الحكاية السادسة«كتبت لها النجاة»

205 15 26
                                    

اليوم بتاريخ الثامن من ديسمبر لعام ٢٠٢٣ بالتقويم العادي، والرابع من إبريل لعام ٢٠١٩ بتاريخ آخر لقاء لنا، السلام لعينيك أولًا، ثم لقلبك الخائن للعهد ثانيًا:

« كنت أكتب رسائلي إليك على أمل أن يأتي اليوم الذي ستقرأها فيه، كنت أسكب حبر حبي لكَ على ورق الأحلام، كنت أشكو حيرتي وشوقي إليك، وطوال بعدك تارة، وأتغزل في إبتسامتك تارة أخرى، كنت أحزن لطول المسافات التي تفرق بيننا، ولكن تلك الرسائل تمنحني الصبر حتى يحين موعد لقائنا، أتذكر الوعود الوردية، وصورتي التي وضعتها كخلفية لهاتفك، أما اليوم فبات شبح حبك الواهي يطاردني، حين أيقنت أن الوعود معك كاذبة، والأحلام مستحيلة، وحبك خادعًا، تشوهت تلك الطفلة التي كانت تركض إليك فور رؤيتك، وحلّ محلّها أنثى ناضجة، شامخة، أبيّة، نالت من الخداع والكذب ما يكفي لجعلها تحرق كل تلك الرسائل الخاصة بك، علّها تستيطيع تجاوزك من حياتها، ولكن.. سيظل إسمك محفورًا في ذاكرتها للأبد.»

****♡***♡***♡***

غمامات سوداء، أصوات بعيدة تنادي، وأخرى تجيبها وهي بالمنتصف لا تستطيع تحريك لسانها حتى، دارت عينيها في المكان فإذا والدها مكبل الأيدي يجلس على ركبتيه يكاد يبكي خوفًا، وهي مكبلة بواسطة ذراعين شديدي القوة تحاولان سحب حجابها بعيدًا، ظلت تتلوى أسفله تقاومه بشدة حتى نجحت في ضربه بين ساقيه بساقها، فابتعد مسرعًا يمسك بمكان ضربتها متألمًا، وهو يسبها بأبشع الألفاظ، استغلت هي ابتعاده فتحاملت على قدميها اللتان أصبحتا كالهلام وأمسكت بالمزهرية الثقيلة وضربته فوق رأسه ثلاث مرات، ودموعها تجري على خديها الأحمرين.

فور أن رأى الرجلين الآخرين ذلك، تركوا «شريف» أرضًا، وركضوا مسرعين نحو قائدهم يتفقدونه، فانتهزت تلك الفرصة، وركضت مسرعة نحو باب الشقة ولم تتوقف دموعها قط، ظلت تركض في الطرقات حتى أنها نست أمر سيارتها المصفوفة أسفل البناية، لم تعرف طريقها، ولم يتبين لها اليمين من اليسار، وكأنها تائهة، ضائعة لا تعرف الأماكن ولا الطرقات، حتى أنها لم تنتبه لآلام قدميها من كثرة الركض، حتى اصطدمت بفتاة كانت تسير بجانب أخيها، وكادت تسقط لولا سندتها، فقالت:

_"على مهلك، إنتي كويسة؟ بتجري كده ليه؟ "

رفعت رأسها لهما بضعفٍ استولى عليها بعد المجهود الكبير الذي بذلته، حاولت تحريك شفتيها للتحدث ولكن الحديث وقف على طرف لسانها وكأنه لا يملك القدرة على الخروج، فسقطت أرضًا تغيب عن واقعها الأليم، وما إن شاهدت الفتاة انهيارها صرخت بأخيها بقوة:

_"إلحق يا عبد الرحمن ".

***♡***♡***♡***

مرت عدة ساعات، كانت «شمس» مستلقية على فراشها بمنزل والديها، وبجانبها والدتها الباكية تمسد على رأسها وتحاول تهدأة نوبة الهلع التي أصابتها بعدما استفاقت من اغمائتها، وبالخارج كان «سيف» يقف على جمر مشتعل لا يدري ما أصاب صغيرته، وبجانبه أخيه «مهاب» يواسيه، وقد تجمعت العائلة بأكملها يحاولون معرفة ما أصاب ابنتهم العزيزة.

حكايات خلف الأسوار(مازال للحكايات بقية) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن