بمفرده يجد والدته جالسة، تقدم منها والحزن حليفه ليقول:
عاملة أيه؟
نظرت له متعجبة لتجيب يترقب:
الحمد لله، مالك ريان مش بقى كويس خلاص؟
تنهد وهو يمسح بكفه على وجهه معدل الحديث لها فقال:
أيوه بجي زين.. رايد أحددتك بحاجة أكده.
نظرت له مترقبة ليكمل بعدما نظر لها وأمسك يدها بهدوء:
في حاجة أكده حصلت ممكن تبجي غريبة جوي بس شر لابد منه
ضربت علي صدرها بخة فقالت:
شر أيه اللهم اجعله خير
-في حد أكده لازمن تشوفيه، بس..
أوقفته قائلة بنفاذ صبر:
سفيان ممكن تقول بسرعة عشان أنا مش مستحملة
تنهد وقبل أن يتفوه بكلمة فلسانه قد أنعقد، تقدم "عمار" بخطى هزيلة بعدما أصبحت ذقنه حليقة وشعره مهذب حتى ملابسه كانت مهندمة ورغم ارتعاش يده إلا أنه يحاول الثبات
كل هذا حدث بعدما نقله "سفيان" المشفى ليطمأن علي صحته ليعلم إنها جيدة، فقام بعد ذلك بترتيب أموره إستعدادا لهذا اللقاء
كانت "عزيزة" غافلة عن تقدمه لترفع نظرها بتلقائية لتجده يتقدم أمامها
ظلت مثبتة نظرها عليه بشرود وكأنها ترى حلم لليقظى، ظلت تتابعه لتقف ما إن أقترب، ظلت ناظرة إليه وللحظة تبسمت بأشتياق، رفعت أناملها لتمسد على وجهه وما إن لامست بشرته حتي تهكمت ملامحها لتضع يديها الإثنين تحاول أن تؤكد ما هي عليه الآن
تحدثت "عزيزة" بصوت مرتجف:
أنت هنا بجد ولا بحلم؟
ليتفوه مصاحبا لدموعه:
حقيقة
ظلت ناظرة له لا تستوعب ما يحدث لتزوغ أعينها قليلا ومن ثم أشدد الأمر لتسقط مغشي عليها من هول الصدمة.

في المشفي
فتح عيونه بهدوء، يشعر بتوجع في جميع أنحاء جسده
حاول أن يحرك يده ليشعر أن هناك من يقبض عليها بكفه، انتبه قليلا ليجد محبوبته بل ورفيقة دربه هي من تجلس بجانبه وكفها يتشبث بكفه الكبير والعبرات على وجنتها لم تجف بعد
كانت تترقب استفاقته بالكامل لينظر لها لحظات أما هي فاتسعت ابتسامتها لتقول:
عامل أيه دلوقتي؟
بادلها الابتسامة بوهن ليجيب بصوت محشرج:
الحمد لله.. هو أيه الي حصل؟
تنهدت وهي تجيبه جالسه على المقعد الذي بجواره:
ورد كانت هتموتك
تذكر ما حدث فقال:
هي البنت خدت الاوراق من خزانة أبوه لسفيان
كان لا يعي تواجده بمصر لذلك تحدث بلهجته لتتبسم وهي تمسد علي كفه بهدوء فقالت:
ماتقلقش سفيان عرف كل حاجة
تنفس بارتياح ناظرا للناحية الأخرى ومن ثم أعاد النظر لها ليدقق قليلا ومن ثم قال:
أنتي لسه قلقانة
ومن هنا كانت البداية لتنفجر باكية بعدم تصديق قائلة بين شهقاتها:
كنت هتموت وهتبعد عني وتسبني لوحدي، أكيد كنت هموت وراك يا ريان.. مابعرف شو عم يصير لكن أنا كتير حسيت بوجع وإني ما الي حد ولا سند وكأن بفقدانك ضهري رح ينكسر مابعرف إني بحبك لهي الدرجه ريان لا تتركني بترجاك
هي الأخرى تغيرت لهجتها لتصمت بعد هذه النقطة فهي الأن تبكي وبضعف كبير وكأن العالم قد أنتهي
اعتدل في جلسته متحامل عليى ذاته ليقرب كفه الأخر من وجنتها ليزيل دمعاتها لتنظر له بصمت وعيونها مثبتة على عيونه ليقول هو مهدءا لها:
مارح يصرلي شي ولا رح يصرلك شي بفديكي بحياتي وروحي يا عيوني مابقدر أعيش بلاكي بترجاكي لا تجيبي سيرة الموت ابدا، كل حياتنا قضناها مابين الفر والكر والموت كان على ابوابنا كل العمر، بوعدك ناخد بتارنا ونقضي على راس الأفعي هذا الي اسمه جوهان ونايبه الي في فلسطين وبعدها رح أخدك على مكان ابعيد لحالنا بعد ما نعقد قرانا في بلدنا وسط ناسنا.. اتفقنا
أماءت له مبتسمة بين دموعها لتظل يده موضوعه على وجنتها والتأمل لابد أن يأخذ دوره في تلك الأثناء
دق الباب ليدلف "حمزة" وخلفه "نيروز" التي اصرت ان تطمأن علي "سولاف"
لكن هذا الثنائي كان بعالم أخر، ظلوا واقفين يتأملون هيأتهم تلك وشرودهم ببعضهم البعض
لينتاب "نيروز" شعور من نوع أخر وبتلقائية نظرت للذي بجانبها لتتفاجأ به ناظرا لها من البداية
ولأول مرة تجد بعيونه تلك اللمعة الغير معتادة عليها، لكنها شعرت أن الوضع من الممكن أن يخرج عن السيطرة لتضع وجهها بالجهة الأخرى أما هو فاستفاق ليداعب أنفه ببعض الحرج، لحظات وتنهد ليقول هامسا لها بمرح حتي يزيل هذا الحرج:
ها نمشي ولا نرخم؟
نظرت له بتعجب لتقول:
حرام عليك نرخم أيه سبهم شوية
رفع ذاته فهو كان يهبط لمستواها واضعا يده بجيبه باستمتاع ليقول:
بس يبقي نرخم
وكادت ان تتحدث ليسرع الخطى متقدما ليقول "حمزة" بصوت مرتفع:
أيه الي انا شايفه ده؟
استفاق "ريان" ليهبط يده سريعا اما "سولاف" فتركت يده معتدلين ليكمل الأمر بتصنع:
تعالي يا نيروز شوفي في حب ولفلفه هنا واحنا كنا هنموت من القلق عليهم.
وضعت يدها على فمها تحاول كبت ضحكاتها لتقرر مسايرته بقولها:
علي فكره أحنا غلطانين اننا سبناهم طب اتجوا الله كان في حياة او موت من شويه
اكمل عليها "حمزة":
لا بقي احنا هنمشي خلاص يلا بينا
لكن "ريان" اوقفه قائلا:
يا عم ما خلاص في أيه وبعدين أصبر بعد أما تحب أنت كمان لو ربنا أراد وكنت موجود هشوفك وقتها هتعمل ايه وساعتها مش هسيبك
-لا لا ماتقلقش مش هديك فرصة تحفل علينا مش كده يا نيروز مش تسكتلك ده احنا لو..
صمت بعدما استوعب ما قاله فهو تحدث بتلقائية وحديثه أوحي بشئ لينتبه الجميع لكن "حمزة" عدل من حديثه بارتباك فقال:
اقصد عليا انا وحبيبتي يعني وبعدين قوم يا عم الأول الله، انا رايح أجيب الدكتور
قالها وهو يترك الغرفة ويخرج لتشرد تلك التي كانت بجانبه بل واضطربت قليلا اما الثنائي الأخر نظر كل منهما للآخر ليتحدث "ريان" بينه وبين ذاته:
مبين عليك يا زلمة لازم اتصرف.

سفيان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن