أحيانًا ما تجبرنا الحياة علي ظروف معينة، ولكن إما أن نخضع تلك الظروف لصالحنا، أو نستسلم لها ونصبح مجرد دُمي يحرك خيوطها الرياح.
********
لمحات من الماضي تطحن عقلها بلا رحمة، وهي تقف بشرفة غرفتها بمنزلها، سنون مرت قد تغيرت شخصيتها كليًا، تذكرت كيف كانت سلبية، ضعيفة، أقل كلمة تؤثر بها، تصدق ما تراه فورًا ولا تعطي لعقلها مجالًا للتفكير، تحركت لتقف أمام المرآة وتري إنعكاس صورتها، صورتها الحالية، إمراة شامخة، قوية، ذكية، أصبحت خبيرة بأمور بالحياة رغم سنوات عمرها الثانية والثلاثون، ولكن حتمًا لم تصل لهذه المكانة مجانًا، بل دفعت سنوات عمرها بالمقابل، وليس هناك أغلي من عمر الإنسان
خرجت من غرفتها بعدما إرتدت ملابسها الرسمية المناسبة للعمل، وجدت والدتها تؤدي فرضها، وإبنتها الصغيرة ذات العشر سنوات جالسة علي الأريكة أمام التلفاز لتلقي عليها التحية وهي تقبل وجنتها:
_صباح الخير يا شموسة
_صباح النور يا ماما
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله"
كانت تلك كلمات والدتها التي أنهت فرضها للتو، إستقامت عن الأرضية وجلست بجانب "عليا" التي ألقت عليها تحية الصباح، فردت عليها بهدوء.
_ماما أنا نازلة الشغل خلي بالك من شمس، ومتستنينيش علي الغدا النهارده عشان هتأخر
_هتتأخري ليه؟!
_عندنا شغل كتير الأسبوع ده تبع الجمعية
مصمصت "سمية" شفتيها بعدم رضا وهي تقول:
_أنا مش فاهمة جمعية اي دي اللي انتي بتروحيها، مش كفاية الشغل اللي حكمتي دماغك وأصريتي تنزليه، إقعدي بقي في البيت شوية خليتي اللي يسوي واللي ميسواش يتكلم علينا
قالت آخر كلماتها بإنفعال جعلت "عليا" تستشيط غضبًا، فما جرمها؟! هل لأنها تخلصت من حياة الذل لأخري تشعر فيها كإنسانة لها الحق في الكثير من أمور الحياة!!!
أشارت لإبنتها بالدخول لغرفتها، وإلتفتت لوالدتها التي لا تكف عن بخ سمومها بوجهها كل صباح، ألا يكفي ما فعلته بها إلي الآن!!
_ماما، أولًا: أنا قلت مية مرة بلاش كلام قدام البنت، دي لسة صغيرة وأنا مش عايزاها تتعقد،
ثانيًا: أنا مبشتغلش في الكباريهات عشان تقولي اللي يسوي وميسواش يتكلم، أنا كل يوم بروح أشتغل سكرتيرة في شركة محترمة، وأخر اليوم بشارك في ندوات بتعملها جمعية محترمة بيساعدو بيها الستات اللي زيي
أنت تقرأ
حكايات خلف الأسوار(مازال للحكايات بقية)
Romanceتصويرًا للواقع، وتجسيدًا للشخصيات المدفونة بداخلنا ولا يعلم عنها أحد، جئتكم بهذا العمل، ستجد هنا أسرارك التي لطالما حاولت إخفائها، ستجد أحلامك، وأصدقائك، ورحلتك، تتجسد على هيئة رواية، ستجد نفسك هنا، بين أبطال روايتي، ستعيش معهم لأنهم بالفعل واقعيين،...