الفصل الخامس عشر «هدية»

821 74 28
                                    

قيل في وصف عينيها:
كالبحر، تغرق في تفاصيلهما، ولا يوجد للنجاة منهما سبيل.

✿✿✿✿✿✿✿✿✿✿

كالمسافر بطريق طويل، مليء بالغربة والتعب، رسى على برّها الآمن، وكانت هي أكثر من مرحبة بذلك، فكانت له الزوجة، والأم والأخت والإبنة، كانت ومازالت وطن لا يعرف الراحة إلا على أراضيها.

كان يفكر في حياتهما سويًا، عقبات زواجهما، سعادتهما، حزنهما، حملها، ولادتها، أطفالها الخمس، الذين كبروا وأصبح منهم ثلاثة رجال يُضرب بهم المثل، وفتاتين مثال للحياء والجمال وحسن الخلق، تنهد بعمق فسألته هي بعدما نظرت لعينيه الصافيتين:

_بتفكر في إيه يا سليم

رغم سنوات عمره التي تخطت الستين، نظر لها بحب لم تستطع الأيام في إطفاء لهيبه:

_فيكي

إبتسمت لحديثه، بينما تابع هو يصرح بمخاوفه:

_مهاب بيغلط غلط كبير قووي يا نيهان.. البت بتضيع منه وهو مش حاسس.. والأسوأ إنه مخلي حالتها النفسية وحشة

أومأت بتأكيد على حديثه، فهي لاحظت التغيير الكبير الذي ظهر بوضوح في الفتور والجفاء والاهمال الذين يسيطرون على علاقة إبنها وزوجته التي بدأت ملامحها في الذبول بعدما كانت هي من تنشر البهجة والسعادة في قلب كل من يراها، والسبب إبنها.

أخذها تفكيرها لنفس النقطة، وقررت أن تتحدث مع ولدها وزوجته، لتفهم ما السبب الذي أوصلهم لتلك الحالة، أجفلت على صوت زوجها وهو يتابع حديثه:

_أنا هتكلم معاه.. وإنتي كمان إبقي إتكلمي معاه.. ولو الغلط عليه مش هعديهاله، بنات الناس مش لعبة

_معاك حق.. بس ما يمكن بينهم مشاكل يا سليم.. ما ياما بيحصل بين الزوجين

قالتها وهي تحاول أن تجد سببًا لحالتهما، ولكنه أجابها بصرامة:

_حتى لو بينهم مشاكل لازم يتعلمو يحلوها، لازم يتفقو.. الجواز أساسه إتفاق.. لازم يحتويها وميقساش عليها

إبتسمت لحديثه الذي أقنعها تمامًا، فهو محق، لابد أن يحتوي الرجل زوجته، وإن غضب لا يقسى، فتلك القسوة لن تنساها  الزوجة أبدًا، وستكون بمثابة حاجز منيع بينهما ويتسبب في إنهاء العلاقة أيضًا.

هزت رأسها يمينًا ويسارًا وكأنها تنفض تلك الأفكار عن رأسها، وحاولت التفكير بايجابية قليلًا فخطر على بالها ولدها الأكبر«سيف» وعلاقته بزوجته التي تقبلتها بكل صدر رحب، فهي لا تريد سوى راحته وسعادته التي وحدها أخيرًا، بعدما لم تعرف البسمة لشفتيه سبيلًا لمدة وصلت لعشرة أعوام.

حكايات خلف الأسوار(مازال للحكايات بقية) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن