الفصل الثاني والعشرون«فُقدان»

742 78 16
                                    

أنا إمرأة، لم أستطع مواجهة هزائمي، فدونتها على هيئة كلمات، وعبارات، يقرأها الجميع، ولا يعلم أحد مدى معاناتي، فتكون الكتابة هي ملجأي، والشيء الوحيد الذي أنجح فيه بينما فشلت في جميع الأشياء الأخرى بالمقابل، كنت أقف دومًا أشاهد أحلامي الضائعة، وقراراتي الفاشلة، وتخطيطي لمستقبل لا يبدو أنه سيتحقق، وبالمقابل أتمتع بقوة واهية صنعتها حروف كلماتي النابعة من داخلي.

***✿***✿***

حين يطول ليل الألم، ثِق بأن شمس الأمل
ستشرق حتمًا، فالظلام لا يدوم.


خيّم الصمت على المكان، لم يقطعه سوى صوت صرخاتها المتألمة التي شقت سكون الليل، حين استيقظت وعَلمت بفقدانها لطفلها الذي لم يخرج للحياة بعد.

شعرت بتحطم سقف أحلامها فوق رأسها، فهي ظلت طيلة شهورها الأولى في الحمل تفكر ليلًا ونهارًا في طفلها القادم، ماذا ستسميه، وكيف ستقوم بتربيته، وماذا ستجلب له من ألعاب، وملابس، ظلت تفكر في لون حائط  الغرفة الخاصة به، وكل شيء يتعلق به، ثم.. ذهبت كل أحلامها أدراج الرياح.

كانت تبكي، وبكاءها يقطع نياط قلب ذلك الجالس بجانبها، يحتضن رأسها، يقربها لصدره وهو يربت على ظهرها بخفة، علّها تهدأ، ولكن يبدو أن لا شيء يجدي.

وبالاضافة إلى صوت بكاءها العالي، كان صوته يخبرها بنبرته الحنونة:

"نغم حبيبتي، ده قضاء وقدر، ربنا عايز كده، عشان خاطري متعمليش في نفسك كده، إحنا الحياة قدامنا، وده لسة أول مرة وأول حمل يعني قدامنا فرصة كبيرة"

كانت تستمع لكلماته، بقلبٍ مفطور، فهدأت تدريجيًا إلى أن رفعت رأسها عن صدره، تنظر له بنظرة فتكت بقلبه، وقالت:

"بس أنا صعبان عليا قوي، أنا كنت بحلم بالطفل ده كتير قوي، متوقعتش يروح مني كده"

"أنا عارف يا حبيبتي عارف، بس أنا كمان واثق إن ربنا هيجبرنا، ومش هيسيبنا كده، ثقي فيه يا حبيبتي وهو مش هيخذلنا"

"ونعم بالله"

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد عدة ساعات، كانت قد عادت لمنزل والديها، رِفقة عائلتها، وعائلة «يونس» أيضًا، وكان زوجها يحملها على كفوف الراحة، فكان يرفض أن يُطعمها أحد غيره، أو يساعدها أحد غيره سوى والدتها التي سمح لها بذلك على مضضٍ.

كان يجلس بجانبها وهي تستند برأسها على كتفه، وعلى الأريكة الموجودة بداخل الغرفة كان يجلس والده، وأخيها «سيف» و«مهاب» بينما النساء كن عند والدتها بالمطبخ يساعدنها في تحضير الطعام للعائلة، بينما نظر لـ«يونس» الذي كان يحتضن زوجته برفق، ثم نظر مرة أخرى لزوجته مردفًا بتذمر:

حكايات خلف الأسوار(مازال للحكايات بقية) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن